Please login to verify this Profile
بحث قانوني عن مدي شرعية وجود الشركات العسكرية الدولية الخاصة .
الجوانب القانونية والسياسية
للشركات العسكرية الدولية الخاصة
الدكتور
السيد مصطفي أحمد أبو الخير
الخبير في القانون الدولي
مقدمة
تتناول هذه الدراسة الجوانب القانونية والسياسية للشركات العسكرية الدولية الخاصة لبيان مدي شرعية وجود هذه الشركات وشرعية المهام التي تقوم بها في فصولين، الفصل الأول أختص بالجوانب السياسية لهذه الشركات وتكون من ثلاثة مباحث، الأول لنشأة وتطور ظهور هذه الشركات وفي الثاني ذكرنا أسباب ظهور هذه الشركات وفي الثالث أوضحنا المهام التي توكل إلي تلك الشركات وقد تبين لنا أنها ذات المهام الموكلة إلي الجيوش النظامية وقوات الأمن والشرطة في الدول وأساليب وطرق عمل تلك الشركات التي تميزت بالسرعة والقسوة غير المبررة. والفصل الثاني بعنوان الجوانب القانونية للشركات العسكرية الدولية الخاصة وتكون من ثلاثة مباحث الأول عرضنا فيه لموقف كل من المؤيدين والمعارضين لوجود وعمل تلك الشركات، وفي الثاني تناولنا الجهود الوطنية والدولية بشأن تلك الشركات من جهود دول الدول والمنظمات الإقليمية والعالمية، وفي الثالث بينا التكييف القانوني لهذه الشركات في القانون الدولي.
الفصل الأول
الجوانب السياسية للشركات العسكرية الدولية الخاصة
ظهر ت علي الصعيد الدولي بسرعة – رغم وجودها منذ زمن- ظاهرة الشركات العسكرية الدولية الخاصة التي تأخذ من القتل والحروب تجارة لها، وكانت مأساة العراق وما أثارته من مشاكل وأزمات سببا لظهور هذه الشركات علي السطح، مما استلزم دراستها وبيان الجوانب القانونية والسياسية لها، ونتناول في هذا الفصل الجوانب السياسية لهذه الشركات في مباحث ثلاثة الأول: لنشأة وتطور هذه الشركات والثاني لأسباب ظهور هذه الشركات والثالث لمهام وأساليب وطرق عملها.
المبحث الأول
نشأة وتطور الشركات العسكرية الدولية الخاصة
ترك الاستعمار الغربي لدول العالم العربي والإسلامي في أفريقيا وآسيا خلفه ظاهرة بغيضة تسمى (المرتزقة) أو (mercenaries) عبارة عن مجموعات من العسكريين الغربيين المتقاعدين ممن يبيعون خدماتهم العسكرية للحكومات أو رؤساء دول وصلوا إلى الحكم بانقلابات عسكرية مدبرة وبغير رغبة شعوبهم، حتى أصبح من الطبيعي أن نشاهد حاكما من دول العالم الثالث يحرسه مرتزقة أجانب، أو حكومة ديكتاتورية تستأجر عملاء ومرتزقة أجانب لحمايتها بقوة السلاح من شعبها والتصدي لحركات المقاومة الوطنية..
وساعد على انتشار هذه الظاهرة في الربع الأخير من القرن الماضي الصراع بين القوى الدولية على ثروات العالم الإسلامي مع غياب وعجز الأمم المتحدة عن القيام بدورها في حفظ السلم والأمن الدوليين، وقد أنشئت أول شركة لذلك من طرف عضو سابق في الفرقة البريطانية الخاصة (جيم جونسون) وكان زبائنه في البداية من شخصيات سياسية وتجارية دولية، وكان العمل يقتصر على توفير الحماية وتدريب الحراسات الخاصة، وقد أدي التنافس بين الشركات الخاصة إلي تنشيط هذه المهنة وسرعان ما انتقل عمل هذه الشركات من الحماية الأمنية الخاصة إلى المشاركة في النزاعات والحروب كما حدث في انجولا وزائير ثم انتقلت الفكرة إلي أمريكا وبدأوا في تأسيس شركات أمن خاصة وكانت أهمها (كي بي أر) المملوكة من طرف (هليبورتون) من عام 1962م، ثم نوعت نشاطها من عام 1980م، وقد تطور هذا السوق وتلك التجارة من خلال إقامة علاقات بأجهزة المخابرات البريطانية والأميركية ووزارة الدفاع الأميركية( ).
إن اللاعبين الأساسيين في هذا السوق الشركات الأميركية الكبرى خاصة شركات كي بي أر، بلاك ووتر، دين كورب وهي قادرة على تقديم عاملين على خطوط الجبهات الأمامية والخلفية، والجيش الأميركي هو الزبون الأهم في العالم لهذه الشركات، ففي حرب الخليج الثانية(1991م) قامت شركات اللوجستيك بتحصيل مبالغ مالية كبيرة نظير توظيفها ما يعادل(1%) من القوة العسكرية الأميركية ويحصلون يوميا علي ثلث موازنة الجيش الأميركي في العراق والبالغة 30 مليار دولار سنوياً، حيث يشغلون(10%) من القوة العسكرية الأميركية وتعد شركة (كي بي أر) الأكثر أهمية من بين شركات اللوجستيك في العراق حيث تشغل نحو 50 ألف مرتزق بعضهم للقتال لكن الأغلبية تعمل في الخدمات اللوجستية من طباخين وسواقيين وميكانيكيين والتموين ولدىها عقد مع “البنتاجون” يصل إلى(11) مليار دولار( ).
وقد تطورت هذه الشركات فنشأت شركات عسكرية (قطاع خاص) في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل وجنوب أفريقيا وغيرهم من الدول، تقدم خدماتها لمن يطلبها نظير المال، مثل قلب نظام حكم ما (تكرر هذا السيناريو كثيرًا في أفريقيا) أو حماية رئيس دولة أو القيام بحرب صغيرة من الباطن ضد دولة مجاورة، وربما حماية آبار بترولية أو مناجم ماس.
وقد اشتهرت مجموعات فردية كثيرة من هؤلاء المرتزقة كما اشتهرت شركات لهم تتولى القيام بهذه الأعمال القذرة مقابل المال مثل جماعة (مايك المجنون) التي يقودها عسكري يدعى (هوار) لعب دورًا في قلب عدة حكومات أفريقية منها انقلاب جزر سيشيل عام 1981م وجماعة (السترات السوداء) بقيادة الفرنسي بوب دينار الذي شارك عدة مرات في قلب نظام الحكم في جمهورية جزر القمر الإسلامية، ومجموعة (تيم سبايسر) التي لعبت دورًا في المحاولة الانقلابية الفاشلة في بابوا (غينيا الجديدة) وغيرها الكثير)( ).
ظهرت في الفترة التي يطلق عليها البعض العولمة ويسميها البعض الآخر الأمركة ويقول عنها فريق النظام الدولي الجديد، أيا كانت التسمية فنحن في عصر ما بعد الحرب الباردة( )، شركات الحماية الأمنية أو شركات الأمن الخاصة سواء علي الصعيد الوطني أو الدولي بشقيه الإقليمي والعالمي، أي الشركات العسكرية الأمنية الخاصة، أو شركات الحماية الأمنية، أو شركات الأمن الخاصة أو الموظفون الأمنيين المتقاعدون أو المقاولون، أيا كانت تسميتهم فهي تخوض الحروب نيابة عن دول (الحروب بالوكالة) تحت زعم أن القطاع الخاص إذا كان شريكا في الأرباح فلا بد أن يكون أيضا شريكا في المخاطر، وأصبحت هذه الشركات من سمات وآليات العولمة وفرض الهيمنة ليس علي الدول فقط ولكن علي المجتمع الدولي والنظام العالمي وسوف نقوم بدراسة هذه الظاهرة من حيث النشأة والتطور والمهام والأهداف ونلقي الضوء علي ومهامها وأماكن عملها وأساليبها ومدي شرعيتها من حيث الوجود ومدي شرعية مهامها وأهدافها أي هل يمكن خصخصة العمل العسكري الحروب طبقا للقانون الدولي( )؟
يعد ظهور هذه الشركات بمثابة انقلابا في الشئون العسكرية فهذه الظاهرة سوف تحدث تغييرا هائلا في الطريقة التي سيتم بها تنفيذ الحروب مستقبلا ورغم وجود سوابق تاريخية إلا أن هذه الظاهرة لم نشهدها منذ حوالي (250) عاما، فلأول مرة في تاريخ الدولة القومية تتنازل الحكومات طواعية عن أحد أهم حقوقها وهو احتكار استخدام القوة بشكل شرعي وإعطائه لهذه الشركات وظاهرة البنادق المؤجرة أو خصخصة الحرب بدأت في التنامي بعد انتهاء الحرب الباردة وهي عبارة عن استبدال الجنود في أي مكان في العالم بمدنيين يملكون بنادق مؤجرة ولا يخضعون لأي من الإجراءات العقابية وفق المعايير العسكرية المعروفة والمتفق عليها على مستوى القانون الدولي( ).
وقد شهد عقد التسعينات نموا متزايدا لهذه الشركات وعرفت باسم (Private Security Firms) وعملت الحكومة الأمريكية علي إتاحة المجال أمام هذه الشركات لأنها من جهة تمنح الحكومة الأمريكية فرصة شن حروب فيما وراء البحار بدون الحاجة للحصول علي موافقة من الكونجرس الأمريكي، وبدون علم وسائل الإعلام ويستخدم البنتاجون حاليا حوالي(700.000) عنصر من هذه الشركات وتدر صناعة الخصخصة العسكرية ربحا سنويا يقدر(100) بليون دولار من عمليات عسكرية أمريكية في حوالي خمسين دولة، وهذه الشركات الخاصة تحكمت في شن الحروب إلى الدرجة التي يصعب على الجيش الأمريكي أن يشن حربا بدون الاستعانة بمجهودات هذه الشركات، ورغم حالة السرية التي تفرض علي تعاملات البنتاجون مع هذه الشركات إلا أن بعض التقارير الصحفية تشير إلي أن حوالي ثلث الميزانية التي خصصت للعمليات العسكرية في العراق والمتضمنة أيضا عمليات وسط آسيا وأفغانستان (87 بليون دولار) سيتم إنفاقها علي عقود مع الشركات الخاصة( )
أن ظاهرة استخدام مقاتلين في الحروب مقابل أجر مادي دون أن يكونوا من جنود تلك الدول أي يتمتعون بجنسية الدولة التي يحاربون معها ومن أجلها، أمر معروف في التاريخ الإنساني على مر الدهور وكر العصور، فالرومان كانوا من أوائل الإمبراطوريات الاستعمارية التي استخدمتهم فقد استغلت البرابرة من الجرمان والسلاف والهون في حروبها.
وفي القرون الوسطي زادت هذه الظاهرة انتشارا وتحديداً في حرب المائة عام التي قادتها الشركات العسكرية وتعد من أشرس المعارك الحربية التي قاتدها هذه الشركات، وحاول ملك فرنسا (جان الثاني لوبون) القضاء علي هذه الشركات لتنامي دورها وقوتها ولكنها اتحدت فيما بينها وسحقت القوات الملكية في معركة بريني في العام 1362م.
ويري البعض أن بداية تلك الظاهرة يعود لأيام إمبراطور اليونان كوزينوفون الذي جند عشرة ألاف يوناني للمحاربة في بلاد فارس مقابل مال( ) بينما يري البعض الأخر أن تاريخهم الحقيقي يبدأ قبل الثورة الفرنسية 1789م، ولكنها ظهرت بوضوح في الثلث الأخير من القرن الماضي خاصة في الدول الإفريقية التي تركها الاستعمار الفرنسي والبريطاني.
وبدأ التعاون بين شركات العسكرية والجيوش النظامية منذ حرب فيتنام وخصوصاً من قبل (السي آي إيه) ضمن برنامج سري عرف باسم (العمليات السوداء) فكان المرتزقة يرسلون لتنفيذ عمليات اغتيال وتخريب ضد مواقع وشخصيات فيتنامية لا تريد الحكومة الأمريكية التورط فيها مباشرة( ).
ونظرا لسلوك الجنود المرتزقة وممارساتهم غير المقبولة وغير المسئولة مما جعلهم عنصرا مرفوضا من المجتمعات بصورة عامة، فقد وجدت في كثير من المجتمعات واشتهرت المرتزقة بأدوار منافية لقيم المجتمعات الإنسانية مقابل أجر دون أن تكون لهم قضية يقاتلون أو يقتلون من أجلها، وغالبا ما يكون المرتزق من العسكريين المتقاعدين خاصة الذين سبق وعملوا رسميا كأفراد حماية لمسئولين في دولهم أو حماية الأثرياء والمصارف وغيرها والمرتزق عادة ما يكون محترفا حياة الجندية التي يكتسب منها قدرة قتالية وكفاءة عالية لا تتوفر لمن لا يعيش حياة الجندية بصورة دائمة ويستخدم المرتزقة من قبل أنظمة أو دول أو جيوش أو شخصيات لتنفيذ سياساتها وتحقيق غاياتها بوسائل يحددونها( ).
وقد انحسر دور هذه الطبقة المحاربة نتيجة تنامي دور الدولة القومية وتنامي المشاعر الوطنية التي ربطت المواطنةوالجندية بمدى انتماء الفرد أو الجندي بدولته من خلال الالتحاق بالجيش الوطني كتعبير عن انتمائه والتزامه بقضايا دولته، لكن أخذ هذه الدور يتنامى مرة أخرى في عصر العولمة مع انحسار التشريعات الوطنية التي تحظر على الفرد أو المواطن الانضواء في مؤسسات أو شركات تمتهن العمل العسكري لغايات الربح المادي بل زاد الطلب على هذا النوع من المحاربين من قبل مؤسسات ومنظمات منها بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة) ودول نظرا لاعتبارات مختلفة أبرزها الحرفية والكفاءة التي يتمتعون بها وسرعة تعبئتهم لأداء المهام التي تطلب منهم دون الدخول بإجراءات بيروقراطية وإجرائية التي تأخذ وقتاً طويلاً حتى يتم تجنيد قوة محاربة.
كان لتداعيات عصر العولمة أعظم الأثر فى التغيير الذي طال العلاقات الدولية وتنامي دور الشركات متعددة الجنسية بحيث أصبحت لهذه المؤسسات الضخمة والمندمجة دوراً كبيراً في رسم بعض السياسات الخاصة لبعض الأطراف على حساب القواعد السائدة في الدولة القومية فالأخيرة لم تعد تتحكم وسائل الإنتاج في هذا العصر حيث أصبح للقطاع الخاص دورا رياديا في توجيه الدول حتى لو اقتضى الأمر تغييب الدولة ومؤسساتها مقابل مصالح فئات مختلفة ومن هذه الشركات أخذت دوراً قيادياً في توجيه مصالح الدول القومية المتعلقة بتوفير الأمن والحماية وهي تعبير للمزاوجة بين القطاعين العام والخاص حيث يوكل الأول للثانية بعض المهام التي تدخل في صميم عمله ليقوم بها( ).
ومع زيادة الصراعات الدولية علي الصعيد الدولي والإقليمي والوطني فقد انتشرت ظاهرة الشركات العسكرية الخاصة للقيام بوظائف جديدة كانت من قبل تدخل ضمن مهام الجيوش الوطنية كتأمين إمداد القوات المحاربة بالمؤن والسلاح والقتال أيضا كما جرى في حروب أهلية في بعض الدول الأفريقية وفي يوغسلافيا السابقة وأفغانستان وفي العراق حاليا) ).
ومن ذلك في 7/3/2004 جرى في زيمبابوي القبض على طائرة كانت تحمل سبعين من المرتزقة متجهين إلى غينيا الاستوائية لتدبير انقلاب مسلح، لأن تلك الدولة الصغيرة النامية هي ثالث أكبر منتج للبترول في جنوب الصحراء بعد نيجيريا وأنجولا. وفي 25/8/4002 اعتقلت سلطات جنوب أفريقيا مارك نجل مارغريت تاتشر رئيس وزراء بريطانيا الأسبق لعلاقته بتلك المحاولة الانقلابية تمهيداً لمحاكمته في جنوب إفريقيا فعلت ذلك تطبيقا لقانون صدر قبل سنوات قانوناً بتحريم وتجريم أعمال الارتزاق من هذا النوع.
وفي معظم الحالات يكون المرتزقة عسكريون سابقون يتم استئجارهم لتنفيذ مهام سرية لا تريد دولهم وشركاتهم تحمل مسؤوليتها علنا ومن أشهر الوقائع محاولة التخلص من باتريس لومومبا زعيم الكونغو وحادث الطائرة الذي مات فيه داج همرشولد أشهر وأفعل أمين عام للأمم المتحدة. لكن ما كان يجري على استحياء في سنوات الستينات اتسعت أبعاده تماماً بعد نهاية الحرب الباردة وانكشاف العالم الثالث أمام أكبر موجة لنهب موارده بالسياسة أحيانا وبالقوة الصريحة أحيانا وبالمرتزقة بين وقت وآخر أو بمزيج من الثلاثة في بعض الحالات( ).
وتعمل هذه الشركات حاليا بحراسة رؤساء الدول القادمين عبر الانقلابات في دول العالم الثالث والتي عادة ما تكون مدبرة من الخارج، أو حماية حكوماتها وحماية آبار النفط ومناجم الماس في أفريقيا، وحتى القيام بانقلابات علي أنظمة الحكم التي ترفض الهيمنة كما حدث في جزر القمر بقيادة المرتزق الفرنسي بوب دينار، وفي دول أخرى مثل غينيا وجزر سيشل وغيرها من الدول.
يضاف إلى ما سبق وظائف جديدة خاصة بعد تنامي عمل الشركات الأمنية الخاصة على نطاق واسع في عصر العولمة لتشمل تقديم خدمات تدريب القوات وتقديم الاستشارات العسكرية لقوات الجيش والشرطة في البلدان التي يعملون فيها إضافة لبعض الوظائف التي تنجزها أجهزتها الأمنية الخاصة بها منها تقديم الدعم اللوجستي للانتشار العسكري وصيانة نظم الأسلحة وحماية المباني والمنشآت وحماية الأشخاص وتدريب قوات الجيش والشرطة وجمع المعلومات العسكرية وتحليلها واحتجاز واستجواب السجناء وفي بعض الحالات المشاركة في القتال وولاء هذه الشركات للمال وللشخص الذي يدفع أكثر مما دفعها إلى بالتورط بأعمال خطف مقابل الحصول فدية مالية.
وفي عصر العولمة تطورت المهام الموكلة لهذه الشركات بشكل لا سابق له في تاريخهم أو تاريخ الجيوش النظامية عامة والجيش الأمريكي والبريطاني خاصة، حيث توكل إليهم مهام حراسة مشاريع ما يسمى إعادة و أعمار العراق، وحماية الشخصيات المهمة كالحاكم المدني بول بريمر ومسئولين أمريكيين آخرين وحماية قوافل الإمدادات التي تمر في مناطق تقع تحت سيطرة المقاومة العراقية، وحماية العديد من المؤسسات الحكومية العراقية الحساسة ومقر الحكومة وقوات الاحتلال التي تعرف بالمنطقة الخضراء.
وتحاول الولايات المتحدة أن تصور للعالم أن أفراد هذه الشركات مقاولون أو متعاقدون تقتصر مهامهم على أعمال الحراسة وتأمين حماية المنشآت، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما فالواقع أن هؤلاء يمارسون مهام قتالية ضد المقاومة العراقية إضافة إلى ارتكابهم جرائم ضد المدنيين العراقيين، وحاليا يوجد آلاف الشركات التي توفر المرتزقة في العالم ويوجد في العراق حاليا أكثر من خمسين شركة وأغلبها أمريكية إضافة إلى شركات بريطانية وإسرائيلية و جنوب أفريقية أيضا، ومن هذه الشركات من تمتلك أسطول طائرات هيلكوبتر( )وتعقد هذه الشركات اتفاقيات مع بعض العشائر المحلية بالعراق.
وتشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 20 ألف مرتزق في العراق عام 2004 أصبحوا(100) ألف عام 2006م كما أن وجودهم الآن أصبح واضحاً وهم يتجولون في عربات مدرعة وكثير منهم مدججون بأسلحة للقتال بالغة التقدم وقد شكلت بعض الشركات العسكرية قوات للرد السريع ووحدات مخابرات خاصة بها تصدر يومياً تقاريرها الاستخباراتية التي تعتمد فيها على خريطة تواجدها في المناطق الساخنة وهذه في حقيقتها مهام تناط بالجيوش النظامية وليس بالشركات العسكرية وعناصرها مما يزيل الحدود بين ما هو مدني وما هو حربي في عمل هذه الشركات وهناك محاولات أميركية لتنظيم أكبر جيش خاص في العالم يضم هؤلاء وفرق إنقاذ خاصة ووحدات استخباراتية( ).
وعمل هذه الشركات مع قوات الاحتلال في العراق مستور بالتعتيم الإعلامي من حيث المهام والعدد الحقيقي لخسائرها في العراق وأفراد هذه الشركات لا يرتدون الزى العسكري مما يجعلهم خارج الإحصائيات الرسمية التي يتولى البنتاغون الإعلان عنها وتحتل الشركات العسكرية الخاصة المرتبة الثالثة في القوات التي تدعم الجهود العسكرية الأمريكية والبريطانية في العراق ويبلغ الأجر اليومي الذي يتلقاه الفرد الواحد(1500) دولار يومياً.
كما ذكرت صحيفة الوطن السعودية أن ثلاثة شركات عسكرية خاصة تنفذ مهمات التدخل المسلح قد أغلقت أبوابها في بغداد ورحلت نهائيا عن العراق علي إثر تكبدها خسائر مادية وبشرية فادحة بفعل هجمات المقاومة العراقية ونقلت الصحيفة عن مصدر عراقي موثوق قوله أن هذه الشركات هي (كومبانيا الرومانية و اكزكيوتيف أوت كومس جنوب الإفريقية وساند لين البريطانية) ليرتفع بذلك عدد الشركات العسكرية التي تغلق أبوابها بالعراق إلى خمس شركات منذ نوفمبر عام 2003م ويرجع سبب مغادرة هذه الشركات لتدهور الوضع الأمنى وقلة العوائد والأرباح مقارنة بالمخاطر العالية وتكاليف التامين الباهظة.
وعلى الرغم من ذلك إلا انه حسب تقديرات غربية فان جيوش هذه الشركات بات الآن اكبر جيش اجتبى بالعراق بعد القوات الأمريكية وأصبح يفوق مجموع كافة القوات الأجنبية الأخرى غير الأمريكية بالعراق، وقد كشفت صحيفة “نيويورك تيمز” الأمريكية عن أن الولايات المتحدة تعتمد الآن على الشركات العسكرية لتنفيذ مهام حيوية بالعراق بصورة هائلة تفوق ما فعلته في أي حرب أخرى على مدى التاريخ العسكري الأمريكي كله. وأضافت أن البنتاجون يعتمد الآن على هذه الشركات لتوفير من تطلق عليهم الصحيفة (بجنود الظل) لتنفيذ أعمال حيوية كانت تكلف بها الجيش الأمريكي سابقا، وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء من جميع أنحاء العالم فمنهم جنود كوماندوز عملوا سابقا في القوات البحرية في نورث كارولينا ومنهم عسكريون من نيبال وجنود خدموا نظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا وقد أتوا بالآلاف إلى العراق وهناك العشرات من شركات الأمن الخاصة التي أقامت معارض لسلعتها في بغداد والأكثر أجرا بين هؤلاء هم الذين خدموا في وحدات القوات الخاصة المرموقة في العالم.
وتنفذ الشركات العسكرية عمليات قتالية أسوة بالجيوش النظامية على الرغم من إصرار قوات الاحتلال على عدم مسؤوليتها القانونية عن الأعمال الإجرامية التي يقوم بها أفرادها، وإن كان ثمة محاكم يفترض أن يقدموا إليها، فيجب أن تكون في موطنهم الأصلي وليس في العراق أماكن ارتكاب الجرائم، وبدأت الشركات العسكرية الدولية تعرض خدماتها على الحكومات في الدول المحتلة مباشرة للمساعدة في حفظ الأمن الداخلي وقد اتفقت الحكومة البريطانية مع إحدى هذه الشركات لحماية سفارتها في بغداد مقابل(15) مليون جنيه إسترليني.
وقد بدأت الخطوات العملية لخصخصة حرب العراق بدلا من القوات البريطانية والأمريكية تتم من خلال استبدال جنود الاحتلال الأمريكي والبريطاني بما تطلق عليهم الولايات المتحدة موظفي شركات الحماية الأمنية أو المتعاقدين الأمنيين مما يدل علي أن عملية انسحاب القوات الأمريكية والبريطانية قد بدأت في العراق وبلغت نسبة القوات البريطانية النظامية في العراق إلى قوات المرتزقة هي(1 إلى 6) حيث يبلغ إجمالي عدد أفراد هذه الشركات(41) ألف( ).
المبحث الثاني
أسباب ظهور الشركات العسكرية الدولية الخاصة
يرجع ظهور الشركات في المجتمعات سواء القديمة أو مجتمعات العصور الوسطي والحديثة والمعاصرة إلي عدة أسباب سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية بل ودينيا نبينها.
أولا: الأسباب السياسية( ): تعددت الأسباب السياسية التي يمكن اعتبراها من ضمن أسباب ظهور هذه الشركات العسكرية نجملها فيما يأتي:
1 – وجود مشروع إمبراطوري لبسط الهيمنة والسيطرة من قبل دولة استعمارية كبيرة بغية تمرير مشروعها وفرضه علي المجتمع الدولي أو النظام العالمي وقتئذ، كما فعلت الأمبراطرية الرومانية من قبل وهو ما تحاول فعله حاليا الولايات المتحدة الأمريكية وتتطلب هذه المهمة الكبيرة أعدادا كبيرة من الجنود لا تتوفر لهذه الدولة ولكن يتوافر المال اللازم لشراء واستخدام هذه الشركات.
2 – انحسار عصر الاستعمار العسكري مما جعل الدول الاستعمارية تستعمل حكام عملاء تحميهم بمثل تلك الشركات لحماية هؤلاء الحكام من شعوبهم لأنهم يؤدون لهذه الدول الاستعمارية خدمات أفضل وأرخص من الاستعمار العسكري.
3 – تفشي ظاهرة الظلم في المجتمع الدولي الذي أدي إلي قيام تنظيمات تدافع عن نفسها بدرء الظلم عنها أو يطلق عليه الغرب مصطلح (الإرهاب) مما هدد مصالح الدول الكبرى وظهور ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا والمنازعات علي الصعيد الدولي بل ظهرت حاليا ظاهرة تعدد المعايير في التعامل مع مثل تلك القضايا والمنازعات( ).
4- عودة ظاهرة البلطجة الدولية أو بمعني أصح ظاهرة الدول الاستعمارية التي تريد فرض هيمنتها علي العالم ومن ذلك ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية وريثة الإمبراطورية الرومانية والاستعمار البريطاني والفرنسي ويؤيد ذلك ما ردده البعض من أن المبادئ الأربعة عشر التي نادي بها الرئيس الأمريكي ولسون أبان الحرب العالمية الأولي كان الغرض منها تفتيت الإمبراطورية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس.
5 – يعتبر ظهور شركات الحماية الدولية أو الشركات العسكرية خطوة في طريق هدم بناء الدولة الحديثة حيث مر هذا البناء بعدة مراحل حتى أكتمل البنيان فمن الدولة الحارسة إلي الدولة المتدخلة إلي الدولة الحارسة مرة أخري التي تقتصر مهمتها علي حفظ الأمن العام داخل الدولة إلي الدولة ذات الدور المحدود فقد بدأت مرحلة انسحاب الدولة من كافة الأنشطة الاقتصادية ليقتصر دورها علي مهام الأمن والحراسة ثم بدأت مرحلة خصصت الأمن وعرضه في الأسواق مثل بقية السلع المادية لتنتهي بذلك الدولة كنظام سياسي قطعت البشرية ردحا طويلا من الزمن لبنائه، ويكون ذلك عن طريق عولمة كل ما هو داخلي فتنهار الدولة ولا يعد لها أدني دور، فالناحية الاقتصادية يتولاها القطاع الخاص والناحية الاجتماعية تتولاها منظمات المجتمع المدني التي تدار من الخارج لتحقيق أغراض وأهداف تمرير الهيمنة والسيطرة، والناحية العسكرية الأمن يتم خصخصته عن طريق الشركات العسكرية الخاصة التي بدأت تنتشر في كل رجا من أرجاء الأرض( ).
ففي داخل الدولة الواحدة تجد شركات الأمن الخاصة لحماية الشخصيات التي ترغب في الحماية ولحماية الشركات التي بدأت تولي مهمة حفظ الأمن داخلها وخارجها ليلا ونهارا إلي شركات خاصة لتوفير نفقات إدارة الأمن داخل الشركات، إذا لا يبقي للدولة كمؤسسات ونظام أي دور حيث تخضع كافة الأنشطة للقطاع الخاص الذي يدار عن طريق الشركات متعددة الجنسية فما الداعي إذن لبقاء الدولة، خاصة وأن البرلمانات أصبحت تحت رحمة وسيطرة رجال الأعمال الذين أصبحوا نوابا في البرلمان فتم خصخصة السياسة وسنت هذه البرلمانات الخاصة قوانين لمصلحة رجال الأعمال دون النظر إلي المصلحة القومية العليا للدولة ودون وضع الشعوب ومصلحتها في الاعتبار حتى أننا نجد أن هناك عائلات محدودة تتحكم في نشاط معين في الدولة كلها( ).
ثانيا، الأسباب العسكرية:
1 – الرغبة في تنفيذ عمليات خارجة عن القانون من قبل دولة ضد حكومة دولة أخري أي القيام بانقلابات عسكرية لتغير الحكومات التي ترفض الهيمنة والسيطرة دون التورط علانية في مثل هذا العمل كما حدث في جزر القمر وبعض الدول الإفريقية.
2 – للتقليل من قتلي الدول التي اشتركت في حرب حتى لا يقوم الرأي العام الداخلي ضدها لكثرة القتلى من جنودها ولإخفاء هزيمة أو للانسحاب خفية حتى يظهر للعالم وللرأي العام داخلها هزيمتها كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا حاليا في العراق( ).
3 – القيام بعمليات قذرة تخشي الدولة فعلها في العلن لما فيه من مخالفات جسيمة للقانون الدولي والقيم الأخلاقية كما فعلته الولايات المتحدة في فيتنام من عمليات اغتيال قادة وقتل بالجملة.
4 – تفشي ظاهرة الانقلابات العسكرية واعتلاء الحكم حكام عملاء للخارج يصلون إلي الحكم دون رغبة شعوبهم فيضطرون إلي حماية أنفسهم بمثل تلك الشركات، وهؤلاء الحكام تجدهم غالبا في الدول النامية الغنية بالموارد الطبيعية أو صاحبة موقع جغرافي متميز يتحكم في أحدي الممرات الدولية الهامة.
5 – من العوامل التي أدت لظهور هذا النوع من الشركات عمليات تسريح العديد من الجيوش التي تمت نتيجة لنهاية الحرب الباردة ومنها الجيش الأحمر وجيش ألمانيا الشرقية ونهاية نظام الأبارتيد في جنوب إفريقية وتسريح طبقة الضباط البيض وتم تكوين شركة لهم في جنوب أفريقيا وكذلك عملية تقليص الجيش الأمريكي إلي (60%) مما كان عليه في الماضي، مما خلق فائضا هائلا من العمالة العسكرية والخبرة التي كان يجب أن يتم الاستفادة منها بشكل أو بآخر في خدمة مد النفوذ الأمريكي وحمايته فيما وراء البحار فتم أنشاء مثل هذه الشركات لاستغلال الفائض في العمالة العسكرية المستغني عنه ولتنفيذ مشروع الإمبراطورية الأمريكية.
6 – وجود الشركات العسكرية الخاصة التي تنتج الأسلحة كما في الولايات المتحدة الأمريكية المجمع الصناعي العالمي وحسب أيديولوجية هذه الشركات تعتبر الشركات العسكرية الدولية مكملة لغرض إنشاءها لاستكمال منظومة الإنتاج والتوزيع مما يوفر لها منافذ للبيع، وقد ردد البعض أن ما دفع الولايات المتحدة لحربها ضد كل من أفغانستان والعراق هو المجمع الصناعي العسكري حتى ذهب البعض إلي أنهم هم الذين قاموا بحادث الحادي عشر من سبتمبر( ).
7 -إن استراتيجية الاعتماد عسكريا على الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة أي (عسكرة الشركات وخصخصة الحروب) هي استراتيجية اعتمدها البنتاجون ومفادها خصخصة الكثير من المهمات التي كان يضطلع بها الجيش الأميركي ونظرية ‘خصخصة’ المهام العسكرية قامت على فكرة تحمس لها ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي تدعو إلى إسناد الكثير من المهمات التي تقوم بها القوات النظامية التي تخوض حرب مثل حرب العراق إلى شركات خاصة بصفة ‘مقاولات’ بين البنتاجون وبين تلك الشركات، بحيث يؤدي ذلك إلى تخفيف عبء الكثير من المهام عن كاهل الجيش وهذه الفكرة فتحت الباب لشركات اميركية عديدة تقوم بمهام التموين والأعمال اللوجستية والأمنية وباتت تلقى قبولا في صناعة الجيوش الحديثة( ).
إذا كانت كافة الأنشطة التي تمارسها الدولة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والاجتماعية خصصت وأصبحت سلعا تخضع لقوانين وآليات السوق فلماذا المحافظة إذن علي الدولة كنظام وبناء؟ حيث لا انتماء إلا إلي الربح ورأس المال الأجنبي الذي تدخل حتى في التشريع عن طريق رجال الأعمال الذين أصبحوا يسنون القوانين والتشريعات لمصلحتهم ولتحقيق أكبر قدر من الربح المالي دون اعتبار لأي قيم أو مبادئ.
ثالثا: الأسباب الاقتصادية:
1 – يستند أنصار هذه الشركات علي ضرورة مشاركة القطاع الخاص في الأخطار كما يشارك الدولة في الأرباح في قطاع الاستثمارات.
2 – انتشار البطالة في كافة دول العالم خاصة وأن مرتب الفرد في هذه الشركات قد يصل في اليوم إلي ما يقارب ألفي دولار.
3 – في الدول الغنية تزداد فيها الرفاهية مما يجعل شباب هذه الدول لا يقبلون علي حياة الجندية الخشنة التي فيها خطر الموت محتملا خاصة وأن معظم تلك الدول لا يوجد فيها تجنيد إجباري مما تعد معه الجندية وظيفة لاكتساب الرزق أي مثله مثل أي عمل مدني.
رابعا: الأسباب الدينية:
يري البعض منهم الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل في حديثة لقناة الجزيرة في ابريل2007م(إن الجيش الأميركي يستخدم فرسان مالطا كجيش بديل في العراق من اجل استمرار وجودها في العراق وتقليل نسبة الخسائر بين صفوفها وان احد فرسان مالطا كوّن شركة لتجنيد الناس لتقديمهم إلى الجيش الأميركي لاستخدامهم في العراق ودارفور تحت شعار الصليب) أوضح هيكل( )(أن وجود قوات المرتزقة بالعراق ليس مجرد تعاقد أمني مع البنتاجون تقوم بمقتضاه هذه القوات بمهام قتالية نيابة عن الجيش الأمريكي، بل يسبقه تعاقد أيديولوجي مشترك بين الجانبين يجمع بينهما، ألا وهو “دولة فرسان مالطا) ( الاعتبارية آخر الفلول الصليبية التي تهيمن على صناعة القرار في الولايات المتحدة والعالم) وقال هيكل: (لأول مرة أسمع خطابا سياسيا في الغرب واسعا يتحدث عن الحروب الصليبية.. هناك أجواء حرب صليبية)، مشيرا إلى حقائق كشف عنها الصحفي الأمريكي جيرمي سكيل في كتابه الحديث – السابق الإشارة إليه – عن شركة “بلاك ووتر” أكبر الشركات الأمنية المتعاقدة مع الإدارة الأمريكية في العراق، حيث أظهر العلاقة “الدينية” التي تجمعهما أن الغرض من إنشاء هذه الشركات غرض ديني أو بالأصح غرض صليبي هدفه إحياء الحروب الصليبية التي حدثت في الماضي، وقد استشهدوا علي ذلك من العلاقة الحميمة بين هذه الشركات ومنظمة فرسان مالطا أو فرسان المعبد أو فرسان القديس يوحنا، التي توقف وراء بعض هذه الشركات، وأيضا العلاقة والأساس الذي قامت عليه كبري هذه الشركات وهي شركة بلاووتر في الولايات المتحدة التي يقف وراء إنشاءها وتمويلها التحالف المسيحي الصهيوني أو المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية( ).
المبحث الثالث
مهام وأساليب وطرق عمل الشركات العسكرية الدولية
أولا: مهام الشركات: اختلفت وتعددت المهام والوظائف التي تؤديها وتقوم بها الشركات العسكرية الخاصة وارتبطت ارتباطا وثيقا بأسباب نشأتها وسبب ظهورها، فقد كانت مهامها في بداية نشأتها تقتصر علي حراسة مداخل ومنافذ الشركات الخاصة الاستثمارية داخل الدولة حيث تقوم كل شركة استثمارية بعمل إدارة للأمن بالشركة تتكون من أفراد يقومون بحراسة الشركة ليلا ونهارا، ولما كثرت الشركات الاستثمارية الخاصة وبدأت حلقات التنافس والمضاربة تتزايد بينها وبين أصحابها عمد هؤلاء إلي حماية أنفسهم من منافسيهم باتخاذ ما يطلق عليه (بودي جارد) ثم انتشرت هذه الظاهرة بين رجال الأعمال وأصبح من المألوف أن تري أحد رجال الأعمال يتقدمه حرسه الخاص، ثم تطورت الظاهرة وأخذت بعدا أخر فقد انتقلت من عالم رجال المال والأعمال إلي مجال الفن حيث كانت الملاهي الليلية قديما تتخذ فتوات لحمايتها، وكذا كل طالب شهرة فقد رأينا بعض الفنانين يتخذون حرسا خاصا بدعوى حمايتهم ممن يحاول الاعتداء عليهم من منافسيهم، ومن رجال الفن إلي رجال الفكر والأدب وغيرهم.
وباتت معظم الشركات على مستوى العالم تولي أهمية قصوى لأمن المعلومات الخاصة بها وعمدت الكثير منها إلى وضع المعايير التي تعمل على رفع كفاءة سياساتها للحفاظ على البيانات من عمليات الاختراق والتسلل غير الشرعي وبرغم الجهود الضخمة في هذا المجال إلا أن المخاطر التي تهدد أمن المعلومات والشبكات قد زادت في الآونة الأخيرة مما دفع معظم الشركات للبحث عن حلول تقنية تحميهم من هذا خطر سرقة المعلومات الخاصة بهم.
وأصبح أمن المعلومات يحظى باهتمام بالغ من قبل الشركات في الشرق الأوسط خلال السنتين الماضيتين. وكنتيجة لذلك قامت عدة شركات باتخاذ إجراءات شاملة لتعزيز أمن البيانات لديها ورغم ذلك فأن عدد التهديدات القابعة في العالم الافتراضي يتزايد يوما بعد يوم بصورة سريعة وبناء على ذلك تقوم الشركات المحلية بإعادة النظر وتقييم أمنها ثانية لضمان عدم تعرضها لهجمات تخترق بياناتها وأنظمة المعلومات لديها مما قد يؤدي إلى تدميرها( ).
وكانت الحراسات الخاصة تقتصر في السابق علي رجال الحكم من رؤساء و وزراء و محافظين وغيرهم تحت زعم الخوف عليهم من المعارضة وأنصارها ولكن في ظل العولمة وما ترتب عليها من احتكار وظلم وسرقات جعل كل شيء خاضع لآليات السوق وظروفه وملابساته، فأصبح الأمن سلعة تباع وتشتري مثل كافة السلع المادية.
ثم انتقلت تلك الظاهرة إلي الصعيد الدولي عن طريق توريد رجال الأمن فبدلا من توريد العبيد والرقيق في السابق أصبح الآن يتم توريد عبيد ورقيق ولكن لوظيفة محددة هي حماية شخصيات عامة وخاصة منها رؤساء دول وحكومات ووزراء و أنظمة دكتاتورية أو عسكرية أو مساعدة قوات الاحتلال في بعض المناطق المحتلة أو مساعدة قوات مسلحة في القيام ببعض المهام التي كانت في السابق من ضمن مهام القوات المسلحة الوطنية وما لبثت أن تطورت إلى شركات تمارس نشاطاها علناً في معظم دول العالم.
ومع تزايد حدة وعدد الصراعات الدولية أسندت لهذه الشركات مهام جديدة كتأمين إمداد القوات المحاربة بالمؤن والسلاح كما جرى في حروب البلقان وأفغانستان وفي العراق حيث كانت مهامهم ترتكز على حراسة رؤساء الدول القادمين عبر الانقلابات في دول العالم الثالث أو حماية الحكومات نفسها وحماية آبار النفط ومناجم الماس في أفريقيا، وحتى القيام بقلب أنظمة حكم ما، كما حدث في جزر القمر بقيادة المرتزق الفرنسي بوب دينار، وكذلك في دول أخرى مثل غينيا وجزر سيشل وغيرها من الدول، يضاف إلى ما سبق مهام أخري خاصة بعد تنامي عمل هذه الشركات بعد الحرب الباردة لتشمل تقديم خدمات تدريب القوات وتقديم الاستشارات العسكرية لقوات الجيش والشرطة في البلدان التي يعملون فيها إضافة إلى بعض الوظائف التي تنجزها أجهزتها الأمنية الخاصة بها، حيث تقوم هذه الشركات (بتقديم الدعم اللوجستي للانتشار العسكري وصيانة نظم الأسلحة وحماية المباني والمنشآت، وكذلك حماية الأشخاص وتدريب قوات الجيش والشرطة، وجمع المعلومات العسكرية وتحليلها واحتجاز واستجواب السجناء، وفي بعض الحالات المشاركة في القتال )( ). وتقوم هذه الشركات إضافة إلي ذلك بالمهام الآتية:
– الأمن الشخصي: Personnel Security للأشخاص والموظفين خصوصاً الوكالات الأمريكية والأجنبية والأمم المتحدة العاملين في مجال الدبلوماسية (كرول وكنترول ريسك
– خدمات المرافقة: Escort Services
– توفير خدمات الاتصال والمواصلات.
-إدارة الأزمات وحالات الاختطاف Management.
– استشارات الأمنية وتقدير المخاطر: Risk Advisory Consulting and assessment.
– تأمين المواقع والمنشآت والبعثات الدبلوماسية والشركات المدنية المنخرطة في إعادة الأعمار Site Security
– توفير الحماية الالكترونية ولقواعد البيانات.
– تطوير أنظمة الحماية والرقابة.
– الدعم اللوجستي والإسناد.
– مرافقة قوافل الإمدادات والأغذية سواء لجيوش الائتلاف أو للقطاع الخاص.
– تولي متابعة وتطبيق تنفيذ العقود التي تدخل في باب إعادة الأعمارفي العراق حيث تكلف هذه الشركات بالقيام بأعمال إدارية ووكالات لتنفيذ مهام المتعاقد الأساسي الذي يخشى تنفيذ هذه الأعمال بصورة مباشرة ( ).
ثانيا: أساليب عمل الشركات العسكرية: الشركات العسكرية لها أساليبها الخاصة وقواعدها الداخلية التي تحكم عملها لتحقيق الهدف الذي تعمل لتحقيقه وهو تقديم أفضل الخدمات العسكرية و الحماية الأمنية فهي شركات تجارية غايتها الأساسية الربح كغيرها من الشركات التجارية تستخدم أساليب وطرق تسويقية للترويج لسلعتها، وتقاس قدرة الشركة وكفاءاتها بحجم وعدد القتلى من أفرادها فكلما زاد عدد القتلى بين صفوفها زاد الطلب على خدمات هذه الشركة باعتبار أن ذلك كفيل ببناء الثقة بهذه الشركة وتقوم الشركات ضمن خطتها التسويقية بضرب هالة من الرهبة على نشاطها وعلى أفرادها بحيث تتخذ هذه الشركات أوصافاً مختلفة مليئة بالعنف والقوة من منها عمليات الصقر والعين الحمراء والعسكريون المحترفون وغيرها من الأوصاف التي تدخل في النفس رهبة وخوف، بالإضافة لذلك فهي تتخذ أساليب أخرى سواء لنجاح عملها ولكسب مزيد من العملاء تتمثل في الآتي:
1 – تدريب موظفيها على الطرق المثلي لتجنب الخطر وتحديداً على المهام التي تدر أرباحاً عالية مثل التدريب على التعامل مع حالات الاختطاف وهي من أبرز مهام هذه الشركات وتوليها اهتماماً خاصاً نظراً للأموال الطائلة المحققة من وراءها.
2 – الاختطاف مقابل المال مما أجبر شركات الحماية تعيين أفراد ذو مهارات خاصة استقطبت مستشارين ومحللين سياسيين ومخبرين واستعانت بعدد من المخضرمين في هذا المجال.
3 – استخدام المواقع الإلكترونية للترويج لخدماتها ونشر ثقافة القتل والعنف وقد وضعت إحدى هذه الشركات وهي شركة(Aegis) فليماً على موقعها تعرض فيه قيام أفرادها بإطلاق النار باتجاه المدنيين العراقيين القريبين من عرباتهم ذات الدفع الرباعي وتقوم هذه الشركات في سبيل تقديمها لخدماتها باستخدام الأساليب الآتية:
1 – دفع مبالغ ضخمة مقابل الحصول على المعلومات الأمنية والإستخباراتية.
2 – عقد دورات تدريب وإرشاد لأفرادها حول طرق التعامل مع الخطر.
3 – تزويد العملاء بإرشادات تجعلهم هدفا يصعب الحصول عليه.
4 – استخدام السلاح دون اعتبار لإجراءاته وأوقات استخدامه.
5 – استخدام مختلف التقنيات سواء على صعيد الاتصال أو على صعيد الأسلحة حيث تستخدم جزء من هذه الشركات تقنيات عالية في مجال الاتصالات.
6 – تلجأ بعض هذه الشركات إلى العمل بعيداً عن القواعد والقوانين السارية في البلاد بحيث تمنح بعض هذه الشركات لنفسها صلاحيات احتجاز المواطنين ونصب الحواجز علي الطرق دون ترخيص.
7 – وتقوم هذه الشركات باتخاذ العديد من الأساليب التي تحقق نجاحاً لمهماتها حتى لو انتهكت حياة وخصوصية الإنسان( ).
وتتعدد الأساليب والطرق التي تعمل بها هذه الشركات وأغلب هذه الأعمال أو الأساليب المتبعة لا تحكمها قواعد قانونية أو إجرائية محددة، فالحصانة القضائية ضد الملاحقة القانونية التي يتمتع بها أفراد هذه الشركات جعلتهم بحل من الالتزام بأي قوانين، وفي العراق حيث تقوم هذه الشركات بعمليات قتل وتدمير وتدبير انفجارات عن طريق تلغيم السيارات المملوكة للأهالي عند تفتيشها وتنفجر هذه السيارات دون معرفة أصحابها ويذهبون ضحية هذه الأعمال القذرة، وقد قامت هذه الشركات بإشعال نار الفتنة الطائفية في العراق عن طريق تدبير انفجارات في مناطق السنة والشيعة وتفجير المساجد والمنازل مما أدي إلي سقوط ألاف الضحايا.
وقد استعانت الولايات المتحدة بهذه الشركات لكي تخفف من عدد قتلاها حتى لا تثير الرأي العام الأمريكي الذي بدأ يطالب بالانسحاب الفوري من العراق بعد تزايد أعداد القتلى من الجنود الأمريكيين وقد قامت هذه الشركات بأعمال قذرة في العراق تعد انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني وقانون الحرب وكل القيم والأعراف الدولية المستقرة والمطبقة في الحروب فهذه الشركات لا تقيم وزنا للقانون ولا للقيم والمبادئ والمثل الإنسانية العليا. وفي محاولة للحد من تزايد ضحايا هذه الشركات فقد ألزمتها وزارة الداخلية العراقية بعدد من الإجراءات هي:
1 – تم التنبيه علي جميع الشركات العسكرية العراقية والأجنبية لغرض تقديم جميع أولياتها ومعلوماتها وبشكل تفصيلي لوزارة الداخلية.
2 – إلزام الشركات العسكرية بوضع علامة خاصة بالشركة علي صدر أفرادها وعلى السيارات التي تستخدمها.
3 – إلزام الشركات العسكرية بمراجعة دوائر الضريبة وجلب براءة ذمة ومراجعة وزارة العمل والشئون الاجتماعية لضمان حقوق موظفيها من العراقيين.
4 – قامت وزارة الداخلية العراقية بمخاطبة مختلف البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية وغيرها من المؤسسات والشركات بعدم التعاقد مع أي شركة عراقية أو أجنبية غير مجازة من وزارة الداخلية.
أن جزءا كبيرا من هذه التعليمات تم تطبيقها على الشركات العراقية فقط دون الشركات الأجنبية التي تعتبر نفسها فوق القانون ولا تتقيد بهذه التعليمات ولا بأي قانون ويقدر عدد العاملين العراقيين في هذه الشركات بحوالي المائة ألف شخص وقد قامت ولا زالت بأعمال حربية ضد عناصر المقاومة لصالح الجيش الأمريكي. لا تقتصر مخاطر هذه الشركات على قيامها بالأعمال الحربية المباشرة أو انتهاكاتها لحقوق الإنسان دون أي ملاحقة قضائية وإنشاء مليشيات مسلحة وعصابات تعيش على الاغتيال والخطف بل أنها تهدد البنية الأمنية لعراق المستقبل حيث يدخل العراق عبر بوابة أو غطاء الشركات الأمنية المئات من أجهزة المخابرات الأجنبية خاصة الإسرائيلية.
الفصل الثاني
الجوانب القانونية الشركات العسكرية الدولية الخاصة
إن من مستلزمات الوطنية الدفاع حتى الموت عن الوطن، ومن توابع الجنسية القتال دفاعا عن الوطن، فالوضع الطبيعي أن يدافع أبناء الوطن عنه ويفدونه بأرواحهم وأموالهم وينالون شرف الجندية في جيشه وفواته المسلحة للدفاع والذود عن أمنه وأمانه وعن سيادته وأرضه واستقلاله وحريته.
إلا أن هذا لأمر وطبقا لقاعدة ليس صحيح علي إطلاقه(فلكل قاعدة استثناء) هناك حالات يوجد بين المدافعيين عن الوطن والأرض والعرض جنود غير أبنائه، ففي حالات أقرها الشرع الإسلامي حيث جعل الدفاع عن أرض الإسلام فرض كفاية وواجب علي كل المسلمين حتى قال الفقهاء أنه في حالة احتلال جزء من أرض الإسلام يجب علي كل مسلم ومسلمة أن تخرج للجهاد والدفاع لتحرير هذا الجزء وتخرج المرأة بدون أذن وليها أو زوجها، فالدفاع هنا عبادة وطاعة لله أي لغرض إسلامي وليس غرضه وهدفه الحصول علي الكسب المادي فالمشاركة هنا تكون لصد عدوان وليس للاعتداء علي أحد، وقد حدث ذلك منذ فجر الإسلام حتى الآن في أفغانستان والبوسنة والهرسك وفلسطين والشيشان والعراق( ).
وقد أقر القانون الدولي للدول بصفتها الرسمية حق مساعدة الدولة التي تتعرض للعدوان ومساعدة حركات التحرر الوطني، فيحق لها أن السماح لمواطنيها بالقتال جنبا إلي جنب مع القوات العسكرية والجيوش النظامية للدولة المتعرضة للعدوان ومع أفراد حركات التحرر الوطني، ولها أيضا أن تمدها بالسلاح وذلك للدول فرادي وجماعات ولا تثريب علي الدول أن هي فعلت أيهما سواء في حالة الدفاع الشرعي طبقا للمادة(51) من ميثاق الأمم المتحدة وحالة الأمن الجماعي الدولي( ).
ولكن منذ فترة بدأت ظاهرة (المرتزقة) تظهر علي الصعيد الدولي والإقليمي ولكن بشكل جديد في صورة (شركات عسكرية وأمنية خاصة) حيث جمعت العاطلين والعسكريين السابقين للقيام بأعمال عسكرية وأمنية واستخباراتية مقابل مبالغ مالية كبيرة، فيقوم أفراد تلك الشركات أما بالاشتراك الفعلي في القتال أو حراسة الشخصيات السياسية من رؤساء دول أو حكومات أو القيام بانقلابات عسكرية علي حكومات شرعية كما حدث في جزر القمر، وتمتلك تلك الشركات كافة أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والأساطيل والطائرات، كما تقوم تلك الشركات ببعض الأعمال الأمنية منها حراسة الشركات الاقتصادية والتجارية.
مما يدل علي أن نعمة الأمن والأمان أصبحت سلعة تباع وتشتري كأي سلعة مادية أخري مثل السلع الغذائية والأجهزة الكهربائية والمنزلية المختلفة، وهذه الشركات العسكرية الدولية الخاصة سمة من سمات النظام الدولي الجديد(العولمة) التي جعلت من السوق آلها وخضعت نعمة الأمن والأمان لقانون العرض والطلب أي لمن يدفع أكثر دون الوضع في الاعتبار أي قيم أخلاقية أو مبادئ أو مثل إنسانية أو دينية المهم الكسب المادي.
ونظرا لخطورة ذلك علي السلم والأمن الدوليين ولأهمية الدور الخطير لهذه الشركات وتأثيراته علي السلم والأمن الدوليين، عرضنا كل ذلك علي مبادئ وقواعد وأحكام القانون الدولي المعاصر لنري مدي شرعية تلك الشركات من حيث النشأة والدور والهدف وتكون هذا الفصل من ثلاثة مباحث الأول لرأي الفقه الدولي في الشركات العسكرية الدولية الخاصة والثاني الجهود الوطنية والدولية بشأن الشركات العسكرية الدولية الخاصة والثالث: التكييف القانوني لهذه الشركات العسكرية الدولية.
المبحث الأول
رأي الفقه الدولي في الشركات العسكرية الدولية الخاصة
اختلفت مواقف الدول وأرباب السياسة وأصحاب القرار وفقهاء القانون الدولي من الشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة ما بين مؤيد لها ومتحفظ ومعارض لها فأنقسم الرأي حولها إلي قسمين ولكل أسبابه ومبرراته.
الرأي الأول: مؤيد لوجود الشركات العسكرية والأمنية الخاصة( ):
يقف علي رأس هؤلاء أصحاب تلك الشركات ومؤسسيها والعاملين فيها ومن وراءها وهذا منطقي وطبيعي، لأنهم يدافعون عن تجارتهم ومصدر رزقهم وعملهم الذي يدر عليهم دخلا أكثر من أي عمل أخر، ويستند هؤلاء في ذلك علي ما يلي:
1 – أنه لا فرق بين الشركات العسكرية والأمنية الخاصة والشركات العاملة في أي مجال اقتصادي أخر فأنشطتها مشروعة بدليل وجود قوانين تنظم نشأتها وعملها في دول المنشأ، ففي الولايات المتحدة الأمريكية توجد عدة قوانين فيدرالية وأخري خاصة بالولايات تطبق علي أية شركة تعمل في مجال الأمن فلا بد أن تحصل علي تصريح حكومي قبل الدخول في أي ارتباط يرتب تقديم سلع أو خدمات عسكرية أو أمنية لأي عميل أجنبي سواء هذا العميل حكومة أو شركة.
2 – يصر أصحاب هذه الشركات علي وجود فروق بين ما تقدمه الشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة من خدمات وأعمال وبين أنشطة المرتزقة، فهذه الشركات قواتها تحارب إلي جانب الحكومات الشرعية ذات السيادة ومن ثم فإن لها معايير أخلاقية تحكم وتتحكم في عملها واشتراكها في النزاعات، خلافا للمرتزقة الذين يهدفون إلي الكسب المادي من تدخلهم، كما أن وجود هذه الشركات يعزز التحول الديمقراطي في الدول التي تتدخل فيها، بدليل أن شركة(EO ( أصرت علي مطالبة حكومة ستراسر في سيراليون بتحول ديمقراطي حقيقي وأصرت علي ضرورة وضع جدول زمني لهذا التحول وهددت بالانسحاب عندما حاول النظام عدم الالتزام بتعهداته في هذا المجال.
3 – أن استعمال هذه الشركات أفضل من الناحية العملياتية عن القوات العسكرية النظامية في الآتي:
أ – سرعة نشر الأفراد التابعين لهذه الشركات.
ب – انخفاض نسبة القلق العام حول استخدام القوة.
ج – العمل كقوة مقابلة للقوات العسكرية المحلية في الدول ذات المؤسسات السياسية الضعيفة.
4 – يري البعض أن تكلفة هذه الشركات أقل من تكلفة الجيوش النظامية للآتي:
أ – يمكن للشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة توظيف أفراد من شركات غير غربية تدفع لهم رواتب أقل بكثير من التي تدفع للأفراد الغربيين.
ب – يمكن للحكومات تقديم مزايا خفية لهذه الشركات مثل معاشات التقاعد والرعاية الصحية والتسهيلات المعيشية علما بأن هذه الأمور لا ينص عليها عقد العمل مع هذه الشركات.
ج – يمكن لهذه الشركات زيادة حجم القدرات التابعة لها دون الحاجة لدفع تكاليف صيانة طويلة الأجل للقدرات العسكرية أو عمليات شراء كامل الحصص والتي تحدث عادة عندما تخفض الجيوش النظامية من عدد قواتها.
د – ومن خلال تنفيذ عمليات أساسية لا تتعلق بالنزاعات المسلحة تسمح هذه الشركات للقوات المسلحة بالتركيز علي المهمات الجوهرية والمنوطة بها.
5 – واقترح البعض أن يتم شن تشريع ينظم عمل هذه الشركات العسكرية علي أن يراعي الأمور التالية:
– تحديد الأعمال والخدمات التي يسمح لهذه الشركات القيام بها أو تقديمها عن طريق وضع قائمة شاملة بالأعمال المسموح بها والخدمات التي يمكن تقديمها.
– إخضاع الأنشطة التي تضطلع بها هذه الشركات علي الصعيدين المحلي والخارجي للقوانين الجنائية والمسئولية المدنية.
– تنظيم كافة مراحل عملية إبرام العقود بما في ذلك التعاقد من الباطن والتدقيق المالي والقواعد العامة للمشتريات.
– إدراج شروط معيارية خاصة بهذه الشركات مثل تسجيل الشركات ومؤهلات المدير التنفيذي والطاقم الإداري والأمني وتحديد شروط خاصة بالأفراد المتقدمين للعمل بها وحفظ الملفات الخاصة بأنشطة الموظفين.
– تحديد جهة رقابية تكون مسئولة عن مراقبة تلك الشركات كوزارة الدفاع أو الداخلية أو كليهما أو أنشاء هيئة رقابية خاصة.
– يجب أن تخضع هذه الشركات للقوانين الأخرى المطبقة علي الأجهزة الأمنية التابعة للدولة وخاصة في البيانات والاتصالات نوعية الأعمال والخدمات.
الرأي الثاني: المعارض لنشأة ووجود الشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة:
يذهب أنصار هذا الرأي إلي عدم مشروعية نشأة ووجود الشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة، واعتبروا أفرادها مرتزقة كما أن وجود هذه الشركات يهدد السلم والأمن الدوليين كعادة المرتزقة علي مر الدهور وكر العصور، فظاهرة المرتزقة ليست حديثة فقد ظهرت في العصور القديمة حيث لم تكن الجيوش النظامية قد تكونت ومع قيام الدولة بمفهومها الحديث ومع تكوين الجيوش النظامية أستمر أيضا استخدام المرتزقة.
وقد بدأت ظاهرة المرتزقة تظهر علي السطح أبان ظهور حركات التحرر الوطني والاستقلال فقد استعانت بهم الدول الاستعمارية في إخماد حركات المقاومة الوطنية في المستعمرات التي تناضل من أجل الاستقلال وخاصة أفريقيا واستعانت بهم الدول الاستعمارية في تشجيع الحركات الانفصالية فقد قاتل المرتزقة مع قوات تشومبي الانفصالية في كينشاسا في الفترة من 1962إلي 1964م، كما ظهر نشاط المرتزقة في الحرب الأهلية 1967 إلي 1970م، وفي الحرب الأهلية أنجولا عام 1976م وفي غزو جزر القمر وإسقاط الحكومة، فقد كان المرتزقة وقود الحروب التي يشعلها ويوجدها الاستعمار في أفريقيا( ).
يمثل خطاب وزير الدفاع الأمريكي السابق(رونالد رمسيفلد) في (10/9/2001م) شهادة ميلاد تلك الشركات، والملاحظ أن هذا الخطاب الانقلابي قبيل أحداث(11/9) حيث قال(أننا نواجه اليوم عدوا خطيرا يهدد أمن أمريكا وكل من يرتدي الزى العسكري ربما ينصرف ذهنكم إلي أحد الطغاة في العصور السابقة ولكنه يحيا بين ظهرانينا أنه البيروقراطية التي تغتال وزارة الدفاع.. وأنا لا أنوي مهاجمة البنتاجون بل تحريره من ذاته)، وفي صيف 2002م أزاح رامسفيلد الغموض الذي ورد في الخطاب السابق تحت عنوان التحول الثوري بالعسكرية الأمريكية فقال(لقد قررت تبني نموذج تجاري بالبنتاجون يعلن الحرب علي النمط البيروقراطي لنرتدي ثوب المغامرين الرأسماليين).
وفي النشرة الفصلية للبنتاجون(2006م) أعلن رامسفيلد عن خطته التي أطلق عليها(خريطة طريق من أجل التغيير)أشار إلي أن تطبيقها الفعلي بدأ عام 2001م حيث صنفت قوات وزارة الدفاع إلي قوات عاملة واحتياطية وخدمة ميدانية ومرتزقة وهؤلاء جميعا يشكلون الكثافة والقتالية لوزارة الدفاع) ولم يكن رامسيفلد صاحب الفضل الوحيد علي تلك الشركات بل شاركه وربما تفوق عليه(بول بريمر)الحاكم المدني السابق في العراق بإصداره القرار(17) الذي منح الشركات العسكرية والأمنية الخاصة حصانة ضد أية إجراءات قضائية( ).
فالمرتزقة يشتركون في نزاعات مسلحة ذات طابع دولي رغبة في الحصول علي مزايا شخصية ويتم الاستعانة بهم في وقت السلم لغزو بلد معين من أجل قلب نظام الحكم فيه أو لشل الحياة الاقتصادية أو لإرهاب السكان المدنيين أو لمنع ممارسة شعب لحقه في تقرير المصير، ويزداد الطلب علي المرتزقة في كل النقاط الساخنة في العالم لأن اللجوء إليها بمثابة(حرب غير علنية) أو أداة للتدخل المقنع تلجأ إليه بعض الدول كقوة ردع أو إرهاب ضد دول لا تتفق معها أي لا تشاطرها ميولها السياسية( ) ويستند أنصار هذا الرأي لما يأتي:
1 – أن الشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة يدفعها تحقيق الربح وليس واجبها الوظيفي المنوط بها، حيث يعتبر التزام هذه الشركات محدود جدا مقارنة بالتزام القوات العسكرية النظامية أي الجيوش النظامية.
2 – أفراد هذه الشركات لا يخضعون لنظام التسلسل القيادي المعمول به في الجيوش النظامية، مما يعطي حرية كاملة لهم ينتج عنها العديد من الانتهاكات ليس لقانون وأعراف الحرب فقط بل لكل القيم والمثل والمبادئ الإنسانية.
3 – أن القوات المسلحة للدول لديها نطاق واسع من التدابير التأديبية إضافة إلي القانون العسكري ذاته مما يساعد علي الانضباط واحترام القانون الدولي الإنساني وتحقيق القيادة والسيطرة علي القوات الخاضعة لإمرتهم فضلا عن أدوات القيادة مما يكفل النظام وضمان المسئولية الجنائية المحتملة لتلك القوات ضباطا وجنودا وبالتالي فأن مسئولية القيادة تعد أداة لمنع انتهاكات القانون الدولي الإنساني من قبل الجنود والضباط خلال العمليات العسكرية، وهذا النظام غير موجود في الشركات العسكرية والأمنية الخاصة مما يستحيل معه ملاحقة عناصر هذه الشركات.
4 – لا يمكن أن تغطي العقود مع هذه الشركات العسكرية كافة الظروف الطارئة المحتملة بشكل مسبق، مما يؤدي إلي تقليص قدرة هذه الشركات علي التكيف مع ظروف النزاعات كما أنه من الممكن أن يؤدي ذلك إلي انعدام قدرتها علي التعامل مع الأوضاع غير المتوقعة.
5 – يفتقر الموظفون الذين لا يعملون في مجال النزاعات في هذه الشركات للتدريب الشامل الذي يمكن أن يعزز القدرات العسكرية لهذه الشركات عند الحاجة.
6 – أن الضغوط التي تمارس علي هذه الشركات لتخفيض نفقاتها قد تؤدي إلي اتخاذ قرارات تعرض حياة طاقمها للخطر وتمني مهمتها بالفشل مما يؤدي زيادة التوترات وعدم الاستقرار.
7– وفي حالة فشلها في أداء مهامها لأي سبب من الأسباب فإن هذه الشركات تعيق وتعرقل قدرة الجنود النظاميين علي تنفيذ المهام الموكولة إليهم.
8 – يتم دفع تكاليف لهذه الشركات علي أساس العقد مقابل للمهمات التي يؤديها عدد من جنودها في الميدان فمن الصعوبة إجراء مقارنة بين التكاليف التي تدفع لهذه الشركات وتلك التي تدفع للجيوش النظامية علي أساس تقييم العمل محل العقد ودرجة الإتقان والأداء.
9 – غالبا ما يتلقى موظفو هذه الشركات العسكرية تدريبا توفره الدولة لهم باعتبارهم أفرادا منتسبين للجيوش النظامية الوطنية في بلدانهم إلا أنهم حينما يتركون عملهم في القوات المحلية للعمل في وظائف توفر لهم دخلا أعلي في القطاع الخاص فإن التدريب الذي حصلوا عليه تعتبر عملية مساعدة لتنفيذ عمليات هذه الشركات العسكرية الخاصة وبالتالي يعمل علي تقليص الفائدة التي تعود علي القوات المسلحة الوطنية عند تدريب أفرادها.
10 – عادة يكون التعاقد مع هذه الشركات من الباطن حيث يتم تحرير العقد الواحد بين عدد من الشركات المختلفة مما يؤدي لتقليص الرقابة أو تراجع مستوي فعالية الخدمات التي تقدمها هذه الشركات للجهات المعنية إلي حد بعيد.
11 – الأموال التي تدفع لهذه الشركات تخرج من الدولة وعادة ما تكون بالعملة الصعبة(الدولار) مما يؤثر علي عملية التنمية الاقتصادية، أما الأموال التي يحصل عليها أفراد الجيوش النظامية للدولة فلا تخرج من الدولة ويعاد صرفها داخل الدولة مما يدفع عجلة التنمية الاقتصادية في هذه الدول.
12 – في كافة الدول التي تنشأ فيها هذه الشركات تعاني التشريعات الخاصة بها من الضعف الشديد لا سيما ما يتعلق بالخدمات التي تقدمها تلك الشركات في الخارج وبالتالي تنعدم الرقابة الفعالة علي هذه الشركات، ويمكن للحكومات استخدام هذه الشركات وسيلة للالتفاف علي القيود التي تفرضها آليات الرقابة التي تعتمدها مؤسسات تلك الحكومات.
13 – أن هذه الشركات لا تكشف عن نطاق أنشطتها أو أي تفاصيل للعمليات التي تقوم بها أو نفقاتها، ولا تخضع هذه الشركات ولا موظفوها للقواعد التأديبية الخاصة بالخدمة العسكرية كما أنهم غير مدربين علي تنفيذ عملياتهم وفقا لقوانين النزاعات المسلحة، كما أن هذه الشركات يمكنها حل عملياتها أو إنهائها فلا يمكن ملاحقة موظفيها ومساءلتهم عما ارتكبوه من انتهاكات قانونية. وذلك مع غياب القانون الواجب التطبيق علي هذه الحالات.
14 – أن وجود هذه الشركات علي أي صعيد سواء الدولي أو الإقليمي أو الوطني يمثل خطرا وتهديدا للسلام والأمن الدوليين والاستقرار الداخلي للدول وعلي استقلال وسيادة وحرية الدول، حيث يمكن – وقد حدث – استغلالها لزعزعة الأمن في دولة ما أو إسقاط حكومة شرعية، والواقع الدولي يؤكد ذلك ويبين خطورة هذه الشركات علي الأمن والسلم الدوليين وزعزعة الاستقرار الداخلي للدول فقد لجأت إليها حكومات ديكتاتورية لقمع حركات التحرر والمعارضة.
15 – أن هذه الشركات تنشأ بموجب قانون داخلي لدولة ما وهذا القانون يسري فقط علي إقليم هذه الدولة ولا يمتد خارجه، فالسلطات التشريعية في الدول اختصاصها محصور داخل الدولة فقط، وطبقا لمبدأ السيادة فعمل هذه الشركات في دول غير دول المنشأ يعد انتهاكا لمبدأ السيادة وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ومبدأ السيادة من القواعد الآمرة في القانون الدولي العام التي لا يجوز ليس مخالفتها فقط بل لا يجوز الاتفاق علي مخالفتها( ).
المبحث الثاني
الجهود الوطنية والدولية بشأن الشركات العسكرية الدولية الخاصة
تعددت الجهود التي بذلت لمحاولة تقنين وتجريم ظاهرة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة فقد سنت بعض الدول تشريعات تنظم عمل هذه الشركات وتحدد مجال عملها كما حظرت بعض الدول تلك الظاهرة وقدمت مبادرة من أحدي الدول لتنظيم عمل هذه الشركات
أما علي الصعيد الدولي فأن اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوحيدة التي ناقشت هذه الظاهرة وبحثتها، ولكن باقي الجهود ركزت علي أفراد المرتزقة فقط فأبرمت اتفاقيات منها منظمة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة وأصدر مجلس الأمن عدة قرارات تصب في خانة تجريم المرتزقة وعدها من الجرائم ذات الاختصاص العالمي والتي يمكن محاكمة مرتكبيها في كافة دول العالم بصرف النظر عن مكان ارتكابها.
1 – الجهود الوطنية بشأن الشركات العسكرية والأمنية الخاصة:
لم يقم سوي عدد قليل من الدول لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة علي سن تشريعات لتنظيم عمل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة علي أراضيها أو خارج حدودها، أو الإنشاء مع إتباع تلك الشركات التعليمات الواردة في هذه القوانين، ونصت هذه القوانين علي حماية أفراد تلك الشركات وتختلف باختلاف الظروف فقد سنت كل من جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية تشريعا ينظم إنشاء وعمل هذه الشركات.
تقدمت الحكومة السويسرية بمبادرة لتعزيز احترام الشركات العسكرية والأمنية الخاصة للقانون الدول الإنساني وجاءت الفكرة من وزارة الخارجية السويسرية بسبب تزايد تواجد هذه الشركات في دول تعاني النزاعات المسلحة، والخطوات التي ينبغي علي الدول اتخاذها من أجل تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان من قبل تلك الشركات، وقد شاركت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في هذه المبادرة.
وبناء علي هذه المبادرة انعقدت في يناير2006م ورشة عمل تضم خبرات من الدول صاحبة الخبرات ذات الصلة إضافة إلي عدد صغير من ممثلي الصناعة وغيرهم من الخبراء، وكانت ردود الفعل إيجابية للغاية، وعقد اجتماع ثان في نوفمبر2006م بهدف طرح القضية علي المؤتمرات و الاجتماعات الدولية أو الإقليمية لا سيما المؤتمر الدولي الثلاثون للجنة الدولية للصليب الأحمر الذي عقد في نوفمبر2007م، لبحث تزايد واستمرار النزاعات التي توجد فيها الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، ومن المتوقع حضور عدد من الدول وأصحاب بعض شركات الأسلحة والشركات العسكرية والأمنية الخاصة وعدد من الخبراء.
وتهدف المبادرة إلي تأكيد مسئوليات الدول والشركات العسكرية والأمنية وموظفيها في ظل القانون الدولي والإقرار بها، ويمكن عن طريق هذه المبادرة إصدار وثيقة توفر الإرشاد للدول في علاقاتها مع الشركات العسكرية والأمنية الخاصة وقد تقترح الوثيقة خطوات تستطيع الدول اتخاذها من أجل تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان سواء عند استئجار هذه الشركات العسكرية أو عندما تعمل علي أراضيها أو عندما ترغب هذه الشركات القائمة علي أراضي الدولة تقديم خدماتها خارج دول المنشأ، وقد تعتمد أيضا خيار اعتماد معيارا وطنيا من شأنه أن يوفر أساسا قانونيا للتعامل مع هذه الشركات.
ومن الدول التي أصدرت قانونا لتنظيم عمل هذه الشركات الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب أفريقيا، وقد تبني كل منهما أسلوبا مختلفا في معالجة هذا الموضوع، حيث يتناول قانون تنظيم تصدير الأسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية الصادر عام 1968م وتعديلاته مسألة تصدير الخدمات الأمنية بنفس الطريقة التي ينظم بها تصدير البضائع، وينظم هذا القانون وتعديلاته بشكل صارم الجهات التي يتم تصدير هذه الخدمات إليها، إلا أنه لا ينظم الطريقة التي يتم بها استخدام هذه الخدمات، ويشترط هذا القانون علي الشركات الأمريكية التي تقدم خدمات عسكرية للأجانب داخل الولايات المتحدة أو خارجها الحصول علي ترخيص من وزارة الدفاع الأمريكية وذلك بموجب الأنظمة الخاصة بنقل الأسلحة International Transfer of Arms Regulation. والتي تنظم تصدير الأسلحة.
وعلي أية حال لا تتبع عملية الترخيص ذاتها إجراء عاما، حيث لا تتوافر رقابة رسمية بعد إصدار هذه الرخص، ولا ينص علي أحكام قانونية لضمان الشفافية باستثناء العقود التي تتجاوز قيمتها(50)مليون دولار فيجب إبلاغ الكونجرس بها قبل إبرامها، وتقع مسئولية تنفيذ أنظمة منح التراخيص الخاصة بالخدمات التي تصدرها الشركات العسكرية الأمريكية الخاصة لأغراض تجارية علي عاتق المسئولين في سفاراتها في الدول (وهم الملحقون العسكريين)بالإضافة إلي دائرة الجمارك فيما يتعلق بالأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى( ).
في عام 1998م أصدرت جنوب أفريقيا قانون تقديم المساعدات العسكرية للجهات الأمنيةForeign Military Assistance Act ينظم تصدير الخدمات الأمنية وقد أتسم هذا القانون بالتالي:
1 – تعتبر الأنشطة التي تنفذها المرتزقة والتي تعرف علي أنها الاشتراك في النزاعات المسلحة لتحقيق مكاسب خاصة محظورة داخل جنوب أفريقيا وخارجها مع الأخذ بعين الاعتبار أن القانون لا يتعرض للمواطنين الأجانب الذين يرتكبون جرائم خارج إقليم هذه الدولة.
2 – يجوز تقديم المساعدة العسكرية والتي تعرف علي أنها الخدمات العسكرية من قبل أفراد مرخصين وحاصلين علي موافقة محددة من الحكومة علي كل عقد من العقود التي يبرمونها فقط.
3 – اللجنة القومية لتنظيم الأسلحة التقليدية هي جهة الرقابة المسئولة عن الترخيص ويرأسها وزير من وزارة حكومية لا يرتبط بصورة مباشرة بمؤسسة الدفاع.
وقد حقق قانون تقديم المساعدة العسكرية للجهات الأجنبية بعض النجاح، فقد أغلقت عدد من الشركات العسكرية الخاصة في جنوب أفريقيا كما تم نقل عدد أخر منها خارج جنوب أفريقيا، ولكن اقتصرت العقوبات التي طبقتها المحاكم علي غرامات مالية قليلة، وهذه الغرامات القليلة ليست رادعة للشركات أو الأفراد مما سمح لبعض الشركات العسكرية والأمنية باستغلال الضعف في القانون لإنشاء شركات خاصة وسمح لأفراد بعض أجهزة النظام العنصري السابق في العمل لدي شركات الحماية الأمريكية والبريطانية في العراق.
وبسبب وجود عدد كبير من رعايا جنوب أفريقيا كحراس أمنيين في العراق وفشل محاولة الأنفلاب في جمهورية غينيا الاستوائية عام 2004م، لجأت الحكومة لاقتراح تشريع جديد فصدرت لائحة عام(2005م) بشأن حظر وتنظيم الأنشطة التي تنفذها قوات المرتزقة وحظر وتنظيم نشاطات محددة في منطقة تشهد نزاعا مسلحا، تناولت هذه اللائحة كافة الأنشطة التي يضطلع بها الأفراد والشركات التي تشارك في النزاعات المسلحة الذين من خارج القوات المسلحة.
كما تسعي هذه اللائحة لحظر أية مشاركات في الأنشطة العسكرية الخاصة والتي لا يصدر التفويض الصريح بشأنها من قبل اللجنة القومية لتنظيم الأسلحة التقليدية وتمنح المحاكم اختصاصات قضائية تتعدي الحدود القومية لدولتها علي أية شركة عسكرية خاصة موظفيها.
وقد اهتمت اللجنة الدولي للصليب الأحمر بموضوع الشركات العسكرية والأمنية الخاصة وتمثل اهتمامها باحترام هذه الشركات وأفرادها للقانون الدولي الإنساني أثناء النزاعات المسلحة ووضعت حد أدني للعناصر الضرورية وهي:
1 – يجب أن يكون موظفو الشركات العسكرية والأمنية الخاصة ملمين بالإطار القانوني الذي يعملون داخله بما في ذلك القانون الدولي الإنساني.
2 – يجب أن تمتثل عملياتهم للقانون الدولي الإنساني أي أن تكون قواعد اشتباكهم وإجراءات عملهم الاعتيادية موافقة للقانون الدولي الإنساني.
3 – يجب أن يتم اتخاذ تدابير ترمي إلي كفالة هذه العناصر من قبل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة ذاتها والدول التي تستأجر خدماتها والدول التي تكون الشركات مسجلة فيها والدول التي تعمل علي أراضيها ومن الممكن التعامل مع الحالتين بواسطة اعتماد إطار ضابط وحتى الآن لم تقدم سوي عدد قليل من الدول علي اعتماد تشريع يحدد إجراءات يتعين علي الشركات العسكرية والأمنية المؤسسة علي أراضيها الامتثال لها لكي يتم السماح لها بالعمل في الخارج ولا تضبط سوي قلة من الدول نشاط الشركات العسكرية والأمنية الخاصة.
ولم تكن الأمم المتحدة بعيدا عن هذا النشاط وتلك الظاهرة فأصدر مجلس الأمن قرارات بشأن المرتزقة وكونت الجمعية العامة لجنة لدراسة هذه الظاهرة وأقرت اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن القضاء علي أنشطة المرتزقة وأقرت الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم.
وتسعي مجموعة من الخبراء برعاية الأمم المتحدة لإعداد مدونة حسن سلوك لهذا القطاع المزدهر للأمن الخاص إلي جانب العمل علي تعريف جديد للمرتزقة يأخذ في الاعتبار المعطيات الجديدة علي الأرض، وتتكون هذه المجموعة من أثني عشرا خبيرا وقد عقدت اللجنة منذ عام 2001م ثلاثة اجتماعات في المقر الأوربي للأمم المتحدة في جنيف لمناقشة هذه القضية.
وأوضحت مقررة اللجنة أن الغرض من اللجنة(تقديم النصح للدول الأعضاء في الأمم المتحدة حول ما يمكن فعله لمراقبة نشاطات المرتزقة الذين يهددون الحكومات ويعرضون سلامة واستقلال أراضي الدول للخطر وينتهكون حقوق الإنسان في العالم إلا أنها اعترفت بأنه لا يمكن معاملة كل أجهزة الأمن المتخصصة بالحماية كمرتزقة).
وقد تم اقتراح عدد من المداخل التي تهدف إلي تنظيم سلوك الشركات العسكرية والأمنية الخاصة علي نطاق دولي، فقد اقترح البعض فرض حظر عام علي أنشطة محددة، إلا أن البعض أفاد بأن هذه الشركات تؤدي دورا ضروريا، كما أنه من غير المحتمل أن تجرم الدول استخدام أي نوع من أنشطة الشركات الخاصة بشكل مطلق.
واقترح البعض أنشاء هيئة دولية لتنظيم الشركات العسكرية الخاصة، ولكن يشير هذا الاقتراح إلي أنه يتوجب علي الدول التخلي عن احتكارها التقليدي لعمليات التصدير المتعلقة بالخدمات وهذا يبدو بحد ذاته غير ممكن، بينما اقتراح البعض أبرام اتفاقية تحدد الحد الأدنى من معايير الرقابة والإدارة الخاصة بتلك الشركات بما في ذلك المعايير التالية:
1 – وضع نظام للترخيص يشتمل علي قائمة محددة بالخدمات التي تقدمها الشركات العسكرية والأمنية الخاصة والإبلاغ قبل طرح العطاءات إضافة ألي تسجيل الأفراد العاملين لدي هذه الشركات.
2 – تحديد الحد الأدنى من الشروط المطلوبة للترخيص فيما يتعلق بتوظيف الأفراد في الشركات العسكرية والأمنية الخاصة والهيكل التنظيمي للشركات وصلاحياتها وسياستها تجاه القانون وتنفيذ قانون النزاعات المسلحة وحقوق الإنسان.
3 – قيام رقابة برلمانية مستقلة علي الأنشطة التي تنفذها الشركات العسكرية والأمنية الخاصة.
4 – تعيين الحد الأدنى من الشروط المتعلقة بالمنافسة والشفافية في عمليات الشراء وطرح العطاءات وإبرام العقود.
وقد يكون من الصعب تطبيق مثل هذه الخطة ولكنها تفيد في حماية قيام السلطات القومية بتنظيم الشركات والعسكرية والأمنية الخاصة التابعة لها إضافة إلي أن هذا الاقتراح يترك للجمهور العام في الدولة حرية تفسير تفاصيل معينة يمكن أن تشكل عوائق أمام التوصل إلي اتفاق حول معاهدة دولية.
وقد أصدر كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة قرارات تدين وتندد بممارسات المرتزقة خاصة ضد الدول النامية وحركات التحرر الوطني منها القرار رقم(40/74الصادر في 11/12/1985م) وقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم(1986/43 المؤرخ في 23/5/1986م) الذي أدان فيه المجلس تزايد تجنيد المرتزقة وتمويلهم وحشدهم ونقلهم واستخدامهم والقرار رقم(41/102 الصادر في 4/12/1986م)بشأن المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان ولإعاقة ممارسة الشعوب لحقها في تقرير المصير، الصادر عن الجمعية العامة في جلستها العامة رقم(97)ويتكون هذا القرار من ديباجة طويلة من (12) فقرة إضافة إلي سبعة بنود، وأشار القرار في المقدمة إلي كل القرارات السابقة الصادرة عن الأمم المتحدة سواء من الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وأكدت علي أن حق الشعوب في تقرير مصيرها غير قابل للمساومة، وأكد القرار أن الارتزاق يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين ويخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي مثل عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول والسلامة الإقليمية والاستقلال، كما أنها تعرقل حق الشعوب في تقرير مصيرها وكفاحها المشروع ضد الاستعمار.
أما عن بنود القرار فقد أدان تزايد اللجوء إلي تجنيد المرتزقة وتمويلهم وتدريبهم ونقلهم واستخدامهم لأنها تقوض الاستقرار في الدول النامية، ونددت بأي دولة تلجأ إليهم أو تساعدهم وطالبت كافة الدول باتخاذ كل السبل لمنع ومحاربة سواء الإدارية منها والتشريعية بموجب القوانين الداخلية، كما طالبت الدول بتقديم كافة المساعدات الإنسانية لضحايا الأوضاع الناجمة عن استخدام المرتزقة وقررت الجمعية العامة أن تولي هذه المسألة الاهتمام الواجب في الدورات اللاحقة( ).
وفي 4/12/1980م أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم(35/48)الذي أنشأت بموجبه اللجنة المختصة لصياغة اتفاقية دولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدام وتمويلهم وتدريبهم( )وتم وضع مشروع الاتفاقية في صورته النهائية وعرض علي الجمعية العامة في 4/12/1989م في الجلسة العامة رقم(72) وتم إقرار الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم في القرار رقم(44/43)الصادر في4/12/1989م( ).
وهذه الاتفاقية تتكون من ديباجة وأحدي وعشرون مادة، ففي الديباجة أكدت الاتفاقية علي المقاصد والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وإعلان مبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وأن أنشطة وتجنيد واستخدام المرتزقة تنتهك مبادئ القانون الدولي مثل المساواة في السيادة والاستقلال السياسي والسلامة الإقليمية للدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها واعتبرت ما سبق جرائم ذات اختصاص عالمي ينبغي محاكمة أو تسليم من يرتكبها، وصدور هذه الاتفاقية يعد اقتناعا منها بخطورة المرتزقة ودورهم الخطير واعتماد هذه الاتفاقية من شأنه المساهمة في التخلص منهم ومن دورهم الخطير وسوف نلقي مزيدا من الضوء علي هذه الاتفاقية في التكييف القانوني للشركات.
وأصدرت الجمعية العامة عدة قرارات بشأن المرتزقة منها القرار رقم(49/150) الصادر في( 23/12/1994م) والقرار رقم(50/138) الصادر في 1/12/1995م والقرار رقم (51/83) والقرار رقم(15/83) الصادر في( 12/12/1996م) والقرار رقم(52/112) الصادر بالجلسة العامة رقم(70) في (12/12/1997م) بشأن استخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير.
والقرار الأخير يتكون من ديباجة تتكون من سبعة فقرات أكدت فيها الجمعية العامة خطورة المرتزقة وعدم شرعية تمويلهم أو تدريبهم أو حشدهم أو نقلهم أو استخدامهم لمخالفة ذلك لميثاق الأمم المتحدة مبادئ وأهداف وقواعد القانون الدولي وحثت الدول علي الانضمام إلي اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المرتزقة سالفة الذكر، وأكدت علي عدم شرعية المرتزقة في كافة صورها وأشكالها( ).
وأكدت الجمعية العامة في البند الثاني من القرار سالف الذكر علي عدم شرعية المرتزقة بكافة صورها وأشكالها لمخالفتها ميثاق الأمم المتحدة، وحثت جميع الدول علي اتخاذ الخطوات اللازمة وممارسة أقصي درجات اليقظة واتخاذ كافة التدابير التشريعية لمحاربة المرتزقة وطالبت الدول كافة بضرورة التعاون علي ذلك وطالبت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالإعلان عن الآثار الضارة للمرتزقة علي حقوق الإنسان والسلم والأمن الدوليين، وطالبت الأمين العام أن يقوم بدعوة الدول لتقديم اقتراحات لتبني تعريف قانوني أوضح للمرتزقة وقررت أن تناقش موضوع المرتزقة في الدورة الثالثة والخمسين.
وفد أصدر مجلس الأمن عدة قرارات بشأن إدانة أي دولة تعمل علي إجازة أو إباحة تجنيد المرتزقة وتقديم التسهيلات لهم بهدف الإطاحة بحكومات دول أعضاء في الأمم المتحدة، منها القرار رقم(239/1967م) في 10/6/1967م والقرار رقم(405/1977م) الصادر في 14/4/1977م والقرار رقم (419/1997م) 24/11/1977م، والقرار رقم(946/1/12/1981م، والقرار رقم(507/1982) في 28/5/1982م.
وقد أصدر مجلس الأمن القرار رقم(1467/2003م) في جلسته المعقودة في 28/3/2003م) الذي قرر فيه المجلس اعتماد البيان المرفق بشأن الأسلحة الخفيفة والأسلحة الصغيرة وأنشطة المرتزقة والأخطار التي تهدد السلام والأمن في غرب أفريقيا ويتكون القرار من ديباجة أربعة فقرات وستة بنود،
في الديباجة طالب القرار السالف الدول الأفريقية بوقف دعم أنشطة المرتزقة في منطقة غرب أفريقيا واتخاذ كافة التدابير لمحاربة المرتزقة وأعرب عن قلقه البالغ من أنشطة المرتزقة وطالب بتوعية الدول بخطر المرتزقة وطالب الدول الإقليمية والدول غير الإقليمية بضرورة التعاون لوضع حد لظاهرة الاتجار في الأسلحة الصغيرة وأنشطة المرتزقة.
المبحث الثالث
التكييف القانوني للشركات العسكرية الدولية الخاصة
بعد أن انتهينا من إلقاء الضوء علي الموقف من الشركات العسكرية والأمنية الخاصة وكذلك الجهود الوطنية والدولية، نتناول بعد ذلك التكييف القانوني لها وطبيعتها القانونية ونري مدي مشروعيتها من عدمه هل هي شرعية أم أنها غير شرعية؟ وهل يوجد فرق بين المرتزقة وبين عناصر وأفراد هذه الشركات؟ نبدأ بتعريف الشركات العسكرية والأمنية الخاصة والفرق بينها وبين المرتزقة.
1 – تعريف الشركات العسكرية والأمنية الخاصة:
اختلفت الآراء حول ماهية الشركات العسكرية والأمنية الخاصة ووضع تعريف لها فتعددت التعريفات والمصطلحات والمسميات التي تطلق علي هذه الشركات، وعادة ما يطلق عليها شركات تجنيد وتأجير المرتزقة أو شركات المرتزقة أو المرتزقة فقط وهذا المصطلح ظل يلازمها منذ أمد بعيد، ولكن ذلك كان في فترة عدم ظهور شركات متخصصة في ذلك ولكن بعد ظهور شركات تمتهن تقديم الخدمات العسكرية والأمنية فقد أطلق عليها الشركات العسكرية الخاصة وتارة الشركات الأمنية الخاصة أو شركات الحماية الأمنية أو المقاولون أو المتعاقدون المدنيون أو خصخصة الحرب( ).
وقال عنهم(كريستوفر بيز)المدير الإداري لشركة الأمن البريطانية(آرمور جروب) (أن السمة الغالبة للمرتزقة هي أنهم يقومون بعمليات دفاعية وليست بهجمات أننا نقدم جهاز حماية هو بتعريفة غير دفاعي) ويصفهم رئيس لجنة القوات المسلحة السابق في الكونجرس السناتور جون وورنر بأنهم(الشريك الصامت) وتطلق عليهم الصحف الأمريكية(المتعهدين المدنيين).
وقد أورد التقرير الموجز الصادر عن مركز جنيف للرقابة الديمقراطية علي القوات المسلحة الصادر في مارس2006م تعريفا لها(تمثل الشركات العسكرية الخاصة شركات تجارية تقدم خدمات متخصصة تتعلق بالحروب والنزاعات بما فبها العمليات القتالية والتخطيط الاستراتيجي وجمع المعلومات الاستخباراتية والدعم العملياتي والدعم اللوجستي والتدريب وشراء الأسلحة والمعدات العسكرية وصيانتها ويتم تمييز هذه الشركات من خلال الصفات التالية:
الهيكل التنظيمي: الشركات العسكرية الخاصة هي شركات تجارية مسجلة تمتلك هيكلا تنظيميا خاصا بالشركات.
الدافع: تقدم الشركات العسكرية والأمنية الخاصة خدماتها بهدف تحقيق الربح بشكل أساسي وهي لا تسعي إلي تنفيذ أجندة سياسية.
تتفاوت هذه الشركات في أحجامها إلي حد كبير حيث تتراوح في حجمها من شركات صغيرة تقدم خدمات استشارية وضخمة تتعدي الحدود القومية للدول التي أنشئت فيها، علي الرغم من بداية ظهورها خلال الحرب العالمية الثانية فإن التغييرات السياسية والطبيعية بالإضافة إلي أعادة هيكلة العديد من القوات المسلحة في عدة دول عقب نهاية الحرب الباردة سارعت في نمو الشركات العسكرية الخاصة، وفي هذه الأيام تتزايد عدد الشركات في القطاع العسكري والأمني يوما بعد يوم حتى انتشرت في أكثر من (50دولة).
ورأي التقرير السالف ضرورة التفرقة بين الشركات العسكرية الخاصة التي تقدم خدماتها في القطاع العسكري وبين الشركات الأمنية الخاصة التي تقدم خدماتها في القطاع الأمني والتي تخصص في الحراسات الأمنية سواء للأفراد أو المؤسسات إلا أنه يصعب التمييز بين الأدوار التي تنفذها تلك الشركات فلا توجد شركة متخصصة في القطاع العسكري وأخري في القطاع الأمني ولكن هذه الشركات تقدم خدماتها في المجالين العسكري والأمني معا.
وطالب البعض بضرورة وضع إطار قانوني لتنظيم نشاطات كل هذه الشركات دون وصفها بالمرتزقة وطالب في ذات الوقت التحديد الواضح لمن يعتبر مقاتلا في نظر القانون الدولي لأن ظهور هذا النوع الجديد من الشركات يؤدي إلي الخلط ورأي أنهم –أفراد هذه الشركات – يعتبرون من المدنيين طبقا للقانون الإنساني الدولي ولكنهم يقومون بعمليات شبة عسكرية.
وعرفها البعض بأنها(تلك الجيوش التي تتشكل من(جنود محترفين)يعرضون خدماتهم لطرف أجنبي في مقابل الحصول علي أموال ) فهؤلاء الجنود يشاركون في الصراعات المسلحة لأطراف خارجية إما مباشرة من خلال المشاركة في العمليات القتالية أو بصورة غير مباشرة من خلال تقديم الاستشارات العسكرية.
وعرفها أخر بأنها( تلك المنظمات التي تتجاوز خدماتها مجرد المساعدة السلبية لأطراف صراع ما إذ تقدم هذه الشركات التدريب والمعدات لتطوير القدرات العسكرية لعملائها وتوفر لهم الميزة الاستراتيجية والعملياتية الضرورية لقمع معارضيهم، أو حتى تذهب لأبعد من ذلك من خلال لعب دور نشط جنباً إلى جنب مع قوات العملاء كمضاعف للقوة، من خلال نشر قواتها الخاصة في أرض المعركة”)( )
ونحن نعرف هذه الشركات بأنها(شركات تجارية تقدم خدماتها في القطاعين العسكري والأمني خارج حدود دولة المنشأ أو بداخلها بهدف تحقيق الربح المادي) ومن ناحية التسمية نري أن يطلق عليها(الشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة) وبناء علي هذا التعريف فأن هذه الشركات تتضمن العناصر الآتية:
1 – أن هذه شركات تجارية لأنها تقدم خدماتها مقابل الحصول علي مكسب مالي أي بغية الربح مثلها مثل بقية الشركات التجارية والاقتصادية التي تتاجر في السلع الغذائية و المادية.
2 – هذه الشركات تعمل في المجالين العسكري والأمني أي تقدم خدمات تقوم بها أو من اختصاص الجيوش النظامية الوطنية، والمجال الأمني حيث تقدم خدماتها في حراسة أشخاص سواء رؤساء دول أو حكومات وهي مهمة الأجهزة الأمنية في الدول أو وزارات الداخلية في الدول لذلك فهي شركات عسكرية وأمنية.
3 – هذه الشركات مملوكة لأفراد وليست مملوكة لحكومات أو دول لذلك فهي شركات خاصة تنشأ لحساب الأفراد المؤسسين لها.
4 – مهنة أو حرفة هذه الشركات التجارة في الأمن والأمان بتوريد مقاتلين أو توريد وشراء الأسلحة والمعدات العسكرية أو التدريب أو الاستخبارات.
5 – هذه الشركات تتدخل في صراعات خارج دولة المنشأ أي أنها تعمل عادة خارج دولة المنشأ التي أنشئت فيها.
6 – هذه الشركات تمتلك هيكلا تنظيميا وبها إدارات كبقية الشركات التجارية الأخرى فلها رئيس مجلس إدارة وأعضاء مجلس الإدارة ومدير إداري وموظفون إداريون.
ويلاحظ أن الاتفاقيات الدولية عرفت المرتزقة وركزت عليها دون التعرض للشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة صراحة لسببين هما:
1 – أما لحداثة هذه الظاهرة فلم يتمكن الفقه الدولي من تناولها والحديث عنها، رغم وجودها منذ فترة ليست بالقصيرة، ولكن يمكننا رد هذا لكلام، لأن الفقه الدولي دائما يسارع إلي بحث كل ظاهرة وتقنينها سواء من خلال المؤلفات العلمية أو لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة أو أكاديمية القانون الدولي بلاهاي، خاصة وأن الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن والجمعية العامة قد تعرضت لهذا الموضوع في العديد من القرارات والتوصيات.
2 – أن الفقه الدولي اعتبر هذه الشركات والعناصر التي تعمل فيها من قبيل المرتزقة ويتضح ذلك من تعريفات اتفاقية الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وحتى فقهاء القانون الدولي ركزوا شروحهم علي المرتزقة ونحن نري أنه لا يوجد فرق بين المرتزقة وتلك الشركات بل أنها شركات للمرتزقة.
ويتضح ذلك من المهام التي تقوم هذه الشركات عن طريق عناصرها من ممارسة الأعمال التي تقتصر علي الجيوش النظامية فهي تشترك في القتال في نزاعات دولية أو داخلية لا علاقة لهما بها من قريب أو بعيد أو القيام بأعمال في القطاعين العسكري والأمني، وهو ما تقوم به عناصر المرتزقة.
إن الشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة تعمل في ظروف خطرة تجعلهم علي اتصال مباشر بالأشخاص المعرضين للخطر الذين تحميهم اتفاقيات جنيف الأربعة لعام1949م والبروتوكولان الإضافيان لعام 1977م، فالدول تلجأ إلي هذه الشركات لسد العجز لديها في الإمكانيات العسكرية من أسلحة وخبرة تدريبية، فيتم استخدام هذه الشركات لاستكمال هذا النقص( ).
والغريب في الأمر أن مؤيدي تلك الشركات تري أن المنظمات الدولية الإقليمية والأمم المتحدة يمكنها استخدام هذه الشركات في قوات حفظ السلام، ونحن نري أن ذلك محاولة خبيثة من أصحاب هذه الشركات لإضفاء الشرعية علي نشأة وعمل هذه الشركات، ولا يمكن اشتراك أفراد هذه الشركات في قوات حفظ السلام سواء التي تقوم الأمم المتحدة أو المنظمات الإقليمية لما يأتي:
1 – اختلاف الغرض بين الشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة وبين قوات حفظ السلام فالأخيرة مهمتها رسالة تؤديها لحفظ السلم والأمن الدولي في منطقة معينة، بينما الشركات غرضها وهدفها تجاري محض أي أنها تعمل من أجل الربح فمن مصلحتها عدم إنهاء النزاع بل الأفيد لها وهذا ما ستحاول عمله فعلا إطالة أمد النزاع وإشعاله، أما قوات حفظ السلام سوف تعمل علي تهدئة الأوضاع وإعادة الاستقرار، فالهدف والغرض مختلف لكل منهما، فهدف وغرض الشركات العسكرية والأمنية غير مشروع بينما الهدف من قوات حفظ السلام مشروع.
2 – أن أنشاء هذه الشركات للتجارة في الأمن والأمان فهي تعمل علي زيادة بؤر التوتر في العالم، بينما قوات حفظ السلام تعمل علي تحقيق وحفظ السلم والأمن الدوليين، فالمنطق والواقع يقول أن بينهما عداء مستحكم وليس تفاهم وتعامل.
3 – أن اشتراك هذه الشركات في قوات حفظ السلام يضفي عليها نوعا من الشرعية والمشروعية، مع العلم بأن كافة قرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية تؤكد علي عدم شرعية المرتزقة وبالتالي إنشاء وعمل هذه الشركات.
4 – أن الشركات العسكرية والأمنية الخاصة ولائها للربح والكسب المادي فهي تبيع ذلك لمن يدفع أكثر ولا يهمها السلام العالمي والأمن والاستقرار، لذلك يمكن لأحد طرفي النزاع شراء ولاء هذه الشركات وأفرادها مما يعيق عمليات حفظ السلام، فهم يبيعون ولائهم مقابل المال فلا يهم عندهم إذا كانت هذه الحرب مشروعة أم لا ما دامت تحقق لهم مكسبا ماديا وستدفع لهم مقابل خدماتهم الذي يطلبونه فهم يبيعون مبادئهم وأخلاقهم لمن يدفع أكثر.
إن مهام هذه الشركات وعملها لا يختلف عن عمل المرتزقة في شيء بل هو نسخة متطورة من عمل المرتزقة وأكثر اتساعا وشمولا من المرتزقة، نستطيع القول أنها نسخة متطورة من المرتزقة استعانت بالتقدم العلمي والتكنولوجي لتطوير نفسها وبالتالي فلا فرق بينها وبين المرتزقة في شيء بل العكس أنها أخطر من المرتزقة لإمكانياتها الواسعة والمتقدمة والمتطورة منها أنشطة الدعم اللوجستي للانتشار العسكري والعمليات وصيانة نظم الأسلحة وحماية المباني والحماية الوثيقة للأشخاص وتدريب القوات المسلحة(الجيوش النظامية) وقوات الشرطة في الداخل أو في الخارج وجمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها واحتجاز واستجواب السجناء.
ونتيجة مذهبهم القاضي ببيع كل شيء حتى المبادئ والقيم من أجل الكسب المادي فقد كونت هذه الشركات عصابات للجريمة المنظمة وتاجروا في المخدرات والرقيق الأبيض وأداروا بيوت الدعارة حتى أن بعضهم أسس شبكات تقوم باختطاف الأطفال والأشخاص وخاصة الأطفال لاستئصال الأعضاء البشرية مثل الكلي والكبد للمتاجرة فيها كما تاجروا في الآثار، كما أن هذه الشركات تتفق مع المرتزقة في الهدف فالمرتزقة هدفه من اشتراكه في العمليات العسكرية والأمنية الربح، والشركات العسكرية والأمنية الخاصة هدفها الربح، أذن فلا فرق بينهما إلا في التطوير والإمكانيات واستخدام أحدث الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية.
وعملية التعاقد مع عناصر هذه الشركات تتم علي مراحل ففي الولايات المتحدة وهي تعد أكبر مستخدم لمثل تلك العناصر تبدأ المرحلة الأولي بتكليف البنتاجون أحدي الشركات العسكرية الخاصة أو شركات الحماية الأمنية الخاصة بتنفيذ مهمات معينة والمرحلة الثانية التعاقد مع وكلاء شركات أصغر يقومون بتجنيد الأفراد غالبا ما تكون الشركات الأخيرة غير مسجلة والراغبين في العمل يتم تحويلهم في مرحلة ثالثة إلي شركات أخري مسجلة رسميا حيث تتم مقابلتهم.
ويتم كتابة عقد بين الشركة والشخص الذي وقع عليه الاختيار يكون عادة بلغة لا يعرفها الفرد المراد تجنيده حتى لا يعرف مضمون العقد والالتزامات والحقوق لأنه ينطوي أساسا علي بنود مبهمة وغير واضحة منها التخلي عن حقوق أساسية مثل حق الحياة والتأمين والمعاش، والعقود سرية لا يمكن الإطلاع عليها من قبل الغير لأن الشركات تعتبر ذلك من أسرارها التي لا يجب الإطلاع عليها، والمرحلة الأخيرة يتم نقلهم إلي مقر العمل عن طريق شركة أخري( ).
وتقوم الشركات العسكرية والأمنية الخاصة بصرف مرتبات مرتفعة جدا نظرا للخطورة الشديدة للمهام التي يقوم بها عناصرها حيث يصل مرتب الفرد الواحد في اليوم(من 500دولار إلي 1500دولار) ويصل مرتب البعض منهم إلي (15000 دولار) في اليوم، وتلك سمة غالبة علي عقود هذه الشركات لأغراء الأفراد بالعمل في هذه الشركات( ).
الاتفاقيات الدولية التي تناولت موضوع المرتزقة محدودة منها اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن القضاء علي أنشطة المرتزقة والتي اعتمدها مؤتمر رؤساء وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية في دورته العادية الرابعة عشرة المعقودة في ليبرفيل في الفترة من 2/5/6/1977م التي تدين وتجرم الاترزاق العسكري وآثاره الضارة علي استقلال الدول الأفريقية وسلامتها الإفريقية، فنصت في المادة الأولي علي تعريف المرتزقة(بأنه الشخص “الذي يختار محلياً أو دولياً للقتال في صراع مسلح، ويشارك بصورة مباشرة في الأعمال القتالية، وتشكل رغبته في الحصول على كسب شخصي الدافع من وراء مشاركته في القتال، وغالباً ما يكون قد وعد بالحصول على تعويضات مادية لقاء مشاركته في القتال إما من قبل أحد طرفي النزاع أو من ينوب عنه)( ) طبقا للتعريف السابق يشترط في المرتزقة ما يلي:
1 – أن يشارك بصورة مباشرة في الأعمال القتالية.
2 – أن يكون دافعه من وراء الاشتراك في الأعمال القتالية المكسب المادي.
3 – أن يقدم التعويض المادي من قبل أحد طرفي النزاع أو من ينوب عنه.
أما الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم الصادرة عن الأمم المتحدة فقد عرفت المرتزقة في المادة الأولي منها فنصت علي(لأغراض تطبيق هذه الاتفاقية:
1 – (المرتزق)هو أي شخص:
(أ) يجند خصيصا، محليا أو في الخارج، للقتال في نزاع مسلح:
(ب) ويكون دافعه الأساسي للاشتراك في الأعمال العدائية هو الرغبة في تحقيق مغنم شخصي، ويبذل له فعلا من قبل طرف في النزاع أو باسم هذا الطرف وعد بمكافأة مادية تزيد كثيرا علي ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما يدفع لهم:
(ج) ولا يكون من رعايا طرف في النزاع ولا من المقيمين في إقليم خاضع لسيطرة طرف في النزاع:
(د) وليس من أفراد القوات المسلحة لطرف في النزاع:
(هـ) ولم توفده دولة ليست طرفا في النزاع في مهمة رسمية بصفته من أفراد تواتها المسلحة.
2 – وفي أية حالة أخري، يكون المرتزق أيضا أي شخص:
(أ) يجند خصيصا، محليا أو في الخارج، للاشتراك في عمل مدبر من أعمال العنف يرمي إلي:
1- الإطاحة بحكومة ما أو تقويض النظام الدستوري لدولة ما بطريقة أخري: أو
2 – تقويض السلامة الإقليمية لدولة ما:
(ب) ويكون دافعه الأساسي للاشتراك في ذلك هو الرغبة في تحقيق مغنم شخصي ذي شأن يحفزه علي ذلك وعد بمكافأة مادية أو دفع تلك المكافأة:
(ج) ولا يكون من رعايا الدولة التي يوجه ضدها هذا العمل ولا من المقيمين فيها:
(د) ولم توفده دولة في مهمة رسمية:
(هـ) وليس من أفراد القوات المسلحة للدولة التي ينفذ هذا العمل في إقليمها.)
يلاحظ علي المادة السابقة أنها توسعت في تعريف المرتزقة عن المادة الواردة في اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن القضاء علي أنشطة المرتزقة، فلم تقتصر مهمة المرتزقة علي الاشتراك في الأعمال العدائية فقط بل مدت حكمها إلي أعمال العنف أيضا، فيكون الشخص مرتزقة إذا أشترك في أي عمل من أعمال القطاع العسكري أو قدم خدمة من الخدمات التي تقدم في الأعمال العسكرية، أو أشترك في أعمال العنف أي أعمال القطاع الأمني فقد شملت هذه المادة الأعمال العسكرية والأعمال الأمنية أي الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، فالمرتزقة طبقا لاتفاقية الأمم المتحدة يشترط فيه الآتي( ):
1 – أن يجند خصيصا سواء محليا أو خارجيا للقتال في نزاع مسلح.
2 – أن يكون دافعه علي الاشتراك في الأعمال العدائية مغنم شخصي يتمثل في مكسب مادي.
3 – أن يدفع له المقابل المادي من قبل طرف في النزاع أو من ينوب عنه.
4 – أن يزيد هذا المقابل المادي عما يتقاضاه أمثاله من ضباط وجنود في القوات المسلحة الوطنية (الجيوش النظامية).
5 – ألا يكون من رعايا أي طرف من أطراف النزاع أو مقيم في إقليم خاضع لأي طرف من أطراف النزاع.
6 – ألا يكون من أفراد القوات المسلحة لأي طرف من أطراف النزاع.
7 – ألا يكون موفدا بصفة رسمية من قبل أي دولة من الدول لكونه من القوات المسلحة لهذه الدولة.
8 – يعتبر مرتزقا أيضا طبقا لهذه المادة من يجند داخليا أو خارجيا للقيام بأي عمل من أعمال العنف بهدف إسقاط حكومة شرعية أو تقويض النظام الدستوري لأي دولة من الدول أو تهديد السلامة الإقليمية لأي دولة من الدول شريطة الآتي:
أ – أن يكون دافعه الأساسي للاشتراك في أعمال العنف السابقة وغيرها الحصول علي مغنم شخصي مكافأة مالية.
ب – ولا يكون من رعايا الدولة التي يوجه ضدها هذا العمل من أعمال العنف ولا من المقيمين فيها.
ج – ولم يوفد في مهمة رسمية من قبل أي دولة من الدول.
د – إلا يكون من أفراد القوات المسلحة للدولة التي ينفذ علي إقليمها عمل من أعمال العنف.
ورغم قدم ظاهرة المرتزقة إلا أنه لم يوضع تعريفا لها إلا في عام(1977م في البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام1949م بناء علي اقتراح تقدمت به نيجيريا في مؤتمر جنيف الدبلوماسي بشأن القانون الدولي الإنساني في دورته الثانية عام 1976م وقد رحبت بالاقتراح دول العالم الثالث خاصة الدول الأفريقية التي عانت من هذه الظاهرة وقد اعتبر قرار الجمعية العامة الخاص بتعريف العدوان رقم(3314/29) الذي اعتبر إرسال المرتزقة للقيام بأعمال عنف عملا من أعمال العدوان، وقد نصت المادة(47) علي( ):
(1- لا يجوز للمرتزق التمتع بوضع المقاتل أو أسير الحرب.
2- المرتزق هو أي شخص:
أ ) يجرى تجنيده خصيصاً، محلياً أو في الخارج، ليقاتل في نزاع مسلح
ب) يشارك فعلاً ومباشرة في الأعمال العدائية
ج ) يحفزه أساساً إلى الاشتراك في الأعمال العدائية، الرغبة في تحقيق مغنم شخصي، ويبذل له فعلاً من قبل طرف في النزاع أو نيابة عنه وعد بتعويض مادي يتجاوز بإفراط ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما يدفع لهم
د ) وليس من رعايا طرف في النزاع ولا متوطناً بإقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع
هـ) ليس عضواً في القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع
و ) وليس موفداً في مهمة رسمية من قبل دولة ليست طرفاً في النزاع بوصفه عضواً في قواتها المسلحة.)
أن الشروط الواردة في المادة السابقة لن تحد من ظاهرة المرتزقة في المجتمع الدولي لأن المجند للاشتراك الفعلي في الأعمال العدائية لحساب دولة ليس من رعاياها ولا متوطنا فيها بقصد الحصول علي مغنم مادي يتجاوز بإفراط ما يحصل علية المماثلون له من مقاتلي جيش الدولة التي استعانت بهم، فالمعيار الذي أوردته المادة معيار غامض ويصعب الاعتماد عليه في هذا الشأن، ومن ناحية أخري فأن الشخص المعني لا ينطبق عليه وصف المرتزق إذا كان ما وعد به:
1 – لا يتجاوز ما يحصل عليه المقاتلون من ذوي الرتب المماثلة في القوات المسلحة التابعة لطرف النزاع الذي استعان به.
2 – أو كان ما وعد به هؤلاء أو ما يدفع لهم لا يتجاوز ما يحصل عليه مماثليهم في الجيوش النظامية.
مما يعني أن هذا الشرط لن يقضي أو يحد من ظاهرة المرتزقة لأن كان من يقبل بأقل مما يحصل عليه أفراد الجيوش النظامية خاصة وأن بعض الجيوش تعطي مرتبات عالية ومزاياها كثيرة لأفراد القوات المسلحة( ).
وقد اعتبرت تلك الاتفاقية في المادة الثانية منها(كل شخص يقوم بتجنيد أو استخدام أو تمويل أو تدريب المرتزقة، وفقا لتعريفهم الواردة في المادة(1) من هذه الاتفاقية، يرتكب جريمة في حكم هذه الاتفاقية) وأضافت في المادة الثالثة اعتبار (1 – كل مرتزق، حسبما هو معرف في المادة(1) من هذه الاتفاقية، يشترك اشتراكا مباشرا في أعمال عدائية أو في عمل مدبر من أعمال العنف، تبعا للحالة، يرتكب جريمة في حكم هذه الاتفاقية.
2 – ليس في هذه المادة ما يحد من نطاق تطبيق المادة(4) من هذه الاتفاقية.)
وقد توسعت الاتفاقية فاعتبرت الشريك مرتكبا للجريمة والشروع اعتبرته جريمة كاملة أيضا فنصت في المادة الرابعة منها علي(يعتبر مرتكبا لجريمة كل شخص:
1- يشرع في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية:
2- يكون شريكا لشخص يرتكب أو يشرع في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية.)
ورغم ذلك فقد انتقدت هذه المعاهدات لعدم الدقة في استعمال مصطلح (المرتزقة) لأنها تركز علي الدافع وراء الأعمال التي تنفذها القوات المرتزقة والتي تمثل صعوبة في تحديدها بحد ذاتها فعلي سبيل المثال يزعم عدد من الشركات الأمنية الأمريكية المتعاقدة للعمل في العراق بأنها بنفس الدافع الوطني التي يدفعها للعمل بهدف تحقيق المكاسب المادية.
بعد بيان تعريف كل من الشركات العسكرية والأمنية الخاصة وتعريف المرتزقة أتضح لنا أنه لا فرق بينهما بل أن أنشطة الشركات هي نسخة متطورة من المرتزقة، ولا شك أن أنشطة المرتزقة تخالف العديد من المبادئ المستقرة في القانون الدولي العام مثل مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ومبدأ استقلال الدول ومبدأ السلامة الإقليمية ومبدأ احظر استخدام القوة ومبدأ العيش في أمن وسلام، كما أنها تعرقل حق تقرير المصير للشعوب المستعمرة كما أنها تتعارض مع حرية الدولة في اختيار نظامها السياسي والاقتصادي، كما أنها تمثل اعتداء علي حقوق الإنسان، وقبل كل ذلك أنها تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين فأنها تمثل سببا مهما من أسباب تهديد السلم والأمن والدوليين( ).
لذلك فأن كافة صور المرتزقة سواء الاستخدام أو التدريب أو الجلب عملا غير مشروع طبقا للقانون الدولي مهما كان الهدف منها خاصة المواد من (29/31) من اتفاقيتي لاهاي لعامي 1899م/1907م بشأن قوانين وأعراف الحرب البرية والمادة (5) من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة(46)من البرتوكول الإضافي الأول لعام1977م لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام1949م( ).
وهناك دليل آخر علي عدم شرعية إنشاء شركات عسكرية وأمنية خاصة في نص المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم الصادرة عن الأمم المتحدة فقد نصت علي:
(1 – لا يجوز للدول الأطراف تجنيد المرتزقة أو استخدامهم أو تمويلهم أو تدريبهم، وعليها أن تقوم، وفقا لأحكام هذه الاتفاقية، يحظر هذه الأنشطة.
2 – لا يجوز للدول الأطراف تجنيد المرتزقة أو استخدامهم أو تمويلهم أو تدريبهم لغرض مقاومة الممارسة الشرعية لحق الشعوب غير القابل للتصرف في تقرير المصير، حسبما يعترف به القانون الدولي، وعليها أن تتخذ الإجراءات المناسبة، وفقا للقانون الدولي، لمنع تجنيد المرتزقة أو استخدامهم أو تمويلهم أو تدريبهم لذلك الغرض.
3 – تعاقب الدول الأطراف علي الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية بعقوبات مناسبة تأخذ في الاعتبار الطابع الخطير لهذه الجرائم.)
إضافة لما سبق فأننا أوردنا في الجهود الدولية العديد من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة الجمعية العامة ومجلس الأمن تدل دلالة واضحة لا لبس فيها علي تحريم وتجريم المرتزقة في كافة صورها بل الاستخدام والتجنيد والجلب والاستعمال مما يدل علي أن هذه الشركات غير شرعية من حيث النشأة والمنهج والاستعمال أي بكافة الأشكال أي نشأة ومنهجا، ولا يجوز التذرع بأي سبب لإباحتها أو إضفاء الشرعية ليس علي التعامل معها فقط بل ونشأتها أيضا، فما تفعله هذه الشركات أنها تجند المرتزقة وتستخدمهم وتمولهم وتدربهم أليس هذا هو عمل هذه الشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة.
