by on November 1, 2023
120 views

الاستراتجية القانونية عند تأسيس مشاريع تجارية

بقلم : المحامي سامر خالد عريقات

      معظم الريادين وأصحاب الأفكار النيرة يتوجهون الى انشاء مشاريع خاصة بهم سواء كانت مملوكة بشكل فردي او بشكل جماعي بالشراكة مع الغير ، وبلا شك ان هدف وطموح اي شخص يرغب بتأسيس مشروع تجاري يكون من اجل تنفيذ وتطوير فكرة معينة وتحقيق أرباح ولا يمكن تحقيق هذا الهدف الا من خلال دراسة جيدة ووضع خطة منطقية وقابلة للتطبيق وفق خطوات تؤدي بنتيجتها الى تحقيق الاهداف المرجوة بالإضافة الى تامين جميع طرق الحماية القانونية لضمان عدم تعرضه لاي انتكاسات متوقعة بسبب اغفال مخاطر احتمالية او العمل على فكرة غير جائزة قانوناً مما سيجعل القانون الحاجز الأول الذي سيمنع او يوقف عملية التاسيس.

عند تحديد فكرة المشروع وشكله ونطاقه الزمني والمكاني يجب عكسه على القوانين السارية في الدولة لمعرفة الخيارات المتاحة لتغطية جميع الجوانب القانونية المتعلقة به والتي توفر حماية قانونية لحياته ويمكن تقسيم ذلك الى ثلاثة مراحل وهم مرحلة ولادة الفكرة ومدى قانونيتها وطرق حمايتها ، والمرحلة الثانية اعداد خطة التأسيس بشكل لا يخالف القانون والمباشرة بتنفيذها ، والمرحلة الثالثة بعد انهاء جميع الاعمال التحضيرية والتأسيسية يبدء عمل المشروع مع الحرص على عدم مخالفة القوانيين اثناء العمل واتخاذ قرارات لا تتعارض مع القوانين لان اعمال المشاريع المخالفة للقوانين تؤدي الى تكبد خسائر مالية قد تؤثر على استمرارية عمل المشروع بالإضافة الى خسارة الكثير من الجهد والوقت.

المرحلة الأولى ، عند ولادة واعداد فكرة معينة يجب التاكد من المشروعية القانونية لتطبيقها وما هو النطاق القانوني المسموح به لهذه الفكرة ، وعكس ذلك قد يهدر الوقت والجهد من اجل فكرة يمنع تطبيقها ومشروع ميت قبل ولادته لعدم قانونيته ومن امثلة ذلك التجارة بمنتاجات ممنوعة قانونا او تأسيس مشروع يعتمد على اعمال مالية غير مسموح بها قانوناً او تعاطي اعمال منافية للاخلاق والاداب العامة الخ... ، لذلك يجب الحرص بالدرجة الأولى على فحص مشروعية وقانونية فكرة المشروع والتأكد من قانونية الاعمال التي ستحقق أهدافه. وعليه اذا تبين بان الفكرة غير جائزة قانوناً فيجب غض النظر عنها لحين تشريعها ، اما ان كانت جائزة قانوناً ، يباشر ببحث الأدوات القانونية المتاحة من اجل حمايتها من التقليد او السرقة قبل اظهارها على العلن كتسجيل براءة الاختراع والعلامات التجارية والنماذج والرسم الصناعي وتسجيل الوكالات التجارية وحجز أسماء الشركات والاسماء التجارية و حماية المؤلفات.

المرحلة الثانية ، بعد التأكد من قانونية فكرة المشروع وتأمين حمايتها من خلال اعداد خطة تأسيسية لا تخالف القوانين بل يجب ان تتطابق معها للاستفادة من جميع الأمور التي نظمها القانون وتحقيق النجاح اذ يجب اعداد خطة عمل قابلة للتطبيق ولا تخالف القوانيين بالإضافة الى تحديد الجسم القانوني للمشروع من شركات الأموال او شركات الأشخاص او غيرها من الاجسام القانونية ذات الشخصية الاعتبارية وهنا يجب الإشارة الى التوجه العالمي الحديث في تكوين جسم قانوني مستقل عن مؤسسينه من خلال تأسيس شخصية اعتبارية قانونية جديدة مستقلة عن شخصية المؤسس مثل المؤسسات والشركات بالاضافة الى اختيار نوع الشخصية القانونية المطلوبة التي تضمن افضل النتائج وفق توجهات المؤسس ان كان يريد اختيار احد شركات الأموال كاختيار الشخصية الاعتبارية التي تستقل ذمتها المالية عن الذمة المالية للمؤسس مثل شركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المساهمة الخصوصية اذ ان كل شخصية اعتبارية تتمتع بخصائص تختلف عن غيرها ولذلك يتم اختيار الشخصية الاعتبارية الأنسب وفق الاحتياج من خلال تحديد مكونات وركائز المشروع مثل طبيعة عمله ومدته وراس المال وعدد الشركاء وملائتهم المالية وغيرها ، وعند الالمام الجيد بهذه المكونات واختيار الشخصية القانونية الأفضل يتم البدء باجراءات تسجيل و تأسيس هذا الجسم ومن ثم يتم الحصول على التراخيص الحكومية اللازمة لبدء عمل المشروع ويجب التنويه الى ان بعض أنواع المشاريع تتطلب الحصول على اذن وترخيص مسبق قبل تأسيس الجسم القانوني مثل شركات الامن والحماية وتوليد الطاقة وقد تكون مشروطة بحصول المؤسس على اجازات معينة مثل بعض الاعمال المدنية والمهنية التي تعتمد بشكل رئيسي على أصحاب المهن مثل المحاماة والطب والصيدلة الخ..

