182 views

بيانات التسبيب .. حكم قضائي للمحكمة الدستورية العليا.
الطعن رقم ١٣٦٢٣ لسنة ٨٧ قضائية
الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٩/١٢/١٧

العنوان : حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الموجز : بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور . عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافيا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها . مثال .
الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا :
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
أولًا : بالنسبة لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول :
حيث ينعى الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تأليف عصابة الغرض منها الاتجار في الجواهر المخدرة ونقلها بقصد الاتجار مستغلًا في ذلك السلطة المخولة له بمقتضى وظيفته والحصانة القضائية المقررة له طبقًا للدستور والقانون ، وإحراز جوهري الحشيش والترامادول المخدرين بقصد التعاطي ، وإحراز ذخيرة بغير ترخيص ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن المحكمة لم تحط بواقعة الدعوى وأوردتها في صورة مجملة ومجهلة ، ورد بما لا يصلح على دفعه ببطلان الاستيقاف وبطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، واطرح بما لا يسوغ دفعه بانتفاء أركان جريمة تأليف عصابة الغرض منها الاتجار في المواد المخدرة ، وانتفاء القصد الجنائي لديه لعدم علمه بوجود المخدر بالسيارة ، وعول في قضائه بالإدانة على تقرير المعمل الكيماوي رغم عدم إيراد مؤداه ، واعتنق الحكم صورًا متعارضة لواقعة الدعوى ، إذ أورد اعتراف المتهمين بارتكاب الواقعة في التحقيقات ثم عاد وأورد أنهم أنكروا ما نسب إليهم ، واستند في قضائه بالإدانة إلى أدلة اطرحها عند قضائه ببراءة المتهمين الثانية والثالث من بعض التهم التي نسبت إليهما ، كما أسند إلى الملازم أول / ...... قوله أن الطاعن الأول هو الذي اتصل به وبالمتهم المجهول - زعيم التشكيل العصابي - هاتفيًا وهو ما لا أصل له بالأوراق ، كما عول في الإدانة على أقوال المتهمين الثانية والثالث رغم تناقضها والعدول عنها أمام المحكمة ، وعلى أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني والمستمدة من قبض وتفتيش باطلين ، كما عول على أقوال باقي شهود الإثبات رغم تناقضها واختلافها ، سيما وأن الشاهد الرابع الجندي / ...... شهد بجلسة المحاكمة أن شاهد الإثبات الأول هو الذي طلب منه استيقاف السيارة المدنية ولم يسمع نباح الكلب البوليسي ولم يشاهد التفتيش ، وهو ما يخالف ما شهد به بالتحقيقات ، هذا إلى أنه عول في قضائه بالإدانة على تحريات الشرطة والتي جاءت لاحقة على الضبط ، وكانت ترديدًا لأقوال المتهمين ، واطرح الحكم بما لا يصلح الدفع بعدم جديتها ، كما لم يعرض لأوجه دفاعه ودفوعه الجوهرية ، هذا فضلًا عن أن المحكمة عدلت عن قرارها بضم دفتر أحوال الكلابة لتحقيق دفعه بتزويره ، ولثبوت أنه كان في راحة وقت الضبط ، مما ينبئ عن رغبة المحكمة في الإدانة ، مستندة في قضائها إلى علمها الشخصي ، هذا إلى أن الحكم التفت عن دفعه ببطلان القبض والتفتيش بمعرفة شاهدي الإثبات الأول والثاني لتجاوز اختصاصهما المكاني ولحدوث الواقعة بمنطقة عسكرية ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم الأول مستغلًا لحصانته القضائية - من عدم جواز تفتيشه - وإبان عمله بنيابة ...... تكونت لديه صداقات مع الأعراب من تجار المخدرات ، فما كان منه إلا أن اشترك مع أحدهم في تكوين تشكيل عصابي تزعمه أحد الأعراب نقل الحشيش المخدر من اتجاه الغرب إلى الشرق لتوزيعها على تجار التجزئة والمتعاطين بمنطقة رأس