لم يتوقف القانون الدولي عند حظر المرتزقة استخداما وتجنيدا وتدريبا بل وصل الأمر إلي اعتبارها جريمة من الجرائم ذات الاختصاص الدولي( )، ونظرا لخطورة هذه الجريمة نصت الاتفاقية السابقة علي جعل الشروع والاشتراك فيها جريمة من الجرائم التي يجب معاقبة من يرتكبها وجعلتها من الجرائم التي تستوجب تسليم المجرمين حتى في حالة عدم وجود معاهدة تسليم بين الدول واعتبرت الجريمة وقعت في علي أراضي الدولة الذي قبض علي المتهم فيها وذلك في المادة(15)منها التي نصت علي أن(
1 – تعتبر الجرائم المنصوص عليها في المواد(2/3/4)من هذه الاتفاقية في عداد الجرائم التي تستدعي تسليم المجرمين في أية معاهدة لتسليم المجرمين نافذة بين الدول الأطراف، وتتعهد الدول الأطراف بإدراج تلك الجرائم بوصفها جرائم تستدعي تسليم المجرمين في كل معاهدة تسليم تعقد فيما بينها.
2 – إذا تلقت دولة طرف تجعل تسليم المجرمين رهنا بوجود معاهدة طلب تسليم من دولة طرف أخري لا ترتبط بمعاهدة لتسليم المجرمين جاز لها إذا شاءت أن تعتبر هذه الاتفاقية الأساس القانوني للتسليم فيما يتعلق بهذه الجرائم وتخضع عملية تسليم المجرمين للشروط الأخرى التي يقضي بها قانون الدولة التي يقدم إليها الطلب.
3 – علي الدول الأطراف التي لا تجعل تسليم المجرمين رهنا بوجود معاهدة أن تعتبر هذه الجرائم من الجرائم التي تستدعي تسليم المجرمين فيما بينها مع مراعاة الشروط التي يقضي بها قانون الدولة التي يقدم إليها الطلب.
4 – تعامل الجرائم لغرض تسليم المجرمين بين الدول الأطراف وكأنها قد ارتكبت لا في المكان الذي وقعت فيه فحسب بل أيضا في أقاليم الدول المطلوب منها إقامة ولايتها القضائية وفقا للمادة(9) من هذه الاتفاقية.)
وطالبت الدول بالتعاون القضائي لأقصي درجة من درجات التعاون نظرا لخطورة جريمة المرتزقة علي السلم والأمن الدوليين، فنصت في المادة(13) منها علي(1 – تتبادل الدول الأطراف المساعدة إلي أقصي حد فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية التي تتخذ بشأن الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية بما في ذلك تقديم جميع ما بحوزتها من أدلة لازمة لتلك الإجراءات ويسري في جميع الحالات قانون الدولة المطلوب مساعدتها.
2 – لا تمس أحكام الفقرة(1)من هذه المادة الالتزامات المنصوص عليها في أية معاهدة أخري فيما يتعلق بالمساعدة القضائية المتبادلة.)
كما فرضت الاتفاقية السابقة علي الدول اتخاذ عدة إجراءات لمحاكمة المتهم سواء كان من مواطنيها أم لا، بينتها في المادة العاشرة منها فنصت علي أن(1 – تقوم أي دولة طرف يوجد في إقليمها الشخص المنسوب إليه ارتكاب الجريمة، لدي اقتناعها بأن الظروف تبرر ذلك بحبسه وفقا لقوانينها أو اتخاذ تدابير أخري لضمان وجوده الفترة اللازمة لإتاحة اتخاذ أية إجراءات جنائية أو إجراءات تسليم، وتجري هذه الدولة الطرف فورا تحقيقا أوليا في الوقائع.
2 – عندما تقوم أي دولة طرف، عملا بهذه المادة، بحبس أحد الأشخاص أو باتخاذ التدابير الأخرى المشار إليها في الفقرة (1) من هذه المادة، عليها أن تخطر بذلك دون تأخير، سواء مباشرة أو بواسطة الأمين العام للأمم المتحدة، ما يلي:
(أ) الدولة الطرف التي ارتكبت فيها الجريمة:
(ب) الدولة الطرف التي ارتكبت الجريمة ضدها أو شرع فيها ضدها:
(ج) الدولة الطرف التي يكون الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي ارتكبت الجريمة ضده أو شرع فيها ضده من مواطنيها:
(د) الدولة الطرف التي يكون الشخص المنسوب إليه ارتكاب الجريمة من مواطنيها، أو يكون محل أقامته المعتاد في إقليمها إن كان عديم الجنسية:
(هـ) أي طرف دولة معنية أخري تري من المناسب أخطارها.
3 – يحق لكل شخص تتخذ بشأنه التدابير المشار إليها في الفقرة(1)من هذه المادة:
(أ) أن يتصل دون تأخير بأقرب ممثل مناسب من ممثلي الدولة التي يكون من مواطنيها أو التي لها بأية صورة الحق في حماية حقوقه، أو إذا كان شخصا عديم الجنسية، الدولة التي يكون محل أقامته المعتاد في إقليمها،
(ب) أن يزوره ممثل تلك الدولة.
4 – لا تخل أحكام الفقرة (3) من هذه المادة بحق أية دولة طرف، لها حق الولاية القضائية ووفقا للفقرة (1/ب)من هذه المادة(9) في أن تدعو لجنة الصليب الأحمر الدولية إلي الاتصال بالشخص المنسوب إليه الجريمة وإلي زيارته.
5 – تبادر الدولة التي تجري التحقيق الأولي المتوخي في الفقرة (1)من هذه المادة بإبلاغ نتائج تحقيقها للدول المشار إليها في الفقرة(2)من هذه المادة وتبين ما إذا كانت تعتزم ممارسة ولايتها القضائية.)
يتضح من نصوص هذه الاتفاقية واتفاقية منظمة الاتحاد الأفريقي لمناهضة المرتزقة، والقرارات الصادرة من كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة والسابق ذكرها، أن احتراف مهنة المرتزقة غير شرعية وتقع خارج دائرة الشرعية الدولية والقانون الدولي، كما أنها تعد جريمة دولية خطيرة ذات اختصاص عالمي، فضلا عن أن استخدام المرتزقة يعد غير مشروع وتجنيد المرتزقة وهو ما تفعله الشركات العسكرية والأمنية الدولية الخاصة غير مشروع بل جريمة خطيرة من الجرائم الدولية ذات الاختصاص العالمي، ويمثل تدريب المرتزقة أيضا جريمة من الجرائم الدولية الخطيرة ذات الاختصاص العالمي( )، وكل ما سبق تفعله الشركات العسكرية الدولية الخاصة.
وتتحمل الدول التي صرحت وسمحت بإنشاء تلك الشركات علي أراضيها والدول التي تستخدمها المسئولية الدولية كاملة عن أعمال هذه الشركات والجرائم التي يرتكبونها في أي دولة من الدول طبقا لما ورد في مواد اللجنة القانونية الدولية حول (المسئولية الدولية لعام2001)والتي نصت علي أنه( تقع علي عاتق الدول مسئولية الأعمال التي تقوم بها الجهات غير الحكومية بالنيابة عن الدولة) والشركات العسكرية والأمنية الخاصة تقوم بذلك.
مما سبق يتبن أن الشركات العسكرية والأمنية الخاصة شركات للمرتزقة مهما أطلق عليها من تسميات مضللة خادعة، ومهما قيل في تبريرها وجودا وحياة فهي غير شرعية بل أنها تعد من أخطر جرائم العصر فهي تهدد السلم والأمن الدوليين في كل رجا من أرجاء الأرض، فالجرائم التي يرتكبوها والمذابح التي يقدمون عليها بدم بارد في كل من البوسنة والهرسك وكوسوفا وفي أفغانستان وفي أفريقيا علي مدي عقود طويلة وفي العراق، ولا نغالي في القول إذا قلنا أنهم وراء كل بؤر التوتر وعدم الاستقرار في العالم فيه حقا تهدد السلم والأمن الدوليين فمن يجرؤ بعد ذلك علي القول بشرعيتها وضرورة وجودها في الحياة إلا تجار الحروب والموت والدمار والخراب أصحاب المجمع الصناعي العسكري الخاص وأنصارهم وأذيالهم من ضعاف النفوس والخونة والعملاء من الحكام.
1 person likes this.
المفهوم القانوني للاوراق التجارية .
بحث جزائري يتكلم عن :
الأوراق التجارية
وظائف الأوراق التجارية
الأوراق التجارية PDF
أنواع الأوراق التجارية pdf
الأوراق التجارية في القانون المصري pdf
تعريف الأوراق التجارية في القانون المصري
شروط الأوراق التجارية
تعريف الأوراق التجارية الإلكترونية
اولا تعريف الاوراق التجارية:
هي صكوك مكتوبة وفقا لأوضاع شكلية معنية حددها القانون وقابلة للتداول بالطرق التجارية وتمثل حقا موضوعه مبلغا من النقود .
ثانيا : التفرقة بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية :
1. في الاختصاص النوعي و المحلي .
2. في الإثبات .
3. في التضامن .
ثالثا : خصائص الأوراق التجارية :
1. الشكلية في الأوراق التجارية .
2. القابلية للتداول بالطرق التجارية (التظهير ).
3. موضوعها عبارة عن مبالغ مالية معينة ومحددة من النقود .
4. استحقاق هذه الأوراق إما بمجرد الاطلاع عليها أو إما بعد اجل قصير .
5. قبول العرف لهذه الأوراق كأدوات وفاء وائتمان .
رابعا : وظائف الأوراق التجارية :
1. الورقة التجارية كأداة إبرام عقد الصرف .
2. الورقة التجارية كأداة وفاء .
3. الورقة التجارية كأداة ائتمان .
خامسا : التمييز بين الأوراق التجارية وغيرها من الصكوك التجارية :
1. التمييز بين الأوراق التجارية والأوراق المالية .
2. التمييز بين الأوراق التجارية والصكوك الممثلة لبضائع .
3. التمييز بين الأوراق التجارية وأوراق النقد .
سادسا : قانون الصرف وخصائصه:
1. تعريف قانون الصرف .
2. خصائص القانون الصرفي:
· الشكلية .
· الكفاية الذاتية .
· استقلال التوقيعات .
· التشدد على المدين للوفاء بالورقة .
· إقامة التوازن بين المصالح في الورقة التجارية .
السفتجة
السفتجة هي محرر شكلي مكتوب وفق أوضاع شكلية معينة حددها القانون في المادة 390 من القانون التجاري الجزائري .
هذا الشكل هو عبارة عن البيانات الإلزامية التي استوجب القانون توافرها وهي أساسية لاكتساب الصك لصفة السفتجة وبتسمية الورقة التجارية وحسب المادة 390 من القانون التجاري الجزائري حدد المشرع الجزائري البيانات التي يجب أن تشتمل عليها السفتجة ، علما بأنه يمكن للطرفين أن يدرجا في السند بيانات أخرى ، تتصف بالصفة الاختيارية .
أولا : البيانات الإلزامية :
1. لفظ السفتجة في متن الصك .
2. الأمر المطلق بدفع مبلغ مدين .
3. المبلغ الواجب الدفع .
4. تحديد اسم المسحوب عليه ( اسم من يجب عليه الوفاء )
5. تاريخ الاستحقاق ( الوفاء )
6. تحديد مكان الوفاء .
7. اسم المستفيد ( من يجب الدفع له أو لأمره ).
8. بيان تاريخ إنشاء السفتجة ومكانه .
9. توقيع الساحب على السفتجة .
ثانيا : البيانات الاختيارية :
يمكن إضافة بيانات اختيارية إلى الجانب تلك البيانات المنصوص عليها بالمادة 390 من ق. ت . ج إذا أن القاعدة أن أطراف السفتجة أحرار في تضمينها ما يشاءون من البيانات اختيارية بشرط أن لا تكون مخالفة للنظام العام والآداب .
وتتمثل هذه البيانات فيما يلي :
1 – شرط عدم التقديم للقبول الأبعد اجل معين .
2 – شرط القبول .
3 – شرط محل الدفع المختار .
4 – شرط إخطار المسحوب عليه .
5 – شرط الرجوع بلا مصاريف أو شرط الرجوع بدون احتجاج .
6 – شرط عدم القبول .
7 – شرط عدم الضمان ( عدم ضمان القبول وليس الوفاء ) م 394 ق . ت . ج .
الشروط الموضوعية لصحة الالتزام التجاري
القاعدة أن السفتجة محرر شكلي ينشا باستيفاء البيانات الإلزامية ليعبر انه يلاحظ أن السفتجة تشمل توقيعات وهذا التوقيع صادر عن إرادة ، إذا هو التزام إرادي ، وبالتالي يجب أن يتوفر في هذا الالتزام الرضا الخالي من العيوب وان يكون محله وسببه مشروعا .
أولا : الرضا
التوقيع على السفتجة يعبر عن رضا الساحب وتثبيت التزامه وبالتالي اذا لم توقع من قبل ساحبها اعتبرت لا قيمة لها .
ثانيا : الأهلية
باعتبار أن السفتجة عملا تجاري بحسب الشكل طبقا للمادة 389 ق . ت . ج . مهما كان الأشخاص المنشئين لها تجارا أو غير تجارا ، فيجب على كل من يوقع عليها أن يكون أهلا للقيام بالأعمال التجارية .
ثالثا : محل الالتزام وسببه :
محل الالتزام في السفتجة هو دفع مبلغ من النقود ، محدد تحديدا دقيقا ، ولا يثير المحل في الأوراق التجارية أهمية خاصة .
بينما السبب المنشئ للتوقيع فيجب أن يكون موجودا ومشروعا وغير مخالف للنظام العام أو الأدب ، وانتفاء السبب أو عدم المشروعية يجعل الالتزام باطل ويجوز إثباته يا كفة طرق الإثبات .
والتماسك بانتفاء السبب أو عدم المشروعية يتمسك به في مواجهة الحامل حسن النية وهذا لتسهيل تداول الأوراق التجارية .
تعدد النسخ و النظائر
أولا : النسخ ( الصور ) Les Copies
تحرر النسخ من طرف الحامل نفسه وقد يكون بخط يده أو بالة كاتبة أو صور فوتوغرافية .
هذا العمل أجازه المشروع الجزائري في المادة 458 من القانون التجارية لكن المشروع اخضع هذه العملية بشروط حددتها المادة 458 و 459 من ق . ت
1 – الآثار المترتبة على هذه الصورة :
تتداول السفتجة كالأصل .
إلزام الشخص الذي بيده الأصل أن يسلمه لحامل النسخة الشرعي .
لا يمكن الوفاء بالنسخة من طرف المسحوب عليه طالما لم يلحق بها الأصل .
إذا لم يرد في النسخة بأنها نسخة فيحق لكل حامل حسن النية أن يتمسك بها كأصل.
إذا تضمنه السند الأصلي بعد استخراج نسخة من عبارة ابتداء من هذا لا يصح التطهير إلا على النسخة أو عبارة أخرى تفيد نفس المعني فان التظهير الحاصل فيما بعد على الأصل يعتبر باطلا ( م 459 ق . ت . ج )
ثانيا : النظائر Les Exemplaires
النظائر هي من تحرير من الساحب نفسه إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من المستفيد أو حامل لاصق .
هذا العمل كذلك أجازه القانون التجاري الجزائري في المادة 455 منه منبر انه أخضعه لشروط معينة للحيلولة دون الوفاء بذات السفتجة عدة مرات .
1 – الآثار المترتبة على استخراج عدة نظائر :
* الوفاء بأحد النظائر مبرئ للذمة .
* المسحوب عليه الذي اشر على أحد النظائر بالقبول يبقي ملزما بالوفاء بمقتضى كل نظير مقبول منه لم يسترده
* عند إرسال أحد النظائر للقبول يجب على المرسل أن يوضح على باقي النظائر اسم من بيده النظير المقبول .
ثالثا : الفروق بين الصور والنظائر :
1 – الصور ينظمها الحامل ولا لطلب أن يوقع عليها الموقعون على السفتجة الأصلية ، أما النظير فيجب أن يطلبها الحامل من الشخص الذي ظهر له السفتجة وهذا يرشده إلى المظهر السابق وهكذا صعودا حين إلى الساحب .
2 – دفع قيمة السفتجة بموجب الصورة ( النسخة ) ألا يبرئ الذمة ، أما إذا كانت الصورة مرفقة بالنسخة الأصلية ، أما دفع قيمة الورقة بموجب النظير فيكون مبرئا للذمة لان النظير يقوم مقام الأصل .
3 – لم يشترط القانون ترقيم الصور ولكنه اشترط ترقيم النظائر .
التظهير
للحامل الخيار بأن يحتفظ بالسفتجة إلى تاريخ استحقاقها أو أن يتنازل عن الحق الثابت فيها إلى الغير مقابل قبض قيمتها مادام انه مالكا للسفتجة ، وتسمى هذه العملية بالتظهير ، ويتم ذلك بان يكتب على السفتجة أو على ورقة متصلة بها ” ادفعوا لأمر فلان ” وبالتالي يحتل المستفيد اسم المظهر ومن استلمها بالحامل الجديد او المظهر أليه .
هذا التظهير قد يقصد به نقل الحق الثابت الى المظهر إليه ويسمى بالتظهير الناقل للملكية، وقد يقصد به منح شخص السلطة في استلام مبلغ السفتجة بدلا من مالكها وذلك عند تاريخ الاستحقاق ويسمى بالتظهير التوكيلي وقد يقصد به ضمان هذه السفتجة من اجل ضمان دين على المظهر ويسمى بالتظهير التأميني
أولا : التظهير ناقل للملكية
I – التظهير الناقل للملكية هو تصرف في المبلغ الثابت في السفتجة وسحب جديد للورقة من جانب المظهر. وبهذا فهو يخضع لجملة من الشروط حتى ينتج آثاره القانونية .وهذه الشروط هي شروط شكلية وأخرى موضوعية :
1)- الشروط الشكلية :
أ- الكتابة : يتم التظهير بكتابة العبارة التالية : (ادفعوا لأمر فلان او انتقلت لأمر فلان ….) ويتم ذلك على متن السفتجة نفسها او على ورقة ملحقة بها . وان كان الغالب يتم على ظهرها .
ب – التوقيع : يجب على المظهر إن يوقع على السفتجة ، ويحب ان يوقع على مبلغ السفتجة كله . إذ أن التظهير الجزئي باطل ( م 396/6 تجاري . ج )
ج – تاريخ التظهير : حسب نص المادة 402/ ق.ت.ج ان ذكر التاريخ او عدم ذكره لا يؤثر في شكل السفتجة . ولكن ذكره او عدم ذكره يرتب آثار قانونية. فالفقرة الثانية من نفس المادة تعتبر ان التظهير بدون بيان لتاريخه يعتبر واقعا قبل انقضاء الأجل المعين للاحتجاج ما لم تقم الحجة على خلافه .
والفقرة الثالثة منعت تقديم تواريخ الأوامر بالدفع وألا عد ذلك تزويرا
2)- الشروط الموضوعية :
المظهر يجب ان يتوفر فيه نفس الأهلية التي يخضع لها الساحب ( الرضا ، السبب ، المحل ) .
II – آثار التظهير الناقل للملكية :
1)- انتقال الملكية من المظهر الى المظهر إليه وهذا الأخير يصبح حاملا جديدا وبالتالي فان ملكية مقابل الوفاء تنتقل الى الحامل الجديد الذي يعتبر المالك الشرعي للورقة ( الفقرة الأولى من المادة 399 ت ، ج ).
2)- التزام المظهر بالضمان ، فالمظهر ضامن للمظهر اليه ولكل حامل يليه بالوفاء بقيمة السفتجة وقبولها ، إلا إذا أعفى نفسه من عدم ضمان القبول (الفقرة الاولى من المادة 398 ).
3)- إعمال قاعدة تطهير الدفوع : وفقا لنص المادة 400 تجاري ج ، يتضح لنا انه لا يجوز للمدين بقيمة الورقة التجارية الاحتجاج في مواجهة حاملها الشرعي بالدفوع التي كان له التمسك بها إزاء غيره من الموقعين السابقين عليه ولا يقتصر مفهوم المدين هنا على المدين الاصلي بقيمة الورقة وانما يشمل ضمان للوفاء .
ويجب إعمال قاعدة عدم الاحتجاج بالدفوع او التطهير ، توافر شروط ثلاثة هي: ان يكون تظهير ناقل للملكية ،وان يكون الحامل حسن النية ، وألا يكون طرفا في العلاقة الناشئ عنها الدفع ( انظر: المادة 400 ).
ثانيا : التظهير التوكيلي
I – لا يقصد به نقل الملكية الى المظهر له ، بل توكيله في تحصيل قيمة السفتجة عند تاريخ استحقاقها ، ويغلب تعامل يهذا الشكل مع البنوك حيث يعهد حامل الورقة الى البنك الذي يتعامل معه لتحصيل قيمة وقيدها في حسابه البنكي .(المادة : 401 ق ، ت ، ج )
هذا الشكل من التظهير يخضع هو الآخر الى شروط شكلية وأخرى موضوعية بتوافرها ينتج آثاره القانونية .
1)- الشروط الشكلية :
يجب ان يذكر صراحه في متن السفتجة في عبارة تفيد توكيل الحامل (المظهر) المظهر له بالقيام بالإجراءات القانونية ، كأن يقال : ” القيمة للتحصيل، للقبض للاستيفاء ، بالوكالة ” ( المادة 401 /1 ق ، ت، ج). ثم يوقع الحامل تحت هذه العبارة .
2) – الشروط الموضوعية :
التظهير التوكيلي عمل إرادي يرتب آثارا قانونية ، ولذلك يجب ان تتوفر فيه الشروط اللازمة لصحة العمل الإرادي من رضى ومحل وسبب إلا انه لا يشترط لدى المظهر على سبيل التوكيل الأهلية الكاملة للتعامل بالسفتجة ، انه لا يترتب على التظهير ان يصير المظهر ملتزما اتجاه المظهر إليه بثمة التزام صرفي . ويكون للنائب القانوني عن حامل الورقة التجارية ناقص الأهلية ان يقوم بتظهيرها تظهيرا توكيليا مثل الوالي والوصي والقيم بالنسبة للسفاتج التي يملكها القاصر او الناقص الأهلية.
II- آثار التظهير التوكيلي :
1) – بالنسبة لطرفية : يعتبر المظهر له وكيلا للمظهر ، وتكون له كامل الحقوق الناشئة عن الوكالة ، وعليه الالتزام بتنفيذ التعليمات الصادرة عن المظهر ومتى قيض قيمة السفتجة تعين عليه أن يرد المبلغ الى المظهر له ويقدم الحساب للموكل إذا كانت عنده عدة سفاتج، وينبغي على الموكل ان يرد له النفقات او المصاريف التي أنفقها في سبيل الحصول على قيمة السفتجة.
2) – بالنسبة للغير : المظهر له هو مجرد وكيل لتحصيل فقط وله ان يستعمل جميع الحقوق لمصلحة المظهر مثل تقديم السفتجة للقبول، المطالبة بالوفاء في تاريخ الاستحقاق ، توجيه الاحتجاج في حالة عدم الوفاء ، اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة …
ثالثا : التظهير التأميني .
بهدف التظهير التامين الى رهن الحق الثابت في السفتجة لضمان دين معين في ذمة المظهر للمظهر إليه ، فيكون المظهر هو المدين الراهن و المظهر إليه الدائن المرتهن ، وقد أجازه المشرع التجاري الجزائري في الفقرة الرابعة من المادة 401 ، واشترط ان يدرج في صيغة التظهير عبارة تفيد انه حامل على سبيل الرهن او التامين ، كعبارة : ” القيمة للرهن او القيمة للضمان ” او أي عبارة تفيد انه رهن حيازي .
ويجب ان يدون التظهير التامين كتابة في ظهر الورقة التجارية او في الورقة المتصلة بها ، ويستوجب القانون ان تكون صياغة التظهير واضحة ، و يجب تذييل التظهير بتوقيع المظهر إذ هو تعبير عن الإرادة المعلنة في رهن الحق الثابت في السفتجة .
كما يشترط في من يقوم بتظهير الورقة التجارية تظهيرا تأمينيا ان تتوافر فيه الشروط الواجب توافرها فيمن يقوم بتظهيرها تظهيرا ناقلا للملكية .
ونشير في الأخير، أن التظهير التأميني نادر الوقوع من الناحية العملية .
الوفـــــــــاء
يصبح الحامل الأخير بمقتضى حيازته للورقة دائنا تجاه المسحوب عليه ، ولكنه لا يمكنه الحصول على الوفاء إلا في التاريخ المنصوص عليه في الورقة ، وهو تاريخ الاستحقاق .
أولا : الأساليب المختلفة لتحديد تاريخ الاستحقاق أو الوفاء
بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 410 فانه يجوز أن تكون السفتجة المستحقة الأداء بمجرد الاطلاع عليها ، أو بعد مدة من الاطلاع أو في يوم محدد أو بعد مدة معينة من تحريرها ، وتعد باطلة السفتجة التي تتضمن آجال استحقاق أخرى أو تتضمن استحقاقات متعاقبة .
1 ) الوفاء بمجرد الاطلاع : payable a vue
تكون السفتجة المسحوبة بمجرد الاطلاع ، واجبة الأداء عند تقديمها للمسحوب عليه ويجب أن تقدم خلال سنة من تاريخ تحريرها ، إلا إذا قصرت أو مددت هذه الفترة من طرف الساحب أو إذا قصرت من طرف المظهرين .
وإذا اشترط الساحب أن لا يحصل التقديم للأداء قبل اجل معين فان مدة السنة تبدأ في السريان من انقضاء هذا الأجل ( المادة 411 ) .
وعندما يشترط الساحــب عــــدم تقــديم السند للأداء قبـل انـقضاء اجل معلوم ، فان المـظهـر لا يستطيع أن يمدد هذا الأجل أو يقصره ، وإنما يستطيع أن يقصر مدة التقديم التي هي سنة في هذه الحالة والتي تبدأ من انقضاء الأجل المحدد من طرف الساحب .
وتحتاج السفتجة المستحقة الأداء لدى الاطلاع على عرضها للقبول لان عرضها على المسحوب عليه ، إنما يكون لتأدية قيمتها .
وليس من الضروري أن تذكر في السفتجة عبارة ” لدى الاطلاع ” لتعتبر مستحقة الوفاء حين عرضها على المسحوب عليه ، بل تعتبر مستحقة الأداء لدى الاطلاع أيضا إذا لم يذكر فيها أي تاريخ لاستحقاقها ، وكذلك تعتبر السفتجة مستحقة الوفاء لدى الاطلاع إذا تضمنت عبارة ” لدى أول طلب ” أو عبارة ” في كل لحظة أو وقت ” .
2 ) الوفاء بعد مدّة معينة من الاطلاع :payable a incertain délai de vue
قد تتضمن السفتجة العبارة التالية : ” ادفعوا بعد عشرة ايام من تاريخ الاطلاع …الخ ” ففي مثل هذه الحالة ، يتعين تاريخ الاستحقاق بالنسبة لتاريخ تقديم الورقة للمسحوب عليه للقبول ، فيقتضي بالتالي من اجل تحديد تاريخ الاستحقاق أن تكون عبارة القبول مؤرخة .
فإذا عرضت السفتجة للقبول ورفض المسحوب عليه قبولها ، فانه يجب على الحامل أن يقوم بتنظيم الاحتجاج لعدم القبول ، ويتعين تاريخ الاستحقاق اعتبارا من تاريخ تنظيم الاحتجاج ( المادة 412 /1 ) . وإذا لم يؤرخ القبول اعتبر حاصلا في اليوم الأخير من المدة المحددة لتقديم السفتجة (المادة 412/2 )
3 ) الوفاء في يوم محدد : payable a jour fixe
يكون الاستحقاق في تاريخ محدد عندما يذكر هذا التاريخ بصورة واضحة في السفتجة كأن يقال : ” ادفعوا في يوم 14 مارس 2002 ” فيستحق السند عندئذ في اليوم المحدد .
وإذا حدد يوم الاستحقاق في بداية الشهر أو في منتصفه وفي آخره ، فيقصد بذلك اليوم الأول من الشهر أو الخامس عشر منه أو آ خر يوم فيه ( المادة 412/5 ) .
4 ) الوفاء بعد مدة معينة من تاريخ تحرير االسفتجة : Payable a un certain délai de date
في السفاتج التي تسحب لتدفع بعد مضي مدة معينة من تاريخها ، يرجع في حساب المدة إلى تاريخ كتابة الورقة ، وإلى التقويم المبين فيها .
والمثال على ذلك أن يرد في الورقة عبارة : ” ادفعوا بثلاثة اشهر ” أو” بثمانية أيام ، أو بخمسة أيام ، أو بنصف شهر ” .ومعنى ذلك أن الحامل يستلم مبلغ السفتجة بمرور ثلاثة اشهر أو ثمانية أيام أو خمسة عشر يوم من تاريخ تحرير السفتجة ( راجع : المادة 412 ) .
ثانيا : تأجيل موعد الاستحقاق
الأصل العام أن السفتجة ، لا تقبل أية مهلة ميسرة ، وفقا لمبدأ التشدد تجاه المسحوب عليه ، فالحامل يجب أن يتمكن من الاعتماد على الوفاء في اليوم المحدد وبالرغم من صرامة هذا المبدأ ، فإنه يخضع لبعض الإستثناءات التي يكون مصدرها إما القانون وإما الاتفاق .
1) التأجيل القانوني :
يتأجل استحقاق السفتجة بحكم القانون إذا صادف استحقاقها يوم عطلة رسمية ( المادة 462 ق.ت.ج ) وكذلك في حالة القوة القاهرة ( المادة 438 ق.ت.ج ) .
2) التأجيل الإتفاقي :
قد يتعذر على المسحوب عليه عند حلول اجل الاستحقاق الوفاء بقيمة السفتجة ، فيلجا إلى الحامل طالبا تمديد اجلها فإذا رضى الحامل بالتمديد تنشئ ورقة جديدة تحل محل الورقة السابقة أو يكتب بيانا جديدا لتاريخ الاستحقاق يكتب على الورقة ذاتها عبارة تفيد التأجيل .
ثالثا : التقديم للوفاء :
لا يلزم المدين بسفتجة أن يؤدي قيمتها إلى الحامل في موطنه ، وإنما يتعين على هذا الأخير أن يبادر لمطالبته بقيمتها ، فالحامل ملزم بالتقديم بالمواعيد القانونية .
1- تحديد الحامل الشرعي :
تقدم السفتجة للوفاء من طرف الحامل الشرعي لها ويعتبر حاملا شرعيا للسفتجة بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 399 ، كل شخص انتقلت إليه السفتجة عن طريق سلسلة غير منقطعة من التظهيرات ولو كان آخرها على بياض .
2 – مكان الوفاء : Le lieu du payment
يجب أن تدفع السفتجة في المكان المعين فيها فإذا لم تتضمن ذكرا المكان الوفاء أعتبر المكان الذي يجانب اسم المسحوب عليه مكانا للدفع وموطنا للمسحوب عليه في الوقت نفيه .
فلا يحق للمسحوب عليه أن يؤدي قيمة الورقة عند استحقاقها بإرسال حوالة بريدية إلى موطن الحامل ، إذا تضمنت ذكرا المكان الوفاء يختلف عن هذا المواطن . وللحامل في هذه الحالة أن يرفض الحوالة وأن يقوم بتنظيم احتجاج بعدم الدفع .
وإذا تضمنت السفتجة شرطا يفيد أدائها في موطن شخص أخر ، فإنه يجب على الحامل أن يطالب هذا الشخص بأدائها ، فإذا لم يفعل سقط حقه في الرجوع ( م 488 ) كما أنه يجب تقديم السفتجة إلى القابل بطريقة التدخل إذا اشتمال السند على توقيع مثل هذا الشخص الذي تعهد بالأداء .
3 – صحة الوفاء :
نصت الفقرة الثالثة من المادة 416 على أنه من يدفع الاستحقاق برئت ذمته . وحسب هذا النص فانه يجب على المسحوب عليه أو أي شخص آخر مكلف بالوفاء برئت دميته على الوجه الصحيح إلا إذا كان قد أرتكب غشا أو خطا جسيما ، وهو ملزما بإجراء التحري للتأكد من صحة التظهيرات ( راجع المادة : 416 )
رابعا : المعارضة في الوفاء
تنص المادة 419 ق.ت.ج » لا تقبل المعارضة في الوفاء إلا في الحالة ضياع السفتجة أو إفلاس حاملها « .
وفي هذا المبدأ الذي يقضى بمنع المعارضة ، ضمان الوفاء بالسفاتج ، ومنع المناورات التي قد يقوم بها المسحوب عليه بالاتفاق مع أحد دائني الحامل لتأخير دفع قيمة السفتجة بالاستحقاق ، كما أن الموقع ( المسحوب عليه القابل أو الساحب أو المظهر ) لا يمكنه أن يطالب بوضع سفتجة تحت الحجز ، بحجة أنه لم يكن فعلا مدينا للشخص الذي أكتتب السند لفائدته ، ولا يمكن أيضا لدائني الساحب أو أحد المظهرين ، ممارسة حجز ما للمدين لدي الغير . Saisie – arrêt
إستثناءات هذا المبدأ :
– حالة فقدان السفتجة : الضياع هو خروج السفتجة من حيازة حاملها دون إرادته و تشمل عبارة ضياع السفتجة الواردة في المادة 419 فقدان الورقة أو ضياعها أو سرقتها أو تلفها ، وفي هذه الحالة يمكن للحامل أن يعارض في الوفاء ، وذلك بإعلام المسحوب عليه ، ومنح له القانون عدة وسائل الاستيفاء قيمة الورقة ( راجع المواد : 420 إلى 422 ق.ت.ج )
ـ حالة إفلاس الحامل : إن استلام الحامل المفلس لمبلغ السفتجة فيه أضرار بدائنيه ، ولهذا فانه يجوز لوكيل التفليسة أن يقدم معارضة في الوفاء . تقع المعارضة هنا من طرف وكيل التفليسة المكلف بالمحافظة على حقوق المفلس لدى الغير و المطالبة بها واستيفائها.
2 people اعجبت بهذا
بحث قانوني عن النظرية الاساسية للشركات .
من المعلوم أن قدرات الإنسان محدودة مهما كبرت، فكانت الحاجة إلى ضم القدرات في مواجهة الأخطار، ثم في الأنشطة الاقتصادية، ويأخذ الاشتراك في واحد من صوره شكل الشركة، رغم اختلاف المسميات والآثار. وليست مشاركة الأشخاص في النشاط الاقتصادي وليدة العصر الحاضر، فهذه المشاركة موجودة عبر تاريخ الإنسانية، إذ عرفتها شريعة حمورابي التي ظهرت منذ الألف الثانية قبل الميلاد في بلاد الرافدين، فالمادة (100) من الشريعة المذكورة تنص على أنه ((إذا أعطى تاجر نقودا لبياع متجول وأرسله في رحلة (تجارية) والبياع المتجول قد تاجر بالنقود التي استودعت لديه فإذا واجه ربحا أينما ذهب فعليه أن يحسب الزيادة على النقود التي استلمها بعدد الأيام (التي قضاها في السفر) وعليه أن يدفعها لتاجره)). كذلك عرفت الشركة وهي من أهم صور المشاركة في الشريعتين اليونانية والرومانية بما يقترب من الشركة ذات الشخصية المعنوية، وقسم الفقهاء المسلمون الشركات التي أباحتها الشريعة الإسلامية التي كان العرب يعرفون بعض أنواعها، لما عرف عنهم من نشاط تجاري تقسيمات مختلفة كشركات العقد وشركات الملك، وشركات الأبدان (الصناع)، وشركات الوجوه (المفالس)، ولم تعرف الشريعة الإسلامية ولا الفقهاء المسلمون مبدأ استقلال الشركات عن الشركاء، إنما تتداخل أموال الشركة مع أموال الشركاء، وهي بذلك شركات أشخاص حسب التقسيم المعروف حاليا للشركات، ويجمع الفقه على أن الشركات برزت في القرون الوسطى والقرن الثاني عشر للميلاد على وجه التحديد وما يليه كوسيلة للالتفاف على تحريم الربا الذي فرضته الكنيسة على القروض، فلجأ المقرضون إلى المشاركة عن طريق شركات التوصية البسيطة في التجارة البحرية المحفوفة بالمخاطر. لكن الطفرة الكبرى في عالم الشركات ظهرت مع الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر ساعد في ذلك إضافة إلى فكرة الشخصية المعنوية واستقلال أموال الشركة عن أموال الشركاء، تحديد المسؤولية في الشركات المساهمة بمقدار المساهمة برأس المال، مما ساعد على تأسيس الشركات الكبرى في حينها، كشركة الهند الشرقية، والشركة الملكية لتجارة الرقيق في أفريقيا، وكانت هذه الشركات أداة للتوسع الاستعماري، مما دفع بعض المفكرين إلى الوقوف بوجه الشركات المساهمة باعتبارها أداة الاستعمار في السيطرة على ثروات الشعوب.
إلا أن الشركات ازدادت توسعا حتى أنها تغلغلت في جميع ميادين الحياة، بما يمكن القول بلا تردد أن عصرنا الحاضر إضافة إلى ما يمكن أن يطلق عليه بعصر الاتصالات، أو عصر الإنترنت أو عصر المعلوماتية، فانه يمكن أن يطلق عليه أيضا بعصر الشركات، فالجامعات والمستشفيات والأندية الرياضية، والأسلحة، وتدريب الجيوش والإعلام تديرها الشركات، ولذلك تبرز الضرورة إلى ضبط نشاط الشركات، وبخاصة المساهمة في تأسيسها وفي عملها لكي لا تتحول إلى أداة للاستغلال. إذن ماهي الأحكام العامة للشركات..؟ هذا السؤال يطرح مبحثا مهما للغاية، للإجابة عليه يتطلع هذا البحث إلى تقديم إجابات محددة وبسيطة، استنادا بالدرجة الأولى ببعض المراجع العربية المتوفرة عن هذا الموضوع ومن خلال الإرشادات داخل الحصة من طرف الأستاذ، وبالنسبة لعناصر البحث فقد قمنا بتقسيمها إلى ثلاث مباحث موضحة في خطة البحث..
مـقـدمــــــة.
المـبحث الأول: التعريف بالشركة وأركانها.
المطلب الأول: الأركان الموضوعية العامة.
المطلب الثاني: الأركان الموضوعية الخاصة.
المطلب الثالث: الأركان الشكلية.
المطلب الرابع: الجزاءات المترتبة عن تخلف ركن من الأركان.
المـبحث الثاني: الشخصية المعنوية للشركة.
المطلب الأول: بداية الشخصية المعنوية.
المطلب الثاني: نهاية الشخصية المعنوية.
المطلب الثالث: الآثار المترتبة على الشخصية المعنوية.
المـبحث الثالث: حل الشركة وانقضاءها.
المطلب الأول: الأسباب العامة لانقضاء الشركات.
المطلب الثاني: الأسباب الإرادية لانقضاء الشركات.
المطلب الثالث: الأسباب غير الإرادية لانقضاء الشركات.
خــــــاتمة.
المبحث الأول
التعريف بالشركـة وأركانهـا
الشركة هي مجموعة من التجمعات التي يحكمها نظام خاص بها وهي اختصار لجهود وأموال تهدف لتحقيق مشروع واحد وهي تحتوي على عدد من الشركاء، فعرفت المادة 416 من القانون المدني الجزائري الشركة بأنها : (( الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر على المساهمة في نشاط مشترك بتقديم حصة من عمل أو مال أو نقد، بهدف اقتسام الربح الذي قد ينتج أو تحقيق اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي ذي منفعة مشتركة)). ومن هذه المادة نستخلص أن الشركة تكون مكونة من شخصين على الأقل في مشروع مالي واتفاق ينصب في مشروع مالي فالشركة المدنية لا تقود إلى ربح عكس الشركة التجارية وتوزيع الأرباح يكون بين الأشخاص المؤسسين لها وفرضية الربح والخسارة محسوبة من الجهتين والشركة في ذمتها المالية تكون مختلفة عن الذمم المالية لمشكليها هذا في حالة الإفلاس إلى جانب الذمة المالية هناك كائن قانوني جديد وهو الشخصية المعنوية للشركة واسمها وموطنها الذي يسمح لها بالمثول أمام القضاء مدعية أو مدعى عليها، إذن فالمشرع الجزائري عرف الشركة في المواد من 416 إلى 449 من القانون المدني الجزائري حيث تناول فيها الأركان العامة وأركان الشركة وإدارتها وآثارها وانقضائها وتطرق إلى موضوع الشركات بالتفصيل في المواد من 544 إلى 840 فتناول شركة التضامن، شركة ذات مسؤولية محدودة، شركة المساهمة، شركة المحاصة، شركة التوصية البسيطة، شركة التوصية بالمساهمة، شركة الفرد.
ولم تورد بعض التشريعات الخاصة بالشركات تعريفا للشركة، معولة على التعريف ضمن القواعد العامة في القانون المدني، وهذا التعريف يتحلل إلى أركان وهي:
المطلب الأول: الأركان الموضوعية العامة لعقد الشركة.
لاحظنا أن التعريف يبدأ بعبارة ((الشركة عقد)) وكأي عقد آخر فانه يتطلب أركانا معينة لانعقاده وهذا ما يقتضي التوقف عند هذه الأركان، ثم بيان ما يتميز به عقد الشركة عن غيره من العقود ثم تلي ذلك مناقشة أهمية العقد في تكوين الشركة وحياتها.
يبنى عقد الشركة كغيره من العقود على الأركان المطلوبة لانعقادها وهي الرضا، والمحل، والسبب.
1 ـ الرضـــــا:
لا ينعقد عقد الشركة بغير رضا أطرافه، وإذا كان التعبير عن الرضا بالطريقة التي بينها القانون، دليل وجوده، فيشترط في هذا الرضا أن يكون صحيحا وتأتي الصحة في صدوره من كامل الأهلية، وخلو الرضا من عيوب الإرادة وهي حسب القانون الجزائري (الإكراه، الغلط، التدليس، الاستغلال) كذلك يقتضي أن يقع الرضا على كافة بنود العقد.
ويكون الرضا صادرا عن ذي أهلية عندما يقع من شخص أكمل التاسعة عشر من العمر بغير عارض من عوارض الأهلية ينقصها أو يعدمها (م40 من القانون المدني)، أما غير ذلك من الأشخاص فأما أن يكون معدوم الأهلية: (م42 ق.م) وهو من لم يكمل الثالثة عشرة من العمر ويلحقه المجنون فتصرفاته باطلة ولا تلحقها الإجازة من الولي، ولكن يجوز للولي أو الوصي استثمار أموال معدوم الأهلية في شراء أسهم الشركات، والنوع الآخر من الأشخاص ناقص الأهلية: (م43 ق.م) وهو من أكمل الثالثة عشرة لكن لم يتم التاسعة عشرة من العمر، ويلحق بذلك المصاب بعارض عقلي غير الجنون (السفيه وذو الغفلة). فلا يصح اشتراك هؤلاء في الشركات التي تؤدي المشاركة فيها اكتساب صفة تاجر، كذلك لا يحق لهم أن يكونوا مؤسسين في شركة مساهمة لأن مسؤولية المؤسسين تجاه المكتتبين تتجاوز حدود المشاركة برأس المال، فلم يتبق إلا نوع واحد من أنواع الشركات، هي الشركات المحدودة، والمشاركة في مثل هذه الشركات يعد من الأعمال الدائرة بين النفع والضرر، ويكون صحيحا، لكنه موقوف على إجازة الولي بعد أن يكمل الثامنة عشرة من العمر، ولا نرى ما يحول دون المشاركة بهذه الشركات على أن تقترن المشاركة بإجازة الولي أو الوصي، خاصة أن المسؤولية بمقدار المشاركة برأس المال وأنه يشترك مع أشخاص على معرفة بحاله لأن هذه الشركات من الشركات العائلية عادة.
النوع الأخير من الأشخاص هو القاصر المأذون له بالتجارة وهم من بلغوا 18 عاما ويؤذن لهم بمباشرة التجارة طبقا للقانون، لأن المأذون يعامل كأنه كامل الأهلية، وإذا قيل بأن الإذن على سبيل التجربة فلم لا تكون التجربة بتأسيس الشركات، حيث يشترك في الاتجار مع غيره بدلا من أن يكون منفردا في تجاربه.
وقد حسمت بعض التشريعات المشاركة في شركات الأشخاص، فاشترطت أن يكون متمتعا بالأهلية القانونية، فالمادة (9/5) من قانون الشركات الأردني تنص على أنه ((لا يقبل أي شخص شريكا في شركة التضامن إلا إذا كان قد أكمل الثامنة عشرة من عمره على الأقل))، وم28 من قانون الشركات اليمني.
2 ـ المحـــــل:
نتناول المحل على أنه ركن في العقد كما جرى عليه الفقه، ويتوزع المحل بين اتجاهين، اتجاه يرى المحل في الحصة التي يقدمها الشريك، واتجاه آخر يراه في غرض الشركة، ونذهب مع الاتجاه الأخير في كون المحل في عقد الشركة يتمثل بالنشاط الذي تزاوله، أما القول في كونه حصة الشريك، فيؤدي إلى تنوع المحل حسب نوع الحصة في الوقت الذي يفترض أن يكون موحدا في العقد الواحد. ويشترط في المحل أن يكون ممكنا ومعينا ومشروعا، وانعدام أحد هذه الشروط يؤدي إلى بطلان العقد، كالتعاقد على المستحيل، أو على ما يحرمه القانون.
3 ـ السـبــب:
يجب أن يكون للعقد سبب صحيح، فإذا كان العقد بلا سبب أو لسبب غير مشروع بطل العقد، ويفترض القانون وجود السبب عند عدم ذكره، كما يفترض مشروعيته، ومن يدعي خلاف ذلك مطلوب منه الإثبات(1).
المطلب الثاني: الأركان الموضوعية الخاصة لعقد الشركة.
1 ـ اشتراك أكثر من شخـص: من الشروط اللازمة لتكوين الشركة اشتراك أكثر من شخص، كما هو واضح من تعريف الشركة في المادة 416 من القانون المدني: (( الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر…)) فالحد الأدنى شخصين، لأنه لا يمكن إنشاء عقد بغير هذا العدد، بينما تشترط المادة 592 من القانون التجاري الجزائري بأن لا يقل عدد الشركاء في شركة المساهمة عن سبعة دون ذكر الحد الأقصى، أما المادة 590 من نفس القانون اشترطت أن لا يزيد عدد الشركاء فيها عن 20 في الشركة ذات المسؤولية المحدودة دون ذكر الحد الأدنى.
2 ـ تقديم حصة من مـال أو عمـل:
لا تستطيع الشركة النهوض بأعبائها بغير رأس مال يكفي لمواجهة هذه الأعباء، ويتكون رأس المال من الحصص التي يقدمها الشركاء، ولا يكون شريكا في الشركة من لا يقدم حصة في رأس المال. ويمثل رأس المال الضمان لدائني الشركة، إضافة إلى ما لدى الشركة من موجودات ويقدر رأس المال بالنقود، أيا كانت الحصص التي قدمها الشركاء. هذا ما بينته المادة 420 من القانون المدني الجزائري التي قسمت الحصص إلى 04 أنواع وهي:
أ- الحصة النقدية: وهو تعهد الشريك بتقديم مبلغ من النقود يدفعه في الوقت المتفق عليه، فقد يدفع نصفه الآن وعند العقد يدفع الباقي وقد يكون المبلغ بالعملة الوطنية أو بالعملة الصعبة أو مناصفة.
ب- الحصص العينية: إلى جانب الحصص النقدية قد يقدم الشريك حصص عينية متمثلة في عقار أو منقول والعقار مثل: قطعة أرض، مصنع والمنقول مثل: المعدات والأدوات وقد يكون المنقول معنوي مثل دين لشريك في ذمة الغير أو أوراق مالية تجارية أو علامة تجارية أو براءة اختراع والحصص العينية تقدم لشركة لتملكها أو الاستفادة منها.
ج- الحصة بالعمل: يجوز لشريك تقديم عمله كحصة والعمل الفني هو محل الاعتبار كعمل المهندس أو الخبراء والعمل التافه لا يعتبر صاحبه شريك بل عامل فقط ولا يجوز لشريك في العمل أن يمارس نفس العمل لحسابه الخاص وهذا بسبب المنافسة الغير مشروعة.
د- الحصة بالثقة التجارية: يمكن الاعتداد بها لان الثقة التجارية لها قيمة مالية مثل الاسم التجاري فالتاجر المعروف والمشهور يضمن ديون الشركة لكن لا يجوز له تقديم النفوذ السياسي فقط لأن استغلال النفوذ يخالف المبدأ العام و رأس المال يجب أن يحتفظ به ولا يجوز توزيعه إلا بناء على اتفاق الشركاء والنفوذ وحده لا يكفي بل يجب تقديم المال.
3 ـ اقتسام الأربـــاح والخســـائر: الفرق بين الشركة والجمعية هو الهدف إلى تحقيق ربح مادي بالإضافة إلى الشهر والعقد التأسيسي مثل الجمعية التعاضدية والأشخاص أحرار في تقسيم الأرباح والخسائر فيما بينهم بشرط أن لا يكون نصيبا تافه أو صوري والملاحظ أنه هناك شرط الأسد في بعض الشركات والشركاء هو تمكين احد الشركاء من الأرباح أو نسبة منها وإعفاء الآخرين من الخسائر فهناك من يقول ببطلان الشرط وهناك من يقول ببطلان عقد الشركة وشرط الأسد هو أمر ضمني على مخالفة نية اقتسام الأرباح والخسائر الذي هو ركن جوهري وخاص من أركان الشركة.
4 ـ وجود نيـــة الاشتراك: القاعدة العامة في القانون لا يعتد إلا بالملموس ولا وجود لنوايا لكن الشركة تأخذ استثناء ويجب أن تعزز الأركان الأخرى بنية الاشتراك ومعناه انصراف إرادة الأطراف إلى التعاون الايجابي لتحقيق غرض الشركة وقبول المخاطر والتعامل الايجابي هو تعامل في الشركة والسلبي هو الامتناع والايجابي يكون على قدم لتحقيق غرض الشركة والمساهمة لا يشترط أن تتساوى في الحصص بل في النية وهذا الركن واضح حيث يجب أن يدير الأشخاص مصالح الشركة كما لو كانت مصالحهم الخاصة وهذا ما هو واضح في شركة الأشخاص والمديرين هنا يعتبرون مساهمون والتساوي في الركن ليس أن يكون لشركاء مصالح مالية متساوية بل التساوي في النية ونية الاشتراك هي ما تميز عقد الشركة عن العقود الأخرى كعقد بيع المحل التجاري، القرض، العمل.
المطلب الثالث: الأركان الشكلية لعقد الشركة.
1 – كتابة العقد كتابة رسمية: يجب أن يكون العقد الخاص بالشركة مكتوب كتابة رسمية وهذا ما بينه المادة 418 الفقرة 2 من القانون المدني الجزائري ومن هنا نستنتج أن الكتابة مهمة في عقد الشركة وإلا كان العقد باطل بطلان مطلق وهذا ما بينته المادة 545 الفقرة 1 من القانون التجاري الجزائري.
2 – نشر عقد الشركة: الشركة تخضع لإجراءات الشهر وجوبا وهذا لإعلام الغير وللشهر أهمية كبرى تتمثل في إثبات وجود الشركة والاحتجاج بها في مواجهة الغير وهذا ما بينته المادة 417 من القانون المدني الجزائري.
3- إثبات الشركة: يقتضي وجود الشركة الكتابة ومشرعنا اعتبر الكتابة ركن لا شرط والشركة يجب أن تكون مشمولة بالكتابة إلا من أعفي منها بنص صريح في المادة 795 مكرر من القانون التجاري الجزائري مثل شركة المحاصة، والمشرع اشترط الكتابة حتى يفكر الشركاء قبل إقدامهم على تأسيسها لما ينطوي من مخاطر كنظام الإفلاس ووجود سند كتابي يقلل من المنازعات والكتابة رسمية حيث عقد الشركة يتضمن الكثير من التفاصيل والكتابة ليست موضوعة لصالح الشركاء فقط بل موضوعة أيضا لحماية مصلحة الغير. وفي الكتابة ينبغي أن تحدد الطبيعة القانونية كشركة المساهمة أو التضامن……. بالإضافة إلى مضمونها ومدتها وأعمالها أسماء الشركاء وتوزيع الأرباح والخسائر……..
حيث هناك من يقول أن الكتابة شرط لإثبات وهناك من يقول أنها ركن للانعقاد حيث أن شرط الكتابة كما هو الحال في الشركة الفعلية فمشرعنا اعتبر الكتابة ركن للانعقاد وهذا ما بينته المادة 418 من القانون المدني الجزائري بالإضافة إلى اعتباره شرط للإثبات وهذا ما بينته المادة 545 من القانون التجاري الجزائري وشرط الكتابة مفروض على الشركاء لإثبات فيما بينهم وقبل الشهر يجب الكتابة والإثبات بالنسبة للغير هو حر طليق وهذا ما بينته المادة 333 من القانون المدني الجزائري حيث أن العبرة بالواقعة المادية(1).
المطلب الرابع: الجزاءات المترتبة عن تخلف ركن من الأركان.
البطلان هو تخلف أحد الأركان الموضوعية أو الشكلية ويكون البطلان إما نسبي أو مطلق
– حالات البطلان المطلق: وهو انعدام الرضا أو كان محل الشركة غر مشروع أو كانت الشركة تشتمل على شرط الأسد هنا يكون العقد باطل وجاز لكل ذي مصلحة سوى كان الشركاء أو الغير أن يتمسك بالبطلان والمحكمة تقضي به من تلقاء نفسها.
– حالات البطلان النسبي: ويكون إذا كان أحد الشركاء ناقص الأهلية وقت العقد أو شابه عيب ولا يجوز التمسك بالبطلان إلا من شرع لمصلحته على أن يزول هذا الحق بإبطال العقد بالإجازة أو التقادم وإذا صدر الحكم بالإبطال الشريك الذي فسد رضاه يسترد حقه ويسترد ما قد يكون جناه أما إذا لم يشهر عقد الشركة كان العقد باطل بطلان مطلق ولكن يمكن تصحيحه بإجراءات الشهر وهذا ما رأيناه في الشركة الفعلية وأثر البطلان في عقد الشركة سوى كان بطلان نسبي أو مطلق فالقاعدة العامة تقضي بإعادة حالة الشركاء إلى ما كان عليه قبل العقد أي الأثر الرجعي وبذلك تعد العقود المبرمة بما رتبته من مراكز قانونية من حيث المديونية صحيحة ومن حيث توزيع الأرباح والخسائر.
– الجزاء الخاص المتعلق بتخلف ركن موضوعي لشركة:
-1 البطلان الناجم عن عدم اكتمال النصاب القانوني لشركاء: إن عدد الشركاء على الأقل 2 أما في شركة ذات مسؤولية محدودة لا يزيد العدد عن 20 وشركة المساهمة لا يقل عن 7 وبعض الفقه يقول أن شركة الشخص الواحد باطلة لكن الفقه الجزائري أصبح يقر مثل هذه الشركات تحت اسم مؤسسة الرجل الفرد حيث نجد أن في شركة ذات مسؤولية محدودة إذا زاد عددهم عن 20 يجب تحويلها إلى شركة مساهمة في اجل سنة معناه أن البطلان هنا نسبي لكن بالنسبة لشركة المساهمة إذا قل عددهم عن 7 تكون باطلة لكن يجوز لشركاء تحويلها إلى شركة تضامن.
-2 البطلان الناجم عن عدم تقديم الحصص: يترتب عن عدم تقديم الحصص بطلان الشركة لذا يجب التزام الشركاء بالحد الأدنى لرأسمال الشركة حسب كل نوع من الشركة فمثلا نجد أن رأس مال شركة المساهمة لا يقل عن 5 مليون دينار جزائري وشركة ذات مسؤولية محدودة 100.000 دينار جزائري.
-3 البطلان الناجم عن انتفاء نية اقتسام الأرباح والخسائر: يعتبر هذا الشرط من الأركان الموضوعية الخاصة فإذا انتفى تكون الشركة باطلة بطلان مطلق وهذا ما بينته المادة 426 من القانون المدني الجزائري.
–4البطلان الناجم عن تخلف ركن من الأركان الشكلية: الفقه يرى أن البطلان خاص ونميزه في عناصر نجملها:
– يجوز للغير التمسك بالبطلان لعدم الكتابة حتى يتسنى له استرجاع دينه وإذا كان للغير مصلحة في إبقاء الشركة يجوز له التمسك بها والعمل على إثباتها بكافة الطرق.
– عدم جواز احتجاج الشركاء في مواجهة الغير عند انتفاء الكتابة فلا يمكن للدائن أن يستفيد من أخطائه وركن الشهر والكتابة يقصد به إضرار الغير.
– إذا كان البطلان مؤسس على عيب الرضا فإن العقد باطل بأثر رجعي وإذا كان البطلان مؤسس على عدم وجود الشهر فإننا بصدد بطلان يقوم إلى عدم وجود الشركة منذ يوم تكوينها معناه أن البطلان هو بطلان مطلق.
المبحث الثاني
الشخصيـة المعنويـة
إن تأسيس الشركة يعني ظهور كائن قانوني له استقلاله المالي والإداري عن الشركاء وعليه أن مصطلح الشركة ينصرف فضلا عن العقد، إلى كيان اقتصادي ظهر بإجراءات تطلبتها القوانين، يتمتع بشخصية تصورية تتمتع بالحقوق وتفرض عليها الواجبات بما يشبه إلى حد كبير الأشخاص الطبيعية. ويؤدي هذا التصور إلى استقلال الشخص المعنوي، بحيث تصبح العقود والأموال بمجرد تأسيس الشركة عائدة لها وليس للأشخاص الموقعين على عقد تأسيسها.
المطلب الأول: بداية الشخصية المعنوية للشركة.
القاعدة التي قررها القانون هي بدء الشخصية المعنوية للشركة بمجرد تكوينها وفقا لما قرره القانون (شركة المحاصة هي الشركة الوحيدة التي ليس لها شخصية معنوية لأنها تتسم بالاستتار ولا تنتج آثارها إلا بين شركائها ولا وجود لها بالنسبة للغير)، ويتم تأسيس شركات الأشخاص بمجرد موافقة المتعاقدين على تأسيسها وعلى سائر البنود المدرجة في عقد تأسيس الشركة. أما شركات الأموال فيتم تأسيسها منذ استيفاء إجراءات التأسيس التي نص عليها القانون. وفيما يتعلق بالشركة ذات المسؤولية المحدودة فإنه لا يتم تأسيسها إلا إذا وزعت جميع الحصص النقدية في عقد تأسيس الشركة بين الشركاء ودفعت قيمتها كاملة. وبناءا على ما تقدم يمكننا القول بأنه لا يلزم لاكتساب الشخصية المعنوية اتخاذ إجراءات الشهر التي ينص عليها المشرع في المادة 417 قانون مدني، لأن هذه الإجراءات قصد بها فقط إعلام الغير بوجود الشركة كشخص معنوي حتى يمكن الاحتجاج عليه بوجودها ولعل خير دليل على صحة هذا القول نص الفقرة 02 من نفس المادة التي تقرر للغير التمسك بالشخصية المعنوية للشركة.
المطلب الثاني: نهاية الشخصية المعنوية للشركة.
الأصل أن الشخصية المعنوية للشركة تظل قائمة بوجود الشركة وتنتهي بحل الشركة وانقضائها، ومع ذلك فقد نص المشرع على أن شخصية الشركة تبقى مستمرة إلى أن تنتهي التصفية طبقا لنص المادة 444 من القانون المدني ومفاد هذا النص أن انقضاء الشركة لا ينهي الشخصية المعنوية للشركة التي تظل قائمة طوال فترة التصفية. وهذا النص منطقي لأن إجراءات التصفية تستلزم القيام بالعديد من التصرفات القانونية باسم الشركة فكيف يمكن القيام بهذه التصرفات دون أن تكون الشخصية المعنوية للشركة قائمة؟ هذا فضلا عن أن بقاء شخصية الشركة يحول دون ملكية الشركاء على الشيوع لأموال الشركة أثناء مدة التصفية وبالتالي يحول دون مزاحمة دائني الشركاء الشخصيين لدائني الشركة في التنفيذ على الأموال(1).
المطلب الثالث: الآثار المترتبة على الشخصية المعنوية.
ويستمر الشخص في العمل حتى أن خروج الشركاء من الشركة، أو موت أعضاء مجلس الإدارة فيها، فلا يؤدي ذلك إلى انتهاء الشركة تلقائيا، فالآثار القانونية لاكتساب الشركة الشخصية المعنوية هي:
1ـ اسم الشركة: ما دامت الشركة شخصا، فيفترض أن يكون لها اسم يميزها عن غيرها من الأشخاص ويتكون اسم الشركة من عناصر ثلاثة:
الأول: ـ نوع الشركة حيث يجب أن يتضمن اسمها ما هو نوعها لكي يعلم من يتعامل مع الشركة طبيعة الشركة التي يمكن معرفته من نوعها. والعنصر الثاني للاسم هو النشاط كالنقل والتأمين والسياحة. أما العنصر الثالث للاسم فيختلف في شركات الأشخاص عنه في شركات الأموال. فلأهمية الاعتبار الشخصي في الأولى، يذكر اسم الشركاء أو بعضهم في الاسم. أما في شركات الأموال حيث يغيب الاعتبار الشخصي فيضاف اسم مبتكر.
2ـ الجنسية: تقتضي الاعتبارات العملية، واعتبارات الرقابة على الشركة أن يكون لها جنسية. ويتبنى الفقه معايير مختلفة لتحديد جنسية الشركة، فقد يرتبط الأمر بمكان نشاط الشركة، أي أن الشركة تأخذ جنسية الدولة التي تعمل على أراضيها، بينما يذهب معيار آخر إلى اعتماد مكان وجود المقر الرئيسي للشركة، حيث تأخذ جنسية دولة المقر. ومعيار ثالث يتبنى جنسية الشركاء، أو جنسية رأس المال، لكننا نرجح المعيار الذي يكسب الشركة جنسية الدولة التي ظهرت الشركة للوجود بموجب قوانينها، لأن الشركة شخص، ويحتاج الشخص إلى ولادة، وولادة الشركة شهادة تأسيسها، وعليه فأن جنسيتها هي جنسية الدولة التي ظهرت الشركة إلى النور بموجب قوانينها وبناء على ذلك فلا ترابط بين جنسية الشركة وجنسية الشركاء، إذ قد يكون الشركاء ممن لا يحملوا الجنسية الجزائرية ومع ذلك تكون الشركة جزائرية لأنها ظهرت بموجب القانون الجزائري.
3ـ الموطن: للشركة موطن، فالموطن كما عرفه القانون المدني هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بصفة دائمة أو مؤقتة ويجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد، فالموطن هو محل الإقامة، أو محل النشاط، ويفيد الموطن كعنوان للتبليغ، أو المراسلات أو إقامة الدعاوى أو تحديد المحكمة المختصة بالإفلاس، وموطن الشركة حسب القانون التجاري الجزائري بينته المادة 547 (( يكون موطن الشركة في مركز الشركة ))، أو نقول أن الموطن حيث يوجد المركز الرئيس، وقد اعتمد الفقه هذا المعيار. والموطن هو المكان الذي توجد فيه الأجهزة التي تدير الشركة، حيث تباشر نشاطها فيه. وإذا كان الأصل أن يكون المقر الرئيس في مكان نشاط الشركة فلا ضرورة لهذا التطابق، حيث قد يكون نشاط الشركة في مكان أو أماكن. ومقر أو موطن الشركة في مكان آخر.
4ـ الذمة المالية المستقلة: من أهم النتائج المترتبة على اكتساب الشركة الشخصية المعنوية، أن يكون لها ذمة مالية مستقلة عن الذمم المالية للشركاء، فالشركة كونها شخصا قانونيا لا يمكن أن تفي بالتزاماتها وتقوم بأنشطتها بغير أن تكون لها ذمة مالية، ويبنى على أن للشركة ذمة مالية مستقلة أن:
أ – أموال الشركة ملك للشركة، ولا تعد مالا شائعا بين الشركاء، لأن الشيوع ينقضي بإرادة أي من المشاعين، بينما لا يستطيع الشريك في الشركة أن يستعيد الحصة التي اشترك فيها برأس المال. لأن ما يدفع من الحصص يصبح ملكا للشركة في الغالب وليس للشركاء إلا حق احتمالي في الأرباح، وحصة تتناسب مع ما قدمه عند تصفية الشركة، وهذا الحق هو مال منقول دائما حتى لو كان ما قدمه الشريك عقارا.
ب – أموال الشركة ضمان لدائنيها، ليس بمقدور دائني الشركاء الحجز عليها اعتمادا على أن للشريك المدين حصة في رأس المال. ويختلف الأمر في شركات الأموال عنه في شركات الأشخاص. لأنه في الأولى يجوز الحجز على الأسهم وعرضها للبيع لأن رأس المال يظل ثابتا، وما يتبدل هو المالك للأسهم ولا أهمية لتبدل الشريك في هذه الشركات لأنها مغفلة، أما في شركات الأشخاص حيث يبرز الاعتبار الشخصي، فلا يجوز الحجز على حصة الشريك
لأن الحجز معناه أن يتبعه البيع في الغالب وهو ما يؤدي إلى أن يحل شخص محل آخر في ملكية الحصة، وفي ذلك تغيير لعقد الشركة ويمكن أن يكون سبب في انحلالها.
جـ – لا تجري المقاصة بين دين الشركة وديون الشركاء، فلو كانت الشركة دائنة لشخص أجنبي، وأصبح هذا الشخص دائنا لأحد الشركاء، لا تجري المقاصة بين الدينين، لأن المقاصة تقع عندما يوجد شخصان كلاهما دائن ومدين للأخر في وقت واحد، فيسقط أقل الدينين من الطرفين أما بالاتفاق أو بقوة القانون حسب توافر شروط تطلبها القانون.
د – العلاقة بين إفلاس الشركة وإفلاس الشركاء: لا يتبع إفلاس الشركاء بالضرورة إفلاس الشركة، أو يتبع إفلاس الشركة إفلاس الشركاء، لأن لكل من الشركاء والشركة شخصيته وأمواله المستقلة.
5ـ الأهليــة: تتمتع الشركة عند اكتسابها الشخصية المعنوية بالأهلية، لأنها تصبح شخصا له ما للأشخاص الطبيعيين. والأهلية المقصودة هي الأهلية بنوعيها. أهلية الوجوب، وهي أن يفرض على الشركة واجبات وتكون لها حقوق والشركة تستطيع أن تتملك وان تقبل الهبات، كما تفرض عليها الواجبات القانونية كفرض الضرائب، يستثنى من ذلك الحقوق والواجبات المرتبطة بالإنسان، كالحقوق السياسية وواجبات الأسرة، أما الأهلية الأخرى فهي أهلية الأداء، أي قدرة الشركة على الدخول في روابط قانونية وبغير توافر هذه الأهلية لا تستطيع الشركة ممارسة نشاطها وتحقيق أهدافها، فهي بحاجة إلى أن تبيع وتشتري وتؤجر وترهن وتؤمن وغير ذلك من الأنشطة. كأن تقيم الدعاوى على الآخرين، وأن تكون طرفا في الخصومات كمدع عليها، ولكن من يمارس هذه الأنشطة ليس شخص الشركة لأنه مفترض، إنما ينوب عنها من يمثلها كمديرها المفوض مثلا. ولابد أن نشير أيضا إلى أنه يمكن أن تعاقب الشركة. العقوبات المالية، أما العقوبات السالبة للحرية فلا يتصور إيقاعها على شخص الشركة، أنما يمكن أن تكون على الأشخاص الذين أدى فعلهم لفرض العقوبة.
المبحث الثالث
حل الشركـة وانقضائهـا
تضمن القانون المدني الجزائري أسبابا عامة لانقضاء الشركات، التي بينتها المادة 437 وما بعدها،
(( تنقضي الشركة بأحد الأسباب التالية وفق أحكام هذا القانون:
المطلب الأول: الأسباب العامة لانقضاء الشركة.
1- انقضاء المدة التي حددت للشركة: عند إبرام العقد يقوم الشركاء بتحديد ميعاد معين تنتهي في نهايته الشركة، فتنقضي الشركة بقوة القانون إذا انتهى الأجل المحدد لها بالعقد وقد نصت المادة 546 من القانون التجاري الجزائري بقولها (( يحدد شكل الشركة ومدتها التي لا يمكن أن تتجاوز 99 سنة..)). ومنه إذا استمرت الشركة بعد هذه المدة نكون أمام شركة جديدة وعقد تأسيس جديد لأن الأول انتهى بقوة القانون.
2- انتهاء العمل الذي أنشأت من أجله الشركة: تنقضي الشركة إذا ما تم تنفيذ العمل الذي هو الغرض من إنشاءها وبانتهاء الغرض الذي تأسست الشركة لأجله تنقضي الشركة بقوة القانون، وإذا استمرت بعد ذلك بنشاطها، فيعني استمرار شركة جديدة، انقضت السابقة وتأسست ثانية، ويرى الفقه انه بإمكان دائني الشركاء الاعتراض على عملية الامتداد ما لم يكن الحق في تمديد عمل الشركة والأغلبية المطلوبة للقرار مشروطا في عقدها الذي أعلن للجميع، نصت عليها المادة 437/2 من القانون المدني الجزائري (( إذا انقضت المدة المعينة أو تحققت الغاية التي أنشئت لأجلها ثم استمر الشركاء يقومون بعمل من نوع الأعمال التي تكونت من أجلها الشركة أمتد العقد سنة فسنة بالشروط ذاتها )).
2- الهلاك الكلي لأموالها أو بهلاك جزء كبير منها: بينتها المادة 438/1 من القانون المدني (( تنتهي الشركة بهلاك جميع مالها أو جزء كبير منه بحيث لا تبقى فائدة في استمرارها ))، بمعنى أنه لا يمكن تحقيق أهداف الشركة بما تبقى من مال.
3- موت أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه: المادة 439 من القانون المدني (( تنتهي الشركة بموت أحد الشركاء أو الحجر عليه أو بإعساره أو بإفلاسه ))، وهذا العنصر خاص فقط بشركات الأشخاص حيث يكون لشخصية الشريك كل الاعتبار عند التعاقد فإذا تأثر هذا الاعتبار الشخصي للشريك سواء نتيجة للموت أو الحجر أو إعسار أو إفلاس انقضت الشركة، إلا أن المشرع الجزائري في الفقرة 2 من نفس المادة نص على أنه يجوز الاتفاق في حالة إذا مات أحد الشركاء أن تستمر الشركة.
4- انهيار ركن تعدد الشركاء: حدد المشرع أن الشركة يجب أن تكون بين شريكين على الأقل وعلى هذا الأساس إذا لم يحترم الشركاء النصاب القانوني للشركة تنقضي، مثلا في شركة ذات مسؤولية محدودة حدد المشرع عدد الشركاء بـ 20 وإذا زاد العدد يجب تحويلها إلى شركة مساهمة خلال سنة وإلا كانت باطلة م 590 قانون تجاري جزائري.
المطلب الثاني: الأسباب الإرادية لانقضاء الشركة.
1- انسحاب أحد الشركاء من الشركة: إذا كانت مدتها غير معينة بشرط أن يعلن الشريك المنسحب إرادته في الانسحاب إلى باقي الشركاء قبل حصوله طبقا للمادة 440 من القانون المدني الجزائري.
2- إجماع الشركاء على حل الشركة قبل حلول أجلها: المادة 440/2 من القانون المدني، وتجدر الإشارة هنا إلى أن إجماع الشركاء ضروري إلا إذا كان قد تم الاتفاق على غير ذلك كجواز حل الشركة بالأغلبية مثلا، ففي هذا الفرض تنحل الشركة بالأغلبية ولا تشترط الإجماع.
3- إدماج الشركة في شركة أخرى: تنقضي الشركة بناء على رغبة الشركاء قبل انتهاء ميعادها إذا ما قرر الشركاء إدماجها في شركة أخرى ويتم بطريقتين:
-الإدماج بطريق الضم: وبمقتضاه تندمج شركة في شركة أخرى قائمة بحيث تنقضي الشركة المندمجة نهائيا وتظل الشركة الدامجة هي القائمة والمتمتعة بشخصيتها المعنوية وتكون هي المسؤول عن كل التصرفات قبل الغير لأنه بالضم تنتقل أموال وحقوق والتزامات الشركة المندمجة فيها فتكون ذمة الشركة الدامجة هي الضامنة لكل الديون (شركات الأموال).
-الإدماج بطريق المزج: يتم المزج بصورة مزج عدة شركات لتنشأ شركة جديدة برأس مال الشركات المنضمة فتظهر شخصية معنوية جديدة تختلف عن شخصيات الشركات المنضمة وتصبح هي المسؤولة عن ديون جميع الشركات المندمجة (مثل الشركات القابضة).
المطلب الثالث: الأسباب غير الإرادية لانقضاء الشركة.
1- عدم وفاء أحد الشركاء بالتزامه: المادة 441 من القانون المدني الجزائري ((يجوز أن تحل الشركة بحكم قضائي بناء على طلب أحد الشركاء، لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو بأي سبب آخر ليس هو من فعل الشركاء..)) كامتناعه عن تقديم حصته أو استحالة استمرارية شريك قدم حصة عمل (أصيب بمرض مزمن)، أو نشوب خلاف بين الشركاء يستحيل معه الاستمرار وللقاضي مطلق الحرية في تقدير الأسباب.
2- فصل الشريك: المادة 442 من القانون المدني الجزائري، لكل شريك الحق في أن يطلب من القضاء فصل أحد الشركاء لأن وجوده فيها يؤدي إلى عدم استمرارها (العقد التأسيسي للشركة).
3- خروج أحد الشركاء من الشركة ذات المدة المحددة: بحكم قضائي أجاز القانون لشريك في شركة محددة المدة أن يطلب من القضاء إخراجه منها للأسباب يراها معقولة وتراها المحكمة كذلك، فإذا حكمت المحكمة بذلك تنقضي الشركة ما لم يتفق الشركاء على خلاف ذلك (شركات الأشخاص).
4- خسارة ثلاثة أرباع رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة: أعطى المشرع الحق لكل شريك ليتمكن من إبداء رأيه في موضوع الشركة وقرار مديرها على باقي الشركاء أن يطلب من القضاء حل الشركة وعليه إثبات ما يدعيه.
5- عدم توافر العدد اللازم لشركاء في شركات المساهمة: المادة 689 من القانون التجاري الجزائري، وهي حالة عدم توافر عدد لازم فيها بحيث يجوز لكل من له مصلحة اللجوء للقضاء.
من هذا العرض الموجز للنظرية العامة للشركة يمكننا التعليق بالآتي أن الشركة هي عقد بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي، بتقديم حصة من مال أو من عمل، لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو من خسارة، والشركة قد تكون شركة مدنية أو شركة تجارية، ويتم تصنيف الشركة وفقا للغرض الذي أنشأت من أجله، فإذا كان الغرض من الشركة مدنيا كالاستغلال الزراعي مثلا تعد الشركة مدنية أما إذا كان الغرض من الشركة تجاريا كعمليات الصرافة البنوك والشراء لأجل البيع والنقل..فإن الشركة تعتبر شركة تجارية تسري عليها الأحكام الواردة في القانون التجاري وليس الأحكام الواردة في القانون المدني التي تسري فقط على الشركات المدنية أما تكييف عقود الشركات فنجدها تكون عقد معاوضة عندما يدخل الشريك في الشركة بنسبة من المال أو النفوذ أو العمل فانه ينتظر مقابل ذلك الدخول، و في حالة دخول الشركاء إلى الشركة برضائهم فهو عقد رضائي ويأخذ مبدأ العقد شريعة المتعاقدين لكن هذه الفكرة ليست مطلقة حيث أن المشرع وضع لها حدود مثل شركة أموال فيها خليط من نظام اشتراكي ورأس مالي والشركة هدفها محدد ولا يمكن الحياد عنه وهذا العقد يعكس إرادة الأطراف المشكلين لها وتقيد حريتهم إذا دخلوا تحت غطاء عقد الشركة.
• قائمة الكتب:
حمدي، باشا عمر. القضاء التجاري. الجزائر: دار العلوم، 2000.
مصطفى، كمال طه. الوجيز في القانون التجاري. الإسكندرية: منشأة المعارف، 1977.
سوزان، علي حسين. الوجيز في القانون التجاري. الإسكندرية: منشأة المعارف، 2004.
علي،بن غانم. الوجيز في القانون التجاري وقانون الأعمال. الجزائر: موفم للنشر، 2005.
فوزي، محمد سامي. مبادئ القانون التجاري. الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2003.
• قائمة التقنينات:
القانون التجاري الجزائري، الطبعة الرابعة، 2005.
القانون المدني الجزائري، الطبعة الرابعة، 2005.
• قائمة المواقع الإلكترونية:
لطيف جبر، كوماني.”الشركات التجارية –دراسة قانونية مقارنة-“. http://www.ao-academy.org ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك، 2006.
الموضوع الصفحة
مـقـدمـة…………………………………………………………………………………. 2
المبحث الأول
التعريف بالشركة وأركانها
الأركان الموضوعية العامة…………………………………………………………………. 4
الأركان الموضوعية الخاصة……………………………………………………………….. 5
الأركان الشكلية…………………………………………………………………………….. 6
الجزاءات المترتبة عن تخلف ركن من الأركان……………………………………………… 7
المبحث الثاني
الشخصية المعنوية للشركة
بدايةالشخصيةالمعنوية……………………………………………………………………….. 8
نهاية الشخصية المعنوية……………………………………………………………………… 9
الآثار المترتبة على الشخصية المعنوية……………………………………………………….. 9
المبحث الثاني
حل الشركة وانقضاءها
الأسباب العامة لانقضاء الشركات…………………………………………………………… 11
الأسباب الإرادية لانقضاء الشركات…………………………………………………………. 12
الأسباب غير الإرادية لانقضاء الشركات…………………………………………………….. 12
خـاتمـــــة…………………………………………………………………………… 14
المـراجـــع………………………………………………………………….. 15
اذا يتكلم هذا الموضوع عن
بحث عن اندماج الشركات
بحث عن شركة الشخص الواحد
الاندماج والإستحواذ في الشركات pdf
كيف يتم اندماج الشركات وماهي شروطها
أمثلة على اندماج الشركات
كيفية التقرير عن اندماج الشركات في القوائم المالية
1 person likes this.
بحث قانوني عم تحول العنوان التجاري لشركة أشخاص إلى اسم تجاري لشركة أموال .
المحامي المتدرب : وائل منير خلوي الشلّودي
الرقم النقابي : (16188)
إشراف المحامي الأستاذ
باسل يوسف داوود
قدم هذا البحث
استكمالا لمتطلبات التسجيل في سجل المحامين الأساتذة
في نقابة المحامين النظاميين الأردنيين
عمان
2010
هذه الصفحة كان فيها سورة (البقرة 032) لكن للأسف الخط المستخدم لإظهار كافة خصائص خط المصحف تعطلت لذا حذفت النص لأنه أصبح مشوها.
إلى كل من يقرأ بحث علمي
اتقي الله في نفسك فلا تنقله دون الإشارة لصاحبه، ولا تستخدمه دون أن تضيف إليه
إهداء
إلى أمي الغالية التي زرعت فيّ حب العلم
و إلى أبي الغالي قدوتي في الاجتهاد والعمل
و إلى زوجتي الغالية التي ساندتني في وقت شدتي
وإلى أستاذي العزيز باسل يوسف داوود
و إلى أسرة مكتب الهدى للمحاماة و الاستشارات القانونية
و المؤلف من المحامين الأساتذة
يوسف الشوابكة
هدى النصر
أحمد قطيشات
و الزميلة المتدربة دعاء أبو داري
المقدمة :
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم وآله وأصحابه أجمعين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
تعتبر الشركات وخاصة شركات الأموال من المواضيع التي تناولها المشرع في كافة دول العالم وأولاها العناية الفائقة ، حيث سن التشريعات والقوانين الخاصة لتنظيم أمور هذه الشركات ، وذلك لأهميتها البالغة في دعم الاقتصاد، والتقدم والازدهار والنمو، وكذلك لحماية الشركات من المنافسات غير المشروعة، وحماية المتعاملين مع الشركات لضمان استثماراتهم فيها.
تنبه المشرع الأردني لأهمية وجود تشريع خاص لتنظيم تسجيل الشركات وتنظيم أمور إدارتها وعملها ومتطلبات حسن سير عملها ، منذ أمد ليس بقريب، فاصدر قانون الشركات المؤقت رقم 33 لسنة 1962، ثم الغي هذا القانون بموجب القانون رقم 12 لسنة 1964، والغي أيضا هذا القانون بإصدار قانون الشركات وتعديلاته رقم 1 لسنة 1989، إلى أن اصدر المشرع قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 والذي ألغى ما سبقه من تشريعات ولا زال ساري المفعول ، ونتيجة للتطور الاقتصادي المضطرد والحاجة الماسة لمواكبة مثل هذه التطورات بسن التشريعات التي تتماشى معها فقد اتبع المشرع هذا القانون بعدة تعديلات كان آخرها القانون رقم 35 لسنة 2008 قانون معدل لقانون الشركات رقم 22 لسنة 1997.
ولأهمية الشركات و دورها الحيوي والفعال في نمو الاقتصاد ودفع عجلة النمو على كافة المستويات العلمية والصناعية والزراعية والاجتماعية ، فقد نظم المشرع تسجيل الشركات وكافة أمورها بمواد قانونية آمرة في أغلب الأحيان ، وقد تفاوت المشرع في أعطاء حرية واسعة لإرادة المتعاقدين في تنظيم بعض الأمور حيث قيدها في نواح وسلبها في نواح أخرى , مراعياً في ذلك مصلحة المتعاقدين من جهة ومصلحة الغير حسن النية والمصلحة العامة من جهة أخرى.
إن التطور المستمر وخاصة في المجال العلمي وما تبعه من تطور في المجالات الاقتصادية والتجارية , وتبدل أحوال الشركات وتغيرها حسب الظروف الاقتصادية و ما تقتضيه , أثمر بظهور وتطور شركات الأموال وأبرزها الشركة المساهمة العامة , لذا لا بد للتشريع من مواكبة هذه المستجدات , فبعض ما كان متوسعاً في إعطاء الصلاحيات له قد يصبح من الضروري تقيده , وبعض ما كان مقيداً أصبح لا بد من إزالة القيود عنه, حسب تبدل المصلحة.
تحتم المصلحة العامة مجارات هذه التغيرات، لما تجلبه من استثمارات تعود على البلد بالخير الوفير, لذا لابد للمشرع من إعادة النظر في الكثير من القيود, ومنها القيد الوارد على الاسم التجاري لشركات الأموال الذي لا يجوز أن يستمد من اسم شخص طبيعي, إذ انه لم يضع إلا استثناء وحيد، وهو أن يكون موضوع عمل الشركة براءة اختراع مسجلة بشكل قانوني باسم ذلك الشخص، إذ أن أكثر الشركات تبدأ كشركة أشخاص، وعند ازدهار تجارتها، تتوسع وتنشئ الفروع وتزيد أعداد موظفيها، وتبحث عن أسواق جديدة لتسوق منتجاتها أو خدماتها، و خاصة التوجه للتصدير، الذي يعد أكثر طريقة داعمة للاقتصاد، وبسبب هذا التوسع في نشاط الشركة قد يعجز رأس مالها عن تغطية حاجات الشركة، مما يجعلها بين أمرين أولهما الاقتراض بفوائد ربوية مما يزيد من تكاليف الإنتاج للشركة ويفوت نسبة لا بأس بها من العائد والأرباح، وثانيهما التحول إلى شركة أموال قادرة على استقطاب رؤوس الأموال الصغيرة والمدخرات للأشخاص ، مشجعه لهم لاستثمار أموالهم و تقاسم الأرباح ، دون أن يسهم ذلك في زيادة التكاليف في الإنتاج أو التزامات مالية تثقل كاهل الشركة .
قد يشتهر العنوان التجاري لشركة الأشخاص الراغبة بالتحول إلى شركة أموال ويصبح هذا العنوان متداولا بين الناس, مما يجعل لهذا العنوان التجاري قيمه تجارية كبيره قد تفوق قيمة موجودات الشركة أو الذمة المالية الشخصية للشركاء أنفسهم, فإذا أرادت هذه الشركة التحول إلى شركة مساهمة عامة ـ أي شركة أموال ـ فإنها ستفقد عنوانها التجاري حسب نص القانون, مما يلحق بها ضررا بالغا, لذا قامت بعض التشريعات بالتنبه لهذه النقطة ومعالجتها, وعليه سنبحث في موقف المشرع الأردني ودوافعه والتشريعات التي عالجت هذه المسألة، لنجد أفضل الحلول لمعالجة هذه الإشكالية، بما يكفل الوصول إلى الغاية من الحماية القانونية للمتعاقدين مع الشركة، والفائدة التجارية من استخدام العنوان التجاري لشركات الأشخاص كاسم تجاري لشركات الأموال وعلى رأسها شركات المساهمة العامة.
وسأبحث في إشكالية البحث من خلال ثلاث مباحث، ابدأها بمبحث تمهيدي بعنوان الشركات ، اشرح فيه أهمية الشركات و دورها في الاقتصاد و التنمية و التعرف عليها عن طريق مطلبين، المطلب الأول نعرف فيه الشركة ونذكر خصائصها، و الفكرة التي تقوم عليها الشركة، و في المطلب الثاني نستعرض أنواع الشركات التي وردت في قانون الشركات الأردني، والأشكال التي يمكن أن تتخذها الشركة وفق قانون الشركات الأردني .
وعن طريق المبحث الأول نعرف عنوان الشركة و نوضح أهميته، ونبين العنوان التجاري لشركات الأشخاص في المطلب الأول منه، و نبين الاسم التجاري وكيفية اختياره لشركات الأموال في المطلب الثاني، وذلك لنعلم الفرق بين العنوان التجاري و الاسم التجاري، وأهمية التفرقة بينهما ودلالة كل منهما.
وفي المبحث الثاني نتناول موقف التشريعات المختلفة من الاسم التجاري لشركات الأموال، وموقفها من إمكانية أن يحتوي اسم شركة الأموال أسم شخص طبيعي، ويتكون هذا المبحث من مطلبين، المطلب الأول نستعرض فيه مواقف المشرعين في الدول العربية المجاورة، و المطلب الثاني نتناول موقف المشرع الأردني بالشرح و التحليل.
إلى أن نصل للمبحث الثالث الذي فيه أناقش إمكانية استخدام شركة الأموال لاسم تجاري مستمد من أسم شخص طبيعي، عن طريق مطلبين المطلب الأول نبحث فيه عن المصلحة من استخدام اسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي لشركات لأموال، وفي المطلب الثاني نبحث في الشروط و القيود الواجب وضعها لاستخدام اسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي.
المبحث التمهيدي
الشركات
لغايات التطرق والتعريف بماهية الشركة أتناول في هذا المبحث بإيجاز التعريف بالشركات والفكرة التي قامت عليها ، وأهمية وجودها ، ودورها التجاري إضافة إلى أنواعها ، حيث لا يقتصر مزاولة التجارة على الأفراد ، بل تزاولها أيضا جماعات من الأشخاص في شكل قانوني وهو ما يعرف بالشركة التجارية. فبسبب سعة وتنوع المشاريع التجارية والصناعية التي لا يقوى الفرد الواحد على النهوض بها، لما تتطلبه من مجهودات عظيمة وأموال كثيرة تظافر الأشخاص وتوحيد جهودهم وأموالهم ليتسنى لهم القيام بالمشروعات الكبيرة التي يعجز الفرد عن القيام بها وحده. وقد زادت الحاجة إلى توحيد الجهود وتجميع الأموال بعد الثورة الصناعية، لما أصبحت تتطلبه المشروعات الكبيرة من طاقات مالية كبيرة وخبرات فنية متنوعة لا يقوى الأفراد متفرقين على القيام بها.(1)
ولا تقتصر أهمية الشركات على قدرتها على توحيد الجهود وتجميع الأموال اللازمة لاستغلال المشروعات الاقتصادية الكبرى، بل تحقق الشركة لهذه المشروعات استقرارا ودواما تعجز عنه طاقة الأفراد مهما وحدوا جهودهم وضموها.(2)
ونظرا لأهمية الدور الذي تقوم به الشركات وسيطرتها على الجانب الهام من النشاط الاقتصادي في كثير من الدول وتأثيرها بالتالي على مصالح المواطنين والاقتصاد الوطني، تدخل المشرع في كثير من الدول لتنظيم تأسيس الشركات ومراقبة نشاطها على النحو الذي يكفل حماية مصالح المواطنين والاقتصاد الوطني، حتى لا تصبح أداة للاستغلال الاجتماعي أو للسيطرة السياسية، لذلك يلاحقها المشرع بقوانينه ولوائحه وقراراته التي تكفل حماية مصالح المواطنين والاقتصاد الوطني وتضمن لها التقدم والازدهار في نطاق الخطة الاقتصادية التي تضعها الدولة، إذ تربط كثير من الدول بين خططها الاقتصادية لزيادة الدخل القومي ونشاط الشركات التجارية.(3)
__________________________________________
1، 2 ،3- عزيز العكيلي ، الشركات التجارية في القانون الأردني دراسة مقارنة مع قوانين الشركات في كل من العراق لبنان السعودية مصر ، مكتبة الثقافة للنشر و التوزيع ،1995 ، ص 5و6.
ولغايات البحث في ماهية الشركة وأنواعها اقسم هذا المبحث إلى مطلبين، لنعرف الشركة في المطلب الأول، ونبين أنواع الشركات، والأسس التي تقسم بناءا عليها في المطلب الثاني، وذلك لتوضيح الفرق بين كل فئة من الشركات، لتبسيط وتحليل المواد التي سنها المشرع التي تحكم كل فئة من هذه الشركات وذلك على النحو التالي :
المطلب الأول : تعريف الشركة .
المطلب الثاني : أنواع الشركات .
المطلب الأول
تعريف الشركة
لم يرد في قانون التجارة الأردني ولا في قانون الشركات تعريف للشركة وإنما جاء المشرع ليعرفها في القانون المدني، حيث نصت المادة (582) على:
” الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بان يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصته من مال أو من عمل لاستثمار ذلك المشروع واقتسام ما قد ينشأ عنه من ربح أو خسارة “.
وهذا النص يطابق ما جاء في المادة (505) من القانون المدني المصري والمادة (473) من القانون المدني السوري ويشابه التعريف الذي أورده القانون المدني العراقي في المادة (626), وجاء تعريف الشركة في مجلة الأحكام العدلية وهي شركة عقد في المادة (1329) بنصها على أن :
” شركة العقد عبارة عن عقد شركة بين اثنين أو أكثر على كون رأس المال و الربح مشتركا بينهم “. (1)
لكن جانب من الفقه الحديث ينكر على الشركة صبغتها التعاقدية، ويعتبرها بمثابة ((نظام)) أو ((تنظيم قانوني)) من خصائصه أنه يرتكز على عنصر الاستمرار والتنظيم بقصد تحقيق الغرض المشترك عن طريق إخضاع مصالح الأعضاء الخاصة للغايات التي ينشدها هذا التنظيم. وهذا التكييف هو الذي يوضح سبب عدم اعتبار مديري الشركة مجرد وكلاء عن الشركاء، والنظر إليهم باعتبارهم السلطة المكلفة قانونا بتحقيق الهدف المشترك الذي تقوم عليه الشركة، كشخص معنوي و كتنظيم قانوني.(2)
إن فكرتي العقد والنظام رغم الاختلاف بينهما، إلا أن جانب من الفقه ذهب إلى القول بأن هاتين الفكرتين تتعايشان معا داخل الشركة، غير أن تأثيرهما يختلف بحسب نوع هذه الأخيرة، ففي شركات الأشخاص يحتفظ المفهوم التعاقدي بسلطانه، و الدليل على ذلك يتمثل في أن تعديل العقد التأسيسي لهذا النوع من الشركات لا يكون إلا بإجماع الشركاء، وفي أن العيوب التي تشوب إرادة أحد الشركاء من شأنها أن تؤدي إلى إمكانية القضاء بإبطال الشركة.(3)
____________________________________________________
-1 فوزي محمد سامي، الشركات التجارية الأحكام العامة والخاصة ،دار الثقافة ،2006، ص 9.
2 و 3 – محمد فريد العريني و محمد السيد الفقي ، القانون التجاري الأعمال التجارية – التجار – الشركات التجارية ، منشورات الحلبي الحقوقية ، 2002 ، ص 245 و 246-247.
أما فيما يتعلق بشركات الأموال فإن المفهوم التعاقدي يتوارى، دون أن ينعدم، ليفسح الطريق أمام ((فكرة النظام)) حيث تتبوأ مكان الصدارة وتنفرد بالسيادة والسيطرة. ويبدو ذلك واضحا على وجه الخصوص في شركات المساهمة حيث النصوص القانونية الآمرة المقيدة لإرادة المتعاقدين عديدة، وحيث يمكن لأغلبية الشركاء فرض إرادتهم على الأقلية، حتى أصبح هذا النوع من الشركات ينشأ ويحيا (( وفقا لنظام موضوع لا وفقا لمشيئة المتعاقدين )). (1)
وقد أيد اغلب الفقهاء هذا الاتجاه من الرأي، وأنا أتفق مع هذا الرأي من الفقه وأؤيده ، وذلك لأنه يعترف للشركة بالفكرتين إلا انه يغلب فكرة العقد عندما يكون لشخصية الشريك اعتبار في الشركة، وبناءا عليه يكون لهم حرية اكبر في كتابة عقد الشركة، وكذلك لفكرة النظام التي غلبها في الشركات التي لا يكون لشخصية الشريك فيها الاعتبار الأكبر في تكوين الشركة، حيث أن المشرع تدخل في كل صغيرة وكبيرة لتنظيم أمور الشركة في كافة النواحي وبمواد آمرة لا يجوز مخالفتها على الأغلب، لذا فإن فكرة النظام لها الحظ الأوفر في هذا النوع من الشركات.
مما تقدم تظهر لنا أهمية تحديد أي فكرة تغلب على الشركة لمعرفة الهدف من القوانين التي سنها المشرع لتنظيم هذه الشركات، والمصالح التي حرص على حمايتها، حيث أننا نجد المشرع قد نظم الشركات التي يضعف فيها الروابط بين الشركاء بمواد آمرة تنظم معظم نواحي الشركة، بعكس الشركة التي تكون فيها روابط الشراكة قوية ومبنية على الثقة بين الشركاء والتعاون فيما بينهم.
______________________________________________________
1- محمد فريد العريني و محمد السيد الفقي ، القانون التجاري الأعمال التجارية – التجار – الشركات التجارية ، منشورات الحلبي الحقوقية ، 2002 ، ص 247.
المطلب الثاني
أنواع الشركات
الشركات نوعان، شركات مدنية وأخرى تجارية وفيصل التفرقة بينهما يكمن في الغرض الذي تستهدف الشركة تحقيقه. وعليه تلحق الشركة الصفة التجارية إذا كان الغرض الذي قامت من أجله تجاريا، أما إذا كان الغرض مدنيا فان الشركة تعتبر مدنية. ويعد الغرض تجاريا متى كان موضوع الشركة القيام بأعمال تجارية، كالشراء لأجل البيع، وعمليات الصرافة والبنوك، والنقل، والصناعة والضمان ذو الأقساط المحددة ..الخ(1)، وفق ما هو منصوص عليه في المواد من (6-8) من قانون التجارة الأردني. أما إذا كان موضوعها هو القيام بالأعمال المدنية، كالاستغلال الزراعي مثلا، فإنها تعد شركة مدنية.
وللتمييز بين الشركات التجارية والشركات المدنية أهمية لا تنكر، وتتجلى في الأمور الآتية:
أولا : تلتزم الشركات التجارية دون المدنية ، كأصل عام ، بالالتزامات المترتبة على اكتساب صفة التاجر كالقيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية.
ثانيا : يقتصر شهر الإفلاس على الشركات التجارية وحدها إذا توقفت عن دفع ديونها، ويجوز لها وحدها طلب الصلح الواقي من الإفلاس، أما الشركات المدنية فتخضع لنظام أقل قسوة هو نظام الإعسار.
ثالثا : لا يتطلب القانون إجراءات الشهر بالنسبة للشركات المدنية، على خلاف الحال بالنسبة للشركات التجارية، ماعدا شركة المحاصة والشركة الفعلية، حيث أن هذه الإجراءات واجبة وإلا تعرضت للبطلان.
رابعا : الأصل أن الشركاء في الشركات المدنية لا يسألون عن ديون الشركة مسئولية تضامنية ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك، لكنهم مسئولون عنها مسئولية شخصية. فإذا لم تف أموال الشركة بديونها، كان الشركاء مسؤولين عن هذه الديون في أموالهم الخاصة كل بنسبة نصيبه في خسائر الشركة. أما بالنسبة للشركات التجارية فالأمر يختلف بحسب نوع الشركة وبحسب مركز الشريك فيها.(2)
____________________________________________________________________________
1—2- محمد فريد العريني و محمد السيد الفقي ، القانون التجاري الأعمال التجارية – التجار – الشركات التجارية ، منشورات الحلبي الحقوقية ، 2002 ، ص 247- 249 .
إلا أن المشرع في قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 أوجد نوعا جديدا من الشركات، وهي الشركات التي لا تكون غاياتها تحقيق الربح وتتخذ أحد أشكال الشركات التي وردت أحكامها في القانون المذكور وتسجل في سجل خاص يسمى بسجل الشركات التي لا تهدف إلى الربح المادة (7/د)* من قانون الشركات .
والشركات التجارية تأخذ عدة أشكال، حدد قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 الأشكال التي يمكن أن تتخذها الشركات التجارية وهي شركة التضامن، وشركة التوصية البسيطة، وشركة المحاصة، وشركة المساهمة العامة والخاصة، وشركة التوصية بالأسهم، والشركة ذات المسؤولية المحدودة. وللشركاء الحق في اختيار شكل الشركة الذي يحقق مصالحهم ويمكنهم من ممارسة نوع النشاط الذي يرغبون بمزاولته ما لم يوجب المشرع أن تتخذ الشركة شكلا معينا لممارسة بعض الأعمال التجارية. فالمشرع الأردني – مثلا – لا يسمح لغير الشركات المساهمة بمزاولة أعمال التأمين وأعمال البنوك والشركات ذات الامتياز وذلك بمقتضى نص المادة (93)** من قانون الشركات. وهذه الأشكال التي حددها المشرع للشركات التجارية يمكن تقسيمها إلى ثلاث أقسام هي:(1)
أولا : شركات الأشخاص، تعرف بشكل عام بأنها شركات تتكون من عدد محدود من الشركاء يعرف كل منهم الآخر ويثق به، تربطهم – في الغالب – رابطة قربى أو صداقة أو مهنة، بمعنى أن هذه الشركات تقوم على أساس شخصية الشركاء والثقة المتبادلة بينهم، بحيث يترتب على زوال الاعتبار الشخصي بين الشركاء – كقاعدة عامة – انقضاء الشركة. وتضم هذه الشركات، شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة المحاصة.(2)
ثانيا : شركات الأموال، وهي التي لا يكون فيها لشخصية الشريك أي اعتبار، بحيث يستطيع كل شخص المساهمة في رأس مالها، وبمعنى أن
_____________________________________________________________________________________
1- 2 – عزيز العكيلي , شرح القانون التجاري الجزء الرابع في الشركات التجارية , دار العالمية الدولية ,2002 ، ص5-6.
* المادة (7/د) من قانون الشركات ” يجوز تسجيل شركات لا تهدف إلى تحقيق الربح وفق أي من الأنواع المنصوص عليها في هذا القانون في سجل خاص يسمى ( سجل الشركات التي لا تهدف إلى تحقيق الربح ) وتحدد أحكامها وشروطها وغاياتها والأعمال التي يحق لها ممارسة والرقابة عليها وأسلوب وطريقة حصولها على المساعدات والتبرعات ومصادر تمويلها وأسلوب أنفاقها وتصفيتها وأيلولة أموالها عند التصفية والوفاة والبيانات التي يجب أن تقوم بتقديمها للمراقب وسائر الأمور المتعلقة بها بموجب نظام خاص يصدر لهذه الغاية .
**المادة (93) من قانون الشركات ” لا يجوز القيام بأي عمل من الأعمال التالية إلا من قبل شركات مساهمة عامة يتم تأسيسها وتسجيلها وفقاً لأحكام هذا القانون.
أ. أعمال البنوك والشركات المالية والتأمين بأنواعه المختلفة.
ب. الشركات ذات الإمتياز.”.
اهتمام الشركة يوجه إلى جمع رأس المال اللازم لها دون البحث في شخصية الشريك. والصورة المثلى لهذا الشكل من الشركات يتمثل في شركات المساهمة التي تؤسس لتنفيذ المشاريع الاقتصادية الكبرى، تجارية كانت أم صناعية، لقدرتها على تجميع الأموال التي تمكنها من تنفيذ هذه المشاريع وتحقيق الغرض الاقتصادي الذي قامت الشركة من أجله. ولا يؤثر على قيام الشركة أو استمرارها خروج أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إشهار إفلاسه كما هو الحال في شركات الأشخاص.(1)
ثالثا : الشركات ذات الطبيعة المختلطة، تحتل هذه الشركات مركزا وسطا بين شركات الأشخاص التي تقوم على الاعتبار الشخصي وشركات الأموال التي تقوم على الاعتبار المالي، فتأخذ من خصائص كل منهما بنصيب ومن ثم تكون لها طبيعة مختلطة كنتيجة لاجتماع الاعتبارين الشخصي والمالي فيها، وتشمل شركة التوصية بالأسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة. وتعد شركة التوصية بالأسهم أوضح صورة للشركات ذات الطبيعة المختلطة التي تجمع بين خصائص شركات الأشخاص وخصائص شركات الأموال بحكم احتوائها على فريقين من الشركاء، شركاء متضامنين في ذات المركز القانوني للشركاء المتضامنين في شركات الأشخاص، وشركاء موصين في ذات المركز القانوني للمساهمين في شركات الأموال.(2)
وبناءا على ما تقدم، فالشركات أكثر من نوع وتأخذ أكثر من شكل، ونظرا لذلك تختلف المواد القانونية التي تحكم الشركة بناءا على النوع والشكل الذي تتخذه الشركة لممارسة نشاطها، ومن الأمور التي نظمها المشرع في قانون الشركات العنوان التجاري للشركة، في أكثر من مادة، وخصص لكل شركة مادة تحدد طريقة تعيين عنوان الشركة بناءا على نوع الشركة والشكل الذي اتخذته لممارسة نشاطها.
______________________________________________________
1-2- عزيز العكيلي , شرح القانون التجاري الجزء الرابع في الشركات التجارية , دار العالمية الدولية ,2002 ، ص6-7.
المبحث الأول
عنوان الشركة
لا بد من التأكيد ابتداءا على لزوم وأهمية الاسم للشركة، وهي أهمية عملية، إذ لا يمكن للشركة أن تتعامل على وجه الاستقلال إلا إذا كان لها اسم خاص تتعامل به، وضرورة قانونية، لان المشرع يستلزم أن يكون للشركة أسم.(1)
ومثلما يكون لكل فرد، أي شخص طبيعي، اسم يطلق عليه لتمييزه عن بقية الأفراد في المجتمع، يتألف عادة من اسمه الشخصي ولقب أسرته، وفق مقتضيات المادة (38)* من القانون المدني الأردني، فإنه ينبغي على كل تاجر أن يتخذ لنفسه ((اسماً)) معينا لتمييزه، بصفته هذه، عن بقية التجار، أي بقية الأشخاص الذين يزاولون التجارة على وجه الاحتراف، يطلق عليه ((العنوان التجاري )). حيث قضت الفقرة (1) من المادة (40) من قانون التجارة الأردني بأن (( على كل تاجر أن يجري معاملاته ويوقع أوراقه المتعلقة بالتجارة باسم معين يطلق عليه العنوان التجاري )) ، وإن كان قانون تسجيل الأسماء التجارية رقم (30)** لسنة 1953 يسميه (الاسم التجاري ) ويعرفه في المادة (2) منه بكونه (( الاسم أو اللقب المستعمل في أية تجارة سواء بصفة شركة عادية أم بغير ذلك )).(2)
مع ملاحظة أن العناصر التي يتألف منها العنوان التجاري تختلف بحسب ما إذا كان التاجر شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا ، كما تختلف بحسب نوع الشخص المعنوي . وفي ذلك نصت المادة (50)*** من قانون التجارة على أنه (( يكون عنوان الشركات التجارية وفق الأحكام القانونية الخاصة بكل نوع منها )) وأنه (( تطبق بشأنها أحكام هذا الفصل ( أي الفصل الخاص بالعنوان التجاري ) التي لا تتعارض مع قانون الشركات الساري المفعول )).(3)
_____________________________________________________________________________
1- علي البارودي ، مبادئ القانون التجاري و البحري ، دار المطبوعات الجامعية ، 1977 ، ص 254.
2- أكرم ياملكي , الشركات (دراسة مقارنه) , دار الثقافة , 2006 , ص 35 .
3- أكرم ياملكي , الشركات (دراسة مقارنه) , دار الثقافة , 2006 , ص 36 .
* المادة 38 من القانون المدني ((يكون لكل شخص اسم ولقب ويلحق لقبه بأسماء أولاده)).
** صدر قانون الأسماء التجارية رقم 9 لسنة 2006 الذي ألغى قانون تسجيل الأسماء التجارية رقم 30 لسنة 1953 و قد عرف القانون الجديد في المادة (2) منه الاسم التجاري : الاسم الذي يختاره الشخص لتمييز محله التجاري عن غيره من المحلات والذي يتكون من تسمية مبتكرة أو من اسم الشخص أو لقبه أو منها جميعا ومع أي إضافة تتعلق بنوع التجارة أو النشاط الذي يمارسه.
*** المادة (50) من قانون التجارة ” 1 يكون عنوان الشركات التجارية وفق الأحكام القانونية الخاصة بكل نوع منها . 2 وتطبق بشأنها أحكام هذا الفصل التي لا تتعارض مع قانون الشركات الساري المفعول .”
والعامل المهم الذي يؤثر على كيفية تحديد الاسم التجاري للشركة، وكيفية اختياره هو هل الشركة شركة أشخاص أم شركة أموال ؟
و تقسيم الشركات إلى شركات أشخاص وشركات أموال هو تقسيم فقهي محض، تصنف فيه الشركات بحسب الاعتبار الذي تقوم عليه، حيث تضم شركات الأشخاص الشركات التي يكون فيها لشخصية الشركاء المقام الأول، في حين تشتمل شركات الأموال على الشركات التي يكون فيها لرؤوس الأموال المقام الأول وفق ما سبق بيانه.(1)
لذا فإن عنوان الشركة يعتمد تحديده على نوع الشركة إن كانت شركة أموال أم شركة أشخاص، حيث أن شركات الأشخاص تستمد عنوانها من أسماء الشركاء، أما في شركات الأموال فإن الاسم يشتق من غاياتها، ولبيان أهمية هذه التفرقة والهدف منها فإنني اعرض لهما من خلال مطلبين :
المطلب الأول: العنوان التجاري لشركات الأشخاص.
المطلب الثاني: الاسم التجاري لشركات الأموال.
_________________________________________
1-أكرم ياملكي , الشركات (دراسة مقارنه) , دار الثقافة , 2006 , ص 47 .
المطلب الأول
العنوان التجاري لشركات الأشخاص
شركات الأشخاص هي الشركات التي تقوم على الاعتبار الشخصي والثقة المتبادلة بين الشركاء، وتلعب فيها شخصية الشريك دورا رئيسيا، بحيث لا يجوز له التنازل عن حصته إلا بقيود معينة، وبحيث تنتهي الشركة إذا طرأ على شخصيته ما يؤدي إلى انعدامها فعلا وقانونا كالوفاة، أو إلى اهتزاز الثقة فيها كالإفلاس أو الإعسار أو الحجر مثلا. ويدخل تحت هذه المجموعة من الشركات شركة التضامن والتوصية البسيطة والمحاصة.(1)
تعد شركة التضامن الأنموذج الأمثل لشركات الأشخاص، وذلك لانفرادها بكافة الخصائص المميزة لهذا النوع من الشركات، فهي تقوم على الاعتبار الشخصي، وتكيف حياتها على أساسه، ويتوقف انقضاؤها على زواله، وبعبارة واحدة يلزم من وجود هذا الاعتبار وجودها من عدمه عدمها.(2)
يهمنا بالدرجة الأولى ما جاء في نص المادة (26/أ) من قانون الشركات الأردني والتي تنص على “…. يعتبر الشريك في شركة التضامن مسئولاً بالتضامن والتكافل مع سائر شركائه عن الديون والالتزامات التي ترتبت على الشركة أثناء وجوده شريكاً فيها، ويكون ضامناً بأمواله الشخصية لتلك الديون والالتزامات، وتنتقل هذه المسؤولية والضمانة إلى ورثته بعد وفاته في حدود تركته.” وعليه فيبرز من نص المادة آنف الذكر الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه شركة الأشخاص.
وبناءا على ما تقدم من الاعتبار الشخصي للشركة فإن المشرع في المادة (10/أ) من قانون الشركات الأردني نص على ” يتألف عنوان شركة التضامن من أسماء جميع الشركاء فيها، أو من لقب أو كنية كل منهم، أو من اسم واحد أو أكثر منهم أو لقبه على أن تضاف في هذه الحالة إلى اسمه أو أسمائهم عبارة (وشركاه) أو (وشركاهم) حسب مقتضى الحال، أو ما يفيد معنى هذه العبارة، ويجب أن يكون عنوان الشركة متفقا دائماً مع هيئتها القائمة “.
__________________________________________________________________________________
1- فريد العريني ، القانون التجاري اللبناني ، الدار الجامعية ، 2000 ، ص 254.
2- فريد العريني ، القانون التجاري اللبناني ، الدار الجامعية ، 2000 ، ص 354.
وعليه فانه يظهر بوضوح أن من يرد اسمه في العنوان التجاري لشركة التضامن يكون مسئولا عن ديون الشركة وفق مقتضى المادة (26/ب) والتي تنص على :
” كل من انتحل صفة الشريك في شركة التضامن سواء بألفاظ أو بكتابة أو تصرف أو سمح للغير عن علم منه بإظهاره كذلك يكون مسئولاً تجاه كل من أصبح دائناً للشركة اعتقاداً منه بصحة الادعاء.”
وهذا هو الأصل العام للحفاظ على المتعامل حسن النية مع هذا النوع من الشركات.
نخلص مما تقدم إلى أن الشركات التي يحتوي عنوانها التجاري على أسماء الشركاء تقوم على الاعتبار الشخصي، وتكون مسؤولية الشريك فيها عن ديون الشركة بالتكافل والتضامن مع باقي الشركاء بأمواله الشخصية، ولا يفوتني أن أوضح أن مسؤولية الشركاء الموصين في شركة التوصية البسيطة عن ديون الشركة تكون بمقدار حصتهم في رأس المال ولا تنتقل إلى ذمتهم المالية الخاصة عملا بأحكام المادة (41/ب)* من قانون الشركات، وكذلك الشركاء غير الظاهرين في شركة المحاصة لا يسألون عن ديون الشركة إلا بمقدار حصتهم في رأس المال وفق مقتضيات المادة (51)** من قانون الشركات.
__________________________________________
*المادة (41/ب)من قانون الشركات ” الشركاء الموصون :- ويشاركون في رأس مال الشركة دون أن يحق لهم إدارة الشركة أو ممارسة أعمالها ، يكون كل منهم مسؤولا عن ديون الشركة والالتزامات المترتبة عليها بمقدار حصته في رأس مال الشركة.”
**المادة(51) من قانون الشركات ” ليس للغير حق الرجوع إلا على الشريك الذي تعامل معه في شركة المحاصة ، فإذا اقر أحد الشركاء فيها بوجود الشركة أو صدر عنه ما يدل للغير على وجودها بين الشركاء جاز اعتبارها شركة قائمة فعلا ، وأصبح الشركاء فيها مسؤولين اتجاه ذلك الغير بالتضامن.”
المطلب الثاني
الاسم التجاري لشركات الأموال
شركات الأموال هي الشركات التي تقوم على الاعتبار المالي، ولا اعتداد فيها بالاعتبار الشخصي لكل شريك (1). وتضم هذه المجموعة الشركة المساهمة العامة والخاصة والشركة ذات المسؤولية المحدودة، وقد تجنب قانون الشركات ذكر عبارة العنوان التجاري لمثل هذا النوع من الشركات ونص على اتخاذ اسم للشركة وبين العناصر التي يتكون منها هذا الاسم.
وسبب ذكر الاسم التجاري بدلا من العنوان، أن العنوان له صلة وثيقة بشخصية الفرد الشريك وهذه الشخصية تظهر أهميتها في شركات الأشخاص ( التضامن والتوصية البسيطة ) أما في شركات الأموال فان الأهمية تعطى للاعتبار المالي. وبالتالي ما يميزها عن غيرها من الشركات هو قدرتها المالية والغرض أو الغاية التي أنشئت من أجلها، ولا شأن لأسماء أو لألقاب الشركاء في أهمية الشركة وثقة المتعاملين معها، ذلك لأن الشركاء في هذا النوع من الشركات تتحدد مسؤوليتهم بقدر مساهمتهم في رأس مال الشركة، يضاف إلى ذلك أن الذمة المالية المستقلة لهذه الشركات تمكن الدائنين من أن ينفذوا على أموالها وممتلكاتها لاستيفاء ديونهم ولا علاقة للمساهمين في ضمان التزامات الشركة مهما كانت قدرتهم المالية. لذا فان هذه الشركات تستمد اسمها من الغرض الذي أنشئت من أجله.(2)
نجد المشرع الأردني في قانون الشركات قد جعل شركات الأموال شركات عارية من العنوان بنصه بالمادة 55 على ” تستمد الشركة ذات المسؤولية المحدودة اسمها من غاياتها ويجب أن تضاف إليها عبارة (ذات المسؤولية المحدودة) ويمكن اختصار هذه العبارة بالأحرف (ذ.م.م) وأن يدرج اسمها هذا ومقدار رأسمالها ورقم تسجيلها في جميع الأوراق والمطبوعات التي تستخدمها في أعمالها وفي العقود التي تبرمها ” .
وكذلك نصت المادة (65/ج) مكرر من ذات القانون على:
” يجب أن لا يتعارض اسم الشركة مع غاياتها على أن تتبعه أينما وردت عبارة ( شركة مساهمة خاصة محدودة ) ويجوز أن يكون باسم شخص طبيعي إذا كانت غاية الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة بصورة قانونية باسم ذلك الشخص.”
_____________________________________________________________________________________________
1- فريد العريني ، القانون التجاري اللبناني ، الدار الجامعية ، 2000 ، ص 254.
2- فوزي محمد سامي، الشركات التجارية الأحكام العامة والخاصة ،دار الثقافة ،2006، ص 42 .
بالإضافة إلى المادة (90/ج) من ذات القانون والتي تنص على:
” تستمد الشركة المساهمة العامة اسمها من غاياتها على أن تتبعه أينما ورد عبارة (شركة مساهمة عامة محدودة)، ولا يجوز أن تكون باسم شخص طبيعي إلا إذا كانت غاية الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة بصورة قانونية باسم ذلك الشخص”.
المبحث الثاني
موقف التشريعات من الاسم التجاري لشركات الأموال
عالجت التشريعات في الدول العربية والأجنبية موضوع الاسم التجاري لشركات الأموال، بطرق وأساليب مختلفة، وسيساعد الإطلاع على تشريعات الدول الأخرى، وخاصة تشريعات الدول المجاورة لنا، على تكوين فكرة عامة عن الإجراءات والقوانين التي وضعت لتنظيم هذا الأمر ممن تعرضوا له، وتساعدنا في اتخاذ موقف صحيح في تشريعنا، وتجنب أي إشكاليات قد تحدث. لذا سأتناول في موضوع التشريعات المقارنة أسم شركة المساهمة العامة كونها تمثل شركات الأموال، بالإضافة إلى انعدام الاعتبار الشخصي للشركاء فيها الذي يكاد أن يكون معدوما.
لذا سنبحث هذا الموضوع في مطلبين كالتالي :
المطلب الأول: موقف التشريعات العربية من الاسم التجاري لشركات الأموال.
المطلب الثاني: موقف المشرع الأردني من الاسم التجاري لشركات الأموال في قانون الشركات الأردني.
المطلب الأول
موقف التشريعات العربية من الاسم التجاري لشركات الأموال
اعتنت معظم التشريعات العربية بالشركات وشرعت لها قوانين تنظم عملها، وخاصة شركات الأموال، وسنستعرض التشريعات العربية، وموقفها من الاسم التجاري لشركة المساهمة العامة باعتبارها الشركة التي تمثل شركات الأموال.