ومن النقاط الهامة اثناء الأعمال التحضيرية التأكد من مشروعية مصادر الأموال المراد تخصيصها لتأسيس المشروع لمنع تعرضه للايقاف او مصادرة للاموال بسبب استخدام أموال غير مشروعة او مجهولة المصدر بنظر القانون والتأكد من استخدام الأموال المشروعة لمصلحة المشروع بطرق جائزة قانوناً اذ ان بعض المشاريع لها خصوصية معينة في كيفية استخدام الأموال في تحقيق غايات المشروع وفقاً لتعليمات جهات الاختصاص والتي قد تكون متغيرة مع توجهات الدولة ما يعني ضرورة متابعة جميع التطورات والتعديلات على التعليمات والقوانين المتعلقة بنوع عمل المشروع.

المرحلة الثالثة ، بعد تحديد الجسم القانوني للمشروع وتغطية الجوانب القانونية للمرحلة الثانية يبدء العمل في تطبيق خطة عمل المشروع ، اذ انه في هذه المرحلة يبدء برؤية النور واظهاره للعلن وهنا يجب المحافظة على تطبيق القوانين وعدم القيام باي اعمال تخالف القوانين لضمان عدم التعرض لاي انتكاسة او تعطيل او توقف عن العمل من خلال تحديد احتياجات المشروع من مقر او اكثر والظروف المكانية لذلك المقر ان كانت تتلائم مع القوانين والمواصفات المطلوبة لغايات الحصول على التراخيص اللازمة بالإضافة الى اعداد نظام داخلي يلبي التطلعات والاهداف ومن ثم البدء بتكوين وتشكيل البيت الداخلي كالموارد البشرية والية اختيارهم وتعيينهم وفق المواصفات المحددة لطواقم العمل وطبيعة عملهم ، والشكل القانوني والتعاقدي للشخصية الاعتبارية (المنشأة) مع أعضاء طاقم العمل وتحديد شكلها واطارها العام وتفاصيلها مع طاقم العمل سواء كانت كعقود عمل دائمة او مؤقتة او شراكة او معاوضة وفق الرؤية والامكانيات المتوفرة والمتوقعة مستقبلاً بالإضافة الى تحديد الفئات المستهدفة والشركاء والمتعاقدين الخارجين الذي سيتم التعاقد معهم من اجل تحقيق افضل النتائج كالاشخاص الطبيعيين مثل المهنيين من المحامين والخبراء الماليين او كالاشخاص الاعتباريين من شركات البنوك والدعاية والاعلان وغيرهم من الشركات ذات الاختصاص والعلاقة من خلال تنظيم عقود محكمة تغطي جميع الجوانب وتعالج جميع الإشكاليات التي قد تحدث اثناء تطبيق هذه العقود ويجدر الإشارة الى انه يجب عند تنظيم أي عقد النظر الى مدى مشروعية محل العقد وتفاصيله وضرورة إمكانية تطبيقه وتحديد احكام الية فسخ هذه العقود دون الاضرار بالمشروع بشكل جوهري لضمان إمكانية استمراره في حال فسخ أي عقد ذات أهمية له.

خلاصة ما ذكر ،،،

ان القوانين قد وضعت لتنظيم حياة الناس وتلبية احتياجاتهم ولذلك فقد تدخل القانون في الاعمال التجارية وغيرها وكيفية تأسيسها وعملها وحمايتها وحماية مالكينها والغير لضمان افضل النتائج ، لذلك لا يمكن تأسيس أي مشروع دون اللجوء للقانون لما فيه من فوائد كبيرة للأعمال التجارية وغير التجارية تضمن بداية سليمة ومدى أطول من الاستمرارية بأقل قدر ممكن من إشكاليات العمل ، لا سيما بأن تأسيس أي جسم قانوني لا يكون الا بقوة القانون أي انه من خلال القانون يتم تكوين هذا الجسم الجديد ما يعني أن ادارته وخط سير حياته يجب ان يتماشى مع القانون والأنظمة الخاصة به وبهذا فعلى كل شخص يرغب بتأسيس او لديه مشروعاً قائماً ان يبقى على اطلاع تام على القوانين السارية في الدولة وفهمها جيداً و اعتماد أخصائي قانوني ذو خبرة في هذا المجال او التعاقد مع محامي لضمان حياة قانونية سليمة للمشروع.

   بقلم : المحامي سامر خالد عريقات

 

 

 

لماذا لا تكون اول معجب

 

الدخول الى الرئيسية اسال محامي اون لاين