سدر مستغلًا المتهم الأول في ذلك سيارته رقم ...... ملاكي الشرقية ، وبتاريخ ٩ / ١١ / ٢٠١٦ وتحديدًا في فجر ذلك اليوم توجه المتهم الأول يرافقه سائقه المتهم الثالث إلى حيث منزل صديقته المتهمة الثانية ، وبناء على موعد محدد سلفًا مع زعيم التشكيل تحرك ثلاثتهم تحت أستار الظلام عبر طريق الإسماعيلية الصحراوي متجهين صوب مدينة أبو صوير حسبما أفادت المحادثات الهاتفية المتتالية بين المتهم الأول وزعيم التشكيل سالف الذكر ، وعند نقطة الالتقاء المحددة وجدوا سيارة بدون لوحات معدنية وزجاجها ملون في انتظارهم كان يستقلها زعيم التشكيل والذي أمر المتهم الأول بأن يسير خلفه عبر طريق وعر ومدقات رملية إلى أن توقف ثم قام بتحميل حقيبة وجوال بلاستيك كانا بسيارته ووضعهما بسيارة المتهم الأول على المقعد الخلفي والدواسة خلف كرسي السائق ، وانصرف بسيارته في حين انطلق المتهمون الثلاثة بسيارة المتهم الأول متجهين نحو كمين غرب النفق وفي الطريق قام المتهم الأول بدس يده في الحقيبة واقتطع لنفسه لفافة من جوهر الحشيش المخدر ناولها للمتهمة الثانية طالبًا منها وضعها في حقيبتها ، وعندها انتشرت رائحة مخدر الحشيش بالسيارة ثم بدأ المتهم الأول اتصالاته بصديقه الملازم أول ...... من قوات حرس الحدود بمنطقة كمين غرب النفق ، والذي كان طبقًا للخطة الإجرامية الموضوعة قد اتفق معه سلفًا بتاريخ سابق على أن يكون في انتظاره بمكان الكمين حتى يمكنه من المرور بسرعة عبر حارة الشرطة العسكرية ، وتقابل معه بالفعل أمام محطة تمويل السيارات - وطنية - وتقدمه الأخير بسيارته العسكرية والتي يقودها أحد جنود القوات المسلحة صوب حارة الشرطة العسكرية والتي يقف بها الجندي / ...... والذي أشار إلى السيارة المدنية قيادة المتهم الأول بالتوقف طبقًا للتعليمات العسكرية ، رافضًا إلحاح ومحاولات ضابط حرس الحدود في السماح لها بالمرور ، وآنذاك شاهد الرائد / ...... رئيس مباحث النفق ، ومرافقه النقيب / ...... معاون مباحث النفق متابعين إياه عن كثب وقد ساورتهم الشكوك والريبة بداءة عند دخول السيارة المدنية للعبور من الحارة المخصصة للقوات المسلحة وبها مخالفات واضحة من زجاج ملون حاجب للرؤية ولوحات معدنية بلاستيكية غير تلك المعدنية التي يتم صرفها ويحتم قانون المرور استخدامها ويحظر استعمال غيرها ، فتقدم الأول نحوه وطلب من قائد السيارة التوجه إلى حارة التفتيش المدنية وإبراز هويته الشخصية وأوراق ملكية السيارة ، وتعرف عليه - أنه عضو هيئة قضائية - وطلب منه تفتيش السيارة رضاء فوافق المتهم الأول على إجراء التفتيش ، وطلب من الأمين / ...... التابع لإدارة تدريب كلاب الأمن والحراسة بأكاديمية الشرطة الكشف عن السيارة فقام الأخير بجعل الكلب - هيرو - يمر حول السيارة إلى أن توقف أمام الباب الخلفي الأيسر وأخذ في النباح بشدة ، وهنا طلب رئيس المباحث من المتهم الأول فتح أبواب السيارة وإنزال مستقليها ، وعند فتح الباب المواجه للكلب هجم على الحقيبة الموجودة على المقعد الخلفي الأيسر وأطبق عليها بأسنانه وجذبها عنوة إلى خارج السيارة ، فتمزقت أحشاؤها وسقطت منها قطع من جوهر الحشيش المخدر ، وطلب رئيس المباحث من مرافقه التحفظ على المتهمين الثلاثة وقام بتفتيش السيارة فعثر على المقعد الخلفي للسائق على حقيبة وجوال بلاستيكي بداخلها عدد مائة وسبعة وثلاثون لفافة من جوهر الحشيش المخدر وقد وضعت قطع الحشيش المخدر داخل لفافات من البلاستيك ، والمطاط ، وعثر داخل تابلوه السيارة على علبة من الصاج بداخلها عدد اثنى عشر قرص تامول وقرصين ترامادول ، وقطعة صغيرة من جوهر الحشيش المخدر ، وطلقة آلية عيار ٧.