نبدأ بالمشرع المصري حيث نص في المادتين (32) و (33) من القانون التجاري لسنة 1883 , المنقولتين عن المادتين (29) و (30) من التقنين التجاري الفرنسي لسنة 1807 , بقوله أن ” شركة المساهمة لا تعنون باسم الشركاء ولا باسم أحدهم “,” وإنما يطلق عليها الغرض المقصود منها كعنوان لها ” , قبل أن ينص في المادة (2) من قانون شركات المساهمة و شركات التوصية بالأسهم و الشركات ذات المسؤولية المحدودة لسنة 1981 على أنه(1) ” شركة المساهمة …….. وتقتصر مسئولية المساهم على أداء قيمة الأسهم التي اكتتب فيها ولا يسأل عن ديون الشركة إلا في حدود ما اكتتب فيه من أسهم . ويكون للشركة اسم تجارى يشتق من الغرض من إنشائها ولا يجوز للشركة أن تتخذ من أسماء الشركاء أو اسم احدهم عنوانا لها .” ، وفي المادة رقم (4) من نفس القانون ” الشركة ذات المسئولية المحدودة هي شركة لا يزيد عدد الشركاء فيها على خمسين شريكا لا يكون كل منهم مسئولا إلا بقدر حصته ……….وللشركة أن تتخذ اسما خاصا ويجوز أن يكون اسمها مستمد من غرضها ويجوز أن يتضمن عنوانها اسم شريك أو أكثر .”
و في حين اقتصرت المادة (4) من الظهير المغربي رقم 17,95 لسنة 1996 المتعلق بشركات المساهمة على ” يجب أن تتضمن المحررات و الوثائق الصادرة عن الشركة و الموجهة إلى الغير خاصة منها الرسائل و الفاتورات و مختلف الإعلانات و المنشورات , تسمية الشركة مسبوقة أو متبوعة مباشرة وبشكل مقروء بعبارة ” شركة مساهمة ” أو الأحرف الأولى ” ش.م ” ومبلغ رأس مال الشركة ومقرها الاجتماعي بالإضافة إلى رقم تقييدها في السجل التجاري “.
______________________________________________________________
1- أكرم ياملكي , القانون التجاري الشركات (دراسة مقارنه) , دار الثقافة , 2006 , ص 145 .
وتحت العنوان الأول الشركة خفية الإسم ، الفرع الأول أحكام عامة نص الفصل 160 من مجلة الشركات التجارية التونسية لسنة 2000 على ((الشركة خفية الإسم، هي شركة أسهم تتكون من سبعة مساهمين على الأقل يكونون مسؤولين في حدود مساهماتهم وتتمتع بالشخصية المعنوية. وتعرف الشركة خفية الإسم بتسمية اجتماعية مسبوقة أو ملحقة بشكل الشركة ومبلغ رأس مالها. ويجب أن تكون هذه التسمية مختلفة عن كل تسمية لكل شركة سابقة. الوجود)).
وجاء في المادة (77) من قانون التجارة اللبناني لسنة 1942 المتضمنة أن ((الشركة المغفلة هي شركة عارية من العنوان تؤلف بين عدد من الأشخاص يكتتبون باسهم أي اسناد قابلة للتداول ولا يكونون مسؤولين عن ديون الشركة إلا بقدر ما وضعوه من المال.)).
و في قانون الشركات السوري رقم 3 لسنة 2008 في المادة (88) نص على ” اسم الشركة
1 ـ لا يجوز أن يكون اسم الشركة اسماً لشخص طبيعي إلا إذا كان غرض الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة باسم هذا الشخص.
2 ـ يجب أن يتبع اسم الشركة عبارة «شركة مساهمة».
3 ـ إضافة إلى البيانات التي يجب على الشركات إدراجها في مطبوعاتها وإعلاناتها وعقودها، يجب على الشركة المساهمة إدراج رأسمالها في هذه الأوراق. ” . حيث ألغى هذى القانون أحكام الكتاب الثاني من قانون التجارة الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 149 تاريخ 1949 وتعديلاته المتعلقة بالشركات التجارية حيث انه كان يجيز استخدام اسم شخص طبيعي في حالة كان له شهرة تجارية واسعة كما ذكر في المادة (90) من قانون التجارة السوري.
وذهبت المادة (63) من قانون الشركات التجارية الكويتي رقم 15 لسنة 1960, المعدلة بالمرسوم رقم (16) لسنة 1992, إلى أبعد من ذلك بنصها على أن ” شركة المساهمة شركة عارية عن العنوان و يجب أن يطلق عليها اسم تجاري معين يشير إلى غايتها و يخصصها ولا يجوز أن يكون الاسم مستمداً من اسم شخص طبيعي إلا في الحالات التالية :
أ- إذا كان غرضها استثمار براءة اختراع مسجلة قانوناً باسم هذا الشخص.
ب- إذا تملكت الشركة مؤسسة تجارية تحمل اسم شخصي طبيعي.
ت- إذا تم التحول إلى شركة مساهمة من شركة إلى شركة يشمل عنوانها على اسم شخص طبيعي.
(ويجب أن يتبع اسم الشركة أينما ورد عبارة شركة مساهمة ) “.
وجاء نص المادة (60) من قانون الشركات التجاري اليمني لسنة 1997 مشابهاً لذلك ” يجب أن يكون اسم الشركة المساهمة مشتقاً من غرضها ولا يجوز أن يشتمل اسم الشركة المساهمة على اسم شخص طبيعي إلاَّ إذا كان موضوع الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة باسم هذا الشخص أو إذا تملكت الشركة عند تأسيسها أو بعد ذلك مؤسسة تجارية واتخذت اسمها اسماً لها، وفي جميع الأحوال يجب أن يضاف إلى اسم الشركة عبارة (شركة مساهمة) مكتوبة بالحروف الكاملة.”.
وهو نفس ما نصت عليه المادة (61) من قانون الشركات التجارية البحريني رقم 21 لسنة 2001 ” يجب أن يكون لشركة المساهمة اسم تجاري معين يخصصها ويشير إلى غايتها. ولا يجوز أن يكون هذا الاسم مستمدا من اسم شخص طبيعي، إلا إذا كانت غاية الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة قانونا باسم هذا الشخص، أو إذا تملكت الشركة عند تأسيسها أو بعد ذلك مؤسسة تجارية واتخذت اسمها اسما لها. ويجب أن يتبع اسم الشركة، أينما ورد، عبارة -شركة مساهمة بحرينية-“.
كما أن المادة (50) من نظام الشركات السعودية لسنة 1965 قد نصت على ” لا يجوز أن يشتمل اسم الشركة المساهمة على اسم شخص طبيعي إلا إذا كان غرض الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة باسم هذا الشخص أو إذا تملكت الشركة مؤسسة تجارية واتخذت اسمها إسما لها . “.
وهو نفس ما نصت عليه المادة (65) من قانون الشركات التجارية الاتحادي الإماراتي لسنة 1984 ” يكون لكل شريك مساهمة عامة اسم مشتق من غرضها، ولا يجوز أن يكون اسما لشخص طبيعي إلا إذا كان غرض الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة باسم هذا الشخص، أو إذا تملكت الشركة عند تأسيسها أو بعد ذلك متجرا واتخذت اسمه اسما لها.
وفي جميع الأحوال يجب أن يضاف إلى اسم الشركة عبارة ” شركة مساهمة عامة “…..”.
وكذلك الأمر بالنسبة للمادة (62) من قانون الشركات التجارية القطري رقم 5 لسنة 2002 ” يكون لكل شركة مساهمة اسم يشير إلى غرضها. ولا يجوز أن يكون اسماً لشخص طبيعي، إلا إذا كان غرض الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة باسم هذا الشخص، أو إذا تملكت الشركة منشأة تجارية واتخذت اسمها اسماً لها. وفي جميع الأحوال يجب أن يضاف إلى اسم الشركة عبارة (شركة مساهمة قطرية).”
في حين ذهب المشرع العماني بنصه في المادة (57) من قانون الشركات التجارية رقم 4 لسنة 1974 على ” يمكن أن يتألف اسم الشركة المساهمة من أي كلمة، ولا يجوز أن يكون اسما لشخص طبيعي، إلا إذا كانت غاية الشركة استغلال براءة اختراع مسجلة قانونا باسم ذلك الشخص، شرط أن لا يكون اسم الشركة مضللا لغاياتها أو هويتها أو هوية أعضائها، يجب أن يتبع اسم الشركة أينما ظهر بعبارة شركة مساهمة عمانية مقفلة أو المصطلح (ش.م.ع.م) أو شركة مساهمة عمانية عامة أو المصطلح (ش.م.ع.ع).” .
وبينما كانت المادة (33) من قانون الشركات التجارية العراقية الأسبق لسنة 1957 تنص على انه ” يطلق على الشركة المساهمة أسم مستمد من أعضائها أو تسميه خاصة مقبولة تطلق عليها, وتكون عارية من العناوين “, وأوضحت في المادة (34) منه أنه:
” 1- لا يجوز أن يكون هذا الاسم مستمدا من اسم شخص طبيعي إلا إذا كان غرض الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة قانونياً باسم ذلك الشخص.
2- لا يجوز أن يتضمن الاسم ما يشير صراحة أو دلالة على رعاية الملك أو ترخيصه أو موافقته بدون إذن خاص.
3- ولا أن يكون فيه ما يؤدي إلى استغلال الجمهور على نحو غير مشروع .
4- أينما ورد اسم الشركة يجب أن يتبعه عبارة ( شركة مساهمة ) مع بيان رأس مالها.
5- …. الخ”, جاءت الفقرة ( أولاً ) من المادة (13) من قانوني الشركات اللاحقين لسنة 1983 و سنة 1997 بنص عام, ضمن مستلزمات تأسيس الشركة (أي شركة ), يستلزم كون اسمها مستمداً من نشاطها, يذكر فيه نوعها… , وإن استدركت بعد ذلك فأجازت ” إضافة أية تسمية مقبولة ( إن كانت مساهمة أو محدودة ), وجاءت بعدها المادة (23) من القانون التجاري لسنة 1984 لتؤكد على أنه يجب أن يدل الاسم التجاري للشركة على نوعها.(1)
والمشرع الليبي اقتصر في نص المادة (480) من القانون التجاري لسنة 1954, تحت عنوان ( تسمية الشركة ), على انه ” يجب أن يرافق اسم الشركة التجارية كيفما تم اختياره بيان صفتها بأنها شركة مساهمة “.
و نص المشرع الجزائري الذي في المادة (593) من قانون التجاري لسنة 1975, المعدلة بمرسوم 1993/4/25 على أنه ” يطلق على شركة المساهمة تسمية الشركة، ويجب أن تكون مسبوقة أو متبوعة بذكر شكل الشركة ومبلغ رأسمالها. يجوز إدراج اسم شريك واحد أو أكثر في تسمية الشركة. “.
بذلك نكون اطلعنا على أهم تشريعات الدول العربية المجاورة, التي غالباً ما تتعرض إلى نفس الظروف و المشاكل التي نتعرض لها، و نلاحظ التباين في المواقف بين التشريعات المعروضة, مابين من يمنع و بين من يجيز, إلا أن من أجاز منهم من جعل الإجازة في حد ضيق ومنهم من أعطا حرية كاملة في اختيار الاسم, ورغم أن المشرع الأردني قد سمح أن يكون الاسم مستمد من اسم شخص طبيعي لكن ضمن استثناء واحد وهو استثمار براءة اختراع مسجل بسم هذا الشخص, لكنه بهذا الاستثناء يتقدم بخطوة عن التشريع المصري والتونسي واللبناني, حيث أنهم لم يستثنوا أي حاله, إلا أنها متأخرة بخطوات عن التشريع الكويتي والإماراتي والسعودي والعماني والقطري والبحريني واليمني, حيث أنهم توسعوا في الاستثناء, بشكل يخدم مصالح الشركات, إلا أن المشرع الليبي والجزائري و المغربي قد أطلقا الحرية دون تقييد, لكن هذه الحرية خاصة في تشريعات الشركات المساهمة العامة محفوفة بالخطر من استغلال هذه الحرية في أغراض المنافسة الغير شريفة و الاحتيال.
______________________________________________________________
1- أكرم ياملكي , القانون التجاري الشركات (دراسة مقارنه) , دار الثقافة , 2006 , ص 145 .
المطلب الثاني
موقف المشرع الأردني من الاسم التجاري لشركات الأموال في قانون الشركات الأردني
تنص المادة (55) من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 وتعديلاته, على:
” تستمد الشركة ذات المسؤولية المحدودة اسمها من غاياتها ويجب أن تضاف إليها عبارة (ذات المسؤولية المحدودة) ويمكن اختصار هذه العبارة بالأحرف (ذ.م.م) وان يدرج اسمها هذا ومقدار رأسمالها ورقم تسجيلها في جميع الأوراق والمطبوعات التي تستخدمها في أعمالها وفي العقود التي تبرمها “.
وتنص المادة (65/ج) مكرر من ذات القانون على :
” يجب أن لا يتعارض اسم الشركة مع غاياتها على أن تتبعه أينما وردت عبارة ( شركة مساهمة خاصة محدودة ) ويجوز أن يكون باسم شخص طبيعي إذا كانت غاية الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة بصورة قانونية باسم ذلك الشخص “.
كما تنص المادة (90/ج) من ذات القانون على:
” تستمد الشركة المساهمة العامة اسمها من غاياتها على أن تتبعه أينما ورد عبارة (شركة مساهمة عامة محدودة), ولا يجوز أن تكون باسم شخص طبيعي إلا إذا كانت غاية الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة بصورة قانونية باسم ذلك الشخص “.
من خلال استقراء نصوص المواد آنفة الذكر يستفاد عدم جواز الإشارة إلى اسم أي شريك في الاسم التجاري للشركة المساهمة العامة, كقاعدة عامة, وهذا متأت من مبدأ تحديد مسؤولية جميع الشركاء في هذه الشركة. فكما لا يجوز أن يدخل في عنوان شركة التوصية, أسماء الشركاء الموصين المحدودة مسؤوليتهم والممنوعين من التدخل في الإدارة, فكذلك لا يجوز استعمال أسماء المساهمين في الشركة المساهمة العامة نظراً لتحديد مسؤوليتهم جميعاً بقدر الأسهم التي اشتركوا بها فيها (1), وهذا ما جاءت به
_____________________________________________________________________________________________
1- أكرم ياملكي , القانون التجاري الشركات (دراسة مقارنه) , دار الثقافة , 2006 , ص 142 .
المادة (91) من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 وتعديلاته والتي تنص على :
” تعتبر الذمة المالية للشركة المساهمة العامة مستقلة عن الذمة المالية لكل مساهم فيها ، وتكون الشركة بموجوداتها وأموالها مسؤولة عن الديون والإلتزامات المترتبة عليها ولا يكون المساهم مسؤولاً تجاه الشركة عن تلك الديون والإلتزامات ، إلا بمقدار الأسهم التي يملكها في الشركة”.
وإن السبب في هذا المنع أن ائتمان الشركة يستمد من رأس مالها لا من أسماء الشركاء كما هو الحال في شركات الأشخاص التي يتضمن عنوانها التجاري أسماء الشركاء الذين يكمل ائتمانهم ائتمان الشركة وتكون أموالهم ضامنة للوفاء بديونها. فالمشرع لا يسمح أن يتضمن اسم الشركة اسم شخص طبيعي من المساهمين حتى يحول دون اعتقاد الأغيار الذين يتعاملون مع الشركة بمسؤولية هذا الشخص عن التزامات الشركة في كل أمواله.(1)
ولم يستثن المشرع إلا حالة واحدة من تطبيق هذه القاعدة العامة وهي عدم جواز تضمين اسم شركة الأموال باسم شريك أو أكثر إلا في حالة استثمار براءة اختراع، لذا يفهم من ذلك رفض المشرع انتقال عنوان شركة أشخاص ليصبح اسما لشركة أموال كأصل عام إلا بوجود هذا الاستثناء.
وهنا فان اعتبار الشارع مبرر، وأرى أن من المصلحة بقاءه على حاله، في حالة تأسيس شركة الأموال ابتداءا، وأن العنوان التجاري المراد إعطاؤه لها ليس معروفاً من قبل. إلا أن المشكلة تثور عندما تنوي إحدى الشركات (شركات الأشخاص) بالتحول إلى شركة أموال كشركة ذات مسؤولية محدودة أو مساهمة عامة مثلا، حيث أن اسمها ما هو إلا عنوان تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي، وحيث أن المتعاملين معها قد اعتادوا على اسمها واشتهرت به فإن تغيره قد يضر بها بشكل كبير إن كان الاسم له قيمة تجارية عالية ، فما هو موقف المشرع الأردني من هذه الحالة ؟
نستنتج كقاعدة عامة أن شركات الأموال التي هي لا تقوم على الاعتبار الشخصي ولها ذمتها المالية المستقلة عن المساهمين فيها، مثل الشركة المساهمة العامة والشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة الخاصة المحدودة، لا يجوز أن يكون أسمها مستمد من اسم شخص طبيعي،
_____________________________________________________________________________________________
1- العكيلي , عزيز , شرح القانون التجاري الجزء الرابع في الشركات التجارية , دار العالمية الدولية , 2002 , ص 194 .
وفق أحكام المواد (90/ج) و(55) و(65/ج) من قانون الشركات، وكذلك الحال بالنسبة للمساهمين التي تنحصر مسؤوليتهم في مقدار أسهمهم في الشركات ذات الطبيعة المختلطة، مثل شركة التوصية بالأسهم فلا يجوز أن يتكون اسم الشركة من أسمائهم.
خرج المشرع الأردني عن هذه القاعدة بطريقة غير مباشرة في أكثر من موقع، إذ نص في المادة (56) من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 على السماح لشركة التضامن أو التوصية البسيطة بالاحتفاظ باسمها الأصلي إذا ما رغبت بالتحول إلى شركة ذات مسؤولية محدودة. لكن من المستغرب أن يسمح لشركة ذات المسؤولية المحدودة بذلك، ولا يسمح لشركات المساهمة العامة، وذلك لأن العلة في المنع واحدة في شركات الأموال.
والغريب أن يسمح المشرع للشركة ذات المسؤولية المحدودة بأن تحمل اسم مستمد من أسماء الشركاء بسبب تحولها من شركة تضامن أو توصية بسيطة رغم أن الشريك غير مسؤول عن ديون الشركة إلا بقدر حصته في الشركة فقط، سيما وان المشرع الأردني قد منح الحق بتأسيس شركة ذات مسؤولية محدودة من شخص منفرد وبرأسمال وقدره ألف دينار أردني فقط وفق أحكام المادة (3)* من نظام تسجيل الشركة ذات المسؤولية المحدودة رقم 76 لسنة 2008 الصادر بمقتضى الفقرة 54 من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 ، ولا يجوز لها طرح أسهم أو سندات للتداول وفق أحكام المادة (54/ب)** من قانون الشركات وبذلك فإن ذمتها المالية اضعف من ذمة الشركة المساهمة العامة بكثير، والتي حدد المشرع رأس مالها المصرح به كحد أدنى بـ 500 ألف دينار أردني, والمكتتب به 100 ألف دينار أردني كما جاء بالمادة (95/أ)*** ويسمح لها بإصدار سندات دين, لذا فإن مركزها المالي أقوى من الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
________________________________________________
* المادة 3 من نظام تسجيل الشركات ذات المسؤولية المحدودة ((يحـدد رأسمـال الشركة ذات المسؤولية المحدودة بالدينار الأردني ، على أن لا يقل عن ألف دينار مقسماً إلى حصص متساوية قيمة الحصة الواحدة دينار واحد على الأقل غير قابلة للتجزئة.))
** المادة (54/ب) و تنص على ((لا يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة طرح حصصها أو زيادة رأسمالها أو الاقتراض بطريقة الاكتتاب)).
*** المادة (95/أ) و تنص على ((يحدد رأس مال الشركة المساهمة العامة المصرح به وكذلك الجزء المكتتب به فعلاً بالدينار الأردني ويقسم إلى أسهم اسمية وتكون قيمة السهم ديناراً واحداً، شريطة أن لا يقل راس المال المصرح به عن خمسمائة ألف (500.000) دينار و راس المال المكتتب به عن مئة ألف (100.000) دينار أو عشرين بالمائة (20%) من راس المال المصرح به أيهما أكثر.))
وبالرغم من هذا التجاوز لم يضع المشرع أية قيود عليه ، مثل القيد الذي وضع على شركة التضامن عند موت أحد الشركاء ونية الشركة بالاحتفاظ بعنوان الشركة كما هو في المادة (10/ج) من قانون الشركات وهذا القيد هو “أن يكون هذا العنوان التجاري قد اكتسب شهرة تجارية”، فقط اشترط أن يكون لشركة تضامن أو شركة توصية البسيطة .
المبحث الثالث
إمكانية استخدام شركة الأموال لاسم تجاري مستمد من أسم شخص طبيعي
لا يلجأ المشرع عادة إلى تعديل مادة أو سن تشريع إلا لتحاشي خطر وتفاديه أو لجلب منفعة أو لمواكبة التطورات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية وغيرها، ومن أهمها تشجيع الاستثمار الذي يعود بدخل وفير لخزينة الدولة وينعكس على الاقتصاد بشكل ايجابي، وهو بذات الوقت خطر إن ترك بلا تنظيم، فالخوف يكمن في تجميع الأموال من المساهمين ومن ثم يتضح فيما بعد بأن هذه الشركة وهمية أو لا أساس لها، إضافة إلى ممارسات أخرى كثيرة قد تصيب الاقتصاد بالعجز أو تدمره، لذا يجب الموازنة بين المنفعة المرجوة والخطر المحتمل، وتطبيقا لهذه المخاطر يثور تساؤل هام وهو: هل من الصواب منع استخدام اسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي لشركة أموال أم إجازته ؟ وما هي حدود المنع أو الإجازة ؟
سأتناول للإجابة على هذا التساؤل مطلبين إضافة إلى بيان الاستثناء الوارد في القانون الأردني من إمكانية استخدام شركة الأموال لاسم شخص طبيعي وذلك على النحو التالي:
المطلب الأول: المصلحة من استخدام اسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي.
المطلب الثاني: حدود استخدام اسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي.
المطلب الأول
المصلحة من استخدام اسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي
قبل أن يجيز المشرع استخدام اسم شخص طبيعي كاسم لشركة أموال أو يمنعه لا بد أن نعرض لأهم الفوائد والمصالح التي ستعود علينا من السماح أو التوسع في الاستثناء عن القاعدة، والمفاسد أو الأخطار التي قد تحدث جراء هذه الإجازة، لذا علينا أن نتناول بالبحث العلل التي تمنع من أن تستمد الشركة المساهمة إسمها من إسم شخص طبيعي وهل هناك انتقادات أو سلبيات لذلك ؟
العلة الأساسية للمنع تتعلق بإتمان الشركة، حيث أن ائتمان الشركة يعود على ذمتها المالية المستقلة عن ذمم المساهمين أو المؤسسين فيها، ولا يسألوا عن ديونها إلا بمقدار مساهمتهم في رأس المال، وذلك خوفاً من أن يستغل إسم ذو ذمة مالية مليئة، يظن بسببه المتعاملين أو المتعاقدين مع الشركة بأنه مسؤول بذمته المالية عن ديون الشركة، مما يدفع للتعاقد مع الشركة دون خوف، لملاءة الذمة المالية لهذا الشريك، وقد يكون ذلك مخالف لحالة الشركة المالية مما يوقع المتعاملين معها في الغرر.
أولا : بالرغم من وجاهة السبب الوارد بعلة هذا المنع, إلا انه أغفل القيمة التجارية للعنوان التجاري الذي إرتبط بإسم شركة تضامن أو التوصية البسيطة, إذ أن مثل هذا العنوان عادةً لا يعبر عن القوة أو الملاءة المالية للشركة إنما عن منتجها وجودته, فيرتبط الإسم مع المعاملة وحسن الإدارة وجودة البضاعة أو المنتج ونادراً ما يعبر عن القوة المالية للشركة, وهذه القيمة التجارية الذي يكسبها العنوان التجاري من إقبال الناس للتعامل معها إما بالتوريد لها أو الشراء منها قد تكون أكبر من قيمة رأس مال الشركة الاسمي, فإن أرادت الشركة التوسع والتحول لشركة مساهمة, فستواجه عقبة فقدان العنوان التجاري, الذي قد يؤدي إلى الإضرار بالشركة, حيث أن الغير يتعامل مع الشركة لكسبها الثقة التي بنتها الشركة جراء عملها والتي في النهاية تتمثل بالعنوان التجاري .
وقد لاحظنا في المادة (10/ج ) من قانون الشركات اعتراف من المشرع بقيمة العنوان التجاري, حيث أجاز احتفاظ الورثة بالعنوان التجاري لمورثهم شريطة اكتسابه للشهرة التجارية.
ثانياً إن شركات المساهمة العامة عادة تتمتع برأس مال قوي يفوق النصف مليون دينار أردني, فمن النادر ما تتفوق الذمة المالية لأحد المساهمين على ذمة الشركة ويكون لها الاعتبار ألأكبر.
ثالثاً إن المشرع نص على أن يتبع الاسم أينما ذكر بعبارة ” شركة مساهمة عامة محدودة ” المادة رقم (90/ج) من قانون الشركات الأردني, وهذا الإلزام كفيل بشكل كبير بأن يوضح وضع الشركة ونوعها لحماية المتعاملين معها.
رابعاً أن هذا المنع قد يفوت منفعة للشركة من استغلال عنوانها التجاري القديم, أو قد يؤدي إلى الإضرار بها جراء حرمانها من استغلال عنوانها التجاري التي أنفقت علية الكثير لتجعله ذا شهرة تجارية معتبرة, حيث أن دوافع الكثير من المتعاملين مع الشركات يتركز بثقته باسم الشركة. فمثلاً شركة فلان وفلان الغذائية عند بداية إنتاجها اهتمت بجودة الأغذية التي تنتجها, لذا فإن عنوان الشركة التجاري يرتبط بالجودة مع الزمن, فيصبح المستهلك يقدم ويفضل السلعة التي تحمل هذا الاسم عن غيرها, وذلك بسبب الثقة التي كسبها الاسم ورسمت تصور لها في نفس العميل .
وأخيراً أدرك الكثير من المشرعين هذه المشكلة وسنوا التشريعات التي تنظم هذه المسألة وتعالجها , ورأي كباحث أنه من الصواب السماح للشركات التي تتحول لشركة مساهمة عامة بانتقال عنوانها التجاري معها ليكون الاسم التجاري لشركة المساهمة العامة وذلك للاعتبارات السابقة, بالإضافة للمنفعة التي يقدمها الاسم للشركة فهو يدفع الغير للإقبال على التعامل معها و يعزز مكانتها .
المطلب الثاني
حدود استخدام شركة الأموال لاسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي
عند السماح لشركة الأموال أن تستمد اسمها التجاري من اسم شخص طبيعي, فهل هذه الإجازة تكون على إطلاقها ؟ أم من الأفضل أن تكون مقيدة ؟
إذ وبالاسترشاد بتشريعات الدول الأخرى وتحديدا المجاورة منها , نجد أن غالبية المشرعين قد قيدوا استخدام إسم الشخص الطبيعي في تكوين إسم شركة أموال وفرض بعض الشروط على مثل هذا الاستخدام.
فالتوسع بالإجازة , والسماح بأن يستمد اسم الشركة من اسم شخص طبيعي منذ إنشائها – كما فعل المشرع الليبي والجزائري – وحيث أن هذا الإسم المستمد من إسم شخص طبيعي غير مشهور كشركة أو إن لم يكن في الأصل عنوان لشركة تضامن أو توصية بسيطة, سيجعل الغير يظن أن إسم الشخص المذكور في اسم الشركة بأنه ضامن لديون الشركة, وهذا يخلق لدى الغير نوعا من التضليل سيما وأن المشرع عادة يميل إلى حماية حسن النية, وقد يؤدي إلى إشكاليات أخرى كاستخدام اسم شخص طبيعي أو اسم عائلته والذي يشابه أسماء شركات أو أسماء تجارية مشهورة. لذا من الأفضل تقييد هذه الحرية, كالبند الذي وضعه المشرع الكويتي على سبيل المثال وهو:” إذا تم التحول إلى شركة مساهمة من شركة يشمل عنوانها على اسم شخص طبيعي”.
والتوسع في تطبيق هذا القيد يثير معضلة في هذا المقام وهي : إذا أرادت شركة أشخاص تحمل عنوانا تجاريا لم يكتسب أية شهرة ولم تصبح له قيمة تجارية بالتحول إلى شركة أموال وبخاصة إلى شركة مساهمة عامة, أو أن إسم الشخص المذكور في العنوان يغلب عليه القيمة المالية (مثلاً أنه ثري بشكل كبير) وليس له قيمة تجارية معادلة على الأقل, فإن اتخاذ مثل هذا العنوان ليصبح اسم لشركة أموال قد يحتوي على التضليل, ويفتح مجالا خصبا لممارسات غير قانونية, لذا ربما من الأفضل تضمين شرط على إدراج العنوان كاسم تجاري اكتسابه للشهرة التجارية قبل هذا التحول.
ورغم أن المشرع قد اشترط أن يكون العنوان التجاري قد اكتسب شهرة تجارية، لبقائه في حال وفاة احد الشركاء أو جميعهم في المادة (10/ج) من قانون الشركات، إلا انه لم يحدد معيارا محددا للقياس عليه، لذا فإن تحديد معيار واضح ودقيق لتحديد مدى شهرة العنوان التجاري يساعد في حسن تطبيق هذا الاستثناء، دون حدوث خلاف أو نزاع في تقدير أو تحديد شهرة العنوان التجاري، وهذا الموضوع يحتاج إلى بحث مستقل بحد ذاته ولا مجال لتناوله في عرض هذا البحث.
عالجت التشريعات المقارنة حاله استثنائية أخرى لجواز استخدام شركة الأموال لاسم شخص طبيعي وهي حالة شراء شركة يحوي إسمها على إسم شخص طبيعي, حيث أن المشرع السعودي والكويتي واليمني والبحريني والاماراتي والقطري أجازا إستخدام هذا الإسم ليصبح إسم لشركة مساهمة عامة, وأجد أن هذا الإستثناء وجيه, وذلك لأن بعض الشركات يكتسب عنوانها التجاري قيمة تجارية, تطمح له الشركات الأخرى لتدعم بها منتجاتها أو خدماتها مما يعزز مكانتها في السوق, وحيث أن اعتبار القيمة التجارية يتفوق على اعتبار القيمة المالية لذمة صاحب الإسم فإني لا أجد من الخطأ السماح بهذا الإستثناء مع الإشارة إلى أن المشرع الأردني لم يورد أي نص بخصوص هذا الاستثناء.
النتائج
أولا : تختلف المواد القانونية التي تحكم الشركة بناءا على النوع والشكل الذي تتخذه الشركة لممارسة نشاطها، حيث أن المشرع خصص لكل شركة نصوص تحدد كيفية تعيين عنوان الشركة بناءا على نوع الشركة والشكل الذي اتخذته لممارسة نشاطها.
ثانيا : شركات الأشخاص يتكون عنوانها التجاري من اسم أو أكثر من أسماء الشركاء المتضامنين فيها ويمنع استخدام أسماء الشركاء الموصين والشركاء الغير الظاهرين، وتكون مسؤوليتهم عن ديون الشركة بالتكافل والتضامن بأموالهم الشخصية.
ثالثا : شركات الأموال يتكون أسمها التجاري من الغاية التي أنشأت لأجلها ويتبعها عبارة شركة مساهمة عامة أو شركة مساهمة خاصة أو ذات مسؤولية محدودة، ذلك لان الضمان العام لديون الشركة هو رأس مال الشركة، ولا يتعدى إلى الذمة المالية الخاصة بالشركاء.
رابعا : تباين المواقف بين التشريعات العربية في السماح باحتواء أسم شركة الأموال لأسم شخص طبيعي، مابين من يمنع منها ومن يجيز, إلا أن من أجاز منهم ذلك جعل هذه الإجازة في حد ضيق ومنهم من أعطى حرية كاملة في اختيار الاسم, ورغم أن المشرع الأردني قد سمح أن يكون الاسم مستمد من اسم شخص طبيعي لكن ضمن استثناء واحدا وهو استثمار براءة اختراع مسجل باسم هذا الشخص, لكنه بهذا الاستثناء يتقدم بخطوة عن التشريع المصري والتونسي واللبناني, حيث أنهم لم يستثنوا أية حاله, إلا أنها متأخرة بخطوات عن التشريع الكويتي والإماراتي والسعودي والعماني والقطري والبحريني واليمني, حيث أنهم توسعوا في مثل هذا الاستثناء بشكل يخدم مصالح الشركات والمساهمين والمتعاملين معها, إلا أن المشرع الليبي والجزائري قد أطلقا الحرية دون أية قيود.
خامسا : اعترف المشرع الأردني بالقيمة التجارية للعنوان التجاري في المادة (10/ج) من قانون الشركات حيث سمح ببقاء عنوان الشركة كما هو في حالة موت الشركاء أو أحدهم، خلافا لما نصت عليه نفس المادة في الفقرة أ، شريطة اكتساب العنوان التجاري لشهرة تجارية لكن دون بيان المعايير التي تحدد فيما إذا كان هذا الاسم قد اكتسب الشهرة التجارية أم لا.
سادسا : اخذ المشرع الأردني بمبدأ تحول العنوان التجاري لشركة الأشخاص إلى أسم تجاري لشركة أموال، وذلك بصريح نص المادة (56) من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 الذي سمح لشركة التضامن أو التوصية البسيطة بالاحتفاظ باسمها الأصلي إذا ما رغبت بالتحول إلى شركة ذات مسؤولية محدودة .
سابعا : رغم أن المشرع قد اشترط أن يكون العنوان التجاري قد حصل على شهرة تجارية لبقائه، كما هو في حال موت كل أو احد الشركاء في شركة التضامن بنص المادة ( 10/ج ) من قانون الشركات، إلا انه لم يضع أي شرط لتحول العنوان التجاري لشركة التضامن أو التوصية البسيطة إلى اسم تجاري لشركة ذات مسؤولية محدودة.
التوصيات
أولا : تعديل المادة (55) من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 , لتصبح ((تستمد الشركة ذات المسؤولية المحدودة اسمها من غاياتها ويجب أن تضاف إليها عبارة (ذات المسؤولية المحدودة) ويمكن اختصار هذه العبارة بالأحرف (ذ.م.م) وان يدرج اسمها هذا ومقدار رأسمالها ورقم تسجيلها في جميع الأوراق والمطبوعات التي تستخدمها في أعمالها وفي العقود التي تبرمها, ولا يجوز أن تكون باسم شخص طبيعي إلا إذا تم التحول إلى شركة ذات مسؤولية محدودة من شركة يشمل عنوانها على اسم شخص طبيعي، بشرط أن يكون العنوان التجاري قد اكتسب شهرة تجارية)).
وحذف المادة رقم (56) من ذات القانون.
ثانيا : تعديل المادة (65/ج مكرر) من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 , لتصبح (( يجب أن لا يتعارض اسم الشركة مع غاياتها على أن تتبعه أينما وردت عبارة ( شركة مساهمة خاصة محدودة ) , ولا يجوز أن تكون باسم شخص طبيعي إلا إذا كانت :
1- غاية الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة بصورة قانونية باسم ذلك الشخص .
2- إذا تم التحول إلى شركة مساهمة من شركة يشمل عنوانها على اسم شخص طبيعي.
3- إذا تملكت الشركة شركة تجارية تحمل اسم شخصي طبيعي .
بشرط أن يكون العنوان التجاري قد اكتسب شهرة تجارية ويسري هذا القيد على البندين (2) و (3) من هذه المادة.
ثالثا : تعديل المادة (90/ج) من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 , لتشمل إستثناءات إضافيه على القاعدة العامة لتصبح كالتالي :
( تستمد الشركة المساهمة العامة اسمها من غاياتها على أن تتبعه أينما ورد عبارة (شركة مساهمة عامة محدودة), ولا يجوز أن تكون باسم شخص طبيعي إلا إذا كانت:
1- غاية الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة بصورة قانونية باسم ذلك الشخص .
2- إذا تم التحول إلى شركة مساهمة من شركة يشمل عنوانها على اسم شخص طبيعي.
3- إذا تملكت الشركة شركة تجارية تحمل اسم شخصي طبيعي .
بشرط أن يكون العنوان التجاري قد إكتسب شهرة تجارية يسري هذا القيد على البندين (2) و (3) من هذه المادة.
الخاتمة
يتضح لنا مما تقدم في البحث العناية البالغة التي أولاها المشرع الأردني في سن التشريعات التي تنظم كافة الأمور الكبيرة والصغيرة المتعلقة بالشركات، وذلك لما لها من أهمية بالغة في دفع عجلة الاقتصاد للإمام واستقرارها، ومن هذه الأمور موضوع هذا البحث، على بساطته إلا أن طريقة تحديد الاسم التجاري لشركات الأموال له أهمية بالغة، لارتباطه بالذمة المالية للشركة، لذا كان المشرع الأردني حريص على أن لا يستخدم اسم الشخص الطبيعي إلا في الشركات التي يكون الشركاء فيها مسؤولين عن ديون الشركة بأموالهم الشخصية، وأن لا يستمد الاسم التجاري لشركة الأموال من اسم شخص طبيعي إلا في استثناء وحيد وهو أن يكون استثمار براءة اختراع مسجلة باسم هذا الشخص وذلك لأن المساهمين في شركات الأموال تنحصر مسؤوليتهم عن ديون الشركة بمقدار مشاركتهم برأس المال .
إلا أن الاستثناء الوحيد الذي وضعه المشرع الأردني لا يعالج كافة إحتياجات الشركات، وخاصة مصلحة الشركات التي تريد التحول من شركات أشخاص إلى شركات أموال، إذ ستواجه هذه الشركات المتحولة خطر خسارة عنوانها التجاري الذي اكتسب شهرة تجارية، الذي يؤدي للإضرار بها، حيث أنها خسرت أهم ما يعرفها لدى المتعاملين معها، وخسرت العنوان الذي اكتسب ثقة المتعاملين معها، ومعنى ذلك أنها ستبدأ من جديد لبناء اسم جديد، وهذا الأمر محفوف بالكثير من المعوقات ويحتاج إلى وقت طويل ليكتسب الاسم الجديد الثقة التي اكتسبها العنوان السابق للشركة، وقد لا يكتسبها .
وباستعراض التشريعات الخاصة بالدول العربية والمجاورة على وجه الخصوص, وجدنا أن المشرعين في الدول العربية لم يكن لهم موقف موحد من تعين الاسم التجاري لشركات الأموال، فبعض المشرعين لم يسمح بأي استثناء على قاعدة المنع من استخدام اسم شخص طبيعي في تكوين اسم شركة أموال وتوجه قسم آخر للسماح باستخدام اسم شخص طبيعي لتكوين اسم شركة أموال دون قيود أو ضوابط، ألا أن قسم من المشرعين قد سمحوا ببعض الاستثناءات على القاعدة ومنها المشرع الأردني حيث انه نص على استثناء وحيد وكذلك اتجه بعض المشرعين في ذات الاتجاه إلا انه هناك قسم آخر من المشرعين الذين سمحوا ببعض الاستثناءات الإضافية متجاوزين ما توقف عنده المشرع الأردني، وعلية كان من الضروري معرفة أي التشريعات حققت وحافظت على المصلحة العامة ومصلحة الشركة مجتمعتين.
وبناءا على ما سبق بيانه في البحث من موقف المشرع الأردني من استخدام اسم شخص طبيعي في اسم تجاري لشركة أموال، نجد أن المشرع الأردني أخذ موقف دفاعي أكثر من اللازم للدفاع عن حقوق المتعاملين مع الشركة، حيث لم يسمح إلا باستثناء واحد وهو في حالة استثمار براءة اختراع لهذا الشخص، نجد أن هذا الاستثناء الوحيد لا يخدم مصالح الشركات الأموال و خاصة التي تريد التحول إلى شركة أموال من شركة أشخاص.
لذا أجد بعد استعراض ونقاش كافة المواد التي تعالج تحديد الاسم التجاري في قانون الشركات الأردني، أن منع استخدام اسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي لشركات الأموال على إطلاقه لا يخدم المصلحة العامة ولا يشجع الشركات، خاصة التي تحقق نجاحا ورغبتها في التحول إلى شركة أموال لزيادة نشاطها وتوفير المال الكافي لتوسعها، وكذلك السماح باستخدام اسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي لشركات الأموال بلا قيود غير مأمون ويفتح المجال للاحتيال ولتكوين شركات وهمية هدفها فقط جمع المال، استنادا لملاءة الشخص الطبيعي الذي استخدم اسمه كاسم لشركة أموال، لذا فالموقف الذي أوصي بأن يتخذه المشرع هو التوسع في الاستثناء بما يخدم مصالح الشركات ويحافظ على المصلحة العامة، كما وضحت في التوصيات.
تم بحمد الله وتوفيقه
والحمد لله رب العالمين
المراجع
أولا : المؤلفات الفقهية :
1- أكرم ياملكي , القانون التجاري الشركات (دراسة مقارنه) , دار الثقافة , 2006 .
2- عزيز العكيلي , شرح القانون التجاري الجزء الرابع في الشركات التجارية , دار العالمية الدولية , 2002 .
3- عزيز العكيلي ، الشركات التجارية في القانون الأردني دراسة مقارنة مع قوانين الشركات في كل من العراق لبنان السعودية مصر ، مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع ،1995.
4- علي البارودي ، مبادئ القانون التجاري و البحري ، دار المطبوعات الجامعية ، 1977.
5- فريد العريني ، القانون التجاري اللبناني ، الدار الجامعية ، 2000.
6- فوزي محمد سامي، الشركات التجارية الأحكام العامة والخاصة ،دار الثقافة ،2006.
7- محمد فريد العريني ومحمد السيد الفقي ، القانون التجاري الأعمال التجارية – التجار – الشركات التجارية ، منشورات الحلبي الحقوقية ، 2002.
ثانيا : التشريعات :
1- قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 وتعديلاته .
2- قانون الأسماء التجارية رقم 9 لسنة 2006 .
3- القانون المدني رقم 43 لسنة 1976.
4- قانون التجارة رقم 12 لسنة 1966.
5- نظام رقم 76 لسنة 2008 نظام تسجيل الشركة ذات المسؤولية المحدودة صادر بمقتضى الفقرة 54 من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997.
6- قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة قانون رقم 159 لسنة 1981.
7- الظهير المغربي رقم 17,95 لسنة 1996.
8- مجلة الشركات التجارية التونسي قانون عدد ٩٣ لسنة ٢٠٠٠.
9- قانون التجارة اللبناني لسنة 1942.
10- قانون الشركات السوري رقم 3 لعام 2008 .
11- قانون الشركات التجارية الكويتي رقم 15 لسنة 1960.
12- قانون الشركات التجارية اليمني رقم (22) لسنة 1997.
13- قانون الشركات التجارية البحريني رقم 21 لسنة 2001 .
14- نظام الشركات السعودي رقم 6 لسنة 1965.
15- القانون الشركات الاتحادي لدولة الإمارات رقم 8 لسنة 1984.
16- الشركات التجارية القطري رقم 5 لسنة 2002.
17- قانون الشركات التجارية العماني رقم 4 لسنة 1974 .
18- القانون التجاري الليبي لسنة 1954.
19- قانون التجاري الجزائري رقم 75 – 59 لسنة 1975
—–>( الفهرس )<—–
الموضوع الصفحة
المقدمة …………………………………………………………………3
مبحث تمهيدي : الشركات……………………………………………..6
المطلب الأول : تعريف الشركة ………………………………………..8
المطلب الثاني : أنواع الشركات ………………………………………10
المبحث الأول : عنوان الشركة………………………………………..13
المطلب الأول : العنوان التجاري لشركات الأشخاص………………….15
المطلب الثاني : الاسم التجاري لشركات الأموال………………………17
المبحث الثاني : موقف التشريعات من الاسم التجاري لشركات الأموال……………………………………………………………….19
المطلب الأول : موقف التشريعات العربية من الاسم التجاري لشركات الأموال……………………………………………………………….20
المطلب الثاني : موقف المشرع الأردني من الاسم التجاري لشركات الأموال في قانون الشركات الأردني ………………………………………….25
المبحث الثالث : إمكانية استخدام اسم تجاري مستمد من أسم شخص طبيعي………………………………………………………………..29
المطلب الأول : المصلحة من استخدام اسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي………………………………………………………………..30
المطلب الثاني : حدود استخدام اسم تجاري مستمد من اسم شخص طبيعي………………………………………………………………..32
النتائج………………………………………………………………..34
التوصيات…………………………………………………………….36
الخاتمة……………………………………………………………….38
المراجع………………………………………………………………40
لماذا لا تكون اول معجب
اهم شروط نقل التكنولوجيا في بحث قانوني مميز .
المحامي يونس عرب
تنص المادة (9 ) من قانون المنافسة غير المشروعة والاسرار التجارية الاردني على ما يلي:-
أ. يعتبر باطلا كل نص او شرط مقيد للمنافسة يرد في عقد ترخيص يتعلق باي من حقوق الملكية الفكرية قد يكون له اثرسلبي على التجارة وقد يعيق نقل التكنولوجيا ونشرها وبصفة خاصة ما يلي:
1. الزام المرخص له بعدم نقل التحسينات التي يجريها على التكنولوجيا التي يشملها عقد الترخيص الا للمرخص ( النقل العكسي للتكنولوجيا المحسنة ) .
2. منع المرخص له من المنازعة اداريا او قضائيا في حق الملكية الفكرية الذي تم ترخيصه .
3. الزام المرخص له بقبول الترخيص بمجموعة من الحقوق بدلا من حق واحد .
ب. تشمل حقوق الملكية الفكرية المذكورة في الفقرة أ من هذه المادة بوجه خاص ما يلي :
– حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لها .
– العلامات التجارية .
– المؤشرات التجارية .
– الرسوم الصناعية والنماذج الصناعية .
– براءات الاختراع .
– التصاميم للدوائر المتكاملة .
– الاسرار التجارية .
– الاصناف النباتية الجديدة .
ان هذا النص يتضمن حكما بشان موضوع ينظم تشريعيا لاول مرة في الاردن ودون وجود ادوات تشريعية سابقة او احكام قضائية تتصل به ، الا وهو تقييد المنافسة في عقود نقل التكنولوجيا ، مضافا اليه ايضا الشروط المجحفة في تراخيص الملكية الفكرية ، وهو ايضا ينظم تشريعا ولاول مرة في مصر عام 1999 بموجب المواد المواد 72 الى 87 من قانون التجارة المصري لعام 1999 برغم وجود مشاريع قوانين سابقة على هذا التاريخ في مصر وغيرها من الدول العربية .
وقد دارت بشان موضوع نقل التكنولوجيا وتنظيم احكامه العقدية نقاشات كثيرة وجدل واسع ولا تزال في اوساط الفقهاء والجهات القانونية وجهات النشاط الاقتصادي في الدول العربية (1) ، وتعكس كافة النقاشات – التي تتصف بالحدة احيانا – وجهتي نظر رئيستين :-
الاولى تقول اننا يجب ان نفرض اختصاص محاكمنا على عقود نقل التكنولوجيا ، وان نفرض تطبيق احكام قواننيا عليها ، استنادا الى ان قواعد السلوك الدولية في هذا الموضوع تقضي بذلك ، كما ان فيه حماية لمتلقي التكنولوجيا .
ووجهة النظر الثانية تقول ان السياسة التشريعية الوصائية على عقود نقل التكنولوجيا ضارة بالمصالح الوطنية ، ذلك ان مالك التكنولوجيا يكون دائما في مركز القوة ويرفض الاستجابة للخضوع لاختصاص القضاء الوطني او لتطبيق القانون الوطني ، وان الخسارة في ذلك ستعود علينا نحن بحرماننا من التكنولوجيا المتقدمة خاصة اذا كان صاحبها محتكرا ولا تتوافر لدى غيره ، وجعل الشروط التي تخالف الاختصاص القضائي الوطني وتطبيق القضاء الوطني ( المحلي ) باطلة هو جزاء في غاية القسوة ويعاني منه المتلقي الوطني للتكنولوجيا فضلا عن الاجنبي ، واذا كان لا بد من ترتيب جزاء فليكن البطلان النسبي وليس البطلان البطلان المطلق بحيث يمسك المتلقي الوطني للتكنولوجيا العصا من منتصفها ، فيتمكن اذا كان العقد مجحفا بحقوقه من استخدام حقه في الابطال كما يتمكن ان كان العقد محققا لاماله ومصالحه ان يجيز العقد فيزيل البطلان النسبي . ويرد على ذلك اصحاب وجهة النظر الاولى ويقولون اننا لسنا نحن المحتاجين لاستيراد التكنولوجيا وحدنا بل ان مالك التكنولوجيا الاجنبي هو ايضا يحتاج الى تصريفها وتصديرها اكثر من حاجتنا نحن لاستيرادها وهو لا يعطي لنا احدث ما لديه من التكنولوجيا بل يقتصر على منح تكنولوجيا قديمة نسبيا فيقبل فيها اي ثمن واية شروط .
وقد اثر هذا الجدل على التنظيم التشريعي لهذا الموضوع في مصر ، فبعد ان كان مشروع القانون يقضي بالبطلان المطلق لما يسمى بالشروط السوداء في عقود نقل التكنولوجيا ، جاءت النصوص النهائية متضمنة البطلان النسبي لنفس الشروط ، لكن القانون رفض اي تنازل بشان الاختصاص القضائي الوطني بنظر منازعات عقود نقل التكنولوجيا بل قرر ابطال كل اتفاق يخالف ذلك .
وللوقوف على هذا الموضوع في حدود ما يقرره النص ، فاننا نرى لزاما التعرض لماهية نقل التكنولوجيا والبناء القانوني لعقودها ، ثم نعرض للشروط العقدية التي من شانها تقييد المنافسة في عقود نقل التكنولوجيا ورخص الملكية الفكرية.
1. ماهية نقل التكنولوجيا والبناء القانوني لعقودها
أن مصطلح “التكنولوجيا” هو مصطلح حديث النشأة لم يظهر الا في السبعينات (2) وفي الوقت نفسه يتسم بالغموض وعدم الدقة ، وان كان قد ذاع انتشاره خاصة في الدول النامية ، بل واصبح محلاً لاهتمامات حكوماتها على المستوى الدولي لا سيما بعد ان بات مؤكداً لدى الدول المتقدمة ان التكنولوجيا هي مصدر قوتها الاقتصادية والعسكرية ولذالك كان هذا المصطلح محل لتعريفات مختلفة. فيعرف مؤتمر الامم المتحدة للتنمية والتجارة التكنولوجيا بانها كل ما يمكن ان يكون محلاً لبيع او شراء او تبادل وعلى وجه الخصوص براءات الاختراع والعلامات التجارية والمعرفة الفنية غير الممنوح عنها براءات او علامات اوالقابلة لهذا المنح وفقاً للقوانين التي تنظم براءات الاختراع والعلامات التجارية. والمهارات والخبرات التي لا تنفصل عن اشخاص العاملين. والمعرفة التكنولوجية المتجسدة في اشياء مادية وبصفة خاصة المعدات والالات “(3).
والواقع ان هذا التعريف تنقصه الدقة والتحديد فقد ركز المؤتمر جهده على ما يصلح موضوعا او عنصرا ًللتكنولوجيا ورأى فيه بياناً لمفهومها دون أعطاء تعريف واضح لهذا المصطلح الحديث. بينما يعرفها الدكتور حسن عباس بانها ” افكار تتعلق بتطبيقات عملية في مجال الصناعة يترتب عليها تقدم واضح في مستوى الفن الصناعي وذلك بالقياس الى الحالة السابقة لاكتشاف الفكرة” (4)
وهو تعريف يركز في جوهره ويتعلق ببراءة الاختراع اكثر منه تعريفا للتكنولوجيا ، وبراءات الاختراع بل وجميع حقوق الملكية الصناعية ليست سوى عنصرا من عناصر التكنولوجيا يقوم بجانبها عناصر اخرى كتلك المتعلقة بالخبرات المكتسبة باشخاص العاملين نتيجة للدرس والتدريب والتجارب ، وهذه لا تتعلق بتطبيقات علمية في مجال الصناعة ، الا ان توفر هذه الخبرات يعد مصدرا تكنولوجياً هاماً في المقت ذاته.
ويذهب البعض (5) الى تعريفها بانها “الجهد المنظم الرامي لاستخدام نتائج البحث العلمي في تطوير اساليب اداء العمليات الانتاجية بالمعنى الواسع الذي يشمل الخدمات والانشطة الادارية والتنظيمية والاجتماعية وذلك بهدف التوصل الى اساليب جديدة يفترض فيها انها اجدى للمجتمع ” وكما يلاحظ فان هذا التعريف يمتد ليشمل التكنولوجيا الناشئة عن استخدام حق من حقوق الملكية الصناعية او تلك الناتجة عن غير هذا الطريق .
ونخلص مما تقدم ان التكنولوجيا هي تطبيق المعرفة العلمية في تطوير اساليب اداء عمليات النتاج والخدمات زيادة لقدرتها الانتاجية وتحسيناً لاداء الخدمة” ، وهذا يقتضي التطوير المستمر لها حتى يمكن ان تساهم في تعجيل معدلات التنمية ، وهذا يتطلب بدوره عملا متواصلا لتطويعها وتحسينها لتناسب الظروف المحلية والا اصبحت عديمة الفائدة اقتصاديا .
اما المقصود “بنقل التكنولوجيا” فانها تلك العملية الفكرية التي تقوم ما بين مورد التكنولوجيا ومستوردها او متلقيها ، اذ على المورد ان يتيح فرصة للمستورد للوصول الى معلوماته و خبراته كما ان عليه ان يقربها ويوفرها للمستورد ، وهذا يقتضي قيام تعاونا وتبادلا فيما بينهما تمهيدا لاتمام هذا النقل ، ولذلك تعد المفاوضات السابقة لهذا النقل من اصعب المهام وتقتضي خبرة خاصة. ونقل التكنولوجيا لا يقتصر كذلك حتى اضحى هذا النقل سمة بارزة من سمات التجارة الخارجية في السنوات الاخيرة واصبحت التكنولوجيا سلعة تباع وتشترى وقابلة للتصدير استقلالاً عن السلع المادية التقليدية. وها ما يزيد من نظرية التبعية الاقتصادية لتلك الدول للدول المتقدمة. .
ويمكن القيام بنقل التكنويلويجا بعدة وسائل ، ففي الامكان ان تجري عملية النقل على اساس اتفاقات تراخيص استغلال براءات او علامات او اتفاقيات المعرفة الفنية ، او نتيجة للاستشارات المباشرة من جانب المورد في شكل مشروع مشترك ، كما انه يمكن ان يتم نقل التكنولوجيا على اساس عقد انشاء مصانع كاملة ، وهو عقد ينشا بموجبه مصنع جديد بالتكامل عن طريق عقود المساعدة الفنية او عن طريق تدريب الاشخاص واستقدام الخبراء.
اما عن عقود نقل التكنولوجيا ، فقد بدأ اعتبارا من اواخر الخمسينات ومطلع الستينات الاهتمام الدولي بالتنظبم القانوني لنقل التكنولوجيا ، وتولت هيئات دولية واقليمة متخصصة مهمة التوصل الى صيغ نموذجية مقبولة لعقود نقل التكنولوجيا ، وسعت بعضها الى تجسير الهوة ما بين الدول المنتجة للتكنولوجيا والدول المتلقية لها ، كما عملت بعض هذه الهيئات على توفير حلول قانونية لمسائل النزاع التي عادة ما تتصل بنطاق نقل المعرفة وقيودها وبدلات التحسين وشروطه والمسائل القانوني المتعلقة بالاختصاص القضائي والقانون والواجب التطبيق على النزاع ، اضافة الى تحديد عناصر الملكية الفكرية المتصلة بالتكنولوجيا وحقوق الاطراف عليها ، ومن ضمن المسائل التي كانت ولا تزال محل جدل القواعد المتعلقة بحماية سرية نقل التكنولوجيا .
وفي هذا الشان فان اهم الجهود تتمثل بما قدمته وبذلته منظمات وهيئات اربع من هيئات الامم المتحدة الاولى مؤتمر الامم المتحدة للتنمية(انكتاد ) منذ العام 1962 ، وجهود مؤتمر الامم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) منذ 1965 ، وجهود لجنة الامم المتحدة للتجارة الدولية (يونسترال) منذ عام 1966 ، وجهود المنظمة العالمية للمليكة الفكرية (الوايبو) لعام 1967 .
وحديثا قررت المادة 40 من جملة مباديء في حقل مراقبة الممارسات غير المشروعة في التراخيص العقدية تمثل اساسا هاما لمواجهة الشروط الجائرة في تعاقدات وتراخيص نقل التكنولوجيا فقد نصت المادة المذكورة على انه :- (( (1) توافق البلدان الاعضاء على انه قد يكون لبعض ممارسات او شروط منح التراخيص للغير فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية المقيدة للمنافسة آثار سلبية على التجارة ، وقد تعرقل نقل التكنولوجيا ونشرها . (2) لا يمنع اي من احكام هذا الاتفاق البلدان الاعضاء من ان تحدد في تشريعاتها ممارسات او شروط الترخيص للغير التي يمكن ان تشكل في حالات معينة اساءة لاستخدام حقوق الملكية الفكرية او التي لها اثر سلبي على المنافسة في السوق ذات الصلة . وحسبما تنص عليه الاحكام الواردة اعلاه ، يجوز لاي من البلدان الاعضاء اتخاذ تدابير ملائمة تتسق مع الاحكام الاخرى المنصوص عليها في هذا الاتفاق لمنع هذه الممارسات او مراقبتها ، ويجوز ان تشمل هذه التدابير مثلا منع اشتراط عودة الحق في براءات اختراع ناجمة عن التراخيص الى المرخص وليس المرخص له ، ومنع الطعن في قانونية الترخيص او منع اشتراط الترخيص القسري بمجموعة من الحقوق بدلا من حق واحد ، في اطار القوانين واللوائح التنظيمية المتصلة بذلك في اي من الدول الاعضاء .))
ومن هذا النص نجد ان ثمة اتفاق دولي على ما يلي :-
1- ان القيود المفروضة في بعض اتفاقيات نقل التكنولوجيا وتراخيص الملكية الفكرية سيكون لها اثر سلبي على التجارة العالمية وستؤدي لعرقلة نقل ونشر التكنولوجيا .
2- للدول الاعضاء حق تحديد الممارسات او الشروط ذات الاثر السلبي ولها حق اتخاذ التدابير لمنعها او مراقبتها .
3- يحق حظر اشتراط عودة الحق في براءات اختراع ناجمة عن التراخيص الى المرخص .
4- يحق منع الطعن في قانونية الترخيص .
5- يحق منع اشتراط الترخيص القسري بجموعة حقوق بدلا من حق واحد .
2. انواع عقود نقل التكنولوجيا وتراخيص الملكية الفكرية :-
عقد نقل التكنولوجيا هو اتفاق يتعهد بمقتضاه (مورد التكنولوجيا) بأن ينقل بمقابل معلومات فنبة الى(مستورد التكنولوجيا) لاستخدامها في طريقة فنية خاصة لانتاج سلعة معينة أو تطويرها أو لتركيب أو تشغيل آلات أو أجهزة أو لتقديم خدمات ، ولا يعتبر نقلا لتكنولوجيا مجرد بيع أو شراء أو تأجير أو استئجار السلع ولا بيع العلامات التجارية أو الأسماء التجارية أو الترخيص باستعمالها الا اذا ورد ذلك كجزء من عقد نقل تكنولوجيا او كان مرتبطا به. ( م 73 من قانون التجارة المصري لعام 1999 )
وتتنوع عقود نقل التكنولوجيا وتتباين انواعها موضوعا والتزامات ، فبعضها عقد تسليم مفتاح كعقد انشاء مصنع وتركيب معداته والتدريب ، وبعضها تراخيص بالاستغلال ، وبعضها مجرد مساعدة فنية ، واخرى عقود بحث وتبادل معلومات ، وبالرغم من صعوبة الاحاطة بها الا اننا نجد مفيدا ايراد اهم وابرز هذه العقود والاتفاقيات مع بيان موجز بمشتملاتها .
1- اتفاقية مختلطة
هذه الاتفاقية تسمح بأكثر من عنصر من عناصر الملكية الفكرية واحدة نفس الاتفاقية وهي الاتفاقيات الاكثر شيوعاً تغطي عادة الاختراع أو الاختراع والمعرفة.
2- اتفاقية ترخيص الاختراع
هذه الاتفاقية تسمح فقط باستغلال الاختراعات ، وليس هناك دعم فني او نقل معارف ، او ترخيص باستخدام علامة تجارية او بيع ماكينات أو تقنيات اخرى ، هذا النوع يشيع في التحاويل المالية في اقتصاد السوق.
3- اتفاقية المعرفة
الميزة الاساسية لها انها ليس اختراع بل هي معلومات وخبرات فنية فقط ، وقيمة الملكية لها تعتمد على سريتها ، لذا عندما يرغب مالك المعرفة في الترخيص يطلب حينها ان تبقى سرية بواسطة المرخص ، ويتشدد بقدر كبير في شروط السرية لدرجة تضمينها شروطا مجحفة .
4- اتفاقية السرية
على الموقع الالتزام ببندين رئيسين : 1- حفظ المعلومات سرية 2- استخدامها فقط لغرض محدد.
5- اتفاقية العلامة التجارية
على عكس اتفاقية ترخيص الاختراع والى حد ما اتفاقية المعرفة ، فان اتفاقية العلامة التجارية تبقى سارية المفعول للأبد لو تم تجديدها باستمرار. ويعد التحكم في نوعية السلع والخدمات المسوقة تحت العلامة التجارية جزء اساسي في كل اتفاقيات العلامة التجارية ، اضافة لذلك فان هذه الاتفاقية يجب أن تحتوي على شروط لصالح المرخص له يحرص بعض المرخصين على اغفالها ، ومنها :-
1- تمثيل وعرض ملكية العلامة التجارية للسلع موضوع الترخيص.
2- السماح للمرخص له لاستخدام العلامة التجارية للسلع ذات الصلة.
3- التأكد من أن العلامة التجارية ستكون عاملة.
4- اينما يمكن تطبيقه ، يسجل المرخص له في الجهة الملائمة كمستخدم مسجل للعلامة التجارية للسلع المسموح بها.
6- اتفاقية ( خدمات ) وتعرف عموما باسم اتفاقية فرانشيس
تتضمن ترخيص العلامة التجارية مع بعض أنواع التراخيص المعروفة مثل تراخيص المعرفة والسرية وحقوق الطبع واتفاقية التوزيع..
7- اتفاقية التوزيع
الموزع هو تاجر مستقل بناء على هذه الاتفاقية يشتري منتجات من المصّنع أو ممول آخر ويقوم باعادة ترتيبها تحت اسمه ولصالحه.
8- اتفاقية حقوق الطبع
حماية حقوق الطبع تبدأ في اللحظة التي يخلق فيها العمل بشكل معبر يمكن اعادة انتاجه أو عرضه وبثه.
9- اتفاقية الخدمات والدعم الفني
عندما تحتوي الخدمات الفنية في نقل التكنولوجيا ملكية المعرفة فان وصف الدعم الفني المقدم عادة يضمن في اتفاقية المعرفة. ويتعين ان تقاس شروط اتفاقية الدعم الفني لتناسب الاحتياطات الخاصة بكل اتفاقية. عموماً تشمل الآتي:
1- تعريف المنتج، تصميم المنتج، المواصفات، الجودة.
2- طاقة المصنع.
3- قائمة ووصف لكل مقدمي الخدمات.
4- تحسين معالجة المنتج عندما يضمن في الاتفاقية.
5- تكلفة الموارد البشرية المقدمة من الممول.
6- شروط الاداء.
7- مسئوليات الممول فيما يتعلق باداء المصنع وكفاءته.
8- الدفع بواسطة العميل مقابل الخدمات.
9- الربط بالاتفاقيات الاخرى متى دعت الحاجة.
10- تغطية قانون الاتفاقية..
10- اتفاقية الخدمات الهندسية
تضم عادة ( اتفاقية ) تصميم ، وبناء عليها يكون على العميل الآتي:
1- قانونياَ يكون مسئولاَ عن المعلومات الفنية التي تتلقاها المنشأة من مرخص العمليات
2- يتحمل كل المسئوليات عن كل الاعمال غير المتخصصة اما مباشرة أو عن طريق وكيل محلي
3- يتبادل مستقلا مع مرخص العمليات والمنشأة الهندسية لأجل اعطاء ضمانات ذات علاقة بالعمل.
11- اتفاقية الخدمات الادارية
الخدمات الادارية تقدم عادة عند انشاء وحدات جديدة ، ومتى ما توفرت الامكانية يجب أن توفر هذه الخدمات مشتملة برنامج تدريبي حتى يستطيع المشتري أن يشغل هذه التقانة بكفاءة بواسطة عماله باسرع ما يمكن من غير الحاجة لدعم اداري غير ضروري.
12- الاتفاقية السرية الابتدائية
تحوي شرطين يجب على المرخص له الالتزام بهما:
1- عدم نشر المعارف المتعلقة بها اثناء المفاوضات الابتدائية
2- استخدامها فقط لدعم وتأكيد الرغبة وقيمة الترخيص.
13- رخص خاصة بالبرمجيات وتكنولوجيا المعلومات
من اشهر انواعها :- رخصة المستخدم النهائي . ورخصة فض العبوة . ورخصة بالاستخدام عبر الشبكة ، و رخصة بإيداع المستندات . اما من حيث نطاقها فهناك رخصة مستخدم فرد – جهاز فرد ، ورخصة موقع – شبكة ، ورخصة اجمالية للاصدارات السنوية ، ورخصة قائمة الاختيار
كما تغطي انواع عديدة من هذه الارخص المنتجات والخدمات التقنية المتصلة بصفقات التجارة الالكترونية والبنوك الالكترونية وادارة مشاريع مواقع الانترنت وخدمات الكمبيوتر (6)
3. تنظيم عقود نقل التكنولوجيا وتراخيص الملكية الفكرية
ان تنظيم هذه الانواع من العقود يوجب ادراك عناصر كل منها وابعاده القانونية ، ذلك ان شروط عقود نقل التكنولوجيا وتراخيص الملكية الفكرية بين الجهات الناقلة في الدول المتقدمة والجهات المتلقية في النامية تتضمن شروطا تصنف الى ثلاث مجموعات ، شروط جائرة يتعين التفاوض لعدم ايرادها ويتعين التدخل تشريعيا للابطالها او جعلها قابلة للابطال على الاقل ، وشروط عادلة لا تخلق مشكلات في التعامل ، وطائفة اخيرة تتضمن مزيجا بينهما ، فهي قد تكون جائرة في اوضاع وفي اخرى تكون عادلة تبعا لكل حالة على حدا .
وبشكل عام فان عناصر بناء عقود نقل التكنولوجيا وتراخيص الملكية الفكرية تتمثل بما يلي:- التعريفات ، الحيثيات وحقائق التفاوض ، المحل ، النطاق – المفاوضات ، ضمان التكنولوجيا ، خدمات التدريب ونقل المعرفة ، المواصفات ، التزامات السرية وعدم التعديل ، المقابل المالي ، الجزاءات والتعويض ، تسوية النزاع ، القوانين ، الاختصاص ، زوال العقد، حكم الاخطارات – قواعد حجية المراسلات ، التواقيع ، بيانات الاطراف .
ولعله من نافلة القول ان جهة اعداد مثل هذا النوع من العقود والتراخيص مدعوة للاحاطة ، لا بكل عناصر التعاقد ومفاوضاته فحسب ، بل بجوانب فنية ، واخرى قانونية ، اما الجوانب القانونية فانها لا تقف عند حد التشريع المعني بموضوع الاتفاقية ، فعندما نقول اتفاقية ترخيص ملكية فكرية يتطلب الاحاطة بالتشريعات المباشرة التي تحكم الملكية الفكرية في كلا الدولتين التي ينتمي اليها الطرفين والاحاطة بالاتفاقيات الدولية ذات العلامة وموقف الدولتين منها ، والاحاطة – اكثر – ببعض التشريعات المرتبطة او ما يمكن ان نسميها تسريعات غير مباتشرة تؤثر في المليكة الفكرية ، كقوانين العمل والتوظيف التي تحكم الموارد البشرية ، وكقانون الجمارك ، ومن باي التمثيل فقط ، فانه لا يمكن في الاردن اغفال حكم المادة 41 من قانون الجمارك (7) التي فرضت قيود على نقل البضائع لجهة التثبت من توفر حماية العلامات التجارية وبقية عناصر الملكية الفكرية ، وهذا اقل مثال يرد في هذا المقام ، فقوانين التجارة والمواصفات والجمارك والعمالة والضرائب والنظام القضائي وقواعد فض المنازعات بالطرق البديلة وغير ذلك ، يتعين الاحاطة بها جميعا لدى اعداد العقد الذي يحكم نقل التكنولوجيا او يرخص باستخدام احد عناصر الملكية الفكرية .
4. شروط عقود نقل التكنولوجيا والاحكام القانونية بشانها
ان الانماط التعاقدية المتعلقة بترخيص استخدام الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا تثير تحديات عديدة هي الاكثر اثارة للجدل ، لا بسبب النقص التشريعي – غالبا – وانما بسبب الشروط الجائرة ومدى توائمها مع النظام القانوني للدولة وما تخلقه من اشكالات لدى نشوء المنازعات . والاهم من ذلك ، وهو ما يتصل بموضوع بحثنا ، تاثير هذه الشروط التعاقدية على المنافسة ، بحيث تخلق واقعا يمثل في ذاته تقييدا للمنافسة الصحيحة والمشروعة والمرغوبة ، وتكريسا لانماط من الممارسات غير المشروعة .
والاحاطة بهذا البعد ، وبآلية ابرام الرخص والتفاوض بشانها يتطلب الوقوف على الشروط العقدية والتنبه لكل منها وتصنيفها ضمن مجموعات يسهل التعاطي معها ، وكما اسلفنا ، فان الشروط العقدية مدار البحث لن تخرج عن واحدة من مجموعات ثلاث :- الشروط العادلة ، وتلك الجائرة ، واخيرا الشروط التي تتوسط بين الحاليتن .
وفي تحديد قانون المنافسة غير المشروعة الاردني للشروط التي من شانها تقييد المنافسة قرر مبدأ عاما في صدر المادة ( في الفقرة أ من المادة المذكورة ) يقضي ببطلان كل نص او شرط مقيد للمنافسة يرد في عقد ترخيص يتعلق باي من حقوق الملكية الفكرية قد يكون له اثر سلبي على التجارة وقد يعيق نقل التكنولوجيا ونشرها ، ويلاحظ على صياغة المعيار انه قد نقل حرفيا ما هو مقرر في المادة 40 من اتفاقية تربس الشسابق ايراد نصها ، وفي الوقت الذي اجازت المادة اتخاذ تدابير لمنع مثل هذه الشروط اختار المشرع جزاء البطلان لها ، ولم ينص سوى على ثلاث شروط محددة تعتبر باطلة وفق هذا النص ، وهي ذات الشروط العقدية التي ورد النص عليها في اتفاقية تربس كامثلة ، فلم يضف القانون اي شرط آخر ، وهذه الشروط الثلاثة هي : –
1. الزام المرخص له بعدم نقل التحسينات التي يجريها على التكنولوجيا التي يشملها عقد الترخيص الا للمرخص ( النقل العكسي للتكنولوجيا المحسنة ) .
2. منع المرخص له من المنازعة اداريا او قضائيا في حق الملكية الفكرية الذي تم ترخيصه.
3. الزام المرخص له بقبول الترخيص بمجموعة من الحقوق بدلا من حق واحد .
وباجراء مقارنة سريعة مع مسلك المشرع المصري في هذا الشان نجد ما يلي :-
1- نظم المشرع الاردني هذا الموضوع في مادة واحدة من فقرتين نصت على حكم المادة 40 فقط من اتفاقية تربس واضافت فقرة تعريفية بمفهوم حقوق الملكية الفكرية ، في حين نظم المشرع المصري هذا الموضوع في المواد 72- 87 اي في 16 مادة ، وهو ما يثير التساؤل حول ما جرى تنظيمه تشريعا وما لم يتم التعرض له .
2- ان شمولية التنظيم لم تنشأ عن رغبة في مجرد صياغة الاحكام بل استندت الى واقع مرير من المعاناة العربية ومعاناة الدول النامية في منازعاتها مع الدول مصدرة التكنولوجيا ، ولهذا جاء التنظيم المصري لهذا الموضوع يعكس المسائل التي تثار في التطبيق العملي ، فنظم المشرع المصري نطاق سريان احكام نقل التكنولوجيا من حيث الاشخاص والعقود ، وحدد المقصود بعقد نقل التكنولوجيا ، ثم قرر وجوب ان يكون مكتوبا تحت طائلة البطلان ، ووجوب أن يشتمل العقد على عناصر المعرفة وتوابعها التي تنقل الى مستورد التكنولوجيا ، واعتبر دراسات الجدوى والتعليمات والتصميمات والرسومات الهندسية والخرائط والصور وبرامج الحاسب الآلي وغيرها من الوثائق الموضحة للمعرفة الملحقة بالعقد جزءا منه ، ثم حدد القانون الشروط الجائز ابطالها وتشمل سبع شروط عامة ، ثم نظم التزامات مورد التكنولوجيا والتزامات متلقي التكنولوجيا . ومسائل اختصاص القانون المصري بنظر منازعات هذه الاتفاقيات .
3- وفي تحديده للشروط الجائز ابطالها اعتمد المشرع المصري معيار (( الشرط الذي يكون من شأنه تقييد حرية المستورد في الافادة من التكنولوجيا ) وهو معيار واسع يطال يخدم متلقي التقنية ، وفي معرض بيان المشرع للشروط الجائز ابطالها حدد – كما قلنا سبعة شروط ، تشمل ما يلي :
أ- قبول التحسينات التي يدخلها المورد على التكنولوجيا وأداء قيمتها.
ب- حظر ادخال تحسينات أو تعديلات على التكنولوجيا لتلائم الظروف المحلية أو ظروف منشأة المستورد ، وكذلك حظر الحصول على تكنولوجيا أخرى مماثلة أو منافسة للتكنولوجيا محل العقد.
ج- استعمال علامات تجارية معينة لتمييز السلع التي استخدمت التكنولوجيا في انتاجها.
د- تقيد حجم الانتاج أو ثمنه أو كيفية توزيعه أو تصديره.
هـ- اشتراك المورد في ادارة منشأة المستورد أو تدخله في اختيار العاملين الدائمين بها.
و- شراء المواد الخام أو المعدات أو الآلات أو الاجهزة أو قطع الغيار لتشغيل التكنولوجيا من المورد وحده أو من المنشآت التي يعينها دون غيرها.
ز- قصر بيع الانتاج أو التوكيل في بيعه على المورد أو الاشخاص الذين يعينهم.
4- يلاحظ ان الشروط السبعة القابلة للابطال في القانون المصري غير الشروط الثلاثة المنصوص عليها في القانون الاردني وفي اتفاقية تربس ، بمعنى اننا في هذا الحصر المحدود فقط وجدنا ان ثمة عشر شروط تعد من قبيل الشروط الجائرة او على الاقل يمكن ان تكون كذلك في احوال معينة ، وهي قطعا كذلك فيما يتجاوز نصفها . وبالتالي نصل الى نتيجة ان المشرع الاردني لم يول هذا الموضوع الاهتمام الذي يستحق واكتفى بتضمين القانون نص الاتفاقية التي هي في حقيقتها جزء من نظامنا القانوني وتضمينها من عدمه لا ينفي حجيتها ، لكن الاكيد ان القانون لم يتضمن ما هو اهم مما ورد في الاتفاقية ، الاحكام التفصيلية التي اجازت الاتفاقية نفسها للاردن ان يتخذ التدابير بشانها ويكرس هذا المسلك وللاسف اكتفاء جهات اعداد القوانين بما يسلم للاردن او يطلب منه دون الافادة مما يسمح له به عبر الاتفاقيات الخطرة التي بطبيعتها تقيد حقوق الاردن وترتب عليه الالتزامات اكثر مما تمنحه الحقوق .
5- نظمت المواد 76 و 77 و 78 التزامات مورد التكنولوجيا فقررت المادة 76 انه يلتزم بأن يكشف للمستورد في العقد أو خلال المفاوضات التي تسبق ابرامه عن الأخطار التي تنشأ عن استخدام التكنولوجيا وعلى وجه الخصوص ما يتعلق منها بالبيئة أو الصحة العامة أو سلامة الأرواح أو الأموال ، وعليه أن يطلعه على ما يعلمه من وسائل لاتقاء هذه الأخطار. وان يكشف الدعاوى القضائية وغيرها من العقبات التي قد تعوق استخدام الحقوق المتصلة بالتكنولوجيا لا سيما ما يتعلق منها ببراءات الآختراع. وان يكشف ويضمن العقد أحكام القانون المحلي بشأن التصريح بتصدير التكنولوحيا. ومرد ذلك ما ظهر عمليا في كثير من الحالات من اخلال بالتزام نقل التكنولوجيا تحت ذريعة التعارض مع القانون الوطني او بسبب النزاعات القضائية والتذرع بها كظروف طارئة ، وما ظهر ايضا في حالات كثيرة من نقل تكنولوجيا بقدر ما يعتقد انها مفيدة تظهر آثارها المدمرة على البيئة والانسان والصحة ، بحيث اصبحت الدول النامية مرتعا للتالف وغير المقبول من تكنولوجيات الغرب . كما قررت المادة 77 التزام مورد التكنولوجيا بأن يقدم للمستورد المعلومات والبيانات وغيرها من الوثائق الفنية اللازمة لاستيعاب التكنولوجيا، وكذلك ما يطلبه المستورد من الخدمات الفنية اللازمة لتشغيل التكنولوجيا وعلى وجه الخصوص الخبرة والتدريب. وأن يعلم المستورد بالتحسينات التي قد يدخلها على التكنولوجيا خلال مدة سريان العقد وأن ينقل هذه التحسينات الى المستورد اذا طلب منه ذلك. وهذا الحكم يعكس اكبر واهم مشكلة تواجه الدول النامية في نقل المعرفة والتكنولوجيا وترخيص الملكية الفكرية تحديدا على برامج الكمبيوتر ، حيث تنقل التكنولوجيا ويتم الاخلال بالتدريب او لا يتفق عليه ابتداء ، فنصبح امام اجهزة دون فائدة ، او تنقل دون التزام بالتحسين فيسبق العصر ما جرى استيراده ويصبح باليا في مواجهة التقدم السريع الحاصل ، وخطورة عدم نقل التحسين والتطوير ان ما استورد يصبح غير متوافق مع ما يكمله من منتجات حديثة . واما المادة 78 فانها تلزم المورد- طوال مدة سريان العقد- بان يقدم للمستورد بناء على طلبه قطع الغيار التي ينتجها وتحتاجها الآلات أو الاجهزة التي تستعمل في تشغيل منشاته. واذا كان المورد لا ينتج هذه القطع في منشأته، وجب أن يعلم المستورد بمصادر الحصول عليها. ، وهذه ايضا من المسائل التي ادت في حالات كثيرة الى خسارة الدول النامية مشروعات ضخمة ، اذ تتوفر الماكنات والمعدات وتختفي من الاسواق ومن بلد المورد قطع غيارها ، فتصبح مجرد كتل حديدية لا قيمة لها . ومثل هذه النصوص لم يرد ذكر لها في القانون الاردني من قريب او بعيد .
6- اما المواد 79 و 80 و 81 و 82 و 83 فقد نظمت التزامات المستورد ، وهو تنظيم ذكي اريد منه احداث التوازن وتعريف المورد ان القانون يكفل له حقوقا تشجعه على توريد التكنولوجيا ، وبنفس الوقت تضمن التزام المستورد بمراعاة نظامه القانوني والتزامته تجاه بلده وتحديدا في حقول العمالة ، منعا من تغول اصحاب الثروة على اوطانهم وعدم مراعاة التزاماتهم تجاه بلدهم. فتقرر المادة 79 التزام المستورد بان يستخدم في تشغيل التكنولوجيا عاملين على قدر من الدراية الفنية وان يستعين كلما لزم الامر بخبراء فنيين ، على ان يكون اختيار هؤلاء العاملين أو الخبراء من المصريين المقيمين في مصر أو في الخارج كلما كان ذلك متاحا. وتقرر المادة 80 التزام المستورد بان يطلع المورد على أحكام التشريعات الوطنية المتعلقة باستيراد التكنولوجيا. وتقرر المادة 81 حظر النزول للغير عن التكنولوجيا التي حصل عليها المستورد الا بموافقة موردها. كما تقرر المادة 82 التزام المستورد بدفع مقابل التكنولوجيا والتحسينات التي تدخل عليها في الميعاد والمكان المتفق عليهما. وتجيز ان يكون المقابل مبلغا اجماليا يؤدي دفعة واحدة أو على دفعات متعددة ، كما يجوز ان يكون المقابل نصيبا من رأس المال المستثمر في تشغيل التكنولوجيا أو نصيبا من عائد هذا التشغيل. وتجيز ان يكون المقابل كمية معينة من السلعة التي تستخدم التكنولوجيا في انتاجها أو مادة أولية ينتجها المستورد ويتعهد بتصديرها الى المورد. اما المادة 83 فانها تلزم المستورد بالمحافظة على سرية التكنولوجيا التي يحصل عليها وعلى سرية التحسينات التي تدخل عليها، ويسأل عن تعويض الضرر الذي ينشأ عن افشاء هذه السرية سواء وقع في مرحلة التفاوض على ابرام العقد أو بعد ذلك. وتلزمه كذلك بالمحافظة على سرية التحسينات التي يدخلها المستورد وينقلها اليه بموجب شرط في العقد، ويسأل المورد عن تعويض الضرر الذي ينشأ عن افشاء هذه السرية.
7- اما المواد 84 و 85 و 86 فقد نظمت ما يمكن تسميته التزامات الطرفين في مواجهة الغير واتفاقات جائزة في هذا النطاق ، فالمادة 84 اجازت الاتفاق على ان يكون لمستورد التكنولوجيا وحده حق استخدامها والاتجار في الانتاج وبشرط ان يحدد هذا الحق بمنطقة جغرافية معينة وبمدة محددة يتفق عليها الطرفان. اما المادة 85 فقد قررت على المورد ضمان مطابقة التكنولوجيا والوثائق المرفقة بها للشروط المبينة في العقد ، كما يضمن انتاج السلعة أو اداء الخدمات التي اتفق عليها بالمواصفات المبينة في العقد ما لم يتفق كتابة على خلاف ذلك. وقررت ايضا ان كلا من المورد والمستورد يسألان بغير تضامن بينهما عما يلحق الاشخاص والاموال من ضرر ناشئ عن استخدام التكنولوجيا أو عن السلعة الناتجة عن تطبيقها. واما المادة 86 فانها اجازت لكل من طرفي عقد نقل التكنولوجيا بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ العقد ان يطلب انهاءه أو اعادة النظر في شروطه بتعديلها بما يلائم الظروف الاقتصادية العامة القائمة ويجوز تكرار تقديم هذا الطلب كلما انقضت خمس سنوات ما لم يتفق على مدة اخرى.
هذه هي مناطق الاهتمام بشان الاحكام العقدية التي من شانها ان تقيم توازنا صحيحا ما بين حقوق والتزامات المورد والمستورد في عقود نقل التكنولوجيا والتراخيص العقدية المتعلقة بالمليكة الفكرية . ويمككنا القول في الختام ان هذه العقود التي تمتد في حالة تراخيص الملكية الفكرية الى العقود والاتفاقيات المتعلقة بكافة موضوعات الملكية الفكرية على نحو ما تقرره الفقرة ب من المادة 9 من قانون المنافسة غير المشروعة والاسرار التجارية الاردني ، اي تمتد الى حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لها ، والعلامات التجارية ، والمؤشرات التجارية ، والرسوم الصناعية والنماذج الصناعية وبراءات الاختراع ، والتصاميم للدوائر المتكاملة ، والاسرار التجارية ، والاصناف النباتية الجديدة نقول ان هذه العقود تنطوي على اهمية استثنائية في عصر تزداد فيه قيمة الموجودات المعنوية وتشكل عناصر هامة ومتعاظمة في راس مال المشروعات ومحددا استراتيجيا في نجاح سياسات تطوير الاقتصاد وتنمية المجتمع ، ولهذا تستحق وتساهل تنظيما تشريعا يلائم اهميتها ، وهو تنظيم يستفيد مما منحته المادة 40 من اتفاقية تربس للدول الاعضاء من حرية الحركة في حظر اية معيقات او ممارسات او شروط جائرة تمس حوق مستورد التكنولوجيا او المرخص له في اتفاقيات الملكية الفكرية ، ولا نبالغ ان قلنا ان الكثير من مصانع الدواء وفي الوقت الراهن وقعت فريسة اتفاقيات ترخيص وامتياز لبراءات اختراع وتحت اسماء علامات تجارية لا اقل من ان توصف بانها مدمرة وستترك اثرا سلبيا على واحدة من اهم صناعاتنا الوطنية .
الهوامش :-
1. انظر في هذا الموضوع ، محي الدين اسماعيل ، المرجع السابق ، شروح المواد 72-85 . وكذلك انظر يونس عرب ، القواعد العقدية والعناصر التفاوضية في عقود نقل التكنولوجيا ، ورقة عمل مقدمة الى ندوة ” العقود ونقل التكنولوجيا ” تنظيم نادي صاحبات الاعمال والمهن ، فندق حياة عمان ، ايلول 2001 .
2. انظر الدكتور اسماعيل صبري عبدالله استراتيجية التكنولوجيا بحث ألقي بالمؤتمر العلمي السنوي الثاني للاقتصاديين المصريين الجمعيةالمصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء والتشريع بالقاهرة24-26 مارس 1977ص2.
3. مشار اليه في مؤلف د. جلال احمد خليل _ النظام القانوني لحماية الاختراعات ونقل التكتنولوجيا الى الدول النامية ط1 1983 – الكويت ص 20.
4. انظر الدكتور حسن عباس-الملكية الصناعية او طريق انتقال الدول النامية الى عنصر التكنولوجيا – مطبوعات المنظمة العالمية للملكية الفكرية جنيف1976 ص5.
5. د. اسماعيل صبري ، المرجع السابق ، ص4
6. منها على سبيل المثال ( Services Contract , Research Agreement , Software Copyright License , Materials Development Agreement , Electronic Publication , Material Transfer , Patent License , Software Development, Software Distribution, Technology License Agreement , Testing Agreement , Video Distribution Agreement …etc )
7. تنص المادة 41 من قانون الجمارك رقم 20 لسنة 1998 على انه :- ” يحظر ادخال البضائع المستوردة التي تشكل تعديا على أي حق من حقوق الملكية الفكرية الخاضعة للحماية بمقتضى التشريعات النافذة ذات العلاقة وفقا للاسس التالية :
أ . 1. لصاحب الحق ان يقدم طلبا الى المحكمة المختصة مشفوعا بكفالة مصرفية او نقدية تقبلها لوقف اجراءات التخليص والافراج عن تلك البضائع وذلك بعد ان يقدم للمحكمة ادلة كافية على التعدي وتقديم وصف مفصل للبضائع المخالفة .
2. تصدر المحكمة المختصة قرارها بشان الطلب المشار اليه في البند (1) من هذه الفقرة خلال ثلاثة ايام من تاريخ تقديمه ويتم ابلاغ مقدم الطلب بقرار المحكمة خلال مدة زمنية معقولة ويجوز للمستدعى ضده ان يستانف القرار لدى محكمة الاستئناف خلال ثمانية ايام من تاريخ تفهمه او تبلغه له ويكون قرارها قطعياً .
ب. اذا لم يقم مقدم الطلب بتبليغ الدائرة خلال ثمانية ايام من تاريخ تبليغه بقرار وقف اجراءات التخليص والافراج عن البضائع بانه تم اقامة دعوى يتم الافراج عن البضائع بعد التاكد من استيفائها لجميع المتطلبات القانونية للاستيراد .
ج. للمحكمة المختصة ان تامر مقدم الطلب بان يدفع لمستورد البضاعة والمرسلة اليه ومالكها التعويض المناسب عن جميع الاضرار التي لحقت بهم نتيجة وقف اجراءات التخليص والافراج عن البضاعة بناء على طلب غير محق او في حال الافراج عنها وفقا لنص الفقرة (ب) من هذه المادة .
د. يجوز للمدير او من يفوضه وقف اجراءات التخليص والافراج عن البضائع اذا توافرت القناعة لديه بناء على دلائل ظاهرية وواضحة بحدوث التعدي وذلك في الحالات التي يتعلق فيها الامر بحقوق المؤلف والعلامات التجارية وفقا للاحكام التالية :
1. ابلاغ المستورد وصاحب حق الملكية الفكرية ان كان عنوانه معروفا لدى الدائرة بقرار وقف اجراءات التخليص والافراج .
2. اذا لم يتم ابلاغ الدائرة خلال ثمانية ايام من تاريخ تبليغ صاحب الحق بقرار وقف اجراءات التخليص الصادر استنادا الى هذه الفقرة والافراج عن البضائع بانه تم اقامة دعوى يتم الافراج عن البضائع بعد التاكد من استيفائها لجميع المتطلبات القانونية للاستيراد .
3. للمستورد الطعن بالقرار الصادر بمقتضى احكام هذه الفقرة لدى المحكمة المختصة خلال ثمانية ايام من تاريخ تبليغه بهذا القرار ويتم تطبيق الاحكام الواردة في البند (2) من الفقرة (أ) من هذه المادة .
هـ. يحق لمقدم الطلب تحت اشراف الدائرة معاينة البضائع التي تم وقف اجراءات التخليص والافراج عنها في الحرم الجمركي وذلك لتمكينه من اثبات ادعائه .
و. يستثنى من تطبيق احكام هذه المادة الكميات القليلة من البضائع ذات الصفة غير التجارية والبضائع الشخصية والهدايا الواردة بحوزة المسافرين او في طرود صغيرة كما تستثنى البضائع العابرة ( الترانزيت ) والبضائع التي يكون طرحها في اسواق البلد المصدر قد تم من قبل صاحب الحق او بموافقته .
ز. لا تتحمل الدائرة أي مسؤولية بالتعويض عن العطل او الضرر تجاه المستورد او مالك البضاعة التي تم وقف اجراءات التخليص والافراج عنها وفق احكام هذه المادة .
ح. لغايات احكام هذه المادة تعني العبارات التالية ما يلي :
1. حقوق الملكية الفكرية : حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لها والعلامات التجارية وبراءات الاختراع والتصاميم للدوائر المتكاملة والاسرار التجارية والرسوم الصناعية والنماذج الصناعية والمؤشرات الجغرافية.
2. المحكمة المختصة : المحكمة النظامية المختصة وفقا للتشريعات ذات العلاقة .
1 person likes this.
بحث قانوني عن التحكيم في منازعات عقود الاستثمار .
((وفقا للقانون الأردني و بعض الاتفاقيات المصادق عليها من قبل المملكة الأردنية الهاشمية ))
الباحث
حسام مروان أبوحامدة
مشرف البحث
د.عبدالله الضمور
مدرس المادة
د.كمال العلاوين
قدم هذا البحث استكمالا لمتطلبات مادة مشروع البحث
الجامعة الأردنية 2010\2011 – الأردن
شكر وعرفان
((إن من لا يشكر الناس لا يشكر الله))
الى كل من وجدت منه دعما ونصحا ومؤازرة ، الى كل من شجعني ولو بكلمة صادقة او بفكرة نيرة ، الى كل من أغنى بحثي هذا بفكره النير ونقده البناء ، وانني قد انهيت كتابة بحثي ولم انه البحث إذ ان العلم لا ينتهي لأعبر عن شكري وامتناني وفائق تقديري للأساتذة الكرام :
استاذي الدكتور المشرف على البحث عبدالله الضمور
ومثالي واستاذي الدكتور كمال العلاوين لجهودهما المشكورة في اثراء هذا البحث وتطويره .
إهداء
إلى روح جديَّ الطاهرتين ..الى من له الفضل الأول علي بعد الله والديَّ حفظهما الله دعائي وحبي ..
الى اخوتي وأصدقائي وكل من له حق علي.. عرفانا لا يكافيء سعيهم ..
” أهدت سليمان يوم العرض نملته
رجل الجراد التي قد كان في فيها
فترنمت بفصيح القول واعتذرت
إن الهدايا على قدر مهديها”
المقدمة
تلجأ الدول وخصوصا النامية منها الى تنمية اقتصادها وتطوير منشآتها وبناها التحتية عن طريق الاستثمار الأجنبي ، وبما أن المستثمر الاجنبي يحتاج الى ضمانات لتسهيل عمله وحفظ حقوقه في مواجهة دول ذات سيادة بإمكانها أن تأمم استثماره او تعدل تشريعاتها الداخلية مما قد يضعف مركزه القانوني ، أو بالأحرى لتحقيق نوع من التوازن في عقد محتمل بين مستثمر أجنبي وهو شخص من أشخاص القانون الخاص وبين دولة من الدول وهي شخص من أشخاص القانون العام .
تسعى الدول في ذلك الاطار الى خلق مناخ استثماري مشجع للاستثمار ، عن طريق تحديث تشريعاتها ومواكبنها للتطورات العالمية ، وعن طريق عقد الاتفاقيات لتشجيع الاستثمار ، ومن الضمانات التي يسعى الى وجودها أي مستثمر عدم احالة النزاعات التي قد تنشأ بصدد استثماره في هذه الدولة الى قضائها الوطني ، كونه بنظر المستثمر قضاء غير حيادي ، من اجل ذلك كله سعت الدول الى ايجاد حل يمكنها من جذب الاستثمارات عن طريق وسيلة بديلة محتملة لحل النزاعات التي قد تنشأ بصدد تلك الاستثمارات والتي تشكل ضمانة وجاذبا للمستثمرين في آن معا ، وتمثل الحل في التحكيم ، واحالة النزاعات التي قد تنشأ بين الاطراف الى هيئة مستقلة من اختيار الأطراف ، تمخضت تطلعات الدول والمستثمرين معا الى وجود مثل تلك الهيئات عن عقد اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار .
ولعل الجهد الأعظم الذي بذل في هذا البحث هو استيعاب مفهوم وفكرة التحكيم عموما ، والتحكيم المتصل بمنازعات عقود الاستثمار ، كون الفكرة لم يطلع عليها الباحث من قبل ولم تكن يوما مما درس او قرأ او تمعن بتفصيل ، ولعل هذا يكون عذرا لوجود أي قصور أو سهو أو خطأ او نسيان .
خطة البحث
سنتناول في هذا البحث التحكيم المتعلق بمنازعات الاستثمار من خلال التعريف بماهية التحكيم في منازعات عقود الاستثمار من خلال تقسيم المفوم الى شقيه ، تتناول الدراسة في مطلب أول مفهوم اتفاق التحكيم ، كما تتناول في مطلب ثان مفهوم عقد الاستثمار لتخلص بنتيجة ماهية التحكيم في منازعات عقود الاستثمار ، ومن ثم نتناول في مطلب ثالث اهم الفروقات بين التحكيم المتعلق بمنازعات الاستثمار عن التحكيم في غيره من عقود التجارة الدولية .
ثم تتناول الدراسة في مبحث ثان خصوصية التحكيم في المنازعات المتعلقة بالاستثمار من خلال مطلبين ، تتناول في المطلب الأول التحكيم بشكل عام كوسيلة بديلة لحل المنازعات ، وتتناول في مطلب ثان خصوصية التحكيم في منازعات الاستثمار والأهمية العملية له .
وانطلاقا من أهمية أن يكون البحث عمليا واقعيا لا نظريا بحتا تتناول الدراسة في المبحث الثالث التحكيم في منازعات الاستثمار في القانون الأردني معرجة على قانون الاستثمار وقانون التحكيم في مطلبين ، تبين بايجاز ما يتصل من احكامهما بمنازعات الاستثمار .
من ثم تناولت الدراسة البحث في أهم تلك الاتفاقيات وهي اتفاقية المركز الدولي لتسوية الاستثمار ، فتناولت شروط الخضوع لتحكيم المركز في المطلب الأول ، من ثم تناولت القانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم في مطلب ثان ، و من ثم تناولت في مطلب ثالث أخير القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع .
ولعل الجهد الأعظم الذي بذل في هذا البحث هو استيعاب مفهوم وفكرة التحكيم عموما ، والتحكيم المتصل بمنازعات عقود الاستثمار ، كون الفكرة لم يطلع عليها الباحث من قبل ولم تكن يوما مما درس او قرأ او تمعن بتفصيل ، ولعل هذا يكون عذرا لوجود أي قصور أو سهو أو خطأ او نسيان .
Abstract
This Research Adresses the concept of Investment Disputes Arbitration Rules on the Jordanian Law and The conventions that Jordan is part of , starting by defining the term Investment disputes arbitration by dividing it to it’s two part content in the first chapter , The Arbitration Agreement in part I ,and The Investment Contract in part II, Then the research focus the light on the singularity of The investment disputes arbitration in the second chapter , part I addresses the arbitration as an alternative tool for disputes settlement , and part II addresses the singularity of the investment disputes arbitration .
For the matters of practical studying method , this study addressed the Investment disputes arbitration in the Jordanian Law , by searching on the rules that governs this issue in the third chapter , part I addresses the Jordanian arbitration law in General , And part II searches on the Jordanian Investment law .
Then the study focuses on the International Center for Settlement of Investment Disputes Convention (ICSID ) as Jordan is a party of it in the fourth chapter , by addressing the Conditions which are needed to the Jurisdiction of the center in part I , and the applicable law on arbitration procedures in part II , and finally the study addresses the applicable law on the dispute subject in part III .
المبحث الأول
ماهية التحكيم في منازعات عقود الاستثمار
إن التعريف بماهية التحكيم في منازعات عقود الاستثمار يقتضي تقسيم التعريف الى شقيه ، اتفاق التحكيم ، وعقد الاستثمار ، ولذلك اقتضت الدراسة تقسيم الموضوع الى مطلبين ، نتناول في المطلب الأول التعريف بماهية اتفاق التحكيم ، وتتناول في مطلب ثان التعريف بعقد الاستثمار للوصول الى نتيجة ماهية عقد التحكيم في منازعات عقود الاستثمار .
المطلب الأول
ماهية اتفاق التحكيم
التحكيم لغة : مشتق من (حَكَمَ) بالأمر حُكماً: أي قضى، يقال: حكم له، وحكم عليه، وحكم بينهم ، وحَكَمَ فلاناً : منعه عمّا يريد وردّه، و(حَكَّمَ) فلاناً في الشيء والأمر : جعله حكماً ، قال تعالى : “فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ” و(احتَكَمَ) الخصمان إلى الحاكم: رفعا خصومتهما إليه، و(تَحاكَما) : احتكما و(تَحَكَّمَ) في الأمر: احتكم، و(الحَكَمُ): من أسماء الله تعالى، و(الحَكَمُ) الحاكم، قال تعالى: “أَفَغَيْرَ اَللهِ أَبْتَغِي حَكَماً ” ، و(الحَكَمُ) من يُختار للفصل بين المتنازعين، قال تعالى: “وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَينِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا”.
وقد تصدى الفقه القانوني لتفسير وتوضيح مفهوم التحكيم في اطاره القانوني فعرفه البعض بأنه ” نظام تعاقدي بموجبه يتفق الخصوم على حل الخلاف الذي ينشأ بينهما على محكمين ليفصلوا فيه بعيداً عن إجراءات القضاء العادي” ، كما يعرف بأنه ” نظام للقضاء الخاص تقضى فيه الخصومة، ويعهد بها إلى أشخاص يختارون للفصل فيها، أو بعبارة أخرى يقصد بالتحكيم إنشاء عدالة خاصة يتم عن طريقها سحب المنازعات من يد القضاء لتحل عن طريق محكمين مخولين بمهمة الحكم ” ، كما عرف بأنه ” نظام مختلط يبدأ باتفاق ثم يصير اجراء ثم ينتهي بقضاء”، كما يعرف بأنه” اتفاق بين طرفين، أو أكثر على اخراج نزاع، أو عدد من النزاعات من اختصاص القضاء العادي وأن يعهد به إلى هيئة تتكون من محكم أو أكثر للفصل فيه بقضاء ملزم ” .
هذا ولا يفوتنا في هذا الصدد ان مفهوم اتفاق التحكيم يشمل الصورتين التقليديتين المعروفتين وهما :
أ- مشارطة التحكيم ( Compromis ) : وهو الاتفاق الذي يبرمه الأطراف منفصلا ومستقلا عن عن العقد الأصلي بينهما والذي يقضي الأول باللجوء الى التحكيم في صدد نزاع قائم بينهما .
ب- شرط التحكيم Clause Compromissoire) ): وهو الاتفاق الذي يرد ضمن احد العقود والقاضي باحالة نزاع مستقبلي او أي نزاع قد ينشأ عن هذا العقد الى هيئة تحكيم او محكم.
إلا انه وفي اطار قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 لا نجد لهذه التفرقة أي صدى ، ويأتي توجه المشرع الأردني منسجما ومتناسقا مع التوجه الدولي في هذا الخصوص حيث لا نجد لهذه التفرقة صدىً في اتفاقية نيويورك ﻟﻼﻋﺘﺭﺍﻑ ﻭﺘﻨﻔﻴﺫ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻡ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﻟﻌﺎﻡ 1958 ، مع التأكيد على الفارق الاساسي بينهما المبين آنفا.
هذا وتجدر الإشارة أيضا الى أن المشرع الأردني في قانون التحكيم لم يحدد تعريفا واضحا للتحكيم وحسنا فعل ، ذلك أن التعريف من مهمة الفقه والقضاء ، لكنه بين شروط صحة التحكيم في المادتين التاسعة والعاشرة منه .
ونخلص الى ان عقد التحكيم يمكن أن يعرف بأنه ” اتفاق مكتوب بين شخصين او أكثر على سحب اختصاص القضاء في نظر المنازعات التي تحدد صراحة في اتفاق التحكيم ومنح هذا الأختصاص لشخص او جهة ( الهيئة) للفصل في هذا النزاع يسمى هيئة التحكيم “.
المطلب الثاني
ماهية عقد الاستثمار
إن دراسة الاستثمار تتطلب بالضرورة فهم فحواه وعناصره وابعاده ، ففي عصر أصبح فيه العالم ” قرية صغيرة ” تسودها العلاقات الدولية المختلطة والمتشابكة ، فلا بد من معرفة ما يحويه عقد الاستثمار من معان ومفاهيم .
إن الاستثمار الدولي غالبا ما يتناول مواضيع ذات علاقة بحركة البضائع والخدمات ورؤوس الأموال عبر الحدود مما يعني بالضرورة تعدد أشكاله وتنوعها وتطورها المستمر ، مما أدى الى صعوبة وضع تعريف جامع مانع للاستثمار وذلك ما أدى الى تباين التعريفات الفقهية والقانونية وتنوعها .
ولذلك فقد حاولت بعض التشريعات والفقهاء التصدي لتعريف مفهوم الاستثمار فعرفه أحد الفقهاء مرتكزا على الأساس الاقتصادي للاستثمار بأنه : ” توجيه المدخرات لزيادة القاعدة الاقتصادية ، ومن ثم رفع المستوى الاقتصادي العام ” ، وقد حاول المشرع الأردني أن يعطي وصفا للاستثمار من خلال تعريفه للمشروع محل الاستثمار بأنه ” أي نشاط اقتصادي صناعي أو زراعي أو خدمي تنطبق عليه أحكام هذا القانون والأنظمة والتعليمات الصادرة بمقتضاه” .
إلا ان المحاولات الفقهية والتشريعية الوطنية لتحديد مفهوم الاستثمار قد شابها بعض القصور مما حدا بالاتفاقيات الدولية الثنائية والجماعية بمحاولة تلافي هذا القصور .
فنصت الفقرة الأولى من المادة الأولى من اتفاقية تعزيز وحماية الاستثمارات المتبادلة المعقودة بين الأردن وفرنسا بتاريخ 23\2\1978 على تعريف مصطلح الاستثمار لغايات تلك الاتفاقية فنصت على : ” اﻻﺻﻄﻼح ( اﺳﺘﺜﻤﺎر ) ﻳﻌﻨﻲ اﻻﻣﻮال واﻟﺤﻘﻮق واﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ اي ﻃﺒﻴﻌﺔ ” ، ثم عددت بعضا من هذه الاموال والحقوق والمصالح في الفقرات من أ-هـ على سبيل المثال وليس الحصر .
كما نصت اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمار بين الأردن وجهورية التشيك في مادتها الأولى على : “يشمل مصطلح ” استثمار ” أي نوع من الموجودات المستثمرة فيما يتعلق بالنشاطات الاقتصادية من قبل مستثمر من احد الطرفين المتعاقدين في اقليم الطرف المتعاقد الاخر وفقا لقوانين وانظمة الاخير”.
وعرفت اللجنة المشكلة من قبل إتحاد القانون الدولي للاستثمار على انه : ” تحركات رؤوس الأموال من البلد المستثمر إلى البلد المستفيد بغير تنظيم مباشر ” ، وقد انتقد البعض هذا التعريف و اقترحوا تعريفا اخر هو ” تحركات رؤوس الأموال من البلد المستثمر الى البلد المستفيد بقصد انشاء او تنمية مشروع لانتاج السلع والخدمات ” .
ويبدو أن الجهود مهما كانت مضنية للوقوف على تعريف جامع مانع للاستثمار الا انها تقف عاجزة امام اشكال الاستثمار وصوره المتنوعة والمتطورة باستمرار ، الا اننا نجد التعريفات السابقة قد اجمعت على عناصر الاستثمار المتمثلة برأس مال يمكن تقويمه بالنقد يدخل دولة ما غير دولة جنسيته لانشاء مشروع في تلك الدولة .
وعلى ذلك فإن التحكيم في منازعات عقود الاستثمار يمكن ان يعرف بأنه : ” اتفاق مكتوب بين شخصين او أكثر ،على سحب اختصاص القضاء في نظر المنازعات التي تنشأ عن عقد استثمار بينهما ومنح هذا الأختصاص لجهة ( الهيئة) للفصل في هذا النزاع والتي تسمى هيئة التحكيم ، على ان يكون احد الأطراف دولة والطرف الاخر مستثمر اجنبي “.
المبحث الثاني
خصوصية اتفاق التحكيم في ما يتصل بمنازعات الاستثمار
يتم اللجوء الى التحكيم عادة ً للهروب من اجراءات القضاء العادي التي تتطلب وقتا طويلا نسبيا من جهة وللاستفادة احيانا من قواعد اخرى غير القواعد التي يقررها القانون الوطني الذي يحكم العقد من جهة اخرى .
وسنتعرض في هذا المبحث الى أهمية التحكيم ومميزاته كوسيلة بديلة لفض المنازعات في مطلب أول ، ثم نتناول في مطلبٍ ثان خصوصية التحكيم في منازعات الاستثمار .
المطلب الأول
التحكيم كوسيلة بديلة لفض المنازعات
إن أهم ما يميز التحكيم عن القضاء العادي هو بساطة الاجراءات ، فيلجأ الاطراف تلافيا للإجراءات الطويلة التي يتطلبها القضاء- كاختصاص المحاكم والمدد والمواعيد وما الى ذلك من اجراءات قضائية- الى ابرام اتفاق تحكيم تفاديا منهم لتطبيق هذه القواعد ، كما يتمتع اطراف التحكيم بميزة اختيار المحكمين فيختار كل طرف منهم محكما يرشحه او يختاره للتعيين مما يوفر له راحة نفسية لمساهمته في اختيار من سينظر قضيته وعادة ما تكون هيئة التحكيم مكونة من ثلاثة محكمين يختار الطرفان محكمين ويتم اختيار المحكم الثالث اما من قبل المحكمين الذين تم اختيارهم ووفقا لاتفاق التحكيم على النقيض من ما هو متبع فيما لو احيل النزاع للقضاء للنظر فيه اذ تشكل هيئة المحكمة او القاضي فيها ان كان منفردا دون اختيار من قبل الأطراف .
كما يتميز التحكيم عن القضاء في ناحية السرية ، فجرى العرف دوليا على ان يكون التحكيم سريا الا على اطرافه وهذا ما قد يحبذه الأطراف خصوصا ان كانوا من فئة التجار الذين يرغبون في حماية سمعتهم ضد اي شيء من شأنه المساس بها ، على خلاف الحال في القضاء العادي إذ ان جلساته وأحكامه علنية من حيث المبدأ العام ، الأمر الذي قد يزعج اطراف النزاع في غالب الاحيان .
وعلى هذا فإن الاطراف في عقد ما كثيرا ما يحبذون الالتجاء الى التحكيم ليكون بديلا عن القضاء في حل وتسوية النزاعات التي قد تنشأ بينهم .
المطلب الثاني
خصوصية التحكيم في منازعات الاستثمار والأهمية العملية له
إضافة لما يتميز به التحكيم كوسيلة لفض النزاعات بشكل عام فإنه يتميز بأهمية وخصوصية بالغة في مجال منازعات الأستثمار ، فلا يخفى على أحد أن التحكيم أضحى ضرورة واقعية في عصر العولمة إذ تتعدد الاستثمارات وتختلف انواعها كما اسلفنا ، وبما ان الدول تلجأ لجذب الاستثمارات الاجنبية اليها سعيا منها لتحسين مستواها الاقتصادي وتنمية مواردها فإنه من الممكن ان تنشأ الخلافات او المنازعات التي تتعلق بتلك الاستثمارات نظرا لكون عقود الاستثمار تبرم بين طرفين ينتمي كل منهما لنظام قانوني مختلف عن الاخر ، فالدولة من جهتها تنتمي للقانون العام والمستثمر الاجنبي بدوره ينتمي للقانون الخاص إضافة الى اختلاف قانون الدولة المضيفة عن قانون دولة المستثمر ، كما قد يختل التوازن العقدي نتيجة لتدخل الدولة كسلطة عامة باتخاذ صورة اصدار تشريعات جديدة او اصدار قرارات ادارية تجعل من المستثمر طرفا ضعيفا ومعرضا لضياع حقوقه من منظوره الشخصي .
لهذا تبدو ضرورة ايجاد وسيلة أكثر فاعلية وحيادية لتسوية المنازعات الناتجة عن الاستثمار من وجهة نظر المستثمر حماية له وضمانة ضرورية في حال نشوء نزاع حول الاستثمار ، مما يؤثر في قرار المستثمر باستثماره في تلك الدولة ، مما حدا بالدول وخصوصا النامية منها الى تهييئ مناخ استثماري جاذب للاستثمارات الاجنبية عن طريق سن التشريعات وابرام الاتفاقيات التي تنظم التحكيم في حال نشوء نزاع متعلق باستثمار ، ومن هنا نرى الدول تتهافت على سن تشريعات حديثة والانضمام للاتفاقيات الدولية الثنائية والجماعية لتشجيع الاستثمار ومواكبة للتغيرات الاقتصادية العالمية لتشجع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في بلادها ، وقد أدركت الدول أهمية التحكيم في منازعات الاستثمار فعقدت معاهدة واشنطن لعام 1965 وانشيء بموجبها المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار .
المطلب الثالث
التفرقة بين اتفاق التحكيم في ما يتعلق بمنازعات الاستثمار وبين التحكيم في المنازعات الناشئة عن عقود التجارة الدولية
قد يثور لبس او تساؤل عن الفرق بين التحكيم الناشىء عن منازعات عقود الاستثمار وغيره من عقود التجارة الدولية لذلك تقتضي هذه الدراسة تسليط الضوء بايجاز على اهم الفروقات بينهما .
إن من اهم ما يتميز به التحكيم في منازعات عقود الاستثمار هي خصوصية اطراف اتفاق التحكيم في هذه المنازعات ، إذ يشترط أن يكون اطراف الاتفاق من طبيعة خاصة وهي أن يكون احد الاطراف دولة متعاقدة في اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار من جهة ، وان يكون الطرف الآخر مستثمر من احد رعايا دولة اخرى متعاقدة في تلك الاتفاقية ، وهذا ما ستتم دراسته لاحقا في شروط خضوع التحكيم للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار .
وعلى ذلك فإن الدولة قد تخضع للتحكيم ضد شخص أجنبي من أشخاص القانون الخاص وهذا ما شكل قفزة نوعية في إطار القانون الدولي العام ومبدأ سيادة الدول ، ولذلك أيذا صداه في القانون الدولي الهعام من حيث أن حق اللجوء- في منازعة مع دولة تتعلق بالاستثمار- أعطي لشخص من اشخاص القانون الخاص واعطي له هذا الحق باللجوء مباشرة للمركز دون تدخل من دولته طالما أن دولته طرف في اتفاقية المركز .
من ناحية اخرى فإن التحكيم المتعلق بمنازعات الاستثمار يخضع إذا ما توافرت شروطه لاختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار .
اما عقود التجارة الدولية فإن اطرافها هم من اشخاص القانون الخاص لدول مختلفة كأن يكون عقد التجارة الدولية متعلق بشراء بضائع بين شركة اردنية واخرى امريكية على سبيل المثال .
من ناحية اخرى فإن الاختصاص بفصل المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية لا يمكن ان يكون خاضعا لاختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ذلك ان التحكيم المتصل بهذه العقود يكون الاختصاص بفصله لجهات اخرى نظمت احكامها اتفاقية منظمة التجارة الدولية واتفاقية العقود النموذجية .
المبحث الثالث
التحكيم في منازعات الاستثمار في القانون الأردني
المطلب الأول
قانون التحكيم
إن الشريعة العامة للتحكيم والتي لم أجد خلال بحثي ما ينظم قواعده في التشريع الوطني سواها هو قانون التحكيم الأردني ،والذي نظم اتفاق التحكيم وشروط صحته، كما نظم الأحكام المتعلقة بهيئة التحكيم وقبول المحكمين وردهم ، وتناول أيضا تنظيم اجراءات التحكيم و حكم التحكيم وبطلانه وحجية احكام التحكيم وما الى ذلك مما يتصل بالتحكيم ، الا أن القانون آنف الذكر لم يخص التحكيم المتعلق بالمنازعات الناشئة عن الاستثمار بأحكام خاصه ، ذلك أن المشرع قد أعطى للتحكيم في المنازعات الناشئة عن الاستثمار حكما خاصا في قانون الاستثمار وهذا ما سيكون محور بحث المطلب الثاني .
المطلب الثاني
قانون الاستثمار
إن قوانين الاستثمار في أغلب الدول – إن لم تكن جميعها – قوانين ساعية الى جذب الاستثمارات الاجنبية ، طامحة لتسويق بلادها في نظر المستثمرين الأجانب ، محاولة أن تعطي المستثمرين – من خلال تلك القوانين – ضمانات ومحفزات للاستثمار في هذه البلاد ، وهكذا سار المشرع الأردني في نفس النهج ، لتوفير مناخ استثماري يؤمن للمستثمر الراحة عند اتخاذه قراره الاستثماري ومطمئنا ضامنا لحقوق هذا المستثمر من ناحية ، ومحققا للمصلحة العامة من ناحية أخرى مما يخلق نوعا من التوازن بين المصالح والتناغم بينها.
فجاء قانون الاستثمار الأردني ، ونظم كل ما يتعلق بالاستثمار في المملكة ، وأفرد لتسوية المنازعات التي تنشأ عن هذا الاستثمار حكما في المادة 20 منه حيث نص على : “يراعى في تطبيق احكام هذا القانون الاتفاقيات العربية والدولية ذات العلاقة بالاستثمار وحمايته وتسوية النزاعات المتعلقة به والتي تكون المملكة طرفا فيها او منضمة اليها”.
وعليه فإن أحكام الاتفاقيات العربية والدولية التي تنظم الاستثمار هي الأولى في التطبيق في حال تعارض حكم من أحكام قانون التحكيم مع حكم من أحكام هذه الاتفاقيات ، و من هذه الاتفاقيات على سبيل المثال :
1- اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (واشنطن) لعام 1965.
2- اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار في الدول العربية
3- اتفاقية تشجيع وحماية الاسثمارات المتبادلة بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وحكومة جمهورية فرنسا .
4- اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين الاردن وجمهورية التشيك
5- اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين الأردن والبحرين .
هذا وقد ابرم الأردن عددا كبيرا من الاتفاقيات الثنائية لتشجيع وحماية الاستثمارات والتي تناولت النزاعات الناشئة عن الاستثمار بينها وأكدت على التحكيم فيها ، وجاء أغلبها محيلا النظر في تلك النزاعات الى المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار (ICSID).
ونظرا لأهمية المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار تتطلب هذه الدراسة بحثه بايجاز في مبحث مستقل كونه الجهة الأهم دوليا في التحكيم المتعلق بمنازعات الاستثمار .
المبحث الرابع
التحكيم وفقا لاتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار
نظمت اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار الأحكام الناظمة للتحكيم الذي يختص به المركز ، ونظرا لاتساع هذه الأحكام و شمولها لمساقات قد لا يتسع البحث لذكرها وشرحها ، فسنتطرق في هذا المبحث الى اهم الاحكام التي تناولتها الاتفاقية في ثلاثة مطالب ، نتناول في المطلب الأول شروط الخضوع لتحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) ، كما نتناول في المطلب الثاني القانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم ، وسنتناول في ثالث أخير القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع في فرعين ، فرع أول في حالة الاتفاق على القانون واجب التطبيق وفرع ثان في حالة عدم الاتفاق على القانون واجب التطبيق .
