313 views

نظرة قانونية حول الصرف التعسفي طبقاً لقانون العمل اللبناني.

لمحة تاريخية

مما لا شك فيه أن فصل الأجير من عمله يعتبر بالنسبة له القضاء على نشاطه وبالتالي على مورد رزقه لا سيما في الحالة التي يكون الوضع الإقتصادي في البلاد يمر بأزمة والإلتحاق بعمل جديد يكون متعذر إن لم يكن مستحيلاً لذلك بدأت الدول محاولات كبيرة لضمان ديمومة واستقرار العمل عن طريق التشريع وكانت المؤتمرات الدولية للعمل التي تعرضت لهذا الوضع منها مؤتمر العمل الدولي عام 1962 .

نلاحظ أيضاً أنه عقب الحرب العالمية الثانية برزت أهمية هذا الموضوع بسبب الكوارث الإجتماعية التي أصابت معظم بلاد العالم وبسبب إنهيار المؤسسات التجارية والصناعية ، لذلك عمدت الدول إلى وضع تشريعات وأنظمة دقيقة حددت بموجبها حقوق رب العمل لجهة فصل الأجير من عمله .

قام المشترع اللبناني في العام 1946 بسًن قانون العمل وخصص موضوع الصرف التعسفي في المادة 13 منه بحيث أجاز لكل من فريقي عقد العمل غير المحدد المدة إنهاء الرابطة التعاقدية بينهما شرط التقيد بالإنذار المسبق بالإضافة إلى تعويض الصرف في حال إنهاء العقد من قبل رب العمل .

إن المحاكم المختصة للبت بالنزاعات العمالية في لبنان تسمى مجالس العمل التحكيمية ، وقد سارت هذه المجالس بالنظر للتحركات وكثرة المطالبات النقابية وتعدد الحالات التي يتعسف بها أرباب العمل في صرف أُجرائهم لأسباب خارجة كلياً عن نطاق العمل أو عن أخطاء ارتكبها أُجرائهم إلى الحكم بتعويضات باهظة لمصلحة العمال .

بتاريخ 6 / 2 / 1975 بادر المشرع اللبناني إلى تعديل قانون العمل سيما المادة 50 منه وكرس للمرة الأولى بشكل صريح مبدأ التعويض عن الصرف التعسفي في عقود العمل في حال الإساءة أو التجاوزفي استعمال حق الصرف .

الإنذار من الناحية القانونية .

          إن نظام الإنذار المسبق يخفف من وطأة الأضرار الناتجة عن الإنهاء المفاجئ لعقد العمل غير المحدد المدة إلا أنه يحمي المتعاقد من الأضرار الناتجة عن الإنهاء بحد ذاته . وقد تفوق تلك الأضرار من حيث جسامتها ونتائجها الأضرار التأتية عن عدم مراعاة قواعد الإنذار .

المعيار القانوني للصرف التعسفي

          إن التشريع العمالي وإن أ جاز لفريقي العقد أو لأحدهما في عقود العمل غير المحددة المدة إنهائها في أي وقت شرط إنذار الفريق الآخر مسبقاً بذلك قبل فترة محددة قانوناً أو باتفاق الفريقين ، إلا أن حق الإنهاء هذا يبقى مشروطاً بعدم استعماله من قبل صاحبه بطريقة تعسفية يتنافى مع المبادئ العامة التي ترعى العقود بوجه عام .

          وعلى هذا الأساس فإن رب العمل الذي يصرف أجيره يعرض نفسه لتحمل نتيجة عمله إذا ثبت أن أسباب الإنهاء كانت بنية الإضرار .

          إن موجب إثبات هذا الأمر هو دقيق للغاية لذلك أتاح القانون اللبناني لمجالس العمل التحكيمية إمكانية إجراء تحقيقات واسعة جداً حول ظروف الصرف ففي هذا المجال فقد أوجبت المادة 50 من قانون العمل اللبناني أن يكون إنذار الصرف خطياً وأن يبلغ إلى صاحب العلاقة ولهذا الأخير حق الطلب من مرسله بتوضيح أسباب الصرف إذا كانت الأسباب غير واردة في الإنذار بشكلٍ معلل إذ أنه مما لا شك فيه أن لهذا التعليل أهميته إذ يحق للمحكمة أن تطلب من مرسل الإنذار أن يوضح أسباب الصرف عند خلو الإنذار منها واعتبار نكوله عن تبيان الأسباب قرينة على خطأه .

          في التعويض عن الصرف التعسفي

          التعويض النقدي هوالأصل بمعنى أن الإنهاء غير المشروع لعقد العمل يفرض على رب العمل دفع تعويض مالي للأجير المصروف .

          وعلى ضوء ما ذكر يمكن للمحكمة وبما لها من حق مطلق في التفسير والاستئناس لتقييم حقيقة الضرر المشكو منه أن تأخذ بعين الإعتبار الضرر الأقصى أو الأدنى اللاحق بالأجير نتيجة صرفه التعسفي .

          وقد فرض التشريع اللبناني على مجالس العمل التحكيمية أن لا تحكم بما يقل عن بدل أجر شهرين على أن لا تزيد قيمة التعويض عن بدل أجر إثنى عشر شهراً ، وفي حال تعسف العامل لا يحق لمجالس العمل التحكيمية أن تحكم لمصلحة رب العمل بعطل وضرر ينقص عن بدل إجرة شهر واحد ويزيد عن بدل أجرة أربعة أشهر .

          إن الأجر الواجب اعتماده لاحتساب تعويض الإجراء التعسفي هو الأجر الأساسي الأخير مضافاً إليه كافة الزياداتن والتعويضات والعمولات الثابتة التي تعتبر قانوناً جزءاً لا يتجزأ من الأجر .

          إن التعويض النقدي له صفة إلزامية ويتعلق بالنظام العام ، وبالتالي لا يجوز بأي شكل من الأشكال الإتفاق على تعديله ويعتبر باطلاً عقد العمل أو ملحقاته التي من شأنها الإشتراط مقدماً على إعفاء أي من  طرفي العقد عن مسؤولية فسخه تعسفياً .

لماذا لا تكون اول معجب

 

الدخول الى الرئيسية اسال محامي اون لاين