٦٢×٣٩ مم ، كما قام بتفتيش حقيبة المتهمة الثانية وهي حقيبة جلدية سوداء اللون فعثر بداخلها على لفافة كبيرة الحجم من مادة مطاطية وبلاستيكية تحوي بداخلها عدد خمس قطع من جوهر الحشيش المخدر ، وزنت جميعها إحدى وسبعون كيلو جرام وأربعمائة وخمسة وثلاثون جرامًا بعد أخذ العينة العشوائية والتي ثبت أنها لجوهر الحشيش المخدر ، وأن الأقراص المضبوطة تحتوي على الترامادول هيدروكلوريد المدرج بالجدول الأول ، وأن الطلقة تستخدم على الأسلحة النارية عيار ٧.٦٢×٣٩ مم وصالحة للاستعمال ، وساق الحكم على صحة الواقعة وثبوتها في حق الطاعنين أدلة سائغة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ورد بتقريري المعمل الكيماوي وقسم الأدلة الجنائية وأورد مؤدى هذه الأدلة في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم على النحو الذي سلف بيانه كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون ، ويكون النعي على الحكم بالغموض والإبهام والقصور في البيان لا محل له .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التفتيش الذي يجريه مأموري الضبط القضائي تأمينًا للمطارات والممرات البحرية الدولية والأنفاق عبر قناة السويس تأمينًا لها من حوادث الإرهاب باعتبارها مناطق حدودية وحماية للأمن القومي للوطن لا مخالفة فيه للقانون ، ما دام قد تم دون تعسف ، إذ هو من الواجبات التي تمليها عليهم الظروف التي يؤدون فيها هذا الواجب طبقًا لنص المادة ٨٦ من دستور سنة ٢٠١٤ ، وبناءً على التعليمات الصادرة إليهم في هذا الشأن ، فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشًا بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملًا من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق ، أو بإذن سابق منها ، وإنما هو إجراء تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ، ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ، ولا يمنع إجراء هذا التفتيش كون الشخص الواقع عليه يتمتع بصفة الحصانة أيًا كانت نوعها وشخص المتمتع بها وصفته ، طالما أنه كان في حالة مرور من مثل هذه المناطق الحدودية ذات الطبيعة الخاصة في البلاد ، فإذا أسفر التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون ، فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل أمام المحاكم في هذه الجريمة على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة أو تعسف .
لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه والصورة التي اعتنقتها لواقعة الدعوى أنه وحال استقلال الطاعن الأول لسيارته رقم ...... ملاكي شرقية وبرفقته الطاعنين الثانية والثالث متجهين من شرق نفق الشهيد أحمد حمدي إلى منطقة غرب النفق وحال مروره من حارة الشرطة العسكرية المخصصة للقوات المسلحة تعرض له ماديًا الجندي / ...... طبقًا للتعليمات العسكرية رافضًا إلحاح ضابط حرس الحدود ومحاولاته للسماح له بالعبور ، وآنذاك وبعد رجوع السيارة إلى حارة المرور المخصصة للمدنيين قام شاهدي الإثبات الأول والثاني بالاستعانة بالكلب البوليسي - هيرو - لفحص السيارة وتفتيشها والذي كان بقيادة الأمين شرطة التابع لإدارة تدريب كلاب الأمن والحراسة بأكاديمية الشرطة ، فهجم الكلب على الحقيبة الموجودة على المقعد الخلفي بالسيارة وأطبق عليها بأسنانه وجذبها عنوة خارج السيارة وسقطت منها قطع الحشيش المخدر وباستكمال التفتيش بمعرفة شاهدي الإثبات الأول والثاني تم ضبط بقية المواد المخدرة المضبوطة بالسيارة وبحقيبة يد الطاعنة الثانية والعثور على طلقة نارية عيار ٧.