المطلب الأول
شروط الخضوع لتحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار( (ICSID
نصت المادة 25 من اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار على : ” يمتد اختصاص المركز الى اي نزاع قانوني ينشأ مباشرة عن احد الاستثمارات ، بين دولة من الدول المتعاقدة ( او احد الاقسام المكونة لها الذي تعينه تلك الدولة للمركز او احدى وكالاتها التي تعينها) وبين احد مواطني دولة اخرى متعاقدة ، ويوافق طرفا النزاع كتابة على عرضه على المركز . وعندما يعطي الطرفان موافقتهما لا يجوز لاحدهما ان يسحب موافقته بارادته المنفردة “.
فأكدت هذه المادة على وجود شرطين بشأن الاشخاص أطراف المنازعة التي تعرض للتحكيم امام المركز وهما :
1- أن يكون أحد الطرفين دولة متعاقدة او أحد الهيئات التابعة لها التي تعينها للمركز .
2- أن يكون الطرف الاخر مواطنا او مواطنين من دولة أخرى متعاقدة .
وإن كون الطرف الاخر من احد رعايا دولة اخرى متعاقدة يستوجب أن يكون هذا الطرف متمتعا بجنسية الدولة الاخرى المتعاقدة في تاريخين معاًَ وهما :
1- تاريخ موافقة الاطراف على طرح النزاع للتحكيم
2- التاريخ الذي يسجل فيه طلب التحكيم لدى المركز من خلال سكرتيره العام .
كما اعتبرت هذه المادة رضى اطراف النزاع شرطا من شروط الخضوع لاختصاص المركز ، واشترطت ان يكون الرضى مكتوبا ، وبالتالي يعتبر رضا الاطراف باللجوء للتحكيم امام المركز هو الاساس لاختصاصه ، أي انه لا يمكن للمركز النظر في نزاع لم يتفق طرفاه على اللجوء للمركز ، وانه عندما يقبل الطرفان بهذا اللجوء للمركز لا يمكن لأي منهما الرجوع عنه ، وهذا ما قررته محكمة التحكيم التابعة للمركز تأكيدا على حكم المادة 25\1 من الاتفاقية ، فقررت المحكمة في نزاع Alco V. Jamaic أن الدولة المتعاقدة لا يجوز لها أن تنسحب او تلغي رضاها بالتحكيم امام المركز الدولي لتسوية مناعزات الاستثمار إذا تم الاتفاق على هذا التحكيم في عقد الاستثمار نفسه ، كما اشترطت المادة في النزاع أن يكون قانونيا وناشئا مباشرة عن أحد الاستثمارات .
المطلب الثاني
القانون واجب التطبيق على إجراءات التحكيم
تنص المادة 44 من الاتفاقية على : ” تدار جميع إجراءات التحكيم طبقا لأحكام هذا القسم ، ما لم يتفق الاطراف الأطراف على غير ذلك ، طبقا للائحة المعمول بها في تاريخ موافقة الأطراف على التحكيم ، وإذا ثارت مسألة إجرائية لم ينص القانون عليها في هذا القسم إذ في لائحة التحكيم أو اي لائحة أخرى يتبناها الأطراف ، تتولى المحكمة الفصل فيها على نحو ما تراه ملائما “.
يتبين من نص المادة السابقة أن أحكام الأتفاقية بشأن إجراءات التحكيم هي واجبة التطبيق على التحكيم ، مالم يتفق الأطراف على خلاف ذلك ، مما يعني أن الأحكام المنصوص عليها في الاتفاقية والناظمة لإجراءات التحكيم مكملة ويجوز الاتفاق على ما يخالفها ، ولتوضيح الفكرة يطيب في هذا المقام ضرب المثال التالي :
قامت شركة ترانز تيليكوم الفرنسية بالتعاقد مع حكومة المملكة الأردنية الهاشمية لتحسين وتطوير البنية التحتية في قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية ، وكانت فرنسا طرفا في اتفاقية المركز الدولي لتسوية المنازعات كما انضمت الأردن لهذه الأتفاقية قبل التعاقد ، اتفق الطرفان ، حكومة المملكة الأردنية الهاشمية و شركة ترانز تيليكوم الفرنسية ، على خضوع اي نزاع قد ينشأ بينهما للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ، على أن تطبق احكام القانون المصري على اجراءات التحكيم .
وعلى هذا فإن القانون الواجب التطبيق على الاجراءات هو قانون ارادة كل من المتعاقدين ، وفي حال غياب الاتفاق (Non-Liquate ) فإن أحكام الاتفاقية هي واجبة التطبيق على الاجراءات .
المطلب الثالث
القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع
تنص المادة 42 من الاتفاقية على : ” تحكم المحكمة في النزاع وفقا للقواعد القانونية التي يتفق عليها الطرفان ، وفي حالة عدم وجود هذا الاتفاق تطبق المحكمة قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع ( بما في ذلك قواعد تنازع القوانين الخاصة بها ) ، وما ينطبق من قواعد القانون الدولي ”
يتبين من نص المادة أن القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع هو القانون الاتفاقي للأطراف ، فإن لم يتفق الأطراف تطبق المحكمة قانون الدولة المضيفة للاستثمار وما ينطبق من قواعد القانون الدولي ، فأخذت الاتفاقية بشكل عام بمبدأ سلطان الارادة إذ أن الخضوع أساسا لتحكيم المركز أساسه ارادي وهو عنصر الرضا الذي تحدثنا عنه ، فمن باب أولى ان تكون القواعد المتعلقة بتحديد القانون واجب التطبيق سواء على الاجراء او على الموضوع محل النزاع اختيارية ، ولكن الملاحظ أنه وفي حالة عدم الاتفاق على القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع تطبق المحكمة التحكيمية قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع ، وهذا خلافا لما سبق ذكره في مجال القانون واجب التطبيق على اجراءات التحكيم ، وقد يعود ذلك الى صعوبة وضع قواعد موضوعية لحل كافة النزاعات ضمن الاتفاقية ، بينما يمكن وضع مثل تلك القواعد التي تنظم المسائل الاجرائية والتي يمكن أن تطبق على أي نزاع قد ينشأ بين الأطراف
الخاتمة
توصل الباحث من خلال هذا البحث الى التعريف بماهية التحكيم في منازعات عقود الاستثمار وخصوصيته ، وعالج أيضا الأحكام الناظمة للتحكيم في منازعات الاستثمار في القانون الأردني من خلال تسليط الضوء على قانون التحكيم الأردني وقانون الأستثمار وبعض الاتفاقيات التي تنظم التحكيم في منازعات عقود الاستثمار وأهمها اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار .
ولاحظ الباحث النص على ان تراعى الاتفاقيات التي تنظم تسوية منازعات الاستثمار والتي تكون الأردن طرفا فيها في المادة 20 من قانون الاستثمار وهذا المبدأ أصبح من المسلمات في المجال الدولي إذ كان المشرع في غنى عن ذكر هذا النص الذي قد يوحي أن للتحكيم في منازعات عقود الاستثمار خصوصية ان تراعى الاتفاقيات التي كان الأردن طرفا فيها دون غيره من الموضوعات.
كما أشارت الدراسة الى ان التحكيم المتعلق بمنازعات عقود الاستثمار يكون خاذعا للتحكيم في المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار اذا ما توافرت شروطه ، وأن القانون الاردني متمثلا بقانون التحكيم وقانون الاستثمار يأتي مواكبا للاتفاقيات الدولية في هذا الشأن وأهمها اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار .
ومن جانب آخر توصلت الدراسة الى ان تعريف عقد الاستثمار بتعريف جامع مانع يكاد يكون مستحيلا ، لذلك وكنتيجة منطقية لعدم النص على تعريف شامل للاستثمار فعلى الدولة حين ابرام أي عقد من هذه العقود أن تعرف الاستثمار الوارد بشأنه ، تلافيا لأشكالية تفسير النصوص
قائمة المراجع والمصادر :
الرسائل الجامعية :
1- ضيا ، ليندا فضل ، خصوصية التحكيم في حل المنازعات المتصلة بالاستثمار وفقا لمعاهدة واشنطن 1965 ، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في الحقوق ، جامعة بيروت العربية ، كلية الحقوق والسياسة ، 2008 .
المراجع المتخصصة :
1- راشد، سامية ، التحكيم في العلاقات الدولية الخاصة ، الجزء الأول ، اتفاق التحكيم ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، 1984
2- كوجان ، لما أحمد ، التحكيم في عقود الاستثمار بين الدولة والمستثمر الأجنبي وفقا لأحكام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار في واشنطن ، منشورات زين الحقوقية ، بيروت-لبنان ، 2008 .
المراجع الأجنبية :
Mixed International Arbitration,Stephen J.Toope ,Cambridge Publications,1990
المقالات والأبحاث المنشورة :
1- الجازي ، د. عمر مشهور ، ﺍﺘﻔﺎﻕ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻡ ﻓﻲ ﻅل ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻡ ﺍﻷﺭﺩﻨﻲ ﺭﻗﻡ (31) ﻟﺴﻨﺔ 2001، مقال منشور في المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي 2003 العدد الثاني والعشرون .
2- الجازي ، د.عمر مشهور ، التحكيم في منازعات عقود الاستثمار ، بحث منشور ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻟﻤﺤﺎﻣﻴﻦ اﻟﻌﺪدان اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﺎﺷﺮ أﻳﻠﻮل وﺗﺸﺮﻳﻦ أول 2002 .
3- العبودي ، د.عثمان سليمان غيلان ، التحكيم التجاري الدولي وطموحات الأخذ به في النظام القانوني العراقي ، مجلة التشريع والقضاء الالكترونية .
4- محمد نبيل ، التحكيم كوسيلة بديلة لتسوية المنازعات ، مقال منشور في منتديات قوانين قطر.
الاتفاقيات :
1- اتفاقية تشجيع وحماية الاسثمارات المتبادلة بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وحكومة جمهورية فرنسا
2- اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين الاردن وجمهورية التشيك
3- اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين الأردن والبحرين .
4- اتفاقية تعزيز وحماية الاستثمارات المتبادلة بين الأردن وفرنسا لعام 1972 ، موقع وزارة الصناعة والتجارة الأردنية.
5- اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (واشنطن) لعام 1965
القوانين :
1- قانون الاستثمار ، رقم 68\2003 المنشور على الصفحة 3238 من الجريدة الرسمية رقم 4606 بتاريخ 16\6\2003
2- قانون التحكيم رقم 31 لسنة 2001 ، المنشور على الصفحة 2821 من عدد الجريدة الرسمية رقم 4496 تاريخ 16/7/200.
الفهرس
شكر وعرفان ………………………………………………………2
إهداء ………………………………………………………………3
المقدمة …………………………………………………………..4
خطة البحث …………………………………………………….4
المبحث الأول:ماهية اتفاق التحكيم في منازعات عقود الاستثمار……………………………………………………….6
المطلب الأول : ماهية اتفاق التحكيم …………………………….6
المطلب الثاني : ماهية عقد الاستثمار …………………………..8
المبحث الثاني : خصوصية اتفاق التحكيم في ما يتصل بمنازعات الاستثمار ………………………………………………………9
المطلب الأول : التحكيم كوسيلة بديلة لفض المنازعات ………..9
المطلب الثاني : خصوصية التحكيم في منازعات الاستثمار والأهمية العملية له ……………………………………………………..10
المطلب الثالث : ………………………………………………10
المبحث الثالث : التحكيم في منازعات الاستثمار في القانون الأردني…………………………………………………………..12
المطلب الأول: قانون التحكيم …………………………………….12
المطلب الثاني :قانون الاستثمار ……………………………………12
المبحث الرابع : التحكيم وفقا لاتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ………………………………………………14
المطلب الأول : شروط الخضوع لتحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار( (ICSID………………………………….14
المطلب الثاني :القانون واجب التطبيق على إجراءات التحكيم….15
المطلب الثالث :القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع…….16
الخاتمة: ………………………………………………………….17
قائمة المراجع والمصادر : ………………………………………………………..18
الفهرس : ………………………………………………………………………….19
لماذا لا تكون اول معجب
المشكلات المتعلّقة بالحقوق الفكرية في قسم الحاسوب - بحث فريد .
بسم الله الرحمن الرحيم
الملكية الفكرية في مجال الحاسوب
حول هذا المستند
هذا البحث هو محاولةٌ ناقصة لتوضيح المشكلات المتعلّقة بالحقوق الفكرية ، وعرضٌ لمختلف الآراء فيه ، فمنذ ما يقارب العامين وشؤون ‘ الملكية الفكرية ‘ تشغل بالي ، وإنّ البحث والقراءة المطوّلان لم ينتهيا بي إلى قناعة راسخة أطمئن لصحتها في هذا الموضوع ، سوى قناعةٍ واحدة ، وهي أنّه لابد من إبداع صيغة جديدة لقانون يخصّ المنتجات الفكرية ، يجمع إيجابيات الرخص المتوفّرة اليوم ، ولا ينطوي على مشكلاتها .
لكن وإلى أن تتوافر مثل هذه الصيغة فلابد من الأخذ بصيغة ما متوفّرة ، وعلى الرغم من بعض الملاحظات التي ستؤخذ علينا لأخذنا بهذه الرخصة أو تلك ، فحسبنا أننا اجتهدنا ما في وسعنا ، واخترنا ما نراه الأنسب ، أي الأكثر نفعًا والأقل ضررًا .
خطّة البحث هنا أن أبدأ فأعرّف ما نقصده بمصطلح ‘ الملكيّة الفكريّة ‘ ، وماذا نعني بكل مصطلحٍ من مصطلحاتها ، فإنّ تعريف المصطلحات سيزيل اللبس والغموض ، ويجعل موضوعنا أقرب للوضوح ، ثم سأنتقل لأذكر كلاً من إيجابيات وسلبيات تطبيق قوانين حماية الملكية الفكرية كما هي عليه اليوم ، ونناقش ما في هذه السلبيات والإيجابيات من ثغراتٍ وهفوات .
فإذا انتهيتُ من مناقشة الصيغة الحاليّة لقوانين الملكية الفكرية ، عرضتُ رخصة الإبداع المشاع ، أو ما يعرف بالحقوق المتروكة , وذكرت طرفًا من الملاحظات عليها .
وعرضتُ بعد ذلك لآراء الفقهاء في هذه المسألة ، وهم قد انقسموا إلى ثلاث مجموعات ، فعرضتُ مقالتهم وحججهم ، فإذا انتيهتُ من ذلك عرّجت على رخصة وقف العامّة ,
وختمتُ بكلمة صغيرة أوجز بها بعض الأفكار والإقتراحات .
الملكيّة الفكريّة … تعريفها ومفاهيهمها
الملكيّة الفكريّة حسب منظمة ‘ الويبو ‘ ( المنظمة العالمية للملكية الفكرية ) هي :
حقوق امتلاك شخص ما لأعمال الفكر الإبداعية أي الاختراعات والمصنّفات الأدبية والفنية والرموز والأسماء والصور والنماذج والرسوم الصناعية ، التي يقوم بتأليفها أو إنتاجها .
وتنقسم الملكية الفكرية إلى فئتين هما الملكية الصناعية التي تشمل الاختراعات ( البراءات ) والعلامات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية وبيانات المصدر الجغرافية من جهة وحق المؤلف الذي يضم المصنفات الأدبية والفنية كالروايات والقصائد والمسرحيات والأفلام والألحان الموسيقية والرسوم واللوحات والصور الشمسية والتماثيل والتصميمات الهندسية من جهة أخرى .
وتتضمن الحقوق المجاورة لحق المؤلف حقوق فناني الأداء المتعلقة بأدائهم وحقوق منتجي التسجيلات الصوتية المرتبطة بتسجيلاتهم وحقوق هيئات الإذاعة المتصلة ببرامج الراديو والتلفزيون .1
ويرجع تاريخ حقوق الملكية الفكرية إلى سنة 1873 م , وبالتحديد في المعرض الدولي للاختراعات بفيينا حيث حدثت صدمة للقائمين على المعرض وللجمهور عندما امتنع عدد كبير من المخترعين الأجانب عن المشاركة .
وكان السبب في الامتناع هو خشية هؤلاء المخترعين من أن تتعرض أفكارهم للنهب والاستغلال التجاري في بلدان أخرى …. لقد أظهرت هذه الحادثة الحاجة إلى توفير الحماية الدولية لبراءات الاختراع ( وللملكية الفكرية بوجه عام ) ، الأمر الذي كانت نتيجته انبثاق أول معاهدة دولية مهمة ترمي إلى منح مواطني بلد معين حق حماية أعمالهم الفكرية في بلدان أخرى .
إنها اتفاقية باريس بشأن حماية الملكية الصناعية والتي صدرت في 23 مارس عام 1883 ، ودخلت حيز التنفيذ في العام التالي ، وأصبح بمقتضاها للملكية الصناعية حماية تتخذ شكل حقوق تعرف بمصطلحات محددة ، وهي :
« براءات الاختراع » ، و « العلامات التجارية » و «الرسوم الصناعية »..
كانت اتفاقية باريس مجرد البداية التي توالت بعدها الاتفاقيات والترتيبات على المستوى الدولي من أجل حماية الملكية الفكرية في شتى صورها ( مصنفات فنية وأدبية .. الخ ) ، حتى أصبح لكافة شؤون الملكية الفكرية منظمة دولية مكلفة بإدارتها ، بإقرار من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بدءاً من 17 ديسمبر 1974 ، وهي المنظمة العالمية للملكية الفكرية ( والتي يشار إليها بالفرنسية بالمختصر OMPI وبالإنجليزية بالمختصر WIPO ) .
ثم فوجئت الدول الأعضاء في مفاوضات اتفاقيات الجات بورقة مقدمة من الشركات العملاقة متعددة الجنسيات إلى سكرتارية الجات في جنيف ( في يونيو 1988 ) بخصوص تضمين اتفاقيات الجات اتفاقية خاصّة بما يسمى :
« حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة » .
والجدير بالانتباه هنا أن هذه الشركات فرضت ورقتها على المفاوضات رغم عدم عضويتها في تلك المفاوضات ، حيث إن العضوية للدول .
والجدير بالانتباه أيضًا أن ذلك قد تم من وراء منظمة ويبو ( المنظمة العالمية للملكية الفكرية والتابعة للأمم المتحدة ) .
كانت الشركات ذات النشاط الدولي ترغب في تأمين مستويات أعلى من الحماية للملكية الفكرية ( وعلى وجه الخصوص لبراءات الاختراع والعلامات التجارية ) ، وصدرت – بالفعل – اتفاقيات الجات متضمنة اتفاقية لحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة .
والتي يطلق عليها اختصاراً اتفاقية « تريبس ».
ووقعت اتفاقيات الجات في إبريل 1994 ، ونشأت بموجبها منظمة التجارة العالمية World Trade Organization حيث بدأت مع أول يناير 1995 ممارسة أعمالها في السهر على ( أو حراسة ) تنفيذ اتفاقيات الجات ، والتي صارت تعرف الآن باتفاقيات التجارة العالمية . 1
إنَّ جميع الكتب والمراجع والأبحاث والفتاوي العربية التي تناولت موضوع “ الملكية الفكرية ” والتي عثرتُ عليها ، لم تبحث في أصل مصطلح “ الملكية الفكرية ” وكيفية نشأته ؟ باستثناء مرجع وحيد2 ..
لنرى كيف سارت الأمور ؟ تقسم الأشياء التي يمكننا إدراكها إلى صنفين : مادية ومعنوية .
فالمادية هي كل ما وقع تحت سلطان الحواس ، والمعنوية هي كل ما لا يمكن للحواس أن تطاله ، كالمفاهيم المجردة والعواطف الإنسانية والاجتهادات الفكرية وغير ذلك ..
وكما يدرك كل عاقل ، فلا يمكن التعامل مع المعنويات كما نتعامل مع الماديات ، فلا يمكننا حساب وزن الروح ، أو ثقل الكراهية ، أو طول الإبداع ! كما لا يمكننا بيع الحب ، أو إقراض الذكاء ، أو حتى امتلاك الأفكار !!
نعم هذا لم يكن ممكناً حتى ظهور مصطلح “ المادة الفكرية ” ( Intellectual material ) على أيدي منظمة الـ SPA أو ( اتحاد ناشري البرامج ) 2 ، ليس المقصود بهذا المصطلح “ المنتجات الفكرية ” التي هي الوسائط المادية التي تُخزّن عليها الأفكار ، كالكتب ، والأقراص الليزرية ، وشرائط الكاسيت ، بل إنه التسمية الجديدة للفكرة ذاتها !
قد يبدو هذا صعب التقبل للوهلة الأولى ، فالمقصود بـ” المادة الفكرية ” هو الفكرة ذاتها ، التي تسكن دماغاً ما ، وقد يعبّر عنها شفويًا أو بشكل مكتوب وقد تترجم إلى منتج مادي ، الفكرة نفسها أصبحت تسمى بــ “ مادة ” ، ولأول مرة في تاريخ البشرية تم إعطاء صفة مادية لشيء معنوي .
الآن أصبحت الأفكار عبارة عن مادة أخرى ، الآن أصبح بإمكاننا الحديث عن “ الملكية الفكرية ” Intellectual Property ، لأن الفكر هو الآخر أصبح “ مادة ” فلمَ لا يتم الحديث عن امتلاكه وبيعه … والأهم من ذلك احتكاره …
لم يظهر مصطلح “ الملكية الفكرية ” أولاً ، في البداية كان يتوجب تحويل الفكر إلى مادة فتم وضع مصطلح “ المادة الفكرية ” الذي لم يكن أحدٌ على الإطلاق يتخيل وجوده في يوم ما ، فعندما يتوقف الربح والمزيد من الربح على بيع المعنويات ، سنجد من يحول هذه المعنويات إلى أشياء مادية ليسهل بيعها ، غدًا قد نجد من يروج لمصطلح “ المادة العاطفية ” تمهيداً لمصطلح “ الملكية العاطفية ” !! شيءٌ كهذا يبدو سخيفًا في نظرنا اليوم ، سيصبح غدًا موضوع النقاشات ، وستُألف حوله كتب فقه النوازل ! لن يكون هذا مستغربًا عندما نقرأ حول افتتاح أول متجر في الصين “ لبيع الحب ” ! 3
قبل أن نتناقش في “ مَن يملك الفكرة ؟ وما حدود ذلك ؟ والخ .. ” ، ألا يجدر بنا أن نتساءل “ هل يمكن للأفكار أن تُمتلك أصلاً ؟ “ وهذا السؤال مهمل تمامًا ….
لقد سلّم جميع الباحثون والمفكرون والفقهاء بصحة مصطلح “ الملكية الفكرية ” دون أن يناقشه أحدٌ البتّة ، رغم أن هذا المصطلح استند في وجوده إلى تحويل الفكر إلى مادة عن طريق “ المادة الفكرية ” .
لم يكن “ امتلاك ” الأفكار مطروحًا قبل مصطلح “ المادة الفكرية ” ، اليوم لا أحد يناقش هذا المصطلح … لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن الفكر أصلاً ليس بمادة ، الفكر غير موجود في الحيز المادي ، نعم المنتجات الفكرية ( كالكتب مثلاً ) هي أشياء مادية ، ويجوز الحديث عن “ امتلاكها ” ، لكن الأمر أعمق من ذلك بكثير ، الحديث هنا عن الفكرة ذاتها والتساؤل يدور حول ( من يمتلكها ؟ ) .
في هذه الدراسة سنسلم – افتراضًا – بصحة مصطلح “ المادة الفكرية ” ( متجاهلين أن الفكر لا يملك طبيعة مادية ) ، وذلك حتى نتمكن من مناقشة أفكار “ الملكية الفكرية ” وعرضها …
ما هي الحقوق التي يضمنها قانون الملكية الفكرية ؟
بالنسبة للكتب : “ يمنع طبع هذا الكتاب أو جزء منه بكل طرق الطبع والتصوير والنقل والترجمة والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها من الحقوق إلا بإذن خطي من … “
بالنسبة للبرامج فإن اتفاقية المستخدم الأخير ( eula ) تضم العديد من البنود ، فهي تضمن كتم الكود المصدري للبرامج4 وتجريم كشفه أو نشره أو تعديله5 ، كما أنها تعطي المستخدم حق “ استخدام ” البرنامج وليس “ امتلاك ” البرنامج ، وهي تجبر المستخدم على شراء عدة نسخ من البرنامج عند الحاجة ، فإن من يملك في منزله ثلاثة أجهزة كمبيوتر أو في شركته مئة جهاز فعليه شراء مئة ترخيص في الحالة الثانية وثلاثة في الحالة الأولى ، وهنا نحن نتحدث عن شراء التراخيص وليس شراء البرنامج ! إن اتفاقية المستخدم الأخير ( الأكثر شهرة ضمن اتفاقيات ترخيص البرامج ) تضمن أن المستخدم لن يعطي البرنامج لصديقه أو جاره ( حتى لو لم يكن جاره يملك ثمن نسخة أصلية ) كما أنها تمنع المستخدم من تطوير البرنامج أو تعديله ….. باختصار فإن هذه الرخصة تتيح لك استخدام البرنامج فقط6
بالنسبة للشرائط الصوتية والمرئية فإنه يمنع نسخها أو نقلها إلى الكمبيوتر أو توزيعها ..
بعض الرخص تذهب لأكثر من ذلك ، لكن ما ذكرناه هو الشائع، أحيانًا تمنع شروط الملكية الفكرية الاقتباس من الكتاب إلا بإذن خطي ! وبالنسبة للبرامج تباع أحيانًا رخصة استخدامه لمدة زمنية معينة كعام أو عامين مثلاً ثم يجب تجديدها !!
لماذا يجب تطبيق قوانين الملكية الفكرية ؟
أو : ما هي إيجابيات تطبيق قوانين الملكية الفكرية ، وحماية تلك الحقوق ؟ آخذين بعين الاعتبار أن الأطراف المعنية بهذه القوانين أربعة :
المؤلف ( أو المبرمج ، أو المغني ، أو الملحن ، أو المحاضر) ، الناشر ( مطبعة ، دار ، استوديو ، موقع على النت ) ، القارئ ( أو المستخدم أو المستمع أو المشاهد ) ، و المجتمع , وسيتم الإشارة إلى هذه الأطراف تحت مسمى “ الأضلاع الأربعة ” .
1. إنَّ اختراع منتجات جديدة أو جهاز صناعي جديد يعتبر استثماراً مكلفاً ، ففي مجال الطب مثلاً تصل كلفة إنتاج دواء جديد إلى 800 مليون دولار7 .
فإذا كان بالإمكان نسخه أو تقليده مجانًا لأمكن للشركات المنافسة استخدامه وبيعه بدون أية أتعاب أو مقابل مادي ، مما يؤدي إلى عدم الاستثمار في البحث والتطوير ويتدنى مستوى التجديد والابتكار .
لذا فإن قانون الملكية الفكرية يضمن سيطرة أو احتكار مؤقت للاختراع بحيث يسمح للمخترعين الانتفاع بعوائد الاحتكار لتغطية المصروفات .
2. إنَّ الفرد يجب أن يحصل على مكافأة لمجهوداته وهذا حق طبيعي ومعروف .
3. إنَّ الملكيّة الخاصة وسيلة لدعم الخصوصية والاستقلاليّة الفرديّة .
4. منح حقوق الملكيّة الفكريّة يعمل على تشجيع خلق أفكار جديدة ، والفكرة هي أن الملكيّة الفكريّة تقدم حوافز مادية لتوليد أفكار .
5. البعض يخشى من الانتحـال وادّعاء أعمال الغير ويـقولون بأن قـانون المـلكيّة الفكريّة يمنع وقوع ذلك .
6. يؤدي النهوض بالملكيّة الفكريّة وحمايتها إلى دفع عجلة التقدم الاقتصادي , ويتيح فرص عمل وصناعات جديدة , ويرفع من نوعية الحياة وإمكانية التمتع بها .
7. ليس من حق من لا يملك سعر المادة الفكرية الحصول على هذه المادة مجانًا .
8. إنّ قانون الملكية الفكرية يضمن للناشر حقوقه المالية المبذولة في العمل الفكري ، وكذا للمؤلف .
لكن هناك من ردّ على ذلك ، وذكر عدداً من الملحوظات حول هذه المبررات7 :
1. الابتكار الجديد يتطلب استثمارًا مكلفًا :
ويرد على ذلك بقولنا : إن الإنسان يستحق الاستفادة من مجهوداته ولكن قيمة المنتجات الفردية ليست بكاملها نتاج جهد فردي وإنما هي منتجات مجتمعية بطبيعتها ، فإذا اخترعت اختراعاً أو كتبت كتاباً مثلاً ، فإنّ عملك الذهني لا يكمن في الخلاء وليس بالإمكان لما كتب أو اخترع أن يجد له طريقاً بدون أعمال أخرى سابقة له وللعديد من الناس سواء كانت تلك الأعمال فكرية أم غير فكرية ، وهي تتألف من مؤلفين ومخترعين قدّموا الأساس لما تقدمه أنت من مساهمة ، وبالتالي لا يحق للذين لديهم إسهامات في أيامنا هذه الاستيلاء على الفضل بأكمله أو ينسب لهم كامل الملكية ويُمنع الآخرون من استخدام اختراعهم أو كتاباتهم .
ثمّ إنّه بالإمكان حصر حقوق النشر والتوزيع عند الجهة الأم لمدّة عامين أو ثلاثة مثلاً ، لضمان تحقيق الربح ، لكنّ أحد الناشرين العرب8 ، تحدّث مرةً عن توقه لحصر حقوق نشر كتابٍ ما لمدة75 عاماً من تاريخ وفاة المؤلف ، ولا أدري أيّ فائدة سيجنيها المؤلف إن بقيت كتبه محتكرة بعد وفاته بـ 75 عامًا !
2. الأعمال الفكرية لم تكن نتيجةً للمجهودات فحسب ، ولكن المواهب الطبيعية والمنح الإلهية تلعب دوراً مهماً في عملية الإبداع الفكري .
3. إن تنمية الأفكار تأتي من خلال زيادة حرية الناس في استخدامها وليس العكس ، إن المشاركة في المعلومات وما ينتج عنه من تراكمية يخفض الزمن اللازم والتكاليف اللازمة والجهود اللازمة للتوصل إلى اختراع جديد .
4. الخشية من انتحال أعمال الغير توجب سن قانون جديد يلزم بنسبة الفضل لأهله وحسب .
البعض يضرب الأمثلة على سلبيات تطبيق قوانين الملكية الفكرية
فقد عملت شركة AT&T في أمريكا في القرن التاسع عشر إلى تجميع براءات الاختراع لضمان احتكار الهواتف وأخّرت بذلك إظهار واستخدام جهاز الإذاعة المسموعة ( الراديو ) لحوالي 20 عام .
وبصورة مشابهة سيطرت شركة General Electric على احتكار براءات اختراع لتأجيل إنتاج مصابيح فلورسنت Florescent والتي كانت تعتبر تهديدا لمبيعاتها من المصباح المتوهج Incandescent .
وتعتبر المعلومات الحيوية biological information نوعاً جديداً من الملكية الفكرية ، ففي الولايات المتحدة تجيز المحاكم امتلاك براءة اختراع لمتواليات جينية حتى وان وجدت هذه السلاسل أو المتواليات في الطبيعة ، طالما تم استخدام وسائل اصطناعية لعزلها ، وأدى ذلك إلى تسابق الشركات للحصول على براءات اختراع للعديد من التدوينات ( الشيفرات ) الجينية Genetic Codes ، وفي بعض الأحوال ضمنت البراءات تغطية لكافة أشكال ما بعد الجيناتTransgenic لأجناس بأكملها كالقطن و فول الصويا مسببة جدال هائل .
واحد العواقب لذلك هو الكبح الشديد للبحث لغير مالكي البراءة ، وقد يتطور الأمر إلى امتلاك الشركات العابرة للقارات لبراءات لمواد جينية توجد بالنباتات والحيوانات في العالم غير المتقدم ( العالم الثالث ) مما يؤدي بسكانه إلى دفع مقابل مادي لاستخدام حبوب أو مواد جينية أخرى تعودوا على توفرها مجانا لقرون عديده .
ويعتقد البعض أن الملكية الفكرية هي وسيله أخرى للدول الغنية تعمل بواسطتها على انتزاع الثروة من الدول الفقيرة وبالتالي تكون الملكية الفكرية ذات قيمه فقط لأولئك الذين يملكون القوة والثروة .
لقد وصلنا اليوم إلى درجات خطيرة من الاحتكار ، الألوف يموتون في الدول الفقيرة والتي لا تملك ثمن العقاقير المكلفة وهي محرومة في الوقت نفسه من تصنيع الدواء بسبب حقوق الملكية !!
إن قانون الملكية الفكرية يجّرم عملاً مثل توصل شركة إفريقية ما لطريقة تصنيع الدواء – دون سرقة أو تجسس على شركة أخرى – في حال تمكنت الأخيرة من تصنيع هذا الدواء قبل الأولى !!
يقال إن العوائد المالية المحتملة من الملكية الفكرية تقدم عوناً وتشجيعاً للأفراد والجماعات للخلق والابتكار ، ولكن من الناحية العملية فان أغلب المبدعين والمبتكرين لا يتحصلوا على الكثير من الملكية الفكرية ، فهم عادة مُهملون أو مُستغلون ، فعند امتلاك موظفي الحكومة او مؤسسة لأفكار تستحق الحماية عادة تُحمى أو تؤخذ لها براءة عن طريق المؤسسة أو الشركة وليس الموظف نفسه .
ونظرا لأن الملكية الفكرية يمكن أن تُباع فالمشتري دوما هو الغني والقوي الذي يمكن له ان يستفيد من وراءها ونادرا ما يكون للأخير جهد فكري او ذهني لخلق أفكار جديدة .
إن مشاكل الخصخصة لمعلومات الحكومة وكبح براءات الاختراع وملكية المعلومات الوراثية وملكية المعلومات من أطراف ليسوا هم المبتكرون الحقيقيون لها يُعدّها البعض أعراض لمشكلة أعمق تتعلق بنشأة وأصل مفهوم الملكية الفكرية ، فالملكية الفكرية هي محاولة لخلق ندرة اصطناعية للأفكار ومنح مزايا للقليل من الناس على حساب الكثرة من الجماهير ، وهي بالتالي تزيد من الفروقات وعدم المساواة ، وهي تدعم المنافسة في المعلومات والأفكار في حين يمكن أن يكون التعاون اكثر قبولا .
وهذه بعض الأمثلة على سوء استخدام قوّة المعلومات الناتجة عن احتكار المعلومات :
1- تستخدم شجرة نيم Neem Tree بالهند في العلاج ومنع الحمل والزراعة ، وتطور استخدامها بمرور الزمن ولكنها لم ترخص من خلال براءة اختراع Patent ، وفي منتصف الثمانينات من القرن الماضي حصلت العديد من الشركات الأمريكية واليابانية على عدد من براءات الاختراع على مواد مستخلصة من الشجرة ، وبهذه الطريقة فإن المعرفة التي تم تجميعها محلياً لدى الباحثين الهنود والقرويين تم سلبها من طرف أناس خارج الهند الذين أضافوا شيئا قليلا للعملية بأكملها .
2- في عام 1980 نشر كتاب للمؤلف George Munster بعنوان Documents on Australian defence and foreign policy 1968-1975 وأظهر الكتاب العديد من النشرات والإيجازات الحكومية السرية ووثائق أخرى تتعلق بتفاعل الحكومة الأسترالية مع حرب فيتنام وأحداث أخرى أحرجت الحكومة الاسترالية بشكل كبير مما اضطرها الى رفع قضيه استنادا إلى قانون الملكية الفكرية وتم وقف بيع الكتاب .
3- حادثة أخرى تتعلق بديانة وضعية تعرف باسم Scientology تلقت نقداً من بعض من انتموا إلى هذه الجماعة ثم خرجوا منها ، من خلال وثائق سرية تم نشرها على الشبكة المعلوماتية ، وكرد فعل لذلك عمل مسئولو الكنيسة لهذه الجماعة على رفع دعوى قضائيه استناداً الى قانون حماية المطبوعات وصادرت الشرطة الأمريكية منازل الناقدين وحجزت حواسيبهم الشخصية والأسطوانات ومعدات اخرى ، ورغم أن قانون حق النشر غرضه الأساسي هو تشجيع الإنتاج الفكري فقد استخدم في هذه الحالة لحجب المعلومات .
4- قامت الصحيفة الإسكتلندية The sheland time برفع دعوى قضائية لإيقاف خدمات الأخبار المباشرة Online news ومنعها من توفير وصلة بموقعها إلى موقع الصحيفة بدون إذن منها بحُجّة أن ذلك يعتبر غير شرعي ، ونرى أن مثل هذه القناعة قد تُعرقل او تُدمّر الشبكة المعلوماتية برُمّتها .9
إن قانون الملكية الفكرية بوضعه الحالي يضمن تحقيق منفعة عالية للمؤلف والناشر على حساب الضرر الذي يلحق بالقارئ والمجتمع .
على سبيل المثال لا يحق لمن لا يمتلك ثمن الكتاب الأصلي أن يقوم بتصوير الكتاب من صديقه ، ولا يمكن لمن لا يملك ثمن البرنامج أن يقوم باستعمال نسخة جاره .
إن واضعي قانون الملكية الفكرية يتحدثون عن “ خسائر مادية فادحة ” في حال لو سمحوا رسمياً بتصوير الكتب بشكل شخصي أو نسخ البرامج ، ناسين ( أو متناسين ) بأن معظم من يحصل على نسخ مصورة أو منسوخة هو في الأساس لن يكون قادرًا على دفع ثمن النسخة الأصلية في حال لم يحصل على تلك النسخة التي يسمونها “ مقرصنة ” ، فهو في الحالين ليس زبوناً مفترضاً .
دعونا نتساءل : ماذا سيحدث لو حصلت إحدى الشركات على براءة اختراع وحقوق ملكية للخبز الذي نتناوله اليوم ؟
كيف يمكننا التميز والتفريق بين كتم العلم ( المحرّم شرعاً ) ومنع العلم المصدري ( كالكود البرمجي في حال البرامج ، أو مخططات الدوائر الإلكترونية والكهربائية في حالة الأجهزة ، أو وصفات صناعة الأدوية في الطب ) ؟ شراء المنتج ألا يعني امتلاكه وامتلاك حرية التصرف الشخصي به ؟
لماذا تحقق شركات البرامج مفتوحة المصدر رواجاً هائلاً وأرباحاً عالية جدًا ؟
لماذا حقق كتاب “ الخيميائي ” مبيع 65 مليون نسخة في أكثر من 150 بلد ( وبذا يكون الكتاب أحد أكثر الكتب مبيعاً على مر التاريخ )10 رغم أن الرواية متوفرة للتحميل المجاني من موقع المؤلف نفسه ؟ لماذا تحقق المؤلفة “أحلام مستغانمي” مبيعات خيالية ( 3 مليون نسخة لكتاب واحد فقط ! ) في العالم العربي10 رغم أن جميع مؤلفاتها متوافرة للتحميل المجاني ؟
ثورة العالم الجديدة …. الحقوق المتروكة
” عندما يحين الدفاع عن حرية الآخرين ، فأن تكذب وألا تفعل شيئا هو نوع من الضعف ، لا التواضع“ ريتشارد ستولمان “
بدأت هذه الثورة عام 1983 عندما قرر ريتشارد ستولمان تأسيس “ مؤسسة البرمجيات الحرة ” fsf ، حيث قال ستولمان أن البرمجيات يجب أن تكون “ حرة ” ، وهي تكون كذلك عندما تضمن للمستخدم الحريات الأربعة التالية :
* حرية تشغيل البرنامج ، لأي غرض .
* حرية دراسة كيفية عمل البرنامج ، وتكييفها مع احتياجاتك ، الوصول إلى الشيفرة المصدرية لازم لهذا .
* حرية إعادة توزيع نسخ وعندها ستتمكن من مساعدة جارك .
* حرية تحسين البرنامج ، وإصدار تحسيناتك ( والنسخ المعدّلة بشكل عام ) للعامة ، وعندها يستفيد المجتمع كله ، الوصول إلى الشيفرة المصدرية لازم لهذا .
يصبح البرنامج حرا إذا امتلك مستخدموه كل هذه الحريات ، لذلك ، يجب أن تكون حراً في إعادة توزيع نسخ ، سواءً مع أو بدون تعديلات ، سواءً مجانا أو بمقابل أجر للتوزيع ، لأي شخص في أي مكان ، كونك حراً لفعل هذه الأشياء يعني ضمن ما يعنيه أنك لا تطالب بالدفع لأجل الإذن .
البرنامج الحر لا يعني أنه مجاني ، أنت قد تدفع للحصول على برنامج حر ، لكن عند دفعك للثمن فأنت تمتلك حريتك الكاملة في التصرف كما تريد بالبرنامج ، كنشره أو توزيعه أو تعديله أو غير ذلك .
عند الحديث عن البرمجيات الحرة ، الأفضل تجاوز استخدام مصطلحات مثل “ هدية ” أو “ بالمجان ” ، لأن هذه المصطلحات تدل على أن القضية حول السعر ، وليست الحرية .
الحقوق المتروكة هي أسلوب عام لجعل برنامج أو عمل آخر حر ، وتطالب كل النسخ المعدلة والمُوسّعة من البرنامج أن تكون حرة أيضا .
مطوّرو البرمجيات الاحتكارية يستخدمون حقوق النشر لأخذ حرية المستخدمين ؛ نحن نستخدم حقوق النشر لضمان حريتهم ، لهذا قلبنا الاسم ، بتغيير ” حقوق النشر “ إلى ” الحقوق المتروكة “ .
الحقوق المتروكة طريقة لاستخدام حقوق النشر على البرنامج ، لا تعني التخلي عن حقوق النشر ؛ في الحقيقة ، فعل ذلك يجعل الحقوق المتروكة مستحيلة ، الكلمة ” ترك “ في ” الحقوق المتروكة “ لا تشير إلى الفعل ” ينبذ “ — فقط في اتجاه عكس ” النشر “ . 11
الهدف الحقيقي من استخدام البرمجة الحرة هو غرض اجتماعي بالدرجة الأولى وهو حرية المستخدم ، أي أن المستخدم هو الذي يكتب الشيفرة وهو الذي يعدلها وهو الذي يطورها وهو الذي يوزعها بين إخوانه وأهله وأصدقائه وجيرانه ولا يخضعهم لشروط استخدام مجحفة ، البرمجيات الامتلاكية تفرض شروطا على مستخدميها بعدم مشاركة البرمجيات على عدة أجهزة والإبلاغ عن من يقوم بفعل هذا حتى لو كانت هذه البرمجية عبارة عن لعبة إلكترونية أعطاها أب لابنه الصغير على جهازه ليتسلى بها وإلا فانه سيكون بذلك خارقا لبنود الاتفاقية وعليه أن يقدم نفسه لدفع التعويضات الملائمة .
اليوم : زلايين ( ما بعد الملايين والبلايين ) البرامج مرخصة بشكل حر12 ، وعشرات الشركات التجارية الربحية قائمة على هذه المبادئ ، ما يعني أن التكسب من البرنامج لا ينافي جعله حراً ، متاحٌ للجميع نسخه ونشره واستخدامه ، يذكر على سبيل المثال أن سعر سهم شركة ريدهات ( القائمة على فلسفة المصادر المفتوحة ) أعلى من سعر شركة مايكروسوفت ( وهي قائمة على مبدأ احتكار الكود المصدري واحتكار توزيع البرنامج والحد من الحريات ) ، رغم أن مجموع الأسهم الكلي يعود لصالح الثانية13.
تُعتبر فلسفة المصادر الحرة البديل الأفضل للصراع حول الملكية الفكرية ، وهل نطبقها أم نتجاوزها ، وما هي حدودها ؟ وكيف لا تتحول إلى وسيلة للاحتكار ؟ وغير ذلك …
انتقلت فكرة الحرية إلى الكتب والوثائق بعد ذلك ، فيما بات يعرف بــ “ رخصة الإبداع العمومي ” ، حيث يمكن نسخ الكتب الحرة ، ونشرها وتوزيعها وترجمتها وبناء كتب بالاعتماد عليها ، ( بشرط النشر بالمثل ونسبة الفضل إلى أهله وعدم الاستخدام التجاري من قبل الآخرين ) 14 اليوم توجد ألوف الكتب الحرة ، ( يتجاوز مجموع صفحات الكتب العربية الحرة 3500 صفحة ، بالإضافة إلى المجلات العربية الحرة مثل مجلة مجتمع لينكس العرب ، والمواقع والمنتديات والمدونات الحرة )15 … إن أسلوب الحقوق المتروكة يلقى رواجًا عالميًا ….
يعتبر مشروع ويكيبيديا ( وهو مشروع ضخم ، لإتاحة التعليم ومصادره بشكل حر على الإنترنت، ومتوفر بأكثر من 250 لغة ) أحد أكثر عشرة مواقع زيارةً في العالم ، وأحد أبرز النماذج التي تجسد مفهوم الحرية .
أيضًا تجدر الإشارة إلى موسوعة المعرفة ، وهي موسوعة معرفيّة مجانيّة تعنى بإثراء المحتوى العربي على الشبكة والذي يخضع للرخص الحرّة .
ما هي إيجابيات ترخيص البرامج بأسلوب حر ؟
1. الحرية تتضمن نشر الكود وإمكانية الإطلاع عليه ، بخلاف البرامج الإحتكارية التي هي أشبه بالصندوق الأسود .. لا يمكن لأحد على الإطلاق أن يقدّم لك ضمان يكفل بألا تحتوي البرمجيات الإحتكارية التي تستخدمها على هاتفك النقال وجهاز الحاسب لديك أجزاء تجسسية ، يمكن بسهولة أن يُتجسس عليك .
مايكروسوفت ويندوز يتجسس على المستخدمين ، على سبيل المثال ، يرسل الكلمات التي يبحث المستخدم عنها في ملفاته الخاصة ، وما هي البرامج الأخرى المثبتة ، ريل بلير ( RealPlayer) يتجسس أيضا16 ، إنه يرسل ما يشغله المستخدم .
الهواتف المحمولة مملوءة بالبرمجيات غير الحرة ، والتي تتجسس ، الهواتف المحمولة ترسل إشارات موضعة حتى عندما تكون ‘ مغلقة ‘ ، يمكن للعديد أن يرسلوا موقعك العالمي الدقيق سواء رغبت أو لا ، وبعض النماذج يمكن تشغيلها عن بعد كأجهزة تنصت ، لا يمكن للمستخدمين إصلاح هذه الميزات الخبيثة لأنهم لا يملكون السيطرة عليها .
الطريقة الوحيدة للتأكد من أن برمجيتك تعمل لأجلك هي بإصرارك على البرمجية الحرة / المجانية ، وهذا يعني أن المستخدمين الذين يحصلون على الشفرة المصدرية ، أحرار في دراستها وتغييرها .
2. في حال كونك مبرمجاً ، تعتبر البرمجيات الحرة البيئة الأمثل لتنمية قدراتك وإمكانياتك ، بإستطاعتك الإطلاع على الأكواد المصدرية لمئات الآلاف من البرامج ، يمكنك المساهمة في تطوير أضخم المشاريع البرمجية الحرة بعد ذلك ، كل هذا سيصقل مهاراتك وسيزيد من خبرتك ومعارفك .
3. استخدام البرمجيات الحرة يعزز فيك أسلوب الحياة الذي يعود بالنفع على المجتمع ككل ، لأن الكل قادر على الحصول على البرنامج ، الجميع قادر على الإطلاع على الكود المصدري ، الجميع متاحة لهم الفرصة للمشاركة بتطوير هذه البرمجيات … تلك الميزات غير محصورة بفئة معينة بالمجتمع ، لا مكان لـ “ كهنة التكنولوجيا ” في مجتمع البرمجيات الحرة … التعلم متاح للجميع ولا يحق لأحد إحتكاره ، إن استخدام البرمجيات الحرة ومشاركتها مع أصدقائك ستعزز فيك هذه الروح .
4. البرمجيات الحرة تعتبر خيار مجدي اقتصادياً سواءً على مستوى الأفراد أو المدارس أو الجمعيات الخيرية أو حتى الحكومات ، حيث تكون أسعارها معقولة غالباً ، ثم إنه يمكن الحصول على هذه البرمجيات بشكل مجاني من أي أحد قام بشراء البرنامج ، فضلاً عن أن معظم البرمجيات الحرة مجانية !
5. إن إبقاء مصدر البرنامج متاحاً للعموم ، جعل مئات الألوف من المبرمجين حول العالم يقبلون على تطوير هذه البرامج ، الأمر الذي جعل هذه البرامج أكثر قوة واستقراراً وتطوراً من البرامج المغلقة المصدر التي لا يقف خلف تطويرها أكثر من فريق معدود من المبرمجين .
6. لن نضطر إلى إعادة اختراع العجلة في كل مرة نصنع بها سيارة ، وهذا يعني أن توافر الكود المصدري للعموم يجعل من الأفكار والشيفرات تتمتع بميزة “ التراكمية ” ، في المنتج المغلق المصدر ( أي الاحتكاري ) أنا لا املك أي مادة خام ، وبالتالي عندما أكتب كود محرر نصوص فسأبدأ من الصفر ، وفي كل مرة سيفكر أحد بكتابة كود محرر نصوص سيبدأ كذلك من الصفر ، أما في البرمجيات الحرة فهناك العديد من الشيفرات المصدرية ولا داعي لأن أبدأ من الصفر كل ما علي فعله هو إضافة أفكاري وتطويراتي على الكود الموجود أصلاً ، وهكذا يساهم الجميع بالمزيد والمزيد من التحسين على الكود وتتراكم المعارف والأفكار ، وهذا يضمن أيضاً تطور للبرمجيات الحرة أسرع بكثير من تطور البرمجيات الإحتكارية ، إذ كانت الثانية تبدأ من الصفر دائماً والأولى تبدأ من حيث انتهى الآخرون .
7. البرمجيات الحرة تتيح مجالاً واسعاً لدعم اللغة العربية ، فتوافر الكود المصدري للعموم ، يتيح لنا وبسهولة دعم اللغة العربية في البرامج بل وتعريب واجهات هذه البرامج وإضافة كل ما يحتاجه المستخدم العربي من ميزات ، أنا هنا لا أتحدث عن “ إمكانية ” فعل ذلك ، لكن هناك مجموعات وفرق برمجية تقوم فعلاً بتعريب البرمجيات الحرة … فريق “ عرب آيز ” على سبيل المثال ، وجهودهم في هذا المجال جبارة حقيقةً .
8. البرمجيات الحرة تؤمن المزيد والمزيد من فرص العمل ( المدفوع الأجر ) ، كيف؟ بأكثر من سبيل ، أحدها : أنه مع البرمجيات الاحتكارية فهناك وجود لطرفين فقط طرف يستهلك البرنامج وآخر يحتكر تقديم الدعم والتحديثات .. مع البرمجيات الحرة يمكن لأي شخص أن يقدم دعمه ومساعدته المدفوعة الثمن حول برمجيات لم يقم بإنتاجها لكنه يحترفها ويعرف مشاكلها ..
انتشار البرمجيات الحرة سوف يعني حاجة الشركات والقطاعات الخاصة والدوائر الحكومية التي ستستخدم هذه البرمجيات إلى دخول دورات تعليمية للتعامل مع النظام ومع البرامج التي ستلزم في تلك القطاعات … أسعار الدورات من شركات البرمجيات الحرة ستكون مرتفعة الثمن مقارنة مع أي دورة يقوم بها أخصائي وطني .. أيضاً : الشركات التي ستستخدم البرنامج سيعوزها باستمرار تطويره وتحديثه بما يواكب تطور عملها ، وهنا ممكن لأي فريق برمجي وطني مختص أن يقدم خدمات الدعم الفني هذه بأسعار منافسة للشركات الأم الأصلية .. وهذا يعني أيضا المزيد من فرص العمل ( المدفوع الأجر ) شيوع البرمجيات الحرة في السوق سيؤمن حتما الكثير من فرص العمل للمبرمجين ، بالإضافة إلى إيجابيات تتعلق بالجانب التقني لا مجال لذكرها هنا .
إن الترخيص بشكل حر، يحقق للقارئ والمجتمع منفعة عالية جدًا ، حيث يصبح انتشار المعرفة وتوزيع مصادرها أمراً متيسراً ومتاحاً بسهولة ، مما يضمن انتشار أوسع للعلم ، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للجميع للمساهمة بالعملية الإبداعية بشكل تشاركي وتعاوني ملفت للنظر ، إن إتاحة المصادر العلمية للمنتجات تختصر الوقت والجهد والمال اللازم للعملية الابتكارية .
إن الناشرين بشكل حر يحققون أرباحاً ملفتة للنظر خلافاً لما يشاع ، فشركات البرامج الحرة التي تقدم برامجها ( مع الكود المصدري ) بشكل مجاني وتتيح للجميع نسخها وتوزيعها وتعديلها تتربح عن طرق الدعم الفني المدفوع الثمن سواءً للأفراد أو للشركات ، لقد أثبتت هذه الطريقة نجاعتها بشكل قاطع ، إن التربح من بيع البرامج قد ولى زمنه كما تقول تلك الشركات .
فضلاً عن التطور التقني لهذه البرامج حيث يكون “الجميع” مشارك بعملية التطوير
ودور النشر التي تنشر كتبها بشكل حر ، بحيث تتوافر النسخ للتحميل المجاني من الشبكة أو تصوير الكتاب من صديق ، تتبع أسلوب جديد بالطباعة ، وهو الطبع عند الطلب ، حيث توفر الماكينات الحديثة في تلك الدور ، النسخة من الكتاب خلال 20 دقيقة ، وبالتالي لن يكون هناك أي خسائر ، وقد وجدت هذه الدور أن الإقبال يتضاعف على الكتب التي تنشر على الشبكة بشكل مجاني ، حيث يزداد عدد القراء بشكل خيالي وبالتالي تزداد ( بشكل طردي ) الشريحة القادرة على دفع ثمن الكتاب ، والتي تشتري الكتاب لإهدائه أو حتى للاحتفاظ به ، دار للنشر الحر ( مثل لولو ) تحقق مبيعات وأرباح منافسة ، بينما توقع لها الجميع بالفشل .
آراء فقهية
قبل الدخول في التعقيدات الفقهية ، التي سأحاول النأي عنها هنا ، فإن هناك نقطة مهمة يجب الإشارة إليها ، وهي أن معظم الفقهاء الذين يستجد أمامهم شيئًا من القضايا دائماً ما يرجعون إلى كتب الفقه من التراث يبحثون وينقبون فيها علّهم يجدون شيئًا ما يبنون عليه ، وكأن الجرأة لا تتملك أحدهم لأن يعود إلى مصدر هذا التراث ( القرآن والسنة ) حيث سيجد ضالته هناك ، ليعلن فتوى لم يقل بها أحدٌ من قبل ، أو وكأن نسب الفتاوي إلى كتب التراث والأئمة يعطيها من الحصانة والقداسة ما لا يدع لأحد مجالا للبحث معه ، أو وكأن الله ضمن لنا في كتب التراث من المعاني المتجددة ما لا ينضب ! ورحم الله السلف عندما كانوا في اجتهاداتهم يقولون خذوا من حيث نأخذ .
الرأي الأول : ” الملكية الفكرية ” : الوجوب وحرمانية المخالفة
وهو الذي قالت به المجامع الفقهية الرسمية ومنها : قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة :
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، أمَّا بعد :
فإنَّ مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة ، المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12 رجب 1406هـ إلى يوم السبت 19 رجب 1406هـ ، قد نظر في موضوع حقوق التأليف لمؤلفي الكتب والبحوث والرسائل العلمية : هل هي حقوق ثابتة مملوكة لأصحابها ، وهل يجوز شرعاً الاعتياض عنها ، والتعاقد مع الناشرين عليها ، وهل يجوز لأحدٍ غير المؤلف أن ينشر كتبه وبحوثه ويبيعها دون إذنه ، على أنَّها مباحة لكلِّ أحدٍ ، أو لا يجوز ؟
وعرض على المجلس التقارير والدراسات التي هيأها في هذا الشأن بعض أعضاء المجلس ، وناقش المجلس أيضاً رأي بعض الباحثين المعاصرين ، من أنَّ المؤلف ليس له حقٌّ مالي مشروع فيما يؤلِّفه أو ينشره من كتب علمية ، بحجَّة أنَّ العلم لا يجوز شرعاً حجره عن الناس ، بل يجب على العلماء بذله ، ومن كتم علماً ألْجَمَهُ الله تعالى يوم القيامة بلجام من نارٍ ، فلكلِّ من وصل إلى يده بطريق مشروع نسخة من كتابٍ لأحد المؤلفين ، أن ينسخه كتابةً ، وأن ينشره ويتاجر بتمويل نشره ، وبيع نسخه كما يشاء ، وليس للمؤلف حقُّ منعه .
ونظر المجلس في الرأي المقابل، وما نشر فيه عن حقوق الابتكار ، وما يسمى الملكية الأدبية والملكية الصناعية ، من أنَّ كل مؤلف لكتاب أو بحث أو عمل فنيٍّ أو مخترعٍ لآلة نافعة له الحق وحده في استثمار مؤلَّفه أو اختراعه ، نشراً وإنتاجاً وبيعاً ، وأن يتنازل عنه لمن شاء بعوض أو غيره ، وبالشروط التي يوافق عليها ، وليس لأحدٍ أن ينشر الكتاب المؤلَّف أو البحث المكتوب بدون إذن صاحبه ، ولا أن يُقَلِّد الاختراع ويتاجر به دون رضى مخترعه ، وانتهى المجلس بعد المناقشة المستفيضة إلى القرار التالي :
أولاً : إنَّ الكتب والبحوث قبل ابتكار طرق النشر بالمطابع التي تخرج منه الآلاف المؤلَّفة من النسخ ، حين لم يكن في الماضي وسيلة لنشر الكتاب إلاَّ الاستنساخ باليد ، وقد يقضي الناسخ سنوات في استنساخ كتابٍ كبير ليخرج منه نسخة واحدة، كان الناسخ إذ ذاك يخدم العالم المؤلِّف حينما ينسخ بقلمه نسخة أو عدَّة نسخ لولاها لبقي الكتاب على نسخة المؤلِّف الأصلية معرَّضاً للضياع الأبدي إذا تلفت النسخة الأصلية ، فلم يكن نسخ الكتاب عدواناً على المؤلِّف ، واستثماراً من الناسخ لجهود غيره وعلمه ، بل بالعكس ، كان خدمة له وشهرة لعلمه وجهوده .
ثانياً : أمَّا بعد ظهور المطابع فقد أصبح الأمر معكوساً تماماً ، فقد يقضي المؤلِّف معظم عمره في تأليف كتاب نافعٍ ، وينشره ليبيعه ، فيأخذ شخصٌ آخر نسخة منه فينشرها بالوسائل الحديثة طبعاً وتصويراً ، ويبيعه مزاحماً مؤلِّفَهُ ومنافساً له ، أو يوزِّعه مجاناً ليكسب بتوزيعه شهرة ، فيضيع تعب المؤلِّف وجهوده ، ومثل ذلك يقال في المخترع .
وهذا مما يثبط همم ذوي العلم والذكاء في التأليف والاختراع ، حيث يرون أنَّ جهودهم سينهبها سواهم متى ظهرت ونزلت الميدان ، ويتاجر بها منافساً لهم من لم يبذل شيئاً مما بذلوه هم في التأليف أو الابتكار .
فقد تغيَّر الوضع بتغيُّر الزمن وظهور المستجدات فيه ، مما له التأثير الأساسي بين ما كان وما صار، مما يوجب نظراً جديداً يحفظ لكل ذي جهد جهده وحقَّه .
فيجب أن يعتبر للمؤلِّف والمُخْتَرِعِ حقٌّ فيما ألَّف أو ابتكر ، وهذا الحقُّ هو ملك له شرعاً ، لا يجوز لأحدٍ أن يسطو عليه دون إذنه ، وذلك بشرط أن يكون الكتاب أو البحث ليس فيه دعوة إلى منكر شرعاً ، أو بدعة أو أيِّ ضلالة تنافي شريعة الإسلام ، وإلاَّ فإنَّه حينئذٍ يجب إتلافه ، ولا يجوز نشره .
وكذلك ليس للناشر الذي يتَّفق معه المؤلِّف ولا لغيره تعديل شيءٍ في مضمون الكتاب ، أو تغيير شيءٍ دون موافقة المؤلِّف ، وهذا الحقُّ يورث عن صاحبه ، ويتقيَّد بما تقيِّده به المعاهدات الدولية والنظم والأعراف التي لا تخالف الشريعة ، والتي تنظِّم هذا الحق وتحدِّده بعد وفاة صاحبه تنظيماً ، وجمعاً بين حقِّه الخاصِّ والحقِّ العامِّ ؛ لأنَّ كل مؤلِّف أو مخترعٍ يستعين بأفكار ونتاج من سبقوه ، ولو في المعلومات العامة، والوسائل القائمة قبله .
أمَّا المؤلِّف أو المخترع الذي يكون مستأجراً من إحدى دور النشر ليؤلِّف لها كتاباً ، أو من إحدى المؤسسات ليخترع لها شيئاً لغاية ما ، فإنَّ ما ينتجه يكون من حقِّ الجهة المستأجرة له ، ويتبع في حقِّه الشروط المتَّفق عليها بينهما ، مما تقبله قواعد التعاقد .
والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه . 17
الرأي الثاني : يضع ضوابط
وإذا وصلنا النظر في العصر الحديث لدى رواد تجديد الفكر الإسلامي الشمولي الحركي لدى الشيخ / حسن البنا نجده في مجال الاقتصاد يقرر حرمة المال واحترام الملكية الفكرية الفردية الخاصة ما لم تتعارض مع المصلحة العامة18.
فحق الناس المحتاجين لهذه الملكية يحتم وضع قيود عن هذه الحقوق الفردية، وعليه يكون حبسها المطلق وكأن في الأمر احتكارًا .
لذا رأت التشريعات المختلفة وضع قيود على هذه الحقوق ، وهي قيود ضرورية تحد من أخطار الملكية المطلقة وتوجيهها الوجهة الصحيحة ، نجد هذا في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يمنع الضرر ، ( لا ضرر ولا ضرار ) وغيرها من القواعد الشرعية ، لذا فلا يجوز للملكية الفردية عمومًا أن تنمو نموًا يلحق الضرر بالمصالح الجماعية .
لذا فإذا نمت الملكية الفردية بطرق تخالف المبادئ الأخلاقية التي أوجب الإسلام رعايتها فلوَلي الأمر حينئذ تقييد هذه الملكية لتحقيق المصلحة العام ، ومن ثم تجد هذه الملكية في إطار تلك القيود الحماية القانونية والشرعية .
بعدها نتساءل: هل في هذه الحماية المطلقة للملكية الفكرية شبهة احتكار؟
جاء في المصباح : “ احتكر فلان الطعام : إذا حبسه إرادة الغلاء و( الحَكْر ) بمعنى الاحتكار .
وفي الاصطلاح الفقهي يعرّف : “ حبس السلع أو جمعها من الأسواق حتى تشتد حاجة الناس إليها ”.
ويقول: الحَصْكَفِي في شرح الدر المنتهي : “ إن الاحتكار شرعاً اشتراء الطعام ونحوه إلى الغلاء لمدة اختلفوا في تقديرها .
وكلمة “ نحو” في التعريف تجعل الاحتكار شاملاً للقوت وغيره مما يحتاج إليه الناس .
بالنظر لهذه التعريفات وخاصة التعريف الموسّع للسلع باعتبارها كل ما يحتاج إليه الإنسان ربما أدخل ذلك الملكية الفكرية في مفهوم السلع ، وبالتالي إمكانية تصور الاحتكار فيها .
بل تلحق هذه الشبه حتى إذا اعتبرنا حق الملكية الفكرية هي أعمال ، إذ من المعروف أن الاحتكار يمكن أن يلحق بالأعمال في حالة قيام المشتغلين في المهن أو الحِرَف استغلال أعمالهم قصرًا عليهم بقصد أن يكسبوا كسبًا كبيرًا دون الآخرين .
وإذا أعملنا القواعد الشرعية العامة كقاعدة : ( أن الأحكام – ولا سيما في المعاملات – معلّلة بجلب المصالح ودفع المفاسد ) ، وقاعدة : ( لا ضرر ولا ضرار ) ، وعموم الحديث الشريف : ( من احتكر فهو خاطئ ) ؛ نخلص إلى أن الحماية المطلقة للملكية الفكرية ربما تحقق معها معنى الاحتكار .
ولعل هذا ما دفع التشريعات لتحديد فترة الانتفاع بهذه الحقوق حداً ومنعاً للاحتكار ، ونحن نضع في ذهننا مفهوم الإسلام للعدالة الاجتماعية حيث تسامى بمدلولاته على أن تكون مجرد قوانين محددة تحمي أو تقيد حق الملكية الفكرية ، إنما النظرة تتعدى إلى تحقيق هذه العدالة الاجتماعية بموازنة بين حق الفرد من ناحية ، وحق المجتمع في الانتفاع بهذه الأفكار والمبتكرات .
والنظر والإقرار كذلك عند تنظيم هذه الملكيات بأنها ليس فقط لمجرر توزيع هذه الثروة المتحققة من عائد هذه المؤلفات والابتكارات الفكرية إنما تتعدى المسألة إلى حق العلم ونشره كوسيلة لقضاء الحوائج لتبادل المنافع .
ومن منظور العدالة ؛ فإن المبتكر أو المؤلف قد بذل جهدًا كبيرًا في إعداد مؤلفه أو مبتكره ، وبالتالي يكون أحق الناس به ، سواء فيما يمثل الجانب المادي وهي الفائدة المادية المرجوة من عمله ، أو الجانب المعنوي وهو نسبة العمل إليه ، حيث يظل هذا الحق المزدوج خالصًا له ثم لورثته .
وبناءً عليه يعتبر حق تقليد المبتكر أو إعادة طبع مؤلف أو نسخه اعتداء على الملكية الفكرية وسرقة توجب الإثم ، ورتب حق تعويض للمؤلف المعتدى عليه وإتلاف أو مصادرة النسخ المطبوعة .
لقد ثار جدل في شأن تحديد طبيعة حق المؤلف هل هو حق ملكية بالمعنى الصحيح ؟ إن تشبيه حق المؤلف بحق الملكية قد أتى من الاعتقاد في أنّ كل ما يبتكر أو ينتج شيئًا يملكه .
يرى البعض أن استعمال لفظ ( المِلْك ) أو ( المِلْكِية ) هو استعمال مجازي ، حيث من المعروف أن الأشياء المادية هي التي يمكن أن تقبل بطبيعتها لأن تكون محلاً للملكية ويصح حيازتها .
أما الأفكار والحقوق المعنوية عموماً بطبيعتها لا تقبل الاستئثار والحيازة باعتبار أنها لمجرد إذاعتها ونشرها تَخرُج من صاحبها وتشيع في المجتمع ، وفي إشاعتها هذه ربما تصادف هوى في نفس صاحبها حيث يصبح الذيوع والشيوع لهذه الأفكار دليلاً لنجاح صاحبها ، لذا يبررون هذه النظرية بأنّ المؤلف أصلاً لا يقصد أن تظل هذه الأفكار مقصورة إنما يقصد نشرها .
ثم إنّ حق المؤلف حق مؤقت على خلاف الملكية ، فإذا رد بأن حق الملكية قد تزن في بعض صورها مؤقتة فإن ذلك التوقيت هو أمر استثنائي ، ولهذه الأسباب يرى أصحاب هذا الاتجاه بأن حق الملكية الفكرية لا يعتبر حق ملكية.
وقد ذهب البعض إلى اعتبار حق المؤلف نوعًا من الحقوق العينية لأنه يخول صاحبه القدرة على القيام بأعمال معينة كحق الاستعمال والاستغلال والتصرف كصاحب الحق العيني سواء بسواء .
وبالطبع هذا يخالف النظرة التقليدية للحق العيني الذي لا يقع إلا على الأشياء المادية .
ثم إنّ هذا الحق لا يمكن اعتباره من الحقوق الشخصية كحق الدائن قبل مدينه ، لأنه لا يوجد رابطة بين صاحبه وبين شخص أو اشخاص معينين ، وليس محله عملاً من الأعمال .
ويرى البعض أنّ حق المؤلف حق من نوع خاص لا يندرج تحت التقسيم التقليدي للحقوق ، هذا ما سارت عليه محكمة النقض الفرنسية حيث وضعت في أحد أحكامها ( أنّ حقوق المؤلف والاحتكار الذي تخوله تسمى خطأ سواء في اللغة التجارية أو لغة القانون باسم الملكية كما عرّفها ونظمها التقنين المدني بالنسبة للمنقولات والعقارات ، فهي تقتصر على إعطاء صاحبها امتيازاً مقصوراً عليه في استغلالها استغلالا مؤقتًا ) .
ويرجع البعض أن صعوبة تحديد طبيعة حق المؤلف تأتي في صورة استغلال هذا الإنتاج الفكري ( الحق الأدبي ) حيث بموجب الحق الأدبي المجرد يصبح للمؤلف وحده تقرير مدى صلاحية الفكرة للنشر أو لا .
ومتى ما نشرت الفكرة يجب أن تُنسب دائمًا إليه .
كما يجب أيضًا أن تبقى الفكرة في الصورة التي أعرب عنها دون تغيير أو حذف . ولاحظ أن هذا الحق دائم وإن انتهى الحق المالي للمؤلف ، وهذا يعني أن هذا الحق لا يجوز التصرف فيه ولا حيازته ولا رهنه أو الحجز عليه ، لأن الحق الأدبي لا يدخل في حساب الذمة المالية ، أما الشق الآخر وهو الحق المالي ، فهو الذي يتمثل في إمكان الفرد من استغلال لهذه الأفكار حيث يستفيد المؤلف من هذه الحقوق المالية التي تدخل في الذمة خلاف الحق الأدبي ، لذا يجوز التصرف فيه ورهنه والحجز عليه .
وبهذا المعنى يرون بأن حق المؤلف هو حق مزدوج .19
الرأي الثالث : لم يعترف بملكية للفكر
ومنهم القرافي الذي ذكر في كتابه “ الفروق ” أن الاجتهادات ( الأفكار ) لا تُملك وليست حقاً لمبتكرها ، وإلا فما فائدة التفكير والاجتهاد والقراءة في ذلك والاستماع إليه .
ومنهم مفتي باكستان الشيخ محمد شفيع رحمه الله ، فقد سُئٍلَ20 :
1- ُيسجّل المصنفون كتبهم لئلا ينشرها أحد غيرهم ، هل هذا التسجيل جائز شرعاً أم لا ؟
2- ما حكم البيع والشراء لحق التصنيف والاختراع ؟
الجواب :
“لا يجوز المنع عن النشر والصانعة لمن يسجل تأليفه أو اختراعه ؛ لأن منع أحد عن التصرف في الأمر المباح لا يخلو من وجهين :
أحدهما : أن يتم التصرف في ملك الآخر بلا إذنه .
والآخر: أن يؤدي هذا التصرف إلى إلحاق ضرر للفرد أو الجماعة .
والمسألة التي نحن بصددها تفقد هذين الوجهين لأن الناشر أو الصانع لا يتصرف في ملك أحد ، بل يقوم بالكتابة وتوفير الأوراق ودفع أجرة الطباعة من عنده ، هذا وأن ما ينقل منه إما أن يشتريه أو يحصل عليه من أي طريق مباح .
وأما حق التصنيف فليس بمال ، ولا يصلح أن يكون ملكاً لأحد .
والوجه الثاني مفقود كذلك لأن الناشر لا يمنع المصنف ولا أحد عن النشر الذي هو سبب في إلحاق الضرر بل النشر يؤدي إلى حرمان المصنف أو المبتكر من الغلاء ولا يضر الناس على منفعتهم الشخصية – فهذا ليس بضرر بل تقليل للنفع ، والفرق ظاهر بين الضرر وتقليل النفع .
ولعل منع المُصنِّف أو المبتكِر لأحد عن الطباعة والنشر إنما يحتمل أن يقرر نسبة ربح أكثر من العادة أو ألا تكون المنافع التجارية إلا له ، وأن لا يستفيد الآخرون من ربح هذه الصفقة التجارية وبهذا يتضرر الناس ، ولأن النفع الفردي الذي يكون سببًا لإضرار عامة الناس فالشرع لا يبيحه ، وقد ورد النهي عن الاحتكار في الأحاديث الصحيحة .
وهناك قاعدة ( الضرر يزال ) في كتاب الأشباه والنظائر ، وهي مستنبطة من الكتاب والسنة ، فالحاصل أنه يتحمل أحياناً خسائر فردية لإزالة الضرر عن الجماعة .
وخلاصة الأمر أن حق التصنيف والابتكار ليس بشيء قابل أن يكون ملكاً لأحد ، فلو طبع أحد كتاباً أو نقله أو قلّد صناعة بجهوده فالمنع عن ذلك ليس بامر مباح ، بل هذا من حقه ، فلا يخفى أن المنع ظلم لا ينبغي والله سبحانه وتعالى اعلم ” أ.هـ
وهناك آخرون ذكروا مزيدَ تفصيلٍ على هذا ، لكن المقام لا يسمح بأكثر من ذلك .
ثورة العالم القادمة … رخصة “ وقف ” العامة
إضافةً لقوانين الملكية الفكرية ، والحرية الفكرية ، فإن بعض التقنيين والقانونيين العرب يعملون الآن لبلورة مفهوم “ الوقف ” للبرمجيات والأعمال الفكرية الأخرى ، إنهم يرون أن الوقف من المعاملات الإسلامية التي ازدهرت في فترة ازدهار الدولة الإسلامية ، وخمدت وتشوهت في الفترات الأخرى ، كما أنهم يرون أن تطبيق مفهوم الوقف لا يجب أن ينحصر في المباني والأراضي وخلافه ، وإنما يجب أن ينتقل إلى الأعمال الفكرية ، في عصر يتسابق فيه الجميع على الاحتكار ..
كل ما سيرد الآن حول رخصة “ وقف ” هو من موقع أعجوبة ، الواضع لهذه الرخصة :
“ إننا نرى أن هذه الاتفاقيات ( الرخص المملوكة ) مجحفة جدا لكننا ندرك أن قبول اتفاقية معينة ( مثل رخص البرامج المملوكة ) وأنت تضمر مسبقا خرقها أمر غير أخلاقي .
لهذا فنحن لا نحل المشكلة بمشكلة أخرى بل نقدم البديل ، نحن لدينا رؤية مختلفة حيث أننا نقدم أعمالنا الفكرية من برامج حاسوبية وغيرها ابتغاء وجه الله ، والتي هي الركيزة الأساسية لهذه الرخصة التي تميزها عن الرخص المملوكة وعلى أي غاية أخرى ( مثل نشر العلم النافع أو جني الأرباح ) أن تتحقق بوسيلة لا تخالف هذا الهدف الأسمى .
و في قناعتنا – التي لا نلزم أحدا بها والتي لا يضيرك أن لا تشترك معنا فيها – أن الإسلام يحرم وبشكل قطعي حكر العلم والمعرفة والإنتاج الفكري على وجه العموم ، وهذا التحريم يأتي من عدة أوجه :
الحديث النبوي الشريف : “ من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ” وقد جاءت كلمة العلم نكرة في سياق العموم فهي تنطبق على كل علم ينتفع الناس به سواء علم ديني أو دنيوي .
لسنا بحاجة لابتداع شيء لنشر العلم لأن الأعمال الفكرية ليست محدثة وأن قرون الخير الأولى نشرت العلم دون تملكها .
حبس المعرفة والعلم عمن يحتاجه هو إضرار بالناس لصالح قلة منهم ، وهذا مما نهى عنه الشارع ولا يبرر هكذا فعل إلا من يؤمن بالرأسمالية الذاتية التي تطرفت في تعظيم مصلحة الفرد .
انتفاء مبرر المصلحة إذا وجدت طرق لنشر الأعمال الفكرية والتربح منها دون كتمها ،
لهذا جاءت رخصة “ وقف ” العامة ( كما غيرها الكثير من رخص التوزيع المضادة لحكر التوزيع ) ، فهي وضعت لكي تؤكد لمستهلك العمل الفكري أن لا قيد يفرضه صاحب العمل على استخدام منتجه والإفادة منه أو إعادة إنتاجه وتوزيعه .
أي أن تجعل حقوق الطبع والتوزيع “ ممنوحة ” أو مرفوعة وليس “ محفوظة ” ( وبالإنجليزية يشار لها باسم copyleft أو copy-wrong تهكما على copyright )
وهنا يجدر الوقوف عند مسألتين :
الأولى ، أن الحق الأدبي لصاحب العمل يبقى للمبتكر الأصلي على كل الأحوال ، فلا يجوز لأحد أن يأخذ هذا العمل وينتحله ويدعيه لنفسه .
والثانية ، أن لصحاب العمل ولغيره ( ممن عندهم الكفاية ) الإفادة المادية من العمل كأن يطلب أتعابا أو يتقاضى أجرا عن تحسينه أو تطويره أو أجرا عن تدريسه وهكذا ، ولكن ما وراء ذلك فلا يحق له ادعاء ملكيته للفكرة أو العمل في صورته المعنوية ولا يحق له منع الآخرين من إعادة نشرها والاستفادة منها، وهذا لا يتناقض مع كون العمل موقوفا لأن الموقوف هو أصل العمل الفكري بصورته المعنوية وليس الوسيط أو الخدمة .
بنود الرخصة
رخصة وقف العامة ، يرمز لها اختصارا بـ “ وقف ” ، هي رخصة لتوزيع العمل الفكري ( من برمجيات أو مؤلفات مكتوبة أو إنتاج فني على سبيل المثال لا الحصر ) .
تتشابه هذه الرخصة في أهدافها مع رخص البرمجيات الحرة والتوثيق الحر ورخصة الإنتاج المشترك ، ولكنها تزيد عليها ببعض الجوانب المتعلقة بالهدف من وراء الإنتاج وحدود الاستخدام .
رخصة وقف وكما يقترح الاسم هي إقرار من صاحب العمل بأن هذا العمل هو وقف لله تعالى ويتقصد به نوال رضاه من خلال انتفاع الناس به ، أي أن هذا العمل هو صدقة جارية لوجه الله تعالى ، وبذلك فإن رخصة وقف تقر بأن للمنتفع – أيا كان جنسه أو لونه أو عقيدته – الحق في الإفادة من العمل وإعادة توزيعه وحتى تطويره ضمن الشروط التالية :
أولا – أوجه الاستخدام :
يحق للمنتفع استخدام العمل ضمن أي غرض فيه منفعة ولا يجوز استخدامه فيما يسئ للآخرين أو يخالف مبادئ الإسلام السمحة ، مع ملاحظة أن الأعمال التي يغلب الظن أنها الضارة لا يجوز أن توضع تحت هذه الرخصة أصلا .
ثانيا – حق التوزيع :
يحق للمنتفع إعادة توزيع العمل بصورته الأصلية ودون تعديل وتحت شروط رخصة وقف ، بالكم الذي يريد مع صون ذكر الحق الأدبي لصاحب العمل .
ثالثا – حق التعديل :
يحق للمنتفع الحصول على النسخة المصدرية للعمل كما ويحق له التعديل عليها بما يناسب احتياجاته وضمن الحدود الموضحة في بند أولا .
رابعا – حق توزيع النسخة المُعدّلة :
يحق للمنتفع إعادة توزيع العمل المعدّل فقط تحت رخصة وقف العامة وعلى أن يذكر أصل العمل المعدل وطبيعة التعديل وأن يكون واضحا بما لا يدع مجالا للبس أن هذه النسخة معدلة وليست هي النسخة الأصلية التي انتجها صاحب العمل الأول .
خامسا – عدم المسؤولية :
لا يتحمل صاحب العمل أية مسؤولية لا قانونية ولا أخلاقية عن حسن أو إساءة استخدام العمل أو الأضرار المباشرة أو غير المباشرة الناتجة عنه إلى أقصى حد يسمح به القانون ، وصاحب العمل بهذا لا يقدم أية ضمانة لا ضمنا ولا تصريحا بقدرة المنتج على تحقيق أي غرض ، المسؤولية الكاملة تقع على عاتق المنتفع والضمانة الوحيدة المقدمة له هي مصدر العمل .
تعقيبٌ شخصي : ويتضح أنّ رخصة وقف كالرخص الحرّة لا تعتبر مجدية من الناحية الماديّة ، لكنها ترقى إلى مستويات عالية في نشر العلم والعمل على عدم كتمه
الخاتمة
في عام 1998 وقّع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون على قانون يسمى DMCA يجعل إنتاج أدوات الهندسة العكسية أو استخدامها عمل إجرامي يعاقب عليه القانون ، والهندسة العكسية هي أن تختبر أي جهاز أو برنامج لتعرف طريقة عمله الداخلية فتقوم بتعديلها أو إنشاء منتج مماثل يؤدي نفس الوظائف .
يقول الكاتب الإماراتي : عبد الله المهيري :
“ ثلاثة أشياء كانت في الماضي أموراً بديهية يمكن لأي شخص أن يمارسها بدون أي خوف من القانون أصبحت الآن أعمالاً إجرامية :
معرفة طريقة عمل الأشياء .
تعديل المنتج لكي يؤدي وظائف مختلفة لم يصمم من أجلها أول مرة .
نشر التعديلات للآخرين . “
بعد سنتين من القراءة والمشاركة في النقاش الدائر حول قضايا “ الملكية الفكرية ” ، تزداد قناعتي بأنه لا يمكن لمجتمع معرفي تشاركي تعاوني أن يتحقق في ظروف معيقة كالتي تفرضها قوانين “ الملكية الفكرية ” ، اليوم انتقلت فكرة “ الحرية الفكرية ” لمصانع إنتاج الدواء ، حيث تتيح تلك المصانع الوصفات والطرق التي تنتج بها الأدوية ، وهناك المصانع التي تنتج أجهزة حرة ، أي تنشر مخططات الدوائر الإلكترونية والكهربائية لمنتجاتها (مثل Daisy و MintyBoost USB Charger Kit ومعالجات صن sparc ).
إن العائق الرئيسي الذي لاحظته أثناء النقاشات في الترويج لمبدأ الحرية الفكرية ، أن الكثيرين يخلطون بين المنتج الحر والمنتج المجاني ، إن طرق التربح من المنتجات الحرة والأمثلة الساطعة لشركات قدرت على تحقيق نتائج مدهشة بحق ، هو ما يجب أن يتم إيصاله لكل ناشر ولكل مبرمج ولكل شركة ….
ويبقى الذي نحتاج إليه بحق ، إبداع قانون جديد ، يجمع بين مزايا هذه القوانين ، التي عرضنا طرفاً منها ، وعدم الإكتفاء بما هو موجود فعلاً …. ما أكثر ما ترك الأول للآخر !!!
المصدر : وثائق أعجوبة
ساهم في تحرير هذه الوثيقة :أبو حفصة – محمد طريف مندو
المراجع
1 (حماية حقوق الملكية الفكرية) د. خالد بن سعد النجار .
2 من وثائق أعجوبة.
3. تناقلت وكالات الأنباء مؤخراً ، خبراً مفاده افتتاح متجر في الصين لبيع الحب والحظ !
4.الكود المصدري للبرنامج هو مجموعة التعليمات البرمجية التي تشكّل برنامج ما ، وإن تعديل برنامج ما يستلزم الوصول إلى هذا الكود .
5. إن التوصل إلى الكود المصدري لبرنامج ما محمي بقوانين الملكية الفكرية يعد عملاً إجرامياً يعاقب عليه القانون في الولايات المتحدة الأمريكية .
6. Sample EULA من موقع مايكروسوفت .
7. ( الملكية الفكرية وبرمجيات الحاسوب ) ، د. محمد ابو القاسم الرتيمي
8. وهو الأستاذ عدنان سالم مدير دار الفكر ، في مقالةٍ له على موقعه على الإنترنت .
9. ( الملكية الفكرية وبرمجيات الحاسوب ) ، د. محمد ابو القاسم الرتيمي
10. المصدر : ويكيبيديا
11. موقع مشروع “ جنو ” التابع لمؤسسة FSF على الإنترنت
12. المصدر : كتاب “ لينكس الشامل ” ، تأليف مؤيد السعدي
13. المصدر : موقع “ وادي التقنية ” ، ورد الخبر مترجماً من عدة وكالات أنباء .
14.رخصة الإبداع العمومي ، من موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت
15. المركز التعليمي في موقع “ وادي التقنية ” يضم لوحده عشرات الكتب المرخصة بشكل حر .
16. المصدر : موقع مشروع جنو على الإنترنت .
17. موقع الإسلام سؤال وجواب
18.الملكية الفكرية في الفقه الإسلامي ، د. أسامة محمد عثمان خليل
19..الملكية الفكرية في الفقه الإسلامي ، د. أسامة محمد عثمان خليل
20. فقه النوازل ، الجزء الثاني ، بكر بن عبد الله أبو زيد
2 people اعجبت بهذا
الحالات التي تنتفي فيها المسئولية القانونية عن ساحب الشيك في بحث هام .
أ/ يارا النجادات
العيوب الشكلية والعيوب الموضوعية في الشيك
والحالات التي تنتفي فيها المسئولية الجنائية عن ساحب الشيك (شيك الاتمان)
المقدمة:
إن الشيك في القانون والفقه أداة وفاء بالدرجة الأولى تجري مجرى النقود في التعامل وأن موضوع الشيك بصفة عامة عالجه الفقه الجنائي وفق نصوص قانون العقوبات وأيضاً وفق نصوص القانون التجاري باعتباره صكاً جنائياً بحتاً ومن ثم لم يتوسع في التفسير والبحث والتأصيل والخوض في أعماق سبب تحريره، ولقد استقر الفقه الجنائي على أنه لا يعتد بالسبب المؤدي إلى ارتكاب الجريمة لأنه من قبيل البواعث التي لا تؤثر في قيام الجريمة والعقاب.
عيوب الشيك
أولاً: العيوب الشكلية التي تصيب الشيك:
وهي عديدة وأساسها الفاصل هو أن يكون العيب شاملاً الصك أو الورقة في ذاتها وتشمل تلك العيوب:
1-الشيك الذي يحمل تاريخيين.
2-خلو الشيك من توقيع الساحب.
3-خلو الشيك من الأمر بالدفع.
4-عدم كفاية الصك بذاته لأن يكون شيكاً.
5-تزوير الشيك في أي من بياناته وخاصة التوقيع.
6-صورية التاريخ في الشيك.
7-الخلو من بيان مكان سحب الشيك.
8-خلو الشيك من اسم المستفيد أو المبلغ أو التوقيع على بياض.
ثانياً: العيوب الموضوعية التي تصيب الشيك:
وهي تلك التي تستند أساً إلى أوجه العوار غير الشكلية السابق ذكرها ولذلك فهي عديدة ومتنوعة مثل:
1.انقضاء الدعوى الجنائية في الشيك سواء بمضي المدة أو الوفاة.
2.عدم جواز النظر في الدعوى لسبق الفصل فيها.
3.الأحكام المتعلقة بالوكالة في الشيك.
4.الأحكام المتعلقة بعدم توافر الارتباط في الشيكات عند المحاكمة عن عدة شيكات.
5.أحكام عدم الاختصاص في الشيك.
6.جميع الأحكام المخالفة لقواعد البطلان في الأحكام.
7.حالات السداد اللاحق أو السابق لقيمة الشيك.
8.حالات علم المستفيد بعدم وجود رصيد من عدمه.
9.الأحكام المتصلة بالاشتراك في الجريمة عند إصدار الشيك من أكثر من ساحب.
10.تحرير الشيك بالإكراه.
11.تحصل الشيك عن جريمة سواء بالضياع أو السرقة أو الإفلاس.
12.انتفاء القصد الجنائي .
13.تحرير الشيك لسبب مشروع أو غير مشروع.
القصد الجنائي المطلوب في جرائم الشيك
إن القصد الجنائي المطلوب لقيام تلك الجريمة هو القصد الجنائي العام ويتم بمجرد توافر العلم من الجاني والعبء في إثباته يقع على عاتق النيابة العامة ويكفي في ذلك إثبات قيام الدليل على وجود إحدى الصور المنصوص عليها قانوناً ولكن هذا لا ينفي أنه بمقدور الساحب أن يقيم الدليل على انتفاء القصد الجنائي لديه أي حسن نيته إعمالاً للقواعد العامة في الإثبات متبعاً أي دليل يراه موصلاً إلى تلك الغاية دون التقييد بقاعدة معينة ويترتب على إثبات حسن النية انتفاء المسئولية الجنائية.
يمكن أن نميز من خلال التطبيق العلي بين نوعين من الشيكان درج العمل على تسميتها بشيكات الضمان وشيكات الوديعة.
إن شيكات الضمان لا تثار إلا بصدد موضوع سبب إصدار الشيك أو الباعث على إصداره.
إما شيكات الوديعة فتختلف اختلافاً تاماً عن شيكات الضمان وأساس ذلك أنها ترتد إلى طائفة أخرى من الشيكات التي تعتمد أساسً على محاولات نفي الإرادة هذه الإرادة المقصود بها إرادة أطلاق الشيك ي التداول على أساس انتفاء الركن المادي في جريمة إصدار شيك بدون رصيد الذي يعتمد في الأصل على أساس جوهري هو إرادة التخلي على حيازة الشيك للمستفيد وإطلاقه في التداول.
من هنا ظهر في العمل ما سمي شيك الوديعة الذي يعني أن الساحب قد قام بتسليم الشيك إلى شخص آخر سواء أكان غير المستفيد وفي بعض الحالات المستفيد –كما لو كان مصرفاً على سبيل المثال- ليس بهدف صرفه وإطلاقه في التداول بل بهدف أن يودع على سبيل الأمانة لديه وبالتالي فإنه إذا تصرف المودع لديه في الشيك دون إذن من الساحب يكون قد ارتكب جريمة خيانة الأمانة.
من هنا نجد أن شيكات الوديعة ترتد أساساً إلى عيب يمتد إلى الركن المادي للجريمة حيث أن نية إطلاق الشيك في التداول لم تكن متوفرة ومن ثم فإن إرادة التخلي عن الحيازة النهائية للشيك – وإن تخلى بإرادته- لم تكن متوفرة ومن ثم يرتبط بالإرادة وأيضاً بالقصد الجنائي وهذا يختلف عن شيكات الضمان التي تعتمد أساساً على العيوب التي تنجم عن سبب إصدار الشيك ولا شك أنه يوجد اختلاف كبير بين سبب إصدار الشيك والقصد الجنائي لتحرير الشيك والإرادة لتحريره.
إن شيك الوديعة قد يجتمع بشيك الضمان في الحالة التي يكون أحد البنوك طرفاً فيها ومستفيداً عندما يصدر البنك شيكاً مسحوباً على البنك من احد العملاء فهنا قد يدفع العميل بأن الشيك قد تم تسليمه للبنك على سبيل الأمانة كوديعة وأنه إنما حرر هذا الشيك كأداة ضمان وليس أداة وفاء.
ومفاد شيك الوديعة أن المتهم عندما يصدر الشيك تكون إرادته معيبة وإذا كان المتهم قد تخلى عن حيازته لذلك الشيك فإن هذا التخلي عن الشيك لم يكن نهائياً ولا بنية إطلاقه في التداول ومن ثم لا تنعطف على هذا الشيك الحماية الجنائية المقررة في قانون العقوبات وذلك لانهيار فعل الإعطاء للشيك الذي هو الأساس وجوهر الركن المادي في جريمة إصدار شيك بدون رصيد.
ويثبت فعل الإعطاء بوجود الشيك في حيازة المستفيد ولكن هذا الوجود يعد قرينة نسبية على المناولة أو التسليم ويستطيع الساحب أن يثبت عكسها بكافة طرق الإثبات كأن يثبت مثلاً أن الشيك قد سرق منه أو كان تحت يد المستفيد بصفة أمانة وأن نيته لم تتجه إلى التخلي نهائياً عن حيازته له وأساس ذلك أن إعطاء الشيك وتسليمه للمستفيد على سبيل الأمانة إنما قصد به حفظ الشيك وعدم التنازل عن حيازته حيازة كاملة.
إن الشيك ومن الواقع القانوني يمكن أن يتحول إلى ورقة معيبة من الناحية الجنائية ويفقد تبعاً لذلك صفته التجريميه ويكون الساحب بمنأى عن العقاب ومن الناحية العملية فأن تلك العيوب التي تصيب الشيك تحوله إلى ورقة معيبة وتتحدد به المسائلة فقط من الناحية المدنية أو التجارية ولكن الساحب ينجو من المساءلة الجنائية وينقلب بذلك الشيك إلى شيك ائتمان ويمكن أن نلخص تلك الحالات كالتالي:
1-إذا حمل الشيك تاريخيين.
2-عدم كفاية المحرر بذاته لأن يكون شيكاً.
3-خلو الشيك من الأمر بالدفع لدى الإطلاع.
4-خلو الشيك من توقيع الساحب.
5-خلو الشيك من المبلغ أو عدم تحديد المبلغ أو تحديده تحدياً غير كاف.
6-الجمع بين صفتي المستفيد والمسحوب عليه.
7-الجمع بين صفتي المستفيد والساحب.
8-الجمع بين صفتي الساحب والمسحوب عليه.
ومن ناحية أخرى فإن شيك الائتمان يعتمد أساساً على توافر أحد العيوب الشكلية التي تصيب الصك بالعور ولكن شيك الضمان يختلف عما سبق تماماً حيث أنه يعتمد أساسً على سبب إصدار الشيك والباعث على إصداره حيث أن السبب في إصدار شيك الضمان أن الساحب أصدره لسبب أحد العمليات التجارية على سبيل الضمان.
أولاً: الشيك الذي يحمل تاريخيين:
إن الشيك الذي يحمل تاريخيين هو من أبرز حالات تحول شيك الوفاء إلى شيك ائتمان وذلك لأن الأصل هو أن الشيك لا يحمل ألا تاريخ واحد فقط وبالتالي يكون أداة وفاء يجري مجرى النقود في المعاملات أما إذا حمل تاريخيين فأنه يتحول بذلك إلى أداة ائتمان ويفقد الناحية الجنائية والمسؤولية الجنائية عنه لأن الشيك قد أصبح ذا صفة تجاريه أو مدنيه.
وأنه من المقرر أن الدفع بأن الشيك يحمل تاريخيين هو من الدفوع الموضوعية التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.
ثانياً: عدم كفاية المحرر بذاته لأن يكون شيكاً:
إن تدوين الشيك يعتبر صلب المحرر وأساسه وذلك لأن القانون لا يعرف شيكاً شفوياً لذلك فأن الشيك المدون هو أساس الالتزام بما يحتويه ولا يشترط أن يكون التوقيع باللغة التي دون بها الشيك ويجوز أن يتخذ الشيك صورة برقية ولا يشترط أن يحرر الشيك على النموذج الذي أعده البنك لذلك.
ثالثاً: خلو الشيك من الأمر بالدفع:
إن جوهر الشيك انه أمر بالدفع صادر من الساحب إلى المسحوب عليه لمصلحة المستفيد فإذا لم يتضمن هذا الأمر فلا التزام يحمله المسحوب عليه تجاه المستفيد إذ لا علاقة بينهما سابقة على الشيك تصلح سببا لمثل هذا الالتزام ولذلك فإن خلو الشيك من الأمر بالدفع لدى الإطلاع يبطله ويجعله يفقد صفته الجنائية ولا يعد شيكاً ويصبح بالتالي أداة ائتمان لا أداة وفاء.
وإن الدفع بخلو الشيك من الأمر بالدفع هو من الدفوع الموضوعية التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحتى يحقق الشيك الغاية منه يجب أن يكون الأمر بالدفع منجزاً أي غير معلق على شرط سواء أكان واقفاً أو فاسخاً لأن هذا التعليق من شأنه عدم الوفاء بقيمة الشيك إلا عند تحقق الشرط وهو ما ينافي طبيعة هذا الصك.
رابعاً: خلو الشيك من توقيع الساحب:
إذا خلا الشيك من توقيع الساحب يعتبر ورقة لا قيمة لها ولا يؤبه بها في التعامل على الإطلاق وذلك لأن توقيع الساحب يعتبر من البيانات اللازمة في الشيك فعدم توقيع الساحب على الشيك يترتب عليه بطلانه وهو بذلك لا يصلح أن يكون أداة وفاء أو أداة ائتمان وأنه من المستقر فقهاً وقضاءً أنه إذا خلا السند من توقيع الساحب بطل الالتزام الوارد فيه لتخلف ركن الرضا.
ولكن إذا ثبت أن الشيك مكتوب بخط الساحب جاز اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة يكمل بالبينة والقرائن كما هو مبين في القانون المدني.
خامساً: خلو الشيك من المبلغ أو عدم تحديد المبلغ أو تحديده تحدياً غير كاف:
إن خلو الشيك من المبلغ المراد صرفه يجعله ورقة غير قابلة للصرف وبالتالي فإنها تنقلب ليس فقط من أداة وفاء إلى أداة ائتمان بل أنها تنحدر إلى ورقة لا أساس لها في التعامل إلا إذا قام المستفيد بملء المبلغ المدون على بياض بعد ذلك.
فإذا قام المتهم بالدفع بأنه إنما قام بالتوقيع على الشيك خالياً من المبلغ وأن المبلغ المدون به يفوق المبلغ المتفق عليه لا يقبل هذا الدفع لأن المتهم إنما فوض المستفيد في وضع المبلغ الذي يريده من خلال تركه للشيك على بياض.
سادساً: الجمع بين صفتي المستفيد والمسحوب عليه:
يجب أن يتم تحدي اسم المسحوب عليه تحديداً كاملاً نافياً للجهالة فإذا لم يتم هذا التحديد فإن الصك يفقد صفته كشيك.
وأن الجمع بين صفتي المستفيد والمسحوب عليه في صك واحد قد يترتب عليه فقد الشيك صفته واعتباره مجرد تأمين تجاري ويكون الشيك بذلك قد فقد الشكل الثلاثي اللازم فيه وتنتفي عنه الصفة الجنائية.
لما كان الأصل أن فعل الإعطاء يتحقق بطرح الشيك في التداول أي بوصول الشيك إلى المستفيد فأنه تطبيقاً لذلك وفي هذه الصورة إذا لم يتم إطلاق الشيك في التداول ثم لا تقوم الجريمة أي أن الجمع بين صفتي الساحب والمستفيد تفقد الورقة صفتها الجنائية وتتحول إلى أداة ائتمان فقط.
ومثال ذلك قيام البنك بإلزام العميل أو المقترض على تحرير شيك لصالحة بمبلغ يفوق قيمة القرض وهذه الشيكات وفق ما نرى لا تعد شيكا بالمعنى القانوني حيث لا تتضمن أشخاص الشيك وهم الساحب والمسحوب عليه والمستفيد ولا يعد إصدارها بدون رصيد جريمة وفقا لنص قانون العقوبات هذا بالإضافة إلى علم البنك بعدم وجود رصيد لهذه الشيكات وسوء النية في قبول مثل هذه الشيكات. وقد تعد مثل هذه الأوراق التي يستكتب البك عملائه إياها من قبيل أوراق الضمان حيث لا يعد الصك أداة وفاء وهي الوظيفة الوحيدة للشيك إذا اثبت ذلك صاحب المصلحة بكافة طرق الإثبات.
سابعاً: الجمع بين صفتي المستفيد والساحب:
المستفيد هو الشخص الذي يحرر الشيك لمصلحته وقد يكون شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً وقد جرى العرف على أن يصدر الشيك بإحدى الصور الثلاث (شخص معين – لأمر شخص معين – لحامله).
ثامناً: الجمع بين صفتي الساحب و المسحوب عليه:
لا يجوز سحب الشيك على الساحب نفسه ذلك أن من شروط الشيك أن يتضمن أمراً بالدفع مما يتعذر أن يكون الساحب شخصاً غير المسحوب عليه فإذا كان الشيك مسحوباً على ذات الساحب فقد صفته وأصبح سنداً أذنياً يتعهد فيه محرر الصك بالوفاء ولا ينطوي على أمر بالوفاء وبالتالي تنتفي فكرة الشيك لأنه لم يعد ثمة أمر بالدفع وإنما صارت الورقة تحمل تعهداً بالدفع.
لماذا لا تكون اول معجب
بحث مميز عن مصادر القاعدة القانونية في قانون التجارة الأردني .
د.عبدالله الخشروم
ملخص
تنقسم مصادر القاعدة التجارية في ظل قانون التجارة الأردني رقم 12 لعام 1966 إلى مصادر رسمية ومصادر إسترشادية. وتنقسم المصادر الرسمية بدورها إلى مصادر رسمية أصلية (التشريعات التجارية : قانون التجارة لعام 1966 والتشريعات ذات العلاقة بالنشاط التجاري) ومصدر رسمي إحتياطي (القانون المدني لعام 1976). أما المصادر الإسترشادية فتشمل السوابق القضائية، وإجتهاد الفقهاء، ومقتضيات الإنصاف، والعرف التجاري،وتهدف هذه الدراسة إلى بيان الوضع التشريعي القائم لهذه المصادر، إذ أن هناك عدم دقة في صياغتها وأولويتها. ويحظى موضوع العرف التجاري ومدى قدرته على مخالفة القواعد المدنية الآمرة بأهمية كبيرة لتزايد استخدام العرف التجاري في الحياة التجارية. كما تهدف هذه الدراسة أيضاً إلى اقتراح التعديلات على بعض نصوص قانون التجارة الأردني وعلى وجه التحديد المادة 2 و 3 لكي تصبح أكثر انسجاماً مع الحياة التجارية.
Abstract
The sources of a commercial rule under the Jordanian commercial Act No. 12 of 1966 are considered as the basic guiding sources. These sources are divided into basic principal sources (which are commercial legislations: Commercial Act of 1966, and legislations concerned with commercial activities), and basic alternative sources (which consist of the Civil Act of 1976). The guiding sources, however, include judicial precedents, jurisprudence, rules of equity and commercial customs.
The aim of this study is to point out to the existing legislative situation of these sources, since there is unprecision involving its drafting and priority. The subject of commercial custom, along with its ability to override the compulsory civil rules, enjoys a great importance as a result of its repaid us age in commercial life, this study also suggests the required legislative amendments, particularly Sections 2 and 3 of the Jordanian Commercial Act which are more in harmony with the commercial life.
المقدمة
لكل قاعدة قانونية منبع تستقي منه مادتها أو جسمها وهي مجموعة العوامل التي تدخل في تكوين القاعدة القانونية وتحديد مضمونها، سواء أكانت عوامل اجتماعية أو سياسية أو الإقتصادية أو دينية أو أخلاقية أو غيرها، ويطلق على هذه العوامل بالمصادر المادية(1، ويعد المصدر المادي المصدر الحقيقي أو الموضوعي للقاعدة القانونية،لأنه يلعب دوراً هاماً بتزويد المشرع بمادته الأساسية، الذي يشكل جسم القاعدة القانونية(2). والعوامل الطبيعية قد يكون لها دور كمصدر مادي في تكوين القاعدة القانونية، ومثال ذلك اختلاف التشريعات في تحديد سن الرشد. وذلك لتأثير النمو البدني والجنسي بعامل المناخ الذي يختلف من مكان إلى آخر(3)، كما تلعب الظروف الإقتصادية والسياسية دوراً آخر، ومثال ذلك إيجاد قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997،وقانون تشجيع الاستثمار رقم 16 لسنة 1995، الذي جاء ليواكب النظرة الإقتصادية الجديدة والداعية لتشجيع الاستثمار في الأردن. كما أن القاعدة القانونية بحاجة إلى وسيلة لتخرج بها حيز الوجود لتصبح واجبة التطبيق(4) وتقترن بالقوة الملزمة، ويطلق على هذه الوسيلة بالمصادر الرسمية أو الشكلية للقاعدة القانونية.
ولكلمة مصدر معان أخرى، فقد تعني المصدر التاريخي ويعني الأصل التاريخي الذي استمدت منه القاعدة القانونية، ومثال ذلك الشريعة الإسلامية التي تعد مصدراً تاريخياً للقانون المدني الأردني، والقانون المدني الفرنسي مصدراً تاريخياً للقانون المدني المصري، وكما يعدّ قانون التجارة السوري مصدراً تاريخياً لقانون التجارة الأردني. وقد يُعنى بكلمة مصدر وسيلة القاضي في تفسير القاعدة القانونية لغايات تطبيقها ليصبح مصدراً استرشادياً، وهو ما يسمى بالمصدر التفسيري أو الاسترشادي(5).
ويختلف ترتيب المصادر الرسمية للقانون من دولة لأخرى، فنجد بعض الدول تجعل التشريع في المقام الأول كمصدر رسمي أصلي وتتبنى معظم الدول في الوقت الحاضر هذا الاتجاه، ومن الدول من تجعل السوابق القضائية في المرتبة الأولى كالدول الأنجلوسكسونية فيما نجد قواعد الدين هي المصدر الرسمي الأصلي في السعودية. أما في الأردن، فإن التشريع، هو المصدر الرسمي الأصلي وتأتي أحكام الفقه الإسلامي ومبادئ الشريعة الإسلامية والعرف وقواعد العدالة مصادر رسمية إحتياطية، كما يعدّ الفقه والقضاء من المصادر الإسترشادية أو التفسيرية وذلك بنص المادة الثانية من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976(6).
ومصادر القانون الرسمية تختلف من قانون إلى آخر، فمصادر القانون التجاري كما حددتها المادة الثانية من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 هي : التشريع (القانون التجاري) والقانون المدني. ومصادر قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997 كما بينتها المادة الثالثة هي : التشريع (قانون الشركات) وقانون التجارة والقانون المدني والعرف التجاري. وعلى ذلك، فإننا سنبحث في المصادر الرسمية لقانون التجارة الأردني، ثم الإسترشادية أو التفسيرية وذلك في مبحثين مستقلين.
المبحث الأول المصادر الرسمية
بالرجوع لقانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 نجد أن المواد (2، 3، 4) قد تعرضت لتحديد مصادر القانون التجاري الأردني .
إذ تقضي المادة (2) على ما يلي :
1. إذا انتفى النص في هذا القانون فتطبق على المواد التجارية أحكام القانون المدني .
2. على أن تطبيق هذه الأحكام لا يكون إلا على نسبة اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري.
وتنص المادة (3) على ما يلي :
إذا لم يوجد نص قانوني يمكن تطبيقه فللقاضي أن يسترشد بالسوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء وبمقتضيات الإنصاف والعرف التجاري .
كما تقضي المادة (4) ما يلي :
1. على القاضي عند تحديد آثار العمل التجاري، أن يطبق العرف السائد إلا إذا ظهر أن المتعاقدين قصدوا مخالفة أحكام العرف أو كان العرف متعارضاً مع النصوص القانونية الإلزامية.
2. ويعد العرف الخاص والعرف المحلي مرجحين على العرف العام .
واعتماداً على هذه النصوص، يمكن لنا تقسيم مصادر القانون التجاري الأردني إلى مصادر رسمية ومصادر إسترشادية. وسبق القول بأن المصادر الرسمية أو الشكلية للقانون هي المصادر التي من خلالها تخرج القاعدة القانونية إلى حيز الوجود وتكتسب الصفة الإلزامية. والمصادر الرسمية لقانون التجارة الأردني قد تكون مصادر رسمية أصلية، وقد تكون مصادر رسمية إحتياطية، ندرسها على التوالي في مطلبين مستقلين .
المطلب الأول المصادر الرسمية الأصلية (التشريعات التجارية)
يحتل التشريع في الوقت الحاضر المرتبة الأولى بين مصادر القانون متغلباً بذلك على العرف الذي هو أسبق في الوجود من التشريع وباقي المصادر الأخرى، ويعود ذلك إلى سرعة سن القواعد القانونية ودقة صياغتها، وذلك لوجود سلطة مختصة تقوم على إصدار التشريع طبقاً لإجراءات محددة. فالتشريع إذن هو عبارة عن تلك القواعد القانونية العامة المجردة التي تحكم مختلف نشاط الأفراد في المجتمع وتجبر الدولة على إتباعها ولو بالقوة عند الضرورة، إلا أن التشريع قد يقصد به مجموعة قواعد قانونية منظمة لنشاط أو جانب معين من السلوك البشري، ومثال ذلك تشريع الضرائب وتشريع العمال وغيرها، كما أن تشعب أوجه النشاط في الدولة الحديثة وتداخل الروابط الاجتماعية بين الأفراد يتطلب قواعد كثيرة وسريعة لضبطها مما لا يتوافر في قواعد العرف التي تمتاز بالبطء في إنتاج القواعد القانونية، في حين تتوافر في قواعد التشريع، كما أن تركيز السلطة في يد الدولة الحديثة ساعد على زيادة تدخل الدولة في شتى مناحي الحياة، ولا يتم هذا التدخل إلا من خلال التشريع(7) وهذا يقتضي منا الحديث عن مزايا وعيوب التشريع.
مزايا التشريع(8):
للتشريع مزايا كثيرة ساعدت على انتشاره في الدولة الحديثة وإحتلاله للمقام الأول من بين باقي مصادر القانون، وهذه المزايا هي :
1. التشريع يرد مكتوباً، أي تصاغ مضمون القاعدة القانونية صياغة محكمة من قبل هيئة مختصة، فلذلك تأتي واضحة محددة، مما يساعد الأفراد على معرفة حقوقهم وواجباتهم ويسود الإستقرار والأمن في المجتمع، بخلاف القاعدة العرفية التي هي غالباً غير واضحة لأنها عبارة عن فكرة تستقر في الأذهان ويتعامل بها الأفراد دون كتابتها، مما يخلق صعوبة في التأكد من وجودها ومضمونها.
2. يؤدي التشريع إلى تحقيق وحدة القانون في الدولة كونه يطبق في كل إقليم الدولة بخلاف العرف الذي قد ينشأ خاصاً بجزء من الدولة أو لدى طائفة معينة من الأفراد، مما يجعل هناك مجالاً لاختلاف النظام القانوني من مكان إلى آخر .
3. التشريع هو مصدر سريع لإنتاج القواعد القانونية، لأنه يراقب التطورات الاجتماعية أو الإقتصادية أو غيرها في المجتمع، كما يمكن إلغاء وتعديل التشريع بنفس السرعة والسهولة لإصدار التشريع، في حين أن العرف هو مصدر بطيء ينشأ تدريجياً.
إلا أن هذه المزايا لا تمنع من وجود بعض العيوب والإنتقادات التي توجه إلى التشريع ومنها:
1. التشريع يوضع من قبل سلطة مختصة، ولا ينشأ تلقائياً من قبل الجماعة، مما يعني أن التشريع قد يأتي مخالفاً لحاجات ورغبات الجماعة، إلا أن هذا العيب يمكن تفاديه بدراسة حاجات المجتمع ورغباته قبل إصدار أي تشريع .
2. السرعة في سن التشريع تؤدي إلى إيجاد العيب في التشريع أو التعارض مع تشريعات أخرى، مما يجعله بحاجة إلى تعديل، وكثرة هذه التعديلات تؤدي إلى زعزعة ثقة الناس بالتشريع وعدم الإستقرار في المجتمع.
وعلى الرغم من هذه العيوب، فإن التشريع يبقى متقدماً على العرف ويبقى يمثل المقام الأول بين مصادر القانون، أضف إلى ذلك بأن هذه العيوب يمكن تجنبها من خلال ربط التشريع بحاجات المجتمع عن طريق اشتراك ممثلي الشعب في إصدار التشريعات أو لأغراض إزالة أي تعارض بين التشريعات النافذة(9). كما يجب عدم الاستعجال في إصداره لتفادي أي عيب أو قصور.
وتقسم التشريعات التجارية إلى قانون التجارة والقوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري :
أولاً: قانون التجارة:
يعد قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966(10) المصدر الرسمي الأول للقانون التجاري بحيث يجب على القاضي تطبيق هذا القانون على المعاملات التجارية في حال قيام أي نزاع. وقد بينت المادة 1/2 من قانون التجارة الأردني موضوع القانون التجاري بقولها “يتضمن هذا القانون من جهة القواعد المختصة بالأعمال التجارية التي يقوم بها أي شخص مهما كانت صفته القانونية، ويتضمن من جهة أخرى الأحكام التي تطبق على الأشخاص الذين اتخذوا التجارة مهنة”.
ويتكون هذا القانون من (480) مادة ويقسم إلى أربعة كتب:
الكتاب الأول : بعنوان التجارة والتجار ويشمل الأحكام الخاصة بالأعمال التجارية والتجار والمتجر.
الكتاب الثاني : والخاص بالعقود التجارية، ويضمن الرهن التجاري وعقد النقل والوكالة التجارية والوساطة والسمسرة والحساب الجاري.
الكتاب الثالث : والمتعلق بالأوراق التجارية ويشمل سند السحب والسند لأمر (الكمبيالة) والشيك.
الكتاب الرابع: ويخص الصلح الواقي والإفلاس.
وقبل صدور قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966، خضع الأردن لمجلة الأحكام العدلية الصادرة عن الدولة العثمانية 1876، على اعتبار أنها القانون المدني الذي يحكم المعاملات المدنية والتجارية. ثم خضع الأردن لقانون التجارة العثماني الصادر عام 1266 ه جرية على اعتبار أن الأردن جزء من الدولة العثمانية،وهو منقول بدوره عن قانون التجارة الفرنسي لعام 1807. زيادة على بعض القوانين الأنجلوسكسونية التي كانت مطبقة في غرب الأردن، كقانون الشركات العادية لغاية عام 1964، وقوانين السماسرة والشيكات والبوالص الفلسطينية لغاية عام 1966(11).
وكان من جملة الأسباب التي قدمتها الحكومة الأردنية في سبيل اقتراحها لقانون التجارة الحالي ما يلي : “لما كانت أكثرية القوانين التجارية المعمول بها في هذه المملكة هي نفس القوانين التجارية التي صدرت في العهد العثماني باستثناء بعض القوانين النافذة المفعول في الضفة الغربية، ولما كانت هذه القوانين قد إنجلت في العمل والواقع عن مواطن عديدة من النقص، وظهر مع الزمن عجزها عن مسايرة الحياة التجارية التي وجدت لتنظيمها، بما أن بقاء التشريع التجاري لا يتفق ومقتضيات الحياة التجارية التي وجدت لتنظيمها، بما أن بقاء التشريع التجاري لا يتفق ومقتضيات الحياة التجارية المرفق بهذه المذكرة لتضمن بذلك وحدة التشريع في جميع أنحاء المملكة، ولتجاري تطور الحياة الإقتصادية ووقائعها وتساير الاتجاه الدولي الحديث في التشريع التجاري”(12).
ثانياً: القوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري
لا يشمل قانون التجارة كافة الأحكام المتعلقة بالتجارة لعدم قدرته على احتوائها بالتفصيل، مما اقتضى وجود قوانين مكملة له تنظم مجالات مختلفة من الحياة التجارية ومن أهم هذه القوانين :
1. قانون الغرف التجارية والصناعية رقم 41 لسنة 1949.
2. قانون العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1952 والقانون المعدل لقانون العلامات التجارية رقم (34) لسنة 1999(13).
3. قانون الحرف والصناعات رقم 16 لسنة 1953.
4. قانون علامات البضائع رقم 19 لسنة 1953 (14).
5. قانون براءات الإختراع رقم 32 لسنة 1999(15).
6. قانون تسجيل الأسماء التجارية رقم 3 لسنة 1953(16).
7. قانون البنوك رقم 4 لسنة 1971(17).
8. قانون المراكز التجارية رقم 21 لسنة 1972.
9. قانون التجارة البحرية رقم (12) لسنة 1972.
10. قانون مهنة تدقيق الحسابات رقم (22) لسنة 1985.
11. قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين رقم (44) لسنة 1985(18).
12. قانون أعمال الصرافة رقم (26) لسنة 1992(19).
13. قانون الشركات رقم (22) لسنة 1997(20).
14. قانون الأوراق المالية المؤقت رقم (23) لسنة 1997(21).
وإلى جانب هذه القوانين توجد مجموعة من الأنظمة والتعليمات والقرارات التي تنظم الأعمال التجارية المختلفة ومنها :
1. نظام المرابحة العثماني لسنة 1303 الهجرية، الذي يحدد مقدار الفائدة على الديون المدنية والتجارية .
2. نظام العلامات التجارية رقم 1 لسنة 1952 والنظام المعدل لنظام العلامات التجارية رقم (17) لسنة 2000(22).
3. قرار تسجيل الأسماء التجارية رقم 1 لسنة 1953(23).
4. قرار امتيازات الإختراعات والرسوم رقم 1 لسنة 1953(24).
5. نظام سجل التجارة رقم 13 لسنة 1966(25).
ولا يقتصر التشريع على النصوص القانونية الداخلية، وإنما يمتد لشمل الاتفاقات الدولية التي يصادق عليها الأردن طبقاً لنظمها الدستورية(26)، وذلك لأن الإتفاقية الدولية هي تشريع دولي، فإذا ما تعارضت مع التشريع الوطني غلبت عليه، لأن القانون الدولي يسمو على القانون الوطني(27).
المطلب الثاني المصادر الرسمية الإحتياطية
يقصد بالمصادر الرسمية الإحتياطية المصادر التي يلجأ إليها القاضي في حالة عدم وجود نص في قانون التجارة أو القوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري، وهناك مصدر إحتياطي وحيد وهو القانون المدني، وندرسه فيما يلي:
القانون المدني :
يأتي القانون المدني الأردني بالمرتبة الثانية في حالة عدم وجود نص في قانون التجارة أو في القوانين ذات العلاقة بالنشاط التجاري قابل للتطبيق على النزاع المعروض على القاضي تطبيقاً لنص المادة (2/1) من القانون التجاري الأردني التي تحيل لأحكام القانون المدني في حالة عدم وجود نص في قانون التجارة. ومن الأمثلة على ذلك نص المادة (15) من قانون التجارة الأردني التي تخضع الأهلية، التجارية لأحكام القانون المدني، وبالتالي أحالت إلى أحكام القانون المدني في كل ما يتعلق بتنظيم موضوع الأهلية التجارية. كما أخضعت المادة (80/3) من قانون التجارة الأردني حقوق والتزامات الوكيل التجاري إلى أحكام القانون المدني عندما يجب على الوكيل أن يعمل باسم موكله. كما تسري قواعد إجارة الأشياء في القانون المدني على الودائع التي تودع في الصناديق الحديدية أو في خانات منها (م117/1 تجارة أردني). كما أخضعت المادة (112) من قانون التجارة الأردني العمليات المصرفية غير المذكورة في الباب الخامس من قانون التجارة إلى أحكام القانون المدني المختصة بتلك العقود. كما يرجع إلى قواعد عقد الشركة في القانون المدني بخصوص شركة الأشخاص أو شركة الأموال. ويرجع بخصوص البيوع التجارية وبيع المتجر إلى أحكام عقد المبيع، كما أن السند القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة يوجد في المسؤولية التقصيرية المنظمة في القانون المدني(28). وهذا يؤكد أن القانون المدني هو الشريعة العامة لكافة فروع القانون بحيث يشمل جميع مناحي الحياة. وما استقلال القانون التجاري عن القانون المدني إلا استثناءً اقتضته مبررات السرعة والائتمان التي تمتاز بها المعاملات التجارية. وهذا يؤيد وجهة نظر القائلين بوحدة القانون الخاص (المدني والتجاري)، وإن رد دعاة الاستقلال على هذه الحجة بضرورة اتفاق القواعد المدنية – في حالة عدم وجود الأحكام التجارية – مع مقتضيات البيئة التجارية غير دقيق(29).
ولكن الرجوع للقانون المدني كمصدر ثانٍ من مصادر القانون التجاري مشروط باتفاق أحكام القانون المدني مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري (م2/2 تجارة أردني). وبالتالي إذا تعارضت أحكام القانون المدني المنوي تطبيقها على نزاع تجاري مع المبادئ العامة التي يقوم عليها القانون التجاري كقواعد دعم السرعة وقواعد دعم الائتمان فلا يكون مجال لتطبيقها على ذلك النزاع. مثال تلك القواعد: قاعدة حرية الإثبات في المواد التجارية وقاعدة التضامن، وقاعدة انتفاء صفة التبرع وقاعدة الفائدة في المواد التجارية. فالمادتان (84، 96/4) من قانون التجارة تطرقتا إلى موضوع الفائدة في المعاملات التجارية. إذ تقرر المادة (84) أنه على الوكيل أن يدفع الفائدة عن الأموال العائدة للموكل وذلك من اليوم الذي كان يجب عليه تسليمها أو إيداعها بحسب أمر الموكل. كما اعترفت المادة (96/4) للوكيل بالعمولة بامتياز على قيمة البضائع المرسلة إليه بغرض سداد جميع الأموال المدفوعة من قبله، ويدخل في الامتياز مبلغ الدين الأصلي مع الفوائد والعمولات والنفقات .
وهناك رأي يذهب إلى تغليب حكم القانون التجاري بقواعده الآمرة والمكملة إذا ما تعارضت مع النصوص المدنية حتى ولو كانت آمرة. وحجة هذا الرأي أن الحكم الخاص مقدم على الحكم العام. والقانون التجاري قانون خاص بقواعده الآمرة والمكملة معاً. ومن غير المعقول إيراد النصوص التجارية المفسرة ومنع العمل بأحكامها إذا ما تعارضت مع النصوص المدنية الآمرة. كما أن المشرع التجاري قد قيد الرجوع لحكم القانون المدني بقدر اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري وبالتالي لا يجوز الرجوع للقواعد المدنية حتى الآمرة فيما إذا لم تتفق مع النصوص التجارية ولو كانت مفسرة(30). إلا أن هناك اتجاه آخر يذهب إلى ترجيح النص التجاري الآمر على النص المدني الآمر والمفسر وذلك لتغليب حكم النص الخاص على العام، أما إذا كان النص المدني آمراً والنص التجاري مفسراً وجب تقديم النص المدني الآمر(31).
ونحن من جهتنا نؤيد الاتجاه الأول القائل بتقديم حكم القواعد التجارية الآمرة والمكملة إذا ما تعارضت مع النصوص المدنية حتى ولو كانت آمرة. و مبرر ذلك أن القانون التجاري بقواعده الآمرة والمكملة قانون خاص انفصل عن القانون المدني لمبررات البيئة التجارية التي لا تتفق ومقتضيات البيئة المدنية، فإذا ما عرض نزاع تجاري أمام القاضي يجب عليه أولاً أن يطبق النصوص التجارية الآمرة إن وجدت، فإذا لم توجد تطبق النصوص التجارية المفسرة ما لم يتفق المتعاقدان على خلاف القاعدة التجارية المفسرة كونها تبيح مثل هذا الاتفاق، فهنا لا يكون أمام القاضي إلا أن يطبق اتفاق المتعاقدين. فإذا لم يوجد اتفاق هنا يرجع القاضي إلى قواعد القانون المدني، وإذا كان هذا الموضوع محل خلاف فقهي فيما إذا كان الرجوع للقانون المدني أولاً أم للعرف التجاري، وهو ما سنأتي على دراسته لاحقاً.
المبحث الثاني : المصادر الإسترشادية (التفسيرية)
المصادر الإسترشادية بحسب المادة الثالثة من قانون التجارة هي السوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء ومقتضيات الإنصاف، فالعرف التجاري ندرسها في مطالب أربعة.
المطلب الأول السوابق القضائية (Precedents)
السوابق القضائية هي الأحكام الصادرة عن المحاكم الأردنية بمختلف درجاتها وذلك في المنازعات التي تعرض عليها. وقد بينت المادة الثالثة من قانون التجارة الأردني أن للقاضي أن يسترشد بالسوابق القضائية، وذلك في حالة عدم وجود نص قانوني يمكن تطبيقه على النزاع المعروض على المحاكم ورجوع القاضي للسوابق القضائية ليس على سبيل الإلزام، بل يستعين القاضي بالسوابق القضائية كمصدر استرشادي أو تفسيري لتوضيح النص القانوني أو الرجوع لأحكام القضاء في حالة انعدام النص القانوني في النقطة محل النزاع. كما أن دور القضاء يتجاوز حدود تفسير القواعد القانونية إلى إكمال النقص الوارد في تلك القواعد وفقاً لمقتضيات العدالة. ولكن القضاء لا يمكن القيام بمثل هذا الدور دون الرجوع إلى الفقه الذي يقوم ببناء النظريات العامة ويمكن أن ندلل على ذلك بالرجوع لنص المادة السادسة من قانون التجارة الأردني التي قامت بتعداد الأعمال التجارية البرية بحكم ماهيتها الذاتية ولكن هذا التعداد ورد على سبيل المثال لا الحصر. فإذا ما عُرض على القاضي نشاط تجاري جديد كتحصيل الديون التجارية وهو غير مذكور ضمن الأعمال التجارية الواردة في المادة السادسة يجد القاضي نفسه ملزماً بالرجوع للفقه القانوني فيما يتعلق بتعداد الأعمال التجارية والضوابط التي وضعها الفقه لتحديد تلك الأعمال التجارية، وذلك للوقوف على مدى تجارية هذا النشاط الجديد من الناحية القانونية لأغراض خضوعه لأحكام قانون التجارة(32).
ونحن في الأردن نتبع النظام اللاتيني، الذي يقتصر دور القاضي فيه على تطبيق القانون لا وضعه ولذلك فإن القاضي غير ملزم بأن يحكم إستناداً إلى أحكام قضائية سابقة حتى ولو كانت صادرة عن ذات المحكمة أو عن محكمة أعلى. وذلك بخلاف النظام الأنجلوسكسوني الذي تشكل السوابق القضائية فيه مصدراً رسمياً للقانون كما يلزم القاضي في هذا النظام بالرجوع للأحكام القضائية السابقة لإستخلاص القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على النزاع المعروض عليه. كما أن القاضي ملزم بإتباع السوابق القضائية الصادرة عنه وعن المحاكم الأعلى درجة. فمثلاً تكون قرارات مجلس اللوردات (House of Lords) في بريطانيا ملزمة لجميع المحاكم التي تنظر في قضايا متشابهة، وتكون قرارات محكمة الإستئناف (Court of Appeals) ملزمة للمحاكم الأقل درجة، أما إذا لم يكن هناك قرار سابق في تلك المسألة بالذات، فإن القاضي يوجد سابقة وبالتالي ستتبع في القضايا المستقبلية(33)،وبمعنى آخر فإن القاضي يخلق القانون (Judges-made law) وذلك بالإستناد إلى قواعد العدل والإنصاف(34). ويمتاز نظام السوابق القضائية بالثبات في طريقة تطبيق المحاكم للقانون، كما أنه يضمن الاستمرارية في تطبيق القانون من قضية إلى أخرى، وتأكيدها من خلال نظام السوابق القضائية الملزمة. ونظام السوابق القضائية من شأنه أن يوفر الوقت والجهد والنفقات، وذلك عند إستقرار هذه السوابق. كما أن المحامين يستطيعون نصيحة عملائهم عن النتيجة المتوقعة لأي قضية يفكرون في إقامتها، وبهذا يمكن تجنب إجراءات التقاضي مسبقاً.
بينما يعيب هذا النظام أنه يؤدي إلى عدم المرونة، وذلك إذا ما قامت المحكمة الأقل درجة بالالتزام بقرار لمجلس اللوردات لم تتم مراجعته لفترة طويلة. وما زاد الأمر سوءاً أن مجلس اللوردات ومحكمة الإستئناف اعتبرت نفسها ملزمة بقراراتها السابقة. و بقي هذا الأمر حتى عام 1966 عندما قرر مجلس اللوردات البريطاني أخيراً بأنه غير ملزم بقراراته السابقة، ويستطيع إعادة تفسير القانون إذا رغب. كما أن نظام السوابق القضائية يحتاج إلى جهد كبير من قبل المحامين والقضاة، وذلك من خلال الرجوع لعدد كبير من السوابق القضائية(35).
إلا أن نوعاً من التداخل ما بين النظامين اللاتيني والأنجلوسكسوني قد حدث. فالنظام الأنجلوسكسوني بدأ بالاعتماد على التشريعات المكتوبة فضلا ًعلى السوابق القضائية وخير مثال على ذلك قانون الشركات البريطاني لعام 1985 وتعديلاته لعام 1989 وقانون الإفلاس لعام 1986 وغيرها من القوانين المكتوبة كذلك فإن النظام اللاتيني أصبح يعتد – إلى حد ما – بالسوابق القضائية، فالمادة (205) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم 24 لسنة 1988 تنص على أنه “إذا رأت إحدى هيئات محكمة التمييز أن تخالف مبدأً مقرراً في حكم سابق، تحيل الدعوى إلى الهيئة العامة”. ويقترح بعضهم التوسع في هذا الاستثناء، وذلك بإلزام محاكم الإستئناف ومحاكم الدرجة الأولى بقرارات محكمة التمييز عن طريق القياس(36). هذا علاوة على أن جميع المحاكم تحرص على الأخذ بالمبادئ القانونية التي إستقرت عليها محكمة التمييز في أحكامها، وذلك حتى لا تعرض أحكامها للنقض. ومن المبادئ القانونية التي أرستها محكمة التمييز الأردنية قاعدة تقاضي فوائد على متجمد الفوائد في الحالات المشابهة للحساب الجاري والتي أقرها العرف المصرفي، إذ قررت أنه : “يجوز احتساب الفائدة بالطريقة المركبة حتى ولو لم يتفق عليها باعتبار أن العرف المصرفي هو أحد مصادر القانون التجاري”(37). وفي هذا السياق نأمل من القضاء الأردني نشر الأحكام الصادرة ليس عن محكمة التمييز فقط، وإنما الصادرة عن جميع المحاكم على اختلاف درجاتها لما فيه من فائدة لجميع العاملين في مجال القانون.
المطلب الثاني إجتهاد الفقهاء (الفقه)
يقصد بإجتهاد الفقهاء مجموع الآراء التي تصدر عن فقهاء القانون سواء وردت في كتاب أو بحث أو محاضرة أو ندوة أو تعليق على حكم قضائي أو بتدريسه، وذلك بهدف تفسير القانون وتوضيح الغامض منه والتعرض لأوجه النقص الذي ينتاب التشريعات(38). وعلى الرغم من أن الفقه القانوني يعد مصدراً استرشادياً لا يلزم القاضي بالرجوع إليه، إلا أن الواقع العملي يشهد بأن كل من القاضي والمحامي يستندات إلى إجتهاد الفقهاء في توضيحهم لنصوص القانون، كما أن المشرع يستعين بإجتهاد الفقهاء وشروحاتهم عند صياغة أو تعديل قانون ما. فالخلاصة أن الفقه يلعب دوراً هاماً كمصدر استرشادي وتفسيري في تطبيق القانون من قبل القاضي، كما يلعب الفقه دوراً هاماً في مجال القضاء، وذلك من خلال تجميع أحكام المحاكم والتقريب بينها وتتبع تطورها بهدف الوصول إلى الاتجاهات العامة للقضاء، وهناك الكثير من المؤلفات والأبحاث القيمة في القانون التجاري سواء في الفقه العربي أو غير العربي تقوم بتحليل النصوص التشريعية، فتوضح ما يعتريها من نقص أو عيب وتقترح للمشرع التعديلات اللازمة لكي تفعّل النصوص التشريعية القائمة(39). والفقه التجاري الأردني ما زال في بداياته ويحتاج القانون التجاري إلى شرح وتفسير وتأصيل ليس فقط من قبل مدرسي القانون التجاري، وإنما أيضاً من قبل القضاة والمحامين وكل من هو مهتم في هذا المجال.
المطلب الثالث مقتضيات الإنصاف
إن مقتضيات الإنصاف (Equity) أو مبادئ القانون الطبيعي أو قواعد العدالة كما تسميها بعض التشريعات قد وردت ضمن المصادر الإسترشادية. وبالتالي إذا لم يجد القاضي حكماً في المصادر السابقة يستطيع الرجوع لمقتضيات الإنصاف. وفكرة الإنصاف أو العدالة غير واضحة وغير محددة. والعلة من النص على هذا المصدر يكمن في حرص المشرع على قطع الطريق على القضاة بعدم الحكم في قضية بحجة عدم وجود النص القانوني المنظم لها، إذ لا يجوز أن يستنكف القاضي عن النظر في القضية المعروضة عليه بحجة عدم وجود النص القانوني، لذلك كان لا بد من وجود قواعد الإنصاف أو العدالة. وبموجب مقتضيات العدالة لا بد من الرجوع لإجتهاد القضاة بما يتفق مع مقتضيات العدل والإنصاف مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة بكل قضية على حدة(40).
المطلب الرابع العرف التجاري
1. تحديد المقصود بالعرف التجاري :
يقصد بالعرف التجاري مجموعة القواعد التجارية التي درج عليها التجار لمدة طويلة في تنظيمهم لمعاملاتهم التجارية معتقدين بإلزامها وضرورتها كما هو الحال في القواعد التشريعية(41). ويحتل العرف التجاري مكانة هامة جداً في الحياة التجارية، ويعود ذلك لقلة النصوص التشريعية وعجزها عن ملاحقة الحياة التجارية السريعة، ومثال ذلك البيوع البحرية والحسابات الجارية والاعتمادات المستندية(42) التي ما زالت محكومة بقواعد عرفية(43). فالعرف التجاري أكثر مرونة من التشريع وبالتالي فهو أقدر على تحقيق متطلبات الحياة التجارية السريعة من التشريع الذي يحتاج إلى إجراءات لتعديله أو إصداره.
ولقد كانت بدايات القانون التجاري قواعد عرفية منذ العصور القديمة التي عرفت بعض الأعراف التجارية الخاصة بالتجارة البحرية(44). وفي العصور الوسطى فإن العادات والأعراف التي سادت بين التجار في المدن الإيطالية والتي طبقها القناصل (رؤساء طوائف التجار) للفصل في المنازعات التي تثور بين التجار من أفراد الطائفة شكلت نواة قانون التجارة(45).
ويرجع الإهتمام بتقنين العادات التجارية إلى القرن السابع عشر في فرنسا، حيث قام الوزير كولبير بتشجيع لويس الرابع عشر على إصدار أمرين ملكيين متعلقين بالتجارة الأول: الأمر الملكي الصادر عام 1673 والخاص بالتجارة البرية التي أشرف على وضعه العلامة سافاري (Savary) والثاني: الأمر الملكي الصادر عام 1681 والمتعلق بالتجارة البحرية، الذي أشرف على وضعه العلامة دي بوتيني (Levayer de Boutigny). ثم صدر القانون التجاري الفرنسي عام 1807 الذي حل محل الأوامر الملكية المتعلقة بالتجارة البرية والبحرية والذي ما زال معمولاً به حتى وقتنا الحالي على الرغم من كثرة التعديلات التي أدخلت عليه. وأخذت الدولة العثمانية قانونها التجاري لعام 1850 من القانون التجاري الفرنسي الصادر عام 1807(46)، الذي ظل مطبقاً في الدول العربية حتى أصبح لها قوانين مستقلة ومنها قانون التجارة المصري عام 1883، وقانون التجارة اللبناني عام 1942 والسوري عام 1949 والعراقي لأعوام 1943، 1970، 1984، والأردني لعام 1966.
والعرف التجاري قد يتشكل بخصوص أمر مادي كطريقة عد أو كيل أو وزن سلعة من السلع، قد يتشكل بخصوص مسألة قانونية كتحديد مدة معينة لتنفيذ بعض الالتزامات التجارية وكقاعدة تضامن المدنيين في الالتزامات التجاري(47).
ويختلف العرف عن العادة الإتفاقية (USAGES) في أن الأول يتكون من ركنين هما :
الركن المادي : وهو إطراد الناس على إتباع سلوك معين، والركن المعنوي: وهو اعتقاد الناس بإلزامية إتباع هذا السلوك واحترامه بينما العادة الإتفاقية هي عبارة عن الركن المادي للعرف. فالعادة ليست قاعدة قانونية ملزمة بذاتها، وإنما تطبق لاتجاه إرادة المتعاقدين إلى إتباع حكمها. واتفاق المتعاقدين على تطبيقها قد يكون صراحة كما قد يكون ضمنياً يفهم من ظروف العقد وملابساته كمكان انعقاد العقد وزمانه والغرض من التعاقد وغيرها من وقائع التعاقد(48).
وتحظى العادات التجارية بأهمية كبيرة في مجال المعاملات التجارية وذلك للسببين التاليين :
1. تمتاز المعاملات التجارية بالسرعة (وهي من مبررات انفصالها عن حكم القانون المدني). مما لا يتوافر للمتعاقدين متسع من الوقت للاتفاق على كل الشروط التي تنظم العلاقات المترتبة عن هذه المعاملات، مما يعني اتجاه إرادتهم ضمناً نحو إتباع مثل هذه العادات التجارية .
2. أن يكون التجار على علم بعادات التجارة التي يباشرونها مما لا يجعل هناك ضرورة للنص على كل الشروط المألوفة بينهم(49).
ومثال العادة الإتفاقية في الحياة التجارية ما تعارف عليه التجار من إنقاص الثمن بدلاً من فسخ عقد البيع إذا كانت البضاعة المسلمة للمشتري من صنف أقل من المتفق عليه أو كانت كميتها أقل، لأن الفسخ يترتب عليه أضرار كبيرة للبائع والمشتري .
وعلى من يتمسك بالعادة التجارية أن يقيم الدليل على وجودها كونها تستمد قوتها من إرادة المتعاقدين وتوضع بوصفها شرطاً في العقد. ويمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات ولقاضي الموضوع سلطة مطلقة في تقدير وجود العادة الإتفاقية لأنها تعد من قبيل تفسير العقود والإتفاقيات فهي مسألة واقع وبالتالي لا تخضع لرقابة محكمة التمييز(50).
ولكن يجب أن يكون لمحكمة التمييز رقابة على تطبيق العادات التجارية في حالة ما إذا طبق قاضي الموضوع عادة تجارية مخالفة للنظام العام كالسماح بإفلاس غير التاجر وفقاً لعادة تجارية، أو الإقرار بفائدة تزيد على الحد القانون وفقاً لعادة تجارية(51).
وبخصوص قوة العادة الإتفاقية في مواجهة النصوص القانونية فلا يمكن للعادة الإتفاقية أن تخالف نصاً تجارياً أو مدنياً آمراً في حين يمكن أن تخالف نصاً تجارياً أو مدنياً مفسراً(52).
وعلى ذلك يمكن تلخيص أهم الفروق بين العرف التجاري والعادة التجاري الإتفاقية بما يلي :
1. من حيث الإثبات :
بما أن العرف التجاري في منزلة القانون فيجب على القاضي أن يطبقه من تلقاء نفسه على النزاع المعروض أمامه حتى دون أن يطلبه الخصوم، وبالتالي يقع عبء إثبات وجود العرف على القاضي الذي يجب أن يتأكد من وجوده كالتشريع. أما العادة الإتفاقية فكونها شرط من شروط العقد، فلا يطبقها القاضي ما لم يتمسك بها من له مصلحة في ذلك من الخصوم، وبالتالي يقع على هذا الأخير عبء إثبات وجود العادة الإتفاقية.
2. من حيث التطبيق :
إن العرف في منزلة القانون فهو واجب التطبيق على الخصوم علموا به أم لم يعلموا لأنه لا يجوز الاعتذار بالجهل بالقانون، بينما لا تطبق العادة الإتفاقية ما لم تتجه إرادة أطراف التعاقد إلى التمسك بها مما يعني ضرورة علمهم بها .
3. من حيث رقابة محكمة التمييز:
يخضع العرف – كونه في منزلة القانون – لرقابة محكمة التمييز التي تراقب صحة تطبيق القانون، أما العادة الإتفاقية فلا تخضع لرقابة محكمة التمييز لأنها مسألة واقع(53).
وبالرجوع للمادتين (3 و 4) من قانون التجارة الأردني، نجد أن هناك صورة غير واضحة بخصوص مكانة العرف التجاري كمصدر للقانون التجاري، فالمادة الثالثة اعتبرت العرف التجاري من المصادر الإسترشادية،التي يستعين بها القاضي في تفسيره لنصوص القانون حاله كحال السوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء ومقتضيات الإنصاف، في حين وضعته المادة الرابعة في المرتبة الثالثة بعد النصوص القانونية الإلزامية (القانون التجاري والقانون المدني)، وذلك بخصوص تحديد آثار العمل التجاري فقط.
وفي ضوء عدم الوضوح الذي يكتنف هاتين المادتين حاول الفقه الإجتهاد في سبيل إزالة هذا الغموض والخروج بصيغة معقولة تتوافق مع متطلبات الحياة التجارية. فيرى بعضهم أن التعارض بين المادتين تعارض ظاهري،وأن العرف التجاري يعدّ مصدراً رسمياً وفق المادة الرابعة عند تحديد آثار العمل التجاري فقط، ويعدّ مصدراً استرشادياً بحسب المادة الثالثة بالنسبة للمسائل التي لا تدخل ضمن إطار آثار العمل التجاري(54). في حين يذهب بعض الفقه إلى اعتبار العرف التجاري من ضمن المصادر الإسترشادية إستناداً للنصوص القانونية المنظمة له(55). إلا أن فريقاً ثالثاً ذهب إلى تبني الرأي القائل بأن العرف التجاري مصدر رسمي للقانون التجاري يأتي بعد النصوص التشريعية وقد برهنوا رأيهم بالنصوص القانونية التجارية التي تعطي للعرف مكانه الصحيح(56) إذ تخضع المادة (59/1) من قانون التجارة الأردني عقود البيع والقرض والتأمين وجميع العقود التي لم تحدد قواعدها في قانون التجارة لأحكام القانون المدني والعرف. وتحيل المادة (113/1) من قانون التجارة الأردني إلى العرف لأغراض وقف الحساب الجاري وتصفيته في آجال الاستحقاق المعينة في حال عدم تطرق العقد لهذه المسائل. كما أن المادة (4/1) من قانون التجارة الأردني توجب تطبيق العرف السائد إلا إذا كان العرف متعارضاً مع النصوص القانونية الإلزامية، مما يعني أن العرف التجاري يمكن له أن يعارض نصوصاً تشريعية مفسرة مدنية أو تجارية، وهو دليل آخر على مكانة العرف التجاري كمصدر رسمي من مصادر القانون التجاري. كذلك فإن المادة الثالثة من قانون الشركات الأردني رقم 12 لسنة 1997 تجعل العرف في المرتبة الثالثة(57).
ويرى الدكتور عزيز العكيلي أن العرف التجاري يأتي بعد النصوص التشريعية التجارية اعتماداً على نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون التجارة التي تلزم القاضي عند تطبيقه لأحكام القانون المدني أن يراعي المبادئ المختصة بالقانون التجاري، أي أن أحكام القانون المدني لا يمكن تطبيقها إذا كانت متعارضة مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري والمبادئ المختصة بالقانون التجاري هي قواعد العرف التجاري(58). وبحسب هذا الرأي، فإن العرف التجاري يأتي مباشرة بعد التشريعات التجارية متقدماً بذلك على أحكام القانون المدني؛ لأن العرف التجاري هو جزء من المبادئ التجارية، وأرى – بحق – أن هذا الرأي هو أقرب الآراء إلى الدقة – فالقانون التجاري يشمل القانون التجاري المكتوب والقانون التجاري غير المكتوب (العرف التجاري) وعليه لا يجوز اللجوء إلى أي مصدر آخر إلا بعد الرجوع للقانون التجاري بالمعنى الواسع وهو قانون التجارة والقوانين المكملة لقانون التجارة والعرف التجاري، فالعرف التجاري هو أقدر على التعبير والإحاطة بالحياة التجارية من القانون المدني الذي تمتاز قواعده بالبطء الشديد وعدم التطور على خلاف العرف التجاري الذي يساير الحياة التجارية ويحيط بجميع تفاصيلها.
والعرف التجاري حسب المادة (4/2) من قانون التجارة الأردني قد يكون عرفاً خاصاً أو محلياً أو عرفاً عاماً. والعرف الخاص هو ذلك العرف المتبع في مهنة معينة أو في تعامل تجاري معين. أما العرف المحلي فهو العرف المتبع في منطقة معينة. أما العرف العام فهو العرف السائد في الدولة. وقد بينت المادة (4/2) من قانون التجارة أولوية التطبيق في حالة تعدد أنواع العرف القابل للتطبيق على نزاع تجاري، فالأولوية تكون للعرف الخاص ثم العرف المحلي وأخيراً العرف العام، وبمعنى آخر يقدم العرف الخاص على العرف العام. والحكمة في ذلك أنه كلما كان العرف مطبقاً في نطاق ضيق كلما كان أدق في تنظيم معاملات الأفراد. كما أن العرف التجاري قد يكون عرفاً دولياً وهو العرف المتبع بين التجار في دولة متعددة أو حتى في العالم ككل كالأعراف المتعلقة بالتجارة البحرية(59).
ويشترط في تطبيق العرف أن لا يكون المتعاقدان قد اتفقا على مخالفة أحكام العرف وأن لا يكون العرف متعارضاً مع النظام العام أو الآداب (م2 مدني أردني).
ويقترن بتطبيق العرف التجاري بعض المسائل التي لا بد من حسمها، وهي قوة العرف في مواجهة النصوص التشريعية التجارية والمدنية، وتطبيق العرف وإثباته ورقابة محكمة التمييز على تطبيقه، وندرسها فيما يلي على التوالي:
2. قوة العرف في مواجهة النصوص التشريعية :
قد يقع التعارض بين العرف التجاري والتشريع التجاري الآمر أو المكمل (المفسر)، وقد يقع التعارض بين العرف التجاري والنص المدني الآمر أو المفسر، ولذلك يثور التساؤل عن الأولوية في التطبيق .
فيما يتعلق بتعارض العرف التجاري مع النص التجاري الآمر يُجمع الفقه(60) على أنه لا يجوز مخالفة عرف تجاري لنص تجاري آمر لأنها قاعدة آمرة تمس المصلحة العامة والنظام العام، وبالتالي لا يجوز مخالفتها. أما إذا تعارض العرف التجاري مع نص تجاري مفسر، فيقدم العرف التجاري لأن النص التجاري المفسر يجوز الاتفاق على خلافه لعدم تعلقه بالنظام العام والآداب. كما لا تثور أيّ مشكلة بخصوص تعارض العرف التجاري مع النص المدني المفسر لذات الأسباب السابقة، فيجب تقديم العرف التجاري على النص المدني المفسر. ولكن المشكلة تثور في حالة تعارض العرف التجاري مع النص المدني الآمر، وقد انقسم حول هذا الموضوع إلى رأيين:
الرأي الأول(61):
والقائل بتقديم النص المدني الآمر على العرف التجاري لتعلق النص المدني الآمر بالنظام العام والآداب ولمساسها بالمصلحة العامة، وبالتالي لا يجوز الاتفاق على خلافها. ويضيف الدكتور محمد إسماعيل(62) إلى هذه الحجة المبررات التالية لتغليب القانون المدني بقواعده الآمرة على العرف التجاري .
1. لا يوجد نظامان عامان في دولة واحدة، الأول متعلق بالقانون المدني والثاني بالقانون التجاري فكما لا يجوز للعرف التجاري مخالفة القواعد التجارية الآمرة لا يجوز كذلك له مخالفة القواعد المدنية الآمرة. وبما أن هناك اتجاه فقهي نحو عدم قدرة العرف على إلغاء التشريع بشكل عام، فلا يجوز للعرف التجاري أن يلغي التشريع المدني الآمر.
2. صحيح أن الحكم الخاص يقدم على الحكم العام، إلا أن هذا التقديم مشروط بعدم مخالفة الحكم الخاص للنظام العام .
3. إن المادة الرابعة من قانون التجارة الأردني قد جاءت عامة ولم تفرق بين النصوص المدنية الآمرة والنصوص التجارية الآمرة، كما أن المادة الثانية من ذات القانون قد سبقت في الترتيب المادة الرابعة، وبالتالي فإن المادة اللاحقة (الرابعة) تقيد المادة السابقة (الثانية)، وعليه لا يجوز للعرف التجاري مخالفة النصوص المدنية الآمرة كما هو حال النصوص التجارية الآمرة.
ويرى الدكتور علي البارودي أن الدكتور محمد اسماعيل قد وقع في تناقض واضح، فبعد أن قدم القواعد المدنية الآمرة على العرف التجاري(63) إلا أنه عاد واعترف بأهمية العرف التجاري وقدمه على القواعد المدنية الآمرة(64) وذلك عند شرحه لنص المادة (638/1) مدني والمادة (640) مدني التي تمنع الفوائد، إذ قرر أن هذه النصوص معطلة عن التطبيق في الحياة التجارية كونها شريعة عامة ومتعارضة مع أحكام القوانين الخاص كنصوص نظام المرابحة العثماني ونصوص قانون التجارة، وبخاصة المادة الثانية التي تحيل إلى القانون المدني عند انتفاء النصوص التجارية شريطة اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري. كما أن الدكتور محمد اسماعيل أيد محكمة التمييز في توجهها نحو توسيع حكم الفوائد ليشمل سائر المواد التجارية وليس فقط الحساب الجاري لإستنادها إلى أحكام العرف المصرفي الذي يشكل جزءاً هاماً من العرف التجاري(65).
إلا أن بعض الفقه(66) يشترط لتقديم النصوص المدنية الآمرة على العرف التجاري بعدم النص صراحة في القانون على تقديم العرف التجاري. كما هو الحال في المادة (232) مدني مصري التي نصت على تحريم تقاضي فوائد على متجمد الفوائد إلا إذا إستقر العرف التجاري على غير ذلك.
كذلك تقديم القاعدة العرفية التي تقضي بافتراض التضامن بين المدينين في دين تجاري على نص المادة (279) مدني مصري التي تنص على أن التضامن بين المدينين لا يفترض وإنما يتقرر بنص القانون أو بشرط أو إتفاق المتعاقدين.
في حين ذهب رأي آخر(67) إلى تقديم العرف التجاري على النص المدني الآمر واستندوا إلى أن الرجوع للقانون المدني مرتبط بعدم وجود حكم خاص في القانون التجاري سواء وُجد في النصوص التشريعية أم في القواعد العرفية، لأن القانون التجاري يشمل النصوص التجارية والأعراف التجارية معاً. وعليه لا مجال لتطبيق القانون المدني حتى نصوصه الآمرة في حالة توافر العرف التجاري كونه المقصود بالتشريع التجاري، ويستند هذا الرأي إلى قرار محكمة النقض الفرنسية الذي أجاز تجميد الفوائد في الحساب الجاري لمدد أقل من سنة، وذلك على خلاف النص الصريح للقانون المدني الفرنسي(68).
وما يجري عليه العرف التجاري من جواز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد وتجاوز مجموعها لرأس المال، ومن إباحة تعاقد الشخص مع نفسه كتعاقد الوكيل بالعمولة مع نفسه لحساب الأصيل وتعاد سماسرة الأوراق المالية في البورصات لحساب الأصيل. ويرى الدكتور مصطفى كمال طه أن تقديم العرف التجاري على نصوص القانون المدني الامرة لا يعد إهداراً لمبدأ تدرج المصادر الرسمية للقانون، ولكنه يعد تحديداً لنطاق تطبيق كل من القانون التجاري والقانون المدني، فإذا ما وُجد حكم خاص في القانون التجاري سواء ورد في التشريع التجاري أم العرف التجاري فلا يبقى هناك مجال لتطبيق القواعد المدنية العامة(69).
وتقديم العرف التجاري على النصوص المدنية الآمرة، أمر منطقي وضروري، فهو منطقي لأن الحكم الخاص يقدم على الحكم العام، فإذا كان القانون التجاري هو الخاص والقانون المدني هو العام، فالمنطق أن يُقدم القانون التجاري بنصه وعرفه على القانون المدني بنصوصه الآمرة والمكملة، كما أن هذا التقديم ضروري لأن القانون التجاري لا يغطي كافة مجالات العمليات التجارية كالبيوع التجارية وعمليات البنوك التي نظمها العرف التجاري(70).
كما أن هذا التقديم للعرف التجاري على النص المدني الآمر والمفسر معاً أقرب إلى تحقيق مصلحة التجارة إذ أن طبيعة المعاملات التجارية تختلف عن طبيعة المعاملات المدنية وهي التي دعت إلى استقلال القانون التجاري عن القانون المدني. ويرى الدكتور عزيز العكيلي أن هذا الخلاف لا مجال له في ظل قانون التجارة الأردني الذي أوضح صراحة في المادة (4/1) منه أنه لا مجال لتطبيق العرف التجاري إذا كان متعارضاً مع النصوص القانونية الإلزامية سواء التجارية أو المدنية(71) إلا أن بعض الفقه ذهب إلى أكثر من ذلك، وميز بين قدرة العرف التجاري على مخالفة النص التجاري الآمر وقدرته على مخالفة النص المدني الآمر فلم يجز للعرف مخالفة النص التجاري الآمر، في حين أجاز له – أي للعرف – مخالفة النص المدني الآمر على الرغم من وجود النص القانوني الواضح(72).
في حين يذهب الدكتور علي البارودي(73) إلى اعتبار العرف التجاري المصدر الرسمي الثاني بعد النصوص التجارية وقبل النصوص المدنية. ويرى أن القضاء الأردني يستطيع أن يتبنى هذا الاتجاه بالاعتماد على الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون التجارة الأردني والتي تقضي بأن تطبيق أحكام القانون المدني على النزاعات التجارية لا يكون إلا على نسبة اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري. ولا مانع من أن يطلق على العرف التجاري “المبادئ المختصة بالقانون التجاري” وذلك كمحاولة للخروج من عدم الدقة والغموض الذي يعتري النصوص القانونية الخاصة بمصادر القاعدة التجارية في قانون التجارة الأردني .
بل يذهب الدكتور علي البارودي(74) إلى أكثر من ذلك معتبراً العرف التجاري المصدر الحقيقي الأول للقانون التجاري، وأن التاجر هو المشرع الحقيقي للقانون التجاري. فالمشرع يقنن الأعراف التجارية السائدة، إذ إن أحكام الأوراق التجارية والوكالة بالعمولة والسمسرة والبيوع البحرية والاعتمادات المستندية والأعراف المصرفية والإفلاس التجاري، قد بدأت جميعها أعرافاً تجارية ثم قننت. والتاجر هو المشرع الحقيقي الذي يوجد الأعراف التجارية من خلال نشاطه الذهني المستمر في مفاوضاته لإبرام صفقاته ومن خلال حرصه على الربح.
وبعد استعراض الآراء المختلفة حول قدرة العرف التجاري على مخالفة النصوص المدنية الآمرة، فإنني أرى بأن الآراء التي طرحها الدكتور علي البارودي هي الأكثر تعبيراً عن واقع الحياة التجارية وهي بالتالي تستحق الدراسة والنقاش، فهي من جهة لم تقف عند نصوص مصادر قانون التجارة الأردنية غير الواضحة، بل إنه من الضروري أن يكون العرف التجاري متقدماً على قواعد القانون المدني الآمرة لأنها أقرب إلى متطلبات السرعة اللازمة للحياة التجارية، ومن جهة أخرى فإن القضاء الأردني يستطيع في ظل عدم وضوح النصوص القانونية أن يجتهد باعتبار العرف التجاري المصدر الثاني بعد النصوص التجارية الآمرة، وذلك اعتماداً على نص المادة (2/2/تجارة أردني) التي اشترطت للرجوع لقواعد القانون المدني لأغراض تطبيقها على النزاعات التجارية اتفاقها مع المبادئ المختصة بالقانون التجاري. فعبارة “المبادئ المختصة بالقانون التجاري” ينبغي على القضاء أن يفسرها بأنها قواعد قانون التجارة والأعراف التجارية، بل إن الدكتور علي البارودي يذهب إلى أكثر من ذلك معتبراً التاجر هو المشرع الحقيقي للقانون التجاري، فالتاجر يوجد الأعراف التجارية التي يقننها المشرع بعد ذلك وخير مثال على ذلك الأعراف المصرفية المطبقة في البنوك في ظل عدم قيام المشرع بتنظيمها. وعليه أجد بأن قضاءنا الأردني يستطيع أن يستخدم مثل هذه الحجة لتقديم العرف التجاري على نصوص القانون المدني حتى يتسنى للمشرع التجاري تعديل هذه النصوص .
وبعد أن تبين لنا قوة العرف التجاري في مواجهة النصوص التشريعية التجارية والمدنية الآمرة والمفسرة يجدر بنا أن نتحدث عن تطبيق العرف وإثباته وإلى أي مدى تملك محكمة التمييز الأردني صلاحية رقابة تطبيق العرف على اعتبار أنه قانون .
3. تطبيق العرف وإثباته :
يذهب معظم الفقه(75) إلى أن القاعدة العرفية هي قاعدة قانونية بكل خصائصها ومميزاتها، وعليه يقع على عاتق القاضي تطبيقها من تلقاء نفسه حتى دون طلب الخصوم أو عدم علمهم بوجودها. ولكن اعتبار القاعدة العرفية قاعدة قانونية لا تسري عليها قاعدة أن القاضي يعرف القانون. فإذا ما أراد أحد الخصوم في نزاع ما أن يطلب تطبيق قاعدة عرفية يجهلها القاضي، يستطيع القاضي أن يطلب من الخصم إثبات وجود هذه القاعدة العرفية، ومبرر ذلك أن القاضي لا يمكن أن يعلم بالعرف كعلمه بالتشريع كون التشريع مكتوب وقابل لاطلاع الناس عليه، على خلاف العرف الذي هو غير مكتوب ولا يفترض علم جميع الناس به، وبخاصة إذا نظر النزاع قاض حديث التعيين غير مطلع على أعراف المنطقة التي عين فيها. ويستطيع المدعي إثبات العرف التجاري بجميع طرق الإثبات كآراء الخبراء أو شهادات غرف التجارة(76).
4. رقابة محكمة التمييز على تطبيق العرف :
هذا الموضوع محل خلاف فقهي. فذهب رأي(77) إلى أن العرف لا يعد قانوناً مكتوباً، وبالتالي لا تملك محكمة التمييز رقابته لأن محكمة التمييز هي محكمة قانون تراقب مدى تطبيق المحاكم للقانون، ويضيف أصحاب هذا الرأي إلى أن فتح المجال أمام محكمة التمييز للتدخل ومراقبة تطبيق العرف سوف يؤدي إلى تثبيت العرف وتوحيده في كل أنحاء الدولة، مع أنه من الأفضل ترك العرف عرضة للتغيير وفق ظروف الزمان والمكان .
أما الرأي الآخر(78) وهو الراجح يرى أن العرف قانون، وبالتالي تملك محكمة التمييز مراقبة تطبيقه وتفسيره وقد أيدت المادة(198) من قانون المرافعات الأردني رقم 24 لسنة 1988 هذا الاتجاه عندما جعلت من أسباب الطعن بالتمييز مخالفة الحكم الصادر من المحكمة للقانون، ولم تذكر المادة التشريع لأن القانون يشمل النص التشريعي والقاعدة العرفية .
الخاتمة
وبعد هذا الاستعراض لمصادر القاعدة القانونية في ظل قانون التجارة الأردني رقم 12 لعام 1966 نجد أن المشرع التجاري الأردني لم يكن دقيقاً في بيان هذه المصادر وتحديد أولويتها فاعتبرت العرف التجاري مصدراً من المصادر الإسترشادية (م3 تجاري)، ثم عاد وقصر تطبيق العرف التجاري عند تحديد آثار العمل التجاري معتبراً إياه مصدراً رسمياً إحتياطيا بعد النصوص القانونية الإلزامية – القانون التجاري والقانون المدني– (م4تجاري). كما لم يحدد المشرع الأردني المقصود “بالمبادئ المختصة بالقانون التجاري” لأغراض تطبيق أحكام القانون المدني على المسائل التي لم يرد نص بتنظيمها في قانون التجارة والقوانين المكملة له، كما أنه لم يبين بوضوح مدى قدرة العرف التجاري على مخالفة النصوص المدنية الآمرة.
وإزاء هذا الوضع التشريعي القائم، استعرضنا مصادر القاعدة القانونية حسب قانون التجارة الأردني وقسمنا هذه المصادر إلى مصادر رسمية ومصادر إسترشادية، فقد وجدنا أن المصادر الرسمية تقسم إلى مصادر رسمية أصلية وهي التشريعات التجارية : قانون التجارة والقوانين المتعلقة بالنشاط التجاري ومصدر رسمي إحتياطي وهو القانون المدني. وبخصوص المصادر الإسترشادية فهي أربعة : السوابق القضائية (القضاء) وإجتهاد الفقهاء (الفقه) ومقتضيات الإنصاف (قواعد العدالة) والعرف التجاري. وقد تعددت الآراء حول قدرة العرف التجاري على مخالفة القواعد الآمرة للقانون المدني، وانتهينا إلى أن تقديم العرف التجاري هو الأقرب والأكثر تعبيراً عن متطلبات الحياة التجارية واقترحنا أن يجتهد القضاء الأردني باستخدامه للعبارة التي وردت في المادة (2/2تجارة) “المبادئ المختصة بالقانون التجاري” بحيث تفسر هذه العبارة على أنها تضم القانون التجاري والعرف التجاري، وبالتالي تغليب العرف التجاري على قواعد القانون المدني الآمرة والمكملة معاً. كما خلصنا إلى ضرورة تقديم القانون التجاري بقواعده المفسرة على القواعد المدنية حتى الآمرة منها، لأن القانون التجاري قانون خاص بقواعده الآمرة والمكملة، في حين القانون المدني قانون عام والقانون الخاص يقدم على القانون العام كما خلصنا إلى أن المصادر الإسترشادية هي ثلاث مصادر: السوابق القضائية وإجتهاد الفقهاء، ومقتضيات الإنصاف (قواعد العدالة) وذلك بعد إخراج العرف التجاري منها واعتباره من المصادر الرسمية .
وعلى ضوء هذه النتائج، فإننا نقترح تعديل المواد (2، 3، 4) من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966 والمنظمة لمصادر القاعدة التجارية في الأردن بما يتفق ومتطلبات الحياة التجارية وما إستقر عليه الفقه التجاري، بحيث يكون ترتيب هذه المصادر على النحو التالي :
المصادر الرسمية :
1. القواعد التجارية الآمرة.
2. العرف التجاري .
3. القواعد التجارية المفسرة .
4. القواعد المدنية الآمرة.
5. القواعد المدنية المفسرة .
المصادر الإسترشادية :
• القضاء.
• الفقه .
• مبادئ الإنصاف (العدالة).
وحتى يتسنى للمشرع التجاري الأردني إجراء مثل هذا التعديل، نأمل من القضاء الأردني أن يجتهد في سبيل تقديم العرف التجاري على القواعد المدنية الآمرة من خلال اقتراحنا باستخدام عبارة “المبادئ المختصة بالقانون التجاري” الواردة في المادة (2/2 تجارة أردني) باعتبارها مرادفة للعرف التجاري .
الهوامش
1. د. أنور سلطان، المبادئ القانونية العامة، دار النهضة العربية، الطبعة الرابعة، 1983، ص105.
2. د. توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، الطبعة الثانية، 1981، ص184 .
3. د. غالب الداوودي المدخل إلى علم القانون وخاصة الأردني، الروزنا للطباعة، الطبعة الرابعة، 1996، ص93.
4. د. توفيق حسن فرج، مرجع سابق، ص186.
5. د. غالب الداوودي، مرجع سابق، ص95.
6. منشور في الجريدة الرسمية العدد 2645 على الصفحة 2 بتاريخ 1/8/1976. وللقانون المدني مصادره الخاصة التي تختلف عن مصادر القانون التجاري، وهذا ما أشارت إليه المادة الثانية من القانون المدني الأردني إذ تنص على ما يلي :
• تسري نصوص هذا القانون على المسائل التي تناولتها هذه النصوص بألفاظها ومعانيها، ولا مساغ للإجتهاد في مورد النص .
• فإذا لم تجد المحكمة نصاً في هذا القانون حكمت بأحكام الفقه الإسلامي الأكثر موافقة لنصوص هذا القانون، فإذا لم توجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية.
• فإن لم توجد حكمت بمقتضى العرف، فإن لم توجد حكمت بمقتضى قواعد العدالة، ويشترط في العرف أن يكون عاماً وقديماً ثابتاً أو مطرداً ولا يتعارض مع أحكام القانون أو النظام العام أو الآداب. أما إذا كان العرف خاصاً ببلد معين فيسري حكمه على ذلك البلد .
• ويسترشد في ذلك كله بما أقره القضاء والفقه على أن لا يتعارض مع ما ذكره.
7. د. توفيق حسن فرج، مرجع سابق، ص204.
8. انظر في هذا الموضوع: د. توفيق حسن فرج، مرجع سابق، ص205، د. جميل الشرقاوي، مبادئ القانون، دار النهضة العربية، ص90.
9. د. غالب الداوودي، مرج سابق، ص100.
10. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1910، ص472، بتاريخ 30/3/1966.
11. د. محمد حسين اسماعيل، القانون التجاري، الطبعة الأولى، 1985، دار عمان، ص20.
12. منشور في الجريدة الرسمية لسنة 1965-1966، ص 54.
13. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1110، ص 243 تاريخ 1/6/1952.
14. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1131، ص 486 تاريخ 17/1/1953.
15. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1131، ص 491 تاريخ 17/4/1953.
16. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1134، ص 522 تاريخ 16/3/1953.
17. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 2301، ص 822 تاريخ 25/5/1971.
18. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 3338، ص 1235 تاريخ 1/9/1985.
19. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 3823، ص 794 تاريخ 30/4/1992.
20. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 4204، ص 2038 تاريخ 15/5/1997.
21. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 4203، ص 4180 تاريخ 15/5/1997.
22. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1129، ص 397 تاريخ 16/12/1952.
23. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1136، ص 611 تاريخ 16/3/1953.
24. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1136، ص 615 تاريخ 16/3/1953.
25. منشور في الجريدة الرسمية، عدد 1960، ص 2242 تاريخ 1/11/1966.
26. د. أحمد محرز، القانون التجاري، الجزء الأول، 1986/1987، ص 33، د. زهير عباس، مبادئ القانون التجاري – دراسة مقارنة – دار الشفاء، عمان، 1955، ص 24.
27. أنظر د. رشاد عارف السيد، مبادئ القانون الدولي العام، مطبعة النور، الطبعة الثالثة، 1996، ص48، وقد أخذت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة في المادة الرابعة عشر من مشروعها المتعلق بحقوق وواجبات الدول الذي أعدته في اجتماعها الأول سنة 1949 بذلك إذ قررت “يجب على كل دولة أن تواجه علاقاتها بالدول الأخرى وفقاً للقانون الدولي ولمبدأ سيادة الدولة يعلوها القانون الدولي.
28. د. محمد إسماعيل، مرجع سابق، ص 24.
29. د. علي البارودي، د. محمد فريد العريني، القانون التجاري، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 1986، ص 30، ويشار هنا إلى أن موضوع وحدة القانون الخاص واستقلالية كان محل خلاف فقهي انتهى إلى وجود رأيين : الأول ينادي بوحدة القانون الخاص (المدني والتجاري) والثاني يقول بضرورة استقلال القانون التجاري عن القانون المدني نظراً لطبيعته الخاصة التي تقتضي السرعة والائتمان. لمزيد من التفصيل أنظر: د. أ؛مد محرز، المرجع السابق، ص 16 وما بعدها. د. أميرة صدقي، دروس، في القانون التجاري، الطبعة الثامنة، 1978، دار النهضة العربية، ص8 وما بعدها، د. ثروت عبد الرحيم، القانون التجاري المصري، دار النهضة العربية، 1981، ص17، وما بعدها.
30. د. محمد اسماعيل، مرجع سابق، ص 24، 25، د. أحمد محرز المرجع السابق، ص 32. د. أميرة صدقي، المرجع السابق ص 14، د. ثروت عبد الرحيم، مرجع سابق، ص25.
31. د. زكي الشعراوي، الوجيز في القانون التجاري، الجزء الأول، الطبعة الرابعة، دار النهضة العربية، ص19.
32. د. هاني دويدار، المرجع السابق، ص 32-33.
33. John Pritchard, Guide to the Law, Third Edition, 1994, London, p. 863, Abby Kadar and Geoffrey whitehead, Export Law, woodhead
Faukner, London, 1995, p. 8.
34. د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 37-328.
35. John Pritchard Ibid, p. 863. Abby Kadar, Geoffrey whitehead, Ibid, pp.9-12.
36. تمييز حقوق رقم 219/77 مجلة نقابة المحامين لسنة 1977، ص 1117، وانظر أيضاً القرار رقم 128/65 مجلة نقابة المحامين لسنة 1965، ص1182.
37. د. محمد إسماعيل، المرجع السابق، ص32.
38. د. أحمد محرز، المرجع السابق، ص39.
39. د. عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص57.
40. د. محمد إسماعيل، المرجع السابق، ص25.
41. قامت غرفة التجارة الدولية عام 1933 بتدوين الأعراف المتعلقة بالاعتمادات المستندية في مدونة عرفية بعنوان: “الأصول والأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية” وكانت آخر مراجعة لها عام 1993 وأصبحت نافذة ابتداءاً من 1/1/1994. لمزيد من التفصيل أنظر: د. أحمد زيادات و د. إبراهيم العموش، الوجيز في التشريعات التجارية الأردنية، دار وائل للنشر، عمان 1996، ص 352.
42. د. مصطفى كمال طه، مبادئ القانون التجاري، مؤسسة الثقافة الجامعة، 1979، ص 26، د. توفيق حسن فرج، المرجع السابق، ص261.
43. د. زهير عباس كريم، المرجع السابق، ص15 وما بعدها .
44. زكي العشراوي، المرجع السابق، ص12: د. رزق الله أنطاكي، الوسيط في الحقوق التجارية البرية الجزء الأول، 1963، دمشق ص10 وما بعدها .
45. د. ثروت عبد الرحيم، مرجع سابق، ص23 .
46. د. أحمد محرز، مرجع سابق، ص36.
47. د. زكي الشعراوي، المرجع السابق، ص21.
48. د. علي البارودي، د. محمد العريني، مرجع سابق، ص34، د. مصطفى كمال طه، مرجع سابق، ص28، د. توفيق حسن فرج، مرجع سابق، ص246 وما بعدها .
49. د. عبد الحميد الشواربي، القانون التجاري، الأعمال التجارية في ضوء الفقه والقضاء، منشأة المعارف، بالاسكندرية، 1992، ص15.
50. د. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص28.
51. د. زهير عباس كريم، المرجع السابق، ص27، أنظر قرار لمحكمة النقض المصري رقم 22/2/1966 السنة ص 357 والقرار رقم 29/3/1976، السنة 27، ص788، والقرار رقم 3/12/1964 السنة 15، ص 1120 .
52. د. أحمد زيادات، د. إبراهيم العموش، المرجع السابق، ص11 .
53. د. ف، زي محمد سامي، شرح القانون التجاري الأردني، الجزء الأول، دار الثقافة، 1988، ص49.
54. د. عزيز العكيلي، شرح القانون التجاري، الجزء الأول، دار الثقافة، 1988، ص49.
55. د. عزيز العكيلي، مرجع سابق، ص50.
56. د. عزيز العكيلي، مرجع سابق، ص50، د. علي البارودي، د. محمد العريني، مرجع سابق، ص32.
57. د. نوري طالباني، القانون التجاري، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1979، بغداد، ص45.
58. د. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص26، د. علي البارودي، د. محمد فريد العريني، المرجع سابق، ص32، د. حسني المصري، القانون التجاري، الطبعة الأولى، 1986، ص62.
59. د. سميحة القليوبي، القانون التجاري، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1978، ص36، د. محمد اسماعيل، المرجع السابق، ص27، د. أحمد محرز، المرجع السابق، ص37، د. أميرة صدقي، المرجع سابق، ص 16. أمرك ياملكي، الوجيز في شرح القانون العراقي، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1968، بغداد، ص51، د. محمد قايد، القانون التجاري، الطبعة الأولى، 1990/1991، دار النهضة العربية، القاهرة، ص22، د. زكي الشعراوي، المرجع السابق، ص20، د. رزق الله أنطاكي، المرجع السابق، ص19، د. فوزي عطوي، القانون التجاري، الطبعة الأولى، 1986، دار العلوم العربية، بيروت، ص70.
60. مرجع سابق، ص27-28.
61. د. محمد اسماعيل، المرجع السابق، ص 27-18.
62. د. محمد إسماعيل، المرجع السابق، ص45-46.
63. د. علي البارودي، محاضرة بعنوان، العرف التجاري : مكانته ودور القضاء والفقه في احترامه وتطويره ألقاها في نقابة المحامين ومنشورة في مجلة النقابة، العدد الأول، السنة الخامسة والثلاثون، عام 1987، ص 8.
64. د. جلال محمدين، المبادئ العامة في القانون التجاري، الدار الجامعة، بيروت، 1988. ص 28، د. هاني دويدار، مبادئ قانون المشروع الرأسمالي، دار المطبوعات، الجزء الأول، دار الفكر العربي، 1987، ص41، د. السيد اليماني، القانون التجاري، الجزء الأول، 1985، ص 22، د. سعيد يحيى، الوجيز في القانون التجاري، الجزء الأول، المكتب العربي الحديث، 1980، ص29.
65. تم الإشارة لهذا الحكم في كتاب د. جلال محمدين، المرجع السابق، ص28.
66. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص26-27.
67. د. علي البارودي، المرجع السابق، ص8.
68. د. عزيز العكيلي، مرجع سابق، ص54.
69. د. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص26، د. علي البارودي، ود. محمد العريني، المرجع السابق، ص33.
70. د. علي البارودي، محاضرة بعنوان، العرف التجاري، مكانته ودور القضاء في احترامه وتطويره ألقاها في نقابة المحامين ومنشورة في مجلة النقابة، العدد الأول، السنة الخامسة والثلاثون، عام 1987، ص14.
71. المصدر نفسه، ص16-19 .
72. د. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص27، د. علي البارودي، ود. محمد العريني، المرجع السابق، ص33.
73. د. محمد قايد، المرجع السابق، ص21.
74. د. ثروت عبد الرحيم، المرجع السابق، ص24.
75. د. مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص27، د. علي الباردوي، ود. محمد العريني، المرجع السابق، ص33.
المصادر والمراجع
1. د. أحمد زيادات، د. إبراهيم العموش، الوجيز في التشريعات التجارية الأردنية، دار وائل للنشر، عمان 1996 .
2. د. أحمد محرز، القانون التجاري، الجزء الأول، 1986/1987.
3. أكرم ياملكي، الوجيز في شرح القانون العراقي، الجزء الأول، الطبعة الثانية، بغداد، 1968.
4. د. أميرة صدقي، دروس في القانون التجاري، الطبعة الثامنة، 1978، دار النهضة العربية.
5. د. أنور سلطان، المبادئ القانونية العامة، دار النهضة العربية، الطبعة الرابعة، 1983.
6. د. توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، الطبعة الثانية، 1981 .
7. د. ثروت عبد الرحيم، القانون التجاري المصري، دار النهضة العربية، 1981.
8. د. جلال محمدين، المبادئ العامة في القانون التجاري، الدار الجامعة، بيروت، 1988.
9. د. جميل الشرقاوي، مبادئ القانون، دار النهضة العربية .
10. د. حسني المصري، القانون التجاري، الطبعة الأولى، 1986.
11. د. رشاد عارف السيد، مبادئ في القانون الدولي العام، مطبعة النور، الطبعة الثالثة، 1996.
12. د. رزق الله أنطاكي، الوسيط في الحقوق التجارية البرية الجزء الأول، 1963. دمشق .
13. د. زكي الشعراوي، الرجيز في القانون التجاري، الجزء الأول، الطبعة الرابعة، دار النهضة العربية.
14. د. زهير عباس، مبادئ القانون التجاري – دراسة مقارنة-، دار الثقافة، عمان، 1995.
15. د. سعيد يحيى، الوجيز في القانون التجاري، الجزء الأول، المكتب العربي الحديث، 1980.
16. د. سميحة القليوبي، القانون التجاري، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1978.
17. د. السيد اليماني، القانون التجاري، الجزء الأول، 1985.
18. د. عبد الحميد الشواربي، القانون التجاري – الأعمال التجارية في ضوء الفقه والقضاء، منشأة المعارف، بالاسكندرية، 1992.
19. د. عزيز العكيلي، شرح القانون التجاري، الجزء الأول، دار الثقافة، 1998.
20. د. علي البارودي، محاضرة بعنوان، العرف التجاري: مكانته ودور القضاء والفقه في احترامه وتطويره ألقاها في نقابة المحامين ومنشورة في مجلة النقابة، العدد الأول، السنة الخامسة والثلاثون، عام 1987.
21. د. علي البارودي، د. محمد فريد العريني، القانون التجاري، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 1986.
22. د. غالب الداوودي، المدخل إلى علم القانون وخاصة الأردني، الروزنا للطابعة، الطبعة الرابعة، 1996.
23. د. فوزي عطوي، القانون التجاري، الطبعة الأولى، دار العلوم العربية، بيروت، 1986.
24. د. فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري الأردني، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة، 1993.
25. د. محمد حسين إسماعيل، القانون التجاري الأردني، الطبعة الأولى، دار عمار، 1985.
26. د. محمد قايد، القانون التجاري، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1990/1991.
27. د. محمود بربري، قانون المعاملات التجارية، الجزء الأول، دار الفكر العربي، 1987.
28. د. مصطفى كمال طه، مبادئ القانون التجاري، مؤسسة الثقافة الجامعية، 1979.
29. د. نوري طالباني، القانون التجاري، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1979، بغداد.
30. د. هاني دويدار، مبادئ قانون المشروع الرأسمالي، دار المطبوعات الجامعة، الاسكندرية، 1994.
31. Pritchard, Guide to the Law, Third Edition, 1994, London.
32. Abby Kadar and Geoffrey Whitehead, Export Law, wodhead Faulkner, London, 1995.
لماذا لا تكون اول معجب
المفهوم القانوني للتجارة الالكترونية في بحث قانوني هام .
أ/ أحمد أبو زنط
المـقـدمـة
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا محمد وسائر الأنبياء والمرسلين
لقد خلق الله الانسان وكرمه وفضله بالعقل والمنطق،وأرسل إليه الرسل مبشرين ومنذرين لهدايته وأرشاده لما فيه خيره وصلاح أمره في الدنيا والأخرة0
بدأ التطور العلمي في تطور مستمر وعلي وجه الخصوص في مجال الاتصالات السلكيه والاسلكيه حيث ترتب علي ذلك وجود بما يسمي بلآنترنت الشي الذي أثر في شتي مناحي الحياة اليوميه ومن بينها كافة المعالملات المدنية بين الاشخاص الاعتبارين والطبعيون علي اختلاف جنسياتهم ومكان تواجدهم ومحل أقامتهم وعلي وجه الخصوص في مجال التجارة الدولية لتقديم كافة الخدمات علي أختلاف أنواعها مستغلين ذلك التطور العلمي بما يعرف بالتجارة اللاكترونية حيث أصبحت تلك التجارة تلعب دوراً أساسياً في أقتصاديات الدول نتيجة سهولة التجارة الالكترونية عبر شبكة الانترنت مما رتب ذلك أثار قانونية علي ذلك التعامل ونشؤ بعض النزاعات كشي طبيعي ناتج عن ذلك التعامل ، لذي جاء مجهودانا المتواضع هذا لتبيان الاثار القنونية الناشئة عن ذلك التعامل الناشي عن استعمال شبكة الانترنت في مجال التجارة الالكترونية وتقديم الخدمات أدعو الله صادقا في أن اكون قد وفقت وما توفيقس إلا بالله سبحانةوتعالي 0
الفصل الأول
المبحث الأول تعريف التجارة الالكترونية
تعريف التجارة الالكترونية
هنالك عدة تعريفات لمفهوم التجارة الإلكترونية نورد منها على سبيل المثال لا الحصر آلاتي
أبسط التعريف للتجارة ألالكترونية هو التعريف الصادر من منظمة التجارة العالمية 0
أ/ ( بأنها مجموعة متكاملة من عمليات إنتاج وتوزيع وتسويق المنتجات والخدمات بوسائل إلكترونية )0
ب / استخدام التقنيات الحديثة في الاتصالات من أجل نقل المعلومات لإبرام الصفقات وعقد المبادلات التجارية والخدمات من أجل تصدير التجارة العالمية وتنمية المبادلات التجارية0
ج/ أتفاق ارادتين يتلاقي فية اردتي الايجاب والقبول علي شبكة الاتصالات الدولية عن بعد ذلك بوسيلة مسموعة أو مرئية او كلاهما معاً لتلاقي الايجاب والقبول لأبرام عقد يحدث أثارة القانونية علي كل من اللايجاب والقبول آو بصورة أخرى تبادل البيانات والخدمات ألالكترونية المبنى على التقنية الحديثة في مجال الاتصال سواء كان استعمال التقنية الحديثة فى الاتصال عبر الكوابل السلكية و اللاسلكية للقيام لكل مراحل التعامل سواء تعلق الآمر بعمليات التسويق آو التصنيع آو الإعلانات التجارية آو تبادل المعلومات الإلكتروني أو الخدمات الإلكترونية عبر الاتصال الإنترنت فهي استخدام رسائل إلكترونية لتمكين عمليات التبادل بما في ذلك بيع وشراء المنتجات والخدمات آلتي تتطلب
النقل بصورة ( رقمية آو ماديه ) من مكان لاخر . كما تختلف التجارة الإلكترونية عن الأعمال الالكترونية فأن هذه الأخيرة تعنى أداره الأعمال الإلكترونية على مستوى المشروعات آو الهيئات الخاصة كما تعتبر الحكومة الإلكترونية عبارة عن الإدارة الحكومية بالوسائل الالكترونية آلي الجمهور العام بهدف لتقديم الخدمات والمنفعة العامة للكافة وبالتالي أن الإدارة الالكترونية منظومة فعاله وبنيه تقنية متقدمة وهى أداء يشمل الأعمال الإلكترونيةللأعمال الوظائف الحكومية الموجه للمواطنين ولقطاع الأعمال آو بين مؤسسات الدولة ووكلائها واجهزتها عبر تكنولوجيا المعلومات و الشبكات وخلاصة القول هي تقديم الخدمات العامة باستخدام الوسائل الالكترونية 0
أنشطة الحكومة الالكترونية على أربع محاور0
أ /علاقة الحكومة بالمواطنين
ب / علاقة الحكومة بالحكومة
ج/ علاقة الحكومة بالأعمال
د/ علاقة الأعمال بالمستهلكين
لم يقم المشرع السوداني بسن قوانين متعلقة بالتجارة الإلكترونية لوضع الأطر القانونية للتجارة الإلكترونية ولضمان انسياب حركة تبادل التجارة الدولية وللحفاظ على السرية التامة في مجال المعاملات المالية عبر التجارة الإلكترونية بمختلف أنواعها ، نجد أن هنالك مشروع لقانون التجارة الالكترونية لعام 2006 لم يجاز مشروع ذلك القانون حيث يتكون مشروع قانون المعاملات الالكترونية من عدد 34 مادة تتحدث عن شتي المواضيع المتعلقة بالتجارة الالكترونية مثل المستند الالكتروني والعقد\ اللالكتروني والسجلات اللالكترونية وغير ذلك من واضبع أخري
ذات الصلة بالتجارة الالكترونية نجد ان مشروع قانون المعاملات الالكتروني المقترح قد أستند علي القانون النموذجي للتجارة الالكتروني الصادر من لجنة التجارة
الدولية التابعة لهيئة الامم المتحدة عام 1996 كما نجد أن معظم الدول العربية لم تسن قوانين تتحدث عن التجارة ألالكترونية حتى استثناء بعض الدول التي أشارت عبر قوانين خاصة متعلقة بالتجارة ألالكترونيةنجد أن لجنة ألامم المتحدة للتجارة الدولية بوصفها الهيئة المسولة ضمن منظومة آلام المتحدة عن تنسيق وتوحيد قانون التجارة الدولية أعدت تصور عن الجوانب القانونية للتجارة الالكترونية مما أثمرذلك الجهد عن ميلاد أنموذج في إطار قانوني ينظم التجارة ألالكترونية سمى بالقانون النموذجي للتجارة ألالكترونية حيث كان في يونيو من العام 1996 وكان الهدف الرئيسي للقانون النموذجي هو تيسير التجارة ألالكترونية عن طريق أيجاد عدة قواعد مقبولة دوليا حيث يمكن أن تستخدمها الدول والاهتداء بها عند سن تشر يعاتها الوطنية لتذليل العقبات القانونيةوألامور التنظيمية الأخرى آلتي تواجه التجارة الإلكترونية من حيث صحة العقد ألالكترونى وقيمة العقد الإلكتروني من حيث الإثبات وكافة الآثار القانونية الأخرى نجد ألأن الغرض من القانون النموذجي في أن يقدم للمشرع الوطني مجموعة من القواعد القانونية المقبولة دولياً تبين كيفية تهيئة بيئة قانونيةأكثر أماناً لما اصبح بما يعرف الان بالتجارة الالكترونية علاوة علي ذلك وجود القانون النموذجي لتجارة الالكترونية مفيداً لتفسير الاتفاقيات الدولية القائمة بين الدول وغيرها من المعاملات المدنيةالتي تنشأ عقبات قانونية عنداستعمال التجارة الالكترونية ومن ادق أهداف القانون النموذجي للتجارة الالكترونيةتيسير استعمال اسلوب التجارة الالكتروني وتوفير معادلةمتساوية لمستعملي المستندات الورقية ومستعملي معلومات الحاسوب مما يؤدي ذلك الي زبادة الاقتصاد في الدول والفاعليه في التجارة الالكترونحية 0
للأعمال الوظائف الحكومية الموجه للمواطنين ولقطاع الأعمال آو بين مؤسسات الدولة ووكلائها واجهزتها عبر تكنولوجيا المعلومات و الشبكات وخلاصة القول هي تقديم الخدمات العامة باستخدام الوسائل الالكترونية 0
المبحث الثانى فوائد التجارة الالكترونية
تعتبر التجارة الإلكترونية من الأهمية العلمية والعملية المتعلقة بالبيع والشراء ولتقديم الخدمات المختلف ا نواعهاعبر الإنترنت .كما تستغنى التجارة الالكترونية عن المستندات الورقية وتعمل على تخفيض تكاليف تلك العمليات كما تساهم فى تبسيط وتنظيم المشروعات بالغرض الذي يحقق أهدافها ذلك من تقليل النفقات الإدارية والمساعدة على اتخاذ القرارات الإدارية بصورة تتماشى مع مقتضيات التجارة عبر الإنترنت ذلك عبر تدفق المعلومات الأساسية المساعدة مما يؤدى ذلك آلي سهولة المقارنة بين المنتجات واسعارها من جانب ومن الجانب الاخر الوقوف على مدى الجودة المطلوبة وكيفية الدفع والتسهيلات الأخرى توسيع فرص المنافسة تعمل التجارة الإلكترونية على توسيع القدرة التنافسية مما تعمل على زيادة العارضين لمنتجاتهم عبر الإنترنت مما يدخل منافسين جدد لم تحقق لهم القدرة من قبل على عرض منتجاتهم آو خدماتهم مما يؤدى آلي زيادة الصادرات بسهولة والوصول آلي مراكز التسويق وتقديم الخدمات عالميا مما يساعد على كثرة العقود التجارية العالمية وتحليل الأسواق والاستجابة للمتطلبات والمستهلكين توسيع فرص المنافسة التجارة الالكترونية عبر الإنترنت يؤدى آلي تحسين الحياة الاقتصادية والصناعية للدول النامية ذلك لكثرة المنافسين في شتى المجالات التجارية والصناعية آو الحديثة مما يؤثر إيجابا على اقتصاديات الدول الناميه 0
تخلق التجارة الإلكترونية فرص العمل الحر في المشروعات الصغيرة المتوسط آلتي تتصل بالأسواق العالمية بأقل تكلفة استثمارية كما تمثل مجال الخدمات مجالا أساسيا في التجارة الإلكترونية 0
المبحث الثالث عدم التقييد بالموقع الجغرافي
تعمل التجارة الإلكترونية آلي عدم التقييد بالموقع الجغرافي لتسويق السلع والخدمات ذلك بسهولة الاتصال عبر الإنترنت بين مصدري السلعة آو الخدمة والمستهلكين لها مما يخلق زيادة الاستثمار بتوفير المعلومات للمستثمرين ورجال الأعمال 0
تعمل التجارة الالكترونية على توفير الوقت والجهد ذلك بالقرب من الأسواق الالكترونية لعملها على مدار الساعة كما تعطى التجارة الإلكترونية الحرية في الاختيار من بين معروضات شركات مختلفة والوصول آلي منتجات الشركات المختلفة والخدمات عبر الإنترنت تتمثل فوائد التجارة الالكترونية في خفض تكاليف العمالة والعمل على توفير اكبر عائد مادي وسرعة الوصول آلي المعلومات كما تعمل على سرعة نشر المعلومات وتوزيعها وتجميعها كما تعمل على تواصل فعال بين الشركات العالمية والمسهلكين 0
المبحث الرابع التجارة الإلكترونية والقانون
محور التعامل في التجارة الإلكترونية ينصب على البيع والشراء واداء الخدمات لطالبيها على مختلف أشكالها ولما يترتب على ذلك وجوب وجود عقود مبرمه بين طرفي المعاملة وكان في الماضي أن يتم إبرام هذا العقد عن طريق الكتابه بين طرفي العقد لوجودهما فى مجلس العقد سويا ونظرا للتطور الذي طراء
على تقنية الاتصالات ( الإنترنت ) مما ترتب عليه وجود ما يسمى بالتجارة الالكترونية وهى تجارة تتم عن بعد بين طرفيها مما أدى آلي اختلاف تحرير
العقد بين طرفيه عن بعد الشىء الذي ينشامعه إبرام المفاوضات 0 بين طرفيه تنتهى تلك المفاوضات بتحرير العقد إلكترونيا الشىء الذي يرتب التزامات على طرفيه فكان لابد من مناقشة القانون على عقود التجارة الإلكترونية والالتزامات الناشئة عنه حيث لا يوجد فى اللغة تعريف لكمة محرر ومعناه ما هو مكتوب على نوع معين من الدعامات وبذلك تستطيع آن تكون كلمة محرر باستعمال المحرر الكتابي العادى آو المحرر المعد إلكترونيا على حد سواء ونستخلص من ذلك أن لم يشترط القانون شكلا معينا في المادة آلتي يكتب بها المحرر بحيث يمكن الاعتماد على المحررات المكتوب على دعامات مختلفة بحيث يمكن إثبات نسبة المحرر آلي صاحبه 0
الفصل الثاني
المبحث الاول الايجاب في العقد الالكتروني
يعرف الإيجاب بأنه التعبير عن ألا رداه الصادرة من أحد المتعاقدين والموجه آلي الطرف الآخر بقصد إبرام عقد لأحداث آثار قانونية والإيجاب هو الخطوة الأولى في إبرام العقود آي كان نوعها ويعتبر الإيجاب مثابة التعبير عن الإرادة موجها للطرف الاخر كما لا يخضع ذلك الإيجاب ليسشروط شكليه محددة بل ينبغي آن يكون واضحا ومحددا تحديدا نافيا للجهالة المادة ( 33 –1 ) من قانون المعاملات المدنية _((م 33-1) (العقد هو ارتباط الايجاب الصادر من احد المتعاقدين بقبول الاخرىعلى وجه يثبت اثره في المعقود عليه ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للاخر).
تختلف العقود الإلكترونية عن العقود التقليدية في التجارة ذلك بعدم توافر مجلس العقد بالمعنى المفهوم في النظرية التقليدية للعقود ذلك لاختلاف إقامة البائع عن مكان تواجد المشترى أو مقدم الخدمة بالتالي فان العقد الإلكتروني إنما هو اتفاق يتلاقى فيه الإيجاب والقبول عن بعد عبر شبكة الإنترنت آو بوسائل الاتصالات الالكترونية الأخرى . فاكس تلكس آو بوسائل مسموعة ومرئية بفضل تقنية الاتصال بين الموجب والقابل نجد آن نصوص القانون النموذجي الصادر من الأمم المتحدة بشأن التجارة الالكترونية نجده عرف العقد الإلكتروني عبر نص المادة 2 -1 ) منه على آلاتي
(المعلومات آلتي تم إنشاءها آو إرسالها آو استلامها آو تخزينها بوسائل إلكترونية آو ضوئية وبوسائل مشابهة ومما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر تبادل البينات الالكترونية آو البريد الإلكتروني والبرق آو التلكس نجد أن رسالة البينات المشار اليها علاةليس المقصود منةالابلاغ عن العقود الالكتروتنيةوشروطةولكن يقصد بةالسجلات المعده عبر الحاسوب وكافة المراسلات الت تتم عبر رسالة البينات المعدة عبر الحاسوب كما نجد ان القانون النموذجي للتجارة الالكترونية قد اضاف كلمة متشابه وقد قصد من تلك العباراه تطبيق تقنيات الاتصال القائمه من فاكس او تلكس او الانترنت وكل الاساليب المستخدمه في رسالة البينات علي أن يشمل جميع الرسائل المتشابه والمنتجة او المخزنة او المبلغة في شكل غير ورقيي في هذا السياق فأن المقصود برسائل البينات المتشابه تلك الرسائل المعده بالآشاره او الصورة او الصوت او الارقم والتي قد تؤدي عملية الابلاغ عن مضمون الرسالةالي المرسل الية سواء كانت تلك الرساله عن الالغاء أو التعديل نجد آن بعض الدول العربية قامت سن قوانين لتعريف العقد الإلكتروني وعلى سبيل المثال لا الحصر قانون المعاملات الالكترونية الأردني الذي عرف العقد الإلكتروني بآلاتي :
(الاتفاق الذي تم انعقاده بوسائل إلكترونية كليا آو جزئيا) كما أشار قانون المبادلات الإلكتروني التونسي على تعريف العقد الإلكتروني بالآتي
(المبادلات آلتي تتم باستعمال الوثائق الإلكترونية )
كما عرف مشروع قانون المعاملات اللاكتروني السوداني لعام 2006عبر نص الماده (2) منة ضمن تعريفة للمعملات الالكترونية بأنة 0
يقصد بها أي معاملات أو عقود أو أتفاقات يتم ابرامها أو تنفيذها كليا أو جزئيا عن طريق رسالة البلينات الالكترونية 0
الإيجاب الإلكتروني
يعرف الإيجاب بأنه التعبير عن ألا رداه الصادرة من أحد المتعاقدين والموجه آلي الطرف الأخر مستغلين الشبكة الدولية للأتصالات عن بعد بقصد إبرام عقد في مجال المعاملات الالكترونية لأحداث آثار قانونيةبين طرفيه يتطلب التعاقد على شبكة الإنترنت في آن يكون الإيجاب موجها آلي جهات عدة غير محدد بحيث يكون موجها آلي كل ما يطلع عليه عبر الإنترنت عبر شاشة الحاسوب وينبغى آن يكون ذلك الإيجاب محدد تحديد نافيا للجهالة للسلعة موضوع الإيجاب أوالخدمه حيث يبين الموجب كافة التفاصيل المتعلقة بالسلعة أو الخدمه موضوع الإيجاب من حيث النوع والجودة والسعر وكل ما يتعلق بتلك السلعة أو الخدمه من مكان تسليم السلع وخلافه حيث يختلف عرض الموجب في أيجابه إذا لم يقصد الإيجاب بأن يضيف بأن عرضه لا يمثل إيجابا بل دعوى آلي التفاوض حيث يشير المعلن عبارات محدده تفيد الدعوى آلي التفاوض ( دون آي التزام لا يعتبر العرض وثيقة آو مستند تعاقديا ) عند ورود مثل هذه العبارات لا يفيد العرض المقدم على شبكة الإنترنت إيجابا موجها للكفالة بل هو بمثابة عرض بغرض التفاوض عن طريق الإنترنت 0
يكون الإيجاب بالطريقة النمطيه مختلفا عن الإيجاب عبر الإنترنت حيث يكون هذه الأخير عن بعد وليس في مجلس العقد ولكنهم مشتركين في تبيان كافة التفاصيل والتعبير عن الإيجاب عن طريق رسائل البينات الالكترونية عن البضاعة موضوع الإيجاب 0
قد يكون الإيجاب عبر الإنترنت محددا دون فترة زمنية معينه للقابل بحيث يكون فيها الإيجاب فاعلا حيث يشير الموجب آلي فترة زمنية ينقضي بعدها الإيجاب أ ذا لم يجد ذلك الإيجاب القبول في تلك الفترة فأنه لا يعتد به 0
في حالة ما إذا كان الإيجاب غير مقتزن بفترة زمنية محددة هنا يكون الإيجاب ألالكترونى مفتوحا دون قيد آو شرط يمكن قبوله من آي شخص بغض النظر عن مكان أقامته طالما كان الإيجاب قائما ومستوفى لشروطه الشكلية ينتهي الإيجاب الإلكتروني عبر الإنترنت بنهاية الفترة الزمنية إذا كان محددا له فترة زمنية محددة آما في الإيجاب المفترح فانه يكون قائما ألي آن يعلن الشخص الموجب عند انتهاء عرضه للإيجاب عبر الإنترنت معلنا أنتهاء أيجابه0
من كل ما تقدم نجدأن تعريف الايجاب الالكتروني يأتي من خلال الطريقة التي يتم بها ذلك الايجاب الا وهي أستخدام شبكة الاتصالات الدولية عن بعد لآبرام مثل تلك العقود ولذي كانت التجارة الإلكترونيةإلا استخدام لتلك الشبكة الدولية في كافة المعاملات أو تقديم الخدمات علي مختلف مشارببها عبر الانترنت مستغلين الحاسوب عبر الشبكة الدولية للاتصالات في ذلك وفق ما جاء في مشروع قانون المعاملات الالكتنروني السوداني لعام 2006 عندما عرف الوسيط الالكتروني بأنة ( برنامج الحاسوب أو أي وسيلة الكترونية أخري تستعمل لتنفيذ إجراءأو بقصد إنشاء ؤسالة أو تسلم رسالة معلومات دون تدخل شخصي )
طريقة عرض الإيجاب إلكتروني
يكون الإيجاب إلكترونيا بالكتابة على شاشات الحاسوب أو استخدام آي وسائل متقدمة( فاكس أو تلكس) بحيث يمكن الاطلاع عن الإيجاب مستخدمين في ذلك رسائل البينات الالكترونية وقراءته ويمكن تحويله آلي مستندات ورقية بطابعه عبر الطابه الملحقة بالحاسوب ويكون المستند الصادر بهذه الكيفية بأنه الأصل مستخرج
عن اصل إلكتروني ويعامل معاملة الأصل وهذا ما أشارت إليه المادة 5 من قانون الانسترال 1996 الصادر من لجنة التجارة الدولية التابع للأمم المتحدة و تشير الي
( لا تفقد المعلومات مفعولها القانوني او صحتها او قابليتها للتنفيذ لمجرد انها فى شكل رسالة بينات )
كما تشير نص المادة (8) من القانون المذكور أعلاه على بآلاتي 0
( عندما يشترط القانون تقديم المعلومات آو الاحتفاظ بها فى شكلها الأصلي تستوفى رسالة البيانات هذا الشرط إذا :
أ / وجود ما يعود عليه لتأكيد سلامة المعلومات منذ الوقت الذى أنشأت فيه للمرة الأولى في شكلها النهائي ، بوصفها رسالة بينات أو غير ذلك0
ب / كانت تلك المعلومات مما يمكن عرضه على الشخص المقرر ان تقدم اليه وذلك عندما يشترط عرض تلك المعلومات 0
2/ تسرى الفقرة (1) سواء اتخذ الشرط المنصوص عليه فيها شكل التزام او اكتفى في القانون بمجرد النص على العواقب التى تترتب على عدم تقديم البينات او عدم الاحتفاظ بها فى شكلها الأصلي 0
3/ لأغراض الفقرة الفرعية أ / من الفقرة (1) :
أ / يكون معيار تقدير سلامة المعلومات هو تحديد ما اذا كانت قد بقيت مكتملة ودون تغيير باستثناء إضافة اى تظهير واى تغيير يطرأ أثناء المجرى العادي للأجراء والتخزين والعرض 0
ب/ تقدر درجة التعويل المطلوب على ضوء الغرض الذي أنشأت من اجله المعلومات وعلى ضو جميع الظروف ذات الصلة بما أن الغالب في عروض الايجاب عبر الحاسوب في المعمالات الالكترونية علي شاشة الحاسوب عبر الانترنت يكون موجها لأكثر من شخص في اكثر من دول يتحثدون لغات مختلفةمما تثير هذا الاختلاف في اللغة بعض المشاكل المتعلقة بتفسير وتنفيذ العقد بعد توقيعة إذا ما وضعنا في الاعتبار ان القانون النمووذجي للتجارة الالكترونية لعام1996 الصادر من الأمم المتحده لم يشير بين نوصصه الي اللغة المعتمده في عقود التجارة الالكترونية إلا أن الامر يتوقف علي ارادة طرفي التعاقد في تحديد اللغة التي يمكن الرجةع اليها عمد الحوجة لذلك غالبا ما يتم الاتفاق علي ان تترجم المستند الي لغتين الايحاب والقبول ولكن عند بعض الدول التي تتطلب ان تكون اللغة الخاصة بعا هي التي يتم بها الكتابة مع ترجمتها الي لغة الطرف الاخر لن يتفقا طرف المستند علي لغة
واحدة يرجع اليها عنن تنفيذ المستند أو العقد أو قد يتفق طرفي العقد علي أن يطبق في هذا الصدد ما اشار الية في التوجية الاوربي الصادر في الحادي والعشرين من مايو عام 1992كما يمكن ان تعتمد أحدي اللغات العالمية المعترف بها من الامم المتحدة0
المبحث الثاني أنعقاد العقد الإلكتروني والقانون
يشمل العقد الإلكتروني على نفس أركان العقد التقليدي من حيث الإيجاب والقبول وتطابقهما وكافة العناصر وكافة العناصر المتبقيه الأخرى من تطابق الإيجاب آو القبول يتساوى عقد التجارة الإلكترونية مع العقود النمطية العادية على قيام مبداء الرضى حتى يتم ارتباط الإيجاب بالقبول ذلك وفقا للقواعد العامة المادة ( 33 –
1 ) من قانون المعاملات المدنية 1984_(م33-1) (العقد هو ارتباط الايجاب الصادر من احد المتعاقدين بقبول الاخرى علي وجه يثبت اثره فى المعقود عليه ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للاخر)
نجد أن الإيجاب في العقود الإلكترونية إنما تتم كتابته عبرالحاسوب مستغلين شبكات الإنترنت بحيث يظهر للمتلقي لها في صورة كتابة إلكترونية على شاشة الحاسوب بحيث يمكن أن نضيف ذلك التعبير عبر الحاسوب بالكتابة ولكنها كتابة من نوع خاص بل هي كتابة الكترونية يسهل قراءتها ونسخها عبر الورق عبر الطابعات الملحقة بالحاسوب في تغيير تلك الكتابة على الحاسوب بمثابة الإيجاب المكتوب وفق منطوق نص المادة 35 – 1 ) من قانون المعاملات المدنية 1984 آلتي تشير آلي إمكانية التعبير عن الإدارة بالكتابة وتظهر تلك الإرادة عبر كل من الموجب آو القابل عبر التوقيع الإلكتروني آو الموافقة على ذلك (م 35-1)يكون التعبير عن الارادة باللفظ وبالكتابة وبالاشارة المتداولة عرفا ولومن غير الاخرس وبالمبادلة الفعلية الدالة على التراضى كما يكون باتخاذ اى موقف لاتدع ظروف الحال شكا فى دلالته على حقيقة )
بما أن الإيجاب الصادر من الموجب للقابل إنما يتم عبر تقنية الاتصالات عبر شبكة الإنترنت قد لايتم تطابق الإيجاب والقبول في نفس اللحظة آلتي يقوم بها الموجب بعرض أيجابه قد يتطلب الآمر مكوث فترة زمنية حتى يعلن القابل قبوله لذلك الإيجاب وقد تمتد تلك الفترة وقد تقصر إذا لم يكن الموجب قد اشترط فترة زمنية محددة لإصدار القبول من القابل فيظل الإيجاب مفتوحاً وساري المفعول آو يكون الإيجاب مقيداً بفترة زمنية محدده ينتهي بها الإيجاب عند انتهاء تلك الفترة0
التعبير عن الارادة باللفظ الكترونيا
أن مجال التعامل عبر الحاسوب تتيح المخاطبة شفويا بين اكثر من شخصين في أن واحد ذلك باستغلال التقنية الملحقة عبر برامج الحاسوب عن بعدحيث يعتمد ذلك الاتصال علي الخطوط الهاتفية المستغل دوليا عن بعد فأنة يمكن أمن اجراء العقود الدولية في مجال التجارة الالكتنرونية عن بعدعبر شبكة الانترنت ويتشابه مثل هذا النوع من الاتصال بما يعرف بالتعقد عبر الهاتف كما يشير الية قانون المعاملات المدنية في ذلك وبالتالي يمكن ان تتلاقي اردتين في مجال التجارة الالكتنرونية عبر التلفون المستغل عبر الانترانت وذلك لأحداث الاثار القانونية المترتبة علي ذلك إذا ما اقترن الايجاب بالقبول في حينة فأن ذلك التعاقد يكون موافقا لنص الماده 39 من قانو ن المعمالات
المدنيةاذا صدر الايجاب فئ مجلس العقد ،دون ان يعين ميعاد القبول ،فان الموجب يتحلل من ايجابه اذا لم يصدر القبول فى مجلس العقد مالم يعدل الموجب ايجابه
(2)يسقط الايجاب الصدر عن طريق الهاتف او اى طريق مماثل اذالم يقبل فورا
التعبير بلأشارة الكترونيا
لقد أجاز نص المادة 35 من قانون المعاملات المدنية السوداني التعبير بالأشارة لتلاقي الايجاب بالقبول لأتمام العقد واحداث اثره القانونية بناء عليه نجد آن هنالك أشارات خاصة بالحاسوب مبرمجة في كل حاوب تعطي دلاله محدةة عند أستخدامهما وتبينن تلك الإشارت رأي مستعملهاا سواء كانتبالقبول أو الرفض وعلي سبيل المثال الوجه الباسم يدل عليالقبول والوجه الغاضب يدلب عليالرفض ، تنص المادة (39 – 2 ) من قانون المعاملات المدنية لعام 1984 بأن يسقط الإيجاب الصادر عن طريق الهاتف آو آي طريق مماثل إذا لم يقبل فورا (م39-2)يسقط الايجاب الصدر عن طريق الهاتف او اى طريق مماثل اذالم يقبل فورا 0
نجد آن نص المادة 39 – 2من قانون المعاملات المدنية 1984 لا يواكب الثورة آلتي تمت في تقنية الاتصالات السلكية واللاسلكية عبر الإنترنت بما يحدث ثوره في
التعامل وآلتي ينمو عبرها التجارة الالكترونية وتعيق المادة 39 –2) من قانون المعاملات المدنية نظام التجارة الالكترونية عن بعد لذي قد أصدرت لجنة الأمم المتحدة للتجارة الدولية عام 1996 مجموعة قواعد تكون مقبولة لدى الدول وأن تساعدها على وضع التشريعات الوطنية المتعلقة بالتجارة الالكترونية عن بعد قد أشارت في نص المادة ( 11-1 ) من ذات القانون (الانسترال) على آلاتي 0
ب / نجد ان نص المادة 11 المشار اليها اعلاه تعمل على تشجيع التجارة الدولية بتوفير مزيد من الثقة فى التعامل عبر الاتصال عن بعد ( والانترنت ) بشان ابرام العقود بالوسائل الالكترونية نجد ان نص المادة (11) لاتتحدث عن شكل العقد الالكترونى فى تحديد الايجاب والقبول بل ان الايجاب والقبول المعد فى الشكل الالكترونى مثلهما مثل اى تعبير عن الارادة بحيث يمكن ابلاغهما باى وسيلة بما في ذلك أستخدام رسائل البينات، قد يثور بعض الشكوك في ان العقود المبرمه عبر رسائل البينات من الموجب او القابل تفتقر الي عنصر الاراده أي الرضا في ابرام مثل تلك العقود لذلك نجد ان نص الماده 13 من قانون الانسترال
النموذجي تتحدث عن اسناد رسائل البينات لي محررهااو محررهالذي نجد ان الرسائل الالكترونيه تحقق نفس درجة الدقه والظبط التي تحققها وسائل الابلاغ الورقيه0
نجد آن بعض الدول العربية قد ارتكزت على نص المادة ( 11- 1) من قانون (الانسترال)في التعبير 0 عن الأراده ونشير هنا آلي بعض قوانين الدول العربية في ذات النطاق على سبيل المثال لا الحصر0
جاء في المادة 13 من قانون المعاملات الإلكتروني الأردني آلي آن، رسالة المعلومات وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة المقبولة قانونا لإبداء الإيجاب آو القبول بقصد إنشاء إلزام تعاقدي
كما جاء في قانون المبادلات والتجارة التونسي (أنه يجرى على العقود الالكترونية نظام العقود الكتابية من حيث التعبير عن ألا راده)
جاء في نص المادة ( 13 –1 ) من قانون المعاملات والتجارة الالكترونية لاماره دبي0
( أنه لأعراض التعاقد يجوز التعبير عن الإيجاب والقبول جزئيا آو كليا بواسطة المراسلة الإلكترونية)
الفصل الثالث
المبحث الاول القبول في العقد الالكتروني
القبول في العقود بأنه ( التعبير عن رضى من وجه أليه الإيجاب بإبرام العقد بالشروط آلتي عليها الموجب
هذا ما أشارت إليه نص المادة 33 من قانون المعاملات المدنية 1984 والتي تبين ارتباط الإيجاب الصادر من احدد المتعاقدين بقبول أخر على وجه بينت أثره فى المعقود علية عليه 0(م 33-1) العقد هو ارتباط الايجاب الصادر من احد المتعاقدين بقبول الاخرىعلى وجه يثبت اثره فى المعقود عليه ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للاخر.
يجوز ان تتعاقد اكثر من ارادتين لاحداث الاثر القانونى0
تنص المادة 42 من قانون المعتملات المدنية علي مطابقة القبول للايجاب مطابقة تامة في كل المسائل التي تناولها الايجاب بلأتي:-
-(1)يجب لانعقاد العقد أن يكون القبول مطابقا للإيجاب .
(2)إذا اقترن القبول بما يزيد فى الإيجاب أو يقيد منه أو يعدل فيه اعتبر رفضا يتطلب إيجابا جديداً.
القبول في عقود التجارة ألالكترونية
نجد أن عقود التجارة الالكترونية هي عقود تتم عن بعد عبر الإنترنت مستخدمين الحاسوب في ذلك حيث يستخدم الحاسوب فى التعبير عن القبول ولاعتداء بالقبول ينبغي أن يكون عرض الإيجاب قائما ولم ينتهي وهذا غالبا ما يحدث في عقود التجارة اللاكترونية ألا إذا ما كان الإيجاب الصادر مرتبط بفترة زمنية معينة فأنه حتى لا يمكن الاعتداء بذلك القبول ينبغي أن يكون في خلال الفترة الزمنية المحددة في الإيجاب ذلك ما تشير إليه نص المادة 38 من قانون المعاملات المدنية 1984 0
(م38) 1- اذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على ايجابه الى ان ينقضى هذا الميعاد.
2. يجوز ان يستخلص الميعاد من ظروف الحال او من طبيعة المعاملة .
كيفية الإعلان عن القبول في التجارة الإلكترونية 0
كما بينا سابقا أن ينبغي استخدام الحاسوب في التجارة الإلكترونية وبناء عليه فان القبول عبر التجارة يتم عبر استخدام صفحة الموجب المبينة على شاشة الحاسوب والاطلاع على الشروط المدونة بها و الموافقة عليها بعدها نجد أن من بين ضمانات الصفحة الالكترونية للموجب مكان محدد يشير بالموافقة على ما هو مدون بصفحة الموجب وباستخدام النقر على أيقونة القبول من قبل القابل في المكان المحدد لذلك بهذه الطريقة تتم عملية القبول من القابل حيث يتم ارتباط الإيجاب بالقبول وفق مقتضيات نص المادة 33 من قانون المعاملات المدنية1984 وآلتي تشير آلي آلاتي
( العقد هو ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الاخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه الآخر) 0
يشترط آن ينبغي توافر القبول مطابقته للإيجاب وفق المادة 42 )(1)من قانون المعاملات المدنية – (م 42-1) يجب لانعقاد العقد أن يكون القبول مطابقا للإيجاب فأن لحق الإيجاب تعديل لا ينعقد العقد حيث أن القابل عبر الإنترنت لا يستطيع تعديل أو إضافة آي شروط أضافيه على عرض الموجب لكونه لايستطيع الدخول على صفحة الموجب عبر الحاسوب لكونه محمية بشفرة محددة لا يمكن التعديل في الإيجاب ألا من الموجب لمعرفته بالشفرة الخاصة بصفحة الإيجاب ولكن يتصور أن يقوم القابل بتعديل آو مناقشة الموجب في ما عرضه من الإيجاب عبر البريدالإلكتروني الخاص بالموجب وإذا تمت الموافقة عبر الشروط بعد مناقشتها إلكترونيا عبر البريد الالكتروتى يمكن القابل آن يقبل بعقد التجارة الالكترونية وتكون المفاوضات آلتي تمت عبر البريد الإلكتروني لطرفي العقد من ضمن الشروط المكملة لعقد التجارة الالكترونية وتعتبر جزء منها ذلك
لكون طرفي عقد التجارة الالكترونية قد طابق الإيجاب والقبول واتفاق طرفي عقد التجارة الالكترونية على كافة المسائل الجوهرية آلتي تفاوض عنا عبر البريد الإلكتروني ذلك وفق منطوق المادة 41 – 2 من قانون المعاملات المدنية (م41-2)1984مراعاة حكم البند (1)اذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية فى العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا ان العقد لايتم عند عدم الاتفاق عليها اعتبر العقد قد تم على المسائل التى لم يتم الاتفاق عليها
في حالة اتفاق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بالمسائل التفصيلية يتفق عليها فيما بعد ولم يشترط آن العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل يعتبر العقد لم ينعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل أما إذا اتفقنا على خلاف ذلك ينعقد العقد باتفاق الطرفين المادة 41 –(1) من قانون
المعاملات المدنية1984 تشير نص المادة 34 من قانون المعاملات المدنية1984 آلي آلاتي :
( يتم ارتباط الإيجاب بالقبول في الوقت الذي تبادل فيه المتعاقدات التعبير عن أرادتين متطابقتين مع مراعاة آي قيود يقررها القانون لانعقاد العقد) 0
يكون انعقاد العقد في مجال التجارة الالكترونية باتخاذ الإيجاب والقبول حيث تختلف عقود التجارة الالكترونية عن بقية العقود حول إتمام أنعقاد العقد بتلاقي إرادتين التعامل في العقود العادية يتم ذلك عبر اتخاذ مجلس العقد وهذا ما يخالف تطابق إرادي الإيجاب بالقبول في التجارة الالكترونيه ذلك لكون العقد ينعقد في التجارة الإلكترونية عن بعد مستخدمين تقية الاتصال عبر الإنترنت بالتالي لا يتم التعاقد للتجارة الالكترونية في مجلس العقد آلا إذا كان عبر الاتصال عبر الإنترنت أو البريد الالكتروني في لحظتها وبالتالي يكون انعقاد مجلس العقد صحيحا مع اختلاف الامكنه وذلك وفق ما تشير أليه نص المادة 43 – 1 من قانون المعاملات المدنية 1984 وآلتي تشير آلي انعقاد مجلس العقد في الزمان والمكان اللذين يعلم بها الموجب بالقبول كما تشير الفقرة (2) من ذات المادة المذكورة أعلاه بان يفترض علم الموجب بالقبول في الزمان والمكان الذي وصل فيها علم القبول 0
نجد آن عقود التجارة الالكترونية تتم عن بعد عبر تقنيات الاتصال عبر الإنترنت فأن مجردأستخدام التعامل بالفارة والضغط عليها في المكان المختص للقبول عبر صفحة الموجب معلنا عن القبول لعقد التجارة الالكترونية وفق الشروط المعلنة عبر الموجب 0
نجد آن الموجب عند عرضه للإيجاب يبين شروط التعاقد ووصف محل التعاقد ومن بين تلك المعلومات هنالك معلومات متعلقة بشخصية الموجب ومكان أقامته على عكس القابل الذي بمجرد الضغط عبره الفارة معلنا0 قبول ذلك العرض هنا يثور تسأل عن كيفية تحديد شخصية القابل وجنسيته ومحل أقامته وللإجابة عن هذا السؤال ظهرت شركات عبر الإنترنت تكون مهمتها توثيق المعلومات الناشئة عن طريق العقد الإلكتروني وتحديد هوية الموجب والقابل لقاء اجر تتقاضاه تلك الشركات ضمانا لجدية التعاقد عبر التجارة الالكترونية ومفاده بأن تتدخل مثل هذه الشركات بغرض توثيق المعلومات المتعلقة بشخصية المتعاقدين وان تلك الشركات مسؤولة عن صحة تلك المعلومات إذا استوثق طرفا العقد عن كل طرف عن الاخر وتأكد صحة توقيع العقد من الطرف الثاني سواء عن طريق شركات التوثيق او عبر المستندات المرفقة مع عقد التجارة الإلكتروني فان التعبير عن الارادة ينفذ من تاريخ الموافقة من القابل على عرض الموجب ذلك وفق مقتضيات نص المادة 36 من قانون المعاملات المدنية 1984 0 (م36)ينتج التعبير عن الارادة أثره في الوقت الذى يتصل فيه بعلم من وجه اليه ويعتبر وصول التعبير قرينه على العلم به،مالم يقم الدليل على غير ذلك0
تشير نص المادة 9 من قانون الاونسترال النموزجى الى مبداء قبول رسائل البيانات وحجتها فى الاثبات فى الاثبات والتى تشير الى الاتى 0
أ / يكون معيار تقدير سلامة المعلومات هو تحديد ما اذا كانت قد بقيت مكتملة ودون تغيير باستثناء اضافة اى تظهير واى تغيير يطراء اثناء المجرى العادى للابلاغ والتخزين والعرض 0
ب / تقدر درجة التعويل المطلوب على ضوء الغرض الذى انشئت من اجله المعلومات وعلى ضوء جميع الظروف ذات الصلة
4 / لا تسرى احكام هذه المادة على ما يلى
المادة 9
قبول رسائل البيانات وحجيتها فى الاثبات
1 / فى ايه اجراءات قانونية لا يطبق اى حكم من احكام قواعد الاثبات من اجل الحيلولة دون قبول رسالة البيانات كدليل اثبات
أ / لمجرد انها رسالة بيانات
ب / بدعوى انها ليست فى شكلها الاصلى اذا كانت هى افضل دليل يتوقع بدرجة معقولة من الشخص الذى يستشهد بها ان يحصل عليها
2 / يعطى للمعلومات التى تكون على شكل رسالة بيانات ما تستحقه من حجية فى الاثبات وفى تقدير حجية رسالة البيانات فى الاثبات يولى الاعتبار لدرجة التعويل على الطريقة التى استخدمت فى انتاج او تخزين او ابلاغ رسالة البيانات ولدرجة التعويل على الطريقة التى استخدمت فى المحافظة على سلامة المعلومات وللطريقة التى حددت بها هوية منشئها ولاى عامل يتصل بالامر 0
نجد أن مشروع قانون المعاملات اللاكترونية السوداني لعام 2006فد أشار عبر نص المادة 5 الي صحة العقود الالكترونية واشارت الي الاتي0
(مع مراعة أحكام قانون المعاملات المدنية لعام 1984 يكون العقد صحيا إذت اتفق ـطرافة علي أن ينعقد كليا أو جزئيا إلكترونياً) هذا ما أشارت نص المادة 11 من القانون النوذجي للتجارة الالكترونية المعتمد من لجنة التجارة الدولية التابعة للامم المتحدة 0
المبحث الثاني الارادة في عقود التجارة الالكتنرونية
صحة التراضي في عقود التجارة الإلكترونية 0
يشترط الصحة التراضي آن تصدر عن أهلية كاملة يظهر من خلالها إرادة الشخص آلي الدخول في المعاملات المدنية على أن لا يشوب تلك ألا رادة ه آي عيب من عيوب الأهلية كما نصت المادة (2) من قانون المعاملات المدنية هذا هو شأن العقود العاديةمن المعلوم آن التجارة الإلكترونية هي تجارة عن بعد مستغلين تقنية الاتصال عبر الإنترنت الشىء الذي يستوجب تلك التجارة اختلاف مكان إقامة كل من الإيجاب والقبول الشىء الذي لا يستطيع معه طرفي عقد التجارة الإلكترونية الوقوف علي صحة أراده الطرف الآخر وهل هو كاملا للأهلية حتى يمكن معه انشاء تلك الالتزامات الناشئة عن طريق التجارة الإلكترونية يمكن اللجؤ لحل مثل هذه الأشكال ومعرفة مدى أهلية الطرف الآخر عن بعد آلي ما يسمى بسلطات التوثيق وهى عبارة عن طرف ثالث محايد ينضم للعلاقة بين طرفي العقد الإلكتروني 0فيقوم بتحديد هوية الطرفين وأهليتهم القانونية عن طريق إصدار شهادات تثبت هوية المتعاقدين وتبيان ذلك عبر تلك الشهادات( الاسم والعمر والجنسية) فى حالة إغفال الينات الأساسية للمعاقد فلن يسمح له بأدراج أسمه ضمن صفحة الموثق لن يسمح له بالمضي بالتعاقد مع الآخرين حيث يكون الموثق ( الطرفالثالث ) مسؤول مسؤولية مباشرة عن كافة البينات آلتي يصدرها عن الأشخاص ويمكن مقاضاتها اى الشركة الموثقة للحصول عن التعويض في حالات الغش 0
نجد آن التجارة الإلكترونية تتم عبر استخدام التقنية الحديثة في الاتصال عبر الإنترنت مستخدمين في ذلك رسالة البينات كتعبير مقبول عن الإدارة سواء كان للموجب آو القابل وقد عرف قانون الانسترال عبر المادة (2) منه وآلتي تشير ( يعنى بينات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة بينات او مضافا أليها ومرطبة بها ) يجوز آن تستخدم في تعيين هوية الموقع بنسبة لرسالة البينات والبينات موافقة على المعلومات الواردة في رسالة البينات 0 كما يبين نص المادة آلي الجهة الموثقة المصدرة لشهادات التوثيق تعنى رسالة بينات آو سجلا آخر يؤكد آن الارتباط بين الموقع وبينات إنشاء التوقيع0
كما تشير المادة 12 من قانون الانسترال آلي الاعتراف بالشهادات الصادرة عن الموثقين من حيث التوقيع الإلكتروني ومدى مطابقته مع الأصل كما نجد أن مشروع قانون المعاملات اللاكتروني السوداني لعام 2006قد أشارالي توثيق المستندات الالكترونية عبر نص المادة 12 منة واشار الي الشخص الموثق وقامت بتعريف ذلك الشخص سواء أكان شخصاًطبيعياًأم شخصاً معنوياً وقد صرح القانون لة حسب طبيعة الموضوع أن يصدر شهادات تؤكد توثيق التوقيع الرقمي وذلك للتلأكد من أن ذلك التوقيع صادر من الشخص المعني 0
كما تشير المادة 12 من قانون الانسترال 1996 وكذالك نص المادة 8 من مشروع قانون المعاملات اللاكتنرونية السوداني في سياق إنشاء العقود فانه يجوز استخدام رسائل البيانات للتعبير عن العرض آو قبوله وعند استخدام رسائل البينات لإنشاء العقد فانه لا يفقد ذلك العقد صحته آو قابليته للتنفيذ بمجرد أنها رسالة بينات 0
كمال تعتبر نص المادة 12 آلي إعلان الإطراف برسائل البينات بين منشأها والمرسل أليه كما تشير نص المادة 13 من قانون الانسترال آلي انه رسالة البينات تعتبر رسالة صادرة من المنشاء لها وهو الذي قام بإرسالها بنفسه مما يدل ذلك
على صحة الإراده من طرف واحد الى حين تمام العقد بالتقاء ارادتى الايجاب والقبول للعتبير عن تلك الارادة لتشير نص المادة 12 من قانون الاونسترال المبينه ادناه لصحة استعمال تلك الرسائل عبر الرسائل البينات بارادة الاطراف 0(م12 اوسترال)( أعتراف الاطراف برسائل البيانات
1 ( فى العلاقة بين منشىء رسالة البيانات والمرسل اليه لا يفقد التعبير عن الارادة او غير من اوجه التعبير مفعوله القانونى او صحته او قابليته للتنفيذ لمجرد انه على شكل رسالة بيانات )
المبحث الثالث مجلس العقد في التعاقد عبر الانترنت
بينا أن التعاقد عبر الانتنرنت أنما يتم عبر الشبكة الدولية للاتاصلات عن بعد وأشرنا الي امكانية استخدام تلك الشبكة في ابرام العقود عبر المحادثات الشفوية مستغلين في ذلك الحاسوب والشبكة الدولية للاتصالات عن بعد لإبرام عقود التجارة الدولية مباشرة بين طرفي التعاقد رغم اختلاف أقامتهم وجنسياتهم وهذة الطريقة قد عرفها قانون المعاملات المدنمية بالتعافد بين غائبين وفق منطوق نص المداة 43 من قانون المعاملات المدنية والتي تشيرالي الاتي :-
(1)يعتبر التعاقد بين الغائبين قد تم فى المكان وفى الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ،ماله يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك
(2) يفترض أن الموجب قد علم بالقبول فى المكان وفى الزمان اللذين وصل إليه فيهما هذا القبول
كما تشير نص المادة 15 من القانون النموذجي للتجارة الالكترونية الي تبيان مكان ارسال واستلام رسائل البينات كما حذا مشروع قانون المعاملات الكترونية لعام
2006 القانون النموذجي في هذا الشأن عبر نصوص المواد 7-8- منة وقد أشارا الي ارسال رسالة البينات أو أستلامها في المكان في المكان الذي يقع مقرها الرئيسي فية سواء كان للراسل او المرسل الية 0
المبحث الرابع الشروط النموذجية في التعاقدالالكتروني
يحرص المتعاملين بالتجارة الإلكترونية على استعمال صيغ نموذجيه مثبته على صفحاتهم عارضين من خلالها ا للسلع والخدمات وهذه بالطبع تعتبر صيغ نموذجيه للعقود آلتي تبرمها الشركات آو الأشخاص وتشمل الصيغ أحكاما تفصيلية متعلقة بتحديد الحقوق والالتزامات بطرفي التعاقد كما تبين كيفية تنفيذ العقد ومكان التسليم وكل ما يمكن أن يثار حول تنفيذ العقد من مكان وزمان التسليم وتبعت تحمل المخاطر والهلاك وضمان العيوب الخفية والقانون الواجب التطبيق للعقد النموزجى بالصورة التى يكون عليها ليس اتفاق ارادتين وإنما صيغة تعد مسبقا لاستخدامه كنموذج لعقود تبرم في المستقبل 0
نجد أن العقود النموزجيه في التجارة الالكترونية توضع بحيث يسمح لأطراف العلاقة التجارية استعمال تلك الشروط وما إلا علي الشخص ملئ الأماكن الخالية وآلتي تتعلق بأطراف العقد وملئ بينات أخرى كالثمن ومكان تسليم البضاعة وخلافه إ ما وافق القابل علي تلك الشروط 0
نجد آن عقود التجارة الالكترونية إنما هي عقود اختياريه تحكمها القواعد القانونية في العقود ومصدر الالتزام منها هو انصراف أراده الأطراف للآخذ بها سواء كان العقد الأصلي آو في آي اتفاق آخر ذلك استنادا آلي القاعدة القانونية آلتي تشير آلي آن العقد شريعة المتعاقدين 0
عقد الإذعان
لقد بينا سابقا كيفية إنشاء عقود التجارة الالكترونية بأنها تكون عادة في صيغ ثابتة تعرض من قبل الموجب 0 لقد ذهب البعض آلي آن هذا النوع من العقود آلي. إنها من عقود الإذعان كما يرى بعض الفقهاء عكس ذلك حتى يمكن وصف عقود التجارة الالكترونية بأنها عقود الإذعان بين نوعيين من العقود تلك العقود آلتي يكون الموجب فيها محتكرا للسلعه أو الخدمة دون غيره وتلك السلعة أو الخدمة المباحة إلمتاحه للكافة ففي الحالة الأولى يمكن آن يوصف ذلك العقد من المحتكر للسلعه بعقود الإذعان واعتبار الشروط الواردة في ذلك العقد هي شروط مجحفة بحيث يمكن للقضاء التدخل في مثل هذا النوع من العقود آلا آن الحالة الثانية لا يمكن وصفها بعقد الإذعان إذ أن العبره هناباحتكارية السلعة بان يفرض الطرف القوى شروطه على الطرف الضعيف بحيث يكون الطرف الضعيف مجبرا للدخول فى التعاقد بناء على احتكار الموجب للسلعه او الخدمة وان هذا النوع من العقود تهدد تحقيق العدالة 0
نجد آن قانون المعاملات المدنية 1984 توضح عبر المادة 45 تنص على آلاتي ( يعتبر التسليم بشروط مقرره يضعها الموجب في عقد الإذاعان قبولا مع مراعاة آي قيود مقرره لعقود الإذعان في القانون )0
يتضح من خلال نص المادة 45 المبينة أعلاه بان المشرع السوداني قد اخذ بعقود الإذعان واعتبرها قبولا فى التعامل لذلك النوع من العقود يحدث التزامات و آثار قانونية بناء على قبول القابل لتلك الشروط كقاعدة عامة وقد أوردت نص المادة 45 استثناء و قيود يقرها القانون لعقود الإذعان 0
نجد آن المشرع السوداني عبر المادة 118 من قانون المعاملات المدنية 1984 قد ثبت تلك العقود وبينت أما كنية استبعاد الشروط التعسفية في عقود الإذعان حيث أشارت عبر نص المادة 118 الآتي 0
(إذا تم العقد بطريق الإذعان يتضمن شروطها التعسفية جاز للمحكمة ان تعدل هذه الشروط او تعفى الطرف المذعن منها كل وفقا لما تقضى به العدالة ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك ) 0
تبين المادة 118 أعلاه على إمكانية استبعاد الشرط التعسفي فى عقود الإذعان وجوز للمحكمة استبعاد ذلك الشرط 0
يتضح من خلال نص المادة 118 من قانون المعاملات المدنية 1984 بأنها منحت السلطة للمحاكم لاستبعاد آي شرط في عقود الإذعان وبما آن عقود التجارة الالكترونية من قبيل العقود الدولية وآلتي تبرم عن بعد بحيث يكون هنالك اختلاف فى مكان الموجب عن مكان القابل بالتالي لا يمكن أعمال نص المادة 118 من قانون المعاملات المدنية على عقود التجارة الدولية ألا اذا نص في العقد بان القانون السوداني هو الواجب التطبيق فى حالة نشؤ آي نزاع حول شروط العقد فبدون الإشارة آلي ذلك لا يمكن أعمال نص المادة 118 من قانون المعاملات المدنية 0
عقد التجارة الالكترونية عقد من العقود الملزمة للجانبين وآلتي ترتب التزامات وأثار قانونية متبادلة بين أطرافه بأن يقع على المشترى الالتزام بدفع الثمن وذلك وفق الاتفاق المبرم في عقود التجارة الالكترونية هذا ما بينته نص المادة 208 معاملات مدنية الفقرة (1) آلتي تنص على آلاتي ( على المشترى تسليم الثمن عند التعاقد آو لا قبل تسلم المبيع آو المطالبه به ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك ) 0
بما آن عقود التجارة الالكترونية تتم عن بعد فأن دفع الثمن يكون خاضعا لاتفاق الاطراف عن كيفية دفعه فيمكن آن يكون دفع الثمن عبر فتح خطابات اعتماد عبر المصارف آو عبر الشيكات إلكترونية آو العقود الالكترونية او العقود الالكترونية او باى طريقة يتفق عليها طرفى التعاقد إذ لايتصور وجود عقود الاذعان في مجال التجارة الالكترونية تاسيساً علي انها تجارة تقوم علي تقديم عروض مفتوحة للكافة بحيث تجعلها كاسرة للاحتكار للسعة أو تقديم الخدمة وبناء عليه لايتصور وجود احتكار عبر التجارة الالكترونية لعمويتها وأنتشارها بصورة أوسع مما يجعلها كاسر للأحتكار 0
المبحث الخامس مكان انعقاد العقد الالكتروني
زمان ومكان إنشاء العقد
تشير المادة 15 من القانون النموذجي للتجارة الالكتروتية الاونستيرال عن تحديد مكان وزمان أنعقاد العقد الالكتروني والتي تشير الي الاتي:-
آن تحديد زمان ومكان إنشاء0 العقد يحظى بأهمية بالغة فيما يتصل بالتعاقد من تحديد زمان ومكان أنشاء العقد هنالك مسائل مختلفة ينظمها القواعد العامة فى العقود في قانون المعاملات المدنية 1984 نجد آن تحديد مكان وزمان العقد ذو أهمية بالغة إذ يترتب بناء عليه تحديد القانون الواجب التطبيق واختصاص المحاكم التى تنظر النازع الناشئ عند تنفيذ العقد وفقا لشروطه كما لزمان التعاقد أهمية بالغة إذ يترتب عليه كيفية انتقال الملكية لمحل العقد والمخاطر آلتي يتعرض لهامحل العقد ويبداء العقد بترتيب أثاره من لحظة انعقاده ولا يحق للقابل الرجوع عن قبوله 0
لا تثور مشكلة في تحديد زمان ومكان انعقاد العقد في العقود العادية عندما يكون أطراف التعاقد حاضرين بحيث لا يوجد فاصل زمني بين الإيجاب والقبول ذلك على عكس العقود في التجاري الالكترونية 0
نجد آن عقود التجارة الالكترونية يتم التعاقد عن بعد عبر تقنية الاتصال الإنترنت رغم بعد مكان الموجب عن مكان القابل بالآف الأميال مما يمكن معه وصف ذلك التعاقد بين الغائبين لعدم اتحاد مجلس العقد نجد آن المادة 43 من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 تبين أحكام التعاقد بين الغائبين وتشير آلي آلاتي (1) ( يعتبر التعاقد بين الغائبين قد تم في المكان الذين يعلم فيهم الموجب بالقبول ما لم يوجد اتفاق او نص يقضى بذلك ) 0
( 2) ( يفترض ان الموجب قد علم بالقبول فى الزمان والمكان الذين وصل اليه فيهما هذا القبول ) 0
نجد آن قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 قد اخذ بالزمان والمكان المعنيين فيهما يعلم الموجب بالقبول وقد تركت نص المادة للمتعاقدين الاتفاق على خلاف ذلك وبناء عليه فأن العقد ينقعد تماما عندما تصل رسالة القبول إلكترونيا للموجب ولا اعتداد هنا بعلم الموجب بمضمون القبول أولا طالما كان في مقدوره آن يعلم بالقبول عبر رسائل البينات وطالما أرسل ذلك القبول على العنوان المحدد للموجب وان لم يفعل آو يبذل الموجب لجهد –لمعرفة وصول القبول من عدمه بعد عرضه للإيجاب فأن الموجب يكون مهملا ويتحمل كافة المسؤولية عن إهماله وبناء عليه يفترض آن الموجب قد علم بالقبول في المكان والزمان الذين وصل أليه فيهما ا هذا القبول ذلك لكونه طرف من أطراف العقد يهمه آن يعلم مدى موافقة القابل من عدمه 0
نجد آن التعاقد يتم بين طرفي عقد التجارة الالكترونية عن بعد بالتالي لا يتصور وجود مجلس التعاقد حتى يمكننا الآخذ بمعيار زمان ومكان القبول ونسبة لبعد كل من الموجب عن القابل فى عقود التجارة الالكترونية فأنه يتصور أن يكون التعاقد قد تم بحكم التعاقد بين الغائبين وفق ما أشرنا أليه أعلاه لذي نجد آن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي قد سنت بعض القوانين للتجارة الدولية ذلك لوضع الأطر العامة آلتي تحكم التجارة الالكترونية واصدرت بما يعرف بقانون الآنسترال لسنة 1996 0
لقد أشارت نص المادة 15 الفقرة (1 ) من قانون الانسترال علي الآتي :-
1/ ( ما لم يتفق المنشأ والمرسل آلية علي خلاف ذلك يقع أرسل رسالة البيانات عندما تدخل الرسالة نظام معلومات لا يخضع لسيطرة المنشئ أو سيطرة الشخص الذي أرسل رسالة البيانات نيابة عن المنشئ) وهذا المبداء اقره مشروع قانوالمعاملات اللاكترونية السوداني عبر نص المادع 7-8 منة
2/ (ما لم يتفق المنشئ والمرسل آلية آلي غير ذلك يتحدد وقت استلام رسالة البينات علي النحو التالي :
أ/ إذا كان المرسل آلية قد عين نظام معلومات لغرض استلام رسائل البينات
يقع الاستلام:-
1/ وقت دخول رسالة البيانات نظام المعلومات الذي تم تعينة 0
2/ وقت استرجاع المرسل إلية لرسالة البيانات إذا أرسلت رسالة البيانات ألي نظام معلومات تابع للمرسل اليه لا يكون هو النظام الذي تم تعينة 0)
نجد ان المقصود برسالة البينات الواردة فى نص المادة 15 من قانون الانسترال هو تبيان اى عنوان يوضح مكان الموجب والقابل ومن خلال ذلك العنوان المبين على الموقع صراحة يستقبل من خلاله الموجب للقبول الصادر من الطرف الآخر00 0
ب/ إذا لم يعين المرسل آلية نظام معلومات يقع الاستلام عندما تدخل رسالة البيانات نظام معومات تابعا ً للمرسل إليه 0
3/ تنطبق الفقرة (2) المكان الذي يوجد فيه المعلومات مختلفاً عن المكان الذي يعتبر أن رسالة البيانات استلمت فيه بموجب الفقرة (4)0
4/ مل لم يتفق المنشئ والمرسل أليه علي ذلك يعتبر إن رسالة البيانات أرسلت من المكان الذي يقع فيه مقر عمل المنشئ ويعتبر إنها استلمت في المكان الذي يقع فيه مقر عمل المرسل أليه ولأغراض هذه الفقره0
أ/ إذا كان للمنشى والمرسل آلية أكثر من مقر عمل قام مقامه محل أقامته المعتاد
الجوانب المحدودة للتجارة الالكترونية 0
إذا أرسلت رسالة البينات آلي نظام معلومات تابع للمرسل أليه لا يكون هذا النظام الذي تم حيث نجد آن المقصود برسالة البينات الواردة في نص المادة (15) من قانون الاونسترالالنموزجى ( م15 اونسترال ) (هو تبيان عنوان آو آي مكان على الإنترنت شريطة تبيان عنوان ذلك الموقع حيث يستقبل عليه القبول ونلاحظ آن المادة اشترطت دخول الرسالة آلتي تحتوى القبول آلي نظام المعلومات المعين ويقصد بذلك آن يكون المستند متوفرا للمعالجةداخل ذلك النظام آما إذا وصل المستند آلي نظام المعلومات المحدد آلا انه لم يدخل لأي سبب لا يكون ذلك قد تم استلام الموجب لذلك القبول كما تبين نص المادة 14 من قانون الانسترال أن يقوم الموجب بإرسال إقرار للقابل بوصول قبوله حتى يمكن معه بالاعتداد بالعقد الإلكتروني وبناء عليه تبداء سريان العقد وأحداث أثاره القانونية المادة (14) وهذا المبداء اقره مشروع قانون المعاملات اللاكترونية السوداني عبر نص المادع 7-8 منة0
المبحث السادس أثار عقد التجارة الالكترونية
دفع الثمن0
لقد بينا من خلال الإشارة آلي الموجب بان يقوم بعرض كافة التفاصيل المتعلقة بمحل عرضه ومن ضمن تلك التفاصيل الثمن ويجب آن يحدد الموجب ويشير آلي الثمن محل العرض وان يبين كيفية دفع الثمن وكيفيه الدفع أشارت أليه نص المادة 183من قانون المعاملات المدنية1984 (م183 معاملات) (الثمن هو ما تراضى عليه المتعاقدان في مقابل المبيع سواء زاد على القيمة أو قل منه
ا والقيمة هي ما قوم به الشيء دون زيادة أو نقصان) . مقرؤوة مع نص المادة 185 من ذات القانون المشار أليه أعلاه 0
التزام المشترى بدفع الثمن0
يقع عبئ دفع الثمن على المشترى وبما آن محل التعاقد قد تم الاتفاق عليه عبر الإنترنت فيتصور دفع الثمن عبر وسيلتين للمشترى هما 0
1/ دفع الثمن عبر خطاب اعتماد يفتح طرف مصرف بما أننا نتحدث عن التجارة الإلكترونية ينبغى آن يبين كيفية الدفع إلكترونيا أيضا نجد آن هنالك عدة طرق مختلفا يتم عبرها دفع الثمن آو آي مبالغ أخرى إلكترونيا 0
يتم فتح خطاب الاعتماد من قبل المشترى عبر المصرف الذي يقيم في دائرته المشترى حيث يلتزم ذلك المصرف بدفع قيمة الشيء المباع بعد آن يتحقق من شروط خطاب فتح الاعتماد0
2/ بما آن العقد قد تم إنشاءه عبر الإنترنت ( التجارة الإلكترونية ) بناء عليه يمكن دفع قيمة التعاقد أيضا بالطرق الإلكترونية 0
بيننا التزام دفع الثمن على المشترى ذلك وفق ما هو يتفق عليه بناء عليه يكون دفع الثمن ابتداء قبل استلام البضاعة سواء تم التعاقد إلكترونيا بالوسيلة المشار أليه أعلاه آو بالطريقة العادية في حضور مجلس العقد ولا يتم تسليم محل التعاقد آلا بعد سداد ثمنه هذا ما أشارت أيليه نص المادة 208 من قانون المعاملات المدنية 1984 وآلتي تشير فعلا من دفع قيمة الشيء المباع قبل التسليم آلي حق البائع في حبس المبيع آلي حين دفع الثمن آو إذا ما اتفق طرفي التعاقد على كيفية دفع آخر وهذا ما هو معمول به في نظام خطاب الاعتماد الذي يتم فتحه عبر
المصارف 0(م208 معاملات)( على المشتري تسليم الثمن عند التعاقد أولا قبل تسليم المبيع أو المطالبة به لم يتفق على غير ذلك) .