٦٢×٣٩ مم ، ومن ثم يكون التفتيش قد تم وفق صحيح القانون ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع ببطلان الاستيقاف والتفتيش لانتفاء حالة التلبس يكون قد اقترن بالصواب ، ولا يعيبه في ذلك ما استند إليه من تقرير قانوني خاطئ من رضاء الطاعن الأول بالتفتيش أو توافر مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن ارتكابه جريمة ، ما دامت النتيجة التي خلص إليها الحكم صحيحة وتتفق والتطبيق القانوني السليم .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لاشتراك الطاعن الأول مع آخر مجهول في تأليف عصابة غرضها الاتجار في المواد المخدرة ، واطرحه في قوله : " .... أن مناط المسئولية في جريمة تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة المنصوص عليها في المادة ٣٣ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ هو ثبوت مساهمة الجاني في تأليف المنظمة الإجرامية بما يقتضيه من إعداد وتنظيم وتوزيع الأدوار على الشركاء وتحديد الأعمال المستهدفة من التنظيم والمزمع ارتكابها ، كما أن الركن المعنوي فيها يستلزم فضلًا عن توافر القصد بما يقتضيه من توافر عنصري العلم ولإرادة انصراف إرادة الجاني صوب مقارفة النشاط الإجرامي مع العلم بعناصر الجريمة - توفر القصد الخاص بأن يكون الغرض من التشكيل الاتجار في المواد المخدرة -
لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن المتهم الأول قد اختار لصداقته ما يحقق أهدافه ، ولذلك كان وقع اختياره على الملازم أول / ...... قوات حرس الحدود ، والمعين بكمين نفق الشهيد أحمد حمدي وهو من بلدته الشرقية ، وقد أعد له أهم الأدوار في منظومته الإجرامية ، وإن كان الشاهد لا يدري حقيقتها ، فكان دوره تسهيل عبوره النفق بما يحمله من مخدرات من الغرب إلى الشرق مرورًا من حارة القوات المسلحة والتي يقف بها رجال الشرطة العسكرية وتربطهم علاقة عمل بذلك الشاهد ، وللإعداد الجيد لمنظومته الإجرامية قد اتصل بالشاهد سالف الذكر بتاريخ ٣ / ١١ / ٢٠١٦ أي قبل تاريخ الضبط بأسبوع تقريبًا ليخبر الشاهد برغبته بالمرور سريعًا من النفق والعودة من ذات الطريق عن طريق الحارة المخصصة للقوات المسلحة لسهولة العبور بها ، ومن ثم كان ذلك الطلب استكشافًا من المتهم الأول لصديقه بالقوات المسلحة حتى يتمكن من رسم خطته الإجرامية بدقة ، وقد كان له ما أراد ، وبعد الاتفاق مع زعيم التشكيل العصابي ، تحدد فجر يوم ٩ / ١١ / ٢٠١٦ لتنفيذ المخطط الإجرامي ويراعى أيضًا أن تحديد هذا اليوم جاء في الزمان والمكان اللذان كان فيهما الملازم أول / ...... في نوبتجية عمله في الكمين ، والمحكمة تستنتج من ذلك أنه كان على علم بمواعيد عمل ذلك الشاهد ومن ثم كان التحرك في منتصف الليل متجهًا إلى منطقة أبو صوير تحت أستار الظلام وفي مدقات رملية بناء على اتصالات هاتفية متعددة أرشده الزعيم إلى نقطة الالتقاء ، وكان أن تقابلا ثم صار خلفه حتى نقطة التسليم فقام الأعرابي بوضع الحقيبة والجوال اللذان بهما الجواهر المخدرة المضبوطة ، واضعًا إياها على المقعد الخلفي الأيسر بالسيارة وعلى أرضية السيارة خلف السائق ، مستغلًا في ذلك وبترتيب مسبق ومقصود أن السيارة مفيمة زجاجها بأوراق سوداء اللون حتى لا يظهر ما بداخل السيارة ، وهذا هو سبب عدم وضعها بحقيبة السيارة إذ إن المعتاد في أكمنة الشرطة هو الاكتفاء بفتح حقيبة السيارة فقط دون أبوابها خاصة عندما يوجد العنصر النسائي بالسيارة دفعًا للإحراج ، وهو الرجل الذي يحمل الحصانة القضائية ، فكان كل شيء قد خطط له ببراعة فائقة ، ولم يترك شاردة ولا واردة إلا وقد تم دراستها في المنظومة الإجرامية ، وهكذا دأب تجار المخدرات ، ثم استمر المتهم الأول في السير في مخططه الإجرامي متجهًا صوب كمين غرب النفق للعبور باتجاه الشرق ، وكان اتصاله بصديقه الضابط طالبًا منه أن يقابله قبل الكمين في محطة تموين السيارات المسماة وطنية ، وكان أن حضر له بسيارة القوات المسلحة ومعه سائقه الخاص ، مما