الدفع الإلكتروني
آن تطور استخدام التقنيات الحديثة للاتصال مستخدمين آلية الاتصال عبر بعد ( الإنترنت) في الدخول في إبرام عقود التجارة الإلكترونية اصبح معه تطورا موازيا بسداد ثمن السلع آو الخدمة آلتي تم التعاقد عليها عن بعد حيث يتم سداد ثمن السلعة آو الخدمة بما يسمى بالدفع الإلكتروني حيث يختلف نظام الدفع الإلكتروني باختلاف الوسيلة المتبعة في الدفع الإلكتروني منها النقود الإلكترونية وبطاقات الائتمان وبطاقات السحب الآلي والشيكات الإلكترونية بالإضافة إلى وجود البنوك الإلكترونية تتكون النقود الإلكترونية وبطاقات الائتمان وبطاقات السحب الآلي من مادة بلاستيكية مستطيلة الشكل تحمل كافة المعلومات المتعلقة بحاملها من التوقيع والرقم المتسلسل واسم حاملها ورقم حسابه وتاريخ انتهاء الصلاحية والجهة المسحوب عليها ويمكن عبر هذه البطاقة سحب النقود آليا كما يمكن دفع قيمة شراء السلعة آو الخدمة عبر تلك البطاقات ويتميز هذا النوع من خدمات النقود الإلكترونية في سهولة الدف وعدم حمل النقود وتعتبروسيلة فعاله في سداد قيمة السلعة آو الخدمة كما تعطى حاملها ائتمانا تمكنه من شراء السلعة آو الخدمة وتسديد قيمتها وفق احتياجاته كما تعطى الحماية لحاملها من ضياع النقود كما آن هذا النقود الإلكترونية معترف به عالميا 0
تستخدم بطاقة السحب الآلي من قبل البنوك الاعتيادية على منح عملائهم فرصة سحب مبالغ محدده في آي وقت يشاء وعند الحوجة ويعتبر هذا النوع من الصرف تسهيلا من البنك لعملائه حتى يتفادى من خلالها التزاحم ، ويتم السحب عبر إدخال
بطاقة الصرف الآلي عبر الجهاز المخصص له ويقوم المستخدم لهذا النوع من الصرف استخدام رقم سرى مخصص له لا يستطيع صرف آي مبالغ إذا لم يدرج ذلك الرقم في الجهاز المخصص لذلك وهذا الرقم لا يكون مثبتا على بطاقة الصرف الآلي خوفا من ضياعها 0
تمشيا مع تصور استخدام التجارة الإلكترونية عن بعد ينشاء بما يسمى بالبنوك الإلكترونية فهي مؤسسات مصرفيه تستخدم التقنيات الحديثة في تقديم الخدمات المصرفية على مختلف أشكالها دون وجود فروع لتلك البنوك كما هو الحال في البنوك العادية حيث يمكن للعميل من خلال البنك الإلكتروني أداره حسابه وإنجاز كافة أعماله المصرفين المختلفة عبر البنك الإلكتروني من موقعه سواء كان في المنزل آو المكتب دون الحضور المادي آلي البنك من قبل الزبون 0
أنشأت المصارف مشروع تعاوني فيما بينهم لوسيلة الدفع فيما بين المصارف في التعامل وتسمى جمعية الاتصالات المالية بين المصارف على مستوى العالم وتعرف ( s.w.i.f.t ) تتولى مسؤولية المراسلات المتعلقة بالدفع فيما بين المصارف تعمل هذه الجمعية على تبادل النقود بين المصارف العالمية مستخدمة خدمات الإنترنت والاتصال عن بعد في تحويل المبالغ النقدية عبر أرقام سرية تمنح لكل مصرف مشترك في الجمعية ويتم عبر ذلك الرقم السري المشفر من أجراء التحويلات النقدية حيث يستخدم عبرها التوقيع الرقمي حيث يزود كل مصرف بشفرة ورقم سرى لاستعمال ذلك التوقيع و يكون لمستلم الرسالة التحقق من صحة ما جاء في المستند المحول عن صحة المعلومات المدونة بها عبر مفتاح عام مخصص لتوثيق المعلومات الواردة عبر المستندات الواردة للمصرف وكل هذه المعاملات الدولية تتم عبر تلك المنظمة تحت لواء جمعية الاتصالات العالمية ( s.w.i.f.t ) هذا بجانب قانون الانسترال 1996 الصادر من لجنة التجارة الدولية لمنظمة الامم المتحدة0
الشيكات الإلكترونية 0
لا يختلف الشيك الإلكتروني عن الشيك العادي من حيث المعلومات الواردة فيه من حيث تاريخ استحقاق الشيك واسم المستفيد والمبلغ مبيناً بالأرقام والحروف بجانب توقيع الساحب وبينات ألبنك المسحوب عليه الشيك بالتالي هو آمر من الساحب آلي المسحوب عليه بأن يدفع المستفيد مبلغا معينا من المال 0
يتم سحب الشيكات الإلكترونية بين المصارف عبر وسيط سواء كان ذلك الوسيط عبارة عن اله تقوم بفك رموز الشفرة المبينة عبر الشيك ويتم إنشاء الشيكات الإلكترونية وتبادلها عن بعد عبر الإنترنت حيث يقوم ذلك الوسيط بالاضافه والخصم من الحساب المعنى حيث تتم كافة العاملات التجارية عبر الشيكات الإلكترونية عبر البريد الالكترونى ومن المعلوم آن الشيكات الإلكترونية تخضع لكافة التدقيق مثل الشيكات العادية ماعدا ما هو مدون من شفره بالشيك الإلكتروني كما نجد ان مشروع قانون المعاملات الالكترونية السوداني قد عرف وسيلة الدفع في المادة الثانية المتعلقة بالتعريفات اشارت الي الاتي:-
وسيلة الدفع الالكتروني يقصد بها الوسيلة التي تمكن صاحبهامن القيام بعمليات الدفع المباشر كليا او جزئيا عن عبر الشبكات 0 وتشمل تلك الوسائل الشيك الالكتروني وصور الشيك أو بطاقات الدفع وغيرها من الوسائل0
مكان تسليم الثمن
إذا كان نظام دفع ثمن المبيع يتم عبر المصارف عن طريق خطاب الاعتماد يكون مكان سداد قيمة المبيع هو مكان تواجد البائع وكذلك الحال ما إذا كان الدفع يتم عبر الدفع الالكترونى يكون مكان الاستلام هو مكان وجود البائع مالم يتفق
طرفي العقد على خلاف ذلك هو ما نصت أليه المادة (211) من قانون المعاملات المدنية 1984 0(م211معاملات)( يلزم المشتري تسليم الثمن المعجل في مكان وجود المبيع وقت العقد ما لم يوجد اتفاق أو عرف يغاير ذلك .
(2) إذا كان الثمن دينا مؤجلا على المشتري ، ولم يجر الاتفاق على الوفاء به في مكان معين ، لزم أداءه في موطن المشتري وقت حلول الأجل .)
نجد آن هنالك إمكانية دفع النقود إلكترونيا حيث يتطلب ذلك قانون خاص يمكن الاعتماد عليه في تحويل النقود الإلكترونية حيث بين ذلك القانون شروط الدفع الإلكتروني وكيفية التعامل بالنقود الإلكترونية 0
نجد آن المشرع السوداني لم يقم أصلا بسن بعض القوانين المتعلقة بالتجارة الإلكترونية آو قانون يبين كيفية الدفع إلكترونيا كما فعلت بعض الدول العربية نورد هنا على سبيل المثال نص المادة (37) من قانون المبادلات والتجارة التونسي على آلاتي 0
( تخضع عمليات الدفع المتعلقة بالمبادلات والتجارة الإلكترونية آلي التشريع والترتيبات الجاري العمل بها )
كما تنص المادة 25 من قانون المعاملات الأردنية على آلاتي 0
(( يعتبر تحويل الأموال بالوسائل المقررة بمقتضى التشريعات ذات العلاقة نافذة المفعول ))
نأمل في آن يلتف نظر المشرع السوداني آلي وجود التعاملات الإلكترونية والمبادلات المالية إلكترونيا عبر العالم حيث أصبحت السمة الغالبة في التعامل إلكترونيا هو نظام االدفع الإلكتروني بإجازة مشروع قانون المعملات الالكترونية لسنة 2006 0
التزامات البائع
إحدى الالتزامات الناشئة عن عقد البيع التزام البائع بتسليم المبيع وهو من أهم الالتزامات لأنها محور عقد البيع لانه يدور حوله كافة الالتزامات وتسليم محل عقد البيع يعنى تخلى البائع عن حيازته للشيء المباع للمشترى بما يتفق مع عقد البيع حيث يقصد تسليم محل البيع للمشترى هو
حيازته والانتفاع به دون ما اعتراض من البائع أو الغير آن تسليم المبيع للمشترى من البائع في العقود العادية لا يختلف عن عقود التجارة الإلكترونية ففي هذه الأخير ينبغى آن يكون التسليم بما يمكن المشترى الحيازة والانتفاع بها ذلك وفق ما تشير أليه نص المادة 189 من قانون المعاملات المدنية 01984
المادة 189 – (1) تنقل ملكية المبيع بمجرد تمام البيع الى المشترى ما لم يقض القانون الاتفاق بغير ذلك 0
(2) يجب على كل من المتبايعين ان يبادر الى تنفيذ التزاماته آلا ما كان منها مؤجلا 0
3 ) اذا كان المبيع جزافا انتقلت الملكية الى المشترى على النحو الذى تنتقل به فى الشىء المعين بالذات ويتم البيع جزافا ولو كان تحديد الثمن موقوفا على تقدير المبيع 0
( 4) يجوز للبائع اذا كان الثمن مؤجلا او مقسطا ان يشترط تعليق نقل الملكية الى المشترى حتى يئدى جميع الثمن ولو تم تسليم المبيع 0
(5) اذا تم استيفاء الثمن تعتبر ملكية المشترى مستندة الى وقت البيع 0
كما ينبغى آن يكون التسليم في عقود التجارة الإلكترونية مجرد من كل حق آخر حيث ينبغى آن يكون التسليم وفق ما يشير إليه عقد البيع ووفق المواصفات المحددة للشيء المبيع وفق ما أعلنه البائع عن مواصفات لمحل المبيع عند أيجابه ابتداء
كما أشار الموجب ابتداء في التسليم فهو ملتزم بها وفق العقد المبرم وهذا ما ينص عليه المادة 190 من قانون المعاملات المدنية للعام 1984 01) يلتزم البائع بتسليم المبيع (م 190) إلي المشتري مجردا من كل حق آخر وأن يقوم بما هو ضروري من جانبه لنقل الملكية إليه .
(2) يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشترى بالحالة التي كان عليها وقت البيع .
(3) يشمل التسليم ملحقات المبيع وما اتصل به اتصال قرار وما أعد لاستعماله بصفة دائمة وكل ما جرى العرف على أنه من توابع المبيع ولو لو تذكر في العقد .
إذا سلم البائع المبيع إلي المشتري بصورة صحيحة أصبح غير مسئول عما يصيب المبيع بعد ذلك
نجد آن عقود التجارة الإلكترونية هي عقود تنشا عن استخدام التقنيات الحديثة والاتصال عن بعد مما يختلف منه مكان أقامه البائع عن مكان إقامة المشترى لذي نجد أن قانون الانسترال النموذجي سنة 1996 الصادر من لجنة التجارة الدولية التابعة لمنظمة الامم المتحدة تشير آلي تسليم محل العقد وكيفية هذا ا لتسليم بحيث يتم عقد التجارة الإلكترونية عبر المصارف عن طريق فتح الاعتمادات المستنديه التي يتم عبرها البيع والشراء حتى ما تحقق شروط ذلك الاعتماد لذا قد آثار قانون الانسترال النموذجي سنة 1996 في الجزء الثاني منه عن كيفية التعامل بنقل مستندات الشحن الصادرة من البائع والتي تؤكد تنفيذ عقد النقل وفق ما تشير أليه خطاب الاعتماد الذي يتم عبره الاتفاق بين البائع والمشترى وبما إننانتحدث عن عقود التجاري الإلكترونية يجب الإشارة آلي مستندات الشحن الإلكترونية التي تتم بين البائع والمشترى عبر التجارة الإلكترونية مستخدمين أليه المصارف في تسليم الثمن المشترى وتسليم البضاعة المباعة للبائع عبرمستندات الشحن وان هذا النوع من المستند ينبغى الوصول آلي المشترى حتى يعتد باستلامه للبضاعة من خلال استلامه لمستندات الشحن الفعلية 0 كما خصصت مستندات الشحن هذه للنقل البضائع بناءا عليه يمكن العمل على نقل ملكية البضائع المرسلة سواء كان ذلك بالفعل بالبيع او التصرفات القانونية الناقلة للملكيه الاخرى
كما يمكن تحويل المستند من شخص لاخر عندما يأذن المرسل اليه بذلك نجد ان مستند الشحن نفسه يحوى على عبارات تفيد بان ذلك المستند قابل للتداوال او غير للتداول فان التصرفات المشار اليها اعلاه تكون على تلك المستندات القابلة للتداول اما المستند الذى يحوى عبارة غير قابل للتداول فانه لايمكن التصرف فيه باى تصرف ناقل للملكية 0
أدى تطور الاتصال عن بعد آلي إمكانية الاعتماد على الاتصال عن بعد في التعامل إلكترونيا مع مستندات الشحن واصبح متوفر ألان وجود مستندات الشحن الإلكترونية وهي مماثلة لسندات الشحن العادية حيث تبين تتلك المستند سواء كانت العادية منها أو الإلكترونية كافة المواصفات المتعلقة بالبضاعة من حيث النوع وجودتها وشهادة منشئ البضاعة ومدى صلاحية البضاعة المرسلة وتاريخ الشحن للمستفيد آن حيازةمستندات الشحن هي بمثابة حيازة للبضاعة المرسلة بدونها لايتم للمشترى آو المستفيد من استلامه للبضاعة كما آن مستندات الشحن هذه يمكن تظهيرها وبيعها واستغلال عبر ائتمانها بالرهن وان حيازتها تفي حيازة البضائع المرسلة من البائع كما يمكن المستفيد إعادة بيع البضاعة المبينة على مستندات الشحن آلي آخر بالتالي آن مستندات الشحن يمكن اعتبارها رمزا وبديلا للبضائع بالتالي نجد آن قانون الانسترال سنة1996 يبين أحكام مستندات الشحن إلكترونيا وفق ما جاء عبر المادة 16 وآلتي تشير آلي الأفعال المتصلة بنقل البضائع مع عدم الإخلال بأحكام الجزء الأول من هذا القانون
ينطبق هذا الفصل على آي فعل يكون مرتبطا بعقد لنقل البضائع تنفيذ لهذا العقد بما في ذلك على سبيل البيان لا الحصر 0
I. بعلامات البضائع آو عددها آو كميتها آو وزنها
1. الإقرار بطبيعة البضائع آو قيمتها او بيانها 0
2. إصدار إيصال البضائع
3. تأكيد آن البضائع قد جرى تحميلها
I. إبلاغ آي شخص بشروط العقد واحكامة
(ج) إصدار التعليمات إلى الناقل
1. المطالبة بتسليم البضائع
2. الآذن بالإفراج عن البضائع
3. الأخطار بوقوع فقدان آو تلف للبضائع
(د) توجيه آي أخطار آو إقرار آخر يتعلق بتنفيذ العقد 0
(هـ) التعهد بتسليم البضائع إلي شخص معين بالاسم آو شخص مرخص له بالمطالبة بالتسليم
( و) منح حقوق المتعلقة بالبضائع آو اكتسابها آو التخلي عنها آو التنازل عنها آو نقلها آو التداول بشأنها 0
(ز) اكتساب آو نقل الحقوق والواجبات التي ينص عليها العقد 0
وتنص المادة (17) وآلتي تشير إلى مستندات النقل0
رهنا بأحكام الفقرة 3 عندما يشترط القانون تنفيذ آي فعل من الأفعال المشار إليها فى المادة 16 باستخدام الكتابة آو استخدام مستند ورقى يستوفى ذلك الشرط إذا نفذ الفعل باستخدام رسالة بيانات واحدة آو اكثر 0
2/ تسرى الفقرة 1 سواء اتخذ الشرط المنصوص عليه فيها شكل رسالة بيانات آو اكتفى في القانون بمجرد النص على العواقب التي تترتب على التلف آما عن تنفيذ الفعل كتابة آو عن استخدام مستند ورقى 0
3/ إذا وجب منح حق آو إسناد التزام إلي شخص معين دون سواه وإذا اشترط القانون آن يتم من اجل تنفيذ ذلك الحق آو التزام آن ذلك الشخص بتحويل آو استخدام مستند ورقى يستوفى ذلك الشرط إذا نقل الحق آو الالتزام باستخدام
رسالة بيانات واحدة آو اكثر شريطة استخدام وسيلة يمكن التعويل عليها لجعل رسالة البيانات المذكورة فريدة من نوعها 0
/لأغراض الفقرة 3 تقدر درجة التعويل المطلوب على ضوء الغرض الذي من اجله نقل الحق آو الالتزام وعلى ضوء جميع الظروف بما في ذلك آي اتفاق يكون متصلا بالرمز 0
3. / متى استخدمت رسالة بينات واحدة آو اكثر لتنفيذ آي فعل من الأفعال الواردة في الفقرتين (و-ز) من المادة 16 لا يكون آي مستند ورقى يستخدم لتنفيذ آي فعل من تلك الأفعال صحيحا ما لم يتم العدول عن استخدام رسائل البيانات مع الاستعاضة عن ذلك باستخدام مستندات ورقية ويجب في كل مستند ورقى يصدر في هذه الأحوال آن يتضمن أشعارا بذلك العدول ولا تؤثر الاستعاضة عن رسائل البيانات بمستندات ورقية على حقوق آو التزامات الطرفين المعنيين 0
4. /إذا انطبقت قاعدة قانونية إجبارية على عقد لنقل البضائع يتضمنه مستند ورقى آو يثبته مستند ورقى لا يجوز عدم تطبيق تلك القاعدة على هذا العقد لنقل البضائع الذي تثبته رسالة بيانات واحدة آو
5. اكثر لمجرد أنها رسالة بيانات وآن العقد تثبته رسالة آو رسائل البيانات هذه بدلا من إمكانية إظهاره وتسبيتة عبر مستند ورقى يسهل تناوله باليد 0
هلاك الشيء المبيع
تعتبر التجارة عبر الإنترنت من قبل التجارة الدولية بين الأفراد والشركات آو الشركات فيما بينها سواء كان بيعا لسلعة آو لتقديم خدمة ماء بالتالي نجد آن الموجب آو البائع عند عرضه للإيجاب يكون بالحرص مما كان آن يشير من بين الشروط المدرجة بعرضه عند الإيجاب بتحديد القانون الواجب التطبيق واذا ما
اتفق حول القانون الواجب التطبيق على عقد البيع يكون ذلك القانون هو الواجب التطبيق والمتعلق بهلاك الشيء المبيع0
لم يشير قانون الاونسترال وهو القانون النموذجي الصادر من هيئة الأمم المتحدة سنة 1996 بأنه لم يتطرق آلي تبعية هلاك المبيع يسرى على عقود التجارة الإلكترونية أحكام قانون المعاملات المدنية لعام 1984 من حيث مكان وتسليم المبيع والنقص والزيادة في المبيع وسقوط دعوى خيار والبيع بالتجربة وهلال البيع قبل تسليم وتلف الشيء المبيع وضمان سلامة المبيع وضمان العيوب الخفية وكل ما يتعلق بالعقد شريطة آن يكون هنالك اتفاق مسبق بين طرفي عقد التجارة الإلكترونية على الاتفاق على تطبيق القانون السوداني على النزاعات آلتي تنشاءعند إبرام عقود عن التجارة الإلكترونية ولا سيما أن هنالك مشروع لقانون المعاملات الالكترونية لعام 2006 تحت الاعداد 0
البيع بلأنموذج
يتصور إنشاء عقد البيع عبر التجارة الإلكترونية بكافة أشكاله حيث يمكن عقد بيع التجارة الإلكترونية عن طريق البيع بالانموزج ولا يتصور وقوع ذلك البيع آلا بعد إرسال الموجب عينة من المبيع للقابل حتى يمكن لهذا الأخير الموافقة على ذلك البيع آو لا وهنا لا يعلن القابل قبوله لإنشاء العقد آلا بعد مشاهدة اللآنموذج وحتى يمكن
إنشاء ذلك العقد فينبغي على الموجب إرسال تلك العينة للقابل عن طريق عنوانه المثبت عبر المراسلات إلكترونية هذا من جانب ومن الجانب الاخر يمكن إنشاء عقد التجارة الإلكترونية بالبيع عبر الأنموذج بان يقوم الموجب بعرض أنموذج عبر صورة مجسمه للبضاعة محل العقد بحيث يتمكن القابل من مشاهدة ذلك الأنموذج عبر شاشة الحاسوب وفق ما يقوم الموجب بإرسال ذلك الأنموذج على مختلف الأوضاع حيث يمكن للقابل من مشاهدتها مشاهدة نافيه للجهالة بالتالي يمكن
آن يكون ذلك البيع موافقا مع نص المادة 180 من قانون المعاملات المدنية 1984 0(م180معاملات)( كان البيع بالأنموذج تكفى فيه رؤية الأنموذج ويجب أن يكون المبيع مطابقا له ).
على عكس قانون الانسترال 1996 الذي لم يعرف البيع بالأنموذج لا يتصور تحقيق البيع بشرط التجربة آو المذاق إلكترونيا لعدم أما كنية تصور تحقق مثل هذه البيوع إلكترونيا في الوقت الحالي0
الإقرار بالاستلام 0
1/ تنطبق الفقرات من 2 آلي 4 من القانون النوذجي للتجارة الإلكترونية عندما يكون المنشئ قد طلب من المرسل أليه وقت آو قبل توجيه رسالة البينات أو بواسطة تلك الرسالة توجيه إقرار باستلام رسالة البينات آو اتفق معه على ذلك 0
2 / إذا لم يكن المنشى قد اتفق مع المرسل أليه على آن يكون الإقرار بالاستلام وفق شكل معين او على ان يتم بطريقة معينه يجوزعن الإقرار بالاستلام عن طريق 0
أ / آي إبلاغ من جانب المرسل أليه سواء أكان بوسيلة أليه آو بآيه وسيلة أخرى
ب / آي سلوك من جانب المرسل
وذلك بما يكون كافيا لاعلام المنشى بوقوع استلام رسالة البينات 0
3 / إذا كان المنشئ قد ذكر آن رسالة البينات مشروطة بتلقي ألا قرار باستلام تعامل رسالة البينات وكأنها لم ترسل أصلا آلي حين ورود الإقرار 0
4/ إذا لم يكن المنشى قد ذكر آن رسالة البينات مشروطة بتلقي الإقرار باستلام ولم يتلقى المنشى ذلك الإقرار في قضون الوقت المحدد آو المتفق عليه آو في غضون وقت معقول إذا لم يكن قد تم تحديد وقت معين آو الاتفاق عليه فان المنشى0
أ / يجوز له آن يوجه آلي المرسل أليه أشعارا يذكر فيه انه لم يتلق آي إقرار بالاستلام ويحدد فيه وقتا معقولا يتعين في غضونه تلقى ذلك القرار 0
ب */ يجوز له إذا لم يرد الإقرار باستلام في غضون الوقت المحدد في الفقرة الفرعية (أ) آن يقوم بعد توجيه أشعار آلي المرسل إليه بمعاملة رسالة البينات وكأنها لم ترسل أصلا آو التمسك بما قد يكون له من حقوق أخرى 0
5 / عندما يتلقى المنشى إقرارا باستلام من المرسل أليه يفترض آن المرسل أليه قد استلم رسالة البينات ذات الصلة و لا ينطوي هذا الافتراض ضمنا على آن رسالة البينات آلتي أرسلت تتطابق مع الرسالة التي وردت 0
6/ عندما يذكر الإقرار باستلام الذي يرد آن رسالة البينات ذات الصلة قد استوفت الشروط الفنية المتفق عليها آو المحددة في المعايير المعمول بها يفترض آن تلك الشروط قد استوفيت 0
7/ لا تتعلق هذه المادة آلا بإرسال رسالة البينات آو استلامها ولا يقصد منها آن تعالج النتائج القانونية التي قد تترتب سواء على رسالة البينات آو على الإقرار باستلامها 0
لقد بينا في الفصل السابق أركان عقد البيع ومدى انطباقه على عقود التجارة الإلكترونية وهى نفس الأركان في العقود العادية بالتالي عند توافر تلك الأركان ينشا عقد التجارة الإلكترونية بين طرفيه بتطابق الإيجاب والقبول بالتالي يكون ذلك العقد هو تمليك مال آو حق مالي لقاء مقابل كما آن عقد التجارة الإلكترونية عقد أنهأه الموجب عارضا أيجابه إنما يعرض كل التفاصيل والأوصاف المميزة لمحل العرض وبناء عليه آن القابل يكون عالما بكافة التفاصيل آلتي تمكنه من إبداء قبوله وهذا ما نصت عليه نص المادة 179 من قانون المعاملات المدنية لعام 1984 (م179 معملات( يشترط أن يكون المبيع معلوما عند المشترى علما نافيا للجهالة الفاحشة) 0
خلاصة البحث
يتضح من خلال البحث في عقودالتجارة الالكترونية في أن معظم أركان العفد الالكتروني هي نفس أركان العقد التقليدي سواء كان طريقة أبرام ذلك العقد الالكتروني هنالك أختلاف بسيط هو ان قانون المعاعلات المدنية عبر نص المادة 39 من فانون المعاملات المدنية التي توجب أن يكون القبول فوري عند التعاقد عبر الهاتف وهذا الامر يختلف مع ما هو معمول بة في التجارة الالكترونية عبر الانترنت الشي الذي يستوجب معة تعديل نص المادة 39 من قانون المعاملات المدنية حيث أن التعامل عبر الانترنت انما هو من قبيل التعاقد عبر الهاتف بواسطة الحاسوب الشي الذي يستغرق القبول زمن لدراسةو عرض الايجاب حتي يتمكن الشخص من القبول او الرفض وإذا ما نظرنا الي هذا النوع من التعاقد ومقارنتة مع نص المداة 39 من قانون المعاملات المدنية لما تمت موافقة وأتمام العقد بين طرفية لعدم وجود عنصر القبول الفوري كما تنص المداة 39 معاملات مدنية الشي الذي يتطلب معة تعديل نص المادة 39 معملات مدنية لتواكب مع ما هو معمول بة في عقود التجارة الالكترونية0
يتم التعامل عبر الحاسوب في التجارة الالكترونية مستغلين في ذلك الحاسوب في الكتابة المتعلقة بمجال التجارة الالكنروني الشي الذي ينتج عتة مستندات الكترونية اجريت عن طريق الحاسوب بواسائل تستخدم فيها التقنية العالية لتجهيز المستند حتي يمكن قرائتة عبر الحاسوب بالتالي ينشأ في مثل هذة الحالات بما يعرف بالمستند الالكتروني نجد ان المستندالت يشار اليها في قانون الاثبات لكونها ادله من ادلة الاثبات وأنطلاقا من هذة الزاوية ينبغي ان يشار في صلب القانون الي تعريف المستند الالكتروني رغم وجود مشروع قانون المعاملات الالكترونية لسنىة 2006 بالرغم من ان هذا القانون هو قانون خاص ينطبق علي التجارة الالكتنرونية مثلة مثل قانون الاثبات فهو ايضا قانون خاص متعلق بالنواحي الاثباتية مما يودي ال تضارب بين القانونين وتضاربة مع نص المادة 6 من قانون تفسير القوانين والتي تتحدث عن
تضارب القوانين وكيفية فك مثل ذلك التضارب ارجو ان اكون قد ساهمت عبر ها البحث المتواضع في توضيح بعض الرؤى القانونية حول عقود التجارة الالكترونية
لماذا لا تكون اول معجب
بحث حول القواعد القانونية لحماية الشيك .
د.طالب حسن موسى
الملخص
وضع قانون التجارة الأردني، حماية خاصة للشيك، لجعله عمله تجارية، أن هذه الحماية والقواعد الخاصة بها، أدت بالمتعاملين إلى استعماله كأداة ائتمان فقط، وليس فقط كعملة تجارية (أداة وفاء) مما يتطلب بحث التعامل من حيث قانونيته، ومتى يعد الشيك كذلك وما هي الاثار الناجمة من جرائه.
Abstract
The Jordanian Commercial Law has passed a special protection on cheques which regard them as commercial currency. This protection and the special rules telating there to lead those who deal with cheques to use them as an instrement of credit only, and not as commercial currency. This situation needs to be further studied as to when the cheque is to be commercial and what are the effects resulting there from.
المقدمة
لا تنص قوانين التجارة على هذه الوظيفة للشيك، وبهذا يتميز عن بقية الاوراق الصرفية كالسفتجة والكمبيالة، ويكمن السبب في رغبة المشرع بحصر استعمال الشيك كعملية تجارية إلى جانب العملة الرسمية، فلا يمكن سحب الشيك إلا على مصرف(1)، واحاط سحبه بعقوبات، القصد منها هو ترصين وظيفته كأداة وفاء. (فيعاقب بغرامة لا تتجاوز خمسين دينارا، كل من اثبت في الشيك تاريخا غير صحيح، وكل من سحب شيكا على غير مصرف)(2). ويعاقب بغرامة لا تتجاوز خمسة دنانير، كل من اصدر شيكا لم يدون مكان انشائه، وكل من اصدر شيكا بدون تاريخ، وتسري هذه العقوبة نفسها على المظهر الأول للشيك أو حامله، إذا خلا الشيك من بيان مكان انشائه أو تاريخه، وعلى كل من اوفى مثل هذا الشيك أو تسلمه على سبيل المقاصة)(3) . ولم يتبع المشرع هذه السياسة بالنسبة للاوراق الصرفية الاخرى، بالرغم من انها تعد أداة وفاء، وكعملة تجارية أيضا، اضف إلى ما تقدم، أن المشرع يحيل إلى تطبيق قانون العقوبات عند سحب شيك من دون رصيد(4). أن هذه الحماية القانونية للشيك، ادت إلى رغبة المتعاملين في استعماله كأداة ائتمان، زيادة على وظيفته النقدية تلك، بحيث وصل الامر إلى البنوك، فهذه تهدف إلى التوسع في توظيف اموالها، وهذا يحتاج إلى توفير ما يضمن للبنوك مثل هذا التوسع في توظيف اموالها ويبدو انها لم تكتف بالضمانات القانونية كالرهن على اموال العميل، إذ اخذت تطالبه بتحرير شيكات بالمبالغ التي التزم بسدادها بمقتضى عقد التسهيل الائتماني المبرم بينهما، فتكون هذه الشيكات لديها كي تلجأ اليها عند امتناع العميل عن السداد للدين المذكور، مستفيدة من الحماية الجنائية التي يقررها التشريع للشيكات(5).
والجدير بالذكر أن هذه الشيكات تتميز عما يسمى بشيك الوديعة الذي يعني أن الساحب قام بتسليم هذا الشيك إلى شخص اخر – غير المستفيد – ليس بهدف صرفه واطلاقه في التدأول، بل بهدف أن يودع على سبيل الامانة لديه، وبالتالي لو تصرف هذا الشخص المودع لديه بالشيك من دون اذن من الساحب، يكون قد ارتكب جريمة خيانة الامانة (6) ، وان هذا التعامل لا يخالف القانون، وان لم ينص على جواز مثل هذا التعامل، إلا أنه لم يمنعه صراحه، بدليل أنه نص على تحديد مدة لتقديم الشيكات للمصرف(7). وهذا معناه أنه يمكن استخدام الشيك خلال هذه المدد كأداة ائتمان، غير أن وظيفته النقدية تبقى طاغية سواء اكان ذلك اثناء مدة التقديم ام بعد انقضائها، فللبنك اداء قيمته ولو بعد انتهاء الميعاد المحدد للتقديم(8) ، وبدليل أن الاتجاه الذي يذهب إلى الحيلوله من دون استخدام الشيك كأداة ائتمان، يدعو إلى تقصير هذه المدد، لا سيما بالنسبة للقانون الأردني الذي يضع مددا اطول إذا ما قورنت مع المدد المنصوص عليها في القوانين التجارية الاخرى(9)، وعلاوة على ما تقدم فإن التعامل الجاري يشير إلى امكانية اخراج الشيك عن وظيفته الاصلية بطريق مستتر، بأن يكتب على الشيك تاريخ لاحق على وقت تحريره، بقصد اعطاء حامله ضمانا قويا للوفاء يتمثل في العقوبة الجنائية المقررة عند عدم وجود الرصيد (10). وبذلك اصبح الشيك أداة ضغط على ارادة المدين لاحترام الوفاء بإلتزاماته (11).
ولو كان هذا التعامل ممنوعا، والاقتصار على الوظيفة الاصلية للشيك، وهي كأداة وفاء فقط، فلا بد من إلغاء العقوبة الجنائية لعلاج ظاهرة شيكات الضمان(12). وللتخلص من هذا التهديد، فهناك رأي ذهب إلى أنه ليس هناك ما يحول من دون الخروج عن القاعدة التي يكون الشيك بمقتضاها يستعمل كأداة وفاء، فيمكن استعماله كأداة للاقراض، فبدلا من أن يسلم المقرض المقترض مبلغا من النقود، فإنه يقوم بتسليمه شيكا بقيمة القرض ويعتبر مثل هذا القرض صحيحا(13). فتسليم الشيك كقرض هو اداء غير مباشر لمبلغ القرض، فيكون مؤيدا في الظاهر وظيفته كأداة وفاء، ولكن المقصود بين الطرفين هو استعمال هذا الشيك كأداة ضمان أيضا بالنسبة للمقرض، أن وجود هذا التعامل للشيك كأداة ضمان انتقل إلى نطاق الفقه القانوني أيضا، فقد سبق هذا البحث عدة بحوث ومقالات لاحظناها من خلال الهوامش المؤشرة في هذا البحث، فصارت تستعمل عبارة شيك الوفاء، وشيك الضمان(14). وهناك من يقترح ايجاد هذين النوعين على أن يكتب حرف (و) على الشيك الصادر كأداة وفاء، وحرف (ض) على الشيك الصادر كأداة ضمان(15). ولكن متى يعتبر مؤديا لهذه الوظيفة الائتمانية ؟ وما هي الاثار الناجمة من جراء ذلك، هذا ما سنراه في مبحثين متتالين.
المبحث الأول إعتبار الشيك أداة ائتمان
هل تتعارض هذه الوظيفة مع ما نص عليه القانون، في كون الشيك واجب الوفاء فور تقديمه للمصرف، وان كل بيان مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن ؟(16) قد يبقى الشيك محتفظا بصفته تلك، بالرغم من تضمنه بيانات تشير إلى الوظيفة الائتمانية، وان مثل هذه البيانات لا تؤثر على صحة الشيك، فالشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المعين فيه، كتاريخ لإصداره، واجب الوفاء في يوم تقديمه(17). وقد اكد القضاء في الأردن على صحة هذه الشيكات، فالشيك المتضمن ذكر الفائدة يبقى صحيحا، وتعد الاخيرة لاغية (18). وذهب رأي إلى أن شيك الضمان هو نوع من الضمان العيني، ولا يعد شيكا، وان اتخذ شكليته، ويحرم من الحماية الجنائية لانتفاء الحكمة من التحريم، فضلا على اشتراك المستفيد في تحرير الشيك، وعلمه التام بأنه للضمان، وليس للوفاء، وعلمه أيضا، بأنه قد لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب (19)، وانه يختلف من الناحية المدنية، وذلك أن شيكات الضمان لم تنشأ في اعتبار اصحاب الشأن من اجل اثبات الدين أو المطالبة به، فالدين ثابت بمقتضى عقد التسهيل الائتماني بين البنك والعميل، كما أن هذا العقد هو الاساس الذي يستند اليه البنك في الرجوع على العميل، لذلك يكون بغير سبب افراغ هذه المديونية مرة اخرى في شيكات لم تهيئا في الاصل لتكون أداة وفاء للدين ويكون الإلتزام الناتج عنها باطلا، ولا تأثير من ذلك على الصفة الجنائية للشيك التي تتقرر بمجرد اصدار شيك بدون رصيد. واذا اوفى العميل الدين وامتنع البنك من اعادة هذه الشيكات، فيكون مرتكبا جريمة خيانة الامانة (20). ولكن يوجد رأي مخالف لا يؤيد افراد شيكات الضمان بحكم خاص يختلف عما هو مقرر في القانون بالنسبة للشيكات التي يعتبرها المشرع أداة وفاء. فالشيكات لها بموجب هذا الراي، في اعتبار القانون، مفهوم واحد يميزها عن غيرها من الاوراق التجارية، ولعل الحماية الجنائية التي قررها المشرع للتعامل بهذه الشيكات يرجع إلى الحرص على توفير الثقة لدى جمهور المتعاملين بها حتى تؤدي وظيفتها كأداة وفاء تقوم مقام النقود، فإذا انحرف المتعاملون بالشيكات عن هذا القصد، واستخدموها لغرض اخر، فإن ذلك لا يستوجب تغيير طبيعة الشيك، أو تعديل النظام القانوني الذي اعتمده التشريع أو العرف له، والاصل أنه متى اخذت الورقة شكل الشيك، فإنها تخضع لهذا النظام بصرف النظر عن البواعث أو الاسباب التي كانت وراء تحرير الشيك، لذا لا مناص من التسليم بأن شيكات الضمان هي شيكات عادية متى توفر لها الشكل القانوني، بصرف النظر عن البواعث والاسباب، وتعامل معاملتها من الناحية الجنائية (21). وهل أن اثبات الوظيفة الائتمانية، يجب أن يأتي من داخل الشيك ؟ وبعبارة اخرى يجب أن يكون اثبات الوظيفة الائتمانية من خلال البيانات المكتوبة في الشيك، من دون اختراق كفايته الذاتية ؟ نجد هذا الاتجاه في قضاء محكمة التمييز (22)، فقد اكد على انعدام أي أثر للعلاقة الخفية بين الساحب وبين المستفيد، وان الاثبات يجب أن يكون من ذات الشيك، وذلك من خلال البيانات المكتوبة فيه، وصولا إلى أن المقصود هو استعماله كأداة ائتمان ليس إلا، وهذا ما عليه قضاء محكمة النقض في مصر، فقد استقر على أنه لا عبرة بالسبب الذي تم اصدار الشيك بصدده، وان الشيك ينفصل عن سببه، وان كل ما يتصل بالسبب أو الباعث عن اصدار الشيك، لا يهدر الحماية الجنائية للشيك، لان المشرع اراد حماية الشيك من كل عيب مستتر لا يستطيع المستفيد الوقوف عليه (23). ولكن ألا يجوز الاثبات من خارج الشيك، أي باختراق كفايته الذاتية، كما لو اعطى الساحب شيكا على بياض، بقصد أن يكون تأمينا لدى المستفيد لضمان قيام الساحب المدين بتنفيذ ما التزم به تجاهه ؟
الشيك على بياض : يمكن القول بأن الشيك على بياض، لا يعد شيكا بالمعنى القانوني، لعدم توافر الشكلية المطلوبة بموجب القانون، فهو شيك غير صحيح، والمفروض إلا يسمى شيكا، وانما هو مجرد سند غير صرفي، غير أن العرف جرى على استعمال هذه التسمية المعيبة.ولكن لو قام المستفيد بتكملة الشكلية الناقصة، فهل يتحول من سند غير صرفي إلى سند صرفي هو الشيك الصحيح ؟ اجاب قانون جنيف بشأن السفتجة بقوله (إذا كان السند ناقصا عند سحبه، ثم اكمل خلافا لما هو متفق عليه، فلا يجوز الإحتجاج بعدم مراعاة هذا الاتفاق، ما لم يكن هذا الحامل قد اكتسب السند بسوء نية، أو ارتكب خطئا جسيما)، فبموجب هذا النص الذي جاء في مادته العاشرة، يجب التمييز بين الحامل حسن النية، وبين الحامل سيء النية، فيبقى الشيك صحيحا، ولو تم اكماله خلافا لما اتفق عليه، ما دام الحامل الاخير لم يرتكب خطئا جسيما عند تملكه، ويكون الشيك في هذه الحالة قد ادى وظيفته كأداة وفاء، اضافة إلى وظيفته الائتمانية، وأما إذا تم اكمال الشيك خلافا لما اتفق عليه، وكان حامله سيء النية فلا يعد الشيك صحيحا، وبالتالي لا يؤدي أي وظيفة، فالبطلان يفسد كل شيء، ولا يشترط اثبات هذا من داخل الشيك، كما لاحظنا قبل قليل، وانما يمكن أن يكون من خارجه، وذلك عن طريق اثبات الاتفاق الحقيقي بين الساحب و بين المستفيد الأول، وعرض على القضاء في ليبيا دعوى شيك كان الساحب قد اعطى المشتكي شيكا من دون تاريخ كضمان اتمام بناء العقار، إلا أن المشتكي وضع له تاريخا، وتقدم إلى المصرف يصرفه، فلم يجد له رصيدا، فقضت المحكمة ببراءة المتهم (الساحب)، ذلك أن المتهم قد اعطى الشيك كضمان وبدون تاريخ من دون أن يستهدف صرفه باتفاقه مع المشتكي(24).
موقف القضاء الأردني في الشيك على بياض : قضت محكمة التمييز بنفس الحكم الذي جاء بالنص الدولي آنف الذكر، فلم يشترط أن يقوم الساحب ذاته، بكتابه بيانات الشيك، واجاز أن يقوم المستفيد بكتابتها بنفسه بعد أن يقر الساحب بأنه اعطاه الشيك على بياض، وان الاتفاق تم على إلا يصرف الشيك إلا بتاريخ محدد. فإن هذا لا يفقد المعنى القانوني للشيك(25). فبموجب هذا القضاء يبقى الشيك مؤديا الوظيفتين معا، وهذا ما يستنتج من القضاء المشار اليه، بالرغم من عدم تصريحه بهذا المعنى ، غير أن محكمة التمييز ليست مستقرة على هذا القضاء، كما يبدو فقضت مؤخرا بالعكس تماما، إذا لم تجز للمستفيد تكملة بيانات الشيك بنفسه، فهذه التكملة حسب رايها تتطلب تفويضا له من قبل الساحب وان مثل هذا التفويض لا يمكن أن يفترض بل يجب اثباته، ولا يثبت بالاستنتاج، بل يجب أن يتم كتابة، وبخاصة عندما يكون الإلتزام ماليا، وبالتالي لا يعد السند شيكا(26).
وهل أن الوظيفة الائتمانية للشيك تؤدي إلى القضاء على وظيفته كأداة وفاء ؟ لاحظنا فيما سبق أن الشيك يمكن أن يؤدي الوظيفتين معا، ومن دون تعارض بينهما، ولكن يبدو أن هذه الوظيفة المزدوجة للشيك الصحيح، ولا تتحقق في بعض الحالات فالشيكات التي جرت البنوك على استعمالها كوسيلة ضغط على ساحبيها، والتي تأخذها بهدف ضمان تنفيذ إلتزاماتهم تجاهها، لا تعد شيكات بالمعنى القانوني، ولا تتمتع بالحماية الجنائية المقررة للشيك، لأن الساحب لم يهدف إلى التخلي عن حيازتها، ونقل الحق الثابت بها فور تسليمها إلى البنك. فهو مجرد ورقة ضمان لعقد مشاركة أو عقد قرض، وفي هذه الحالة يتحتم عند التنفيذ على هذه الصكوك اتباع اجراءات الرهن التجاري على الاوراق التجارية(27). والقول بغير ذلك، يجعلنا نعود إلى نظام الاكراه البدني الذي كان مقررا في الجاهلية والقانون الروماني، ولأن النصوص الجنائية لا يقاس عليها ولا يتوسع في تفسيرها، لانها استثنائية حيث تكون الشيكات بشخصين في الحقيقة لان البنك هو المسحوب عليه وهو المستفيد في ذات الوقت عند استكتابه الشيك من قبل الساحب إلى أن تنبهت البنوك لهذا، فأصبحت تأخذ هذه الشيكات لمصلحتها مسحوبة على بنوك اخرى(28). فتضمين الشيك لبعض البيانات، قد يؤدي إلى اقصاء وظيفته النقدية، والاقتصار على وظيفته الائتمانية، وهذا يتطلب تدقيق مثل هذه البيانات وتكييفها القانوني.
التكييف القانوني، فورود عبارة (تأمين على حساب الكسارة) والواردة في متن الشيك، تخرجه من كونه أداة وفاء، وتريده كأداة ائتمان(29)، أو ورود عبارة (تأمين على بضاعة)، فإنها تخرجه عن وظيفته النقدية (30)، أو أن الشيك تأمين عن الفاتورة، وانه سيعاد لساحبه في حالة انتهاء تسديد قيمة الفاتورة، أو اعادة البضاعة أو أن الشيك يعاد إلى ساحبه، أو لا يجوز تقديمه للمصرف، واذا ما قام الساحب بتنفيذ إلتزامه الذي تم سحب الشيك من اجل تقديم الضمان للدائن، أن مثل هذه العبارات تؤدي إلى جعل الشيك مؤديا لوظيفته الائتمانية، وليس لوظيفته كأداة وفاء، وهذا ظاهر من ذات العبارة التي تفيد بأن على المستفيد أن يعيد الشيك والا يصرفه، عند تحقق الشرط القاضي بتسديد قيمة الفاتورة أو اعادة البضاعة (31). فمتى تم تكييف مثل هذه العبارات على انها شروط، فإنها تخرج الشيك عن وظيفته كأداة وفاء، لأن مثل هذه الشروط تتعارض واداء هذه الوظيفة، وتريده لأداء مجرد وظيفته الائتمانية أي مجرد شيك للضمان (Cheque de garantie) واذا ما تضمن الشيك بيانات لا يمكن وصفها شروطا، بل مجرد تحفظات فما هو تأثيرها على الشيك ؟ يكمن السبب في توجيه هذا السؤال هو استعمال القضاء لمصطلح آخر غير الشرط وهو التحفظ (32).
التحفظ : لا يعني التحفظ شرطا ، فقد يكون مجرد ملاحظة يكتبها الساحب في الشيك، وتدخل في نطاق البيانات الاختيارية. فإن كانت لا تتعارض وطبيعته، فإنها لا تخرجه عن وظيفته النقدية، كما لو كتب السبب فيه، فيمكن القول بأن الشيك تضمن ملاحظة تعد من البيانات الاختيارية، ومن بينها جواز كتابه وصول القيمة، وان المستفيد اراد أن يحتفظ مقدما ليتجنب النزاعات التي قد تنشأ في المستقبل بأن الشيك تم انشاؤه من دون سبب أو لسبب اخر، ولكن ليس دائما يكون سهلا تكييف طبيعة مثل هذه التحفظات، فقد يدل ظاهرها على انها شرط، كما لو وردت عبارة (وذلك عن قيمة الكمبيالة) فظاهرها يعني أن الشيك تم تحريره تأمينا لسداد الكمبيالة، وبذلك تخرجه عن وظيفته النقدية، ولكن محكمة التمييز فسرتها على أن الشيك قد اعطيَ لتسديد الدين المتمثل في الكمبيالة، أي أن هذه العبارة تفسر على انها وصول القيمة(33)، والذي يمثل في نفس الوقت احد الأركان الموضوعية لإنشائه.
المبحث الثاني الآثار الناجمة عند اعتبار الشيك أداة ائتمان
يمكن تلخيص هذه الاثار على النحو الاتي:
أولا : عدم تحقق جريمة سحب شيك من دون رصيد :
يمكن تمييز حالتين مما يقع في التعامل وهما :
الحالة الأولى : وتقتضي تمييز الشيك من حيث الجاني الحقوقي والجانب الجزائي، فمن حيث الجانب الأول يمكن أن يكون الشيك صحيحا، ويعد أداة وفاء بالرغم من ارادة الساحب الهادفة إلى منع المستفيد من صرفه، وابسط مثال لاحظناه في هذا البحث، هو عندما يتضمن الشيك تاريخا لاحقا على اصداره أو تضمنه عبارة تفيد بعدم جواز صرف الشيك إلا بعد انقضاء المدة المحددة، فالشيك بمقتضى القانون يعد هنا أداة وفاء، وليس أداة ائتمان، ويلزم المصرف بصرفه فور تقديمه، وتعد مثل هذه العبارات لاغية، ولو أن المصارف تحأول اعطاء قيمة قانونية لمثل هذه العبارات (التحفظات)، وذلك بالامتناع عن صرف هذه الشيكات، عن طريق تثبيت عبارتها شائعة الصيت وهي (راجع الساحب)، غير أن هذا العرف المصرفي يتعارض والنص الامر لقانون التجارة(34). وبإمكان المستفيد رفع دعوى على المصرف لإلزامه بالتنفيذ العيني مع التعويض أن كان له مقتضى، هكذا يبدو طغيان الوظيفة النقدية على الوظيفة الائتمانية، وانعدام الاخيرة لفائدة الأولى، هذا هو من الجانب الحقوقي، واما من حيث الجانب الجزائي، فترى العكس تماما، أي صمود الوظيفة الائتمانية وعدم زوالها بالرغم من وجود الوظيفة النقدية، فقد اعتادت المحاكم الجزائية على تفسير مثل هذه الشيكات، بأن الساحب اراد اعلام المستفيد مقدما، بعدم وجود الرصيد ما لم يحترم العبارة (التحفظ) المثبتة فيه.
فلو لم يلتزم المستفيد بها، فإنه لا يفاجأ عند عدم صرف الشيك لانعدام الرصيد، وبذلك لا يتوفر القصد الجرمي لدى الساحب، وهو احد الأركان اللازمة لقيام هذه الجريمة(35). فيدعو المختصون إلى أن المحاكم يتعين عليها بعد أن كثرت جرائم الشيكات من دون رصيد، أن تعيد النظر في الحكمة التي من اجلها منح المشرع الحماية الجنائية للشيك، وان المستفيد الذي يأخذ شيك ضمان كتهديد، اجدى به إلا يتعاقد اصلا مع مثل هذا الشخص. ولا بد من أن يتضمن القانون النص على معاقبة المستفيد من الشيك الذي يعلم بأن الشيك لم يحرر كأداة وفاء، وانه وقت تحريره لم يكن له رصيد (36).
ولكن ألا يمكن تطبيق ذات الحل على الشيكات الاخرى الصحيحة، ولو انها لا تتضمن مثل هذه العبارات (التحفظات) ؟. وللجواب يمكن القول بأن للمشكو منه (الساحب) أن يثبت بكل وسائل الاثبات المقبولة قانونا، وسواء اكانت من ذات الشيك أو من خارجه، بأن التعامل قد جرى مع المشتكي على اصدار مثل هذه الشيكات، ولكن ليس من اجل استعمالها كأدوات وفاء وانما لغرض اخر، واما بالنسبة للقضاء في الأردن، فيبدو أنه غير مستقر، فلمحكمة التمييز قرار صدر في سنة 1970، وهو نفس القضاء في العراق (37). ولها قرار مخالف صادر في سنة 1988، وبموجبه لا يُِقبل من الساحب اثبات صورية التاريخ، لان العبرة هي بالحالة الظاهرة وحدها، وان التاريخ الموضوع على الشيك هو الذي يعتبر تاريخ نشوء الجريمة، ولا يحول دون قيامها، أن يقرر الساحب أنه قد سلم الشيك إلى المستفيد قبل التاريخ الموضوع فيه. ويلاحظ أن ما يقلل من اهمية هذا الموقف الجديد أنه صدر بالاكثرية، وقرار المخالفة له يستند إلى حجة قانونية، مفادها أنه (بما أن (م) 245 من قانون التجارة توجب وفاء الشيك بالرغم من أي بيان يثبت فيه، والشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره، واجب الوفاء في يوم تقديمه، يستفاد مما تقدم، أنه قد يقع في التعامل أن يسلم الشيك للمستفيد، ويوضع عليه تاريخ لاحق لتاريخ التسليم.
ولذلك اوجب القانون في المادة المشار اليها، الوفاء في يوم تقديمه، دون اعتداد بالتاريخ المسجل عليه، نحن نرى أن وجود تاريخ واحد على الشيك، وان كان يشكل قرينة على أن هذا التاريخ يدل على وقت إصداره، إلا أنه يجوز نقض هذه القرينة بإي دليل اخر على اساس من أنه يجوز إثبات الدعاوى الجزائية بكافة طرق الاثبات، نرى جواز اثبات تاريخ اعطاء الشيك فعلا من مصدره إلى المستفيد توصلا لمعرفة تاريخ بدء مرور الزمن على هذه الجريمة(38).
الحالة الثانية : الشيكات الصحيحة شكلا وظاهرا : يستمد هذا العنوان مصدره من نفس موضوع الأركان اللازمة لصحة الشيك، فقد يكون الشيك صيححا، من حيث المظهر عند توافر الأركان الشكلية اللازمة لإنشائه ولكنه غير صحيح عند عدم توافر الأركان الموضوعية واللازمة لكل تصرف قانوني، والمتمثلة في الرضا والمحل والسبب.
ونعرض مثالا طريفا في هذا الصدد، نظرته محكمة بداية جزاء الكرك(39). وتتلخص وقائعة بان المشتكي المستفيد المباشر من الشيك، وهو صاحب مستودع ادوية بيطرية، كان يطلب من زبائنه التوقيع على فاتورة الشراء، والمتضمنة في اخرها على صيغة شيك، ثم يقوم بقص هذا الجزء من الفاتورة المزعومة، ليقدمه بعد ذلك على اساس شيك بدون رصيد , فهذه القضية مثال واضح على شيك صحيح شكلا، ومع ذلك لم تعتبره المحكمة صحيحا، وقضت بأنه ” تبين بأن الظنين لم يوقع على شيك اطلاقا، وانما وقع على فاتورة”. والتعليل القانوني الذي يمكن تقديمه لتدعيم هذا القضاء، هو أن ركن الرضا للساحب شابه غلط والذي كان سببه هو المستفيد ذاته، مما دفع الساحب إلى أن يتوهم غير الواقع، وبالتالي لا تعد الورقة شيكا، وهذا احد الأركان اللازمة لقيام الجريمة، وهذا يستتبع انتقاء القصد الجرمي.
وما ينطبق على ركن الرضا يمكن أن ينطبق على ركني المحل والسبب. فإذا كان الامر كذلك، وهو عدم اعتبار السند شيكا، بالرغم من توافر الشكل فيه، فإنه يكون من باب أولى عدم اعتباره شيكا عند عدم توافر الشكل المطلوب، وبذلك تنتفي جريمة سحب شيك من دون رصيد.
واكمالا للبحث نعرض لهذا السؤال حول مدى مسؤولية المصرف عند صرفه مثل هذه الشيكات الصحيحة شكلا والبطالة موضوعا، لا سيما يتداخل التوقيع في ركنين، احدهما الرضا والاخر هو الركن الشكلي، والمتمثل بلزوم وضع التوقيع على الشيك، فبداية لا يجوز للمصرف أن يصرف شيكا من دون تضمنه بعض الأركان الشكلية اللازمة، وعليه الإلتزام بالعناية المصرفية المعتادة، والتي تتناول عدة امور اهمها تدقيق توقيع عميله مع النموذج المودع لديه، وهل يعتبر الشيك غير صحيح إذا كان توقيع الساحب غير مقترن بختمه؟ يكون التوقيع مستكملا شروطه ولو ورد خاليا من الختم، ما دام التوقيع بالامضاء موجودا، ولكن إذا كان هذا الامضاء مقترنا بالختم، فإن هذا يعد تزيدا يجيزه القانون، وبالتالي يتعين على المصرف عدم صرف الشيك، ولو كان متضمنا التوقيع بالامضاء للساحب، ما دام غير مقترن بختمه، وذلك على فرض أن مثل هذا التوقيع المقترن بالختم مودع لدى المصرف، ولكن هل يستنتج هذا الايداع ضمنا ام لابد من الاتفاق عليه صراحة بين الساحب وبين البنك ؟
عرضت مثل هذه القضية على محكمة التمييز، ولم يحصل اتفاق في الاجابة، فصدر قرارها بالاكثرية، والذي يشترط الاتفاق الصريح على ذلك بقولها ” ولا يرد على صحة هذا الاستنتاج (وهو خطأ المصرف لصرفه الشيك الذي لم يتضمن ختم الساحب) القول بأن اخر نموذج للتوقيع فيه اقترن بختم الشركة، لان هذا النموذج لم يلغ التعامل السابق بموجب النماذج المحفوظة لدى البنك، ولانه لم يثبت وجود ما ذهبت اليه المميزة من اتفاق حول ضرورة وضع ختم الشركة زيادة على التوقيع. واما الراي المعارض لهذا القضاء فانه يفيد بعدم وجوب الاتفاق الصريح، فلا يحتاج الامر إلى ابرام اتفاق مع البنك بأن لا يصرف قيمة الشيك الذي لا يتضمن الختم، لأن تقديم شيكات موقعة بنفس التوقيع المودع، ولكن جاء هذه المرة مقترنا بالختم، فإن هذا التوقيع يعتبر نموذجا جديدا من شأنه الغاء النموذج السابق للتوقيع(40). كما يتعين على المصرف تدقيق توافر الأركان الشكلية اللازمة للشيك، كوجود الامر بدفع مبلغ نقدي محدد، وتحديد اسم المصرف المسحوب عليه، ووجود تاريخ انشاء صحيح، وعدم وجود غسيل سابق للشيك (أي عمل من شأنه احداث تزوير في بيانات الشيك من دون ظهور كشط أو اضافة ظاهرة عليه)(41). وتبدو اهمية هذا التدقيق الخارجي بالنسبة للمصرف، لأنه لا يجوز له أن يطلب من المستفيد تأكيدا من الساحب كي يتم صرف الشيك، لأن الوظيفة النقدية لا تنسجم مع مثل هذا الطلب، خلافا للوظيفة الائتمانية التي قد تستدعي مثل هذا الطلب، واي من الوظيفتين للشيك تستدعي مثل هذا التدقيق، لأن المسؤولية المصرفية تقوم على اساس تحمل المخاطر، وتبدو هذه واضحة في الشيك الصحيح شكلا والباطل موضوعا، كما لو وضع الساحب توقيعه تحت الاكراه، أو وضعه خطأ وان الحساب الجاري، بينه وبين المصرف يستبعد أي امكانية لسحب شيك على المكشوف ولا يوجد رصيد يساوي قيمة هذا الشيك ومع ذلك قام المصرف بصرفه، فإن إرادة الساحب هنا لا يمكن أن تعتبر مساهمة مع المصرف في انعقاد أي تصرف قانوني معه لسبب بسيط، هو أن ارادته معيبة ولا تصلح لإنتاج أي أثر قانوني. ومن حق الساحب الطلب من المصرف بعدم احتساب قيمة هذا الشيك، كما لا يمكن للمصرف الزامه بإعادة المبلغ، لعدم وجود عقد بينهما يتنأول مثل هذا المبلغ، كما لوحظ عدم تمكن المصرف من الوصول إلى هدفه بإسترجاع المبلغ ولو بطريق اخر غير طريق العقد، كما لو كان استنادا لاعمال الفضالة، ففي هذه الحالة يصعب على المصرف اثبات الفائدة التى حصل عليها الساحب من مثل هذا الشيك ويشير المختصون في هذا الصدد إلى ما يثير الاستغراب احيانا كما لو كان الشيك صحيحا شكلا وموضوعا ولكن المصرف صرفه للحامل بالرغم من عدم وجود اتفاق مسبق بين المصرف والساحب على الصرف على المكشوف فإن الساحب له رفع الدعوى على المصرف بسبب صرفه مثل هذا الشيك وهذا ما حصل امام محكمة استئناف اكسن – بروفانس في 29 حزيران 1971، فقد رفع الساحب العميل الدعوى على مصرفه، لانه صرف شيكا صحيحا بالرغم من عدم وجود رصيد، ولكي تجنب المحكمة المصرف من المسؤولية، اكتفت بالقول أن المصرف لم يخطأ بل قدم خدمة لعمليه بانقاذه من جريمة سحب شيك من دون رصيد (42).
ومن اجل تقليل خطورة مثل هذه الشيكات على البنوك، لا بد من التعامل معها بكل عناية ودقة وعلى الساحب المدعي أن يثبت مدى الاكراه الذي تعرض له سواء اكان في نطاقه الموضوعي ام في نطاقه الزمني، ليتسنى لنا معرفة نوع الاكراه والوقت بالتحديد الذي ارتفع فيه عن الساحب، كما أن ثبوت الاكراه على الساحب تنتفي معه جريمة سحب شيك من دون رصيد (43).
ويمكن القول بذات الحكم كما لو تم تزوير توقيع الساحب، وبذلك قضت محكمة التمييز بقولها ” يعتبر البنك مهملا ومسؤولا عن اهماله وتقصيره ” إذا لم يرتكب المدعي (الساحب) أي خطأ ولا علم له به، وان الشيك المزور لا حجية له على من نسب اليه، وبالتالي فان تبعة الوفاء بقيمته تقع على عاتق البنك المسحوب عليه مهما بلغت درجة اتقان التزوير باعتبار أن ذلك من مخاطر المهنة(44). حيث قضت المحكمة بأن الساحب لا يعد مهملا ولو استعمل المزور ورقة مروسة عادة للمؤسسة التي يملكها الساحب، وقدم المزور للبنك طالبا تزويده بدفتر شيكات باسم الساحب، وبعد حصوله على الدفتر، قام بتزوير توقيعه وحجة المحكمة هي أن الاوراق المروسة من ادوات الاستعمال اليومي للشركة، ومن الطبيعي أن تكون في متنأول الجميع، كما أنه لم يثبت وجود خطأ من جانب الساحب في المحافظة على دفتر الشيكات.
ثانيا : أن اعتبار الشيك أداة ائتمان، يؤدي إلى استبعاد تطبيق القواعد الصرفية عليه، وهذه النتيجة تنسجم مع ما رأيناه قبل قليل في انعدام تحقق جريمة سحب شيك دون رصيد، ففي ضوء نصوص القانون الحالية يمكن وضع هذه النتائج الاتية :
أ- للساحب أن يعارض المصرف المسحوب عليه، ويمنعه من صرف الشيك المسحوب كأداة ائتمان، من دون أن يشترط تحقق حالة ضياع هذا الشيك أو افلاس حامله، كما تقضي به المادة 249/1 من قانون التجارة، ولا يجوز للمحكمة أن ترفع هذه المعارضة، لأن شرط انطباق هذا النص القانوني غير متحقق هنا، فالسند موضوع المعارضة لا يعتبر شيكا مؤديا لوظيفته النقدية، وانما مؤديا وظيفته الائتمانية والتي لم يتنأولها القانون كما اسلفنا، وينسجم هذا التحليل مع القضاء الذي يرد الدعوى المؤسسة على اعتبار وجود شيك صحيح، أي مؤديا وظيفته النقدية، بينما هو ليس كذلك (45).
ب- ونفس التعليل يمكن قوله بالنسبة للتظهير الواقع على الشيك المؤدي لوظيفته الائتمانية، فهذا التظهير لا ينتج إلا اثار حوالة الحق، فينتقل الحق الثابت في هذا الشيك مع كافة الدفوع المتعلقة به إلى الدائن، بمعنى أن الدائن غير المباشر لا يستطيع التمسك بقاعدة التطهير، سواء اكان حسن النية ام سيئها.
ت- ولا يعتبر تزويرا تقديم التواريخ التي ترد فيه، لأن مثل هذه الجريمة لا تتحقق إلا إذا كان المقصود من الشيك اداء وظيفته النقدية استنادا لحكم المادة 243/3 من قانون التجارة، لأن هذا المعنى هو الذي تعنيه هذه المادة عند اشتراطها في السند أن يكون شيكا صحيحا.
ث- وإن اعتبار الشيك مؤديا وظيفته الائتمانية، يستلزم اعتبار كل ما ترد فيه من شروط ما دامت لا تخالف النظام العام، ولانها ترتد في الاصل إلى الاتفاق بين الطرفين بموجب القاعدة القانونية المعروفة بأن العقد شريعة المتعاقدين (46). ونؤيد الرأي الموجه إلى المشرع في أن يتحسس طريقه في بطء من دون اندفاع سائر وراء الحاجة المالية حتى لا يوقع الاضطراب في نواميس المجتمع (47).
الهوامش
1. (م. 230 / ق. ت. أ = ويعني قانون التجارة الأردني) واكد القضاء على هذه الوظيفة، فالشيك هو بحسب الاصل أداة وفاء فهو لا يكف بمجرده لإثبات مديونية المستفيد للساحب بقيمته، قضاء مصري، المحامي عزت عبد القادر، شرح احكام المنازعات التجارية ص 951.
2. (م. 257/1 ق. ت. أ).
3. (م. 257/6 ق. ت. أ)
4. (تم تعديل م 421 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960، بالقانون رقم 11 لسنة 1996، الجريدة الرسمية، ع 4329، لسنة 1996).
5. د. علي حسن يونس، الاوراق التجارية، ص 360 بند 320 مكرر (أ).
6. الاستاذ حامد الشريف، ص 16 و 17.
7. تراجع (م 246) من ق. ت، أ، بينما يرى د. م حسن شفيق بعدم جواز استخدام الشيك لتحقيق الائتمان / ص 19.
8. (م 249 ق. ت. أ)
9. د. نائل عبد الرحمن، المصدر الرئيسي، ص 20-21.
10. المحامي عزت عبد القادر، قضاء مصري، ص 163.
11. د. نبيل ابراهيم سعد : نحو قانون خاص بالائتمان، ص 215، ويؤكد المؤلف بأن للشيك دورا هاما في الوقت الحاضر في تسهيل عمليات الائتمان في نطاق الائتمان المدني.
12. هذا ما يقترحه د. علي حسن يونس، المصدر السابق، ص 365 بند 320 مكرر (هـ)
13. د. إدوار عيد، الحماية القانونية للشيك في التشريعات الغريبة – 1975، ص 4 – اشار اليه الاستاذ حامد الشريف، ص 44.
14. المستشار السيد الشوربجي، مقالة شيك الوفاء وشيك الضمان، جريدة الاهرام 16/4/1992 أشار اليه حامد الشريف، ص 50.
15. الاستاذ حامد الشريف، ص 50-54.
16. (م 245 / 1 ق. ت. أ.
17. م 245/2 ق. ت. أ
18. (ت. ح 575 /87 المحامي جمال مدغمش، مجموعة اجتهادات، ص 77 بند 171)
19. د. سمير الشرقاوي، جريدة الاهرام ليوم 30/11/1990 اشار اليه، د. علي حسن يونس، نفس المصدر، ص 362، بند 320 مكرر (ب).
20. د. علي حسن يونس، ص 364، بند 320 مكرر (ج)
21. د. علي حسن يونس، المصدر المذكور سابقا، ص 362 بند 320 مكرر (ج).
22. (تمييز – جزاء رقم 1987 / 90 في 11/9/1990، مجلة النقابة، ع 4 و 5 لسنة (1993)، ص 618).
23. نقض مصري اشار اليه الاستاذ حامد الشريف، ص 33 هامش 22 كما تلاحظ ص 24 من نفس المصدر.
24. الاستاذ حامد الشريف، ص 35 – 37.
25. (قرارها في 3/9/1985، اشار اليه د. عزيز العكيلي، ص 91)
26. تمييز جزاء رقم 721/97 في 3/1/1998، المجلة القضائية، المعهد القضائي الأردني، ع 1 سنة 1998 ص 1423. د. نائل عبد الرحمن صالح، ص 114 – 115 وهذا خلاف الراي القاضي بأن الاهمية منعدمة فيما إذا كان الشيك محررا بخط ساحبه ام لا، فالمهم هو أن يرد توقيع الساحب على الشيك الاستاذ حامد الشريف، ص 75، واما لو كان الشيك محررا بخط الساحب ولا يوجد توقيعه عليه فهناك من قال بأن السند لا يفقد قيمته فيمكن إعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة بينما يذهب الآخرون إلى العكس أي أن السند هنا يفقد كل قيمة قانونية (الاستاذ حامد الشريف، نفس المصدر، ص 78-79).
27. د. سميحة القيلوبي – الاوراق التجارية – 1992، ص 258 – نقلا من الاستاذ حامد الشريف ص 42.
28. د. سميحة القيلوبي، مقال متاهات الشيك – الاهرام الاقتصادي – في 18/12/1991، ص 43 و 47 اشار اليه المصدر نفسه.
29. تمييز حقوق رقم 1291/89 في 19/5/1990، مجلة النقابة عدد 4 و 5 و 6 لسنة 1992، ص 1423.
30. (تمييز حقوق رقم 1972 /97 في 24/1/1998، المجلة القضائية، المعهد القضائي الأردني، ص 183 – 185 د. نائل عبد الرحمن صالح، ص 114).
31. (تمييز حقوق رقم 696 / 91 في 11/12/1991، مجلة النقابة عدد 4 و 5 لسنة 1993، ص 894).
32. (تمييز حقوق رقم 851/91 في 8/1/1993، مجلة النقابة عدد 6 لسنة 1993، ص 1431).
33. (تمييز حقوق رقم 198/90 في 11/9/1990 مجلة النقابة عدد 4 و 5 لسنة 1993، ص 618).
34. تنص المادة 245/1 من ق. ت. أ على ” يكون الشيك واجب الوفاء لدى الاطلاع عليه، وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن وتنص فقرتها الثانية على أن ” والشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره، واجب الوفاء في يوم تقديمه “.
35. (وهذا ما هو عليه القضاء في العراق، لاحظ بعض القرارات التي يشير اليها د. فوزي محمد سامي، ص 226) وهذا ما صار عليه القضاء الجنائي الفرنسي، فعند تسليم شيكات الضمان cheques de garantie ولا يوجد لها رصيد، فإن الساحب لم يقصد الاضرار بحقوق المستفيد سواء اكان ذلك في الحالات المعتادة التي كان يعلم فيها المستفيد بعدم وجود الرصيد عند تسلمه الشيك أو عند تقديمه الشيك للمصرف خلافا للاتفاق المبرم بينه وبين الساحب. ولاحظ القرارات المشار اليها في مجلة Revue Trimestrielle de Droit Commercial et Economique, T. Xxxvl, Annee 1984 Paris p. 120 N8، وكذلك في نفس المجلة، ع 1، 1983، ص 95 بند 10 قارن مع ما يذهب اليه بعض المختصين في القانون الجنائي المصري الذين اشار اليهم الاستاذ (حامد الشريف ص 40) حيث أن سوء النية يتحقق لديهم بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب ولا عبرة بما يقوله المدينون عن حقيقه سبب تحرير الشيك أو الغرض من تحريره ما دام مظهره وصفته يدلان على أنه مستحق الاداء بمجرد الاطلاع عليه وشعارهم هو ” اقبروا كل محأولات الاساءة إلى الشيك رحمة باقتصادنا وسمعتنا في السوق العالمي ” المستشار لبيب حليم لبيب المقال السابق، اشار اليه الاستاذ حامد الشريف ص 47.
36. د. سمير الشرقاوي، الاهرام الاقتصادي، 18/12/1991، اشار اليه الاستاذ حامد الشريف، ص 49.
37. د. فوزي محمد سامي، المصدر السابق.
38. اشار إلى قرار المحكمة، د. عزيز العكيلي، ص 653 وتم نقل قرار المخالفة من مجلة النقابة، عدد 1 و 2 لسنة 1989، ص 283 -286.
39. رقم الدعوى 968/96 في 23/12/1996 غير منشور)
40. (تمييز حقوق رقم 1034 / 93، مجلة النقابة عدد 3 و 4، 1995 ص 651 ويميل الباحث إلى هذا الراي المخالف، لانسجامه مع المسؤولية المصرفية التي تقوم على اساس تحمل المخاطر).
41. تمييز حقوق رقم 696/91، مجلة النقابة عدد 4 و 5 لسنة 1993، ص 894).
42. الاستاذ Verzian, Jack، ص 100 – 101.
43. الاستاذ حامد الشريف، ص 116 وما يليها.
44. (تمييز حقوق رقم 82/93، مجلة النقابة عدد 1 و 2 و 3 لسنة 1994، ص 333).
45. (وعلى سبيل المثال تمييز حقوق رقم 1291/89 مجلة النقابة، ع 4و 5 و 6، لسنة 1992، ص 1423).
46. للتفصيل يراجع الاستاذ حامد الشريف، ص 43
47. المستشار لبيب حليم لبيب، مجلة الاهرام الاقتصادي في 4/1/1991 اشار اليه الاستاذ حامد الشريف ص 46.
أولا المصادر العربية :
أ- الكتب :
1. د. فوزي محمد سامي : شرح القانون التجاري الأردني، ج 2، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان ” 1994″.
2. المحامي عزت عبد القادر : شرح احكام المنازعات التجارية، ط 1، 1997، المطبعة الفنية.
3. د. علي حسن يونس : الاوراق التجارية، مطبعة عين شمس، بدون سنة طبع.
4. د. عزيز العكيلي : الاوراق التجارية في القانون التجاري الأردني واتفاقيات جنيف الموحدة، ط 1، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 1993.
5. د. محسن شفيق : نظرات في احكام الشيك، معهد الدراسات العربية العالية، 1962م.
6. المحامي جمال مدغمش : مجموعة اجتهادات الاوراق التجارية وعمليات البنوك، 1997 (بدون ايضاحات اخرى).
7. الاستاذ حامد الشريف : شيك الضمان، والوديعة والائتمان بين النظرية والتطبيق، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية 1993 م.
8. د. نبيل ابراهيم : نحو قانون خاص بالائتمان، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1991.
9. د. نائل عبد الرحمن صالح : تاريخ اصدار الشيك واهميته التجارية والجزائية، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 1993 م.
ب- المجلات القضائية :
1. مجلة نقابة المحامين في الأردن – عمان.
2. المجلة القضائية، المعهد القضائي الأردني، عمان.
ثانيا : المصادر الفرنسية :
1. Vezian, Jack, La Responsabilite’ du Banquier en Droit Prive Fransais, 3 eme edition (1983), Paris.
2. Revue Trimestrille de Droit Commercial ET Economoque T.. . XXXvl annee (1984) ET (1983) No I, Paris.
لماذا لا تكون اول معجب
بحث عن رهن المتاجر في القانون الاردني .
أ/ أحمد أبو زنط
ملخص
يمكن لمالك المحل التجاري ان يرهنه رهناً تأمينياً باعتباره النظام القانوني الوحيد الملائم لطبيعة المحل التجاري كمال معنوي .غير ان القانون الاردني بالرغم من اعترافه بأن المحل التجاري مال معنوي الا انه لا يمكن لمالكه ان يعقد عليه رهناً تأمينياً للاسباب التالية :
1- عدم وجود نصوص صريحة تنظم التصرفات التي يمكن ان ترد على المحل التجاري .
2- عدم وجود ارتباط بين الحق في ايجار المكان والمحل التجاري .
3- غموض النصوص الخاصة بكل من السجل التجاري والرهن التجاري في قانون التجارة الاردني .
المقدمة
يعتبر المتجر** من اهم اموال التاجر فرداً كان او شركة فهو اداته لتنفيذ مشروعه التجاري وهو مال منقول معنوي يلزم لوجوده ولبقائه استمرار استثماره ويلزم لذلك الاستثمار ان يتوفر للتاجر ائتمان كاف يسمح له بتطوير متجره ويساعده على مواجهة الازمات الاقتصادية .
والائتمان المطلوب لا يمكن الحصول عليه الا بضمانات معينة كالرهن العقاري ورهن المنقولات والضمان الشخصي ولما كان من الغالب ان لا يكون مالك المتجر مالكاً للعقار الذي يمارس فيه تجارته فإن ذلك قد يستتبع عجزه عن تقديم رهن عقاري كذلك لما كان الضمان الشخصي من اضعف الضمانات لأن الدائن المكفول دينه يبقى دائناً عادياً بغير اولوية ويبقى خاضعاً لقسمة الغرماء مهما تعدد الكفلاء فإن البنوك تحجم عادة عن تقديم اي تسهيلات ائتمانية مقابل مثل ذلك الضمان . فلا يبقى تبعاً لذلك امام التاجر الا ان يرهن منقولاته المادية والمعنوية ويتم رهن النوع الاخير بمقتضى نظام يشبه الرهن التأميني لأن ما تنقل حيازته انما هو السند المثبت لملكيته وليس المنقول المعنوي ذاته ويتم رهن النوع الاول بالرهن الحيازي كقاعدة عامة (باستثناء السيارات والسفن والطائرات التي تخضع لرهن شبيه بالرهن التأميني)
واذا رجعنا لأحكام القانون الاردني فإننا نجد انه يعرف نظامين للرهن يسمى احدهما بالرهن التأميني(1) (الرسمي) وهو رهن محله عقار جرت عليه اعمال التسوية (اعمال المساحة العامة) والمنقولات التي تقتضي قوانينها الخاصة تسجيل التصرفات الواردة عليها كالسيارة والسفينة (م 1334 مدني) ومن آثاره ان تبقى حيازة المال المرهون للراهن ولا تنتقل الى المرتهن ويسمى ثانيهما بالرهن الحيازي وهو الذي ينصب على المنقولات المادية والعقارات التي لم تخضع لأعمال المساحة العامة ومن آثاره ان تنتقل حيازة المال المرهون الى المرتهن او الى يد شخص ثالث فلا تبقى الحيازة للراهن . والمتجر مال ناجم عن تآلف المنقولات المادية والمعنوية ذلك التآلف هو الذي اسبغ عليه صفة المنقول المعنوي تلك الصفة التي تحول دون رهنه رهناً حيازياً وهي التي دفعت بالمشرع في معظم الدول اللاتينية الى تنظيم رهن المتجر بطريقة تشبه الرهن التأميني . غير ان المشرع الاردني وان كان قد تعرض للمتجر في المادتين 38 ، 39 من قانون التجارة بتعداد عناصره وبيان خضوع حقوق المالك على تلك العناصر لقوانين خاصة الا انه لم يعن بوضع قانون خاص يحكم تصرفات التاجر على متجره مما دفع بعض الشراح الى القول تعذر رهن المتجر بمقتضى القوانين الاردنية(2) وذلك خلافاً لما تقضي به نصوص قانون التجارة من اعتباره مالاً قابلاً للتعامل (م 26 ، م43/2 ، 317 ، 323 ، 414 من قانون التجارة الاردني والمادة 9/ج من سجل التجارة) . مما يدفع الى الرجوع الى مجمل قواعد كل من قانون التجارة والقانون المدني للبحث في امكانية استخلاص نظام قانوني لرهن المتجر على نحو يتفق مع طبيعته ويحقق مصلحة الراهن في الحصول على الائتمان بضمان متجره مع البقاء على رأس تجارته ومصلحة المرتهن في ان يكون مطمئناً على استيفاء دينه في ميعاد استحقاقه بالتقدم على سائر دائني الراهن ومصلحة الدائنين العاديين في ان لا يفاجأ اي منهم بهذا الرهن الذي ينقص من ضمانهم العام المقرر على ذمة الراهن . وعلى ذلك لن يتعرض هذا البحث لدراسة عقد رهن المتجر من حيث كونه عقداً اي اننا لن ندرس اركانه وشروط صحته واثاره وطرق انقضائه فهذه جميعها موضعها الكتب المنهجية ولكنه بحث ينصب على تلك المشكلة التي اوجدها هذا الفراغ التشريعي محاولين ابراز ابعادها وآثارها وتقديم الحل البديل من خلال عرض مبررات الرهن التأميني .آملين أن يشكل هذا الجهد المتواضع إحدى وسائل المشرع الاردني في سبيل وضع نظام قانوني متكامل يحكم تصرفات التاجر على متجره لأن ذلك يؤدي الى ازدهار تجارة التاجر والى نمو الاقتصاد بصفة عامة .
خطة البحث
نظن ان المقدمة السابقة توضح خطة هذا البحث التي تدور حول مشكلة رهن المتجر وتناقش وجود او عدم وجود تلك المشكلة واذا وجدت وتمكنا من تحديدها فما هو مبرر التخلص منها واذا استطعنا اقناع المشرع بضرورة اجراء مراجعة تشريعية لهذا الموضوع فما هو الحل البدلي ؟ نعتقد اننا نستطيع الاجابة على التساؤلات السابقة من خلال عرض الفصول الثلاثة التالية :
الفصل الاول : جوهر مشكلة رهن المتجر في القانون الاردني .
المطلب الاول : انتفاء تنظيم قانون المتجر .
المطلب الثاني : عدم ملاءمة قواعد المتجر التشريعية .
الفصل الثاني : الرهن الذي تقبله خصائص المتجر .
المطلب الاول :اثر اعتبار المتجر منقولاً معنوياً على رهنه حيازياً .
المطلب الثاني : ملاءمة اعتبار المتجر منقولاً معنوياً لرهنه تأمينياً .
الفصل الثالث : الحل الذي يتبعه القانون المقارن .
المطلب الاول : قواعد القانون المقارن الخاصة برهن المتجر .
المطلب الثاني : الحل المقترح .
الفصل الاول جوهر مشكلة رهن المتجر في القانون الاردني
تمهيد ،،
تكمن مشكلة رهن المتجر في انه مال لا يستطيع مالكه التاجر الحصول على الائتمان بضمانه بالرغم من حاجته الماسة اليه لا لأنه مال ضئيل القيمة او لأنه مستحيل رهنه او ان الدائنين يحجمون عن قبول ارتهانه ضماناً لما يوفرونه من ائتمان وانما لعدم وجود نظام قانوني متكامل لرهنه ولتحقيق مصالح اطراف ذلك الرهن . وسنرى ، حالاً ، انه لا وجود لقانون خاص بالمتجر او بالتصرفات الواردة عليه سواء اكانت بيعاً ام رهناً ام تأجيراً وان المشرع الاردني حينما تعرض للمتجر في المادة 38 من قانون التجارة رقم 12 لعام1966 انما اقتصر على ذكر عناصره وكان من المفروض ان يكمل نص تلك المادة بنصوص اخرى تحقق الارتباط بين المتجر ككيان متميز عن عناصره وبين تلك العناصر مما يسهل عملية الرهن الا انه لم يفعل ذلك وانما عطلها جزئياً على نحو يؤدي الى عدم امكانية رهن المتجر وذلك حينما اشترط في قانون المالكين والمستأجرين ضرورة حصول المستأجر على موافقة مؤجر المكان لنفاذ اي تصرف يرد على المتجر في مواجهته بما فيها الرهن . وحينما تكلم المشرع الاردني عن التسجيل التجاري استلزم قيد التاجر لتصرفاته على متجره في السجل كي تصبح نافذه في مواجهة الغير اعتقد هنا ان هذا النص سيوفر رهناً ملائماً للمتجر حيث سينفذ ذلك الرهن في مواجهة الغير بقيده في السجل دون انتقال الحيازة للمرتهن الا اننا سنرى هذا النص محاط بغموض شديد سببه امران :
الاول : ان قواعد الرهن التأميني تعطي للتسجيل دورين :
1- اعتباره ركناً في عقد الرهن .
2- اعتباره شرطاً لنفاذ ذلك الرهن في مواجهة الغير .
الثاني : إن المادة 62/2 من قانون التجارة التي تتكلم عن الرهن التجاري انما تنصب على المحل التجاري بطريقة توحي بضرورة ان يتم رهنه حيازياً . لذلك نرى ان ابعاد مشكلة رهن المتجر تتطلب دراسة كل من انتفاء تنظيم قانوني للمتجر ثم عدم ملاءمة نصوص قانون التجارة .
المطلب الاول انتفاء تنظيم قانوني للمتجر
تمهيد :
يمكن نفي تنظيم قانوني للمتجر من خلال القول بعدم صدور تشريع خاص به ومن خلال عدم امكانية استخلاص تنظيم قانوني من النصوص النافذة غير ان المادة 39 من قانون التجارة تحيل الى تحديد حقوق التاجر على عناصر متجره الى القوانين الخاصة بتلك العناصر مما يقتضي مناقشتها بغية تحديد مدى كفاية هذا النص .
كما ان المشرع الاردني حاول الاستعاضة عن القانون الخاص بالمتجر بنصوص تقرر امكانية رهن عنصر الايجار مما يقتضي التساؤل عن مدى ملاءمة ذلك .
وعليه سنبحث انتفاء التنظيم القانوني للمتجر في بندين :
الاول : انتفاء قانون خاص بالمتجر .
الثاني : عدم كفاية رهن عنصر الايجار .
اولاً : انتفاء قانون خاص بالمتجر :
لم يصدر – على حد علمنا- حتى هذه اللحظة اي تشريع اردني خاص بالمتجر ولا يوجد بين نصوص القانون الاردني احكاماً تخص تصرفات التاجر على متجره من بيع رهن وتأجير وكان ما ورد بشأن متجره في قانون التجارة قاصراً على بضعة مواد ابرزها المادة 38 التي بينت عناصر المتجر والمادة 39 التي تحيل على القوانين الخاصة بعناصر المتجر لبيان حقوق مستثمرة عليها . ويقصد المشرع الاردني بالتحديد كلاً من : قانون المالكين والمستأجرين رقم 29 لسنة 82 بشأن الحق في ايجار المكان (3) وقانون تسجيل الاسماء التجارية رقم 30 لسنة 1953 (4) بالاضافة الى المواد 40-50 من قانون التجارة بشأن الحق في الاسم التجاري كعنصر في المتجر وقانون العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1953 بشأن الحق في العلامة وقانون امتيازات الاختراعات والرسوم رقم 22 لعام 1953 باعتبار ان البراءة تكون عنصراً في المتجر اذا كان منشأة صناعية والقانون المدني بشأن الحق على البضائع والمعدات الا اذا كانت من نوع السيارات او كانت الاخيرة جزءاً منها حيث يرجع في شأنها الى قانون السير الاردني رقم 13 لعام 1983 .
غير ان احكام القانون الخاص بأي عنصر في المتجر انما وردت لتبين الحقوق وتنظم التصرفات الواردة على ذلك العنصر باعتباره مالا منفصلاً ومستقلاً وليس مالا مرتبطاً مع غيره من العناصر الداخلة في تكوين المتجر ولا يعني التصرف – بيعاً او رهناً – في اي من العناصر التي وضع المشرع الاردني لحكمها قانوناً خاصاً تصرفاً في المتجر بالضرورة فلو افترضنا ان العنصر الرئيسي في المتجر هو براءة اختراع فإن التنازل عنها لا يستتبع حتماً التنازل عن المتجر اذا كان مالكه قد قصد من تنازله عنها استبدال تقنية اكثر حداثة بها تخص ذات الموضوع كذاك لو تعلق الامر بعلامة تجارية توقف التاجر عن استعمالها وتركها تسقط في الدومين العام (وهو احدى صور التصرف المادي) فإن ذلك لا يؤدي الى زوال المتجر اذا كان المقصود هو استخدام علامة تجارية اخرى اكثر شهرة واكثر جذباً للعملاء .
ان عناصر رهن المتجر كل حسب قانونه الخاص لا يتم بطريقة واحدة فمنها ما يتم رهنه رهناً حيازياً ومنها ما يتم رهنه تأمينياً ومنها ما لا يتم رهنه الا مع المتجر فمن عناصره ما يخضع للرهن الحيازي كالبضائع والمعدات والاثاث ومنها ما يخضع للرهن التأميني كالسيارات والسفن ، ومنها مالا يمكن رهنه بالاستقلال عن رهن المتجر ذاته كالاسم التجاري والعلامة التجارية اللذين لا يجوز التصرف في ايهما تصرفاً مستقلاً عن التصرف في المتجر المخصص له ذلك لأنه لو جاز بيع الاسم او العلامة بالاستقلال عن المتجر لقام خطر اللبس الذي تتميز منتجاته بالعلامة المبيعة .كذلك الحق في الايجار لا يجوز رهنه بغير موافقة المؤجر لأن الرهن قد ينتهي الى التنازل (مفهوم الموافقة للمادة 492/2 مدني مصري ، م5 من قانون المالكين والمستأجرين الاردني).
واخيراً هناك عناصر ليس لها قانون خاص يحكمها ولا يمكن رهنها بغير رهن المتجر كالسمعة التجارية وعنصر العملاء . ثم ان رهن عناصر المتجر لا يعني رهناً له لأن المتجر ليس تلك العناصر وانما هو مال نجم عن تآلفها متميز عنها وما دام هو مالاً واحداً فهل يعقل ان يرهن مرة رهناً حيازياً واخرى تأمينياً في الوقت ذاته ؟
ولو كانت احكام القوانين الخاصة بعناصر المتجر كافية لتنظيم وحكم تصرفات التاجر على متجره لما كان المشرع في حاجة الى تشريع مؤسسة المدن الصناعية الاردني رقم 82 لسنة 1983 ا لذي يمكن المستأجر من المؤسسة من رهن حقه في الايجار ضماناً لأي قرض كما سنرى – خصوصاً وان المشرع يدرك مدى حاجة التاجر الى الائتمان سواء اكان داخل مؤسسة المدن الصناعية ام خارجها .
ثانياً : عدم كفاية رهن عنصر الايجار :
يبدو ان المشرع الاردني قد ادرك الصعوبات الناجمة عن عدم وجود نظام قانوني خاص برهن المحل التجاري وادرك الاضرار التي تلحق بالائتمان والرواج التجاري والصناعي الذي يؤدي تجميده الى الاضرار – في النهاية – بالخزينة العامة . ذلك ِلأن تجميد نشاط التاجر او الصانع عند حد معين لعدم توافر الائتمان يؤدي الى التقليل من حصيلة ضريبة الدخل والحد من طموحات القائمين على التخطيط الاقتصادي في الدولة . كما يظهر ان هذا الشعور قد راوده بعد اصداره لقانون مؤسسة المدن الصناعية رقم 34 لعام 1980 حيث توجد في تلك المدن منشآت صناعية يحتاج تطويرها الى قدر من التسهيلات في الوقت الذي لم يستطع فيه التاجر الحصول على تلك التسهيلات بغير ضمان كما اثبت ذلك الواقع مما دفع بالمشرع الاردني الى تعديل قانون مؤسسة المدن الصناعية رقم 82 لعام 1983 بنص يمكن التاجر من التنازل على سبيل الرهن عن حقه في الايجار للمقترض .
فهل يعتبر ما جاء به هذا التعديل كافياً لتوفير الائتمان المطلوب وانه يغني عن البحث في ضرورة ايجاد تنظيم قانون خاص بالمتجر وبالتصرفات الواردة عليه بما فيها الرهن ؟
نتصور ان الاجابة على هذا التساؤل تحتاج الى مناقشة هذا التعديل والى بيان تقديرنا له .
1- قانون مؤسسة المدن الصناعية ورهن عنصر الايجار :
نفيد ابتداءاً بأن مؤسسة المدن الصناعية عبارة عن شخص اعتباري ذات استقلال مالي واداري غايتها تملك مساحات من الاراضي الواقعة خارج حدود المدن والبلديات وانشاء المباني عليها لتأجيرها الى التجار والصناع الذين يمكن جذبهم لاقامة منشآتهم الصناعية والتجارية في تلك المباني سواء اكانت تلك المنشآت جديدة تقام لأول مرة ام انها منشآت قديمة يتم نقلها من داخل حدود البلديات (5) .
وبعبارة اخرى لم يتم وضع هذا القانون لتنظيم تصرفات التاجر على منشآته الصناعية او التجارية وانما هو قانون ذو غاية تنظيمية ادارية فحسب قصد منه تفريغ البلديات مما يوجد داخل حدودها من منشآت صناعية ومنع اقامة منشآت جديدة داخل تلك الحدود بهدف منع تلوث البيئة وللمحافظة على جمال المدينة وهدوئها . اما التعديل رقم 82 لعام 1983 الذي ادخله المشرع على قانون المؤسسة فقد جاء – كما ورد في مذكراته التحضيرية – لتمكين المستأجر في اية مدينة صناعية من احالة حقه في الايجار ضماناً لأي قرض يحصل عليه من اية جهة لاستثماره في المنشأة . نعتقد ان التعديل رقم 82 لعام 1983 قد رتب الآثار التالية :
أ- أنه يشكل تعديلاً جزئياً للمادة الخامسة من قانون المالكين و المستأجرين الاردني تلك المادة من الباطن او التنازل عن الايجار احد تلك الاسباب اذا تمت هذه التصرفات بغير موافقة المؤجر .على أن يراعى أن هذا التعديل قاصر في حكمه على عقود الايجار المبرمة بين مؤسسة المدن الصناعية واصحاب المنشآت الكائنة في تلك المدن ولا يمس عقود الايجار الخاصة بالمنشآت والمتاجر الاخرى بدليل ما ورد في ذلك التعديل حيث ينص على انه (الموافقة على حوالة الحقوق التي يملكها المستأجر من المؤسسة في المأجور وذلك ضماناً لأي قرض يحصل عليه المستأجر من اية جهة لاستثماره في المشروع الصناعي المقام في المدن الصناعية دون ان تتحمل تلك المؤسسة اي مسؤولية او التزام مالي مترتب على ذلك) .
ب- أن للمستأجر من المؤسسة ان يرهن حقه في الايجار ضماناً لأي قرض يحصل عليه من اية جهة لاستثماره في المنشأة فهو اذن ليس حوالة حق وانما رهن له وهو رهن يخضع للقواعد العامة وللمادة 61/4 من قانون التجارة كلما كان المؤجر هو مؤسسة المدن الصناعية.
ج- لا يفيد التجار والصناع من التعديل المذكور اذا كان المؤجر شخصاً آخر غير المؤسسة المذكورة وبهذا فلو افترضنا ان للتاجر منشأتين تقع الاولى داخل منطقة مؤسسة المدن الصناعية وتقع الثانية خارج تلك المنطقة فإن هذا التاجر سيعامل بطريقتين الاولى – هي انه يستطيع الحصول على الائتمان – كما يتصور المشرع – برهن عنصر الايجار الثانية – انه لا يستطيع الحصول على الائتمان لعدم امكانية رهن عنصر الايجار .
2- تقديرنا لرهن عنصر الايجار :
لا شك ان لحق الايجار قيمة مالية معروفة في عالم التجارة تسمى (خلو الرجل Le pas de – Porte) ولذلك فلا شائبة على رهنه من الناحية القانونية على الاقل في ظل التعديل رقم 82 لعام 1983.(6) وبالرغم من ذلك فإن لنا عليه مجموعة من الملاحظات من شأنها ان تؤكد ان رهن عنصر الايجار انما هو رهن محدود الفائدة لأنه لا يحقق للمرتهن التأمين الكافي بالاضافة الى انه لا يغني عن وجود قانون خاص بالتصرفات على المتجر .
1- ان رهن الحق في الايجار ليس رهناً للمنشأة الصناعية او التجارية اذ لحق في الايجار انما هو عنصر عادي ان وجد في المتجر وليس المتجر ذاته وفارق كبير في محل الرهن بين رهن حق الايجار ورهن المتجر .وهو عنصر عادي لأن اهميته تبرز على غيره من عناصر المتجر اذا كان هو العنصر الرئيسي اللازم لتكوين عنصر العملاء بل ان الفقه والقضاء يريان ان المتجر لا يكون موجوداً اذا لم يتوافر فيه غير حق الايجار وبعض العناصر المادية لأن وجود المتجر يتوقف على وجود جميع العناصر المرتبة لعنصر العملاء (7) وليس على عنصر بمفرده .
2-نتصور ان تعميم الحكم الوارد في التعديل رقم 82 لعام 1983 ليشمل المؤسسات الصناعية والتجارية بغض النظر عن موقعها اي سواء اكانت داخل المدن الصناعية ام خارجها يؤدي الى الحالات المتباينة التالية :
قد نجد متجراً متجولاً لا ينطوي على عنصر الايجار فاذا ترك الامر على حاله اي اقتصر الامر على رهن الحق في الايجار فان خيار التاجر سيقتصر اما على رهن متجر – وهذا يواجه المشكلة التي نتولى عرضها – او على عدم رهنه فقط ، لانه ليس لديه حق ايجار يقترض ضمانه.
ذلك قد نواجه متجرا موجودا في عقار لمالك المتجر – وهنا لايتضمن المتجر عنصر الايجار- فلا يكون امام التاجر إلا امران : ان يرهن العقار او يرهن المتجر ، وفي ذلك عدم مساواة بين التاجر المستأجر الذي لايفقد بالتنفيذ الجبري غير حق الايجار في حين ان التاجر المالك لعقار سيفقد بالتنفيذ الجبري حق ملكيته على العقار، وفارق كبير في القيمة والاثر بين الحقين .
3- يؤدي حصر خيار التاجر الكائن متجره في عقار غير مملوك له – في حالة تعميم التعديل – بين رهن عنصر الايجار ورهن المتجر الى ان يختار رهن عنصر الايجار ، مما يستتبع النتائج السلبية التالية :-
أ- قد يكون الحق في الايجار موجودا ويتم الاقتراض بضمانه دون ان يكون المتجر موجودا بالمعنى الذي يستلزمه الفقه والقضاء مما يدل على عدم جدية التاجر في استمرار تجارته او صناعته مما يلحق الضرر بالمقرض لانه يكفي ابرام عقد الايجار للاقتراض بضمانه ثم التوقف عن عملية انشاء المتجر وعن دفع الاجرة للمؤجر حتى نتعرف على نتيجة هذه العملية.
ب- يستطيع الراهن ان يتصرف في جميع عناصر متجره باستثناء الحق في الايجار دون ان يكون في مقدور المرتهن استخدام الحق المقرر له بموجب المادة 1406 من القانون المدني الاردني التي تنص على انه (اذا كان المرهون مهدداً بأن يصيبه للمرتهن تأميناً آخر جاز لكل منهما ان يطلب من المحكمة بيع المرهون وحينئذ ينتقل حق الدائن الى الثمن).
ج- سيكون المركز القانوني لمرتهن حق الايجار ضعيفاً – في حالة تعميم التعديل – لأنه سيواجه بدفوع المؤجر باعتباره مدين بالدين الضامن للقرض اذ ان للمؤجر ان يستخدم في مواجهة المرتهن طائفتين من الدفوع الأولى/ دفوع الراهن المترتبه على عقد الرهن في مواجهة المرتهن ، الثانية / دفوعه الناجمة عن عقد الايجار التي كان يمكنه استخدامها في مواجهة المستأجر الراهن وذلك طبقاً لنص المادة 1415 من القانون المدني الاردني.
وعلى ذلك فإن للمؤجر ان يتمسك في مواجهة مرتهن الايجار بأوجه الدفع المتعلقة بصحة الحق المضمون بالرهن فلو كان عقد الايجار الذي نشأ عن الحق المرهون باطلاً لكان الرهن باطلاً.(8)
4- يؤدي رهن عنصر الايجار – في حالة تعميم التعديل – الى ادخال المؤجر في منازعات قانونية مع المرتهن على نحو يلحق الضرر بهما معا فقد رأينا منذ قليل ان بوسع الراهن ان يتصرف في عناصر متجره دون اعتراض من المرتهن لأن الايجار محل الرهن ما زال قائماً ولم يلحق به اي ضعف ولكن ما الحكم لو ان المستأجر الراهن قد اتبع تصرفه السابق بأن توقف عن دفع الاجرة للمؤجر او ان يكون قد استغل المأجور على نحو مخالف للنظام العام او حسن الآداب او استخدمه على نحو مخالف لغرض عقد الايجار ؟
النتيجة – في رأينا – ان المؤجر سيطالب بفسخ الايجار فينقضي الدين الضامن للرهن وينقضي تبعاً له الرهن لزوال محله مما يدفع بالمرتهن الى المطالبة ببيع حق الايجار جبراً والدخول في منازعات لا نهاية لها مع المؤجر .
5- يرى الفقه( ) ان عدم حصر المرتهن في بنك ما يؤدي الى اخضاع الراهن لسياسات كبار المقرضين من التجار ويحعل منه تابعاً لهم منفذاً لمطالبهم من حيث الانتاج والتسويق كما ان خضوع الراهن لضغوط المقرضين من غير البنوك قد تدفعه الى تمييز المرتهن عن بقية دائنيه مما يدفع الى المطالبة بشهر افلاسه اذا توقف عن دفع احد ديونه التجارية.
المطلب الثاني عدم ملاءمة قواعد المتجر التشريعية
اولاً : قصور القواعد التشريعية الخاصة بالمتجر :
تمهيد :
ورد – كما ذكرنا سابقاً – في قانون التجارة الاردني بعض النصوص المتصلة بالمحل التجاري ابرزها المادة (38) التي تبين ما يمكن ان يتضمنه من عناصر ، ومن بينها الايجار والمادة (35/1) التي تقرر نفاذ تصرفات التاجر على متجره في مواجهة الغير شريطة قيدها في سجل التجارة ومن المؤكد كما سنرى في الفصل الثاني من هذا المقال ان ما ورد في هاتين المادتين منسجم مع طبيعة المحل التجاري ومحقق لغايات التصرفات التي يمكن ان ترد عليه ومراع لمصلحة اطراف تلك التصرفات غير انه نظراً لغياب التشريع الخاص بالتصرفات الواردة على ا لمحل التجاري فإن علينا ان نعود الى القواعد العامة لنستكمل نصوص قانون التجارة المذكورة لعدم كفايتها الا اننا سنجد حالاً تعرضاً واضحاً بين النصوص التجارية السابقة والقواعد المدنية على نحو لا يمكن معه تحقيق اهداف المشروع التجاري .
وقد يقال ان القانون التجاري قانون خاص وهو لذلك مقدم على القانون المدني باعتباره شريعة عامة بحيث يتعين تطبيق القواعد التجارية ولو كانت متعارضة مع القانون المدني الا ان هذه القاعدة التفسيرية السليمة تصطدم مع نصوص مدنية صريحة تحول دون انطباقها على رهن المحل التجاري وتجعل من النصوص التجارية نصوصاً قاصرة مما يدل على ان النظام القانوني لرهن المحل التجاري يعتبر مشكلة حقيقية في القانون الاردني يلزم لحسمها تدخل المشرع بشكل يحقق مصلحة التاجر في الحصول على الائتمان .
ويظهر هذا القصور من خلال ابراز تعارض رهن المحل التجاري مع احكام ايجار المكان حينما يكون الايجار عنصراً فيه ومن خلال تعارض قواعد السجل التجاري مع احكام الرهن التأميني :
1- تعارض رهن المتجر مع احكام ايجار المكان :
تقرر المادة (38) من قانون التجارة الاردني امكانية اعتبار الحق في الايجار عنصراً معنوياً في المحل التجاري وتحيل المادة (39) من القانون ذاته في بيانها لحقوق مستثمر المتجر على عناصره الى احكام القوانين الخاصة بهذه العناصر والقانون الخاص بعنصر الايجار انما هو القانون المدني وقانون المالكين والمستأجرين . وتبين القواعد العامة التي تحكم ايجار الاماكن ان تصرف المستأجر بالايجار لا ينفذ في مواجهة مؤجر المكان بغير موافقته على ذلك التصرف بغض النظر عن غرض الايجار اي سواء أكان ايجاراً للسكن ام لافتتاح محل تجاري وذلك على اساس ان عقد الايجار يرتب حقاً شخصياً للمستأجر في ذمة المؤجر بالانتفاع بالعين المؤجرة ويرتب في ذمة المؤجر بالانتفاع بالعين المؤجرة ويرتب في ذمة المستأجر مقابلاً لذلك الانتفاع هو الالتزام بأداء الاجرة .
وبما ان التنازل عن الايجار يؤدي الى صيرورة المتنازل له مستأجراً مباشراً بدلاً من المستأجر المتنازل فيخلف الاول الاخير في حقوقه والتزاماته فإننا سنكون بالتنازل ازاء حوالة حق وحوالة دين في وقت واحد . واذا كان من اللازم لنفاذ حوالة الحق مجرد علم المحال عليه – او قبوله – الا ان حوالة الدين لا تنفذ بمجرد تحقق ذلك العلم وانما يلزم لنفاذها قبول المحال عليه ورضاه بها (م 996/2 من القانون المدني الاردني) .
واذا كانت قواعد الايجار الواردة في القانون المدني قد اغفلت حكم التنازل عن الايجار فإن ذلك لا يعني ان للمستأجر الحق في التنازل عن الايجار بدون موافقة المؤجر والا كان في ذلك اهدار للتحليل السابق لقد كان ممكناً اغفال التحليل السابق وتجاوز منطقة للوصول الى نتيجة منسجمة مع مفهوم المحل التجاري على اساس افتراض قبول المؤجر لو ان الامر قد توقف عند حكم القواعد العامة الا ان المشرع الاردني تجاوز الموقف السابق ونص صراحة على ضرورة حصول المستأجر على موافقة المؤجر الصريحة كي يكون التنازل نافذاً فقد نصت المادة (5/3) من قانون المالكين والمستأجرين الاردني على انه يكون سببا للتخلية ” اذا اجر المستاجر المأجور او قسم منه لشخص اخر او سمح له بأشغاله دون موافقة المالك الخطية او اخلاه لشخص اخر دون تلك الموافقة”.
وأيا كانت مبررات هذا النص فانه يعطل جزئيا حكم المادة (38) من قانون التجارة التى لايمكن تفسيرها الا على اساس انها تعترف بالمتجر باعتباره مالا او مجموعة من الاموال ، وهو لذلك دخل في دائرة التعامل ، ولمالكة ان يتصرف به في حدود النظام العام بالكيفية التي يراها بيعا أو تأجيرا او رهنا بغض النظر عن موافقة المؤجر او عدم موافقته .
كما تؤدي قواعد الايجار السابقة الى اضعاف ملكية المتجر بل وتهديد وجودها لانه يكفي ان لايوافق او ان يعترض على تصرفات التاجر المستأجر حتى تعتبر تصرفاته غير نافذه في مواجهة المؤجر مما يمكنه من المطالبة بفسخ الايجار واخلائه من المكان .ويؤدي التسليم بقواعد الايجار الى عدم استطاعة التاجر المستأجر رهن متجره (10) لعدم قدرته على التصرف في الايجار تبعأً للمتجر مما ادى بالعديد من القوانين المقارنة الى ابطال كل شرط في عقد الايجار يخل بحق التاجر المستأجر في الرهن (11) .
ذلك لأن قواعد الايجار لا يقتصر انطباقها على البيع الاتفاقي فقط وانما يشمل ايضاً البيع الجبري بالمزاد وعلى هذا النحو فإذا امتنع او عجز المدين عن الوفاء فإن المرتهن سيكون مضطراً الى بيع المتجر المرهون جبراً ذلك البيع الذي يتحقق برسو المزاد واذا تحقق ذلك توافر للمؤجر مبرر المطالبة بالاخلاء .
ثانياً : غموض قواعد السجل التجاري :
يتطلب المشرع الاردني في الرهن التأميني تسجيل التصرف عوضاً عن نقل حيازة المال المرهون على اساس ان التسجيل يحقق ما تحققه الحيازة من اشهار عقد الرهن ويوفر من ثم للمرتهن ميزتي الاولوية والتتبع غير ان للتسجيل المطلوب في الرهن التأميني دورين :
الاول اعتباره ركناً في عقد الرهن مما يجعل منه عقداً شكلياً حيث تنص المادة (1324) من القانون المدني على انه (لا ينعقد الرهن التأميني الا بتسجيله) فالرهن التأميني بغير التسجيل يعتبر عقداً باطلاً ولذلك لا ينشأ الحق العيني التبعي اذا لم يكن التسجيل ركناً في العقد اي اذا لم يجر العقد امام الموظف الرسمي في الدائرة المعينة وتم قيده في سجلها وذلك على اساس ان هذا العقد هو مصدر هذا الحق.
والثاني ، اعتباره شرطاً لنفاذ الحق العيني التبعي في مواجهة الغير وهذا ما نصت عليه المادة (1345) من القانون المدني الاردني التي تنص على انه (ينفذ الرهن التأميني في حق غير المتعاقدين من تاريخ تسجيله في دائرة التسجيل) . واذا اردنا تطبيق الرهن التأميني على المنقولات بما فيها المحل التجاري فإنه يتعين الاخذ بأحكام هذا الرهن ما لم يفصح المشرع عن حكم مغاير وهذا ما تؤكده المادة (1334) من القانون المدني الاردني التي تنص على انه (تسري احكام الرهن التأميني على المنقول الذي تقتضي قوانينه الخاصة تسجيله كالسيارة والسفينة) . ولقد دأب المشرع الاردني على اعطاء تسجيل الرهن الدورين السابقين بالنسبة لبعض المنقولات كرهن السيارة حيث بينت المادة 4/1 من قانون السير الاردني رقم (13) لعام 1983 وجوب رهن المركبات لدى دائرة الترخيص تحت طائلة البطلان ونصت المادة 5/ب من قانون سوق عمان المالي رقم (41) لعام 1986 بشأن الاسهم الاسمية (لا يجوز التعامل في المملكة بهذه الاوراق الا داخل القاعة) وحينما اراد المشرع الاردني جعل التسجيل شرطاً لنفاذ الرهن في مواجهة الغير دون استلزامه كركن في عقد الرهن افصح عن ذلك صراحة وذلك كما فعل بالنسبة للسفن في المواد في المواد (62،63،256 من قانون التجارة البحرية) حيث اكتفت المادة الاولى بأن يكون الرهن بإتفاق الطرفين واوجب ان يكون خطياً في المادة الثانية دون استلزام الرسمية بقوله (ان عقد الرهن البحري المتفق عليه يجب انشاؤه خطياً ويمكن اجراؤه بسند عادي) وقرر في المادة الاخيرة ان الرهن يتم بالتسجيل وانه لا يلزم نقل حيازة السفينة للمرتهن .
وإذا رجعنا الى قواعد السجل الواردة في قانون التجارة لوجدنا ان المادة 35/1 تنص على ان (البيانات المسجلة سواء اكانت اختيارية ام اجبارية تعتبر نافذة في حق الغير اعتباراً من تاريخ تسجيلها) وهذا يعني انه يحنج برهن المتجر في مواجهة الغير منذ تاريخ تسجيله ولكنه لا يعني ان التسجيل ركن في عقد الرهن فهل يلزم في رهن المحل التجاري رهناً تأمينياً ان يكون العقد شكلياً اي ان يكون التسجيل ركناً فيه ام انه يكفي تسجيل العقد العرفي ؟ وهل يغني تسجيل عقد رهن المحل التجاري عن نقل حيازة المرهون ؟
نعتقد ان اعتبار عقد ما عقدا شكلياً انما يقرر بقاعدة آمرة لا يجوز الخروج عليها فبالنسبة للرهن مثلاً لا يستطيع الافراد رهن عقار خضع لأعمال التسوية (المساحة العامة) رهناً رضائياً لأن القانون يجعل من التسجيل ركناً في عقد رهن هذا العقار ثم ان الرهن لا ينعقد صحيحاً ولا تترتب آثاره الا طبقاً لقانون او لائحة (نظام) ليبين بالتفصيل حقوق كل فرد من الراهن والمرتهن .
كما ان تساوي الدائنين في اقتضاء ديونهم او عدم تساويهم وترتيبهم وفقاً لأولويات معينة انما يتم وفقاً لأنظمة معينة تقررها قواعد الضمان العام وقواعد الرهن .
وكذلك فما دامت م35/1 من قانون التجارة لم تستلزم شكلاً معيناً في عقد رهن المحل التجاري فإننا نستطيع القول بأن عقد رهن المحل التجاري في القانون الاردني انما هو عقد عرفي رضائي مع الاعتراف بأن النتيجة السابقة تتعارض تماماً مع نص المادة (1334) من القانون المدني الاردني التي تشترط تسجيل الرهن كركن فيه وكشرط لنفاذ الرهن في مواجهة الغير حينما تقرر انه (تسري احكام الرهن التأميني على المنقول الذي تقتضي قوانينه الخاصة تسجيله كالسيارة والسفينة) نظراً لأن المادة (35/1) لم تتعرض للرهن بصورة صريحة وساوت بين البيانات الاختيارية والاجبارية .
اما التساؤل عن كفاية تسجيل عقد الرهن لنفاذ الحق العيني التبعي في مواجهة الغير دون حاجة الى نقل الحيازة ؟ فإننا نعتقد بكفاية تسجيل عقد الرهن الوارد على المحل التجاري لأن هذا التسجيل يغني عن نقل الحيازة الى المرتهن من حيث انه يحقق الغاية التي يحققها نقل الحيازة المتمثلة في الاشهار وفي توفير ميزتي الاولوية والتتبع للمرتهن .
بيد انه بالرغم مما تقدم وبالرغم من ان هذا هو ما تفرضه طبيعة المحل التجاري (كما سنرى) الا ان من يستعرض بعض قواعد الرهن التجاري وخصوصاً ما ورد في نص 62/2 من قانون التجارة الاردني يجد تعارضاً بينها وبين المادة 35/1 ذلك ان الاولى تتكلم عن رهن المحل التجاري رهناً حيازياً في حين انه يمكن استنتاج امكانية رهن المحل التجاري رهناً تأمينياً من الثانية .
حيث يظهر من بعض النصوص ان المشرع الاردني لم يخرج بشأن رهن المتجر عما ورد في القواعد العامة التي تتطلب لرهن المنقول انتقال حيازته من الراهن الى المرتهن او الى شخص ثالث يطمئن الاخير اليه ولذلك يعرف بالرهن الحيازي وهو ما قررته المادة 1372 من التقنين المدني الاردني التي تنص على انه (احتباس مال في يد الدائن او يد عدل ضماناً لحق يمكن استيفاؤه منه كله او بعضه بالتقدم على سائر الدائنين) وفي صيغة مقاربة وردت احكام الرهن الحيازي في المادتين 1399 ، 1405 من ذات القانون .
ومما يشير الى الموقف السابق ما رددته المادة 62/1 من قانون التجارة الاردني حين افقدت الرهن التجاري اثره اذا بقي المرهون في حيازة الراهن واوجبت تسليم المرهون الى المرتهن او ان يودعه الغير لحساب المرتهن دون استثناء رهن المتجر(12).
ومما يرجح الاتجاه السابق ما جاءت به الفقرة الثانية من المادة 62 لقانون التجارة حين قررت انه حتى (يعد التسليم حاصلاً ينبغي ان تسلم مفاتيح المحل المشتمل على البضائع والاشياء المرهونة مقفلاً بشرط ان يكون هذا المحل غير حامل للوجه باسم المدين) .
حيث يبدو ان المادة 62/2 من قانون التجارة تتكلم عن رهن المتجر وليس عن مجرد رهن منقولات مادية كالبضائع ويظهر ذلك من خلال عرض تفسيرها في النقاط التالية :
1- ان البضائع من المنقولات المادية ولم يكن رهنها رهناً حيازياً بحاجة الى النص عليه في قانون التجارة وكان ممكناً للمشرع تجنب التكرار والاكتفاء بما ورد في باب الرهن الحيازي وخصوصاً المواد 1372 ، 1399 ، 1405 من القانون المدني بالاضافة الى المادة 62/1 من قانون التجارة .
2- تكلم المشرع في المادة 62/2 من قانون التجارة عن رهن المتجر حين نص على ان التسليم يعد حاصلاً اذا تم تسليم مفاتيح المحل المشتمل على البضائع والاشياء المرهونة فهو لم يقتصر حديثه على البضائع فحسب وانما اضاف اليها عبارة الاشياء المرهونة مما يعني انه يقصد اشياء اخرى من عناصر المتجر كالاثاث التجاري والمعدات وغيرها من العناصر .
3- استخدم المشرع في المادة 62/2 من قانون التجارة عبارة (مفاتيح المحل) واضاف عبارة (بشرط ان يكون هذا المحل غير حامل للوحة باسم المدين وكلمة (محل) الواردة في العبارتين السابقتين انما تعني المكان الكائن فيه المتجر . واذا كان المشرع قد استخدم كلمة (مفاتيح) فإنما يقصد مفاتيح المكان الذي يوجد فيه المحل التجاري لانه لا يمكن ان تلقي عناصره على قارعة الطريق فمن المعروف ان حق التواجد في مكان معين يعتبر عنصراً في المحل التجاري وندلل على صحة هذا التفسير بما يأتي :
أ- استخدام تلك المادة لعبارة (غير حامل للوحة باسم المدين) واللوحة التي تحمل اسم المدين انما هي اللوحة التي تعلق على واجهة المكان الكائن فيه المحل التجاري حاملة اسماً تجارياً يغلب ان يكون اسم صاحبه ولقبه والاسم التجاري هو المميز لمحل تجاري عن غيره يدون على لوحة تعلق على واجهة المكان الكائن فيه المحل التجاري.
ب- قد يعتقد ان المشرع لا يقصد من كلمة (محل) ذلك المكان الذي يتم استيداع البضاعة فيه اي المخزن ولو كان يقصدها لاستخدامها في نص المادة 62/2 بدلاً من كلمة محل لان المشرع الاردني يعرف كلمة مخزن فقد وردت كلمة مخزن في تعليمات مخازن استيداع البضائع الصادرة عام 1947 والمعدلة بتعليمات المخازن العامة لاستيداع البضائع الصادرة عام 1967 استناداً للمادة 52 من قانون الجمارك والمكوس الاردني رقم (1) لعام 1962.
ثم ان المخازن التي تستوعب رصيد التاجر من البضائع لا تحمل عادة لوحة باسم التاجر لأنه لا يتعامل مع زبائنه من موقع المخزن وانما من الموقع الكائن فيه متجره ويهمه ان يتعرف عليه زبائنه في هذا المكان الاخير لا في موقع مخزنه فإذا اتفق التاجر مع عميل له على صفقة تستدعي احضار بضاعته من مخازنه بقي عميله ينتظر في محله التجاري الى ان يحضر عماله البضاعة من المخزن او ان يتفق مع عميله على التسليم في موقع المخزن .
ج- قد يقال بأن المشرع قد اورد الفقرة الثانية للمادة 62 لتفسير الفقرة الاولى من ذات المادة التي تتحدث عن انتقال الحيازة لبيان معنى الانتقال وربطه بالتسليم غير انه ليس من مهام المشرع تفسير نصوص القوانين الصادرة عنه الا اذا كانت نصوصاً غامضة تنطوي على خفاء او على لفظ مشكل وانتقال الحيازة عبارة مستقرة المعنى ليست بحاجة الى تفسير بواسطة نص تشريعي . ثم ان الرهن الحيازي قد يتم بغير انتقال فعلي لحيازة المرهون لعدم وجوده اصلاً في حيازة الراهن كما لو كانت البضاعة مودعة في مخازن المرتهن او في المخازن العمومية وانما تم بانتقال حكمي اي بتغييرالوصف القانوني فبعد ان يكون الحائز مودعاً لديه يصبح الرهن مرتهناً لها.
د- قد يقال بأن كلمة (محل) الواردة في م 62/2 غير كلمة متجر الواردة في المادة 38 من قانون التجارة الاردني التي تتحدث عن عناصر المتجر الا انه من المعروف ان كلمة متجر ترادف كلاً من عبارتي المحل التجاري والمؤسسة التجارية ثم ان المشرع الاردني كما يعرف كلمة (متجر) يعرف عبارة (محل تجاري) ولكل منهما نفس المعنى الذي يحمله الاخرى فقد وردت عبارة محل تجاري في المادة 26/1 من قانون التجارة الاردني وتحدثت عنه باعتباره احد اموال التاجر حيث نصت على انه (اذا توفي التاجر او انقطع عن تعاطي تجارته ولم يكن قد تفرغ لأحد عن محله التجاري) كما وردت كلمة محل تجاري في المواد 5/ج 6/6 7-9/ج من نظام سجل التجارة الاردني وكلها تتحدث عن المحل التجاري باعتباره مالاً تماماً كما هو معنى (متجر) لا شك ان التفسيرات السابقة معقولة الى حد كبير ان كانت لا تؤكد القول برهن المتجر رهناً حيازياً فإن ذلك عائد الى طبيعة المتجر التي تأبى هذا النوع من الرهن ولو اراده الطرفان – كما سنرى – لأن هذا الرهن ان تم فعلاً سيقع على منقولات مادية موجودة في المكان الكائن فيه المتجر وليس على المحل التجاري .
الفصل الثاني الرهن الذي تقبله خصائص المتجر
تمهيد :
بما انه لا غنى للحياة التجارية عن الائتمان ولا حياة للتجارة بغيره فإننا مطالبون بإلحاح بأن نوفر النصوص القانونية التي تمكن التاجر من النهوض بتجارته او صناعته من خلال اتاحة الفرصة له للحصول على الائتمان بضمان متجره او مصنعه بطريقة تبقيه على رأس تجارته وتحقق مصلحة المرتهن في الحصول على ضمان عيني على المتجر يوفر له ميزتي الاولوية والتتبع .
ويتوقف تدخل المشرع بنصوص تحدد طريقة رهن المتجر على خصائص هذا المال ذلك لأن لخصائصه آثاراً هامة على طريقة الرهن الى درجة اننا لا نستطيع ان نفرض رهناً تأباه هذه الخصائص .
ومن اكثر خصائص المتجر تأثيراً على طريقة رهنه هي انه منقول معنوي فبالاضافة الى ان هذه الخصيصة تحول دون انتقاله بالمناولة اليدوية بحيث لا تنطبق على هبته المادة 566/1 مدني اردني وتحول دون خضوعه لحق الارتفاق ودون خضوعه لسريان دعوى الحيازة ودون تملكه بموجب قاعدة الحيازة في المنقول بحسن نية وسبب صحيح (م1189 مدني اردني) ودون منح مؤجر العقار امتيازاً على المتجر وان عقد الايجار الوارد عليه (******** – gerance) لا يخضع لمبدأ الامتداد التلقائي (13) .
الا ان الذي يهمنا في هذا المقام هو تأثير هذه الخصيصة على طريقة رهن المتجر وعلى محل عقد رهنه فاعتبار المتجر منقولاً معنوياً يحول دون امكانية رهنه رهناً حيازياً بل يجعل من هذا الرهن اذا – افترضنا ابرامه- عقداً باطلاً لانعدام محله بالاضافة الى ما يرتبه هذا الرهن من مشاكل متعددة .
لذلك فإن اعتباره منقولاً معنوياً يفرض طريقة رهن ملائمة ولما كان المشرع لا يعرف الا اما الرهن الحيازي – وهذا متعذر – او الرهن التأميني – وهذا ممكن – فإنه لابد من البحث في مدى توافر الشروط التي يتطلبها الرهن التأميني في المتجر كي يمكن رهنه بهذه الطريقة .
لذلك نعتقد ان تحديد طريقة رهن المتجر تفترض ان ندرس في مطلبين متتاليين كلاً من اثر اعتبار المتجر منقولاً معنوياً على رهنه حيازياً وملاءمة اعتبار المتجر منقولاً معنوياً لرهنه تأمينياً .
المطلب الاول اثر اعتبار المتجر منقولاً معنوياً على رهنه حيازياً
تمهيد :
تتطلب دراسة المطلب بيان ان المتجر منقول معنوي ثم بيان اثر ذلك على عقد رهنه حيازياً واخيراً بيان اثر رهنه حيازياً على مصلحة اصحاب العلاقة .
اولاً : بيان ان المتجر منقول معنوي :
1- يجد من يقرأ نص المادة 38 من قانون التجارة انها تتحدث عن عناصر المتجر حيث تنص على انه (يشتمل المتجر على مجموعة عناصر مادية وغير مادية تحتلف بحسب الاحوال وهي خصوصاً الزبائن والاسم والشعار وحق الايجار والعلامات الفارقة والبراءات والاجازات والرسوم والنماذج والعدد الصناعية والاثاث التجاري والبضائع) .
ويجد القارئ ايضاً عبارة (يشتمل المتجر) مما يدل على المتجر ليس هذه العناصر جميعها او بعضها بل هو مشتمل عليها (كلها او بعضها) ناجم عن تآلفها وترابطها معاً . ولذلك فهو شيء لا يمكن ادراكه بالحس لو تمكنا من رؤية بعض عناصره كالبضائع والمهمات او ان نميز تلك البضائع بعلامة تجارية او ان تقرأ الاسم التجاري مكتوباً على واجهة المكان الكائن فيه المحل او نراجع بنود عقد الايجار او الوصف التفصيلي لبراءة الاختراع او ان نرى الزبائن وهم يتشرون فكل ذلك الذي امكننا ادراكه لا يعني اننا رأينا المحل التجاري (14) لأنه شيء منفصل عن تلك العناصر وهو مجموع منفصل عنها يخضع لقواعد مغايره لتلك التي تخضع لها عناصره ويحميه بدعوى التنافس غير المشروع في حين يحمي العناصر المادية بدعوى الاستحقاق ويحمي الاسم التجاري والعلامة التجارية وبراءة الاختراع بدعوى التقليد .
والنتيجة المترتبة على ما تقدم ان المتجر مال معنوي وما دام هذا وضعه فلا يمكن ان يكون إلا منقولاً وليس عقاراً فلم نسمع يوماً ان الاموال المعنوية يمكن ان تكون عقاراً خصوصاً وان العقار ليس احد عناصر المتجر فقد عرف المشرع العقار بأنه (كل شيء مستقر بحيزة ثابتة فيه لا يمكن نقله من دون تلف او تغيير هيئته وكل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول (م58مدني) ، فإنتفاء صفة العقار في المتجر جعل له صفة المنقول تبعاً لتعريف القانون .
2- نستطيع القول ان صفة المنقول المعنوي ملازمة للمتجر بغض النظر عن تكييفه ومجمع عليها لدى الفقه وفي احكام القضاء .
فقد قررت محكمة الاسكندرية (ان المحلات التجارية تتألف من جملة عناصر مادية كالبضائع ومهمات المحل وادواته وبعضها معنوية كالعملاء جملة والحق في التأجير واسم المحل وعلامات المصنع وشهادات الاختراع ومن المقرر ان هذه العناصر في شقيها تكون مجموعة قانونية واحدة تدخل في عداد الاموال المعنوية.(15)
وقد عرفته محكمة النقض المصرية في حكم حديث لها بأن(المحل التجاري وعلى ما يقضي به القانون رقم 11 لسنة 1940 يعتبر منقولاً معنوياً منفصلاً عن الاموال في التجارة ويشمل مجموعة العناصر المادية والمعنوية المخصصة لمزاولة(16) المهنة).
وبالنسبة للفقه لا نجد شارحاً واحداً في الفقه اللاتيني ينكر على المتجر صفة المنقول المعنوي فإذا وجدنا بعض – الشرائح ممن يصفونه بأنه تجميع للأموال او ملكية معنوية فإن كلا من هذا التجمع وتلك الملكية انما هو منقول معنوي .(17)
ثانياً : اثر اعتبار المتجر منقولاً معنوياً على عقد رهنه حيازياً .
1- عدم خضوع المتجر للرهن الحيازي :
يجمع الفقه التجاري على ان اعتبار المتجر منقولاً معنوياً يؤدي الى عدم امكانية رهنه رهناً حيازياً فكما ان اعتبار منقولاً معنوياً يؤدي الى عدم اكتساب ملكيته بمقتضى قاعدة الحيازة فإنه يؤدي ايضاُ الى عدم خضوعه لما يتفرغ عنها من احكام وذلك لأن الحيازة تقتضي قيام الحائز بالاعمال المادية التي يقوم بها عادة صاحب الحق ولما كان المتجر منقولاً معنوياً اي لا يمكن ادراكه بالحس فإنه لا يمكن معه ان يباشر الحائز عليه اعمالاً مادية .
وذلك بعكس المنقولات المادية التي يمكن اكتساب ملكيتها بمقتضى قاعدة الحيازة .
ثم ان المتجر يحتوي على عناصر معنوية عديدة ذات اهمية بالغة لا تنتقل ملكيتها بالحيازة وانما تنتقل وفقاً لقواعد معينة ينص عليها القانون الخاص بكل عنصر كالاسم التجاري والعلامة التجارية وبراءة الاختراع لذلك فكما ان صفة المنقول المعنوي تأبى تملك المتجر بمقتضى قاعدة الحيازة فإن ذات الصفة تأبى ارتهانه رهناً حيازياًَ اذ ان كلاً من الملكية والرهن يعتبر حقاً عينياً ومبرر ذلك الحق العيني عبارة عن تسلط مباشر لشخص على شيء معين مما يستتبع ان تقريره بل وانشاءه يحتاج ان يكون الشيء محل الحق معيناً واذا لم يكن الشيء معيناً فلا وجود للحق وعلى هذا فإن وجود الحق العيني وعدمه مرتبط بتعيين الشيء محل الحق فلا وجود للحق وعلى هذا فإن وجود الحق العيني وعدمه مرتبط بتعيين الشيء محل الحق ولأن المنقولات المادية ليست معينة تعييناً ذاتياً فإن ممارسة حق دائن المرتهن عليها يتم بالحيازة باعتبارها وسيلة التعيين الوحيدة اما المتجر فإنه معين تعييناً ذاتياً – كما سنرى وبالتالي تتم ممارسة الحق العيني عليه بغير حيازة . والنتيجة المترتبة على ما تقدم انه كما لا يمكن اكتساب ملكية المتجر بالحيازة لايمكن كذلك ارتهانه حيازياً .
2- بطلان رهن المتجر رهناً حيازياً :
لأن المتجر منقول معنوي ولانه يلزم لوجوده توافر قدر من العناصر معظمها واهمها من العناصر المعنوية فإنه حتى يكون هناك رهن له فلا بد وان ينصب الرهن على العناصر التي تكفي بذاتها لوجود المحل التجاري اي وجود ذلك المنقول المعنوي والا كان الرهن باطلاً لانعدام المحل (18) .
وهذا يعني ان المتجر لابد وان يكون موجوداً قائماً وعلى استعداد لاستقبال الجمهور ويعني ايضاً ان الرهن حتى يكون صحيحاً فإنه لابد وان يرد على القدر اللازم من العناصر لوجوده، وانه اذا كان للاطراف علاقة فيما يدخل وما لايدخل من عناصره في محل الرهن ، فإنه هنالك حد ادنى لايجوز لهم النزول عنه وإلا كان رهن المتجر باطلا .
ولقد حرصت التشريعات المقارنة على بيان العناصر اللازمة لتشكيل الحد الادنى وهي ” العنوان والاسم التجاري والحق في الايجار والاتصال بالعملاء والسمعة ” (19) ، (20)،(21).
كما حرصت القوانيين المقارنة السابقة ، على بيان الحد الاقصى لتلك العناصر بصورة حصرية ، مع مراعاة ان ما يقع بين الحدين الادنى والاقصى متروك امر ادراجه في محل الرهن لارادة اطرافه شريطة مراعاة الاوضاع التى يستلزمها القانون بالنسبة لكل منهما .
ويتضمن الحد الاقصى العناصر التاليه : العنوان والاسم والحق في الايجار (22) .
والعملاء والسمعة والاثاث والمعدات (23) والرخص والاجازات والبراءات والرسوم والعلامات التجارية (24) . يتضح ان الفرق بين الحدين السابقين يؤدي الى النتائج التالية :
أ- ان العناصر المعنوية دون المادية تكفي وحدها لوجود المحل التجاري مما يستتبع صلاحيتها لتكوين محل عقد الرهن وبالعكس ان العناصر المادية لا تكفي وحدها لوجود المحل التجاري مما يؤدي الى الحكم بعدم صلاحيتها لتكوين محل عقد الرهن (25) .
ب- إن عنصر المعدات (وهو عنصر مادي) داخل في الحد الاقصى دون الحد الادنى استثناء بالرغم من خضوعها لقاعدة الحيازة ليس لانها لازمة لصحة الرهن وانما لانه لا يتوقع غيابها عن المتجر ولا يشكل رهنها قيداً على حرية التاجر في استثماره لمتجره .
ج- لا تدخل البضائع في الحدين الاقصى والادنى ولا ترهن برهن المتجر بل ومستبعدة تماماًَ من محل الرهن التأميني وذلك لأسباب اهمها : عدم امكانية ممارسة حقي الاولوية والتتبع عليها باعتبارها منقولاً مادياً تكتسب ملكيته بمقتضى قاعدة الحيازة مما يهدد حق المرتهن ثم لان البضاعة من الضمان العام للدائنين العاديين يتنافى مع ثبات الرهن وديمومته باعتبارها معرضة باستمرار للتبديل والنقض والزيادة مما يهدد حقوق المرتهن والخلف الخاص على حد سواء مما يعني ان البضاعة ترهن رهناً حيازياً فقط وليس مع المتجر(26).
د- رأينا ان الحد الادنى اللازم توافره للقول بوجود متجر صالح لان يكون محلاً للرهن يتطلب توافر العناصر التالية : الاسم التجاري والحق في الايجار والاتصال بالعملاء والسمعة فإذا اختفى اي من هذه العناصر كان وجود المتجر مشكوكاً فيه وكانت صحة الرهن الوارد عليه مثاراً للجدل ولما كان الرهن الحيازي لا ينصب الا على المنقولات المادية وبالتحديد البضائع والمهمات وبما ان البضائع والمهمات مستبعدة اصلاً عن الحد الادنى اللازم توافره في محل المتجر فإن رهن المتجر هنا حيازياً كما تقضي به القواعد العامة انما هو عقد باطل لتخلف ركن المحل في العقد لانه رهن لم يرد على المتجر وانما ورد على البضائع والمعدات مما يفسح المجال لانطباق المادة 159 من القانون المدني الاردني التي تقرر انه(اذا كان المحل مستحيلاً في ذاته وقت العقد كان العقد باطلاًَ).
ويقرر القضاء المصري في ذلك انه(لا تقوم فكرة المحل التجاري لمدلولها القانوني الا على اساس العناصر المعنوية كالاسم والسمعة التجارية وثقة الجمهور وما اليها اما البضائع والمهمات فلا تكفي وحدها لتكوين المحل التجاري فاذا وقع الرهن او البيع على مجموع العناصر المادية او احدها دون ان يشمل اي عنصر معنوي فلا يعتبر العقد منصباً على محل تجاري)(27). كما يقرر القضاء الفرنسي في ذلك(انه يمكن تقرير بطلان رهن المحل التجاري اذا لم يكن الاخير مستثمراً في الوقت الذي تقرر الرهن عليه ولم يكن من عناصره غير حق الايجار الذي يمكنه قانوناً ان يكون متجراً)(28).
وبما ان الرهن الذي جاءت به القواعد العامة يستوجب تسليم مفاتيح المكان الكائن فيه المحل واعتباره مقفلاً طيلة مدة القرض المضمون بالرهن فإن العقار الكائن فيه المتجر لا يعتبر مشغولاً طيلة هذه المدة مما يمكن المؤجر من المطالبة بالاخلاء اذا تساوت مدة الاقفال مع المدة المنصوص عليها في قانون المالكين والمستأجرين . ويؤيد ذلك حكمان صادران عن محكمة التمييز الاردنية حيث يقرر الحكم الاول (29) ان المقصود (بالاشغال) الوارد في المادة الرابعة فقرة (1) بند (د) من قانون المالكين والمستأجرين هو الاشغال الفعلي من قبل المستأجر وليس مجرد وضع بعض الاثاث او ادوات المهنة في المأجور . لأن ترك المأجور على هذه الحالة دون السكن فيه او العمل بالمهنة في المحل التجاري يتضمن تعطيلاً للانتفاع بالمأجور يتعارض مع الغاية التي ارادها المشرع في المادة المشار اليها وهو التخفيف من ازمة المساكن والمحال التجارية).
ويقرر الحكم الثاني(30)(ان قصد المشرع من حكم المادة 4/1/د من قانون المالكين والمستأجرين هو ان يقوم المستأجر بالاشغال الفعلي للمأجور كل الوقت المتعارف عليه بين اصحاب المهنة وانه اذا ما ترك المستأجر المأجور بدون السكن فيه او العمل في المحل التجاري كل الوقت فإن هذا التصرف من المستأجر يعتبر تعطيلاً للانتفاع بالمأجور ويتعارض مع الغاية التي ارداها المشرع في المادة المشار اليها) .
ثالثاً : اثر رهن المتجر حيازياً على مصلحة اصحاب العلاقة :
1- التعارض مع مصلحة الراهن:
تتعارض مصلحة الراهن مع رهن المتجر رهناً حيازياً من نواح عدة ابرزها ما يلي :
أ- لا يقبل التاجر الراهن ان تنتزع يده عن متجره لنقل الحيازة الى المرتهن لانه في الوقت الذي يرغب فيه – حين ابرم عقد القرض – دعم نشاطه التجاري والتوسع فيه ومواجهة ازمة اقتصادية ما تنتزع يده عن متجره وتنتقل حيازته الى شخص آخر مما يؤدي الى تجميد نشاطه ويؤدي الى حرمانه من اعادة رهنه مرة اخرى لأن رهنه مرة اخرى يستلزم نقل حيازته الى المرتهن الثاني وهذه مسألة مستحيلة قانونياً لأن الحيازة بيد المرتهن الاول ثم يؤدي ذلك الى منع الراهن من تأجير استغلال متجره بموجب عقد الادارة الحرة نظراً الى استحالة تمكين المستأجر من الانتفاع به نظراً لكونه في حيازة المرتهن .
ب- يؤدي الرهن الحيازي الى زوال المتجر المرهون اي الى زوال رأسمال التاجر الراهن لأنه اذا كانت ملكية الاموال المادية تبقى قائمة دون حاجة لأي استثمار ولا تتأثر بعدم استعمالها فإن ملكية الاموال المعنوية – على الاقل بالنسبة لتلك التي لا تنطوي على حق احتكاري – لا يمكن الاحتفاظ بها دون استمرار استثمارها لان فكرة الملكية هنا غير متحررة من فكرة العمل .
فالمتجر الذي يتوقف العمل فيه نتيجة قفله بالرهن الحيازي يفقد عنصر العملاء بالتدريج وتلاشي هذا العنصر يؤدي الى زوال المتجر(31).
ج- لا يؤدي الرهن الحيازي الى زوال المتجر كمنقول معنوي منفصل عن عناصره فحسب بل يؤدي ايضاً الى اضعاف العديد من عناصره المعنوية فقد رأينا – منذ قليل ان رهن المتجر رهناً حيازياً يؤدي بصورة او بأخرى الى اخلاء المأجور اي الى حرمان التاجر من الحق في الايجار كذلك نضيف ان انتقال الحيازة وغلق المتجر طيلة مدة الرهن يفقد الاسم التجاري بريقه ويزيل اثره من اذهان العملاء كما يجعل الراهن طرفاً ضعيفاً امام من ابرم معه ترخيص استغلال براءة الاختراع او تنازل عنها لان الراهن سيدفع التزامه النقدي لمالك البراءة دون ان يقوم باستغلالها بل ان البراءة اذا كانت ملكاً للتاجر فإن الرهن الحيازي للمتجر يعني عدم استعماله لها مما قد يعرضه الى مخاطر فرض الاستغلال الجبري بالاضافة الى تفويت فترة زمنية عليه من حياة البراءة التي نعلم ان عمرها محدد بنص القانون .
2- التعارض مع مصلحة المرتهن :
يتعارض رهن المتجر رهناً حيازياً مع مصلحة المرتهن ذاته لانه حينما يقدم على ابرام العقد فإنه يتوقع احراز ضمانة قوية تكفل له حصوله على كامل دينه من قيمة المرهون عند بيعه جبراً بالتقدم على دائني التاجر الراهن.
غير ان الذي يحصل هو انه لن يجد حينما يقدم على البيع الجبري غير المنقولات المادية ذات الاسعار المتقلبة وليس الامر قاصراً على البيع الجبري بل تلحق بالمرتهن افدح الخسائر لو اتحدت ذمته مع ذمة الراهن لانحصار الرهن في المنقولات المادية وانحساره عن العناصر المعنوية كعنصر الزبائن والحق في الايجار والاسم التجاري وحقوق الملكية الصناعية .
ولا نستطيع تفادي هذا الوضع بالسماح للمرتهن بإدارة المتجر المرهون اثناء فترة حيازته له للأسباب التالية :
أ- تعارض الآثار القانونية المترتبة على كل من عقد الرهن وعقد الادارة للمتجر فالادارة البسيطة لا تعبر عن الرهن وانما تعبر عن عقد عمل وفقاً لما يراه قضاء التمييز الاردني (32) مما يعني ان المدير المرتهن انما هو عامل لدى مالك المتجر الراهن مما يكون معه للأخير انهاء علاقة العمل مع الاول تبعاً لاحكام قانون العمل ويكون من حق المدير المرتهن المطالبة بجميع الحقوق التي يقرها له قانون العمل (كعامل) وقانون الضمان الاجتماعي .
وبالنسبة للادارة الحرة فإن مدير المتجر يكتسب صفة التاجر اذا لم تكن له هذه الصفة من قبل فهل يقبل المرتهن بهذه الصفة وما تستتبعه من آثار ؟ كأن يسأل في ذمته عن ديون نشاطه في المتجر المرهون او ان يشهر افلاسه ان ادى نشاطه الى توقفه عن اداء دين تجاري ؟ كما لا يجوز اغفال ان جانباً رئيسياً من العملاء يعتمد في تعامله – الى حد كبير – على صفات خاصة بمالك المتجر وليس بشخص آخر .
غير ان ما تقدم لا يحول دون ان يتفق الراهن مع المرتهن على ابرام اي من العقدين السابقين اذا كان المرتهن قابلاً لأن يخضع للآثار التي يرتبها اي من هذين العقدين وكان الراهن قابلاً لأن يحرم من رهن متجره مرة اخرى .
ب- يؤدي السماح بذلك الى استخدام الرهن الحيازي وسيلة يتم التستر بها على بيع المحال التجارية او تأجيرها والتخلص بالتالي من حكم المادة الخامسة لقانون المالكين والمستأجرين التي تقرر- كما رأينا سابقاً – ان بيع المتجر يعتبر سبباً لإخلاء العقار الكائن في المتجر اذا كان البيع قد تم بغير موافقة مؤجر العقار .
3- التعارض مع مصلحة الدائنين العادين :
تحرص القوانين المقارنة (33) على حماية الدائنين العاديين الذين نشأت ديونهم في ذمة التاجر المدين قبل تاريخ تقرير الرهن بسبب استثماره للمتجر المرهون وذلك باعطاء القاضي المختص سلطة اسقاط آجال ديونهم العادية بناء على طلبهم اذا ثبت لديه ضعف ضمانهم العام على خلال مقتضى القواعد العامة التي تقرر هذا الحق لأصحاب التأمينات الخاصة دون الدائنين العاديين .
اما القانون الاردني فإن لنا تقدير جسامة الضرر الذي يصيب الدائن العادي نتيجة لضعف الضمان العام .
المطلب الثاني ملاءمة اعتبار المتجر منقولاً معنوياً لرهنه تأمينياً :
تمهيد :
المحل التجاري مال منقول فالملائم لرهنه اذن هو الرهن الحيازي بيد انه منقول معنوي لا يخضع لقاعدة الحيازة ومن ثم لا يتم رهنه رهناً حيازياً والا ترتب عليه العديد من المشاكل السابق بيانها وادى الى وأد الغاية التي ارادها المشرع من تقريره للرهن الحيازي.
ويرى الفقه والقانون المقارن – في الدول اللاتينية- ان الوسيله الملائمة لرهن المتجر تتمثل في اخضاع المتجر لاحكام رهن شبيهه بأحكام الرهن التأميني (الرسمي) ، ويرى أن شروط وجود هذا الرهن تتوافر ، اذا امتنع المرهون بوسائل تعيين ذاتيه ، وتدخل المشرع بنصوص تنظيم الرهن. وبالرجوع للمتجر نجد انه يتمتع بما يسمى بوسائل التعيين الذاتية ، ويبقى ان يتدخل المشرع الاردني لحسم الموضوع ، ولمساعدته على التدخل نقدم له ابرز ملامح الرهن التأمينى للمتجر ونبين تقبله لفكرة رهن المنقول رهنا تأمينياً .
اولا : وسائل التعيين مبرر لرهن المتجر رهنا تأمينيا :
وندرس هنا نقطتين :
الاولى – تمتع المتجر بوسائل تعيين ذاتية حيث نناقش كيفية ادراك تلك الوسائل وبيان المقصود بالتعيين الذاتي واستعراض عناصر التعيين الذاتي في المتجر
الثانية – نبحث في مدى كفاية التعيين الذاتي لتقرير الرهن التأميني .
1- تمتع المتجر بوسائل تعيين ذاتية :
أ- ادراك وسائل التعيين الذاتي في المتجر :
لم يتم ادراك وسائل التعيين الذاتي في المتجر دفعة واحدة بالرغم من تواجدها فيه منذ بداية نشأته اي منذ تبلورت الفكرة القانونية للمتجر تلك الفكرة التي بدأت تظهر عندما استقر في الاذهان اهمية العناصر المعنوية وضرورة النظر اليها باعتبارها عناصر متآلفة في وحدة واحدة وذات هدف واحد وانتفت من الاذهان النظرة المادية البحته للمتجر تلك النظرة التي لم تكن تتجاوز الاشياء المادية كالسلع والآلات والمهمات والاثاث التجاري(34). ومع تطور فكرة المتجر تطورت الصياغة القانونية لرهنه فبالنظر الى تعذر رهنه رهناً حيازياً والى انه من غير المقبول ان لا يستفاد من استخدامه كضمان للحصول على الائتمان فقد اخذ التجار والقضاء ومن بعدهما المشرع يفكرون في خلق بديل عن الحيازة كأداة تعيين لمحل الحق العيني يمنع الراهن من التصرف في المرهون ويكفي لاخطار الغير بأن احد اموال المدين (وبالتحديد المتجر) قد اصبح محلاً لحق عيني تبعي تقرر ضماناً لدين في ذمته باختصار بديل يقوم مقام الحيازة ويؤدي دورها في الرهن.
ساد التفكير السابق في وقت كانت السيطرة فيه للرهن الحيازي على جميع المنقولات دون تفرقة وكانت النصوص القانونية تدعم تلك السيطرة مما دفع الى الابقاء على فكرة الحيازة مع الاكتفاء بنقل رمزي لها تمثل في تسليم سند ايجار العقار الكائن فيه المتجر الى المرتهن مع اخطار المؤجر بذلك (35) وعلى رأي آخر ان التسليم كان يشمل بالاضافة الى عقد الايجار مستندات ملكية الراهن لعناصرالمتجر(36) .
يلاحظ على الوضع المتقدم النقاط التالية :
1- ان الرهن المذكور كان يسمى رهناً حيازياً (Nantissement) بالرغم من عدم انتقال الحيازة الفعلية للمتجر وانتقال حيازة المستندات فقط مما كان يجب تسميته رهناً غير حيازي (Hypotheque) .
2- يلاحظ التراجع الهام عن النظرية المادية للمتجر واعطاء الاهمية للعناصر المعنوية ابتداء بحق الايجار .
3- ان النقل الرمزي للحيازة تناول عناصر تمتع بها ويتميز بها عن كافة المتاجر الاخرى كحق الايجار وهنا بدأ ادراك وسائل التعيين الذاتية فيه.
وبناء على طلب التجار اضاف القانون الفرنسي الصادر في اول آذار عام 1898 فقرة ثانية للمادة 2075 من التقنين المدني مؤداها ان رهن المتجر يكون صحيحاً دون نقل حيازته شريطة قيد الرهن في سجل عام يمسكه قلم كتاب المحكمة التجارية مع مراعاة ان ذلك التعديل قد ابقى على اصطلاح (Nantissement) الذي يستخدم للتعبير عن الرهن الحيازي ثم تدخل المشرع الفرنسي في مرحلة تالية بشكل حاسم في 17 آذار عام 1909 حين الغى قانون 1898 ونظم بيع ورهن المتجر اتفاقياً دون حاجة لانتقال الحيازة وموفراً لميزتي التتبع والاولوية(37).
وقد استمر الفقه من ذلك الوقت يبرر رهن المتجر رهناً مجرداً من الحيازة بمقولة انه ما دام المتجر منقولاً معنوياً لا تكتسب ملكيته بالحيازة فإنه اذن يتمتع بمركز ثابت يمكن شهر الاعباء العينية المقررة عليه بدونها وتم ترجمة ذلك بأن المتجر يتمتع بوسائل تعيين ذاتية(38).
ب- المقصود بالتعيين الذاتي :
يعرف جانب من الفقه التعيين الذاتي للمنقول بأننا نكون ازاء منقول خاص يحمل في داخله في كيانه ذاته دون حاجة الى عنصر خارجي وسائل التعيين التي تكفي لتمييزه عن غيره من المنقولات(39). وعليه يكون المنقول معيناً تعييناً ذاتياً اذا توافرت فيه بتدخل المشرع او بدونه اوصاف معينة الموصوف بها ملاصق للمنقول بل جزء منه لا ينفك عنه الا بتصرف قانوني ولا يتوافر في غيره وهو لذلك يكفي لتمييزه عن غيره من المنقولات .
فإذا طبقنا ما تقدم على المتجر ، نجد ان فيه عناصر معينة لكل عنصر منها وصف قانوني يتواجد في المتاجر الاخرى فلكل متجر اسم تجاري يميزه ويغلب ان يتواجد المتجر في عقار مأجور ولكل سلعة او خدمة علامة تميزها وكل منشأة صناعية تحتوي على تقنية يتم استغلالها في تلك المنشأة ولكن الموصوف مختلف من منشأة لأخرى فالاسم التجاري بالرغم انه وصف قانوني لابد منه في كل متجر الا ان الموصوف به مختلف من متجر لآخر فاسم منشأة ما يختلف عن اسم المنشأة المجاورة كذلك العقار المأجور يختلف اما في موقعه او مؤجره او مستأجره من منشأة لاخرى وهكذا . وتعين هذه الموصوفات المتجر ذاتياً دون تدخل مباشر من المشرع بمعنى ان تدخل المشرع لم يكن مقصوداً منه المتجر ذاته بل كان الموصوف هو جزء من المتجر فتنظيم حق الايجار في الاسم التجاري او في براءة الاختراع تم بتدخل مباشر من المشرع اما تعيين المتجر فقد تم من خلال تنظيم هذه العناصر .
من هنا يميز الفقه بين وسائل التعيين الذاتية الطبيعية والصناعية ويرى ان الاخيرة ما كانت لتحدث الا بتدخل مباشر من المشرع قصد به تعيين هذا المنقول دون غيره .
فالسفينة مثلاً يمكن ان تتشابه مع عشرات غيرها – كما يقول الفقه- في الحمولة والهيكل الخارجي وفي القسم الداخلي للعنابر والقمرات والآلات ولذلك فإن تمييز كل سفينة عن غيرها لا يقوم على العناصر الطبيعية لقصورها وانما يستلزم تدخل المشرع لاحداث التمييز فيعطي السفينة اسماً وجنسية ورقماً وحمولة ، الخ (40) .
ج- عناصر التعيين الذاتي للمتجر :
يتمتع المتجر اذن بمركز قانوني ثابت سببه ما ينطوي عليه من وسائل تعيين تخصه وتمنع اختلاطه بغيره من المتاجر وان مصدر هذه الوسائل هو عناصره فمن المعروف ان لكل متجر مجموعة عناصر وان كل عنصر منها ينطوي على مجموعة صفات ومجموع صفات جميع تلك العناصر (او على الاقل العناصر اللازم وجودها للقول بوجود المتجر) تميز ذلك المتجر عن غيره وبهذا فإن تحديد المتجر يتم من خلال تحديد شامل للعناصر الداخلة فيه.
فإذا اتحد مؤجر العقار الذي يتواجد فيه متجران فسيختلف احدهما عن الاخر من حيث المستأجر مالك المتجر كذلك يختلف المتجران من حيث الاسم التجاري حيث لا يجوز لتاجر ان يميز متجره باسم او عنوان يميز متجراً آخر وهذه مسألة ميسور التحقق منها اذ هناك سجل رسمي خاص لهذا الغرض كذلك فإن العلامة التجارية المميزة لسلعة او خدمة ما لا يجوز استخدامها من تاجر آخر لتمييز اية سلعة او خدمة مشابهة .
ولا يختلف الامر كثيراً بالنسبة لبراءة الاختراع فهي تعود – قطعاً – الى مالكها الثابت اسمه في سجل البراءات وله عليها حق احتكاري ، او ان من يقوم باستعمالها انما هو شخص مرخص له القيام بذلك، سواء كان الترخيص اتفاقياًَ او اجبارياًَ . واذا كنا ازاء تاجرين مرخص لهما اتفاقياًَ استغلال ذات البراءة فإن كل ترخيص يختلف عن الآخر اما من حيث النطاق الاقليمي او من حيث نوع التصرف الذي يقوم به . واذا كنا ازاء دار للنشر ، فإن المنشورات محل النشر ، تختلف وحداتها من حيث الموضوع والمؤلف . كل ذلك بالاضافة الى تعذر تطابق عنصر العملاء بين متجر وآخر والى اختلاف طريقة انشاء كل منهما واختلاف الترخيص الاداري.
ثانياً: مدى كفاية التعيين الذاتي لتقرير الرهن غير الحيازي :
يقرر جانب من الفقه ان تمتع المتجر بوسائل تعيين ذاتية يؤدي الى خروجه من نطاق تطبيق قاعدة الحيازة (41) على اساس انه اذا كانت الحيازة اداة تعيين لمحل الحق العيني على الشيء فانه لا يتم اللجوء اليها اذا كان الشيء محل الحق معيناً تعييناً ذاتياً ، ويقرر هذا الجانب من الفقه ان تحقق انحسار قاعدة الحيازة عن المنقول المعين تعييناً ذاتياً لا يتوقف على نص تشريعي خاص وذلك في الوقت الذي يقول فيه (واما المحل التجاري فهو منقول معنوي والمنقولات المعنوية(42) كلها لا تخضع لقاعدة الحيازة او ما يتفرع عن هذه القاعدة من احكام والامر لا خلاف فيه ومن ثم فان خضوع المحل التجاري لقاعدة الحيازة لا يتضمن في ذاته خروجاً ولا استثناء وانما هو تطبيق هادئ سليم للقاعدة العامة في المنقولات المعنوية )(43).
كثير من الامور السابقة نتفق فيها مع هذا الجانب من الفقه ، ونعتبرها من المسلمات مثل ان المتجر منقول معنوي معين تعييناً ذاتياًَ وهو ما ناقشناه في الفقرات السابقة وهو رأي لم يعارضه فيه احد من الشراح (44) مثل استحالة خضوع المتجر للرهن الحيازي ، وان محاولة ابرام رهن حيازي عليه ، ستسفر حتما عن عقد باطل. غير اننا نرغب في مناقشة النقطتين التاليتين ، وهما عدم كفاية التعيين الذاتي لتطبيق احكام الرهن غير الحيازي على المنقول المعنوي وضرورة تدخل المشرع لتوفير امكانية ذلك التطبيق.
أ- عدم كفاية التعيين الذاتي :
نعتقد ان انحسار قاعدة الحيازة عن المنقولات المعنوية ، لا يعود لمجرد كونها معينة تعييناً ذاتياً لأننا نجد اموالاً معينة تعييناً ذاتياً ومع ذلك تلزم الحيازة لنفاذ رهنها في مواجهة الغير وانما يعود الانحسار لأنها منقولات معنوية اذ نجد منقولات معنوية غير معينة ذاتياً ومع ذلك لا يلزم نقل حيازتها انفاذ الرهن الوارد عليها في مواجهة الغير.
1- فالاسهم الاسمية ، معينة تعييناً ذاتياً ومع ذلك ما زال المشرع في معظم الدول يستلزم لنفاذ رهنها في مواجهة الغير انتقال حيازتها من الراهن الى المرتهن وبالرغم من ان شهادة السهم الاسمي تصدر باسم شخص محدد ، وبرقم محدد بعد ان يتم تثبيت كل ذلك في سجلات الشركة المعنية بالاضافة الى التصرفات الجارية عليها . بل ان الارض التي يقال بأنها تتمتع بالثبات الطبيعي تخضع لقاعدة الحيازة وللرهن الحيازي اذا لم تجر عليها اعمال التسوية (اعمال المساحة العامة) (45)، ولم ينظم لها سجل عيني تدون فيه التصرفات القانونية الواردة على تلك الارض .
2- هناك فئة من المنقولات المعنوية وبالتحديد (الديون) لا تخضع لقاعدة الحيازة بالرغم من انتفاء وسائل التعيين الذاتي فهي ليست معينة ذاتياً لسببين هما:
الاول : ان شخص المدين ليس عنصراً ملازماًَ للدين لا ينفك عنه فقد يتغير الشخص بحوالة الدين .
الثاني : ان الدين الذي يشغل ذمة المدين ليس اكثر من مال مثلي يخضع الدائن في اقتضائه لمزاحمة بقية الدائنين (46) .
خلاصة القول ان فكرة التعيين الذاتي على درجة كبيرة من الاهمية وهي عدة المشرع لتحرير المنقولات الهامة من قاعدة الحيازة وتنظيم رهنها وفق احكام مشابهة لتلك الخاصة بالرهن التأميني (الرسمي) ولكنها لا تكفي لخروج المنقول عن قاعدة الحيازة ولامكانية شهر الحقوق العينية عليها بغير تدخل المشرع ووضع المتجر في القانون الاردني خير مثال على ذلك ولكن فكرة التعيين شرط لازم ومسبق لامكانية تدخل المشرع من اجل تنظيم الرهن غير الحيازي .
ب- ضرورة تدخل المشرع لتنظيم الرهن غير الحيازي :
مما تقدم نقدر اهمية التعيين الذاتي لتدخل المشرع من اجل شهر الحقوق العينية على المنقول بغض النظر عن واقع الحيازة مع الادراك سلفاً بأن انحسار الحيازة يعود اما لأن المنقول مال معنوي او لان المشرع قد تدخل بوضع نظام شهر للحقوق العينية المقررة عليه .
غير ان المشرع لا يتدخل عادة لتنظيم رهن المنقول رهناً غير حيازي الا اذا قدر ات المنقول المطلوب شهر الحقوق العينية عليه بغير حيازة انما يتمتع بأهمية اقتصادية واضحة وكان هناك ارتباط بين الحاجة للائتمان وضرورة استمرار استغلال المال المرهون .
1- تمتع المنقول بأهمية اقتصادية واضحة :
حينما نتكلم عن الاهمية الاقتصادية فإننا لا نقصد ان يكون للمنقول قيمة عالية فالمجوهرات ثمينة القيمة ومع ذلك فلأن اهميتها الاقتصادية محدودة ولانها منقولات مادية ، يجري رهنها حيازياً ، وانما نقصد تلك المنقولات التي يترك استثمارها او عدمه اثراً واضحاً في اقتصاد الدول (47) . فتزيده باستثمارها انتعاشاً وتحميه ويساهم عدم استثماره في كساده وجموده.
فلأن السفينة مثلاً اداة لازمة لنقل البضائع والركاب بين شواطئ الدول ويؤدي استثمارها الى خدمة كل من التجارة والصناعة وبالعكس يؤدي توقف استثمارها الى جمود التجارة والصناعة لعدم تصريف مخزون المنتجات من جهة ولعدم امكانية تلبية الحاجات المحلية من خلال استيراد المخزون الخارجي لذلك تدخل المشرع بقواعد قانونية تميز كل سفينة عن الاخرى بحدود لا يمكن تجاوزها وتمكن من شهر الحقوق العينية الواردة عليها بغير حيازة وما يقال عن السفينة ، يقال عن الطائرة في النقل الجوي ويقال عن المركبات في النقل البري – وذلك دون تفرقة بين سفينة كبيرة وصغيرة او طائرة كبيرة وصغيرة او شاحنة كبيرة وصغيرة وبغض النظر عن مجال استخدامها اي سواء لتجارة دولية او محلية .
واذا كانت تلك المنقولات أدوات تخدم التجارة والصناعة بنقل البضائع والركاب واذا علمنا ان البضائع عنصر في المتجر والركاب في معظمهم تجار يرتحلون لابرام الصفقات والترويج لبضائعهم وبما ان تلك المنقولات ذاتها تعتبر هي (عنصر معدات) والبضائع عنصران في المتجر فإن ذلك يثبت زيادة الاهمية الاقتصادية للمتجر باعتباره اصل عن الاهمية التي تتمتع بها تلك المنقولات باعتبارها فرعاً منه مما يعني انه اذا كانت الاهمية الاقتصادية للسفينة والطائرة والشاحنة مبرراً لرهنها تأمينياً فإن المتجر باعتباره اداة تنفيذ مشروع النقل يتمتع بأهمية اقتصادية واضحة تبرر – ومن باب اولى – تدخل المشرع لرهنه رهناً غير حيازي .
2- الارتباط بين الحاجة للائتمان وضرورة استمرار استغلال المال المرهون :
ويلزم كمبرر لتدخل المشرع من اجل تنظيم الرهن غير الحيازي بشأن المنقولات عموماً والمتجر خصوصاً ان يكون هناك ارتباط بين الحاجة للائتمان وضرورة استمرار استغلال المال المرهون وبدون توقف .
ولما كانت حاجة التجارة للائتمان لا تحتاج لإثبات فإننا سنقتصر على بيان اهمية الائتمان بطريقة موجزة بضرورة استمرار استغلالها مبرراً لتنظيم المشرع رهن تلك المنقولات رهناً غير حيازي ونرى ما اذا كان هذا الارتباط بين المسألتين قائماً ام لا بالنسبة للمتجر.
يتم استغلال كل من السفينة والطائرة والمركبة لتنفيذ مشروع تجاري ، وهو بالتحديد مشروع النقل الذي يتوقف نجاحه وتقدمه على عوامل عديدة اهمها وجود كفاءة للمنقولات المستخدمة في تنفيذه ويحتاج وجود تلك المنقولات ودوام كفاءتها الى توافر سيولة نقدية فورية وعالية لتغطية حاجات استغلالها من صيانة وتجهيز وتجديد واداء اقساط تأمين ودفع اجور عمال وفنيين وسداد رسوم موانئ ومواجهة ما يحل بها من كوارث لمواصلة انجاز الرحلات المطلوبة بسلام ودفع التعويضات الناجمة عن الاخلال بأي من الالتزامات المترتبة على العقود المبرمة بشأن استغلال تلك المنقولات …. الخ . ويعتبر توافر السيولة النقدية بالقدر الكافي لمواجهة كل ما تقدم مسألة متعذرة في اغلب الحالات لذلك يسعى مالك تلك المنقولات للاقتراض بضمانها اي بتقرير رهنها عليها . فإذا عوملت تلك المنقولات مجردة مما اسبغه عليها المشرع من وسائل تعيين ذاتي وما وفره للتصرفات الواردة عليها من نظام للشهر لكان الرهن الملائم لها هو الرهن الحيازي رهناً يتقرر على منقولات مادية (48) .
ومن شأن رهن تلك المنقولات رهناً حيازياً نقل حيازتها الى المرتهن او الى عدل بعيداً عن حيازة الراهن مما يؤدي الى توقف الدور الخاص بها وتعطيل جميع المصالح المرتبطة بها ايضاً ، ويفضي الى عجز الراهن عن السداد لأن مورد دخله قد توقف وبالتالي الى افلاسه باختصار يؤدي الرهن الحيازي لتلك المنقولات الى تفويت الغرض المقصود من الائتمان فيتعذر على المالك استغلالها بالمال الذي حصل عليه .
لأجل ذلك رأى المشرع ان يتم رهنها بمقتضى قواعد تشبه قواعد الرهن التأميني (الرسمي) كي تبقى في حيازة الراهن ويستطيع الاستمرار في الاستثمار والبقاء في الحيازة التجارية ويؤدي ما رتبه استغلاله لها في ذمته من الالتزامات .
لقد دفع ذلك الارتباط بين حاجتي الائتمان واستمرار استغلال تلك المنقولات بالمشرع الى تعيينها تعييناً ذاتياً بوسائل اصطناعية وايجاد سجل تشهر بقيد التصرفات الواردة عليها فيه جميع الحقوق العينية الاصلية والتبعية المقررة عليها.
الآن : اذا كان ارتباط حاجتي الائتمان واستمرار استغلال تلك المنقولات قد دفع بالمشرع الى اتخاذ الموقف السابق من الرهن الحيازي فماذا سيكون موقف اذا علمنا ان من شأن الرهن الحيازي الذي تفرضه الحاجة للائتمان ان يؤدي الى زوال المرهون من الوجود وليس مجرد التوقف عن استغلاله ؟ والمرهون المقصود هنا هو المتجر (39) .
الفصل الثالث الحل الذي يتبعه القانون المقارن
تمهيد :
يحتاج فك قيد القواعد العامة المفروض على التجارة والصناعة كي تتدفق الحياة فيها بشكل مضاعف ويتحقق الرواج التجاري والصناعي الى وضع نظام قانوني ملائم ينسجم مع حاجة كل من التجارة والصناعة الى الائتمان ويخلصهما من غموض النصوص الحالية وقصورها وتعارضها . ونرى ان سبيل المشرع الاردني الى ذلك لا يتم بحلول جزئية على غرار القانون المعدل لقانون مؤسسة المدن الصناعية رقم 82 لعام 1983 وانما يتم – في جزء منه – بوضع قانون للمحل التجاري يكمل ما بدأه في المواد 35،38،39 من قانون التجارة فينظمه ويبين القواعد التي تحكم التصرفات الواردة عليه من بيع ورهن وتأجير .
كما نرى انه لا غضاضة بل من المفيد الاطلاع على القواعد القانونية في القوانين المقارنة للاهتداء بتجارب المشرع في الدول الاخرى . وللمساعدة في تحقيق ما تقدم سنعرض في مطلبين متتاليين ابرز ملامح رهن المحل التجاري في القانون المقارن ثم رأينا الشخصي او الحل المقترح .
المطلب الاول قواعد القانون المقارن الخاصة برهن المتجر
يجد من يستعرض القوانين المقارنة الخاصة برهن المتجر انها تنطوي على الملامح التالية مع مراعاة انه لا يشترط توافرها جميعاً حتى يقال بأن الرهن المقصود انما هو رهن غير حيازي وانما يكفي ان لا تؤدي الرهن الى تجريد الراهن من حيازته بل يبقيه سيد تجارته ويحقق في الوقت ذاته الضمان الملائم للمرتهن .
1- لم تتعرض القوانين المقارنة للرهن وحده وانما تناولت كلاً من الرهن والبيع لتحقيق غايتين هما :
أ- ترتيب امتياز لبائع المتجر وتمكينه من رفع دعوى الفسخ واسترداد المبيع وذلك على نحو مخالف لما ورد في المادة 436 من قانون التجارة الاردني التي تنص على انه (اذا كان المشترى قد تسلم البضاعة قبل افلاسه فلا يجوز للبائع ان يحتج بدعوى الفسخ ولا بدعوى الاسترداد ولا بامتيازها) .
ب- تنظيم الرهن غير الحيازي للمحل التجاري.
2- تحاكي تلك القوانين قواعد الرهن التأميني الخاص بالعقارات لا من حيث عدم تجريد الراهن من حيازة المتجر المرهون فحسب وانما باسباغ الصفة الرسمية على عقد الرهن واعتبارها اما ركناً فيه او شرطاً لوجود الحق العيني(50).
فالمادة 11 من قانون بيع ورهن المحال التجارية المصري تنص على انه (يثبت الرهن بعقد رسمي او بعقد عرفي مقرون بالتصديق على توقيعات اواختام المتعاقدين) وتفسر غالبية الفقه المصري هذا النص بأنض المشرع قد جعل الكتابة ركناً في عقد الرهن وليس شرطاً للاثبات لانه اذا اريد تشبيه رهن المتجر برهن العقار فلا اقل من ان يتشابه الرهنان من حيث الاركان(51). وقد قصد من هذا التفسير تشبيه حكم المادة 11 السابق بيانه بحكم المادة 1031 من القانون المدني المصري التي تنص على انه (لا ينعقد الرهن الرسمي الا اذا كان بورقة رسمية) واذا كان جانب من الفقه المصري قد خالف التفسير المتقدم في شأن اعتبار الرسمية ركناً في عقد الرهن فإنه يرى ان الرسمية لا تقع على العقد وانما تقع على الحق العيني ذاته (52) . وما قيل عن القانون المصري يقوله الفقه عن القانون الفرنسي (م 10) حيث يرى الفقه الفرنسي ان رهن المحل التجاري انما هو رهن شكلي كما هو حال الرهن التأميني(53).
ويترتب الحق العيني عليه مباشرة باعتباره مصدراً له ، وينفذ الحق العيني التبعي في مواجهة الغير بالقيد في السجل التجاري ولا تقوم حاجة من ثم الى نقل الحيازة لان التسجيل يحقق الشهر والعلانية ويوفر للمرتهن ميزتي الاولوية والتتبع وان تصرفات الراهن الواردة على متجره لا تنفذ في مواجهة المرتهن الا بالقيد في السجل وان وفاء مشتري المتجر لا يعتبر مبرئاً لذمته بغير اتباع اجراءات النشر والاعلان .
كما يوفر ابقاء الحيازة للراهن استمرار الاخير في استثمار متجره والاستفادة من الائتمان الممنوح بتحقيق طموحه التجاري كما يمكنه من اعادة رهنه بل والقدرة على تأجير استغلاله .
3- تترك تلك القوانين ما يتعلق بأهلية الاطراف وشرط ملكية الراهن للمال المرهون وشرط عدم جواز تملك المرتهن للمرهون عند عدم وفاء المدين المضمون وشرط انطباقه على المؤسسات التجارية القائمة دون غيرها للقواعد العامة .
4- حددت بعض تلك القوانين مرتهن المتجر في ان يكون بنكاً او بيتاً للتمويل ولم تترك حرية اختياره للراهن فلا يجوز تحت طائلة البطلان ان يكون المرتهن غير الذي حدده القانون وذلك رغبة من المشرع في حماية الراهن من الوقوع في قبضة المرابين(54).
5- تعتبر القوانين المقارنة الحق في الايجار جزءاً من ملكية المتجر بحيث يتم التصرف فيه تبعاً للتصرف في المتجر لان عدم الوفاء بالدين المضمون سيدفع بالمرتهن الى بيع المتجر المرهون بالمزاد العلني مما يؤدي الى استبدال المستأجر الاصيل بمستأجر آخر يحل محله .
هذا ما يعتبره القضاء المصري احدى حالات الضرورة الملجئة التي تجيز للمستأجر التنازل عن حقه في الايجار (55) وتؤكد المادة 18 من القانون المصري ذلك حيث تقرر بطلان كل شرط في عقد الايجار يترتب
1 person likes this.
بحث قانوني عن اهمية الانترنت في اثبات الدعاوي الحقوقية .
بحث مقدم لنقابة المحامين الاردنيين
حجية الانترنت في اثبات الدعاوي الحقوقية
اعداد المحامية المتدربة نور ذيب بدوية
الرقم النقابي 15703
بأشراف المحامي الاستاذ ذيب مصطفى بدوية
2009-2010
((لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ))
صدق الله العظيم
سورة البقرة الاية286
((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))
صدق الله العظيم
سورة البقرة الاية 283
الاهداء
الى القدر الذي حتم علي ان اكون كما انا عليه الان …..
الى الامل الذي جعل حياتي مليئة بالتفاؤل ……
الى من جعل دربي سهل بمعاناته وصبره ……
الى من وقفا الى جانبي بكل خطوة لاصل الى ما انا عليه الان……
الى والدي ووالدتي …………
والدي الحبيب ،وصديقي ،واستاذي…
قدوتي الذي وقف بجانبي…..
الى من رسم لي طريق النحاج…..
والدتي ،امي ،صديقتي…..
طوق الحب والحنان الملتف حول عنقي …..
الى الذين كانو وما زالو زهرات تنير طريقي…
الى اخواتي الاعزاء ……
الى كل انسان صادق صادفته في مشواري الى ان وقفت امامكم هنا…….
اليهم جميعا اهدي بحثي هذا…..
الشكر والتقدير
انني اذ اقدم بحثي هذا لنقابة المحامين الاردنين الموقرة للحصول على الاجازة في المحاماة وانني اتوجه بالشكر والتقدير الى اللجنة الموقرة على جهدها المبذول في قراءة هذا البحث وتقديمه…..
كما اتقدم بجزيل الشكر الى نبع الحنان ورفيق دربي استاذي ووالدي الاستاذ ذيب مصطفى بدويه الذي لم يبخل علي بأي شيء رغم هفواتي الا انه لم يبخل بأي شيئ من النصح والارشاد فكان لي ليس والدا فحسب انما شجرة عطاء لا تكف عن اعطائي المزيد والمزيد ،فكان بجاني كلما احتجت اليه فكان وسيزال ابا ومعلما ومربيا ومرشدا لي…….
الى من ساندتني اثناء مسيرتي القانونية ووقفت الى جانبي خلال العامين المنصرمين فكانت حنونة ومعطاء امي الفاضلة…
الى كل من كان مخلصا لي يوما وصادقا وقدم لي يد العون والمساعدة معي …..
فلهم مني جزيل الشكر والتقدير…..
المقدمة ،،،،،
منذ فجر التاريخ والانسان يسعى بما حباه الله من عقل مفكر الى تحسين عيشة وتطوير حياته والعصر الذي نعيشه ما هو الا امتداد للماضي واستكمال لما بداه السابقون.
وتعد شبكة الانترنت احدى التقنيات العصر الحديث وهي امتداد للانجازات البشرية منذ اكتشاف وسائل البريد والاتصالات الهاتفية. توظف شبكة الانترنت ثلاث تقنيات مهمة وهي تقنيات الاتصالات ، والحاسوب ،ووسائل المعلومات ،التى تطورت تطورا ملحوظا في العقود القليلة الماضية .فقد اصبحت شبكة الانترنت واقعا في حياتنا بتجاوز بعد المكان وفارق الزمان ويعمل وسيطا للتبادل والتشارك في المعلومات والمعارف .والمتتبع لاخبار شبكة الانترنت يستطيع تبين الزيادة المستمرة في حجم البيانات المتبادلة عبر الشبكة التي تزيد سرعة تراسلها من يوم الى اخر بسبب التطورات المتسارعة والتحسينات الدائمة.
وفي بداية الثمنينات تطورت تكنولوجيا الحواسيب واخترع ما يسمى بالحاسوب الشخصي (PC) ، لخدمة الافراد واتمتة اعمالهم ،ثم ظهرت الحاجة الى ربط حواسيب الافراد في المؤسسة نفسها لتسهيل تبادل المعلومات بينهم فيما سمي بالشبكة المحلية (Local Area Network – LAN) .ثم ربطت هذه الشبكات بين فروع المؤسسة الواحدة التي تقع في مناطق جغرافية متباعدة فظهرت شبكات المدن(Metropolitain Area Network- – MAN) والشبكات الواسعة ( Wide Area Network –WAN) لربط الشبكات المحلية ببعضها البعض .
لقد بدأت هذه الشبكات لفترة من الوقت كأنها جزر معزولة بحاجة الى قنوات اتصال لربطها وتسهيل نقل وتبادل المعلومات فيما بينها ، ولكن كان من المعتذر ربطها بسبب عدم توافقها مع بعضها البعض من حيث التصميم وطرق معالجة البيانات .
تتيح شبكة الانترنت التي تمتد حاليا عبر اكثر من 170 دوله خدمات عديدة منها : البريد الالكتروني (e-mail) ونقل الملفات والمعلومات من جهاز الى اخر ، وتنفيذ برامج في اجهزة موجودة في اماكن بعيدة .
وقد وفرت التجارة الالكترونية من خلال الانترنت الفرصة للشركات الصغيرة والمتوسطة للمشاركة في التجارة الدولية والعالمية بسبب قلة كلفة التسويق والاعلان، بما ينعكس ايجابيا على تحفيز المشروعات الصغيرة وتمكينها من اختراق الاسواق العالمية .
وبما ان العالم الان يشهد تحولا سريعا من كافة نواحي الحياة المختلفة ،فأن الانترنت ساهم بشكل واسع بزيادة الثقافة والترفيه والاتصالات الشخصية وقد شجع على ظهور وتطوير العديد من التطبيقات في مختلف المجالات : الاعلامية والتجارية والاكادمية والطبية والاجتماعية والصناعية والزراعية والسياسية ، فأصبح يستخدم ليس من مجرد المتخصصون في علم الحاسوب بل استخدمه الاكادميون والباحثون والموسسات والمنظمات والحكومات ،فأصبح يستخدم من قبل الموسسات كوسيلة للتوعية والاتصال بالمجتمعات.
وفي مجال التجارة ، تستخدم الشركات التجارية الانترنت لتطوير وترويج منتاجاتها فضلا عن التعاملات المالية ،حيث اسهم الانترنت في ايجاد بديل اقتصادي من شأنه زيادة الكفاءة وتقليص المسافات بين المنتج والمستهلك ،بحيث يقوم المستهلك بعملية الشراء الكترونيا عبر الانترنت دون الحاجة الى الوسطاء او مندوبي المبيعات او حتى بائعي الجملة مما يوفر للمستهلك اسعارا اقل وبدائل اوسع ، ويعود بالفائدة على البائع من خلال توفير التسويق والدعاية والاعلان وتوفير الوقت والمكان المطلوبين للمعاملات التجارية .
،وقد وضع المشرع الاردني القوانين التى تهدف الى تسهيل استخدام الوسائل الالكترونية في اجراء المعاملات وتنظيمها بحيث تم اصدار قانون المعاملات الالكترونية المؤقت رقم 85 لسنة 2001 ونحن هنا سنتعرض في بحثنا هذه الامور وعن مدى حجية الرسائل المرسلة بواسطة البريد الالكتروني في الاثبات وكذلك اثبات صحة السندات الالكترونية المستخرجة بواسطة رسائل الاتصالات الحديثة ومنها بطبيعة الحال التلكس والفاكس والبريد الالكتروني E-mail عبر شبكة الانترنت .
.. وهل يعتبر التغيير او الاضافه او الحذف الذي يقع على هذه السندات تزويراً في سند كتابي ؟
للاجابه على هذه التساؤلات سوف اتناول الحديث عن حجية الرسائل المرسلة بواسطة االبريد على النحو التالي :-
المبحث التمهيدي : ماهية وسائل الاتصال الحديثة ، اشكالها ، تطورها ، انواعها وهي (الهاتف ، الفاكس ، التلكس ، الانترنت )
المبحث الاول : حجية الرسائل المرسله بواسطة البريد الالكتروني ( E-mail) عن طريق الانترنت في الاثبات وفق المفاهيم التقليديه .
المبحث الثاني : حجية الرسائل المـرسله بواسطة البـريد الالكتروني ( E-mail) عن طريق الانترنت في الاثبات وفق المفاهيم الحديثه.
المطلب الاول :المفهوم الحديث للكتابة .
المطلب الثاني : المفهوم الحديث للتوقيع .
الفرع الاول : دور او وظيفة التوقيع الالكتروني .
الفرع الثاني : شكل التوقيع الالكتروني .
المبحث الثالث : القضايا القانونية المتعلقة بالسندات الالكترونية وحجيتها بالاثبات
المطلب الاول : القضايا التجارية
المطلب الثاني: القضايا القانونية
المطلب الثالث : حجية السندات الالكترونية في الاثبات
المطلب الرابع : السند الالكتروني القابل للتحويل
المطلب الخامس: التحويل الالكتروني للاموال
المبحث الرابع : طرق الطعن في حجية السندات الالكترونية
المطلب الاول : انكار السندات الالكترونية .
المطلب الثاني : الادعاء بتزوير السندات الالكترونية .
مبحث تمهيدي
عرف الاتصال منذ القدم وكان الانسان بحاجة مستمرة للاتصال بأخيه الانسان فمن هنا بدت الحاجة الى وسائل الاتصال اذ ان جسم الانسان بطبيعته يتكون من وسائل اتصال مختلفة وهي الاستقبال والارسال ، فحاول الانسان منذ القدم ان يتعلم اللغات المختلفة وقد اجادها ومن خلالها تمكن من تحقيق الاتصال .
ففي العصر الاسلامي الاول استخدم البريد فكانو يقومون بأرسال الرسائل بواسطة الحمام الزاجل او بواسطة الاشخاص المرتجلين الذين كانو يقطعو مسافات لتوصيل الرسائل .
ثم ظهر البريد في زمن الخليفة عبد الملك بن مروان ، وابنه الوليد ،حيث عرف لاول مرة ديوان البريد والذي اشتهر من كبار موظفيه عبد الحميد الكاتب .وقد ظل البريد المحمول بواسطة الحمام الزاجل وبواسطة الاشخاص حتى زمن الدولة العباسية،الا انه في القرن العشرين فقد شهد العالم تطورا كبيرا من الانجازات العلمية في شتى مجالات الحياة ، على ان قطاع الاتصالات قد حظي بالجزء الاهم والاعظم من هذه الانجازات لما كان له دور كبير في تقريب العالم .ففي بدايه القرن العشرين اخترع (جراهام بل) الهاتف والذي يعد من افضل الاختراعات في مجال الاتصالات ثم اخترع (ماركوني) المذياع لتنقل المعلومات المنطوقة لمسافات كبيرة بدون اسلاك فتصل الى اسماع الناس في مختلف بقاع الدنيا ثم تلا ذلك ظهور التلفاز والذي مكن العالم من مشاهدة الاحداث بالصوت والصورة وبقي التطور العلمي يسير يوم بعد يوم وسنة بعد سنة الى ان شهد العالم تطور لم يشهده من قبل في ثورة الاتصالات فظهرت الحاسبات الالكترونية والفاكس والتلكس والهواتف المتنقلة وغيرها من الاجهزة المتطورة وكان اخر ما ظهر الانترنت ، والذي فاق بسرعته وسهولة استخدامه كل وسائل الاتصالات التي سبقته(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) عبدالرحمن المبيضين / دراسات في التلكس والتلبرنتر/ دار مجدلاوي للنشر والتوزيع / لسنة(1983)/ ص7.
فقد ادت هذه المعلوماتية وتراكمها المتواصل والسريع الى الانفجار المعلوماتي الهائل الى ايجاد وسائل الاتصال الحديثة التي لولاها لما استطاع احد على وجه الخليقة ان يلم بهذا التطور والكم الهائل من المعلومات او حتى ان يخزنها العقل البشري او صفحات الكتب لابد من وجود قناه مناسبة يتم نقل وتبادل المعلومات من خلالها فكان الانترنت ومازال من وقت التطور الهائل اهم وسيلة من وسائل الاتصال الحديثة، وبذلك فأنني سأتناول الحديث في بحثي هذا عن احدث وسيلة من وسائل الاتصال الحديثة التي احدثت ثورة لم تحدثها اي وسيلة اتصال سبقتها وهي الانترنت ،لما له من دورهام في الاثبات ،ومما يدل على ذلك اضطر المشرع الاردني للقوانين التي تهدف الى تسهل استخدام الوسائل الاللكترونية في اجراء المعاملات وتنظيمها بحيث تم اصدار قانون المعاملات الالكترونية المؤقت رقم 85 لسنة2001 ،وسوف نتعرض ببحثنا هذا الى هذه الامور وفقا للقوانين والانظمة المعمول بها في القانون الاردني .
المبحث الاول حجية الرساله التي تصل الى المرسل اليه عن طريق البريد الالكتروني
( E-mail) عبر شبكة الانترنت وفق المفاهيم التقليديه
ان الرساله التي تصل الى المرسل اليه عن طريق البريد الالكتروني عبر شبكة الانترنت هي عباره عن بيانات مكتوبه بواسطة الاله الطابعه الملحقه بجهاز الحاسوب على عنوان المرسل اليه ، وتظهر على شاشة الجهاز لدى الطرف الثاني ، الذي يكون لديه خدمة مشابهه وعنوان بريدي متعارف عليه بين المرسل والمرسل اليه ، ويستطيع اي مشترك بالانترنت ان يرسل رسائل او سندات الى اي جهه اخرى عبر هذه الشبكه اذا كان لديه عنوان بريد للطرف الاخر وبالمقابل فإن الطرف الاخر عندما يتأكد من وصول رسائل الى صندوق البريد عبر شبكة الانترنت فإنه يقوم بفتح الجهاز فيما يتعلق بالرمز البريدي على جهاز الحاسوب ، وهنا يجد الرسائل قد وصلت اليه ، واذا ما أراد ان يخرج هذه الكتابه الالكترونيه من خلال شاشة الجهاز ، فما عليه الا ان يصدر امر الطباعه للجهاز لديه ويثور التساؤل عن مدى حجية هذه الرسائل في الاثبات ، هل يمكن ان تعتبرها في حكم السندات الرسميه ام تطبق عليها احكام السند العادي التي تطبق على الرسائل والبرقيات .
والجواب على ذلك سيكون على النحو التالي :-
أولاً :- لايمكن ان تطبق على الرسائل المرسلة بواسطة البريد الالكتروني احكام السندات الرسمية ، لان هذه الرساله لم تصدرعن موظف رسمي أو شخص مكلف بخدمة عامه نظمها ووثقها طبقا للاوضاع القانونيه ،ويحكم به دون ان يكلف مبرزها ما نص عليها ويعمل بها مالم يثبت تزويرها(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) نص الماده ( 6) من قانون البينات الاردني رقم 30 لسنة 1952، وفقا لاخر التعديلات لسنة 2001
ثانيا :- تعتبر هذه الرسائل لها قوة الاسناد العادية من حيث الاثبات مالم يثبت موقعها انه لم يرسلها ولم يكلف احدا بأرسالها(1) وكذلك تكون للبرقيات هذه القوة ايضا اذا كان اصلها المودع في دائرة البريد موقعا عليها من مرسلها.
ثالثاً :- تكون للمستخرجات الحاسوبية المصدقة او الموقعة قوة السندات العادية من حيث الاثبات مالم يثبت من نسبت اله انه لم يستخرجها ولم يكلف احدا بأستخراجها،كما ان المشرع الاردني اعتبر رسالة التلكس بالرقم السري بين المرسل والمرسل اليه حجة عليهما بأعتبار ان رسائل الفاكس والتلكس والبريد الالكتروني لها قوة الاسناد العادية في الاثبات ما لم يثبت من نسبت اليه ارسالها انه لم يقم بارسالها ولم يكلف احدا بأرسالها(2).
رابعاً يعد السجل الالكتروني والعقد الالكتروني منتجا للاثار القانونية ذاتها المترتبة على الوثائق والمستندات الخطية والتوقيع الخطي بموجب احكام التشريعات النافذة من حيث الزامها لاطرافها او صلاحيتها في الاثبات (3) ، ويستمد السجل الالكتروني اثاره القانونية ويكون له صفة النسخة الاصلية اذا توافرت فيه مجتمعة الشروط التالية :
1) ان تكون المعلومات الواردة في ذلك السجل قابلة للاحتفاظ بها وتخزينها بحيث يمكن ، في اي وقت ، الرجوع اليها .
2) امكانية الاحتفاظ بالسجل الالكتروني بالشكل الذي تم به انشاؤه او ارساله او تسليمه او بأي شكل يسهل به اثبات دقة المعلومات الواردة في السجل على ما ينشأه او يتسلمه وتاريخ ووقت ارساله الرسالة (4).
الا ان المشرع بين انه اذا كانت المعلومات المرفقة بالسجل الالكتروني الهدف منها تسهيل ارساله وتسليمه فأنه لا تطبق عليه الشروط المذكورة.
وعلى الرغم من ذلك الا ان المشرع قد بين بأن المنشئ او المرسل اليه يستطيع اثبات هذه الشروط بواسطة الغير.
كما تعتبر رسالة المعلومات وسيلة من وسائل التعبير عن الارادة المقبولة قانونا لابداء الايجاب والقبول بقصد انشاء التزام تعاقدي (5).
(1) نص الماده ( 13) من قانون البينات الاردني رقم 37 لسنة (2001).
(2) نص الماده ( 13) من قانون البينات الاردني رقم 37 لسنة (2001).
(3) نص المادة (7) من قانون المعاملات الالكترونية رقم 85 سنة (2001).
(4) نص المادة (8) من قانون المعاملات الالكترونية رقم 85 لسنة (2001).
(5) نص المادة (13) من قانون المعاملات الالكترونية رقم 85 لسنة (2001).
.. من كل ماتقدم فإن الرسائل الالكترونيه عبر شبكة الانترنت وعلى ضوء المفاهيم التقليديه للدليل الكتابي ، لايمكن ان نعتبرها في حكم السندات الرسمية ، ولكن وفقا لاحكام القانون يمكن ان تعتبر في حكم السندات العاديه فيما اذا توافرت فيها الشروط التي ذكرتها سابقا.
المبحث الثاني حجية الرسائل المرسله بواسطة البريد الالكتروني ( E-mail)
عن طريق الانترنت في الاثبات وفق المفاهيم الحديثه
.. لقد ذكرنا سابقاً بأن الدليل الكتابي بالمفهوم التقليدي ، من أفضل السندات في الاثبات ، واذا كنا قد سلمنا بهـــذه الحقيقـــه ، فهـــذا لايمنـــع ان نستفيد من السندات ( الالكترونيه ) التي فرضت نفسها في التعامل ، وشاع استخدامها بين الافراد ، بوصفها وسائل اثبات لاتقل شأنا في قوتها عن الدليل الكتابي ، بل انها اصبحت البديل العصري الافضل والأوسع في المعاملات وبأقل التكلفه فهذا ماثبت بالسندات الكتابيه الاخرى وماينطوي عليها من مشاكل واوضاع قانونيه مختلفه .
.. أمام كل هذا فإن السؤال يثور حول قوة السندات الالكترونيه الحديثه في الاثبات مقارنه مع السندات الكتابيه التقليديه ، وخاصه فيما يتعلق بالرسائل المرسله من خلال البريد الالكتروني ( E-mail) عبر شبكة الانترنت .
.. وللاجابه على هذا التساؤل فلا بد من التعرض الى ما يلي :-
المطلب الأول : المفهوم الحديث للكتابة .
المطلب الثاني : المفهوم الحديث للتوقيع .
المطلب الأول ،،، المفهوم الحديث للكتابة
المقصود بالكتابة في المفهوم الحديث ، الكتابة بالمعنى الواسع ، التي لاتشمل السندات التقليديه فحسب ، وانما تشمل ايضاً السندات المرسله عن طريق وسائل الاتصال الحديثه ( كالتلكس والفاكس ) ويمكننا ان نعتبر الرسائل المرسله بواسطة( البريد الالكتروني ) عبر شبكة الانترنت كذلك تدخل ضمن المفهوم الحديث للكتابه بالمعنى الواسع.
.. كذلك قانون الاوراق الماليه الاردني المؤقت رقم 23 لسنة 1997 قد نص في الماده 72/ج منه على اعتماد البيانات الالكترونيه او الصادره عن الحاسوب وتسجيلات الهاتف ومراسلات اجهزة التلكس والفاكس(1) ،
ومن الرجوع الى نص هذه الماده نجد انها من اول القوانين التي نصت صراحه على اعتماد السندات الالكترونيه ويمكننا اعتبارالرسائل الالكترونيه عبر شبكة الانترنت من هذه السندات التي لها قوه في الاثبات المدني والتجاري، على اعتباران شرط الكتابه متوفر بها ، ضمن هذ المفهوم مقارنه مع السندات التقليديه، ولكن وفقا للمفهوم الحديث وخاصة قانون المعاملات الالكترونية اذ اعتبرها حجة ملزمة ومرتبه لاثارها القانونية ،ووسيلة من وسائل التعاقد عن بعد والتعبير عن الارادة المقبولة قانونا لابداء الايجاب والقبول لانشاء التزام تعاقدي وفقا لما نصت عليه نص المادة (13) من قانون المعاملات الالكترونية .
المطلب الثاني : المفهوم الحديث للتوقيع ،،
.. نقصد بمفهوم التوقيع الحديث ، التوقيع بالمعنى الواسع الذي لايقتصر على التوقيع التقليدي بخط اليد فحسب ، وانما يشمل التوقيع ( الالكتروني ) بالتثقيب او الختم او بالرموز او بأية طريقه الالكترونيه اخرى .
.. وقد اصبحت فكرة التوقيع الالكتروني موجود في عالمنا اليوم امام انتشار نظم المعالجه الالكترونيه للمعلومات الالكترونيه فمثل هذه النظم اخذت تغزو المؤسسات الماليه والشركات والادارات والبنوك وتعتمد اعتماد كلياً على الآليه والتوقيع كأجراء مكتوب يدوياً واصبحت من العقبات التي يستحيل تكيفها مع النظم الحديثه .
.. وفي ظل تلك المتغيرات اتجه العالم الى البحث عن بدل للتوقيع اليدوي واستبداله برقم سري معين او رمز محدد يسمى ( بالتوقيع الالكتروني ) ولقد كان من نتيجة ادخال الحاسب الالكتروني في كثير من مجالات الحياه العمليه ، حيث ظهرت بعض صور المعاملات التي يتطلب انجازها مجموعه من الاجراءات ملزمه للطرفين ، وتتـم بالمعــنى الالكـتروني وهـو الكـود ( رقم او رمز او شيفره ) (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) المادة (72/ج) من قانون الاوراق المالية الاردني المؤقت رقم (23) لسنة 1997
(2) انتصار الغريب / ، أمن الكمبيوتر والقانون / دار الراتب الجامعيه / بيروت (1994)/ ص ( 131) ومابعدها
ومن هنا نجد بأن تقنية التوقيع الالكتروني مشابه للتوقيع العادي المستخدم في توثيق الوثائق المستخدمة في العمليات التجارية وتأصيلها ويستفاد منه في :
1) اثبات صحة الوثائق المتراسلة عبر الانترنت واصوليتها .
2) التحقق من هوية المرسل اليه
3) عدم انكار المرسل لعملية الارسال
كما ان المادة (14) من قانون المعاملات الالكترونية نصت على انه(تعتبر رسالة المعلومات صادرة من المنشئ سواء صدرت عنه لحسابه او بواسطة وسيط الكتروني معد للعمل اوتوماتيكيا بواسطة المنشئ او بالنيابة عنه)(1)
تبنى طريقة التوقيع الالكتروني على استخدام المفتاح العام في التشفير حيث يقوم المرسل بأستخدام مفتاحه الخاص بتوقيع الرسالة بينما يقوم المستقبل بأستخدام المفتاح العام للمرسل في فك التشفير ، ولكن يتم ذلك بالاستعانة ببعض الدالات الرياضية .
يتضمن استخدام التوقيعات الالكترونية عادة عمليتين ، واحدة يتم انجازها من قبل الموقع والاخرى من قبل مستلم التوقيع الالكتروني .
ومن ذلك فما على المرسل الا ان يقوم بانشاء توقيع الكتروني بواسطة دالة رياضية خاصة ،وتتكون البصمة الالكترونية للرسالة من بيانات لها طول ثابت تؤخد من الرسالة المحولة بعد ذلك يقوم الموقع بتشفير البصمة الالكترونية بأستخدام المفتاح السري الخاص به وينتج التوقيع الالكتروني ،وان التوقيع الالكتروني الناجم عن ذلك يعتمد على كل من الرسالة والمفتاح الخاص المستخدم في انشائه ثم يرسل التوقيع الالكتروني مع الرسالة .
(1) نص الماده ( 14) من قانون الامعاملات الالكترونية الاردني رقم 85 لسنة (2001).
وعند استقبال الرسالة فما على المستقبل اي المرسل اليه ان يتثبت من صحة التوقيع الالكتروني عن طريق احتساب البصمة الالكترونية بواسطة فك تشفير التوقيع الالكتروني بأستخدام مفتاح تشفير عام للرسالة المستقبلة ،وبذلك يتم مطابقة التوقيع الالكتروني المرسل بالتوقيع الاصلي فأذا تطابقت النتيجة فأن هذا يثبت بأن المرسل هو الذي قام بأرسال الرسالة وبالتالي لن يستطيع المرسل انكار الرسالة التي ارسلت ، ولكن اذا ما كان هناك طرف اخر قام بتغير الرسالة فأن المرسل اليه لن تتطابق معة البصمة الالكترونية وبالتالي لا يمكن ان تكون منسوبه الى الشخص المنشئ .
وبالتالي فأن التوقيع الالكتروني على رسالة ما عبارة عن بيانات ملخصة من الرسالة ذاتها يجري تشفيره وارساله مع الرسالة ،بحيث يتم التوثق من صحة الرسالة من المستقبل عند فك التشفير وتطابق محتوى التوقيع على الرسالة.
وهناك ايضا ما يسمى بالتوقيع الحيوي وهو شكل اخر للتوقيع الالكتروني ،حيث يقوم المرسل بالتوقيع اليدوي على احدى اللوحات الالكترونية ويتم عندها التحقق من اصالة الموقع من خلال تدقيق سرعة التوقيع ومطابقة حركة اليد الموقعة على اللوحة،وبذلك يتم التحقق من صحة التوقيع .
.. ايضاً لابد من ذكر بعض التطبيقات التي تهمنا في هذا البحث المتعلقه بالتوقيع الالكتروني ومنها :-
التعاقد عن بعد ،،،
.. لقـــد استعمـــل الحاســـب الآلــي كوسيلـه لنقــل المعلومــات عن بعــد وهذا يسمى ( TELE TREATEMANT) اي الاتصال بين حاسب الكتروني وآخر بعيداً عنه ، فأذا اتفق الاطراف على اجراء معاملة بوسائل الكترونية يقتضي التشريع الخاص بهذ المعاملة تقديم المعلومات المتعلقة بها او ارسالها او تسليمها الى الغير بوسائل خطية فيجوز لهذه الغاية اعتبار اجرائها بوسائل الكترونية متفقا مع متطلبات تلك التشريعات اذا
كان المرسل اليه قادرا على طباعة تلك المعلومات وتخزينها والرجوع اليها في وقت لاحق بالوسائل المتوافرة لديه.
واذا حال المرسل دون امكانية قيام المرسل اليه بطباعة السجل الالكتروني وتخزينه والاحتفاظ به يصبح هذا السجل غير ملزم للمرسل اليه (1).
وفقا لنص المادة يتبين ان التعاقد فيما بين طرفان عن بعد بوسائل الكترونيه فهو جائز اذا تمكن المرسل اليه المستقبل من طباعة تلك المعلومات وتخزينها وامكانية الرجوع اليها في حال احتاجها،ولكن اذا حال المرسل دون امكانية المرسل اليه من الحصول على السند الالكتروني مع عدم امكانيته من الاحتفاظ به وتخزينه والرجوع اليه فأن السند الالكتروني المرسل من قبل المرسل يكون غير ملزم للمرسل اليه .
.. فالسنـــد دون توقيــــع ليســـت له حجيـــة ملزمه في الاثبات ويتم تبادل وجهات النظر من خلال جهازي حاسب حول صفقه من الصفقات ويحل الرقم هنا محل التوقيع التقليدي ويكفي الطرفين التوقيع بالرقم السري من خلال جهازي الحاسب بدلامن التوقيع التقليدي .
وقد بين المشرع الاردني انه اذا استوجب تشريع نافذ توقيعا على المستند او نص على ترتيب اثرعلى خلوه من التوقيع فأن التوقيع الالكتروني على السجل الالكتروني يفي بمتطلبات ذلك التشريع .
ويتم اثبات صحة التوقيع الالكتروني ونسبته الى صاحبه اذا توافرت طريقه لتحديد هويته والدلالة على موافقته على المعلومات الواردة في السجل الالكتروني الذي يحمل توقيعه اذا كانت تلك الطريقة مما يعول عليها لهذه الغاية في ضوء الظروف المتعلقة بالمعاملة بما في ذلك اتفاق الاطراف على استخدام تلك الطريقة(2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) المادة (9) من قانون المعاملات الالكترونية المؤقت رقم (85) لسنة 2001
(2) المداة (10) من قانون المعاملات الالكترونية (85) لسنة 2001
فأن نص المادة المذكورة اعلاه تبين ما قمت بذكره سابقا فيما يتعلق بالتوقيع الالكتروني فأنه يتم التثبت من صحته وفقا لما تم الاتفاق عليه بين الطرفين المرسل والمرسل اليه .
الفرع الأول :- دور أو وظيفة التوقيع الالكتروني :-
.. ان التوقيع الالكتروني يمكن ان يقوم بذات الدور الذي يقوم به التوقيع التقليدي وبدرجة افضل ، فالرقم الآلي وسيله لاقرار المعلومات التي يتضمنها السند ، لان السحب الآلي لايتم الا باتباع اجراءات معينه يتفق عليها مقدماً بين الطرفين ، وقيام حامل البطاقه بكافة الاجراءات بما فيها ادخال الرقم السري وتحديد المبلغ المسحوب وهذا يعني بالضرورة اقراره لعملية السحب ذاتها .
.. والرقم يؤثر على مقدار الامان والثقه في استخدام تلك الطريقه ولعل مفتاح اعلان الحرب النوويه اكبر دليل على ذلك ، فرئيس الدوله هو الشخص الوحيد الذي يملك هذا المفتاح ويملك اعطاء اشارة بدء الحرب ، وتمثل اشارة البدء من رقم يتم فك رموزه بواسطة الحاسب الالكتروني في تلك الحاله يبدو الرقم ذو اهميه للامن القومي وتوفير السريه(1).
.. كذلك فأن الرقم الآلي يسمح بانجاز معاملات بسرعه اكثر من التوقيع التقليدي ويسمح بالتعاقد عن بعد وبدون حضور الاشخاص اصحاب الارقام السريه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) انتصار نوري الغريب / مرجع سابق ص ( 133 )
الفرع الثاني :- شكل التوقيع الالكتروني ،،،
.. يمكن الاعتماد على الرقم السري كوسيله بديله او اضافيه للتوقيع التقليدي ويمكنها ان تقوم بالدور ذاته ، فضلاً عن ملائمتها للنظم المعلوماتيه ، ولكن هل يكفي ذلك التوقيع الالكتروني في ظل قواعد الاثبات الحالي كبديل للتوقيع التقليدي في بعض الحالات فالتوقيع المعتمد قانوناً يجب ان يكون في شكل امضاء او ختم او بصمه والتوقيع الالكتروني لاتتوافر فيه احد هذه الاشكال فالتوقيع الالكتروني عباره عن مجموعه اجراءات تؤدي في النهايه الى نتيجه معينه .
.. وان التوقيع الالكتروني وان كان يمكنه القيام بذات وظيفة التوقيع التقليدي الا انه غير مستوفي الشكل الذي يتطلبه القانون ، ومن ثم يبدو امكانية قبول حجيته في الاثبات محل شك في ظل القواعد العامه للاثبات ، وبالتالي ستجد الجهات المعده لبطاقات الصرف الآلي صعوبة في اثبات مديونية حاملي البطاقات ، فالشريط الورقي الذي يبقى في جهاز الصرف الآلي نتيجة للسحب التقليدي ليس موقعاً بالمعنى التقليدي للتوقيع من حامل البطاقه الامر الذي يهدد البنك بضياع حقوقه اما اذا كان العمل تجارياً فيجوز للبنك مصدر البطاقه عملاً بمبدأ الاثبات الحر اثبات حقه بكافة طرق الاثبات (1) ، بشرط ان يقدم البنك دليلاً مقنعاً يثبت ادعاؤه .
.. واذا كان التوقيع التقليدي يتم عن طريق حركة اليد مثل الامضاء او الختم او البصمه او اي حركه اخرى لليد ، فنجد ايضاً ان اجراءات الحاسب الاكتروني هي ايضاً انتاج اليد (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) الماده ( 28) من قانون البينات الاردني رقم 16 لسنة 2001
(2) انتصار نوري الغريب / مرجع سابق ص ( 134)
المبحث الثالث القضايا القانونية المتعلقة بالمعاملات الالكترونية وحجيتها في الاثبات
هناك مجموعة من القضايا المهمة التي تعرض لها القانون الاردني فيما يتعلق بالتجارة الالكترونية لما لها من اهمية في حياتنا العصرية ،لما يشهده العالم من تطور واسع ،واعتماد الكثير من الشركات والاشخاص على التجارة الالكترونية لابرام الصفقات والتعاقد بأعتبارها اسهل واسرع طريقة بين الطرفين ،ومن هنا قام المشرع الاردني بوضع طرق لحماية حقوق المتعاقدين والمحافظة على طبيعة العلاقة بينهم .
ومن هنا يثور التساؤل عن مدى حجية السندات الالكترونية في الاثبات وكيف عالجها القانون الاردني ،،،،
.. وللاجابه على هذا التساؤل فلا بد من التعرض الى ما يلي :-
المطلب الاول :القضايا القانونيةز
المطلب الثاني :القضايا التجارية.
المطلب الثالث : السند الالكتروني القابل للتحويل.
المطلب الرابع : التحويل الالكتروني للاموال.
المطلب الخامس : حجية السنات الالكترونية في الاثبات.
المطلب الاول : القضايا التجارية
لقد وضع المشرع الاردني النصوص القانونية التي تضمن حماية المتعاقدين عن طريق الانترنت ،ولحماية التجارة الالكترونية ،فوضع المشرع الاردني نظام التشفير لحمايتها على ان يكون كل من المتعاقدين يستخدم نظام التشفير ذاته ،وبالتالي عند اختلاف نظام التشفير بين المرسل والمرسل اليه لا يمكن ان تكون البيانات المرسلة لها حجية عليهما ولكن يتبين ان هناك ثلاث عقبات امام استخدام التشفير في التجارة الالكترونية ،وهي
1) ان انجاح عملية التشفير يعتمد على ان كل المتعاملين في السوق الالكتروني يستخدمون تكنلوجيا التشفير ذاتها ،ولذلك يجب وضع معايير قياسية لتقنيات التشفير بين مجموعة المتعاملين في السوق الالكتروني.
2) ان عمليه توزيع المفاتيح تتطلب جهدا كبيرا ،مما يحد من انتشارها بين المتعاملين.
3) صعوبه استخدام طرق التشفير وبرمجياته من قبل المستخدم العادي.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات وعلى الرغم من قيام القضايا التجارية انطلاقا منها ،الا ان التجارة الالكترونية منتشرة بشكل واسع جدا ليس على النطاق المحلي فحسب انما على النطاق العالمي ككل.
المطلب الثاني : القضايا القانونية
كما ذكرت سابقا فأن تقنيات التشفير تعتمد اعتمادا كليا على وجود وثائق يستطيع عدد قليل من الموظفين فك تشفيرها ،مما قد يوجد مشكلة اذا ترك بعض هؤلاء الموظفين العمل ورفضو التعاون على فك تشفيرها ، هذا بالاضافة الي القيمة القانونية للوثائق في المحاكم عند نشوب خصومات او خلافات عليها ، وبسبب اهميه البعد القانوني في التجارة الالكترونية وما ينتج عنها من وثائق وقضايا ، فأن القوانين والانظمة الدولية على حد سواء تهدف الى حماية التجارة الالكترونية من عدة نواحي وهي :
اولا : الخصوصية :
يعتقد الكثيرون بان الخصوصية هي اهم ما يجب حمايته في التجارة الالكترونية، حيث انها محمية في معظم القوانين ،سواء الاردنية ام المعاهدات الدولية ،ولكن لا يوجد حماية خاصة للخصوصية في المعاملات الالكترونية وان كان هناك بعض الاسرار التي يعد افشاؤها جريمة عبر الانترنت.
ثانيا :الملكية الفكرية :
رغم ان القوانين جميعها تمنع الاعتداء على الملكية الفكرية حقوق النشر ومن ضمنها القوانين الاردنية ،الا ان امر كشف الاعتداء على الملكية الفكرية والاسماء التجارية بصورة الكترونية امر بالغ الصعوبة ،وكذلك الامر فيما يتعلق بمعاقبة مرتكبي هذه الافعال ،ولذلك فأن هيأت دوليه تقوم بحل النزاعات الناشئة عن الملكية الفكرية بوسائل الكترونية تمتاز بالسرعة ،وقد انشأت محاكم لهذا الخصوص.
ثالثا :منع جرائم الحاسوب :
عالج القانون الاردني جرائم الحاسوب بصورة عامة في قانون المعاملات الالكترونية ، ولكن لم يغفل عن تجريم افعال اخرى في قوانين اخرى ،واهم ما عالجه القانون الاردني بهذا الخصوص :
1) يعاقب بالحبس ،او بالغرامة ،او بكلتا العقوبتين ،كل من ينشئ توثيق (الشهادة الرقمية ) لغرض الاحتيال او لغرض غير مشروع(1).
2) يعاقب من يقدم معلومات غير صحيحة لجهة توثيق المستندات الالكترونية لغايات اصدار شهادة توثيق او الغائها بالحبس او بالغرامة او بكلتا العقوبتين(2).
3) تعاقب جهة توثيق المستندات الالكترونية بالغرامة اذا قدمت معلومات غير صحيحة ،او فشت اسرار احد عملائها(3).
4) كل من يرتكب فعلا مجرما في القانون (مثل الاحتيال ) بأستخدام الوسائل الالكترونية ،يعاقب بالحبس و الغرامة او العقوبة الاشد اذا كان التجريم في القوانين الاخرى يضع عقوبة اشد(4).
5) حماية المشتري ،وامان عمليات الدفع الالكتروني وسريتها من واجب المؤسسة المالية التي تمارس اعمال التحويل و الدفع الالكتروني .وعلى المشتري تبليغ المؤسسة المالية بأمكانية معرفة الغير لرقم بطاقة الدفع الالكتروني الخاصة به لاعفائه من مسؤولية استخدام حاسبه بصورة غير مشروعة ،ونقل تبعة المسؤولية الى المؤسسة المالية ،مالم يثبت ان اهمال المشتري هو السبب في استخدام حاسبه بصورة غير مشروعة ، وان المؤسسة المالية لم تقم بما يلزم للحيلولة دون وقوع سحوبات غير مشروعة .اذا صدرت رسالة الكترونية من عنوان المرسل فتعد الرسالة صحيحة وملزمة له ، مالم يثبت انه لم يرسلها او يعلم بارسالها ،وذلك بتبليغ المرسل اليه ذلك ،او كان واضحا للمرسل اليه انه لم يقم بأرسالها ،وهذا ما قمت بالتعرض اليه سابقا.
6) الضرائب : لم تحدد القوانين الاردنية ضريبة معينة على المعاملات الالكترونية ،وبذلك يطبق في هذا الشأن القوانين المتعلقة بضريبة المبيعات المفروضة على الاستيراد والبيع والضرائب الاخرى بوجه عام.
(1)الرجوع الى المادة (35) من قانون المعاملات الالكترونية رقم(85) لسنة2001
(2)الرجوع الى المادة (36) من قانون المعاملات الالكترونية رقم(85) لسنة2001
(3)الرجوع الى المادة (37) من قانون المعاملات الالكترونية رقم(85) لسنة2001
(4)الرجوع الى المادة (38) من قانون المعاملات الالكترونية رقم(85) لسنة2001
7) التوثيق : رغبة المشرع الاردني في حماية امن الرسالة الالكترونية وسلامتها وحجيتها ونفاذها فقد قام بوضع القواعد اللازمة لضمان اعطاء التوقيع الالكتروني فعالية التوقيع اليدوي ،ومن هذه القواعد:
• الاعتراف بالتوقيع الالكتروني موثقا حتى يعد دليلا على مضمون الرسالة الالكترونية ،والا فلا يعد توقيعا للغايات القانونية .
• يجب ان يكون التوقيع الالكتروني موثقا توثيقا سليما اذا صدر عن احدى الجهات الاتية شريطة ان يكون التوقيع الالكتروني قد ارسل خلال مدة سريان شهادة التوثيق ،ومطابقا لرمز التعريف المبين في تلك الشهادة:
– جهة ترخيص معتمدة في المملكة الاردنية الهاشمية.
– جهة ترخيص معتمدة ومرخصة من سلطة مختصة في دوله اخرى.
– دائرة حكومية او مؤسسة او هيئة مفوضة قانونا بأصدار هذه الشهادة.
• جهة التوثيق غير مرخصة ولكن اتفق الاطراف على اعتمادها كمصدر للشهادة.
وقد تناول المشرع الاردني الحديث عن توثيق السجل والتوقيع الالكتروني في قانون المعاملات الالكترونية رقم (85) لسنة 2001 في المواد (30)-(34).
المطلب الثالث : حجية السندات الالكترونية في الاثبات
يعترف القانون الاردني بالرسائل المتبادلة المقصود بها انشاء التزامات متبادلة ، وتعد صحيحة وملزمة للاطراف ،الا ان المشرع الاردني استثنى بعض العقود والمعاملات الالكترونية من تطبيق قانون المعاملات الالكترونية ،فقد بين ان احكام هذا القانون لا تسري على العقود والمستندات والوثائق التي تنظم وفقا لتشريعات خاصة بشكل معين او تتم بأجراءات محددة منها :
1) انشاء الوصية وتعديلها.
2) انشاء الوقف وتعديل شروطه.
3)معاملات التصرف بالاموال الغير المنقولة بما في ذلك الوكلات المتعلقة بها وسندات ملكيتها وانشاء الحقوق العينية عليها بأستثناء عقود الايجار الخاصة بهذه الاموال
4) الوكالات والمعاملات المتعلقة بالاحوال الشخصية .
5) الاشعارات المتعلقة بألغاء او فسخ عقود خدمات المياه والكهرباء والتأمين الصحي والتامين على الحياه .
6) لوائح الدعاوي والمرافعات واشعارات التبليغ القضائية وقرارات المحاكم والاوراق الماليه الا ماتنص عليه تعليمات خاصة تصدر عن الجهات المختصة استنادا لقانون الاوراق المالية النافذ المفعول(1) .
وبالتالي يكون للسندات الالكترونية حجية الوثائق الورقيه بشرط توافر الشروط التالية :
1) ان تكون المعلومات الموجودة في السجل قابلة للحفظ والتخزين والاسترجاع .
2) امكانية احتفاظ السجل بالمعلومات المخزنة فيه بشكل دقيق ،وامكانية اثبات دقة هذه المعلومات .
3) امكانية اثبات هويه منشئ الرسالة الالكترونية ومستلمها ،وتواريخ الاستيلام والتسليم .
وان هذه الشروط يمكن تطبيقها عن طريق نظام الحماية والتشفير ،اما اذا كانت المعلومات المرسلة ثانويه ولا يقصد بها انعقاد العقد ، فيمكن اثباتها دون توافر هذه الشروط (2).، وبمعنى اخر جميع هذه الشروط يمكن تطبيقها،اما اذا كانت المعلومات المراد ارسالها لا يقصد بها انعقاد العقد ،فيمكن اثباتها دون توافر الشروط السابقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) نص المادة (6) من قانون المعاملات الالكترونية (85) لسنة 2001
(2) شلباية ،مراد واخرون (2002)، انشأوادارة مواقع الويب –عمان، بيت الفكر الدولي –ص76 .
المطلب الرابع : السندات الالكترونية القابلة للتحويل
لقد عالج المشرع الاردني السندات الالكترونية القابلة للتحويل في نصوص المواد (19-24) من قانون المعاملات الالكترونية فقد بين ان السند القابل للتحويل اذا انطبقت عليه شروط السند القابل للتدوال وفقا لاحكام قانون التجارة بأستثناء شرط الكتابة ،بشرط ان يكون الساحب قد وافق على قابليته للتداول.
واذا امكن استرجاع البيانات الواردة على صفحتي الشيك ،يعتبر الاحتفاظ بالشيك الكترونيا وفقا لاحكام المادة (8) من هذا القانون اجراء قانوني (1).
،،،وبالتالي الشيكات يمكن الاحتفاظ بها الكترونيا اذا وافق البنك المركزي فيمكن عندئذ الاحتفاظ بالشيكات الكترونيا .
وفي المادة (20) من قانون المعاملات الالكترونية فقد بين المشرع ان حامل السند الالكتروني يكون له الحق بأستخدام الحقوق المتعلقة بهذا السند اذا كان نظام معالجة المعلومات يمكنه ان الحق المتعلق بذلك السند والتحقق من شخصية المستفيد او المحول اليه (2)
وبالتالي ان نظام المعالجة الالكترونية يمكنه اثبات تحويل الحق المتعلق بذلك السند الالكتروني الذي تم تحويله اذا كان نظام المعالجة يسمح بأنشاء سند الكتروني وتحويله وحفظه بتوافر شرطين مجمتعين وهما :
1-اذا كانت النسخة المعتمدة من السند القابل للتحويل محددة بصورة غير قابلة للتغير مع مراعاة اذا حصل تغير او اضافة بموافقة من الشخص الذي يملك حق التصرف في السند ، ويؤشر على كل نسخة مأخوذة من السند بأنها معتمدة او غير معتمدة ،وبذلك تعتبر النسخة المأخوذة من النسخة المعتمدة بأنها نسخة مطابقة للنسخة المعتمدة .
2-اذا كانت النسخة المعتمدة من السند تدل على اسم الشخص الذي تم سحب السند لمصلحته و ان السند قابل للتحويل وتضمنت اسم المستفيد. بمعنى ان تكون نسخة السند المسحوب متضمنة اسم المستفيد والشخص الذي تم التحويل له ذلك السند.(3)
ويكون لحامل السند القابل للتحويل جميع الحقوق والدفوع التي يتمتع بها حامل السند العادي بشرط ان يكون مستوفي كافة شروطة مالم يتم الاتفاق على غير ذلك (4)
(1) نص الماده ( 19) من قانون البينات الاردني رقم 37 لسنة (2001).
(2) نص الماده ( 20) من قانون البينات الاردني رقم 37 لسنة (2001).
(3) نص المادة (21) من قانون المعاملات الالكترونية رقم 85 سنة (2001).
(4) نص المادة (22) من قانون المعاملات الالكترونية رقم 85 لسنة (2001).
ويكون للمدين الذي يحمل سند الكتروني قابل للتحويل الحقوق والدفوع ذاتها التي يتمتع بها المدين بسند خطي قابل للتحويل (1)
وقد عالجت المادة (24) من قانون المعملات الالكترونية الاعتراض على السند القابل للتحويل ،فبينت بأن على طالب تنفيذ السند القابل للتحويل تقديم اثبات كاف على انه الحامل الحقيقي للسند ،وله ان يقوم بأثبات ذلك بأبراز النسخة المعتمدة من السند القابل للتحويل وسجلات النشاط التجاري التي تتعلق بالسند للتحقق من شروط السند وهويه حامله.(2)
المطلب الخامس :التحويل الالكتروني للاموال .
كما تناول المشرع السندات الالكترونية القابلة للتحويل فقد تناول ايضا الحديث عن التحويل الالكتروني للاموال لما يشهده عصرنا الحاضر من تطور فكانت الطرق الالكترونية اسهل واسرع الطرق ليس لنقل المعلومات فحسب انما ايضا لتحويل الاموال وقد عالج المشرع التحويل الالكتروني للاموال في المواد (25-29)
فأعتبر المشرع الاردني التحويل الالكتروني للاموال وسيلة مقبولة لاجراء الدفع ،ولا تؤثر على حقوق الاشخاص ، فكانت المؤسسات المالية اهم من تمارس عمليات الدفع الالكتروني فحدد القانون لتلك المؤسسات شروط لممارستها عملية التحويل المالي بطرق الكترونية فوضع لها شروط لذلك :
1-التقيد بأحكام قانون البنك المركزي الاردني وقانون البنوك والانظمة والتعليمات الصادرة استنادا لهما.
2-اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتقديم مامونه للعملاء والحفاظ على السرية المصرفية (3)
وقد تعرضت المادة (27) من قانون المعاملات الالكترونية بأن العميل لا يعتبر مسؤول عن اي قيد غير مشروع على حسابه بواسطة التحويل الالكتروني تم بعد تبليغه المؤسسة الماليه عن امكانية دخول الغير الى حسابه او فقدان بطاقته او احتمال معرفة الغير لرمز التعريف المتعلق به والطلب منها وقف العمل بوسيلة التحويل الالكتروني .
(1) نص الماده ( 23) من قانون البينات الاردني رقم 37 لسنة (2001).
(2) نص الماده ( 24) من قانون البينات الاردني رقم 37 لسنة (2001).
(3) نص الماده (25) من قانون البينات الاردني رقم 37 لسنة 2001
على الرغم من نص المادة اعلاه الا ان العميل يعتبر مسؤولا عن اي استعمال غير مشروع لحسابه بواسطة التحويل الالكتروني اذا ثبت ان اهماله قد ساهم في ذلك بصورة رئيسية وان المؤسسة قد قامت بواجباتها للحيلولة دون اي استعمال غير مشروع لذلك الحساب (1)
وقد بين القانون بأن البنك المركزي قد اصدر التعليمات اللازمة لتنظيم عملية التحويل الالكتروني للاموال بما في ذلك اعتماد وسائل الدفع الالكتروني واعتماد القيد الناتج عن تحويل غير مشروع واجراءات تصحيح الاخطاء والافصاح عن معلومات واي امور اخرى تتعلق بالاعمال المصرفية بما في ذلك المعلومات التي تلتزم المؤسسات المالية بتزويده بها .(2)
(1) المادة (28) من قانون المعاملات الالكترونية رقم(85) لسنة2001
(2) المادة (29) من قانون المعاملات الالكترونية رقم(85) لسنة2001
المبحث الرابع طرق الطعن في حجية السندات الالكترونية
.. لقـــد سبـــق وان بينــا بأن السند ( الإلكتروني) يعتبر دليلاً كتابيا كاملا في الاثبات في ظل المفهوم الحديـــث للسنـــدات الــذي يأخذ بالمفهوم الواسع لشرطي الكتابه والتوقيع اذا اعتبرنا بانـــه لم تــعد شــــروط السنـــد الكتابي بالمفهوم التقلـيد مقـبوله في عصـر تسـتخـــدم فـيه أجـهـــزة (التـلكـــس) و( الفاكـس ) و ( شبـكة الانترنـت – البريد الالـكترونـي
E-mail) وكافة السندات الالكترونيه التي يتم نقلها عبر محطة الاقمار الصناعيه وهي اصبحت في عصرنا الحاضر كثيره جداً واعتقد في المستقبل القريب ستكون مثل هذه المستندات لها السيطرة التامة تماماً ، بمعنى ان لم تبقى هناك سندات تقليديه وتعتبر ضرباً من الماضي ، وتبقى السندات الحديثه بواسطة الوسائل الحديثه هي المعتمده في ابرام التصرفـــات القانونيه واذا كان لابد بالمستقبل القريب من الاعتماد على هذه السنـــدات الحديثه ووضعها في التشريعات الحديثه لتصبـــح لهـــا حجيـــة كاملـــه فـــي الاثبــات فإنه كان لابد للمشرع ايضاً ان يتنبه الى اثبات صحة هذه السندات الرسميـــه او العاديه بالمفهوم التقليدي ، حيث نصت الماده ( 87/1) من قانون اصول المحاكمات المدنيه الاردني رقـــــــم ( 14) بسنة 2001( إنكار الخط او الامضاء او الختم او بصمة الاصبع أنما يرد على الوثائق والمستندات غير الرسميه اما ادعاء التزوير فيرد على جميع اوثائق والمستندات الرسميه وغير الرسميه ) (1)من كل ماتقدم نجد ان المشرع قد حدد طريقتين للطعن في صحة السندات ليضمن بذلك حق الدفاع للخصم الذي يحتج بهذه المستندات وطرق الطعن هذه هي الانكار والتزوير وسأتناولهما بالمطلبين الآتيين ،،،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) المادة (87/1)من قانون اصول المحاكمات المدنية رقم (14) لسنة 2001
المطلب الأول :-أنكار السندات الالكترونيه
.. يستمد السند الكتابي العادي حجيته في الاثبات من اعتراف من تنسب اليه بصحتها فإذا انكره فعند ذلك تقوم المحكمه في تدقيق صحة السند الى حين البت في هذا الطعن ، وانكار المحتج عليه بالسند العادي يجب ان يكون واضحاً وصريحاً فلا يكفي اظهار التشكيك في حصول التوقيع فيه ، كما ان السكوت لايعتبر انكاراً(1).
… وقد نصت الماده (11) من قانون البينات الاردني رقم 16 لسنة 2005 ،،،
1) من احتج عليه بسند عادي وكان لابد ان يعترف به وجب عليه ان ينكر صراحه ماهو منسوب اليه من خط او توقيع او ختم او بصمه اصبع والا فهو حجة عليه بما فيه .
2) اما الوارث او اي خلف اخر فيكتفي منه ان يقرر بأنه لايعلم ان الخط او التوقيع او الختم او البصمه هو لمن تلقى عنه الحق(2) .
كما نصت المادة (13) من قانون البينات المعدل لسنة 2005 على ما يلي: 1) تكون للرسائل قوة الاسناد العادية من حيث الاثبات ما لم يثبت موقعها انه لم يرسلها ولم يكلف احدا بارسالها .
2) وتكون للبرقيات هذه القوة ايضا اذا كان اصلها المودع في دائرة البريد موقعا عليه من مرسلها .
____________________________________________________________________
(1) د . انور سلطان / قواعد الاثبات في المواد المدنيه والتجاريه / دراسه مقارنه في القانونين المصري واللبناني / 1984 ، دار الدا الجامعيه للطباعه والنشر / بيروت .
(2) المادة (11) من قانون البينات رقم (16) لسنة 2005
3) أ- وتكون لرسائل الفاكس والتلكس والبريد الالكتروني قوة السندات العادية في الاثبات .
ب- وتكون لرسائل التلكس بالرقم السري المتفق عليه بين المرسل والمرسل اليه حجة على كل منهما .
ج- وتكون لمخرجات الحاسوب المصدقة والموقعة قوة الاسناد العادية من حيث الاثبات مالم يثبت من نسبت اليه انه لم يستخرجها او لم يكلف احدا بأستخراجها(1).
المطلب الثاني ،، الادعاء بتزوير السندات الالكترونيه ،،،
التزوير : هو تغيير مفتعل للحقيقه في الوقائع والبيانات التي يراد اثباتها بصك مخطوط يحتج بهما يمكن ان ينجم عنه ضرر مادي او معنوي او اجتماعي (2)
.. من هذا النص يتبين لنا ان التزوير هو تغيير للحقيقه التي يتضمنها السند بقصد الغش في السند او الوثيقه او اي سند اخر بإحدى الطرق الماديه او المعنويه التي بينها القانون ، وهذا التغيير من شانه احداث ضرر في المصلحه العامه او بشخص من الاشخاص وبالتالي يعدم الثقه في التعامل في المستندات مما يعود بالضرر الكبير على المجتمع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) المادة (13) من قانون البينات رقم (16) لسنة 2005
(2) الماده ( 260) من قانون العقوبات الاردني رقم 16 لسنة 1960
.. والذي يهمنا في هذا المجال الصور التقليديه الثلاث للتزوير المادي في السندات وهو التغيير ، والمحو ، والاضافه، والكشط ، فهذه الصور الثلاث من شأنها تغيير الحقيقه في السندات وهذا هو جوهر التزوير ،وكما ذكرت سابقا فأن المشرع الاردني قد عالج جرائم الحاسوب في قانون المعاملات الالكترونية رقم(85) لسنة 2001 وتناولتها المواد (35)،(36)،(37)،(38).