يؤكد أنه في نوبتجية العمل ، والمحكمة تؤكد ثانية هكذا تم دراسة المخطط الإجرامي ، وبالتوجه نحو حارة الشرطة العسكرية والذي تقدم له الملازم أول سالف الذكر طالبًا عبور سيارة المتهم الأول خلفه من ذات الحارة ولكن الجندي البطل لم يذعن لطلب رئيسه في العمل لمخالفته القواعد والأوامر العسكرية ، ذلك الجندي الذي أحسن تدريبه ورعايته ، كان له الفضل الأول في ضبط تلك المنظومة الإجرامية ، إذ إن رفضه عبور السيارة المدنية من حارة الشرطة العسكرية وإصراره على عودتها إلى الخلف للمرور من الحارة المدنية لفت انتباه رجال شرطة الكمين فجاءت الإجراءات التالية التي أسفرت عن ضبط الجريمة متلبسًا بها ، وتنوه المحكمة أن المكالمات بين الأعرابي زعيم التشكيل والمتهم الأول كانت تتم من هاتف سامسونج أسود اللون صغير الحجم دون غيره من الهواتف العديدة التي يحملها وهكذا أقر المتهمان الثانية والثالث ، لأن أقوالهما بالتحقيقات تطمئن إليها المحكمة وقد تم ضبط ذلك الهاتف ضمن الهواتف التي تم ضبطها بالسيارة ، وهكذا كانت اللقاءات والأدوار توزع عبر الهاتف ، وأخيرًا وعن القصد الخاص وهو قصد الاتجار فإن المحكمة تطمئن لمؤدى شهادة الشاهدين الخامس والسادس من قائمة أدلة الثبوت والسابق سرد أقوالهما ، خاصة وهما من أعلى الدرجات الأمنية كفاءة في البحث الجنائي ومكافحة المخدرات وقد شهد أن قرائن الأحوال من ضخامة الكمين المضبوطة وطريقة نقلها ، وطبيعة عمل الأعراب في تلك المنطقة تؤكد قصد الاتجار لدى ذلك التشكيل العصابي ، والمحكمة ترشح هذا الاستنتاج وتؤيده وتطمئن إليه مع ما هو ثابت بالواقع أن القوات المسلحة المصرية وهي تقوم بدورها البطولي على أرض سيناء قد أغلقت جميع مداخل ومخارج تلك المنطقة على تجار المخدرات ، فاستحال عليهم العمل في تلك الأجواء ، ومن ثم كان مخططهم الإجرامي هو تهريب المخدرات من الغرب إلى الشرق وبكميات كبيرة لتوزيعها على تجار التجزئة والمتعاطين ، ومن ثم فإن أقوال الشاهدين والكمية المضبوطة وقرائن الأحوال تؤكد توفر القصد الخاص في حق المتهم الأول ، وهو ما تنتهي معه المحكمة إلى القضاء برفض ذلك الدفع "لما كان ذلك ، وكانت المادة ٣٩ من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلًا في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عملًا من الأعمال المكونة لها ، فقد دلت على أن الجريمة إذا ارتكبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلًا مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقًا لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قصد قصد الفاعل معه في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلًا بدور في تنفيذها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعن الأول والمتهم المجهول - الأعرابي - قد اتفقت إرادتهما على تأليف تشكيل عصابي غرضه الاتجار في المواد المخدرة وأن كلًا منهما أسهم - تحقيقًا لذلك - بالدور الذي أعد له في خطة تنفيذ تلك الجريمة على النحو الذي أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى واطراحه للدفع ، وكان الطاعن الأول لا ينازع في أن ما عول عليه الحكم من أدلة الثبوت له مأخذه الصحيح من الأوراق وقد انصبت مجادلته على ما استخلصه الحكم من هذه الأدلة ورتب عليها أنه قد ارتكب جريمة الاشتراك في تأليف تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة ، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلًا موضوعيًا في تقدير الدليل ، وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة ونقل الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني با

لماذا لا تكون اول معجب

 

الدخول الى الرئيسية اسال محامي اون لاين