.. وعليه فإذا لجأ الخصم الى طريق الادعاء بالتزوير فإن مهمة المحكمه في هذه الحاله يقتصر على قبول الطلب او رده وذلك حسب توافر شروط المــاده ( 99) من اصـول المحاكمـات المـدنيه الاردني رقم ( 16) لـسنة ( 2006) حيث ذكرت (( اذا ادعي ان السند المبرز مزور طلب الى المحكمه التدقيق في ذلك وكان هنالك دلائل وامارات تؤيد وجود التزوير تأخذ المحكمه من مدعي التزوير كفيلاً ضمن لخصمه ماقد يلحق به من عطل وضرر اذا لم تثبت دعواه ثم يحيل امر التحقيق في دعوى التزوير الى النيابه وتؤجل النظر في الدعوى الاصليه الى ان يفصل في دعوى التزوير المذكوره على انه اذا كان السند المدعي تزويره يتعلق بمادة او اكثر فلا يؤخر النظر في باقي المواد التي تضمنتها الدعوى))(1) .
..لقد جاء هذا النص عاماً وشاملاً لكل الشروط اللازمه للادعاء بالتزوير فإذا اراد الخصم الذي يدعي التزوير بالسندات الالكترونيه سواء اكانت صادره عن طريق التلكس او الفاكس او البريد الالكتروني (E-mail) عبر شبكة الانترنت او اية مستندات الكترونيه اخرى صادره بواسطة اجهزه الحاسوب فإنه لابد من توافر الشروط التي الذكورة المذكوره وعلاه هي : –
_________________________________________
المــاده ( 99) من اصـول المحاكمـات المـدنيه الاردني رقم ( 16) لـسنة ( 2006)
أولاً :- ان يكـــون هنـــاك ادعـــاء بالتزويـــر من قبل الخصم الذي يدعي تزوير السند ( الالكتروني ) وطلب الى المحكمه ذلك .
ثانياً :- ان تقتنع المحكمه بوجود دلائل وامارات تؤيد وجود التزوير .
ثالثاً :- تقديم كفاله شخصيه او نقديه من مدعي التزوير وذلك لتعويض الخصم عما قد يلحق به من عطل وضرر نتيجة هذا الادعاء .
.. فإذا توافرت الشروط المذكوره تقوم المحكمه باتخاذ الاجراءات اللازمه وذلك من خلال احالة امر التحقيق في دعوى التزوير الى النيابه العامه وتؤجل النظر في الدعوة الاصليه الى ان يفصل في التزوير المذكور.
الخاتمه ،،،
لا أحد ينكر بأن وقتنا الحاضر قد شهد تطوراً تقنياً هائلاً في مجال الاتصالات، وان العالم كله اصبح يمر فعلاً بما يسمى (بثورة الاتصالات ) في مختلف ميادين الحياه المختلفه ، وتعتبر وسائل الاتصال الحديثه بكافة اشكالها وانواعها ، من ابرز الوسائل الحديثه وخاصه الانترنت التي اصبح استخدامها يتزايد بشكل كبير جداً وخاصه في معاملات الاشخاص وقد فرضت هذه الوسائل الحديثه نفسها في التعامل على نطاق واسع شمل كافة مجالات الحياه المختلفه ، الامر الذي جعل منها البديل العصري للتعاقد بالمراسله الالكترونيه ، الامر الذي سيجعل من التعامل بالطرق التقليديه في مجال التعاقد والاثبات من أخر مخلفات العصر الحالي ، وستحل السندات الالكترونيه المرسله بواسطة الوسائل الحديثه محلها ، وسيتم بالتالي اعتمادها من قبل الافراد الامر الذي سيجعل لها قوة كامله في الاثبات في المسائل المدنيه والتجاريه .
.. وفي ضوء ماتقدم فقد اوضحت حجية الانترنت البريد الالكتروني في اثبات الدعاوي الحقوقيه حيث بدأت حديثي في مقدمة هذا الموضوع عن الانترنت دون غيره من وسائل الاتصال الحديثه لما له من أهمية في وقتنا الحاضر على اعتبار ان العالم يشهد تتطور سريع في استخدام الوسائل التكنولوجيه الحديثه وقـــد اخترت هذا الموضـــوع دون غيره لتعدد وكثرة الاتصالات ومالها من ايجابيات وسلبيات وصعوبة اثبـــات هذه الوسائل وحيث ان لايوجد تشريعات قانونيـــه فيما مضى تتناســب وهــذا الموضـــوع من حيث صعوبة اثباته والحجيه القانونيـــه لاثباتـــه بأيـــة وسيلـــه قانونيـــه،الا ان المشرع الاردني قد التفت الى تطورات الحياه والعصر فقام بوضع قانون المعملات الالكترونية رقم (85) لسنة 2001، وتعرض لحجيتها في الاثبات في قانون البينات ،وفقا لما تعرضت له في بحثي هذا.
.. وفي معرض تقديمي للموضوع فقد ذكرت في المبحث التمهيدي ماهية وسائل الاتصال الحديثة من حيث اشكالها و انواعها وتطورها وفي المبحث الاول تناولت الحديث عن الطبيعه القانونيه للاثبات في الانترنت من حيث امكانية اعتباره في حكم المبرزات الرسميه ام يطبق عليها أحكام السندات العاديه حيث انه من الصعوبه اثبات التعاقد الذي تم عبر الانترنت الا بتواجد شروط معينه .
وفي المبحث الثاني والثالث ،،
– تناولت الحديث عن الانترنت وأهميته في وقتنا الحاضر فعلى الرغم من ان العلم قد اثبت كفاءة وسائل الاتصال الحديثه وخاصه الانترنت في اثبات التعاقد واتساع نطاق استعمالها في معاملات الافرا د واعتراف عدد كبير من تشريعات الدول المتقدمه في هذا المجال على اعتبار انها دليل كامل في الاثبات فإن التشريعات العربيه ومنها التشريع الاردني تعرض للحديث عن المعاملات الالكترونية لما لها اهمية في وقتنا الحاضر في قانون المعاملات الالكترونية ،وقد بين الشرةط الواجب توافرها في السند الالكتروني وبين صيغة الايجاب والقبول والتعاقد عن بعد عن طريق الانترنت .وتناولت ايضا بعض القضايا القانونية لمهمة في وقتنا الحاضر وبينت حجيتها بالاثبات .
– قانون الاوراق الماليه المؤقت ( 23 لسنة 1997) حيث جعل المشرع الاردني للسندات المستخرجه للوسائل الحديثه حجية في الاثبات بهذه الوسائل فقد نص عليها بالماده (72/ج) فكان يجدر بالمشرع ان يعالج احكام التشريع بتنظيمها وبيان اهميتها .
– وتناولت ايضا ًحجية السندات الالكترونيه من حيث التحقق من صحة او عدم صحة السند المقدم للستدلال به بوصفه دليلاً في الاثبات وبينت طرق الطعن بها .
،،،،املة ان اكون قد وفقت في بحثي المتواضع هذا.
قائمة المراجع
أولاً :- القران الكريم سورة البقرة
ثانيا :- الكتب ،،
1) انتصار نوري الغريب ، أمن الكمبيوتر والقانون ، دار الراتب الجامعيه ، بيروت (1994) .
2) د. عبدالرحمن المبيضين ،دراسات في التلكس والتلبرينتر،دار مجدلاوي للنشر والتوزيع /عمان (1983).
3) د . انور سلطان / قواعد الاثبات في المواد المدنيه والتجاريه / دراسه مقارنه في القانونين المصري واللبناني / 1984 ، دار الدا الجامعيه للطباعه والنشر / بيروت
4) شلباية ،مـراد واخـرون (2002)، انشـاء وادارة مواقـع الويــب/ عمان، بيت الفكر الدولي.
ثالثا: القوانين ،،
1) قانون أصول المحاكمات المدنيه رقم ( 16) لسنة (2006) .
2) قانون التجارة الاردني رقم ( 12) لسنة (2008) .
3) قانون البينات الأردني رقم ( 16) لسنة(2005).
4) قانون المعاملات الالكترونية رقم(85) لسنة (2009)
5) قانون الاوراق المالية الاردني المؤقت رقم (23) لسنة (1997).
6) قانون العقوبات الاردني رقم 16 لسنة (2001).
المصطلحـــات
(PC) الحاسوب الشخصي
Local Area Network – LAN الشبكة المحلية
Metropolitain Area Network- – MAN شبكات المدن
Wide Area Network –WAN الشبكات الواسعة
E- mail بريـــد الالكترونــــي
Internet الانترنت
TELE TREATEMENT الاتصال بين حاسب الالكتروني وأخر
الفهـــرس
الموضوع الصفحة
******************************************************* ******************************************************* **************
الاهـداء …………………………………………………………………………………………………2
الشكـر والـتقدير……………………………………………………………………………………3
المقدمة…………………………………………………………………………………………………..4
المبحث التمهيدي:ماهية وسائل الاتصال الحديثة اشكالها ، تطورها،انواعها……………….7
المبحث الاول :حجية الرسائل المرسله بواسطة البريد الالكتروني ( E-mail) عن طريق الانترنت في الاثبات وفق المفاهيم التقليديه …………………………..9
المبحث الثاني : حجية الرسائل المرسله بواسطة البريد الالكتروني ( E-mail)
عن طريق الانترنت في الاثبات وفق المفاهيم الحديثه………………..12
المطلب الاول :المفهوم الحديث للكتابة …………………………………………………..12
المطلب الثاني : المفهوم الحديث للتوقيع …………………………………………………13
الفرع الاول : دور او وظيفة التوقيع الالكتروني ………………………17
الفرع الثاني : شكل التوقيع الالكتروني ………………………………….18
المبحث الثالث : القضايا القانونية المتعلقة بالسندات الالكترونية وحجيتها بالاثبات.19
المطلب الاول : القضايا التجارية………………………………………………………….19
المطلب الثاني: القضايا القانونية……………………………………………………….20
المطلب الثالث :حجية السنات الالكترونية في الاثبات…………………………..22
المطلب الرابع :السندات الالكترونية القابلة للتحويل…………………………….24
المطلب الخامس : التحويل الالكتروني للاموال………………………………………25
المبحث الرابع : طرق الطعن في حجية السندات الالكترونية…………………………..27
المطلب الاول : انكار السندات الالكترونية…………………………..28
المطلب الثاني : الادعاء بتزوير السندات الالكترونية …………….29
الخاتمة ………………………………………………………………………………………………….32
قائمةالمراجع………………………………………………………………………………………….34
المصطلحات ……………………………………………………………………………………………35
الفهرس
لماذا لا تكون اول معجب
احكام التنظيمات المتعلقة بالشيك الالكتروني - بحث قانوني .
بسم الله الرحمن الرحيم
القانون الخاص
الاوراق التجارية
بحث قانوني
البيانات الإختيارية
في الشيك الالكتروني
اعداد الطالب:
وسام محمود الحوامدة
بإشراف الدكتور
سامر الدلالعة
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
– يشهد العالم منذ نهاية القرن العشرين ودخولنا في القرن الواحد والعشرين تغيرات دولية عديدة واسعة النطاق ,في نطاق التطبيقات العملية والقانونية للقانون التجاري على الصعيد المحلي في المملكة الاردنية الهاشمية ,وعلى صعيد التعاملات التجارية بين الاردن والخارج مع تعدد الثقافات وانواع التجارة ومصادرها وطرق تحول النقود والصرف المحلي والدولي, مما ادى بالمشتغلين بالتجارة الى تطوير طرق التعامل التجاري والامل في تطوير التشريعات لتواكب التجارة الالكترونية والتعاقد عن بعد عبر الانترنت ,والتعامل بالصيرفة الالكترونية الدولية ,واستيراد البضائع,وفتح الاعتمادات,ودفع قيمة تلك البضائع نقدا او عبر الشيكات بأنواعها ومنها الشيك الالكتروني والذي سنعرض له في هذا البحث من خلال استعراض البيانات الاختيارية بالشيك الالكتروني .
– نظم القانون الاردني الاوراق التجارية –والشيك-احدها-في الباب الثالث من قانون التجارة لسنة (1966)في المواد من (132- حتى 281)ومن الجدير بالذكر –وكما هي الكثير من التشريعات- ان المشرع الاردني جاء بالاحكام الخاصة بسند السحب كنموذج للاوراق التجارية واعطى في معظم الحالات احالة لاحكام سند السحب في الكمبيالة والشيك الا ما اختص به المشرع تلك الاوراق باحكام خاصة او سكت عن تنظيمها.
– واما ما يتعلق بالمعاملات الالكترونية فقد نظمها المشرع ( بقانون المعاملات الالكترونية لسنة 2001)ولقد جاء فيه التنظيم القانوني للمعاملة الالكترونية واقر فيه بإعترافه (بالعرف التجاري الدولي)في المادة (3/ب) منه كمصدر من مصادر القانون والتي سنتكىء عليها كثيرا في موضوع بحثنا كلما عزت علينا نصوص القانون مباشرة فيه.
-وان الاستثمار في مجال التكنولوجيا يشكل العامل الاهم للشركات الاقتصادية وخصوصا البنوك والشركات المالية وتؤكد الابحاث العالمية اهمية الاستثمار في تقديم الخدمات المصرفية المرتكزة على التكنولوجيا الحديثة ,اذ تظهر التوقعات تراجع نصيب الفروع البنكية المصرفية من تواجد الزبائن بعد ان اخذت اجهزة الصراف الالي والبنك الناطق والبنك الخلوي وبنك الانترنت والاستعلام والتحويل عبر الانترنت ونقاط البيع وغيرها من الخدمات اخذت حيزا واسعا من اهتمام الزبون ووفرت الوقت والجهد والسرعة خصوصا للتجار والتجارة
– وان موضوع هذا البحث (البيانات الإختياريةفي الشيك الالكتروني)وسبب اختياري لهذا البحث هو التطور الواقعي والقانوني لسوق التحويلات النقدية عبر الانترنت وللاحكام المنظمة للشيكات والمعاملات التجارية مما يقتضي الاستزادة القانونية للمتخصصين وقد اتبعت منهج العلم التحليلي والواقعي والوصفي والمقارن-ما امكن- لكتابة البحث مستندين لنصوص القانون كلما كان ذلك ممكنا والى اراء الفقه واراء الشراح في علم قانون التجارة والأوراق التجارية والاستعانه بأبحاث سابقة قدمت للجامعات او المعاهد العلمية او ابحاث مقدمة لنقابة المحامين لنيل مرتبة الاستاذية مع اقتراح لحلول لتلك المشاكل.
-كما وقد اثرنا ان نربط التحليل الفقهي بواقع القضاء بالاردن (والاجتهاد القضائي مكصدر لقانون التجارة)من خلال توريد ما امكن من اجتهادات محكمة التمييز في الاردن وتطبيقات القضاء وربطها بموضوع البحث .
-وكما اشرنا الى العرف -كمصدر للقانون التجاري -عموما في المادة الثالثة من قانون التجارة الاردني وقانون المعاملات الالكترونية في المادة (3/ب).
– وانني كباحث وكان مما دعاني الى الكتابة في موضوع هذا البحث هو مشكلة المرجع القانوني والفقهي في ابحاث الاوراق التجارية الالكترونية وندرتها والى درجة عدمها والتي لاتزال ارضا بور وراودتني نفسي بأن نزرع غرسة اولى في طريق هذا النوع من المعاملات املين من الله التوفيق وحسن الجزاء .
– واما في ما يتعلق بالمراجع العلمية والفقهية فكانت عثرة للباحثين في هذا المقام لندرتها او عدم تخصصها مما استدعى بالباحثين -وانني منهم -الى محاولة الاجتهاد ما امكن ضمن المعايير القانونية المسموح فيها املين ان نضيء بعملنا شمعة تضيء لمن خلفنا نور الظلام .
خطة البحث:
ولكل ما تقدم من اهمية للدراسة وما واجهته الطبيعة العملية للشيكات الالكترونية مع اقتراح الحلول لهذه المشاكل او العثرات فقد قسمت بحثي هذا الى مبحثين :
في المبحث الاول :
– تناولت فيه نظرة عامة تمهيدية عن الاوراق التجارية الالكترونية وذلك للتعريف بها تمهيدا للحديث عن البيانات الالزامية للشيك وكان لابد للتعريج بهذا المبحث لاعطاء النظرة العامة للقارىء عن الاحكام العامة لاوراق التجارية واهمها الشيك الالكتروني ,وبدأت فيه بمطلب اول متحدثا عن تعريف الشيك الالكتروني وفي مطلب ثاني عن شروط الشيك الالكتروني مقارنة بالشيك التجاري التقليدي وفي المطلب الثالث تحدثت فيه عن اطراف الشيك الالكتروني وفي المطلب الرابع تحدثت عن حجية البيانات الاختيارية في الشيكات الإلكترونية….
وفي المبحث الثاني تحدثت عن :
البيانات الاختيارية في الشيك الالكتروني متعرضا وشارحا لاهم تلك البيانات ولقد حاولت الاستنتاج والتحليل ما امكنني ذلك متحدثا عن بيان (عدم قابلية الشيك للتداول)في المطلب الاول وتحدثت عن شرط (بيان عدم الضمان)في المطلب الثاني وعن (بيان الرجوع بدون مصاريف) في المطلب الرابع وعن المطلب الخامس(بيان القيد بالحساب)وعن المطلب السادس (شرط التسطير)وعن اسم الساحب ورقم الحساب في(المطلب السابع)وعن (اسم المستفيد ورقم حسابه) في المطلب الثامن وعن بيان (لايصرف الا بتاريخه)في المطلب التاسع والاخير ثم انتهيت الى التوصيات والخاتمة .
المبحث الأول :
مبحث تمهيدي – الأوراق التجارية الالكترونية :
تمهيد:
عرفت المادة (2)من قانون المعاملات الالكترونية الأردني:
-المعاملة: (اجراء ، او مجموعة من الاجراءات ، يتم بين طرفين او اكثر لانشاء التزامات على طرف واحد او التزامات تبادلية بين اكثر من طرف ويتعلق بعمل تجاري او التزام مدني او بعلاقة مع أي دائرة حكومية)
– وايضا عرفت المعاملة الالكترونية: (المعاملات التي تنفذ بوسائل الكترونية)
وعليه تكون الاوراق التجارية :(هي محررات يتم تحريرها بوسائل الكترونية تشمل بيانات الزامية نص عليها القانون تقضي بدفع مبلغ محدد ومعين من شخص يسمى الساحب في وقت معين او قابل للتعيين ويتم الوفاء به بوسائل الكترونية وحسب الاتفاق).
المطلب الاول:التعريف بالشيك الالكتروني
((..يمكننا تعريف الشيك الإلكتروني بأنه المكافئ الإلكتروني( ) للشيك الورقي فهو عبارة عن رسالة إلكترونية موقعة(وموثقة) توقيعاً إلكترونياً يرسلها مصدّر الشيك إلى المستفيد ليتم تحويل قيمة الشيك إلى حساب المستفيد عن طريق مصرف يعمل عبر الإنترنت ، والذي يقوم عندئذ بإلغاء الشيك وإعادته إلى حامل الشيك إلكترونياً ليتأكد الحامل بأنه قد تم صرف الشيك وتحولت قيمته إلى حسابه..))
-اما الشيك التقليدي فقد عرفته المادة (123/ج تجارة)( الشيك: وهو محرر مكتوب وفق شرائط مذكورة في القانون ويتضمن امرا صادرا من شخص هو الساحب الى شخص آخر يكون معرفا وهو المسحوب عليه بان يدفع لشخص ثالث او لامره او لحامل الشيك – وهو المستفيد – مبلغا معينا بمجرد الاطلاع على الشيك .).
ومن اهم المواقع والشركات التي تشتهر بالتعامل بالشيكات الإلكترونية:
(Western Union و MoneyZap و CHEXpedite و PayByCheck)
المطلب الثاني :شروط الشيك الالكتروني مقارنة بالشيك التجاري التقليدي:
-إن أهم ما يميز الشيك الإلكتروني أن إجراءاته تتم بشكل إلكتروني عن طريق وسائل إلكترونية وهذا ما لا نجده في الشيك التقليدي الذي يشترط أن يكون مكتوباً وموقعاً بشكل يدوي لكي تكون له الحجية القانونية المقررة .
-وبناء على ذلك يمكننا القول بأن الشيك الإلكتروني يتضمن نفس شروط وإجراءات الشيك التقليدي إلا أنه يتم بوسيلة إلكترونية ، فكما أن الشيك التقليدي هو سند يطلب فيه شخص هو الساحب إلى مصرف هو المسحوب عليه دفع مبلغ معين –عبر وسائل الكترونية-إلى شخص آخر هو المستفيد لدى الاطلاع ، فكذلك بالنسبة للشيك الإلكتروني الذي يكون له نفس الأطراف ويتضمن التزام قانوني من قبل الساحب يؤديه إلى المستفيد عن طريق المصرف المسحوب عليه .
-يتضح التشابه بين الشيك التقليدي والشيك الإلكتروني من حيث الشكل ، فالشيك التقليدي لا بد أن يكون له شكل معين حيث يقوم المصرف عادة بتحرير هذه الشيكات لتأخذ شكلاً يصعب تقليده ويتم ترقيم الشيكات بأرقام متسلسلة ، وقد يشترط المصرف على عميله بعدم التزامه بدفع الشيكات التي لا تحرر على النموذج المعتمد من قبله .
-فإذا سحب العميل شيكاً فلا بد أن يتضمن هذا الشيك رقماً متسلسلاً من قبل المصرف بالإضافة إلى اسم الساحب ورقم حسابه لدى المصرف المسحوب عليه وتوقيعه وكذلك اسم المستفيد ومبلغ الشيك وتاريخ السحب(تابع 2) .
-و الشيك الإلكتروني هو عبارة عن وثيقة إلكترونية يعدها البنك تحتوي على البيانات التالية :
1- رقم الشيك .
2- اسم الدافع .
3- رقم حساب الدافع واسم البنك .
4- اسم المستفيد .
5- القيمة التي ستدفع .
6- وحدة العملة المستعملة .
7- تاريخ الصلاحية .
8- التوقيع الإلكتروني للدافع .
9- التظهير الإلكتروني للشيك لصالح المستفيد .
المطلب الثالث : أطراف الشيك الالكتروني
-لا بد لنا بداية من أن نبين أطراف الشيك الإلكتروني :
المصرف مصدّر الشيك والعميل الذي لديه حساب في هذا المصرف والمستفيد (البائع الذي يريد الحصول على الثمن لما قدمه من سلعة أو خدمة) والمصرف الذي يكون للمستفيد حساب فيه والذي يمكن أن يكون نفس المصرف المسحوب عليه . فيتم إنشاء الشيك من قبل الساحب وذلك لدى المصرف الذي لديه حساب فيه ويقوم بتحضير هذا الشيك لإصداره والذي يتحقق عندما يسلم الساحب هذا الشيك إلى بنك المستفيد ليصرف مقاصة .
فلا بد أولاً من أن يقوم العميل بملء الشيك بشكل إلكتروني متضمناً جميع البيانات المطلوبة في الشيك الإلكتروني وفي المرحلة الثانية سيتم تداول الشيك الإلكتروني وانتقاله من الساحب إلى المستفيد حيث يقوم الساحب بتحرير الشيك ويوقعه توقيعاً إلكترونياً ثم يرسله إلكترونياً إلى المستفيد الذي بدوره يقوم باستلام الشيك فيوقع عليه فيسمح هذا التوقيع بمتابعة طريق الشيك وتحديد المسؤوليات .
يقوم المستفيد بإرسال الشيك إلى المصرف الذي لديه حساب فيه والذي بدوره يقوم بتبادل الشيك بينه وبين المصرف المسحوب عليه حيث يقوم بخصم قيمة الشيك من حساب عميله الساحب لينقلها إلى المستفيد عن طريق المصرف الذي يملك حساباً فيه.
واخيرا وبالنتيجة تتكون عناصر التعامل بالشيك الالكتروني من خمسة عناصر:
1-الافراد .2-الاجهزة(الكمبيوتر)3-البرمجيات4-البيانات(التي يتم توفيرها من البنوك للطرفين)5-الشبكات.
المطلب الرابع: حجية البيانات الاختيارية في الشيكات الإلكترونية :
-نص قانون البينات الاردني في المادة(13/ج على المنهج العام لحجية مستخرجات الحاسوب)حيث جاء فيها (وتكون لمخرجات الحاسوب المصدقة او الموقعة قوة الاسناد العادية من حيث الاثبات ما لم يثبت من نسبت اليه انه لم يستخرجها او لم يكلف احدا باستخراجها .)
– ولقد أكد القانون النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي في عام 1996 والذي سعى إلى تنمية التجارية الإلكترونية من خلال الاعتراف القانوني بحجية الوسائل الإلكترونية المستخدمة في هذه التجارة ، حيث نصت المادة السادسة منه على : (عندما يشترط القانون أن تكون المعلومات مكتوبة ، تستوفي رسالة البيانات ذلك الشرط إذا تيسر الاطلاع على البيانات الواردة فيها على نحو يتيح استخدامها بالرجوع إليها لاحقاً) .
أي أن الشيك الإلكتروني باعتباره رسالة بيانات موثقة إلكترونياً يمكننا الاعتماد عليها والاعتراف بها قانوناً بموجب قانون الأونسيترال ، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة السابعة منه على : (عندما يشترط القانون وجود توقيع شخص يستوفى ذلك الشرط بالنسبة إلى رسالة البيانات إذا :
آ – استخدمت طريقة لتعيين هوية ذلك الشخص والتدليل على موافقة ذلك الشخص على المعلومات الواردة في رسالة البيانات .
ب – كانت تلك الطريقة جديرة بالتعويل عليها بالقدر المناسب للغرض الذي أنشئت أو بلغت من أجله رسالة البيانات في ضوء كل الظروف بما في ذلك أي اتفاق متصل بالأمر) .
وعلى ذلك فإن التوقيع الإلكتروني الذي يتضمنه الشيك الإلكتروني والذي من شأنه التدليل على هوية الموقّع وعلى التزامه بما وقّع عليه ، يكتسب الشيك الإلكتروني قوة ثبوتية قانونية . وهذا ما أكدته الفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون الأونسيترال حيث نصت على : (يعطى للمعلومات التي تكون على شكل رسالة بيانات ما تستحقه من حجية في الإثبات وفي تقدير حجية رسالة البيانات في الإثبات يولى الاعتبار لدرجة التعويل على الطريقة التي استخدمت في إنتاج أو تخزين أو إبلاغ رسالة البيانات ولدرجة التعويل على الطريقة التي استخدمت في المحافظة على سلامة المعلومات وللطريقة التي حددت بها هوية منشئها ولأي عامل يتصل بالأمر) . وعلى اعتبار أن الشيك الإلكتروني هو عبارة عن رسالة بيانات موثقة بتوقيع إلكتروني فإن نص هذه المادة ينطبق عليه .
-ولقد نص قانون المعاملات الالكترونية المؤقت رقم 85 لسنة 2001 على معظم الاحكام الناظمة للتجارة والمعاملات الالكترونية وخصوصي ما تعلق منها بالتوقيع الالكتروني والشيك الالكتروني ووجوب توثيق التوقيع الالكتروني لدى الجهه المحددة قانونا وما يلزمنا في التوقيع الالكتروني هو امتداد اثر التوقيع للبيان الاختياري في الشيك الالكتروني و لاثبات الرضا على البيان الالكتروني وقد بنى الفقه والباحثين الكثير من الافكار القانونية مستندين الى حجية البيان الالكتروني عن طريق اثبات صحة التوقيع .
المبحث الثاني: البيانات الاختيارية في الشيك الالكتروني
تمهيد:
نص قانون التجارة الاردني على البيانات الالزامية في الشيك والتي يترتب على تخلف احدها فقدان الشيك صفته كورقة تجاريه ولكنه ايضا وفي مقام اخر اجاز اضافة بيانات إختيارية يتفق عليها الطرفان شرط ان لاتخالف هذه البيانات نصوصا امرة او القوانين او الاعراف التجارية او النظام العام والاداب ولاتخرج الشيك عن خصائصه الجوهرية وهذه البيانات منها ما نص القانون عليها مباشرة او جاءت بالاتفاقات الدولية او الاعراف التجارية وسنعرض لهذه البيانات في هذا المبحث مستعرضين اثر التراضي في تلك الشيكات .
المطلب الاول :بيان (عدم قابلية الشيك للتداول)
-إن ما يميز الاوراق التجارية ومن اهم خصائصها هي قابلية الاوراق التجارية للتظهير (التداول).
-وقد يتم تداول الشيك العادي من شخص لاخر بطريق التظهير (أي ان يقوم الشخص المستفيد أو الحامل الشرعي بالتوقيع على ظهرالشيك او على ورقة متصلة به )وقد يتداول الشيك بالمناولة والتسليم (أي ان يكون الشيك لحامله او سبق تظهيره بالتوقيع فقط دون يذكر انه مظهر لشخص محدد فيكون الحامل لهذا الشيك قانونا هو المالك لهذا الشيك).
-والاصل ان يكون الشيك قابلا للتظهير لان التداول خصيصة مهمة للورقة التجارية بصريح النص في المادة (239)تجارة ولو لم تذكر فيه عبارة (لامر).
-وتداول الشيك يكون على اشكال حسب طريقة اصداره :
1- التظهير لامر :
وهو شيك يتم تظهيره لامر شخص معين أو باسم شخص معين دون ان ينفي شرط الامر وهذا الشيك طبعا يتم تداول قيمته بالتظهير (239/1تجارة)مشترطا التوقيع كتعبير عن الارادة لنقل الحق الثابت بالسند للمظهر اليه ويمكن تظهيره المرة تلو الاخرى .
2- التظهير الاسمي:
وهو تظهير يصدر بإسم شخص محدد حصرا ويتضمن عبارة (ليس لامره) وهو ما يهمنا كبيان اختياري او أي عبارة تنفي شرط الامر (كعبارة لفلان وليس لامره)(ادفعوا لفلان دون غيره) ويثور هنا قيام المستفيد بالتوقيع للبنك تظهير توكيلي لصرف الشيك مما يعتبر توكيلا او تفويضا لصرف الشيك فقط وقد اكدت محكمة النقض الفرنسية ذلك الحكم , وقد أكد بنك فرنسا على دقة هذا الموضوع …ولا يقبل البنك الشيك او الكمبيالة الالكترونية الا اذا كانت مظهرة
-أما التظهير الإلكتروني :
-هونقل الحق الثابت بالشيك بنفس التوقيع الإلكتروني او بتوقيع لاحق ولكن هذا يتطلب امتلاك المظهر اليهم نظام اتصال إلكتروني وذلك بحيث يقوم الساحب بتحرير الشيك الإلكتروني ثم يقوم المستفيد بمعالجتها إلكترونياً بالتظهير وإرسالها إلى حامل آخر ثم يقوم هذا بتظهيرها تظهيراً توكيلياً أو تأمينياً أو ناقلاً للملكية لحامل آخر وهكذا حتى تأتي إلى البنك ، ولكن هذا -مع إمكانه- إلا أنه يحتاج إلى إمكانية ضخمة وكبيرة .
وجدير بالذكر ان تداول الشيك الالكتروني بالطريقة الممغنطة يعني عدم جواز تداوله الا في النطاق المحدد له بين البنوك وليس كالشيك العادي والشيك الالكتروني لايمكن تبادله بالطرق المباشرة العادية انما باجراءات محددة متفق عليها
ولتوضيح هذا المطلب ,قد يشترط احد الملتزمين بالشيك وقد يكون الساحب او المستفيد او احد المظهرين على من هم بعده من الملتزمين بالشيك بقيد بيان او شرط عدم قابلية الشيك للتظهير بأن يقوم الساحب مثلا بذكر عبارة (للمستفيد الاول فقط)أوأن يقوم المستفيد من الشيك أو احد مظهريه بذكر عبارة (غير قابل للتداول بعد هذا التوقيع )أو عبارة (لفلان …وليس لامره).
أثر وضع بيان (عدم قابلية الشيك للتداول):
اذا وجدت أي من العبارات السابقة على الشيك فأنه يترتب على الحامل فورا ان ينتبه هل الشخص الذي يقوم بتظير الشيك اليه يستطيع نقل الشيك بالتداول ام لا؟
والسبب ما نصت عليه المادة (239تجارة)من حكم خطير بحق الحامل المقصر وهو ان هذا الشيك (سيخضع تداوله لاحكام حوالة الحق المقررة في القانون المدني)وان هذا الحكم خطير على الحامل لان التظهير القانوني الموافق للاصول لايشترط فيه موافقة اطرافه اما حوالة الحق في القانون المدني فإنها تشترط موافقة المحيل والمحال عليه والمحال له ,وبناء على هذا الحكم لايستطيع الحامل (المظهر اليه)مطالبة أي من الساحب والمستفيد و…الا بعد اخذ موافقتهم وبعد السير بإجراءات المطالبة بحوالة الحق والتي تأخذ شهورا من الوقت وعدم موافقة المحال عليهم عادة للتملص من دفع قيمة الورقة التجارية .
– أما الاثر الثاني :
فإنه يتوجب على البنك الوفاء بالشيك للحامل الشرعي بعد أن يقوم الحامل بالتوقيع على وصل يفيد باستلامه لقيمة الشيك ,وهنا فإن الحكم على المسحوب عليه (البنك)أن يمتنع عن صرف الشيك كون الحامل (غير شرعي)ولا تخوله ورقة الشيك المطالبة بقيمتها , وبالتالي سيقوم البنك بتعويض الضرر للساحب وهذا ما قرره قانون التجارة بالمادة(257/6) واكدته محكمة التمييز وهنا يقع عبىء اثبات وقوع الضرر وقيمته على المتضرر لكل حالة على حدة .
ولا يسعنا إالا ان نذكر ان معظم الشيكات التي تصدرها الدولة أو الشركات الكبرى تكون مروسة وممهورة ببيان(لايصرف الا للمستفيد الاول)خوفا من تزوير الشيكات او تحريفها لتسهيل القبض على الفاعل أو لغايات ان لاتكون الشيكات الصادرة منها قابلة للتظهير خوفا من رجوع المظهر اليهم وفق قاعدة (التظهير يطهر الدفوع ) .
– ومن جهة اخرى فإن هذا البيان ايضا يضاف له :
1-اذا كتب الساحب (يصرف للمستفيد الاول فقط)وقام المستفيد بتظهيره تظهيرا ناقلا للملكية فإن جميع المظهر اليهم لايستطيعوا مطالبة الساحب بقيمة الشيك او صرف الشيك.
2-اذا قام احد المظهرين بكتابة ما يمنع تظهير الشيك ,وهنا لايستطيع المظهر اليهم مطالبة هذا المظهر بقيمة الشيك ولقد جاء الشراح على هذه الاشكالية كالدكتور فياض القضاة بإشكالية محقة عندما اورد في كتابه (..ولكن اثره يقتصر على ان المظهر الذي يضع هذا الشرط لايكون ملزما لمن سيؤول اليهم هذا الشيك بتظهير لاحق حيث تقتصر مسؤوليته فقط في مواجهة الشخص الذي ظهر له مباشرة ولا تنتقل الى بقية المظهر اليهم خلافا للقواعد العامة في المسؤولية التضامنية .وبالطبع فإن ايراد هذا الشرط من قبل المظهر سيثير الى اشكالات عند تقديم الشيك للوفاء …..فإن البنك المسحوب عليه سيفترض ان الشرط وضع من قبل الساحب وسيمتنع عن وفاء الشيك …)
المطلب الثاني : شرط (بيان عدم الضمان):
لقد نصت المادة (260/1) من قانون التجارة الاردني واكدت ان ساحب الشيك ومظهره ضامنون للوفاء بقيمة الشيك للحامل الشرعي …وان الساحب بحكم القانون لايجوز له التملص من الوفاء باشتراط عدم الوفاء لانه الملتزم الاصلي في الشيك .
-اما وضع الشرط (عدم الضمان)من قبل احد المظهرين يسري في مواجهه المظهر اليه المباشر وفي مواجهه كل من سيحصل على الشيك بتظهير لاحق.ولا يمكن لحاملي الشيك الاخرين ان يحتجو بعدم معرفتهم بهذا الدفع لانه دفع واراد بالشيك وبامكان كل من يتعامل بالشيك تبيان ومعرفته حيث انه يؤخذ على شكل عبارة صريحة بعدم الضمان للوفاء كالقول (ومني لامر السيد ..مع عدم الضمان).
ومما لاشك فيه انه يعتبر انقاص للضمان العام للشيك حيث انه كلما زاد الملتزمون بالشيك كلما زادت الثقة العامة بأن الشيك سوف يتم تحصيله والعكس صحيح.
((وهنا ان شرط عدم الضمان من قبل المظهر يختلف عن شرط عدم التظهير حيث ان المظهر بالشرط الاول يفصح عن ارادته بانه غير ملزم بضمان الوفاء وفقا لقاعدة التضامن الصرفي …اما في حالة الشرط الثاني فان المظهر يبقى مسؤولا تجاه المظهر اليه المباشر ولكنه لايضمن الوفاء لبيقية المظهر اليهم الاحقين للشخص الذي ظهر له السند ….)24
المطلب الثالث: شرط وصول القيمة(سبب تحرير الشيك):
-لم يشترط القانون الاردني (في المادة 228)لصحة الشيك ان يذكر فيه سبب تحريره كبيان الزامي ,ويجوز لساحب الشيك ان يذكر فيه سبب تحريره (مثلا ثمن اقمشة)وإذا ذكر الساحب للشيك ان سبب تحريره للشيك وانه استلمها فيجب الاخذ بهذا السبب كسبب لتحرير الشيك .
ولذلك فإنه وفقا لقانون البينات الاردني …لايجوز ان يحتج ان سبب تحرير الشيك هو غير ذلك.
كذلك لايعتبر ذكر هذه البيانات إلزامي عند تظهير الشيك ,ولكن ذكره يفيد في اثبات السبب الذي من اجله تم تظهير الشيك ,وينطبق على ذكر السبب عند التظهير ما ينطبق على تحرير الشيك مع الاشارة انه يندر عمليا ان يذكر السبب اثناء التظهير.
-وهنا تبرز اهمية عملية ايجابية من جهة وسلبية من جهه اخرى لكتابة سبب تحرير الشيك ,, ولا بد لنا ان الاصل الفقهي للقانون التجاري (وقاعدة التظهير يطهر الدفوع )أن لايتطرق للسبب الذي من اجله اعطي الشيك ولا يصلح طعنا يحتج فيه …وان القانون المدني الاردني اعتبر كل تعاقد انه مبني على سبب مشروع الا اذا ثبت العكس …وفي الاوراق التجاري لايجوز للقاضي ان يسمح للمدعى عليه اثارة دفوع تتعلق بالسبب الذي لاجله حرر الشيك.
ولقد تناقضت محكمة التمييز الاردنية في العديد من القرارات المتناقضة حول السبب والدفع ببطلان السبب او تعييبه في الورقة التجارية وهل يجوز اثباته ويرى الفقه على انه تجب التفرقه بين الساحب والمستفيد وهل للمستفيد الحق باثارة هذا الدفع والتفرقة بين الساحب وعلاقته مع المظهر لهم الشيك اذا طبقنا قاعدة(التظهير يطهر الدفوع) حيث يرى الدكتور عزيز العكيلي ان الحامل حسن النية جدير بالحماية .
ولقد اصدر المجلس العالي لتفسير القانون القرار رقم( 40/90)والذي بين فيه ان بطلان العلاقة الاصليه مثلا بسبب عدم تسجيلها شكلا حسب الاصول يؤدي الى بطلان السند ,,وهنا يجب الاحتياط لامرين …ان المظهرين يخرج حكمهم عن القرار وايضا لايطبق الحكم في الدعاوى الجزائية حيث يجرم ساحب الشيك اذا توافرت اركان جريمة اصدار شيك بدون رصيد بغض النظر عن السبب وهذا ما اكدته محكمة التمييز بالعديد من قراراتها .
أما من الزاوية الايجابية -العملية- تظهر عمليه بيان السبب في حال مضت المدة القانونية (التقادم)على الشيك فإن المستفيد سيحتاج الى اثبات الدعوى بعد مدة التقادم الصرفي على الشيك لاثبات سبب ومحل السند ومصدر الحق الذي من اجله اعطي السند,,وفي حال كتب الساحب سبب الالتزام (قرض-سلفة)فأنه سيعفى من تقديم البينة على مصدر الحق ويكون السند بينة كافية وحدها للاثبات دون تقديم بينات اخرى كالفواتير او البينة الشخصية .
المطلب الرابع: بيان الرجوع بدون مصاريف:
-ان هذا البيان من البيانات التي قد تثير جدلا بين البيانات الالزامية في الشيك الالكتروني وما هو من بياناته الاختيارية وبين البيانات الواجب اتباعها في الشيك الالكتروني واتباع العرف الدولي والتجاري كمصدر قانوني للبيانات الواجبة في الشيك الالكتروني وهذا البيان من اهمها حيث جرى العرف عليها بنص صريح فيها حسب النماذج.
-وان بيان او شرط(الرجوع بدون مصاريف)هو شرط يضعه احد الملتزمين بموجب الشيك لمن هم بعده يعفي نفسه بموجب هذا الشرط من حق الحامل تجاهه للمطالبة مثلا بمصاريف وتكاليف تقديم الاحتجاج .
والاحتجاج بالشيك هو اثبات وفق نصوص القانون يقوم بموجبه الحامل باثبات امتناع المسحوب عليه (البنك)عن صرف الشيك وقد يكون عن طريق كتاب بواسطة كاتب العدل او بموجب كتاب من البنك نفسه او بختم ظهر الشيك بعدم صرف الشيك والاسباب الداعية لذلك وتاريخ عرض الشيك وهذا ما اكدته نصوص قانون التجارة في المادة (260والمادة 163) ويرى الدكتور محمد بهجت انها اصبحت بيانات مهمة:
((..ويتم تكملة هذه البيانات ببيانين منصوص عليهما قانونا بصفة اختيارية وكانا احيانا يردان بالكمبيالة العادية واولهما –شرط الرجوع بدون مصاريف او ….والبيان الثاني يتعلق بمحل الوفاء ,هذا بالاضافة الى احتواء الكمبيالة على بيانات تتعلق بالبنك المسحوب عليه والفرع الذي يتم منه الوفاء ,كذلك رقم الحساب الخاص بالساحب ,وهذه البيانات يطلق عليها بيانات الشخصية المصرفية للمسحوب عليه..))
ويرى الباحث ان النظام القانوني قد يتشدد في بعض البيانات الاختيارية لدرجة اشتراطها كبيان الزامي وهذا الامر الذي يشكل فرقا بين البيانات الالزامية الاختيارية التقليدية والبيانات المطلوبة او التي قد يطلبها المسحوب عليه على النموذج المقدم منه سلفا ويلتزم الساحب بها.
وبالنتيجة فان شرط الرجوع بدون مصاريف يحرم الحامل من حقه بمطالبة الساحب برسوم قد دفعها تكاليف للاحتجاج كرسم الكاتب العدل والتبليغ ورسوم ختم الشيك من البنك .
وهنا إذا كان من وضع الشرط هو الساحب في الشيك الالكتروني فأن الشرط يسري على جميع الملتزمين بالسند واذا ما وضعه احد المظهرين فيسري عليه فقط ولكن يجدر بنا التنويه الى ان مصاريف الاحتجاج قد لاتشابه نظيرتها بالشيك التقليدي ولها ابواب اخرى لامجال لذكرها.
ولقد اثار الفقه ومنهم الدكتور فياض القضاة ان عبارة (الرجوع دون احتجاج)وبحق تختلف عن عبارة(الرجوع بدون مصاريف)والاولى انها تعني ان لايكلف الحامل بعمل احتجاج اصلا خوفا من الاحراج الذي سيتعرض له الساحب بينما الرجوع بدون مصاريف هي كما سبق شرحه مقصود بها التكاليف فقط,,والرد على هذا الرأي هو انه واقعيا لايمكن معرفة هل سيتم صرف الشيك ام لا الا بعد عرضه على البنك المسحوب عليه …وان عدم صرف الشيك او عدم وجود رصيد هو تغيير جوهري يترتب عليه اثار خطيره كأعلان افلاس التاجر ان توقف عن الدفع واو رفع الدعوى وقد اكدت محكمة التمييز بالعديد من قراراتها انه لايجوز رفع الدعوى وتعتبر سابقة لاوانها ان لم يتم الاحتجاج او ختم الشيك من البنك وان الحامل يعتبر مهمل اذا لم يحرر الاحتجاج في موعده.
ولكن يثور السؤال هل تعني عبارة (الرجوع بدون مصاريف )ايضا عدم تحمل الساحب رسوم الدعوى القضائية حيث ان المطلق يجري على اطلاقه ام ان الساحب يعفى فقط من تكاليف الاحتجاج حصرا,,وانني مع الرأي القائل انها يقصد بها فقط رسوم الاحتجاج فقط.
المطلب الخامس:بيان القيد بالحساب (co)او(a|c):
الاصل في الشيكات ان الحامل يستطيع مبادلة قيمة الشيك نقدا بمجرد عرضه (على الكاونتر) في الشيك التقليدي ,ولكن يستطيع الساحب او الحامل ان يمنع الوفاء بقيمة الشيك نقدا اذا ما اضاف الى بياناته عبارة (للقيد في الحساب)او اي عبارة اخرى مثل(co)طبقا للمادة 258/1تجارة وترد على ظهر الشيك ولا مانع بقيدها على وجهه.
فإذا تضمن مثل هذا البيان يمتنع على البنك تحت طائلة التعويض من وفائه نقدا بل يتم الوفاء بقيمته عن طريق المقاصة في القيد بحساب الحامل او النقل المصرفي بين حساب الساحب وحساب المستفيد او المقاصة بين الحسابين.
ويهدف الى تقليل مخاطر الضياع والسرقة ولا يجوز الشطب لهذا البيان وان شطب لايعتد بالشطب بصريح النص.
وانني ارى أن هذه الاحكام يمكن تطبيقها على الشكل العادي للشيك ولا مبرر لها في الشيك الالكتروني كون الشيك الالكتروني هو عبارة عن تحويل بواسطة المقاصة او تحويل الكتروني اصلا ولا يستلم الحامل نسخة الشيك بورقة بل يتم التحويل الى حسابه من البنك الوسيط وله بعد ذلك استيفاء المبلغ نقدا وهذا امر اخر خارج عن موضوع بحثنا.
((والاختلاف يكمن في ان انشاء الشيكات الالكترونية وتبادلها يتم عبر الانترنت ,ويقوم الوسيط بالخصم من حساب العميل ويضيفه لحساب التاجر )) .
ولقد كان الهدف الاصلي من هذا البيان الزيادة في استيثاق البنك في بيانات الحامل والكشف عن شخصيته بان يكون عميل للبنك الذي يصرف الشيك بواسطته خوفا من الضياع اوحصوله عليه بطريقة غير مشروعة .
وفي الشيك الالكتروني كما تقدم من شرح يكون هناك على الغالب بنكين بنك الساحب اللذي لديه الرصيد وبنك المستفيد الذي سيتم التحويل اليه ولايمنع مع ان يكون للساحب والمستفيد حسابان لدى نفس البنك .
المطلب السادس شرط التسطير
لطالما كان الشيك وهو اداة وفاء للحامل وخصوصا عندما يكون للحامل عرضة للسرقة او الضياع او التزوير مما ادى الى ظهور حلول وافكار تزيد الثقة بالورقة التجارية ومنها شرط التسطير .
ولقد ثار نقاش محتدم بين الشراح حول عملية التسطير هل هو نوع أخر مستقل من الشيكات ام انه بيان اختياري يناقش ضمن البيانات الاختيارية ؟ولقد استقر بي المقام الى الوقوف جنبا الى جنب الى الرأي الاخير ان السطير هو بيان اختياري لايختلف عن اي بيان اخر .
نظمت المواد(256والمادة 257تجارة) احكام الشيك المسطر .
وان التسطير عموما هو وضع الساحب مثلا خطين متوازيين على الشيك ( / / )والعرف الدارج ان يكونا بشكل عرضي افقي( = )والتسطير قد يكون عاما او خاصا .
التسطير العام : يأتي بصورة خطين متوازيين بدون اي بيان او كتابة داخلهم او يذكر كلمة(بنك) فهنا يكون التسطير عاما.
ولا يجوز للبنك هنا ان يفي بقيمته الا الى احد عملائه او الى مصرف.
والتسطير الخاص: ان يذكر بين الخطين اسم بنك بعينه ويحدد بين الخطين ( /بنك السمير/).
ويجوز تحويل التسطير الخاص الى عام بكتابة اسم البنك ولا يجوز العكس طبقا لقانون التجارة.
ولايجوز للبنك ان يفي بقيمته الا المصرف المحدد بين الخطين.
وفي حالة السرقة او الضياع لايستطيع اي شخص صرف الشيك الا بواسطة مصرفه او المصرف المحدد بالتسطير وسرعان ما سيكتشف امر.
والتسطير في الشيك الالكتروني وارد وحسب الاتفاق بين الاطراف مسبقا.
المطلب السابع اسم الساحب ورقم الحساب
لم يرد النص على ان اسم الساحب ضمن البيانات الالزامية في الشيك في المادة (228تجارة) والحقيقة العملية والواقعية تثير الاستغراب عندما نعلم القيود القانونية على تسجيل الدعوى المدنية او الجزائية من وجوب ذكر اسم المدعى عليه رباعيا ,ولا ننسى ان بعض الشخصيات الاعتبارية ايضا اصبحت كساحب تشكل الزبون الافضل لدى البنوك , وان للشخصيا ت المعنوية تنوع في ذكر الاسم التجاري والعنوان التجارة واسم الشهرة,لابل اصبحت بعض الشركات الخاصة الكبرى تضع اسمها التجاري على ترويسة الشيك بحجم يزيد عن اسم البنك نفسه لما في ذلك من دعاية ودلالة الى قدرة الشركة الائتمانية,وأيضا لاننسى انه يتوجب احيانا التفصيل بخصوص اسم الشخص الذي وقع الشيك عن الشخص الاعتباري لمعرفة هل هو احد المفوضين عن الشركة ام لا ؟
ومن الجدير بالذكر ان البنك المركزي ومن خلال تعليماته للبنوك باصدارات اوراق الشيك الممغنط اوجب ذكر اسم الساحب ورقم حسابه بل اصبحت اوراق البنوك جمعها موحدة وممغنطة ويجب تفعيلها وادخال ارقام الدفتر قبل استلامه من العميل على جهاز الكمبيوتر المركزي للبنك وبأن الدفتر اصبح صالح للتداول بعد تسليمه للساحب .
وان رقم الحساب اصبح ضرورة ملحة من الناحية العملية لعمليات البنوك الالكترونية الممغنطة حيث اضحى التطور والسرعة بالعمل التجاري واعمال البنوك ضرورة ملحة حيث يقرأجهاز الحاسوب بواسطة الكاشف بمجرد وضع الشيك فيه وسحبه الاستدلال على رقم العميل وشخصيته وصورة عن توقيعه ,,ولا ننسى البصمة بواسطة العين لفتح الحساب او السحب منه او اصدار شيك (كاونتر)دون طلب اثبات الشخصية .
وهذه البيانات وان كانت قانونا اخيارية لاتسري على المستفيد من الشيك او حامله انما بين الساحب والبنك الذي يتعامل معه فقط الا ان هذه البيانات تبرز اهميتها في الشيك الالكتروني والذي يجب تعبئته حسب النموذج المقدم من البنك والذي لابد فيه من تسجيل اسم الساحب ورقم حسابه مما تغدو الحاجة ملحة لتطوير التشريعات لتعتبر هذه البانات بيانات الزامية للشيك.
المطلب الثامن : اسم المستفيد ورقم حسابه
ايضا لم تذكر المادة (228من قانون التجارة)اسم المستفيد كبيان الزامي بالشيك ,ويختلف الامر بالبيانات المطلوبة بالشيك الالكتروني وذلك كون الشيك الالكتروني يحمل في طيه بيانات يطلبها البنك على النموذج المتفق عليه بين العميل الساحب والبنك والذي يجب عليه تحديد شخصية المستفيد تحديدا دقيقا بلاضافة الى رقم حسابه واسم البنك العائد للمستفيد والا استحال على البنك الذي يتعامل معه الساحب دفع المبلغ والوفاء بالشيك…قياسا على الحوالة البنكية التي يقوم بها طالب الحوالة لصالح شخص معين اذ يعقل قانونا ولا منطقا عدم تحديد شخص المستفيد ,ويختلف الامر عنه عن ورقة الشيك التقليدية اذ ان الحيازة في المنقول سند للملكية واكد قانون التجارة ان الحامل هو الحائز الشرعي للسند ووجود الشيك بالشكل المادي البحت كورقة يكون على مسؤولية الساحب الذي يحرر الشيك لحامله مثلا وينقل حيازته بتسليمه فتقوم ورقة الشيك الورقية مقام النقود وعلى مسؤولية الساحب ,اما في الشيك الالكتروني فلا حيازة مادية للشيك وبالتالي لن يتحمل البنك ولن يقبل ان يفتح شيكا للعدم او ان يتحمل قيمة الشيك دون تحقق منه الى صحة الوفاء بقيمة الشيك.
المطلب التاسع :بيان (لايصرف الا بتاريخه)
نصت المادة (245) تجارة بصريح النص ولا اجتهاد في مورد النص على ان الشيك في الاردن مستحق الصرف لدى الاطلاع رغم اي بيان مخالف بمجرد تحرير الشيك وتسليمه للمستفيد ولو ان الشيك مؤجل ورغم ان الساحب اورد بيان (لايصرف الا بتاريخه)وقد اكدت محكمة التمييز في العديد من قراراتها ذلك الحكم.
-وان هذا الحكم يخالف العرف التجاري بين التجار في الاردن وبعض تصرفات البنوك من الامتناع عن صرف الشيك اذا وردت به العبارة ,,ولكن في الشيك الالكتروني قد يختلف الوضع كثيرا اذا ما عرفنا ان النظام القانوني الذي سيطبق على الشيك هل يقيم اعتبارا لهذ الشرط ام لا؟
(على ان الوضع يختلف في بعض الدول بالنسبة للشيك المؤخر التاريخ كأنجلترا والولايات المتحدة الامريكية لايجوز للبنك صرف الشيك قبل التاريخ المدون فيه كتاريخ لاصداره,فإذا قام البنك بصرفه قبل تاريخه تحمل مسؤولية ذلك…كما هو الحال في البلاد التي اخذت احكامها عن اتفاقية جنيف )ولقد تعرض الباحثين في هذا المجال كثيرا في القانون الدولي الخاص الى القانون الواجب التطبيق على الحالة المعروضة.
وان قانون التجارة نص على جزاء على كل من يثبت على الشيك تاريخا غير صحيح (274تجارة)
التوصيات:
1- يجب ان تتوافق التشريعات المتعلقة بالاوراق التجارية للتطور الحاصل في صعيد الاوراق التجارية الالكترونية وتخصيص نصوص خاصة لها في قانون التجارة او في قانون منفصل كقانون المعاملات الالكترونية.
2- اضافة البيانات كأسم الساحب واسم المستفيد الى البيانات الالزامية في الشيك منعا للتصادم مع تطورات الاوراق التجارية مع رقم الحساب واعتماد الشيك الممغنط واشتراط ان تكون الشيكات حسب النموذج المعتمد من البنك المركزي للقضاء على زمرة الاشرار الذين يستغلون الشيكات المكتبية للاحتيال على التجار.
3- المضي قدما بانشاء جهه حكومية لاعتماد المعاملات الالكترونية وخصوصا للشيكات واعتماد التوقيع وتوثيقه من جهه معتمدة قانونا .
4- يجب النص في قانون المعاملات على البيانات التي يجب توافرها في شهادة التوثيق للتوقيع الالكتروني.
الخاتمة
وبناء على ما تقدم فأن احكام الشيك الالكتروني وبياناتها الالزامية والاختيارية تقترب كثيرا من مثيلاتها الورقية التقليدية الا ما استثني طبعا لطبيعته منهما ,وان البيانات الاختيارية ومن اسمها هي اختيارية بين الساحب والحامل يتم وضعها اما لتشديد التزام الحامل او المستفيد او للتخفيف من التزامات الساحب وهي بالنتيجة لمصلحة الطرفين او احدهما على الاقل املين ان نكون قد وفقنا بما توصلنا اليه من بحث ,,,
والله الموفق,,,,,,,,,
المراجع:
اولا: الكتب والابحاث والمقالات:
1- د-عزيز العكيلي في كتابه (الوسيط في شرح القانون التجاري)-دار الثقافة 2010 .
2- الكمبيالة الإلكترونية- بحث مقدم لنيل درجة الماجستير- جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية /محمد النتيفات1424هـ
3- د-محمد بهجت قايد – الاوراق التجارية الالكترونية- الكمبيالة والسند لامرالالكتروني- دار النهضة- طبعة اولى 2001
4- د-جاك يوسف الحكيم – الحقوق التجارية – الطبعة الرابعة – منشورات جامعة دمشق – 1996 –.
5- وليد الزيدي – التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت – الموقف القانوني – دار المناهج للنشر والتوزيع – الطبعة الأولى – 2004 –.
6- الاوراق التجارية الالكترونية- ناهد الحموري- دار الثقافة-2010
7- عائض سلطان البقمي – الشيكات الإلكترونية – بحث منشور في الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض اليومية www.alriadh.com .
8- الصيرفة الالكترونية-د ناظم الشمري وعبد الفتاح العبدلات- 2008 دار وائل للنشر
9- بحث بعنوان (المسؤولية القانونية عن صرف الشيك المزور في اطار نظام المقاصة الالكترونية)مقدم لنقابة المحامين الاردنيين من المحامي المتدرب نضال ابو الفول 2011
10- القانون الواجب التطبيق على العقد التجاري الالكتروني (بحث مقدم للجامعة الاردنية )من الطالب معتصم الحديدي/الدراسات العليا2008.
11- (حجية المحررات والاسناد الالكترونية في الاثبات )اعداد المحامي المتدرب سيف الفواعير-نقابة المحامين.
12- احكام التراضي في العقود الالكترونية(للطالبة مارلين حجازين )الجامعة الاردنية/الدراسات العليا.
13- بحث (التجارة الالكترونية والتوقيع الالكتروني)للطالب محمد السرحاني /الجامعة الاردنية/دراسات عليا/2008.
14- بحث (التوقيع الالكتروني )للطالب معاذالزعبي وفلاح الحسين /الجامعة الاردنية/دراسات عليا/2008.
ثانيا :القوانين والاتفاقيات:
1- القانوني النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي في عام 1996 .
2- قانون التجارة الاردني لعام 66.
3- قانون المعاملات الالكترونية لعام 2001.
4- القانون المدني الاردني لعام 76.
ثالثا : اجتهادات القضاء :
1- مجلة نقابة المحامين .
2- القرارات المنشورة في الموقع الالكتروني لشركة السعيد وشركة القرطاس القانوني(lawclerck)(الكاتب القانوني)
الفهرس
رقم الصفحة العنوان
2-3 المقدمة
3
3
3
4
5
5
5
6
7
7
7
10
10
11
13
14
14
15
15
15
16
17
18 المبحث الاول:
تمهيد
المطلب الاول: التعريف بالشيك الالكتروني.
المطلب الثاني:
شروط الشيك الالكتروني مقارنة بالشيك التجاري التقليدي
المطلب الثالث :
اطراف الشيك الالكتروني
المطلب الرابع:
حجية البيانات الاختيارية في الشيكات الإلكترونية
المبحث الثاني:
البيانات الاختيارية في الشيك
المطلب الاول :
بيان (عدم قابلية الشيك للتداول)
المطلب الثاني :
شرط (بيان عدم الضمان):
المطلب الثالث:
شرط وصول القيمة(سبب تحرير الشيك)
المطلب الرابع:
بيان الرجوع بدون مصاريف:
المطلب الخامس:
بيان القيد بالحساب
المطلب السادس
شرط التسطير
المطلب السابع
اسم الساحب ورقم الحساب
المطلب الثامن :
اسم المستفيد
المطلب التاسع :
بيان (لايصرف الا بتاريخه)
19 التوصيات
19 الخاتمة
20 قائمة المراجع
21
22 الفهرس
لماذا لا تكون اول معجب
بحث عن تشريعات حماية الملكية الصناعية في الدول العربية .
أ* عيسي العماوي
دراسة مقارنة لأوضاع تشريعات حماية الملكية الصناعية في الدول العربية
ندوة تشريعات حماية الملكية الصناعية في الدول العربية التي ينظمها
المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية بالتعاون مع
غرفة تجارة قطر
22/5/1990
مقدمة :
ظهرت بوادر حقوق الملكية الصناعية خلال العصور الوسطى بادئ الأمر في شكل قانونية العلاقات التجارية التي اتخذها المنتج رمزاً لمهارته ليميز منتجاته عن منتجات منافسيه. وفي بداية القرن الخامس عشر ظهرت هذه الحقوق بحماية المخترعات في ظل قانون البندقية الصادر عام 1474. وتأكد وجودها وبرزت نظمها القانونية في منصف القرن التاسع عشر حين بدأت الثورة التكنولوجية.
ولهذه الحقوق أهمية اقتصادية وسياسية وحربية حيث ان انتقال التكنولوجيا إلى الدول النامية يؤدي إلى تغييرها من النواحي السالفة الذكر ، ذلك ان الاختراعات التي ظهرت في الحضارات القديمة غيرت مجرى التاريخ فاكتشاف الكتابة والورق والطباعة وكذلك اكتشاف وسائل النقل البحرية والبرية ثم الجوية مثل السفينة والقطار والطائرة واكتشاف الطاقة عموماً كل ذلك أدى إلى ثورات متعاقبة أثرت في مسيرة الانسانية جمعاً.
ولاشك أن ظهور الاختراعات يؤدي إلى تطور الحياة الاقتصادية حيث يتوسع الانتاج ويتحسن فيرتفع مستوى المعيشة، وزيادة الانتاج في حاجة إلى توسع رقعة الأسواق الأسواق لتصريف المنتجات فتزدهر التجارة الخارجية بالاضافة إلى تطور الأفكار السياسية وسيطرة الدول الصناعية الكبرى على الدول الصغيرة لجعلها أسواقاً لمنتجاتها.
ولا شك أيضاً أن أوروبا استفادت في نهضتها الصناعية من الاختراعات والاكتشافات التي قدمها العرب في الفترة بين القرنين السادس والسادس عشر الميلادي، وبعد ذلك تركزت الثورة التكنولوجية في أوروبا وأمريكا واليابان، ولكن هذه الثورة أدت إلى ثورة اقتصادية في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة وكان لزاماً ان تتبعها ثورة قانونية.
اتضح لنا ان الثورة التكنولوجية اعقبتها ثورة اقتصادية شاملة أدت إلى ظهور مصالح اقتصادية جديدة في حاجة إلى تنظيم الأمر الذي تطلب سن تشريعات برزت في اطارها حقوق اقتصادية من طبيعة جديدة هي الحقوق الملكية الصناعية.
أهمية حماية الملكية الصناعية في الدول العربية:
لقد شهدت الأسواق الصناعية والاستهلاكية في الدول العربية تطوراً متميزاً نتيجة التحول في الاقتصاد العالمي، والذي نجم عن زيادة أسعار النفط بعد عام 1974 الأمر الذي أدى إلى نقل السيولة في الأسواق المالية العالمية إلى أعضاء منظمة الأقطار المصدرة للبترول (أوابيك) الغالبية العظمى منهم.
هذا التحول المفاجيء أدى إلى جذب العديد من الشركات والصناعيين من جميع أنحاء العالم إلى مناقشة حادة بغية الحصول على حصة لهم في السوق، الأمر الذي أسفر عن إيجاد أسواق يمكن ان يشكل الأسم المشهور لسلعة معينة فيها الفارق الأساسي في جعل السلعة قابلة للتسويق، بحيث تتيح العلامة المميزة منح صاحب السلعة السبق في الأسواق … وبالتالي فإن أصحاب المنتجات سيخسرون الكثير في حال عدم ممارستهم لحق الأسبقية في التسجيل أو عليهم أن يؤمنوا حماية متواصلة لملكيتهم وذلك بتسجيلها. ومن هنا جاء الاهتمام بحماية الملكية الصناعية والذي تمثل بإنشاء العديد من الهيئات والمؤسسات العالمية كالاتحاد الدولي لحماية الملكية الصناعية والاتحاد الدولي لمستشاري حماية الملكية الصناعية والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) وتم ايضاً إنشاء العديد من الهيئات والمؤسسات العربية كجمعية المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية في الأردن وفي مصر وفي لبنان التي ساعد على تأسيسها المجمع العربي لحماية الصناعية والذي تأسس في 23 شباط 1987 لتحقيق الأهداف التالية :
تعزيز الوعي بضرورة حماية الملكية الصناعية في الوطن العربي من خلال تشجيعه لتطوير القوانين التي تحكم نشاط هذا الحقل كقوانين العلامات التجارية والصناعية وبراءات الاختراع وقوانين الحماية الفكرية والاكتشافات والاختراعات.
تعزيز الوعي بضرورة الحماية لدى المعنيين في الوطن العربي وتوحيد التشريعات العربية في هذا المجال وتطوير المواثيق بما يتلائم مع نصوص اتفاقية باريس لعام 1883 وما تلاها من مواثيق في مجال حماية الملكية الصناعية.
التوعية والتثقيف في مجال الحماية بوسائل الاعلام التخصصي والمؤتمرات والندوات والأبحاث والدراسات لهدف حماية المستهلك والمنتج على السواء.
تنظيم هذه المهنة وتنشيطها ورفع مكانتها بما يخدم منتسبيها والمجتمعين المحلي والدولي بالاضافة إلى تدريب الكوادر العربية في حقل الملكية الصناعية.
ولكي تستطيع هذه الهيئات والمؤسسات العربية والدولية من الاضطلاع بمهامها فإنه لابد من تطوير القوانين المتعلقة بالعلامات التجارية وبراءات الاختراع والتصاميم والنماذج الصناعية، وكذلك قوانين حماية الملكية الفكرية وحقوق النشر والحماية من المنافسة غير المشروعة، والتي في مجموعها تضع الأسس المتكاملة اللازمة لتحقيق أهداف هذه المؤسسات والهيئات.
استعراض التشريعات القائمة لحماية الملكية الصناعية في الدول العربية:
إن قوانين العلامات التجارية وبراءات الاختراع التي تمنح الحماية عند التسجيل موجودة في معظم الدول العربية، فالدول العربية التي يجري العمل فيها بموجب قوانين العلامات التجارية هي :
الكويت، لبنان، الأردن، البحرين، السعودية، رأس الخيمة (الامارات العربية المتحدة)، الجمهورية العربية اليمنية(اليمن الشمالي)، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي)، الجزائر، العراق، ليبيا، المغرب، السودان، الصومال، سوريا، تونس، قطر، مصر، موريتانيا، عمان وجيبوتي.
وفيما يتعلق بمتطلبات تسجيل العلامة التجارية ، فإنها تختلف من دولة عربية إلى أخرى. ففي حين تطلب بعض الدول العربية وكالة فقط، فإن دولاً أخرى تطلب أما نسخة عن تسجيل العلامة التجارية في موطنها أوفي الخارج أو نسخة عن شهادة تسجيل الشركة، بالاضافة إلى طلب وكالة.
وينطبق نفس الوضع المذكور أعلاه على تسجيل براءات الاختراع. فالدول العربية التي يعمل فيها بقوانين براءات الاختراع هي:
الكويت، لبنان، الأردن، البحرين، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي)، مصر، الجزائر، العراق، ليبيا، المغرب، السودان، الصومال، سوريا، تونس، موريتانيا، السعودية وحديثاً اليمن الشمالي.
وبخصوص الاعلانات التحذيرية، فإن الطريقة الوحيدة لحماية الملكية الصناعية في الدول التي لا يوجد بها قانون للعلامات التجارية أو براءات الاختراع تتمثل في نشر إعلانات تحذيرية في المطبوعات التي توزع محلياً. فالاعلانات التحذيرية تحدد مصالح مالك العلامة التجارية المعلن عنها، وتعلن عن المالك وتحذر الجمهور من أي احتمال لإساءة استعمال العلامة. ومع غياب قانون العلامات التجارية وبراءات الاختراع الذي يتم بموجبه الحصول على تسجيل رسمي فإن الإعلان التحذيري يعتبر الوسيلة الوحيدة المتوفرة للاثبات في حال حصول نزاع قانوني. ولذا فإن نشر الاعلانات التحذيرية باللغتين العربية والانجليزية في الدول العربية التي لا يوجد بها قوانين العلامات التجارية وبراءات الاختراع، يؤمن أقصى حماية. ولكن الاعلانات التحذيرية ليست فعالة كالتسجيل، وهي لا تودع عادة للحفظ لدى أي دائرة حكومية، ولذلك ينصح بإعادة نشر الاعلانات التحذيرية على فترات زمنية متلاحقة نظراً لما لذلك من فائدة في تذكير الجمهور بالحقوق كما تحذر من إساءة الاستعمال لمن لم يطلعوا على النشرة الأولى. ولا يوجد قانون يحدد الفترة التي يجب فيها إعادة نشر الاعلان التحذيري، إلا أنه ينصح بإعادة نشر الإعلان التحذيري مرة كل سنتين لما لذلك من فائدة على صاحب العلامة … وأما الدول العربية التي يعتبر فيها نشر الإعلان التحذيري الطريقة الوحيدة لحماية الملكية الصناعية فهي :
الامارات العربية المتحدة (دبي، أبوظبي، الشارقة، عجمان، الفجيرة، أم القوين ورأس الخيمة، وتنشر الاعلانات التحذيرية في رأس الخيمة فيما يتعلق ببراءات الاختراع فقط). عمان ( بخصوص براءات الاختراع فقط)، قطر ( فيما يتعلق ببراءات الاختراع فقط)، الجمهورية العربية اليمنية (براءات الاختراع).
وبالنسبة لقوانين علامات الخدمة فإن طلبات تسجيل علامات الخدمة تقبل في الدول العربية التالية :
الجزائر، البحرين، مصر، لبنان، ليبيا، المغرب، موريتانيا، قطر، رأس الخيمة، السعودية، السودان، سوريا، تونس، الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي)، جيبوتي، عمان والصومال.
وفيما يخص الملكية الفكرية فإن العديد من الدول العربية قد حصل على عضوية المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) وهي :
الأردن، الامارات العربية المتحدة، تونس، الجزائر، ليبيا، السودان، قطر مصر، المغرب، السعودية ، الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي)، لبنان، الصومال وموريتانيا.
في حين أن الدول العربية الموقعة على اتفاقية باريس هي :
الجزائر، مصر، العراق، الأردن، لبنان، ليبيا، موريتانيا، المغرب، تونس، سوريا والسودان.
وفيما يتعلق بالرسوم والنماذج الصناعية فيعمل بها في الدول التالية : ليبيا، مصر، العراق، الكويت، تونس، السودان، سوريا، المغرب، الأردن، البحرين، لبنان، اليمن الشمالي، الجزائر، الصومال وموريتانيا. وفي قطر ، الامارات (رأس الخيمة)، السعودية، اليمن الشمالي وعمان يعمل بالاعلانات التحذيرية حيث لا توجد قوانين رسوم ونماذج صناعية.
هذا وتتبع معظم الدول العربية التصنيف الدولي للبضائع والخدمات باستثناء دولة واحدة هي العراق حيث يوجد تصنيف محلي. وتقبل بعض الدول العربية طلبات تسجيل علامات تجارية لمشروبات كحولية، ويرفض البعض الأخر ذلك كالسعودية والكويت على سبيل المثال. ففي السعودية تم حذف الفئة 33. وفي الامارات العربية (رأس الخيمة) تم حذف الفئة 33 أيضاً. وكذلك ليبيا حيث توقف التسجيل للمشروبات الكحولية دون تعديلها أو شطبها رسمياً.
وفيما يتعلق بمقاطعة إسرائيل فقد صدرت عدة إجراءات تقضي بمنع الأشخاص الطبيعيين والمؤسسات من التعامل بأي طريقة مباشرة أو غير مباشرة مع أشخاص أو شركات مقرها إسرائيل أو تحمل الجنسية الاسرائيلية أو تعمل في خدمة الأهداف والمصالح الاسرائيلية داخل أو خارج اسرائيل. وتنطبق إجراءات المنع هذه على مختلف جوانب الملكية الصناعية بما فيها تسجيل براءات الاختراع والعلامات التجارية أو التصاميم الصناعية وأية إجراءات أخرى متعلقة بتحديد تسجيل أو قيد التنازل عن الممتلكات والتراخيص، وبغرض تدعيم المقاطعة ضد إسرائيل فقد تم وضع قانون متعدد الجوانب كما انشئ مكتب مقاطعة إسرائيل لتطبيق إجراءات المقاطعة بواسطة فروعه في مختلف الدول العربية.
التشريعات القائمة في الدول العربية الوضع التشريعي في كل موضوع
تنقسم الدول العربية من حيث معالجتها لحماية عناصر الملكية الصناعية إلى ثلاث مجموعات هي :
المجموعة الأولى : وهي تلك الدول التي وضعت تشريعات للحماية في فترة سابقة على عام 1960 والتي كانت غالبيتها تحت السيطرة الأجنبية أو الحماية مثل مصر 1949 والمغرب 1916 ولبنان 1946 وسوريا 1946 والأردن 1953 وتونس 1888 واليمن الجنوبي 1939 ولذلك فإن تشريعاتها هي على نمط قوانين الدول المستعمرة ولم تراعي الحاجات الوطنية لأبناء تلك الدول ومن هنا يبدو قصور هذه التشريعات في تحقيق أهدافها.
المجموعة الثانية : وهي تلك الدول التي وضعت تشريعات لحماية الملكية الصناعية بعد حصولها على الاستقلال مثل الكويت والجزائر والعراق والسودان وقد استقت هذه التشريعات احكامها من القانون النموذجي لحماية الاختراعات الذي وضعه الاتحاد الدولي لحماية حقوق الملكية الفكرية.
جـ. المجموعة الثالثة : وهي التي وضعت تشريعات لحماية الملكية الصناعية حديثاً مثل المملكة العربية التي وضعت نظاماً لحماية الاختراعات عام 1989.
تشريعات حماية الاختراعات في الدول العربية
التشريع المصري :
وضع المشرع المصري قانوناً لحماية الاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية هو القانون رقم 132 لسنة 1949 وهذا القانون تأثر المشرع في أحكامه بالقانون الفرنسي للاختراعات الصادر سنة 1844 رغم ان فرنسا ذاتها عدلت من قانونها في هذا الصدد. وعن القانون المصري أخذت الكثير من تشريعات الدول العربية.
لقد كان عدم وضع تعريف لما يعد ابتكاراً قابلاً للحماية سبباً في تضارب الفقه وأحكام القضاء في التحديد. ولقد أخذ المشرع المصري بمبدأ الجدة النسبية في الزمان والمكان … وكذلك أخذ بالبراءة كشكل وحيد للحماية.
وفيما يتعلق بالبراءات فإن المشرع المصري لم ينظم العقود كعقد الترخيص الاختياري بل نظم صورة واحدة فقط هي الترخيص الاجباري لعدم الاستغلال خلال ثلاثة سنوات من تاريخ منح البراءة وبشرط عدم وجود اعذار مشروعة لدى صاحب البراءة تبرر تأخير الاستغلال ولذلك يكون التشريع المصري قد اقتفى الفكر التقليدي الذي ساد نظم البراءات خلال القرن التاسع عشر باعتبارها حق ملكية ولم تعد متناسبة بحال مع التطورات الحديثة في نظم البراءات.
تشريع اليمن الجنوبي الصادر سنة 1939 والتشريع الليبي الصادر سنة 1956، والكويتي الصادر سنة 1926، والأردني الصادر سنة 1953 والعراقي رقم 65 سنة 1970
هذه التشريعات لم تخرج عن نمط القانون المصري في الاختراعات رقم 132 لسنة 1949 فكلها تأخذ بالفحص الشكلي عند إيداع طلبات الحماية ولا تجري أي فحص موضوعي للتحقق من جدة الاختراع وتصدر البراءة بمجرد الاصدار والنشر.
القانون السوداني لحماية الاختراعات الصادر سنة 1971 :
لا ينفرد التشريع السوداني لحماية الاختراعات بأحكام جديدة ومستحدثة رغم صدوره عام 1971. فالبراءة تسلم تلقائياً وبمجرد تقديم الطلب ولا يجري لألا فحص شكلي لها.
وواقع الحال ان المشرع السوداني وإن كان قد استقى أحكامه من القانون النموذجي الذي وضعته المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) إلا أن الواقع العملي يختلف في التطبيق ذلك لأن المادة 17 من القانون قد تضمنت النص على منح البراءة بمجرد فحص شكلي للطلب دون التعرض للفحص الموضوعي لها للتحقق منجدتها وأصالتها.
القانون الأردني لحماية الاختراعات الصادر سنة 1953 :
يسمى هذا القانون بقانون امتيازات الاختراعات والرسوم وتمنح البراءة وتسمى امتياز اختراع وفقاً لأحكام هذا القانون بمجرد تسليم الطلب وبمجرد فحص شكلي لمحتوياته ودون التعرض لمضمونه وإن كان يجوز لمسجل البراءات أن يطلب من صاحب الطلب تقديم مصورات ملائمة عن الاختراع أو عينات ونماذج كان الاختراع كيماوياً سواء عند تقديم مواصفات الطلب أو في أي وقت قبل قبول الطلب ومنح امتياز البراءة ومدته ستة عشر سنة من تاريخ .
القانون الكويتي للاختراعات رقم 4 لسنة 1962
يجمع هذا القانون بين حماية الاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية، أما العلامات التجارية فينظمها المشرع الكويتي ضمن القانون رقم 68 لسنة 1980 بشأن التجارة، ولا تمنح البراءات في الكويت، وانما تقدم طلبات للحصول على البراءات ولكن هذه الطلبات يحتفظ بها لدى مكتب البراءات الكويتي. وتعتبر الوثائق المحفوظة في هذه الملفات حجة للاعتداد بمحتوياتها وتواريخها عندما يثور أي نزاع حول ملكية البراءة أو موضوعها، ويكون ذلك لدى المحكمة التي غالباً ما تعين لجنة لكي تعد لها تقريراً,
والتشريع الكويتي في مجمله هو القانون المصري رقم 132 لسنة 1949 ولذلك توجه ذات الانتقادات التي توجه للقانون المصري.
القانون الجزائري لحماية الاختراعات الصادر سنة 1969
استوحى المشرع الجزائري أحكامه من القانون النموذجي لحماية الاختراعات الصادر سنة 1965 ، وان كان قد أخذ بشهادة المخترع ونموذج المنفعة بدلاً من البراءة كسند لحماية الاختراعات، إلا ان ذلك يرجع إلى فلسفة هذا النظام ونزعته الاشتراكية والتي تعتبر ان البراءة ليست احتكاراً وانما هي حق مصدره الجماعة وإلى الجماعة يجب ان يعود هذا الحق ولذلك فإنه لا يجوز للمخترع ان يستغل اختراعه بنفسه وانما يؤول هذا الحق إلى الدولة مقابل منح المخترع بعض المزايا الأدبية ، وفي هذا يتفق المشرع الجزائري مع تشريعات الدول الاشتراكية كالاتحاد السوفيتي والمجر والمانيا مثلاً. ورغم حداثة التشريع الجزائري فإن احكامه لا تتضمن فحصاً موضوعيا لطلبات إجازات المخترعين من قبل وإنما تسلم الإجازة دون فحص سابق لمضمونها شأن التشريع الجزائري في ذلك شأن بقية تشريعات الدول النامية.
قانون المملكة العربية السعودية :
يعتبر التشريع السعودي للبراءات من التشريعات الحديثة لحماية الاختراعات في الدول العربية والذي صدر بالمرسوم الملكي رقم م / 38 بتاريخ 10/6/1409 هـ لإرساء دعائم هذه الحماية. وقد استقى المشرع السعودي أحكام نظامه من المشرع النموذجي لحماية الاختراعات الذي أعده المركز العربي للتنمية الصناعية ” إيدكاس ” بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية ” ويبو “.
كما نظم المشرع السعودي حقوق والتزامات مالك البراءة وأخضع مالك البراءة لجملة من العقود بهدف حثه على إستغلال اختراعه … وعلى أية حال فإن التشريع السعودي يعتبر نظاماً متميزاً بين تشريعات الدول العربية رغم وجود بعض الملاحظات عليه.
القانون البحريني لحماية الاختراعات :
ويسمى لائحة الامتيازات الصناعية والتصميمات والعلامات التجارية لعام 1955 المعدل بالقانون لسنة 1977، ومدة الامتياز خمسة عشر سنة ويتم منح الامتياز دون فحص ودون الاعتداد بأي معارضة من الغير أي بمجرد الايداع وعلى ذلك فإن القانون البحريني شأنه شأن غالبية تشريعات الدول العربية لا يتضمن أية نصوص تقرر الفحص الموضوعي للاختراع بل يمنح الامتياز بمجرد تقديم الطلب وبذلك يرتب لصاحبه احتكاراً بالاستغلال بمجرد تقديم طلب التسجيل.
القانون التونسي لحماية الاختراعات الصادر عام 1888 :
لا يخرج القانون التونسي في أحكامه عن التشريع الفرنسي للاختراعات الصادر عام 1844 والذي عدلته فرنسا أكثر من مرة حتى صدر قانون 1968 ولذلك فإن أحكام القانون التونسي بوضعه الحالي تبدو تقليدية فالبراءة أو الاختراع تمنح لمدة خمسة عشر سنة بعد أداء الرسوم عليها وبمجرد تقديم الطلب يجوز تمديد هذه المدة لخمس سنوات أخرى. وعلى ذلك فإن حجة الاختراع تمنح دون فحص سابق وبمجرد تقديم الطلب.
القانون السوري لحماية الاختراعات :
يرجع تاريخ التشريع السوري إلى عام 1946 ويتم منح البراءة بمجرد تقديم الطلب وفحص شكلي لمرفقاته ويتشابه القانون السوري مع القانون الفرنسي للاختراعات الصادر عام 1844.
ومدة البراءة طبقاً للقانون السوري هي خمسة عشر سنة، تبدأ من تاريخ الإيداع ويتم تجديدها في مقابل دفع رسوم تصاعدية سنة بعد أخرى.
القانون اللبناني للاختراعات الصادر سنة 1924 :
لا تختلف أحكام القانون اللبناني للبراءات عن الأحكام المعمول بها في قوانين الدول العربية فالبراءة تسلم بمجرد تقديم الطلب وبفحص شكلي لمرفقاته ومدة البراءة خمسة عشر سنة تبدأ من تاريخ إيداع الطلب.
القانون العراقي لحماية الاختراعات الصادر سنة 1970 :
رغم حداثة التشريع العراقي فإن أحكامه هي الأحكام التقليدية، ويوجد اتجاه جدي لفحص الطلبات بالتفصيل، حيث يقوم الفاحص بتوجيه العديد من الأسئلة إلى المخترع ويطلب جواباً مقنعاً لها. ويأخذ المشرع العراقي بمبدأ الجدة النسبية في المكان والزمان وذلك بألا يكون الاختراع قد سبق تقديم طلب براءة عنه خلال الخمسين سنة السابقة على تقديم طلب براءة في العراق. ينظم المشرع العراقي اختراعات العاملين التي تتم أثناء العمل وفي نطاق عقد العمل، وفي هذا الصدد يتفق هذا التشريع مع القانون المصري للاختراعات وهذه تسجل باسم رب العمل على أن يذكر اسم المخترع في البراءة، ومدة البراءة في التشريع العراقي خمسة عشر سنة تبدأ من تاريخ تقديم الطلب وتجدد سنوياً بدفع الرسوم المقررة لها.
القانون الليبي لحماية الاختراعات الصادر سنة 1961 :
لا يختلف هذا التشريع عن القانون المصري ويوجه إليه كل الانتقادات التي توجه إلى القانون المصري، فالبراءة تمنح لمدة خمسة عشر سنة وبمجرد فحص شكلي لمرفقات الطلب وتفاصيله وتجدد سنوياً مقابل دفع الرسوم المستحقة عليها، وينظم المشرع الليبي التراخيص الاجبارية العامة وذلك بحق الدولة في استغلال الاختراع الذي تراه إلا انه لم يتم منح أي ترخيص إجباري حتى تاريخه.
القانون المغربي لحماية الاختراعات الصادر سنة 1916 :
ينظم المشرع المغربي البراءات والرسوم والنماذج الصناعية والعلامات والأسماء التجارية والمنافسة غير المشروعة في تشريع واحد، وهناك تشريع خاص ينظم الملكية الصناعية يعمل به في مدينة طنجة ولا صلة له بتشريع سنة 1961 وهو وضع غريب، نأمل ان يتداركه المشرع المغربي.
والتشريع المغربي تأثر في نصوصه بالقانون الفرنسي الصادر في 5 يوليو لسنة 1844 وتسلم البراءة بمجرد فحص شكلي دون التعرض لموضوعها.
قانون اليمن الجنوبي :
فيما يتعلق بالبراءة والحق في الانتفاع منها فهي على شاكلة ما هو معمول به في القانون الجزائري، أي ان ذلك يرجع إلى فلسفة النظام ونزعته الاشتراكية.
تشريعات العلامات التجارية في الدول العربية
القانون المصري للعلامات التجارية الصادر سنة 1939 :
يعتبر هذا القانون سابقاً على قانون البراءات وتمنح العلامة لمن قام بتسجيلها، فالتسجيل قرينة على ملكية العلامة إلا إذا كان الشخص قد استعمل العلامة لمدة خمس سنوات سابقة على التسجيل بصفة مستمرة دون ان ينازعه أحد ودون ان ترفع عليه دعوى بشأنها أو حكم ضده بعدم أحقيته فيها ولتسجيل العلامة يجب أن يكون لها صفة مميزة، ويقدم طلب التسجيل إلى إدارة تسجيل العلامات التجارية بوزارة التموين والتجارة الداخلية ويشمل فئة واحدة أو أكثر من فئات المنتجات التي تحددها اللائحة التنفيذية.
وإذا رفضت إدارة تسجيل العلامات التجارية طلب تسجيل العلامة فانه يجوز التظلم من قرارها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطار الطالب وإذا رفض طلب التسجيل لمشابهة العلامة لعلامة أخرى سبق تسجيلها عن منتجات واحدة أو فئة واحدة فلا يجوز تسجيل علامة الطالب إلا بناء على حكم قضائي يصدر ضد صاحب التسجيل.
ويجوز حال قبول العلامة إشهارها بالنشر عنها في الجريدة الرسمية في ثلاثة اعداد متتالية ويجوز لصاحب الشأن أن يعارض في تسجيل العلامة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ النشر على ان يبين في معارضته الأسباب، وعلى طالب التسجيل أن يقدم لإدارة التسجيل رداً مسبباً على المعارضة في الميعاد وإلا عد متنازلاً عن طلبه. ويفصل في المعارضة بقرار من إدارة التسجيل ويجوز الطعن في هذا القرار أمام المحاكم المدنية خلال الميعاد الذي تحدده اللائحة التنفيذية.
التشريع السوداني لحماية العلامات التجارية الصادر سنة 1969 :
يوجد لدى السودان قانون مستقل لحماية البراءات صادر سنة 1971 وأخر لحماية النماذج الصناعية صادر سنة 1972، إلا أنه ل لا يوجد تشريع لحماية نماذج المنفعة وبيانات المصدر وتسميات المنشأ والمنافسة غير المشروعة واختراعات العاملين.
تشريعات حماية العلامات التجارية في الدول العربية الأخرى :
يوجد في الدول العربية الأخرى تشريعات لحماية العلامات التجارية كقطر الصادرة سنة 1978 وليبيا سنة 1956 واليمن الجنوبي سنة1939 والذي يصدر له نشرات سنوية إما بتعديلات أو بدونها والجمهورية العربية السورية الصادرة سنة 1946 حيث ان تسجيل العلامات الوطنية يعتبر إجبارياً دون تعديل لنص وروح القانون بالخصوص وسلطنة عمان سنة 1987 وإمارة رأس الخيمة الصادرة سنة1974 والمعدلة سنة 1984 واليمن الشمالي سنة 1976 والجزائر سنة 1976 والجزائر سنة 1966 والمملكة العربية السعودية وتونس الصادرة 1889 والمعدلة سنة 1957 والأردن سنة 1952 ولبنان سنة 1924 والبحرين سنة 1955 والمعدلة سنة 1977.
ويعد القانون السعودي للعلامات التجارية الصادر بالأمر الملكي رقم 57 في 13/4/1404 هـ أحدث هذه التشريعات وقد استقى المشرع السعودي أحكام هذا القانون من المشرع النموذجي للعلامات التجارية في الدول العربية الذي وضعه مركز التنمية الصناعية في الدول العربية سنة 1975 وقد تضمن نظام العلامات التجارية السعودي تعريفاً بالعلامات التجارية وتسجيلها وشهرها وتجديدها وشطبها ونقل ملكيتها ورهنها والتراخيص باستعمالها وتحديد الجرائم التي تعتبر تعد على ملكية العلامة.
وأهم ما يميز نظام العلامات التجارية السعودي عن بقية تشريعات العلامات في الدول العربية انه نظم العلامات الجماعية أو علامات الرقابة وهي التي تستخدمها عدة مشروعات اقتصادية تباشر نوعاً معيناً من المنتجات ويجمعها اتحاد أو تنظيم عام أو مؤسسة عامة تسعى إلى تحقيق المصالح المشتركة لهذه المشروعات كما نظم عقود التنازل عن استغلال العلامات، وكل هذه أحكام لم تنظمها بكفاية بقية تشريعات الحماية في الدول العربية.
تشريعات الرسوم والنماذج الصناعية في الدول العربية
السودان واليمن الجنوبي : أفردت تشريعاً مستقلاً للرسوم والنماذج الصناعية.
مصر، ليبيا، العراق، الكويت، تونس، جمعت بين تشريع البراءات والرسوم والنماذج الصناعية. ولكن بالنسبة لمصر وليبيا فإن الرسوم والنماذج الصناعية تسجل في مكتب العلامات وليس مكتب البراءات.
سوريا، المغرب، الأردن، جعلت جميع عناصر الملكية الصناعية في تشريع واحد.
بقية الدول العربية، يستعاض عن عدم وجود قانون خاص بالرسوم والنماذج الصناعية فيها بالاعلانات التحذيرية والنشر.
تجانس قوانين الحماية في الدول العربية
إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ان الدول العربية تنقسم إلى ثلاث مجموعات من حيث وضعها لتشريعات حماية الملكية الصناعية وهي :
الدول العربية التي وضعت تشريعات حماية الملكية الصناعية فيها خلال مرحلة الاستعمار.
الدول التي وضعت تشريعات الحماية بعد استقلالها.
ج. الدول التي وضعت تشريعات الحماية حديثاً.
فإن هذا الوضع أدى إلى عدم تجانس القوانين فيما بين الدول العربية لأن كل دولة تأثرت بالمرحلة التي تمت فيها صياغة تشريعاتها.
أفردت بعض الدول العربية تشريعاً مستقلاً لحماية العلامات التجارية وأخر لحماية براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية كما هو الحال في ليبيا، مصر، العراق، الكويت، الأردن، تونس … في حين أن بعض الدول قد أفردت تشريعاً مستقلاً لحماية كل عنصر من عناصر الملكية الصناعية كالسودان واليمن الجنوبي حتى حق التأليف، والبعض منها يجمع جميع عناصر الملكية الصناعية في تشريع واحد كسوريا والمغرب مما يشير بوضوح إلى تباين قوانين الحماية فيها.
بعض الدول العربية لديها اهتمام بحماية حقوق المؤلفين والملحنين والمنتجين إلا ان غالبيتها لم يولي هذا الأمر أي اهتمام.
بعض التشريعات كما هو الحال في الجزائر وانطلاقاً من نزعته الاشتراكية اعتبر ان البراءة ليست احتكاراً وانما هي حق مصدره الجماعة، وإلى الجماعة يجب ان يعود هذا الحق ولذلك فإنه لا يجوز للمخترع ان يستغل اختراعه بنفسه وانما يؤول هذا الحق للدولة مقابل منح المخترع بعض المزايا الأدبية.
تشريعات بعض الدول تأخذ بالفحص الشكلي عند إيداع طلبات الحماية ولا يجري أي فحص موضوعي للتحقق من جدة الاختراع وتصدر البراءة بمجرد الاصدار والنشر مثل ليبيا والكويت والأردن، في حين ان البعض الأخر كالسعودية يأخذ بمبدأ الجدة والفحص الموضوعي السابق للابتكار قبل منح البراءة.
من هنا نخلص بنتيجة مفادها أن قوانين الحماية في الدول العربية ليست متجانسة لا من حيث الصياغة ولا من حيث الموضوع وإن كان هناك أوجه تشابه كثيرة بينها ناجمة عن كون تشريعات بعضها مستقاة من التشريعات التي وضعتها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو). وللوصول بهذه التشريعات إلى الوضع المرجو حتى تحقق أهدافها لابد من وجود قانون نموذجي عربي موحد للملكية الصناعية في الدول العربية يكون بمثابة دستور ينظم كافة جوانب وأنشطة الملكية الصناعية.
ملاحظات حول التشريعات القائمة في الدول العربية
بعض الدول العربية تفرد تشيعاً مستقلاً لحماية العلامات التجارية وأخر لحماية براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية كما هو شأن التشريع المصري والليبي والعراقي والكويتي والتونسي والأردني في حين يفرد البعض الآخر تشريعاً مستقلاً لحماية كل عنصر من عناصر الملكية الصناعية كالتشريع السوداني وتشريع اليمن الجنوبي والبعض منها يجمع جميع عناصر الملكية الصناعية في تشريع واحد مثل التشريع السوري والمغربي وهو وضع لا يخدم المصالح الاقتصادية للدول العربية إذ لابد من وجود تشريع مستقل ينظم كل عنصر من عناصر الملكية الصناعية وهي براءات الاختراع والعلامات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية والمنافسة غير المشروعة والأسماء التجارية والبيانات التجارية وحق التأليف.
غالبية الدول العربية لا يوجد لديها إهتمامات بحماية حقوق المؤلفين والملحنين والمنتجين رغم أهمية هذه الحماية في تشجيع الملكات الخلاقة وخلق روح الابتكار والابداع لدى ابنائها وحماية جميع أوجه الابداع في شتى صورها. إلا انه سيبدأ العمل بها في كل من اليمن الجنوبي ومصر خلال العام الحالي.
تخلو التشريعات في الدول العربية من تنظيم هيئة مختصة لفحص عقود نقل التكنولوجيا لتقدير مدى مساهمة التكنولوجيا المستوردة في التطور الاقتصادي للبلاد علاوة على الفحص الدوري لعقود نقل التكنولوجيا الذي يجب ان تقوم به هذه الهيئات.
تفتقر التشريعات العربية إلى أنواع جديدة من البراءات خلافاً لما هو قائم مثل براءة الادخال أو الاستيراد وهي التي تمنح عن اختراعات سبق نشرها في الخارج ولكنها غير معروفة في الدول العربية.
فيما يتعلق بقوانين العلامات التجارية في الدول العربية في غالبيتها لا تولي اهتماماً لتنظيم التراخيص كما لم تنظم غالبية هذه القوانين العلامات الجماعية وهي العلامات التي تتعلق بالاشخاص المعنويين أو الطبيعيين الذين يتولون مراقبة منتجات معينة أو خدمات معينة أو فحصها.
تشريعات حماية عناصر الملكية الصناعية في الدول العربية وخاصة التشريعات الحديثة كالتشريع السعودي والسوداني لا تختلف قواعدها كثيراً عن تلك المعمول بها في الدول المتقدمة، إلا ان هذه التشريعات لم تحقق الغاية منها والمتمثلة في تحقيق التقدم التكنولوجي لابد من إعادة صياغة هذه التشريعات بما يتناسب وحاجات التطور الاقتصادي للدول العربية.
تشريعات الدول العربية في مجال حماية الملكية الصناعية غير متجانسة وهي غير قادرة على تحقيق غاياتها في دفع عجلة النشاط الاقتصادي وتحقيق التطور التكنولوجي المطلوب.
دراسات تشريعية : قوانين وتشريعات مقترحة
قبل البدء في استعراض وتحليل بعض القوانين والتشريعات المقترحة، فإننا نتوجه بجزيل الشكر إلى الدكتور الأستاذ عبد الرسول عبد الرضا رئيس ادارة الفتوى والتشريع في مجلس الوزراء في دولة الكويت وذلك للدراسة
القيمة التي قام حول المشروع المقترح للعلامات الفارقة في دولة الامارات العربية المتحدة ومشروع النظام (القانون) النموذجي للعلامات التجارية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
أ. مشروع قانون العلامات الفارقة لدولة الامارات العربية المتحدة :
يستخدم المشروع تعبيراً جديداً للموضوعات التي تناولها وأطلق عليه “العلامات الفارقة” وهذه التسمية جديدة تنسجم مع ما اشتمله من تنظيم للعلامات الصناعية والتجارية والخدمات ولكنها مخالفة لما درجت عليه التسميات في الدول العربية “العلامات التجارية والصناعية”. لذا كان من الأجدى ان يرد تعريف “للعلامات الفارقة” وأن يوضح المقصود منها في المادة (2) الخاصة بالمصطلحات المستعملة.
يؤخذ على مشروع القانون من ناحية التبويب عد التناسق بين أبوابه، حيث أنه يتألف من عشرة أبواب، والملاحظ ان المشرع أفرد ثلاثة أبواب منها لحقوق التسجيل وإجراءاته وأثره (الباب الثاني والثالث والخامس). ومن الأفضل لو انه أفرد باباً واحداً لأحكام التسجيل جميعها علماً بأن الباب الخامس في القانون والخاص بأثر التسجيل ينطوي على مادة وحيدة هي المادة (23).
بيان المقصود بالعلامات التجارية والصناعية وعلامة الخدمة والعلامات الجماعية والعلامات المرتبطة اكتفى المشروع بعبارة عامة مطلقة يمكن ان يندرج تحتها جميع الأنواع والأشكال والرموز والاشارات على سبيل المثال حتى يغلق الباب أمام الاختلاف في وجهات وتكون عاملاً مساعداً للقضاء، وقد سار على هذا النهج القانون الكويتي والمصري والفرنسي.
يتضح من مطالعة المشروع بأنه قد اكتفى فقط بتنظيم حقوق العلامات التجارية دون بقية أنواع حقوق الملكية الصناعية من براءات اختراع ورسوم ونماذج صناعية.
لم يتضمن مشروع القانون نصاً يحدد الأشخاص الذين يحق لهم قانوناً تسجيل العلامة بدولة الامارات وكان من الأجدى ان يقوم بذلك التحديد.
لم يلجأ مشروع القانون إلى ذكر أمثلة لأشكال وصور العلامات التجارية أو الصناعية بل اكتفى بالتعبير عن ذلك بجملة شاملة جامعة يمكن ان يندرج تحتها كافة أنواع وأشكال وصور العلامات التجارية أو الصناعية بخلاف القانون الكويتي على سبيل المثال حيث أورد بعض أمثلة الأشكال وصور العلامات التجارية.
يبين مشروع القانون تحت الفقرة (ز) من المادة (2) المقصود بعلامة الخدمة بقوله ” كل إشارة ظاهرة تستخدم أو يزعم استخدامها لتمييز خدمات منشأة عن خدمات منشأة أخرى ” وهذا الاتجاه محمود من جانب المشرع حتى يغلق باب الخلاف حول هذا الأمر ويكون بذلك قد قنن ما أخذ به الرأي الراجح في الفقه من أنه يعتبر ضمن العلامات التجارية، العلامة التي تتخذ للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات.
إلا انه مشروع القانون قد تعرض في الفقرة (ط) من المادة (2) لبيان المقصود بالعلامات المتطابقة في عناصرها الأساسية ويقتصر اختلافها على عناصر ثانوية لا تمس ذاتيتها من حيث الجوهر كون العلامات أو المنتجات أو الخدمات المرتبطة بالعلامات. ومن المعروف فقهاً وقضاءً ان الألوان بذاتها لا تصلح لتمييز المنتجات إلا إذا كانت متجانسة وتكون من المستحسن عدم ذكر اللون كمثل لتمييز المنتجات.
نصت المادة (3) من المشروع على انه تعتبر نافذة بموجب هذا القانون أحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية الثنائية أو المتعددة الأطراف التي تكون الامارات العربية المتحدة طرفاً فيها ولا حاجة لهذا النص. فهذا أمر بديهي ومسلم به طبقاً لأحكام القانون الدولي والأحكام الواردة في تلك المعاهدات، ويعتبر هذا النص من باب تحصيل الحاصل.
خرج المشروع في المادة (28) منه على القواعد العامة في الاثبات في دعاوي السقوط حيث يقع عبء الاثبات على المدعي عليه بأن يظل يستعمل العلامة خلال المدة المحددة قانوناً ذلك لأنه من السهل عليه اثبات ذلك، بينما يعتبر ذلك شبه مستحيل بالنسبة للمدعي. لذلك لا نرى هناك ضرورة للخروج على هذا المبدأ في الاثبات.
بموجب المشروع فإن الشطب القضائي للعلامة يرجع اثره إلى تاريخ عدم الاستخدام، وهذا اتجاه محمود يتفق مع قاعدة ان الحكم في دعوى السقوط حكم كاشف وليس مقرراً حيث ان ملكية العلامة التجارية تكتسب بواقع استعمالها وليس بواقعة التسجيل القانوني.
استحدث المشروع حكماً في حالة ما إذا رفعت دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية في حالة حصول اعتداء على علامة مسجلة وثار أمام المحكمة الجنائية نزاع حول ملكية العلامة أو صحتها حيث نص في الفقرة (2) من المادة (389 على ان ترجئ المحكمة الجنائية الفصل في القضية وتحيلها إلى المحكمة المدنية للبت في ملكية العلامة. وما ذهب إليه المشروع يتنافى مع هذا المبدأ المستقر عليه في الاثبات ان الجنائي يوقف المدني وان قاضي الأصل هو قاضي الفرع.
ب. ملاحظات حول مشروع النظام (القانون ) النموذجي للعلامات التجارية لمجلس التعاون لدول الخليج العربي:
استقى المشروع أحكامه من مشروع القانون النموذجي للعلامات التجارية الذي وضعته المنظمة العالمية للملكية الفكرية. ويتطابق معه فيما عدا الشكل الذي تمت فيه صياغة النصوص في قانون مستقل.
فيما يتعلق بتعريف العلامة التجارية الوارد بالمادتين 1،2 من المشروع فإنه يتفق مع التعريف الوارد في المادتين 62،61 من قانون التجارة الكويتي حيث يقوم على أساس ان العلامة التجارية هي شارات مادية يضعها الصانع على منتجاته أو التاجر على بضائعه أو من يقدم خدمة معينة على أوجه تقديم هذه الخدمة، ويمكن لهذه العلامة التمييز بينها وبين مثيلاتها من المصنوعات والبضائع لتوضيح شكل العلامة وبيانها وهذه ميزة للمشروع النموذجي على المشروع الكويتي.
وقد أضيفت كلمة الخدمات بالاضافة إلى الضائع والمنتجات في المادة الثانية من المشروع النموذجي، وهذا أشمل ويجعل النص جامعاً لكل ما يمكن أن يدخل في التجارة حيث ان الخدمة حالباً يمكن ان تكون سلعة تباع وتشترى، كذلك اضافت الفقرة الثالثة من المشروع الشارات الفكرية والرموز الخاصة بالمنطقة العربية وذلك في العلامات التي لا يجوز استخدامها مما يبعد استخدام هذه العلامات في التجارة.
وهناك ميزة أخرى للمشروع وهي ان المادة الثالثة تنص على الأشخاص الذين لهم الحق في تسجيل علاماتهم التجارية وهذا غير موجود في قانون التجارة الكويتي على سبيل المثال.
في المادة (5) من المشروع والتي تقابل المادة 65 من القانون الكويتي نجد أنها في فقرتها الأولى نصت على أنه يعتبر من قام بتسجيل العلامة مالكاً لها دون سواه ما لم يثبت العكس في حين نجد ان القانون الكويتي لم يضف عبارة ” ما لم يثبت العكس” وهذا أعم وأشمل من القانون الكويتي حيث ان الذي قام بتسجيل العلامة ليس مالكاً لها اعتبر غير مالك لها إلا إذا ثبت ذلك.
أضافت المادة السابعة من المشروع حكماً جديداً وهو عدم جواز ان يشتمل طلب تسجيل العلامة على أكثر من فئة واحدة، وهذ الحكم الجديد غير موجود في قانون الكويت ونقترح ان يكون هذا النص كما يلي :
” تسجل العلامة التجارية عن فئة واحدة أو أكثر من فئات المنتجات والبضائع أو الخدمات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، ولا يجوز ان يشمل طلب تسجيل العلامة على أكثر من فئة واحدة “.
وكذلك فإن المادة الثامنة تنص على جواز تقديم طلب واحد لتسجيل مجموعة العلامات المتطابقة من حيث عناصرها الجوهرية. و لا يوجد لهذا النص نص مقابل في قانون التجارة الكويتي.
المادة 10 والتي يقابلها المادتان 70،69 من قانون التجارة الكويتي أضافت حكماً جديداً في فقرتها الثالثة لا وجود له في القانون الكويتي وهو انه يتعين على الجهة المختصة ان تبت في طلب التسجيل خلال ثلاثين يوماً متى كان مستوفياً للشروط والأوضاع المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية.
وهذا الحكم الجديد أجدى وأنفع حتى تلتزم الجهة المختصة بالتسجيل بالبت في الطلبات المستوفاة فتقيدها بمدة معينة يجعلها تسرع في البت في الطلبات المستوفاة قبل فوات المدة وحتى لا يتعطل أصحاب الشأن وتوقف أعمالهم ، وهذه أيضاُ ميزة للمشروع.
بالنسبة للتظلم من قرار الجهة المختصة بالتسجيل من حيث المدة والجهة المختصة بنظر التظلم والتي نصت عليها المادة الحادية عشرة من المشروع نجد بأنها أفضل منها في قانون التجارة الكويتي من حيث امكانية تصفية المنازعات أمام الجنة قيل عرضها على المحكمة.
حددت الفقرة (12) من المشروع مدة ثلاثين يوماً فقط لكي تبلغ الجهة المختصة طالب التسجيل بصورة من إخطار الاعتراض للرد على ما وجاء به … في حين أن قانون التجارة الكويتي لم يقم بذلك … وبالتالي فإن المشروع أفضل إذ حدد هذه المادة حتى يستطيع طالب التسجيل الرد على هذا الاعتراض بسرعة بحيث لا يطول النزاع على تسجيل العلامة.
نطم المشروع الموحد ما يسمى بالعلامات الجماعية والمقصود بهذه العلامات في المادة 28. ونص المشروع في المادة 29 على الإحالة لأحكام اللائحة التنفيذية لبيان شروط وأوضاع تسجيل العلامات الجماعية. وهذه ميزة تضاف على المشروع لا مثيل لها في قانون التجارة الكويتي حيث ان ظروف الدولة ونظامها الرأسمالي الحر من الممكن ان يجعل مجموعة من الشركات تندمج تحت شركة واحدة تستغل عدة علامات لها.
في باب العقوبات، شددت المادة 32 من المشروع النموذجي فجعلت العقوبة في حالة العود لا تزيد عن ضعف الحد الأقصى للعقوبة المقررة للمخالفة مع إغلاق المحل التجاري أو المشروع لمدة لا تقل عن خمسة عشر يوماً ولا تزيد عن ستة أشهر مع نشر الحكم. وهذه ميزة أخرى للمشروع حيث ان تشديد العقوبة في حالة العود يحقق الغرض من العقاب وهو زجر المخالف وجعله يعاود التفكير في حالة محاولته المخالفة مرة أخرى، وبالتالي تقلل من المخالفات في هذا الشأن.
احتوى المشروع على أحكام ختامية وهذا أفضل من الناحية العملية والفنية.
يتفق المشروع النموذجي الموحد مع التشريعات الحديثة بهذا الشأن.
ج. سلطنة عمان : دراسة تطبيقية للعلامات والبيانات التجارية :
تقدمت وزارة التجارة والصناعة في سلطنة عمان بكتاب رسمي على المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية تطلب فيه تزويدها بالخبرة للقيام بما يلي :
وضع النظم واللوائح والاجراءات اللازمة لتسجيل العلامات التجارية.
تحديد السجلات اللازمة والمعلومات الضرورية التي يجب ان تشملها تلك السجلات مع اعداد النماذج الخاصة بها.
تحديد الأسس العامة لقبول أو رفض تسجيل أي علامة تجارية سواء كانت محلية أو أجنبية.
تحديد الاطار العام للتعامل مع الشركات العالمية على ضوء أحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية في هذا الشأن.
القيام بتدريب العاملين في الدائرة المختصة على تلك الأعمال .
أي أعمال أخرى تقتضيها مصلحة العمل في تطبيق القانون المذكور.
د. ليبيا :
كما تلقى المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية كتاباً من اللجنة الشعبية العامة للاقتصاد والتجارة الخارجية في الجماهيرية العربية الليبية تعبر فيه عن رغبتها في إحياء مكتب العلامات التجارية في ليبيا وبعثه بصورة تتماشى ومتطلبات التطور، سواء من حيث إعداد العناصر المدربة تدريباً جيداً أو من حيث توفير الأجهزة الالكترونية المتطورة.
وتبدي اللجنة الرغبة في أن تتلقى من المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية المعونة الفنية اللازمة المشورة القانونية لبعث هذا المكتب بالصورة اللائقة وفق اسس علمية حديثة.
هـ. مشروع القانون النموذجي الموحد للملكية الصناعية في الدول العربية :
نظراً لما تقدم ذكره حول تشريعات حماية الملكية الصناعية في الدول العربية فقد اتضح جلياً بأنه بات من الضروري ان تعاد صياغة هذه التشريعات بشكل يؤدي إلى تطوير مهنة حماية الملكية الصناعية حتى تكون قادرة على أداء الدور المطلوب منها في تقدم الدول العربية فنياً وتكنولوجياً.
كأحد المحاولات التي تهدف إلى تطوير تشريعات حماية الملكية الصناعية في الدول العربية فإننا نوصي بالاسترشاد بالقانون النموذجي الموحد للملكية الصناعية في الدول النامية الذي قامت بوضعه المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) لهدف وضع قانون موحد للدول العربية.
خاتمة :
لقد بات من الضروري أن تركز الجهود العربية والخاصة لتطوير مهنة حماية الملكية الصناعية من جوانبها التشريعية والمؤسسة حتى تكون قادرة على أداء الدور المطلوب منها في إحداث النقلة الفنية والتكنولوجية للدول العربية منفردة ومجتمعة. إذ بدون التهيئة لهذه الانطلاقة لدخول التكنولوجيا فإن فرص تقدم العالم العربي تظل تراوح مكانها.
ويستطيع المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية بصفته الإطار العربي الشامل الذي يجمع الكفاءات المتخصصة في حقل الحماية في الدول العربية وبما يتوفر له من علاقات بالمؤسسات الدولية المعنية بشؤون الحماية ان يكون وسيلة الدول العربية وبيتها الاستشاري في هذا الحقل الهام والضروري للتنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية خلال المرحلة المقبلة.
فعلى الصعيد الوطني بدا واضحاً انه لا بد من سد الفراغ التشريعي الذي ينظم جميع عناصر الملكية الصناعية والفكرية كما هو متعارف عليها دولياً وبما يتلاءم مع الخصوصيات والتطلعات التنموية العربية.
وعلى الصعيد القومي وفي سياق الاتجاه العالمي الجديد نحو التكتلات والتجمعات لابد من تحقيق التنسيق الضروري والانسجام المطلوب لمجموع القوانين والتشريعات التي تنظم حماية الملكية الصناعية في الوطن العربي في خطوة أولى نحو الوصول على قانون عربي موحد يطبق في جميع الدول العربية ويتناسب مع ظروف و طموحات العالم العربي في تحقيق معدلات نمو اقتصادية واجتماعية معقولة.
لقد حاولت في هذه الورقة المتواضعة التي تعتبر مجرد رصد للواقع التشريعي لعناصر حماية الملكية الصناعية ان أضع أمام المشاركين في ندوة ” تشريعات حماية الملكية الصناعية في الدول العربية ” عناوين رئيسية تصلح لأن تشكل إطاراً للنقاش بين نخبة من الكفاءات المهنية والقانونية العربية لها خبرة معروفة في مجال التشريع. كما رغبت أن أضع بين ايديكم بعض التوصيات التي يستطيع المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية ان يضطلع بدور أساسي في تنفيذها معتمداً في ذلك على جهودكم وخبراتكم جميعاً حتى نتمكن معاً من صياغة دور فعال ومهم لمهنة حماية الملكية الصناعية ذات الصلة الوثيقة بالتطور التكنولوجي والاقتصادي للعالم العربي.
9. توصيات عامة
بعد استعراض الأوضاع القانونية السائدة المنظمة لعناصر حماية الملكية الصناعية في الدول العربية ومشاريع القوانين المقترحة في هذا الشأن نستخلص التوصيات العامة التالية :
ضرورة توثيق أواصر الزمالة المهنية والعمل على تعزيز مكانة مهنة حماية الملكية الصناعية من خلال التعاون بين المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية والجمعيات الوطنية العربية.
دعم أهداف الجمعيات الوطنية العربية لحماية الملكية الصناعية وتأسيس المزيد منها والتعاون مع المنظمات الدولية العاملة في حقل حماية الملكية الصناعية.
تشجيع انضمام المزيد من الدول العربية إلى معاهدة باريس لعام 1883 الخاصة بحماية الملكية الصناعية وغيرها من المعاهدات والمواثيق المتعلقة بهذا الخصوص.
العمل على إصلاح وتعديل التشريعات المتصلة بحماية الملكية الصناعية من خلال تقديم وإعداد المقترحات والتوصيات المتعلقة بذلك والعمل على تحقيق الانسجام ما بين القوانين والتشريعات العربية وبين التشريعات الدولية بما يحقق العدالة لجميع الأطراف.
العمل على صياغة قانون نموذجي عربي موحد ينظم كافة جوانب حماية الملكية الصناعية كقوانين العلامات التجارية وبراءات الاختراع والحماية الفكرية والرسوم والنماذج الصناعية وأية إجراءات أخرى تتعلق بتحديد تسجيل أو قيد التنازل عن الممتلكات والتراخيص.
الاهتمام بوضع سياسة عمة للتكنولوجيا ضمن الخطط العامة العربية وذلك لتشجيع المناخ العام للابتكار والاهتمام بالبحث العلمي واجهزته لما لها من دور فعال في التقدم التكنولوجي وذلك بإنشاء مراكز للابحاث ودعم القائم منها وربط نشاطها باحتياجات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إنشاء إدارات للبراءات أو إعادة تنظيم القائم منها إذ ان ذلك يعتبر من أهم الأدوات للاستفادة من كافة عناصر الملكية الصناعية باعتبارها الجهاز المكلف بجميع شؤون التكنلوجيا والاسهام في تنمية النشاط الابتكاري المحلي والرقابة على عقود التراخيص باستغلال البراءات والاختراعات … وقد خطت السعودية خطوة رائدة في هذا المجال بأن أقامت تنظيماً إدارياً وفنياً وتكنولوجياً لهذه الادارة داخل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
إنشاء المكتب العربي للبراءات (arab patent office) على غرار المكتب الأوروبي للبراءات بحيث يمكن عن طريقه إيداع طلب واحد يغطي الدول العربية التي يرغب مقدم الطلب الحصول على الحماية فيها بواسطة مكاتب فرعية للمكتب الرئيسي، وذلك كنتيجة حتمية للتجانس.
لتوثيق أواصر التعاون في مجال حماية الملكية الصناعية، يعقد المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية مؤتمراً بعنوان ” المؤتمر العربي الدولي الأول لحماية الملكية الصناعية ” تحت شعار “حماية الملكية الصناعية والتنمية ” وذلك في القاهرة في العام المقبل. ويأتي ذلك في غمرة تعاظم الوعي بدور الحماية في العملية التنموية في الوطن العربي ودورها كأداة لا غنى عنها في استقرار ونمو الاقتصاد.
وسيعقد المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية بالاشتراك مع المنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية (ويبو) وجامعة العين في دولة الامارات العربية المتحدة دورة تدريبية في موضوع البراءات والعلامات التجارية تعقد لأول مرة باللغة العربية وذلك للعاملين في مهنة حماية الملكية الصناعية.
تطوير مجلة حماية الملكية الصناعية بحيث تشمل جميع المجالات التي تغطيها حماية الملكية الصناعية وتلبي رغبات وتطلعات العاملين في المهنة والمنتجين والمستهلكين على حد سواء. علناً بان هذه المجلة هي الوحيدة في مجال حماية الملكية الصناعية في الوطن العربي.
لماذا لا تكون اول معجب